إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / اغتيال الرئيس السادات






مدن تنقل بينها السادات



خامساً: السادات والثورة

خامساً: السادات والثورة

عاد السادات، في 15 يناير 1950، إلى الخدمة في الجيش مرة أخرى. ذلك أنه التقى الدكتور يوسف رشاد، المقرّب من الملك فاروق، ورئيس الحرس الحديدي، وكالمه في التوسط له للرجوع إلى الجيش. فنصحه الدكتور رشاد بأن يحاول مقابلة الملك في مسجد الحسين، بعد صلاة الجمعة، ويسارع في تقبيل يده. وفعل السادات ذلك، وعندما سأله الملك عن حاجته، ذكر له رغبته في العودة إلى الخدمة العسكرية. فأمر الملك وزير الحربية، حيدر باشا[1]، بإرجاعه إلى الخدمة العسكرية. وقال حيدر لأحد الضباط: "رجّع الولد ده للجيش". وعاد السادات يستأنف اتصالاته برفاق التنظيمات السرية داخل القوات المسلحة، إلى أن التقى، مرة أخرى، جمال عبدالناصر، الذي وافق على ضمّه إلى تنظيم الضباط الأحرار، في أواخر عام 1951. ويقال أيضاً إن عبدالناصر، قد أسند إلى السادات رئاسة المجموعة السياسية داخل التنظيم.

وعند قيام الثورة، وفي مقر القيادة العسكرية بكوبري القبة، اتفق رجال الثورة على أن يكون السادات هو المتحدث الرسمي باسم الثورة. وانبعث صوت السادات، عبر أمواج الأثير، من الإذاعة المصرية، ليعلن بيان الثورة الأول، يوم الثالث والعشرين من يوليه 1952.

إلى المصريين والأجانب

اجتازت مصر فترة عصيبة في تاريخها الأخير، من الرشوة والفساد وعدم استقرار الحكم. وقد كان لكل هذه العوامل تأثير كبير على الجيش، وتسبب المرتشون المغرضون في هزيمتنا في حرب فلسطين.

وأمّا فترة ما بعد الحرب، فقد تضافرت فيها عوامل الفساد، وتآمر الخونة على الجيش، وتولى أمره إمّا جاهل، أو خائن، أو فاسد، حتى تصبح مصر بلا جيش يحميها. وعلى ذلك، فقد قمنا بتطهير أنفسنا، وتولى أمرنا في داخل الجيش رجال نثق في قدرتهم، وفي خلقهم، وفي وطنيتهم. ولا بد أن مصر كلها، ستتلقى هذا الخبر بالابتهاج والترحيب.

أمّا مَن رأينا اعتقالهم من رجال الجيش السابقين، فهؤلاء لن ينالهم ضرر، وسيطلق سراحهم في الوقت المناسب.

وإني أؤكد للشعب المصري، أن الجيش، اليوم، كله، أصبح يعمل لصالح الوطن في ظل الدستور، مجرداً من أية غاية. وأنتهز هذه الفرصة، فأطلب من الشعب ألاّ يسمح لأحد من الخونة بأن يلجأ لأعمال التخريب أو العنف، لأن هذا ليس في صالح مصر. وإن أي عمل من هذا القبيل، سيقابل بشدة لم يسبق لها مثيل، وسيلقى فاعله جزاء الخائن في الحال، وسيقوم الجيش بواجبه هذا، متعاوناً مع البوليس.

وإني أطمئن إخواننا الأجانب على مصالحهم وأرواحهم وأموالهم، ويعتبر الجيش نفسه مسؤولاً عنهم، والله وليّ التوفيق.

بعد أن فرض رجال الثورة سيطرتهم الكاملة على الأحوال في مصر، كاد السادات يكون غائباً عن الصورة؛ فلم يُسند إليه أي منصب، فظل بعيداً عن مجريات الأحداث المؤثرة في أحوال مصر. ونظراً إلى سابق اشتغاله بالصحافة، عُهد إليه بالإشراف على جريدة "الجمهورية"، التي كانت تُمثل وجهة نظر الثورة. وتولّى منصباً غير ذي أهمية، عام 1954، حين عُيّن وزير دولة بلا وزارة، إلى أن تكوّن أول مجلس نيابي، عام 1957، فأصبح وكيلاً للمجلس، تحت رئاسة عبداللطيف البغدادي. وعمل رئيساً لمجلس الأمة المشترك بين إقليمَي الجمهورية العربية المتحدة، بعد قيام الوحدة بين مصر وسورية، عام 1958، ثم رئيساً لمجلس الأمة المصري، بعد الانفصال. ثم أميناً عاماً للمؤتمر الإسلامي، وأصبح رئيساً لمجلس الأمة، بدءاً من عام 1964 إلى أواسط عام 1969.

وظل رئيساً لمجلس الأمة حتى اختاره عبدالناصر نائباً له، قبل رحيله بعدة أشهر، مما مكّن السادات من تولّي رئاسة مصر من بعده. وكان السادات، طوال الفترة السابقة، حريصاً كل الحرص على إرضاء عبدالناصر، فهو يقول:

"تساءل البعض، في حيرة، كيف قضيت هذه الفترة الطويلة مع عبدالناصر، من غير أن يقع بيننا ما وقع بينه وبين بقية زملائه؟ إمّا أنني كنت لا أساوي شيئاً على الإطلاق، وإما أنني كنت خبيثاً غاية الخبث، بحيث تحاشيت الصراع معه".

ولا شك أنه تحاشى الصراع تماماً مع جمال، فهو يقول:

"كنت أقابل كل ما يفعله عبدالناصر بالحب الخالص من جانبي. هذا ما جعلني أعيش مـع عبدالناصر 18 سنة دون صراع، فأنا إلى جانبه منتصراً أو مهزوماً ... ولعل هذا ما جعل عبدالناصر يتلفت حوله، بعد 17 سنة، ويتنبه إلى أن هناك إنساناً، لم تقُم بينه وبينه معركة في يوم ما".

لا ريب أن السادات، كان لديه قدرة هائلة على كَبْت شعوره، والظهور أمام عبدالناصر في ثوب المحب له، المُعجب بمواهبه.



[1] الفريق محمد حيدر باشا: تخرج في الكلية الحربية، وانضم إلى سلاح الفرسان (المدرعات حالياً). تلقّى دراسته الثانوية في المدرسة الخديوية. كان قائداً (قومنداناً) لبوليس السواري (الفرسان)، عام 1917، وهو برتبة صاغ (رائد حالياً). عُين، عام 1934، مديراً لمصلحة السجون، وكان قبل تعيينه وكيلاً لمحافظة مصر. عين وكيلاً لوزارة الشؤون الاجتماعية لشؤون مصلحة السجون، عام 1944. عين أميراً للحج، عام 1944. عين وزيراً ، للمرة الأولى، في وزارة النقراشي، عام 1947. صدر أمر ملكي بتعيينه قائداً عاماً للقوات المسلحة، في أول مايو 1951.