إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثالثة (تأسيس المملكة العربية السعودية)






السعودية في الوقت الحالي



المـــــــلاحــــــــق

 

ملحق

المعاهدات العربية

مع اليمن

 

ملحق المفاوضات والمعاهدات، بين المملكة العربية السعودية ومملكة اليمن

 

مشروع معاهدة بين المملكة العربية السعودية وبين حكومة الإمام يحيى

 

الحمد لله نشكره، ونصلي ونسلم على خير أنبيائه الذي جاء بالهدى ودين الحق ونستفتح بالذي هو خير.

أمّا بعد، فإن حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن عبدالرحمن السعود وحضرة صاحب الجلالة الإمام يحيى حميد الدين رغبة منهما في جمع كلمة الأمة العربية الإسلامية ورفع شأنها، وحفظ كرامتها واستقلالها، ونظراً لضرورة تثبيت الحدود بين البلدين في شكل عهدي، بعد أن تم القسم الأول من ذلك الاجتماع الذي عقد في صنعاء عام 1346 بين مندوبي الفريقين، وتم القسم الآخر في المراجعات البرقية والتحريرية بتاريخ أيام جرى الاختلاف على مسألة (العُرّ).

وبناء على الاتفاقية التي عقدت بين مندوبي الفريقين، وحازت تصديق الفريقين الساميين المتعاقدين، والمشتملة على ثمانية مواد والملحقة صورتها في صلب هذه المعاهدة، تثبيتاً لمفعولها الدائم، ونظراً لرغبة الفريقين في إدامة السلام بين بلاديهما ورغبتهما في أن يكونا عضداً واحداً أمام المهمات المفاجئة، من الداخل والخارج، ورغبة منهما في سلامة الجزيرة العربية فقد انتدب حضرة صاحب الجلالة ملك المملكة العربية السعودية عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل السعود وانتدب حضرة صاحب السيادة الإمام يحيى حميد الدين مندوبين مفوضين عنهما، وبعد أن اطلع كل من المندوبين على أوراق المندوبين الآخرين فوجدت مطابقة للأصول، اتفقا على المواد الآتية:

المادة الأولى

يسود بين المملكة العربية السعودية، وبين المملكة اليمنية، وبين حكومتيهما ورعاياهما سلم دائم، وصداقة خالصة، لا يمكن الإخلال بها.

ويتعهد الفريقان المتعاقدان أن يحلا بروح الود والصداقة جميع المنازعات التي تقع بينهما، وأن يسود علاقتهما روح الإخاء الإسلامي العربي في سائر المواقف والحالات.

المادة الثانية

تؤسس بين البلدين علاقات التمثيل السياسي والقنصلي، ويكون للممثلين في كل من البلدين حقوق الصيانة التي تقضي بها القواعد العربية والإسلامية وتتفق مع الحقوق الدولية.

المادة الثالثة

يتعهد كل من الفريقين بأن يمنع بكل ما لديه من الوسائل استعمال بلاده قاعدة لأي عمل عدائي، أو الاستعداد له ضد بلاد الآخر، وكل من يسعى لذلك فإنه إن كان من رعايا الحكومة التي يعمل في أراضيها فحكومة البلد تؤدبه أدباً بيناً، وتردعه ردعاً شديداً، وإن كان من رعايا البلد الآخر فإنه يلقى القبض عليه ويسلم لحكومته التي يعمل ضدها فتجازيه بما تقضي به الأحكام الشرعية، وعلى الحكومة التي يقع ترتيب العدوان في أراضيها أن تخبر الحكومة الأخرى في الحال عن ذلك، وأن تجري المراجعات البرقية والكتابية عند اللزوم لاتخاذ خطة مشتركة رادعة لأعمال أولئك المجرمين.

المادة الرابعة

يتعهد الفريقان الساميان المتعاقدان بأن يلجأ إلى التحكيم لأجل أي نزاع يقع بينهما، وأن يقبلا الحكم الذي يصدره الحكم، ويوضع للتحكيم ترتيب مفصل يعين كيفية طلبه، وكيفية حصوله.

المادة الخامسة

إن الفريقين الساميين اللذين تجمعهما الجامعة الإسلامية العربية أمتهما واحدة وإنهما لا ينويان بأحد شرا، وإنهما يعملان  جهدهما لأجل ترقية شؤون أمتهما في ظل الطمأنينة والسكون، وأنهما لا ينويان أية نية عدوانية تجاه أي أمة كانت.

المادة السادسة

يعقد بين الفريقين السامين المتعاقدين اتفاق بريدي لتسهيل المواصلات وتزايد الاتصال بين بلاديهما.

المادة السابعة

في حالة حصول اعتداء خارجي على بلاد أحد الفريقين الساميين المتعاقدين يتعهد كل فريق بما يأتي:

1- الوقوف على الحياد.

2- المعاونة الأدبية والمعنوية الممكنة.

في حالة الاعتداءات الداخلية يتعهد كل فريق:

1- اتخاذ التدابير الفعالة بعدم تمكين المعتدين من عدم الاستفادة من أراضيه.

2- منع التجاء اللاجئين إلى بلاده.

3- منع رعاياه من الاشتراك مع المعتدين أو تشجيعهم أو تموينهم.

4- منع الإمدادات والذخائر والمؤن عن المعتدي.

5- تسليم من يفر منهم إلى بلاده أو طردهم إليها.

المادة الثامنة

حررت هذه المعاهدة من نسختين، وتصبح نافذة من تاريخ إبلاغ الفريقين الساميين المتعاقدين بعضهما برقياً بالاطلاع على مواد هذه المعاهدة والموافقة عليها، يجري تبادل قرارات الإبرام بأسرع مدة ممكنة في المكان الذي يتفق عليه الفريقان.

    هذا النص الكامل لمشروع المعاهدة التي زود بها وفد المملكة العربية السعودية المتوجه إلى صنعاء. وتوجه الوفد من مدينة (جازان) بتاريخ 1 صفر سنة 1352 (26 مايو 1933م) في طريقه إلى صنعاء.

رحلة الوفد

توجه الوفد من جازان واجتاز الحدود إلى مدينة ( ميدي) اليمنية وبعد التريث الوشيك تحرك ركبه إلى مواصلة رحلته، وشاهد في أثناء طريقه الزينات المنصوبة، والأعلام المرفوعة والاحتفالات ابتهاجاً بغزو نجران حتى يشاهد الوفد، ويُحاط مسبقاً بالموضوع.

كانت رحلـة الوفد من جازان برّاً على السيارات فواصل سفره إلى مَيْدي، ثم اللحيّة، فـ (الزيدية) فـ (الحديدة) فـ (باجل)، ومن باجل ارتقى المرتفعات الجبلية إلى صنعاء في 6 صفر سنة 1352 (أول يونيه 1933م).

الاستقبال

استقبل الوفد استقبالاً كريماً وأنزلوا في دار الضيافة ثم تحدد مقابلة الإمام فاستقبلهم في قصره، وبعد التحية والسلام على جلالته، قدم الوفد كتاب جلالة الملك فتناوله في سرور، وأظهر لهم كريم اهتمامه وابتهاجه.

أشرنا من قبل إلى ما شاهده الوفد ابتداء من خروجه من مدينة ميدي من مظاهر الزينة والأعلام في طريقهم، وعندما يسألون يجيبهم المرافقون أن ذلك بمناسبة الاستيلاء على نجران، والحقيقة أن في ذلك الوقت كان ابتداء تقدم الجيش الإمامي إلى بلاد نجران. وبعد ذلك تمكن من التوغل في بعض جهاته واستعمال الشدة وهدم بيوت بلدة بدر، ونبش قبور المكارمة، ففر المكرمي رئيس نجران ومعه من معه من شيوخهم فروا إلى الرياض وأخذ الجيش في موالاة تقدمه، في حال أن هناك فريقاً أقل من أهل نجران كانوا موالين للإمام.

