إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثانية (1240 ـ 1309هـ) (1824 ـ 1891م)






الدولة السعودية الثانية



ملحق

ملحق

نماذج من رسائل أئمة الدولة السعودية الثانية

 

نصيحة الإمام تركي بن عبدالله لرعيته

بسم الله الرحمن الرحيم

     من تركي بن عبدالله إلى من يراه من المسلمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، موجب الخط إبلاغكم السلام، والسؤال عن أحوالكم، والنصيحة لكم، والشفقة عليكم، والمعذرة من الله، إذ ولاني أمركم. والله المسؤول المرجو أن يتولانا وإياكم في الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر. وإذا أذنب استغفر، والله تعالى منعم، يحب الشاكرين، ووعدهم على ذلك المزيد، قال تعالى: ]وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ[ (سورة إبراهيم، الآية 7). فالذي أوصيكم به تقوى الله في السر والعلانية، قال تعالى: ]وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ[ (سورة النور، الآية 52). وجماع التقوى أداء ما افترض الله سبحانه، وترك ما حرم الله، وأعظم فرائض الله بعد التوحيد الصلاة، ولا يخفاكم ما وقع من الخلل بها، والاستخفاف بشأنها، وهي عمود الإسلام الفارقة بين الكفر والإيمان، من أقامها فقد أقام دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وهي آخر وصية كل نبي لقومه، وهي آخر ما يذهب من الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وبعض الناس يسيء في صلاته، واحد يتخلف عن الجماعة ويصلي وحده أو في نخلة، هو ورجاجيله[1]، والمسجد جار له، وفي الحديث ]لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد[[2]. وهمّ النبي r أن يحرق على المتخلفين بيوتهم بالنار لولا ما فيها من النساء والذرية، وقال ابن مسعود t: ]لَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1046)، وهذه أمور ما يخفاكم وجوبها، لكن الكبرى عدم إنكار المنكر، وتزيين الشيطان لبعض الناس؛ إن كلا ذنبه على جنبه، وفي الحديث: ]لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنْ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَيْ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّهُ بِقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ ثُمَّ لَيَلْعَنَنَّكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ[ (سنن أبي داود، الحديث الرقم 3774)، وكذلك الزكاة بعض الناس يخل بها أو يستخف بها، ويجعلها وقاية دون ماله والعياذ بالله، وأنتم تعلمون أنها من أركان الإسلام، قال الله تعالى: ]وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ[ (سورة التوبة، الآيتان 34 35). وقال النبي r: ]مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا إلاّ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ فَيَرَى سَبِيلَهُ إِمَّا إِلَى الْجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1647)، ثم ذكر عقوبة مانعها من الإبل والبقر والغنم، وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز يعذب به صاحبه، ونصاب الزكاة تفهمونه وعروض التجارة مثل الزرع الذي يدخره صاحبه. ولو كان زرع قد زكى، إذا حال عليه الحول، وهو معد للتجارة وجبت فيه الزكاة، أو تمر أو أثمانها، كل ما أعد للتجارة تجب فيه عند الحول ويزكيه صاحبه. والله تعالى يبتلي الغني بالفقير، وطلب منكم اليسير، فمن أداها فنرجو أن الله يقبلها منه، ويخلفها عليه، ومن مكر بها، فالله خير الماكرين. وكذلك الربا تفهمون أنه من أكبر الكبائر، وأن مرتكبه محارب لله ورسوله. قال تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ[ (سورة البقرة، الآيتان 278 279)، وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ (سورة البقرة، الآية 130)، وقال تعالى: ]الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ[ (سورة البقرة، الآية 275).

     وفي الحديث أن النبي  ـ rـ قال: ]لَعَنَ اللَّهُ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 3618) فلعنهم سواء، فدل هذا الحديث على أن الرضى بالمعصية معصية، وأن من لم ينكر على العاصي كالمرابي فهو مثله. وفي حديث آخر: ]الرِّبَا سَبْعُونَ حُوبًا أَيْسَرُهَا أَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ أُمَّهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 2265). وفي الحديث أيضاً: ]أربعة حق على الله ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن الخمر، وآكل الربا، وآكل مال اليتيم بغير حق، والعاق لوالديه[[3]. وفي حديث: ]مَا ظَهَرَ فِي قَوْمٍ الرِّبَا وَالزِّنَا إِلاَّ أَحَلُّوا بِأَنْفُسِهِمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 3618). ومن أنواع الربا بيع الطعام بالطعام إلى أجل، وبيع الذهب بالفضة، والفضة بالذهب، والتفرق قبل القبض أو بيع الملح بالطعام قبل القبض. وفي الحديث: ]الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ مِثْلًا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 2970). ومنه القرض الذي يجر منفعة، وفي الحديث: ]كل قرض جر نفعاً فهو ربا[[4]. وكذلك قلب الدَّين بالدين على المعسر، إذا كان في ذمته دراهم، فعجز عن وفائها، أسلمها عليه بطعام وهذا يشبه رباء الجاهلية، إمّا أن تقضي وإمّا أن تربي. كذلك بيع العينة، وهي حرام، إذا كان عند رجل سلعة فاشتراها منه إنسان إلى أجل، ثم اشتراها صاحبها الذي باعها بنقد بدون ثمنها. وأنواع الربا ما يمكن حصرها، فيلزم المسلم، الذي له معاملة، أن يفهم أنواع الربا ودقائقه، لئلا يقع فيه، والجاهل يسأل العالم، والخطر عظيم، يسخط الرب، ويمحق الرب ويمحق المال، فأنتم استعينوا بالله وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

