إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود




الملك فيصل والرئيس نيكسون
الملك فيصل بن عبدالعزيز





تربيته وتعليمه

تربيته وتعليمه

ماتت طرفة بنت عبدالله آل الشيخ، أم الأمير فيصل، وهو وليد رضيع، فعاش بعدها محروماً من حنان الأم، وتعهدها له. وعاش مرحلة طفولته في بيت جده الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، زعيم الدعوة السلفية في نجد في ذلك الوقت. وتولت رعايته جدته لأمه هيا المقبل.

وقد كان الشيخ عبدالله من أقرب الناس إلى الملك عبدالعزيز، وألصقهم به، وأكثرهم نصحاً له. وقد ذكر الملك عبدالعزيز أنه كان يعتمد كثيراً على آراء اثنين: الأول والده الإمام عبد الرحمن، والثاني الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف. ولما توفي الشيخ في 20 ربيع الأول عام 1339هـ/ أول ديسمبر 1920م، شعر الملك عبدالعزيز بخسارة فادحة، وظل يذكر الشيخ، ونصحه، ورجاحة عقله في كل مناسبة.

ويروى أن الشيخ عبدالله بن عبداللطيف أوصى الملك عبدالعزيز خيراً باثنين: ابنه فيصل لأنه سيعينه في أمور الدولة، والشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، الذي توقع له النبوغ في أمور الدين، وهو الذي صار فيما بعد مفتياً للمملكة، في زمن الملك فيصل، وكان له شأن كبير.

ونشأ فيصل نشأة دينية، على صلاح وتقوى، وخلق رضي وتواضع جمّ. وتعلم على يد جده مبادئ العلوم. يقول فؤاد حمزة:

"نشأ الأمير فيصل وترعرع في بيت جده لوالدته الشيخ عبد الله، وناهيك بآل الشيخ بيت علم وصلاح. وظل أكثر أيامه إلى أن بلغ دور الشباب، مقيماً في منزل جده، فاستفاد من الناحية العلمية والثقافة الدينية الشيء الكثير. وقد علمت منه أنه كان مقيماً في بيت جده، إلى أن سافر إلى أوروبا للمرة الأولى، عقيب الحرب العالمية الأولى عام 1337هـ/1919م. وقد تعلم القراءة والكتابة وختم القرآن على يد الشيخ محمد بن مصيبيح، قبل أن يبلغ العاشرة من عمره".

ولم يمر الأمير فيصل بمرحلة الطفولة المعتادة، فقد التحق بجيوش أبيه الغازية وهو في الثانية عشرة من عمره، كما سيأتي. وأتاحت له مرافقته لوالده الملك عبدالعزيز، تعلم فنون الحرب والسياسة، والتعود على حياة الصحراء القاسية. ينقل منير العجلاني عن (دي غوري) قوله: السياسة، وحسن التصرف مع الناس والعشائر، أخذهما فيصل عن أبيه. وأخذ عنه الصبر، والكتمان، وضبط الأعصاب، وعزة النفس، وهي خصلة عربية. أما ركوب الخيل، والرمي، وفنون الصحراء، فقد تعلمها الفيصل على أيدي رجال اختارهم والده لهذا الغرض.

وتبارى الأمير فيصل، خلال طفولته، مع لداته، في ألوان من الحركات البطولية، فامتطى ظهر مهر بدون سرج، وسبح طويلاً في بئر عميقة قفز إليها من ارتفاع كبير، ومشى حافي القدمين، وتعود على النهوض من النوم قبل الفجر. وبالجملة، كان هذا الفتى النحيل، الذي يظن به الضعف، يدهش الناس بشجاعته وإقدامه وشدة تحمله.

وينقل العجلاني عن بعض الكتاب الغربيين:

لم يعلّم الملك عبدالعزيز أولاده إلا تعليماً دينياً، وأشياء يسيرة من الفنون التي يتعلمها أمراء الصحراء. وهذا القول في جملته، صحيح، فلم تكن في نجد، عند ولادة الأمير فيصل، مدارس بالمعنى الحديث.

ونقل عن لسان الفيصل نفسه، أنه قال:

"إن المغفور له والدي عبدالعزيز، هو مدرستي ومنارتي التي استهدي بها. إنني أحفظ كنزاً من تجاربه المرشدة. إنه مدرستي الحقيقية، إنها شخصية المغفور له والدي عبدالعزيز، الذي ترعرت ونشأت في ظله، وتمرست في الحياة بتدريبه، فكان هو المدرسة التي استقيت منها دورسي وخبرتي".

صاحب الفيصل والده الملك عبدالعزيز نصف قرن، وأعده خير إعداد للزعامة والقيادة.  وأشركه في كل شؤون الحكم والحياة، وهيأ له من الأسباب ما مكنه، في الوقت المناسب، من النهوض بالدور الحاسم في تاريخ العرب والمسلمين. فأصبح الفيصل بصر عبدالعزيز الذي يمده في الآفاق البعيدة.

وقال عبد الحميد الخطيب: تربى سموه في بيت جده لوالدته، وتلقى على يده مختلف العلوم منذ نعومة أظفاره، ونشأ نشأة صلاح وتقوى، كما أخذ عنه التواضع، ولين الجانب، فهو يمقت العظمة والكبرياء، ولا يرضى بالذلة والمسكنة.