وبعد تلك المقابلة انصرف الوفد إلى نُزلهم، وكان نصيبهم شبه التَرْك وقرين الإهمال، يتصل بهم بعض أعضاء حكومة الإمام يتناوبون ويأخذون معهم في الحديث والمجاملة ويعيدون على أسماعهم مطالب الإمام كتحصيل حاصل وقول قائل، ويسمعون منهم إلى أن أصبح الوفد في شبه ملل وعدم تصديق، أما الضيافة والعناية بهم وبأحوالهم فموسع عليهم، ومع المراقبة الشديدة والتصنت والملاحظة على كل حركاتهم وسكناتهم وتحركاتهم، ومن يتصل بهم، إلى غير ذلك وقطعت عنهم المخابرة اللاسلكية فيما بينهم وبين الحجاز ونجد.

كان الإمام ينتظر في خلالها انتهاء جيشه من غزو نجران، حتى يكون الوفد والحكومة السعودية من وراءه، أمام الأمر الواقع.

وإنما الحكومة السعودية بدورها لم تكن في غفلة فهي على علم بأدق تحركات الحكومة المتوكلية، فضلاً عن حركة جيش بعدده وعدده، وقيادة ولي عهد اليمن نفسه لذلك الجيش.

ظل الوفد شهرين في صنعاء يتعرض للمضايقة، وشبه الإهمال والرقابة على تحركاته ومنع إرسال برقياته الصادرة وحجب البرقيات الواردة له، وإذا احتج على ذلك كان الاعتذار جاهزاً، بحجة خراب جهاز اللاسلكي.

وإزاء تلك الحالة كتب رئيس الوفد (حمد السليمان) إلى أخيه وزير المالية عبدالله السليمان:

الأخ عبدالله السليمان ...

سيدي نرجوكم ترفعوا لجلالة الملك بأنهم منعوا سحب برقياتنا إلى جلالته وقد منعونا عن السفر، ولا نعرف قصدهم نحونا، لكن نيتهم رديَّة، أردنا تعريفكم مختصراً لئلا يشتبهون.  

4/4/1352هـ

حمد السليمان

 

وبوصول الكتاب أبرق جلالته إلى جلالة الإمام البرقية الآتية:

عدد 1676 في 12/4/1352هـ (1933م)

أرجو أن يكون الأخ بأتم الصحة والعافية، ثم يعلم الأخ أننا لم نرسل الوفد الذي تقرر إرساله بيننا إليكم، إلا لحسم المواد، وما يريح المسلمين ويرغم أعداء الدين.

وكنا ننتظر يوم وصول الوفد أن تصلنا برقية منكم بوصوله فلم تصل. أقام الوفد تلك المدة الطويلة، وكأن خواطرهم ضاقت، ونحن ما رأينا لإقامتهم فائدة وكان باب العذر مفتوح، وهو للمرض الذي كان ملمّا بكم، نرجو أن تكونوا قد رزقتم الشفاء والعافية منه، كذلك أمرناهم يبقون (تحت) رغبتكم وأبرقنا لهم بواسطتكم برقية بذلك، لم نر لها جواباً.

ومع ذلك أمرناهم بامتثال أمركم في البقاء، وكنا نؤملهم ونؤمل أنفسنا بإنهاء الأمور بنجاح، وللآن نؤمل أنفسنا بذلك، ولكن من تاريخ 25 ربيع الأول إلى اليوم الثامن من ربيع الثاني لم نر منهم أي برقية فاستغربنا ذلك.

يعلم الأخ أن أعضاء الوفد هؤلاء ليس عليهم جناية أو حجة وأن تتميم الأمور، وعدم تتميمها راجع إلى الله ثم لكم، ونحن في انتظار ما يقتضيه نظركم بالمسلك الذي يسلكونه.

ولكن إهانة الوفد وعدم مراجعتهم شيء عجيب جداً لأن هذا لا يسوغه مقامكم منا، وليس في نظرنا موجب لا مادي ولا معنوي لا بالسر ولا بالعلانية ويقيننا أنه كذلك في نظركم.

على أن الأعمال التي عومل بها المذكورون لم تعمل لا في سابق الزمان ولا لاحقه، بين حكومات الإسلام وأمرائهم، السابقين واللاحقين ولا عند الأجانب.

لذلك لم يبق للسكوت مجال، فاقتضى أن نعرف حقيقة مقاصدكم التي نرجو أن تكون حسنة، وفيها عز الإسلام والمسلمين، والثاني استنقاذ الوفد الذي ليس لإهانته موجب، ولا لانقطاع أخباره موجب أيضاً عافاكم الله.

فأجاب جلالة الإمام يحيى بالبرقية الآتية بتاريخ 13 ربيع الثاني 1352هـ (1933م):

لم يكن ترك الجواب بالإفادات البرقية، إلا ثقة بالإفادة إليكم من وفدكم الكريم، وكان عذرنا سابقاً المرض الذي بلغ بنا النهاية، وقد مَنَّ الله بالعافية، وبقى بقية نسأل الله زوالها.

وعند اشتداد مرضنا، كان من القاضي عبدالله العمري أن طلب حكماء من حكومة مصر، ومن حكومة العراق، فوصلوا، وقد كان منهم البحث وشرعوا في المعالجة لزوال العلة، والله هو الشافي.

أمّا ما أشرتم إليه من تأخير تلغرافات وفدكم إلى حضرتكم، فذلك واقع وكان قد رفع إلينا الوفد، وكان منا سؤال القاضي عبدالله العمري، فأفاد أن طائر الهواء الحديدي غير صالح، وأنه قد أرسل من صنعاء من يصلحه وذلك صحيحاً.

وكنا جلبنا قبل مدة طائر الهواء الذي بـ(تعز) بدلا عن الذي كان (بالحديدة) وتأخر وجود المهندس لتركيبه، والآن العمل في إصلاح الأول وطائر الهواء هذا كبير السن وكثير الأمراض والعلل.

وأمّا منع التلغرافات إليكم فهذا أمر لم يكون قطعياً، وقد توجه الوفد إلى حضرتكم أمس الخميس، وحررنا إلى حضرتكم ما سترونه إن شاء الله وقد كتبنا الآن إلى الحديدة ليكون عرض طائر الهواء بالحديدة على الفود ليعرف الحقيقة، وكونوا من صداقتنا على يقين ما دمنا على قيد الحياة فليس بيننا وبين حضرتكم إلا كل جميل ولله الحمد ... والسلام عليكم.

وبوصولها أبرق له الملك البرقية الآتية:

عدد 1766 ربيع الثاني سنة 1352هـ (1933م).

برقيتكم وصلت وسرتنا صحتكم، الحقيقة والله المطلع أن مرضكم مرض لنا لأننا نحب كل شخص من العرب يهمه أمر الإسلام والعرب، أما اعتذاركم من قبل برقيات الوفد فمقبول، كل ما يفعل المحبوب محبوب، والوفد خدامكم، والأخ أخيكم، والمصلحة عائدة للجميع، ولكن والله ما يهمنا إلا تعاطي أهل الأغراض، أذناب الأشرار الذين ما يخفون عليكم بالأمور بيننا وبينكم، ويصدرونها عن مصادر بطرفكم، وإذا اطلعتم على الجرائد رأيتم حقيقة ما نقول.

