إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / حركة الإخوان، في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود (1910 ـ 1930)






معركة أم رَضَمَة
معركة الجهراء (الجهري)
معركة السَّبَلَة
معركة تربة (حَوْقَان)
معركة تربة الكبرى
فتح الطائف



ملحق

ملحق

خطاب أعضاء الإخوان في مؤتمر الرياض[1]

"يا عبدالعزيز، ما يخفاك أننا كنا، في الأول، بادية، نعمل جميع الأعمال المخالفة للشرع والسمت والشرف. وكنا نَعْمَه في طغياننا، فلمّا منّ الله علينا بهدايتنا للرجوع إلى هذا الدين، كان بفضل الله، ثم بسعي آبائك وأجدادك، في أول الأمر. وفي الأيام الأخيرة، كانت هدايتنا بفضل الله، ثم بمساعيك. فلقد تركنا عشائرنا وأموالنا، وهاجرنا، لوجه الله، ولا نبتغي إلاّ مرضاته. وأوقفنا أموالنا وأنفسنا للجهاد في سبيل الله، لا نريد بذلك عرضاً من أعراض الدنيا، وما نريد إلاّ أن تكون كلمة الله هي العليا، ودينه الظاهر، وأن يكون رأسنا، في هذا الأمر، أنت، ثم أحد أولادك وأحفادك. وأعمالنا ما تخفى عليك، ونبرأ إلى الله، أن نعتدي في القول عليك، وما نقول إلاّ جزاك الله عنا خير الجزاء. لقد علمتنا ما يجب علينا في ديننا، فأعنتنا على هجرتنا، وبنيت لنا المساجد، وقدمت لنا العلماء، وأشركتنا في بيت المال، ورحمت ضعيفنا، ووقرت كبيرنا. ونبرأ إلى الله، أن ننازعك الأمر، أو أن نترك مَنْ ينازعك، ما أقمت فينا الصلاة، وما زلت لم تفعل كفراً بواحاً معنا، من الله عليه برهان. وإننا نسمع ونطيع، ما دمت فينا كذلك. ولو ضربت الظهر، وأخذت المال، نبرأ إلى الله أن نركن إليك، لدنيا لديك. كما نبرأ إليه ـ إن شاء الله ـ أن نكون ممن قال فيهم: ]فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُون[ (سورة التوبة، الآية 58). فأنت ـ جزاك الله عنا خيراً ـ لم تقصر علينا في شيء؛ فهؤلاء طلبة العلم، الذين أقمتهم فينا، نسألهم ما يعرض لنا في أمر ديننا. وما قصروا فيه، رجعنا لأكابر علمائنا الأعلام، فاستفتيناهم وأجابونا، وامتثلنا أمر الله. أما وقد ألححت علينا في القول، فإن كان هناك إشكال لدينا، ففي بعض أمور، نسردها أمامك وأمام العلماء، لأن لبعض الناس في بعضها شبهاً، ولبعضها في نفوس الناس من أمرها الشيء الكثي ر؛ ونحن نعرضها على مسامع الجميع، إذا سمحت بذكرها". (فقال جلالة الملك: كل ما بدا لكم، في أمر أعمالي، فلا تكتموا منه شيئاً، وقولوه).

فقالوا: "أولاً، مسألتان، واحدة منهما، سأل عنها بعض الإخوان، وأُجيب عنها، وقنع بها. وبعضهم لا يزال يذكرها، ولا بدّ من سماع قول العلماء فيها، لينتهي مشكلها، على وجه صريح؛ تلك هي مسألة "الأتيال" (أي: البرق واللاسلكي). فإنه يُقال إنها سحر، ولا يخفى حكم السحر والسحرة، في الإسلام. وأما المسألة الثانية، فهي من الواجبات. ونخشى أنك إن لم تقم بها، كما يجب، نخاف أن يسلط الله علينا أعداءنا، بسبب تركنا لها، وهي المرادة بقوله ـ تعالى ـ: ]وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاَةَ وَءَاتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُور[ (سورة الحج، الآيتان:40-41). تلك هي تعليم الدين على وجهه الصحيح. فإنا رأيناك، في الأطراف التي توليتها، قد منعت أهلها من السرق والنهب، وأخذت منهم الزكاة. ولكنا، لم نعلم أنك أرسلت إليهم من يعلمهم أمر دينهم؛ ونحن نخشى من سخط الله عليك، وعلى علمائنا، إن كان في هذا الأمر تهاون.