     وكذلك المكاييل والموازين، وأنا مُلزم كل أمير يحضر مكاييل بلده، كبارها وصغارها، وينظر فيها عن الخلل، وتكون على مكيال واحد، وكذلك تفعلون بالموازين. وتفقّدوا الناس في كل شهر، ولا يحل بخس المكيال والميزان، ولو كانت المعاملة مع ذمي كما في الحديث: ]أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ وَلا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1185)، وكذلك تفقّدوا الناس عن المعاشر الردية (أي السيئة)، والذين يجتمعون على شرب التتن[5] والنشوق[6] به. وكل أهل البلد يرتبون مجالس الدرس في المجامع، فإن كانت خاربة يعمرونها. والذي يعرف بالتخلف عن مجالس الذكر، يرفعونه لنا، وأنا مطلق، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، إذا كان عن علم، ينصح أولاً، ويؤدب ثانياً، ومن عارضه خاص أو عام فأدبه الجلاء من وطنه، وهذا من ذمتي في ذمة كل من يخاف الله واليوم الآخر. وأنا أشهد الله عليكم أني بريء من ظُلم مَن ظلمكم، وإني نُصرة لكل صاحب حق، وعون لكل مظلوم، ]وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا[ (سورة آل عمران، الآية 103). وأعزكم بعد الذلة، وجمعكم بعد الفرقة، وكثّركم بعد القلة، وأمَّنكم بعد الخوف، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم. والســلام.

 

نصيحة الإمام فيصل بن تركي إلى أهل النواحي

بسم الله الرحمن الرحيم

     من فيصل بن تركي إلى من يراه من المسلمين سلمهم الله تعالى. سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد فموجب الخط إبلاغكم السلام، لا زلتم في خير وعافية، والذي أوصيكم به تقوى الله تعالى في الغيب والشهادة، والعمل بما يرضيه، وتجنب معاصيه، والمعاداة والموالاة فيه، قال الله تعالى: ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ[ (سورة المائدة، الآية 2).

     وأهم الأمور تعلّم ما فرض الله سبحانه، من معرفة أصل دين الإسلام وأركانه، وواجباته وجميع شرائعه، ومعرفة ذلك بالكتاب والسنة. وقوام ذلك بالأمر المعروف والنهي عن المنكر، فلا بد في كل ناحية، طائفة متصدين لهذا الأمر، كما قال تعالى: ]كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[ (سورة آل عمران، الآية 110)، وقال: ]وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ[ (سورة آل عمران، الآية 104). وأنا مُلزم كلَّ من يخاف الله تعالى، ويرغب في الفلاح، أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر. وأن يكون الآمر مراعياً للشروط في ذلك، بأن يكون عليماً فيما يأمر به، عليماً فيما ينهى عنه، حليماً فيما يأمر به، حليماً فيما ينهى عنه، رفيقاً فيما يأمر به، رفيقاً فيما ينهى عنه، وألزم كل أمير يكون عوناً لهم، وهم خاصته في الحقيقة عوناً له على ما حمد الله تعالى من الأمانة. ويكون لديكم معلوم أني واضح الجوايز عن المسلمين، الحادر منهم والظاهر، إذا كانوا معروفين بأداء الزكاة من أموالهم الظاهرة والباطنة، وهي راجعة إليهم على الوجه المشروع إن شاء الله تعالى. والمطلوب منكم الاستقامة على هذا الدين، والاجتماع عليه، وقد رأيتم ما في الجماعة من المصالح العامة والخاصة، وما في التفرق من الشر في أمر الدين والدنيا، أسأل الله تعالى أن يمنَّ علينا وعليكم بالقبول والعفو والعافية في الدنيا والآخرة. والســلام.

 



[1]  رجاجيله، كلمة بالدارجة، جمع بمعنى "رجالة".

[2]  لم يرد الحديث في الكتب المعتدة. قال الشيخ عبدالعزيز بن باز: "هذا اللفظ، رواه الدارقطني والحاكم والطبراني والديلمي، كلهم، بأسانيد ضعيفة، وقال الحافظ بن حجر: (ليس له إسناد ثابت وإن اشتهر بين العلماء)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم. وعلى فرض صحته، فمعناه محمول على أنه لا صلاة كاملة لجار المسجد إلاّ في المسجد".

[3]  لم يرد في الكتب المعتمدة. وقد ورد حديث قريب المعني من هذا الحديث، في مسند أحمد، باقي مسند المكثرين، الحديث الرقم 10684: ]لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ صَاحِبُ خَمْسٍ مُدْمِنُ خَمْرٍ وَلا مُؤْمِنٌ بِسِحْرٍ وَلا قَاطِعُ رَحِمٍ وَلا كَاهِنٌ ولا مَنَّانٌ [.

[4]  هي قاعدة فقهية، وإن كان لم يثبت فيها حديث. والحديث الذي جاء عن علي ـ رضي الله عنه ـ ساقط السند. قال الحافظ بن حجر، وله شاهـد ضعيف عن فضالـة بن عبيد عند البيهقي، وآخر موقوف عن عبدالله بن سلام عند البخاري.

[5]  التتن كلمة تركية (توتون) وتعني التبغ.

[6]  النشوق نوع من أنواع التبغ أو المخدر يستنشق.