وما ذكرتم أنكم تداومون على صداقة أخيكم ما دمتم بقيد الحياة فهذا هو مأمول فيكم، وأخوكم يعطيكم أماناً على ذلك ما زال الأمر ما يحوج للدفاع عن النفس والشرف، ولكن الذي أقوله لكم، وأؤكد لكم فيه، أن ما يكون بينكم وبيننا من الاختلاف لا مصلحة لنا ولا لكم فيه، وأن أصابع أهل الأغراض من الخارج والداخل تأخذ ذلك فرصة ولا يسعى بالخلاف بيننا وبينكم إلا شخصان إما محب شُؤم، أو عدو يفرح بالدوائر على الجميع، وفكر بما قال الشاعر.

وأحزم الناس من لم يرتكب عملاً              حتى يفكر ما تجني عواقبه.

أحببت تقديم هذه البرقية لأمرين:

1- الخبر عن صحتكم.

2- ما أحب تعطيل الجواب منا لكم.

وعندما يصل الوفد من جيزان ويرفعون لنا أخبارهم، وما أبديتموه لهم فنكتب الجواب بما يقتضيه الحال عافاكم الله.

سفر الوفد إلى الحجاز:

بعد رفع كتاب حمد السليمان إلى أخيه عبدالله السليمان بتاريخ 4 ربيع الثاني 1352 (1933م) ألح الوفد على رجال الإمام وبالأخص وزيره القاضي العمري في رغبتهم مقابلة الإمام للسماح لهم بالسفر، وهم يهدفون من وراء ذلك إلى أمرين:

1- إما إحياء المفاوضة والوصول إلى نتيجة سلباً أو إيجاباً.

2- أو السماح لهم بالعودة إلى حكومتهم في حال تعذر ذلك.

وكنتيجة لإلحاحهم، سمح لهم سيادة الإمام بالمقابلة وتمت في يوم الثلاثاء الموافق 9 ربيع الثاني، وَلَمَّا لم يلمس الوفد أي بادرة نجاح طلب السماح له بالسفر إلى حكومتهم فوافقهم، وتوجه الوفد من صنعاء في يوم الخميس الموافق 11 ربيع الثاني 1352 (1933م) يحمل رسالة خطية من الإمام لجلالته هذا نصها:

في 12/4/1352 هـ (1933م).

وصل الوفد الكريم ولم نجد فيه عيباً إلا شدة التعصب والإخلاص لحضرتكم وقد كان الأخذ والرد بعد طول الإقامة لمانع أثرنا، الذي بلغ بنا النهاية، وإلى الآن وآثاره باقية، وكان طلب حكماء من حكومتي مصر والعراق فوصلوا ونأمل قد تشخصت لهم العلة، والله الشافي.

اعلموا حرسكم الله أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم إلا كلية الصداقة والوداد ونؤمل أنا سنلقى الله تعالى على ذلك.

وآخر ما كان عليه البناء بيننا وبين الوفد الكريم في شأن الأراضي التهامية والعسيرية أن يكون بقاؤها كما هي عليه الآن؟ وفي مسألة قتلى تَنُومة أن يكون الخوض فيها للمراجعة بيننا وبينكم.

وفي شأن الإدريسي جعلناه بوجهنا وذمتنا ألا نساعده على شقاق، ولا نرضى له، فإن حدث منه حادث فيدنا على يدكم عليه، ولا نراه يحدث نفسه بشقاق فقد عرف قدر نفسه، وقدر أعوانه وأصحابه، وهو الآن منقطع بنفسه لا يخوض في شيء ويشكو قليلاً لقلة المخصص له من حضرتكم، فبالله تفضلوا بزيادة ألف ريال، له ولعبدالوهاب، وعائلاتهم وحاشيتهم، فهم ذوو تكاليف ويعتادون كثرة الإنفاق فأفضلوا بتلك الزيادة.

أمّا مسألة يام ونجران يا حضرة الملك، عافاكم الله، فأنتم تعلمون أنهم جزء من اليمن ما له مفصل، بل هم مصاصة قبائل اليمن، ونحن أوضحنا لحضرتكم بما كتبناه وعاد جوابكم بما هو المؤمل، فنرجوكم ثم نرجوكم أن تغضوا النظر عنهم، وتحسنوا التدارك لاستبقاء الصداقة والوداد بيننا وبينكم، ولاضرر عليكم إن كان منا إصلاح أمر يام، ولا نفع لكم إن تركناهم على ما هم عليه من الفساد والهمجية.

ثم كان الاتفاق أخيراً بالوفد الكريم، وكانت المراجعة في شأن المواد الأربع التي شملها كتابكم الكريم المرسل إلينا صحبة ابن ضاوي، وكان اختيار الوفد تأخير الخوض في شأن الأربع المواد، حتى يكون وصولهم إلى حضرتكم وسيوضحون لكم إن شاء الله، وإذا تفضلتم بالإجابة عن هذا الكتاب إلينا برقيا نحن ننتظر ذلك وننشد ما قال ابن الدُّمَيْنة:

أَبِنْ لي أفي يُمنى يديك جعلتني                 فأفرح أم صيرتني في شمالك.

ودمتم محروسين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عدد 1859

برقية من جلالة الملك إلي جلالة الإمام يحيى

بتاريخ 16 ربيع الثاني 1352 (1933م).

تقدم لكم قبله برقية عرفناكم بها أنه بوصول الوفد إلى جيزان، وإخبارهم لنا بمضمون كتابكم نراجعك بشأنه، وقد وردنا منهم اليوم برقية لم يذكروا فيها إلا خلاصة كتابكم، فلم يتضح لنا المعني المقصود من الكتاب، وكان في البرقية بعض الأغلاط التي جعلت غموضاً في المقصود، وقد أبرقنا لهم يرسلون نفس الكتاب إلينا، لأمرين:

الأول: الحرص على الصداقة وحسن المعاملة.

الثاني: ظهر لنا من فحوى الكتاب أن بعض الأمور العائدة لكم ملزومون بها في الجزم فيها، والأمران اللذان من جهتنا، سواء المختلف فيها أو المقررة تُؤجلونها، أو تقبلونها على حالها.

هذا الذي فهمناه من الخلاصة، ولعله متى ورد الكتاب بنصه يظهر لنا غير المعنى، ولكن رغبة منا في تقوية الصلات، وتدارك الأمور من أمر ما تحمد عقباه، حبينا مراجعتكم لنكون على بصيرة للاستعداد في الرد عليكم:

أولاً: أخي تفهمون أن الملك لله، ليس لأحد، وأن الأمور ليست بالوراثة ولو دامت لغيرك ما اتصلت إليك.

ثانياً: إن وراثتنا وآثارنا السابقة في بعض الأمور مفهومة ومعروفة، عند كل الناس، ولكننا لا نطالب بالأمور الفانية، ولا نحب الاعتداء على شيء ليس بأيدينا، وإن محبتنا للزين والاتفاق معكم ليس بخاف عليكم، كما تقدم، وقد أجبناكم لجميع ما بخاطركم في السابق، ونرى ذلك فعل جميل في محله، وتقرب للائتلاف والمساعدة، ولكن يظهر لنا مع الأسف أن القوم الذين عملوا ما لا يخفى عليكم تدخلوا في بعض المسائل، لتفاقم الأمر لعلهم يدركون بعض الشيء مما خسروه في أعمالهم الأولى، ولكن الحمد لله فقد كان فيهم ما قاله صلوات الله وسلامه عليه: "الحمد لله الذي جعل آخر كيد الشيطان الوسوسة".

