إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / التاريخ السياسي المصري الحديث: حكم أسْرة محمد علي في مصر (1805 ـ 1952)






الاحتلال البريطاني لمصر
الحملة الفرنسية على مصر
حدود مصر في عهد إسماعيل
حدود الدولة المصرية ومعاركها



ملحق

ملحق

نص فرمان ولاية محمد علي على مصر

(13 فبراير 1841)

لتثبيت ولاية محمد علي على مصر، مع حقوق الوراثة لأعقابه

من الباب العالي إلى محمد علي، والي مصر

"رأينا بسرور ما عرضتموه من البراهين على خضوعكم، وتأكيد أمانتكم وصدق عبوديتكم لذاتنا الشاهانية، ولمصلحة بابنا العالي، فطول اختباركم وما لكم من الدراية بأحوال البلاد المُسلّمة إدارتها لكم من مدة مديدة، لا يتركان لنا ريباً بأنكم قادرون بما تبدونه من الغيرة والحكمة في إدارة شؤون ولايتكم، على الحصول من لدنا الشاهاني على حقوق جديدة من تعطفاتنا الملوكية وثقتنا بكم. فتقدرون في الوقت نفسه إحساناتنا إليكم قدرها، وتجتهدون ببث هذه المزايا التي امتزتم بها في أولادكم. وبمناسبة ذلك صممنا على تثبيتكم في الحكومة المصرية المبينة حدودها في الخريطة المرسومة لكم من لدن صدرنا الأعظم، ومنحناكم فضلاً عن ذلك ولاية مصر بطريق التوارث بالشروط الآتي بيانها:

متى خلا منصب الولاية المصرية، تعهد الولاية إلى من تنتخبه سدتنا الملوكية من أولادكم الذكور، وتجري هذه الطريقة نفسها بحق أولاده وهلم جراً. وإذا انقرضت ذريتكم من الذكور لا يكون لأولاد نساء عائلتكم الذكور حق، أياً كان في الولاية وارثها.

ومن وقع عليه من أولادكم الانتخاب لولاية مصر بالإرث بعدكم، يجب عليه الحضور إلى الآستانة لتقليده الولاية المذكورة. على أن حق التوارث الممنوح لوالي مصر لا يمنحه رتبة ولا لقباً أعلى من رتبة سائر الوزراء ولقبهم، ولا حقاً في التقدم عليهم، بل يُعامل بذات معاملة زملائه.

وجميع أحكام خطنا الشريف الهمايوني الصادر عن كلخانة وكافة القوانين الإدارية الجاري العمل بها، أو تلك التي سيجري العمل بموجبها في ممالكنا العثمانية، وجميع العهود المعقودة أو التي ستُعقد في مستقبل الأيام بين الباب العالي والدول المتحابة، يُتبع الإجراء على مقتضاها جميعها في ولاية مصر أيضاً.

وكلّ ما هو مفروض على المصريين من الأموال والضرائب يجري تحصيله باسمنا الملوكي. ولكي لا يكون أهالي مصر، وهم من بعض رعايا بابنا العالي معرضين للمضار والأموال والضرائب غير القانونية، يجب أن تُنظم تلك الأموال والضرائب المذكورة بما يوافق حالة ترتيبها في سائر الممالك العثمانية، وربع الإيرادات الناتجة من الرسوم الجمركية ومن باقي الضرائب التي تتحصل في الديار المصرية، يتحصل بتمامه ولا يُخصم منه شيء، ويُؤدى إلى خزينة بابنا العالي العامرة، والثلاثة الأرباع الباقية تبقى لولايتكم لتقوم بنفقات التحصيل والإدارة المدنية والجهادية، وبنفقات الوالي، وبأثمان الغلال الملزمة مصر بتقديمها سنوياً إلى البلاد المقدسة مكة والمدينة. ويبقى هذا الخراج مستمراً دفعه من الحكومة المصرية بطريقة تأديته المشروحة، مدة خمس سنوات، تبتدي من عام 1257 هـ، أي من يوم 12 فبراير سنة 1841، ومن الممكن ترتيب حالة أخرى بشأنهم في مستقبل الأيام تكون أكثر موافقة لحالة مصر المستقبلة، ونوع الظروف التي ربما تجد عليها.