هذا أولاً. وثانياً، هنا أمر عِفْنا (أي: زهدنا) فيه الأموال والأرواح والبنين. وليس لنا من مقصد فيه، إلاّ مخافة أن يلحقنا في ديننا منه حرج، ولا يمكن أن نأمن على أوطاننا منه، ولا تستقيم لنا حياة بوجوده أو وجود أمثاله. وفيه كل الخطر على أوطاننا، بل الخطر منه على رأسك أنت بنفسك، يا عبدالعزيز. ونحن نتمنى أن يقبض الله أرواحنا، ولا نرى فيك أو في عائلتك ما يسوؤنا. وأنت وحدك المقصود في ذلك، من دون سائر الناس. إننا نحن ـ الرعية ـ إذا أصاب هذه البلاد ضرر، فالطيب في دينه، يأوي إلى الكهوف والجبال. والخائب يكون كما كان في السابق. ذلك هو الأمر الذي أمرضنا من زمن، ووضع في أكبادنا غصة (أي: بلاء وهمّاً)، ولا نستطيع الصبر عليه. وهو أمر يستوي في التأثر منه، يا عبدالعزيز، الكبير والصغير، والأمير والوضيع، حتى النساء في خدورهن، وفي جميع الناس تأثر منه، حمية دينية وطنية، تلك هي القصور، القصور، التي بناها أعداؤنا في أوطان هي أوطاننا ومراتعنا، فماذا يريدون منها غير الاعتداء علينا؟

إنك تعلم، أن البادية كلها باديتنا نحن ـ أهل نجد ـ وتذكر احتجاجنا عليك، يوم جعلت لهم حدوداً في البادية، بغير حق. وهل يجوّز لك دينك وضع مثل تلك الحدود لهم في بلادنا؟ فأجبتنا، إذ ذاك، أن تحديد الحدود، ليس معناه تمليكاً لهم، وإنما الحدود لأجل بعض المنازعات، التي قد تقع بين البادية، وإننا أحرار في مراعينا، حيث نشاء من هذه البادية. وأخبرتنا أنه بناء على معاهدتك معهم، في العقير، أنهم لا يبنون في تلك الأراضي أبنية، ولا يعملون معسكرات، لا على الآبار، ولا على المياه. فالصبر على هذه، لا يقنعنا فيه غير أمرين: أولاً: أن نحكّم الشريعة في أننا إذا سكتنا وتركنا هذه المسألة، فليس علينا حرج من قِبل الله، ولو كان في سكوتنا ضرر على الإسلام والمسلمين؛ والثاني: أن تُقسم لنا أنت بالله، إنه لا يوجد علينا من هذه القصور ضرر، لا في ديننا، ولا في أوطاننا، لا في العاجل ولا في الآجل. وبغير ذلك ـ فلا والله ـ ما نتركها قائمة، وفينا عرق ينبض، أو في أحد منا نسمة في حياة، فكوننا نموت أو نقتل على بكرة أبينا، هو أفضل بكثير من أن نرى الخطر على ديننا وأوطاننا، ونرضى به. هذا أمر لا يمكن، يا عبدالعزيز، أن نتحول عنه.

وهناك مسألة في خواطرنا، غير هذه. ونحب أن نبديها لك، لتبرأ ذمتنا منها. إننا لا نريد أن نعترض في أمر من أمورك السياسية، ونحن واثقون بالله، ثم بك، في هذا الأمر. وعلى كل حال، علينا السمع والطاعة لك، في الأمر الذي نبديه، ذلك هو منع الناس من الجهاد، وعدم السّماح به لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر. فهذه مسألة نذكرك بها، لنعلم أنه لو تلفت (أي: هلكت) النفوس، ونفدت الأموال، فليس ذلك بشيء، بجانب الله[2]، من الجزاء للمجاهدين في سبيله. وعلى كل حال، فنحن نسمع ونطيع لك في ما تأمرنا به في هذا. وأما مسألة القصور، فوالله، ما يرضى ببقائها ويقرها إلاّ إنسان (يقر محرمه على الفساد). يا عبدالعزيز، أدبك (أي: تأديبك) وقتلك لنا، وغضبك كله، أهون من غضب الله. وأن تهتك محارمنا، ونحن ننظر، فاتق الله في أمرنا وأمرك، ومحارمنا ومحارمك، واتق الله في أوطاننا. هذا الذي عندنا، أبديناه، ولم نُخْفِ في صدورنا شيئاً".

 



[1] صححت الموسوعة الخطاب لغةً وإملاءً وترقيماً.

[2] أي بجانب ما أعده الله من حسن الجزاء للمجاهدين.