أخي تعلمون بأننا ما نُعذر من جهة الله، ولا من جهة الأمانة التي في رقابنا ولا من جهة الصداقة التي بيننا وبينكم حتى نقوم بالواجب، فإما ندرك المطلوب أو نعذر، وتعلمون أن شرفكم وشرفنا وديننا ما يسعنا إزاءهم إلا القيام باللازم على أمر واضح وبرهان بيّن، أرسلنا وفدنا وأعطيناه التعليمات اللازمة وحصل أمران أحزننا أحدهما وأسفنا للآخر.

أمّا ما أحزننا فهو اختلال صحتكم نسأل الله لنا ولكم العافية، وأما أسفنا فهو التأخر وعدم الاتفاق.

والآن فإن البنيان الذي على غير أساس ولا ثقة ما يصلح لديننا ولا شرفنا لا منّا ولا منكم.

وكانت المراجعة بيننا وبينكم في المطلوب لنا ومنا، وسنكون على أساس يقره الدين والعرف العصري، مما يرغم به العدو، ويسر به الصديق، فهذا الذي نطلبه وهو مرادنا، فإن كانت الأمور ما تحصل إلا على الوجوه الثلاثة الآتية:

1- لا تحصل راحة ولا طمأنينة لا لنا ولا للرعايا.

2- يلقي كل شيطان مارد ثقله له بذلك.

3- نكون مضحكة للأجانب.

فهذا أمر أظنكم توافقونا على أن عدمه خير من وجوده، فإن كان الأخ على ما نعهده ويظنه المسلمون فيه فنحن نحب ذلك، ونعاهد الله أن نجري اللازم بالإنصاف من جهتكم، وعدم الخيانة من جهتنا، ونبرأ إلى الله أن نتكلم بأمر غير مشروع، فليبرهن الأمر وليعطينا الثقة التامة على التفاهم على أساسات:

أولها: مسألة الحدود والاتفاق على تثبيتها كما كانت في السابق، إلا أن هناك لزوم لتعديل ضروري عائد للمصلحة بيننا وبينكم.

ثانيها: إبعاد كل مفسد بطرفكم يحدث مشكلا بيننا وبينكم.

الثالث: مسألة نجران، نفيدكم أننا ما نحب لهم ولاية، وليس هناك أمر يقرن بيننا وبينهم، لا دين ولا طمع، إنما هي مصالح ومضار بين الرعايا، ونحن مستعدون أن نتراجع فيما يحفظ مصالحنا ومصالحكم ومصالح رعايانا ورعاياكم بغير زيادة ولا نقصان، وهذا الذي يراه أخوكم وتستريح به النفوس، فإن أجبتمونا على ذلك فنحن مستعدون للأمر، فإما أن تبدي اقتراحكم بذلك، أو نبدي اقتراحنا.

فإن كان الأمر لا فائدة منه، وإنما كما ذكر أعلاه فإن المراوغة فيه شيء يأباه الدين والشرع، وكما أن لأنفسنا علينا حقاً، فإن لشرفكم ومقامكم علينا حقاً أيضاً، وذلك بأن لا نكتمكم شيئاً، فإن أجبتمونا إلى ذلك فهو الذي نراه ونحمد الله عليه، ونسأله تعالى أن يوفقنا وإياكم كذلك فإن كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله، ونشهد الله أننا لا نحب الاختلاف، ونحب لكم من الصلاح ما نحبه لأنفسنا، وأرجو من الله إن كان يعلم صدق نيتنا للإسلام والمسلمين، فأسأله أن ينصر دينه ويُعلي كلمته، ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه. فإن كان يعلم عندنا ضد ذلك فاسأله أن من كان يقصد الغش والخيانة والمراوغة أن ينتقم منه ويخذله، ويكفي المسلمين شره.

إن أخاكم قد أكثر عليكم المقال، ولكن الشفقة ومحبة الاتفاق حملني على ذلك لدفع المسئولية عني وعنكم، وجعلها على من تسبب وخالف الأمر المشروع، ومصلحة المسلمين، وإني أعاهد الله أن لا أتعدى الخطة التي تشيرون عليها وأن أعاملكم بالمعاملة التي تعاملونني بها وإني لا أبدأكم بشر إلا أن يكون دفاعاً عن الدين والشرف وأسأله أن يوفقنا وإياكم للخير.

فأجابه الإمام بالبرقية الآتية: 24/3/1352هـ (1933م).

ج: كثير من برقيتكم لم يظهر لنا معناه، مع تكرار أخذها من ميدي ولكننا عرفنا المراد على الإجمال، والمراد أنه لم يكن بيننا وبين حضرتكم عداوة ولا شقاق بل صداقة ومودة ووفاق، ونعتقد أننا نموت على ذلك إن شاء الله وعسى أن لا يصل هذا إلى حضرتكم إلا بعد وصول محررنا بعينه ففيه استكمال كل الأطراف، بما يجمع بين الغرضين.

فالحدود كما ذكرتم في برقيتكم على ما كانت عليه، ومسألة تنومة حلها من حضرتكم، ومسألة الإدريسي قد جعلناه بوجهنا وذمتنا، أن لا نساعده ولا نرضى له بأدنى شقاق، وإن كان منه شيء فيدنا مع يدكم عليه، على أننا لا نظن أن يحصل منه شيء قطعياً، فلا تصدق من يعظم أمره، ورجونا من حضرتكم أن تزيدوا في مخصص الإدريسي ألف ريال شهرياً.

وفي مسألة يام رجوناكم أن تصرفوا النظر عنهم، فالمراجعة بما فيه الصلاح والفلاح بيننا وبين حضرتكم فهو من لازم الوداد.

ونظن أنه قد اتضح لكم ما لدينا لحضرتكم من الولاء، وأن كل أمر يخالف ذلك ساقط لدينا ومبذول.

ولم يظهر لنا ما هو يوافقكم فيما كتبناه مع وفدكم الكريم، ونؤكد ما تقدم منا لحضرتكم غير مرة بأنا موالون لكم، غير مضمرين سوءاً ما دمنا على قيد الحياة، إنما بعض الأمور نرى إهمالها مع كلية الصداقة والوداد.

برقية من الإمام يحيى

بتاريخ 18/4/1352هـ (1933م)

ج: لقد سرتنا برقيتكم إذ وافقت ما تنطبق عليه نيتنـا، فالحمد لله رب العالمين، ولا سبيل لأشرار يسلكون به ما يكدر الصفو، والمنتظر وصول جوابكم على ما حررناه لكم مع وفدكم الكريم والسلام.

برقية من جلالة الملك إلى جلالة الإمام

بتاريخ 26/4/1352هـ (1933م)

أخي ـ حفظك الله ـ تلقينا برقيتكم الأولى والثانية، ونحن الحمد لله بحال الصحة، وأحطنا علماً بما ذكره الأخ.

أمّا برقيتنا السابقة فالقصد منها الاستفسار عن كيفية العمل لحل المواد المطلوبة بيننا وبينكم، وسواء ظهر المقصود لحضرة الأخ مما كتبناه سابقاً أو لم يظهر فإننا نشرح للأخ ما عندنا في المواضع المشار إليها ونفرد لكل موضوع برقية على حدة ليسهل حلها، ويتوضح المقصود بصورة جلية، فإذا وصل ذلك فالنظر في الجواب تفصيلاً وإجمالاً له.