ولما كان من واجبات بابنا العالي الوقوف على مقدار الإيرادات السنوية والطرق المستعملة في تحصيل العشور وباقي الضرائب، وكان الوقوف على هذه الأحوال يستلزم تعيين لجنة مراقبة وملاحظة في تلك الولاية، فيُنظر في ذلك فيما بعد ويجري ما يوافق إرادتنا السلطانية. ولما كان من اللزوم أن يُعين بابنا العالي ترتيباً لسك النقود، لما في ذلك من الأهمية بحيث لا يعود يحدث فيها خلاف لا من جهة العيار ولا من جهة القيمة، اقتضت إرادتي السنية أن تكون النقود الذهبية والفضية الجائز لحكومة مصر ضربها باسمنا الشاهاني معادلة للنقود المضروبة في ضربخاناتنا العامرة بالآستانة، سواء كان من قبيل عيارها، أو من قبيل هيئتها وطرزها.

ويكفي أن يكون لمصر في أوقات السلم ثمانية عشر ألف نفر من الجند، للمحافظة في داخلية مصر، ولا يجوز أن تتعدى ولايتكم هذا العدد. ولكن حيث إن قوات مصر العسكرية مُعدة لخدمة الباب العالي كسائر قوات المملكة العثمانية، فيسوغ أن يُزاد هذا العدد في زمن الحرب بما يرى موافقاً في ذلك الحين. على أنه بحسب القاعدة الجديدة المتبعة في كافة ممالكنا بشأن الخدمة العسكرية بعد أن تخدم الجند مدة خمس سنوات، يُستبدلون بسواهم من العساكر الجديدة. فهذه القاعدة يجب اتباعها أيضاً في مصر، بحيث يُنتخب من العساكر الجديدة الموجودة في الخدمة حالاً عشرون ألف رجل ليبتدئوا الخدمة، فيحفظ منها ثمانية عشر ألفاً في مصر، وتُرسل الألفان لها لأداء مدة خدمتهم.

وحيث إن خمس العشرين ألف رجل واجب استبدالهم سنوياً، فيؤخذ سنوياً من مصر أربعة آلاف رجل حسب القاعدة المقررة من نظام العسكرية حين سحب القرعة، بشرط أن تُستعمل في ذلك مواجب الإنسانية، وللنزاهة والسرعة فيبقى في مصر ثلاثة آلاف وستماية من الجنود الجديدة، والأربعماية يُرسلون إلى هنا، ومن أتم مدة خدمته من الجنود المرسلة إلى هذا الطرف، ومن الجنود الباقية في مصر يرجعون إلى مساكنهم، ولا يسوغ طلبهم للخدمة مرة ثانية.

ومع كون مناخ مصر ربما يستلزم أقمشة خلاف الأقمشة المستعملة لملبوسات العساكر، فلا بأس من ذلك، فقط يجب أن لا تختلف هيئة الملابس والعلامات التمييزية ورايات الجنود المصرية عن مثلها من ملابس ورايات باقي الجنود العثمانية. وكذا ملابس الضباط وعلامات امتيازهم، وملابس الملاحين وعساكر البحرية المصرية ورايات سفنها يجب أن تكون مماثلة لملابس ورايات وعلامات رجالنا وسفننا. وللحكومة المصرية أن تعين ضباطاً برية وبحرية حتى رتبة الملازم، أما ما كان أعلى من هذه الرتبة فالتعيين إليها راجع لإرادتنا الشاهانية. ولا يسوغ لوالي مصر أن يُنشئ من الآن فصاعداً سفناً حربية إلا بإذننا الخصوصي.

وحيث إن الامتياز المعطى بوراثة ولاية مصر خاضع للشروط الموضحة أعلاه، ففي عدم تنفيذ أحد هذه الشروط موجب لإبطال هذا الامتياز وإلغائه للحال. وبناءً على هذا قد أصدرنا خطنا هذا الشريف الملوكي كي تقدروا أنتم وأولادكم قدر إحساننا الشاهاني، فتعتنوا كل الاعتناء بإتمام الشروط المقررة فيه وتحموا أهالي مصر من كل فعل إكراهي، وتكفلوا أمنهم وسعادتهم، مع التحذر من مخالفة أوامرنا الملوكية وإخبار بابنا العالي عن كل المسائل المهمة المتعلقة بالبلاد المعهودة ولايتها لكم".