أمّا ما أشار إليه الأخ من المحافظة على الصداقة والولاء وأن نكون مطمئنين الخاطر من ذلك، وأنه لن يكون بيننا شقاق أو عداوة، فإن هذا متحقق عندنا إن شاء الله، ودليلنا على ذلك تكرارنا على الأخ بحسم المواد لتثبيت دائم الصداقة، وتأمين راحة الجميع وليكن الأخ مطمئن الخاطر وليثق بأنه ليس عندنا إلا ما عندكم من المحبة والصداقة، وهو الذي ندين الله به باطناً وظاهراً وهذا هو الواجب على كل مسلم عربي نرجو الله أن يحقق ذلك ويجمع شمل المسلمين والسلام.

وفي تلك الأثناء وقع من قبيلة العبادل السعودية بعض الخلاف نتيجة تحريض الإدريسي، وتوجه أحد رجال الإدريسي (أحمد الأهدل) إلى صنعاء فأبرق جلالته للإمام بالواقع فوصلت منه البرقية الآتية:

إلى جلالة الملك الأخ عبدالعزيز

بتاريخ 3/5/1352هـ (1933م)

ج: بعض البرقيات إجمالاً عجالة؟، أيها الأخ العزيز حفظكم الله كونوا على ثقة تامة من صداقتنا، ومع ذلك فوالله لا تجدون منا إلاّ الوفا والصداقة، وهذا إنما هو إنصاف للحقيقة لحضرتكم، وإلا نحن نعتقد أنكم لا تخافون منا ولا من غيرنا.

بشأن الأهدل وصل إلينا ولم نتفق به منذ وصوله، وبشأن (العبادل) فإنه قبل عشرة أيام بلغ إلينا نفورهم وخوفهم، وقد كتبنا لعامل (مَيْدِي) أن يقنعهم بلزوم طاعتكم، ولا يخدش أفكارهم البسيطة، ولا تهتموا بأيِّ أمر لنا فيه أدنى اطلاع، ولا تحسبونا إلا كأحد إخوانكم، واحفظوا هذا عنا دائماً مطلقاً، وكَذِّبُوا ما يخالف ذلك، ولسنا دجالة إلى أن نكتب لكم بالكذب الحرام، وكل الأمور إن شاء الله كما تحبون، وسنوضح لكم إن شاء الله والسلام.

برقية من الإمام إلى جلالة الملك

بتاريخ 10/5/1352 (1933م)

ما أفدتم به من أمر يام فهو اللازم لضبط الحدود من الطرفين لمنع كل ما عساه يحدث من الشقاق بين الحدود، مع انضباط أمور يام إن شاء الله لابد تجري الأمور كما تحبون، وإن مقدمات قصدنا رفع كل شر بين المسلمين عموماً وخصوصاً فيما يتعلق بنا وبحضوركم والسلام عليكم.

وصول الوفد إلى جازان:

وصل الوفد السعودي عائداً إلى جازان يوم الأحد الموافق 14/4/1352هـ (1933م) ورفع برقية بوصوله لجلالته، ثم رفع بعد ذلك خلاصة كتاب الإمام يحيى وبعد أيام توجه إلى الرياض بالسيارات عن طريق الحجاز، فإنه في ذلك التاريخ لم يكن للسيارات طريق إلى عسير فضلاً عن نجد، وبطبيعة الحال إن قطع الطريق من جازان إلى مكة عن طريق غير ممهدة ولا مسفلتة يستغرق أياماً وكذا من مكة إلى نجد.

وبوصولهم إلى الرياض، وبعد مقابلة جلالة الملك سلموه كتاب الإمام يحيى ورفعوا التقرير المسهب عن مهمتهم في صنعاء والذي نورد منه ما يأتي:

(يتضح لجلالتكم من مطالعة هذه الأوراق ما دار بيننا وبين الإمام يحيى من جهة، وبيننا وبين مندوبيه من جهة أخرى، وما بذلناه من الجهد والصبر والأناة، لأجل الوصول إلى الاتفاق الصريح معهم، ليكون من ورائه الصلح والسلام، وعز العرب والمسلمين، وقد عملنا بكل ما فينا من قوة لبيان غايتنا السلمية ورغبتنا الخالصة، في الاتفاق وإظهارها بارزة ملموسة، ونظن أننا قد وفقنا إلى أبعد مدى من كلامنا وحركاتنا وتصرفاتنا في التعبير عن نبل مقاصدنا وإثبات شريف مرامنا، كما أننا وفقنا بحسب اعتقادنا إلى الوقوف على غاياتهم الخفية وأغراضهم المستورة، ومطامحهم البعيدة المرمى، وخططهم وأساليبهم المتخذة نحونا في معاملاتهم وذلك بالرغم من مراوغتهم، وتطلباتهم والتزامهم جانب الغموض في المباحثات والمذكرات.

إننا نقول بملء الأسف إن جميع مجهوداتنا في الوصول إلى هذا الغرض النبيل قد ضاعت سدى، فكنا كمن حاور عَجْمَاء، أو نادى صَخْرَة صَمَّاء، ومع شديد أسفنا من عدم وصولنا إلى ما نتمناه، ومن إخفاق مساعينا السلمية فإننا نعلن رضا ضمائرنا من شيء واحد وهو أننا وفقنا إلى إزالة تلك الحالة المهيمنة بيننا وبين الإمام يحيى، وأزلنا قناع الريب والنفاق بصورة لا تترك مجالاً للشك فيما ينصب لبلادنا من أحابيل، ويدس عليها من دسائس، ولحكومتنا بعد الوقوف على الحقائق أن تختط منهجاً ثابتاً تسير عليه في المستقبل لأجل صيانة منافعها وحفظ أملاكها إلى أن تبدل ذهنية القابضين على زمام الأمر في اليمن، وتأتي طوارق الحدثان بما يجبرهم على مصالحتنا ومسالمتنا، ومعرفة أن هناك أمة عربية تتطلع إلينا وإليهم وتطلب منا ومنهم الاتفاق والاتحاد على ما فيه العز للعرب والإسلام.

لقد رأينا الإمام يحيى غير صافي النية من جهة جلالتكم، بصورة غير مأمولة من ملك عربي مسلم، نحو بلاد عربية إسلامية مجاورة له، في فترة تاريخية عصيبة يرى فيها كل عاقل لزوم تساند العرب والمسلمين، وتعاقدهم، وقد أدهشنا وأيم الله هذا الشعور العدائي الذي لم نكن نتوقعه من مسلم عربي. وقد عجزنا من تعليل أسباب ذلك العداء الكامن بالرغم أنه من الممكن حمله على محمل العقيدة الزيدية من جهة، والطموح أو الحسد الشخصي لجلالتكم من جهة أخرى.

إن الإمام يحيى يكرهنا ويخافنا، ولكنه يحترز من محاربتنا ومجابهتنا وجهاً لوجه، وخطته التي يسير عليها تتلخص في أن يعمل على إفساد القبائل والأهالي التابعين لنا، ويستعمل من أجل الغرض وسائل عديدة، منها بعض اللاجئين إليه من رعايانا، ومنها دعاة المذهب الزيدي الذين لهم صلات مع أشخاص في بلادنا، ثم إذا اعتقد أن الفرصة سانحة أجهز على قطعة من أملاكنا بالحرب أو بالدس أو بالتظاهر بتحكيم جلالتكم، كما حصل في مسألة (العُرّ) والمماطلة والمراوغة والتسويف من الوسائل الفعالة التي يلجأ إليها، غير أن غايته القصوى مرتكزة على الانتظار، وفرصة الفتن الداخلية أو الاشتباك مع أحد الدول للوصول إلى ما يتمناه من أغراض لا حققها الله.

برقية من الإمام يحيى إلى جلالة الملك

بتاريخ 20/7/1352 (1933م)

بلغ إلينا تحشيد الجنود إلى الحدود، ولم نعرف سبباً لذلك، فلم يكن منا غير المحافظة على الصداقة كما أوضحنا لحضرتكم مكرراً، وكلما بلغ إليكم مما يخالف ذلك محض افتراء، فاحذر ألاّ تُخْدَع لمن يريد طمس الإسلام وهلاك الجميع، فلا خير في الشقاق لنا ولا لكم، والغالب نحن وأنتم خاسر والسلام.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 21/7/1352 (1933م)

لقد تلقينا برقية الأخ بتاريخ 20/7/52 ولما بلغ الأخ تحشيد بعض الجنود، فهذا صحيح، وقد أخبرتكم بذلك في برقيتنا المتقدمة وأنَّ حشدها للمحافظة على السكينة، وتطمين الرعايا ليستريح مبتغي العافية، ويقمع فساد صاحب الفساد ومبتغيه، هذا من جهة، ومن جهة ثانية فلا نكتم الأخ أنه حدثت أمور تدعو للريبة في الموقف رأينا الواجب يقضي بالاستعداد، وهي:

أولاً: وصل وفدنا وبلغنا ما كان بينه وبين مندوب سيادتكم، وأيضاً أن ذلك الكتاب الذي يحمله الوفد إلينا منكم ممّا دَلَّ لنا أن هناك تبدل في خطتكم.

ثانياً: لقد انتشر في كثير من الصحف ما بعثتموه لبعض الناس عن مطالبتكم في بلداننا من المقاطعة، وعسير، ثم ما فعلتموه في نجران وألحقتم بذلك مسألة الحجاج التي تعلمون براءتنا منها ولا حجة علينا فيها.

ثالثاً: اطلعنا على ما نشرته جريدة "الإيمان" الصادرة في جمادى الأولى المعبرة عن خطتكم وما عزمتم عليه.

مجموع هذه المعلومات جعلتنا نعتقد أن هناك تغييراً في موقف الأخ نحونا مما دعانا لاتخاذ الاستعدادات للطوارئ وإرسال بعض الجند الذي بلغكم خبره، وكنا عازمين على إرسال مذكرة للأخ نبين له فيها حقيقة الموقف، ونرجوه فيها إنهاء أسباب الخلاف الذي يعود ضرره على الطرفين، ويطمئن الرعايا ويكبح الأعداء، وقد أخرنا كتابنا انتظار ما نؤمله من الأخ من الإنصاف، ورعايته لوحدة الإسلام والمسلمين، أما نحن فليس لدينا غير ما سبق أن أخبرناكم به وهو:

أولاً:   الاعتراف بالحدود وتثبيتها بمعاهدة.

ثانياً:   إعادة الأدارسة.

ثالثاً:   مسألة نجران.

 فإن كان سيادة الأخ على ما نعهده فيه من رغبة في الاتفاق فنرجو أن يصرح لنا برأيه بوضوح في المسائل الثلاث المتقدمة، ومن ثم الاتفاق على ذلك برقياً بيننا وبين حضرتكم بصورة واضحة، وإن أمكن عقد اجتماع في المكان الذي نتفق عليه لوضع المعاهدة بصورة نهائية، ولكنا نرجوكم أمرين.

الأول:   تعجيل البت في المواد الثلاث.

والثاني: بيان الخطة بوضوح تام بدون غموض، هذا ما نرجو الإجابة عليه سريعاً.

ونحب أن يتأكد الأخ أنه ليس لنا مقصد، أو مطمع فيما تحت يده ولا نبغي إلا السلم والعافية، وحسن الجوار، والصداقة بيننا وبينكم، بل الذي يجبرنا على الدفاع ليس لنا عنه محيد، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الخير والصلاح للإسلام والمسلمين.

برقية جوابية من الإمام للملك عبدالعزيز

بتاريخ 26/7/1352 (1933م)

وصلت برقيتكم، وسرّنا وصولها وبحول الله لا يكون بيننا إلا ما يكبت الأعداء وهل ترون حسن إرسال الوفد من لدينا إلى حضرتكم لإزالة سوء التفاهم ورفع الاشتباه، وإيضاح الحقائق، وتقرير ما ينبغي وهل هذا كاف لحفظ السلام فأفيدونا برأيكم والسلام عليكم.

جواب من الملك عبدالعزيزإلى الإمام

برقياً بتاريخ 27/7/1352 (1933م)

تلقينا برقية الأخ تاريخ 26-27/7/52 وشكرنا له إيضاحاته الثمينة وعلى الأخص بالأمر الذي يكبت الأعداء ويزيل سوء التفاهم، ونرجو من الله أن يمن علينا وعليكم بالهداية ويجعلنا وإياكم ممن يطابق قوله عمله.

يعلم الأخ حفظه الله أننا لا نريد غير حسم المشكل، وإزالة سوء التفاهم وهذا إن شاء الله مبدأنا ومنتهانا.

أمّا اقتراح الأخ إرسال وفد إلينا فنحن نلبي كل طلب يراد به إظهار الحقيقة ويحصل منه راحة الإسلام والمسلمين.

ولكن الأخ يعلم أنه لنا عدة سنوات، ونحن نتبادل إرسال الرسل لحل المشاكل ولم تغن الوفود شيئاً، وتعلمون أن المسألة متعلقة بشخصكم وشخصنا ولا يمكن أن تُحلَّ عاجلاً أو آجلاً إلا بما نتفق عليه بيننا بأشخاصنا إن شاء الله، وتطويل الأمر ليس منه فائدة بل بالعكس، فإن التطويل يزيد في تعقيد الأمور، ويزيد في المشاكل، والذي نقترحه ونراه الأصلح، ولا نرى سبيلاً لحل المشكل بدونه، هو البت في الثلاث المواد التي عرفناكم بها من قبل والتي أوجزناها في برقيتنا السابقة بصورة واضحة، إما نفي أو إثبات.

ولا يمكن أن تستقيم الأمور إلا بالله ثم بحزم المسألة وإيضاحها بصورة صريحة، وإن عدم الاتفاق عليها هو الذي يوجب على الأخ تلافي العاجل والآجل، فإذا وافق الأخ على ذلك وأعطانا عليه الجواب الذي نثق بالله ثم به، فتقديم الوفد منا أو منكم سهل لتسوية الأحوال في أي مكان.

برقية جوابية من الإمام

بتاريخ 2 شعبان 1352 (1933م)

وصلت برقيتكم الكريمة، واعلموا عافاكم الله ما عندنا غير ما ذكرنا إليكم من الصداقة، وأنه لم يحدث منا ما يوجب الكلام فضلاً عن تصادم الأقوام وإنا نعلم أن عندكم ما عندنا من محبة السلام، لولا ما يلقى إليكم من سماسرة أعداء الإسلام، من الكذب والافتراء والتشويش، وها نحن نسألكم بالله أن تصونوا ما بقي من الحشاشة العربية، وأن تتخذونا أخاً صادقاً ليس له غير ما يظهره ويؤكده من الصداقة، وكنا نظن أن سفر الوفد من لدنا سيوافقكم لاستشهاره بين الأمم، ولما سيكون منهم من رفع كل اشتباه، وتأكيد الصداقة والوداد، ومرحباً سنوضح لكم أمر الثلاث المواد برقياً كل مادة في برقية، ونسأل الله أن يجعلنا من المجابين فيه على كل حال، وعلى كل حال فلا تجدون منا غير حسن الإخاء والسلام.

جواب الملك البرقي

بتاريخ 6/8/1352هـ (1933م)

تلقينا برقية الأخ في 2 شعبان 1352 وأحطنا علماً بما ذكرتم من صداقتكم وأنه لا يحدث من سيادتكم ما يوجب رفع الكلام فضلاً عن تصادم الأقوام إلى آخر ما ذكرتموه من الألفاظ الثمينة التي نشكركم عليها.

ولقد سألتمونا بالله عن تدخل سماسرة أعداء الإسلام وتدخلهم معنا فنبرأ إلى الله من ذلك، ولا ولله الحمد ما أعلم في حياتي أن للأجنبي تأثيراً عليَّ في أي أمر كان أو يكون بيني وبين أحد من العرب، ولم يعاونني أحد منهم، ولم يحرضني على ذلك منهم أحد، لأنهم يعلمون والحمد لله حقيقة ما عندي.

 وكما سألتموني بالله أسألكم به سبحانه وتعالى أن تدققوا النظر في الأمر، وتنهون الرأي فيما يصلح الله به حال المسلمين ويحقن الدماء ونسأله تعالى أن يجعلنا وإياكم متبعين ما قاله تعالى: ]فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول[ (سورة النساء، الآية 59).

أمّا الحرب والسلم فمرجعه اليوم منكم وإليكم، ومطالبنا التي أخبرناكم بها والتي أجبتونا ببرقيتكم الأخيرة أنكم ستجيبون عليها لا بد منها.

وليس لنا شيء من المقاصد غير الدفاع عن المطالب التي ذكرناها لكم ولا يمكننا السكوت عليها.

فإن كنتم تعلمون أننا اعتدينا على شيء من أرضكم، أو نكثنا لكم عَهْداً، أو حاربنا لكم صَدِيقاً بينكم وبينه عَهْدٌ أخبرتمونا به والتزمنا لكم به، إذا كنتم تعلمون أنَّنا فعلنا شيئاً من ذلك مستعدون لكم بما يقضي برد العدوان والوفاء بالعهد، فإن كنتم تعلمون أننا لم نعمل أي عمل منافٍ لما ذكرنا بيننا وبينكم فلا نطلب منكم غير الإنصاف والوفاء بالعهد، ومنع العدوان على أي أمر لم يكن لكم منه مدخل من قبل ومن بعد، ولهذا نسألكم بالله ثم بالإسلام ثم بدين محمد أن تنظروا في الأمر قبل حدوث مالا تحمد عقباه وينافي الشريعة والعقل.

برقية من الإمام يحيى إلى الملك

بتاريخ 5/8/52 (1933م)

تابع لشفرتنا في 2/8/52 وما أشرتم إليه من أجل نجران ويام تذكروا ما كانت به المراجعة بيننا وبينكم من قبل الحركة عليهم، وما أفدتم به علينا مكرراً ومع هذا فسندع الحكم لنا على حضرتكم وإلى فهامتكم أنتم أنفسكم، وليس لنا غرض هنالك يغيرنا معكم، لأن الأخ لا ينسى سعينا في إرجاع الهاربين من أهل المخلاف السليماني إلى بلادهم بعد فرارهم، حتى أمرنا من لم يرجع بعد تأمينكم أرجعناه جبراً والسلام عليكم.

برقية جوابية من الملك للإمام يحيى

بتاريخ 8/8/52 (1933م)

 تلقينا برقية الأخ بتاريخ 5/8/52 التي يذكر فيها الأخ من جهة (نجران) و(يام) وأن المراجعة كانت بيننا وبينكم من قبل الحركة عليه، وإفادتنا لكم مكررة، وتطلبون الحكم منا علينا بأنفسنا، وأن ليس لحضرتكم غرض هناك بغيرنا وتذكروننا بمسأله الهاربين من أهل المخلاف السليماني وإرجاعهم إلى آخر ما ذكرتموه.

أخي ما نحب التطويل في مثل هذه المراجعة، ولكن الظروف تحملنا على ذلك لأمرين.

أولاً:   الصراحة التي عودنا ربنا إياها مع جميع الخلق.

الثاني: مجانبة الهوى والاقتصار إلا على ما ليس عنه محيص.

أمّا احتجاجكم علينا ببرقيتنا قبل الحركة فلم يخطر لنا على بال أن يكون بين الأخ وأخيه، أو الصديق وصديقه أمر غامض لهذا الحد.

كما أنه لم يخطر ببالنا أن يدخل فكركم أن تتصوروا بأخيكم الغباوة إلى هذا الحد.

ولقد حدث حينما وردت برقيتكم بشأنها وأن رأى أحد رجالنا أن وراء الأمر بعض المحاذير ولكن وثوقنا بالله ثم بكم وتباعد الأسباب التي توجب الأمر الغامض بيننا وبينكم أنكرنا ذلك، وأجبناكم بما عندنا جواباً على سؤالكم أن ليس لنا مداخلة مع يام سوى أهل نجران، وأفدناكم بما يلزم تطميناً لخاطركم ولإيضاح أمرين:

الأول: إن (يام) ليس لنا تداخل فيهم، إلاّ في أهل (نجران).

الثاني: تعلمون مداخلتنا مع أهل نجران وأهله من قديم، ولم يكن شيئاً حديثاً، وأن ذلك لمصلحتنا ومصلحتكم، ولم يكن لنا غرض من الأغراض الأخرى. وطلبتم ببرقية أخرى توضح لكم الأمر فبينا لكم أنه لا يمكن أن نخالف ما كان بيننا وبينكم بالسابق، مما قد كان تم بين تركي بن ماضي وابن دليم، وبين مندوبيكم في صنعاء مما ظل العمل عليه إلى التاريخ الأخير.

هذا هو الواقع ولا نعلم سبباً يقضي بنقض ما بيننا وبينكم، كما أننا لا نعرف السبب الذي حملكم على أن تفعلوا بأهل نجران ما فعلتم.

فلمّا أرسل إلينا أهل نجران الكتب التي وصلتهم من حاشيتكم ظهر لنا أن الأمر قد تغير، وأن الخطة قد تبدلت، ولكن رغبة منا بالسلم ومحبة للراحة عجلنا بإرسال مندوبين إليكم لحل المشكلة، وحصل على المندوبين ما حصل ولم ينظر في هذا الأمر معهم، فثبت عندنا أن هذه المشكلة العظيمة[1] والطريقة الثانية التي نرجوا الله أن لا يقدرها.

ولمّا تفاقم الأمر، وتواردت إلينا الكتب المرسلة من حاشيتكم لأهل نجران تبين أنه لم يكن الغرض من ذلك الاعتداء عليهم، إلا لتقربيهم منا والتجائهم إلينا فكررنا الأمر عليكم، ودفعنا الأمور بصبر جديد، إلى أن يحل أوان هذه المراجعة.

أمّا التحكيم فلا ظهر لنا المقصود منه، فإن كنتم تأمروننا أن نحكم لكم فهذا شيء غريب، وإن كان هذا الفهم غلطاً، وأن الأمر على الحقيقة التي نظنها فيكم فإننا نشرح ما عندنا، وهو آخر ما عندنا في قضية (نجران) فإن قبل حصل به المطلوب، وإن رفض فليس وراء رفضه غير فرحة الأعداء والنكاية بين المسلمين.

والذي نراه أن يكون (نجران) بحدوده، بلاد محايدة بيننا وبينكم لا نملكها ولا تملكونها، وأن لا نتدخل في شؤونهم الداخلية، ويظلون كما كانوا عليه في السابق من زمن آبائنا وأجدادنا وزماننا وزمانكم، وأن تكون المعاملة حسنة بيننا وبينهم ومنا ومنكم.

فإن حدث من أهل نجران علينا أو عليكم أمرٌ مخالف يوجب تأديبهم نتراجع نحن وأنتم، ندعوهم إلى السلم والعافية، فإن قبلوا فالحمد لله، وإن لم يقبلوا واقتضى تأديبهم فنشترك وإياكم في القول والعمل حتى يفيئوا للحسنى ويتركوا العمل الخبيث، هذا الذي يحفظ به الشرف وتحصل الراحة وتزول المشاكل، ويحفظ شرفنا وعارنا من جهتهم.

أمّا استشهادكم بأهل "المخلاف السليماني" وإرجاعكم إياهم. أخي عافاكم الله نبين للأخ بغير عيب بيان الأخ لأخيه، ونقول ما أبعد هذا من هذا، فأهل المخلاف السليماني، لم ترجعوهم إلا بموجب العهد الذي بيننا وبينكم وياليت الوفاء بالعهد شمل من سواهم لتتم الراحة والسكون للجميع، وزيادة على ذلك فقد طلبتم منا عفواً عاماً فعفونا عنهم، وتركنا ما يلزمنا شرعاً وعقلاً من حقوق الحكومة التي نهبوها وأموال الرعايا مثل باصهي وغيره التي سرقوها تلك الأعمال التي تسخط الله وعبيده الصالحين، فتحملنا ذلك كله من أجل حضرتكم، هذا الذي عند أخيكم بيَّنه لكم، فنرجو إما قبول صريح وهو ظننا بالله ثم بكم، وإما نفي صريح، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأرجو أن تعجلوا بحسم المواد الثلاث لأن ليس من التأخير فائدة، وأن في تعجيلها دفعاً لمكايد الأعداء وراحة المسلمين عامة، ومنعاً للتشويش بين الرعايا ونسأل الله التوفيق.

برقية من الإمام يحيى إلى الملك عبدالعزيز

بتاريخ 9/8/1352 (1933م)

تابع لبرقيتنا 9 شعبان سنة 1352[2] بشأن الإدريسي تفضلوا وضحوا لنا ما هو غاية المراد منه، ولكم علينا الالتزام به، وعليكم عطف النظر إليه، فقد بلغوا من الحاجة إلى غاية السفالة، ولهم عليكم حقوق ليس علينا منها شيء، ولا تظنوا إلا خيراً، فليس لنا من سياسة غير الصدق، ولا تخزوني في ضيفي، عافاكم الله، وفيما كتبنا لكم من البرقيات الكفاية، فكل ما فيها هو الذي لا نتزحزح عنه والسلام.

جواب الملك عبدالعزيز إلى الإمام

بتاريخ 12/8/1352 (1933م)

تلقينا برقيتكم المؤرخة 9/8/52 بشأن مسألة الإدريسي فقد أوضحت أمرين، سألتمونا غاية مرادنا من الإدريسي وأنكم ملتزمون به، والثاني أنه له حق وأنه في غاية الضنك.

نبين للأخ أنه ليس للإدريسي علينا أي حق سابق، فعلنا الجميل معه، وقابلنا من الخيانة والغدر بالذي لا يخافكم، وإن ما أجريناه معه من الجميل لم يكن إلا لأمرين.

الأول:  مراعاة لخاطركم.

الثاني: محبة للسلم والعافية للجميع.

أمّا المراد من الإدريسي فهو نفي الأذى، ودفع الدسائس التي لا تخفى عليكم ظاهراً وباطناً، فإن كنتم تريدون الأمر الحاسم في مسألة الإدريسي فليس لها إلاّ أحد أمرين: إمّا أن يقدم علينا ونعطيهم أمان الله، ونتعهد لهم برد أملاكهم مع مساعدتنا لهم، وإمّا أن ترفعوه إلى صنعا، فإذا تم الاتفاق بيننا وبينكم على المواد الباقية فبحول الله وقوته ما ندع عليهم قاصراً فيما يصلح أمرهم والله يحفظكم.

برقية من الإمام للملك عبدالعزيز

بتاريخ 13/8/1352 (1933م)

وصلت البرقيتان من الأخ العزيز بتاريخ 5 و 8/8/52 والأهم المقدم أن يتفضل الأخ بمنع أجناده عن تجاوز محطاتهم التي هم فيها، قبل أن يحدث ما يصعب علينا وعليكم تلافيه، ويخرج الأمر من أيدينا وأيديكم، بالدخول في ميدان الكفاح ودور امتشاق الصفاح، ولكم علينا عهد الله وميثاقه أن لا يكون منا عدوان ولا تجاوز، وليعلم الأخ العزيز أن الأمر عظيم فوق ما يتصور الخيال منا ومنكم.

ولا محذور من التأني، بل محذور من الاستعجال، فالأناة من الرحمن، والعجلة من الشيطان، وليعلم الأخ أنَّا لا نريد شيئاً من الشقاق بيننا وبينكم.

وإنَّ المكاتبات إلينا الآن من الحجاز وعسير وتهامة للاشتراك ضدكم، ولا نريد ذلك ولا نرضاه، ونشهد الله عليكم.

واعلموا أن ثَمَّةَ من يتربص بالجميع الدوائر، ليبلغ من الطرفين مراده الخبيث، وتفضلوا أكدوا على أمير جيزان ليترك التجاوز والتهديد لأهل المخلاف، فإنهم في غاية من الخوف، وهم على وشك النفور.

ولم نَرَ أحسن مما أشرنا به إليكم من بعثنا وفداً معتمداً إلى حضرتكم العالية كما عرفناكم، ولنقطع آمال وكلام الأشرار، الذي لا اهتمام لهم إلا بالتحريض لإضرام النار، وأن العوام يقولون: "ما على شر عجل" وصدقوا، وتفضلوا بالمراجعة مع ذوي الديانة والبصيرة من خيار أصحابكم، الذي لا غرض لهم ولا عوض.

ونحن محافظون على صداقتنا وأخوتنا، ونشهد الله علينا، وعجلوا إفادتنا في هذا تفضلاً وإحساناً، بما ترونه، وتفضلوا باعتبار هذا الكتاب من أخ نصوح صدوق، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم إلى ما به عز الإسلام والمسلمين وأن يأخذ بنواصينا إلى ما يحبه ويرضاه، ونستعين به ونستجيره، من الدخول في حرب مظلمة الأنحاء، منقطعة الرجاء، إنما جعل بعض هذا مفتوحاً لما يكون في التشفير من الغلط العظيم المخل بالمعنى ودمتم وشريف السلام عليكم.

برقية من الملك عبدالعزيز إلى الإمام يحيى

بتاريخ 15/8/52 (1933م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 13/8/52 التي تشير فيها إلى برقيتنا[3] 5 و 8/8/52 وقد رأينا أنكم أهلمتم الجواب الحاسم على الأمور الثلاثة التي هي مثار النزاع، وبالأخص تصفية الحدود، التي لم نحظ منكم على جواب بشأنها، مع المراجعة فيها مضى عليها مدة طويلة، وإن ما أشار إليه الأخ في طلب منع رؤساء الأجناد من تجاوز محطاتهم فإن رؤساء أجنادنا لم يتعدوا شيئاً مما ذكر، ولم يتجاوزوا محطاتهم البعيدة حتى عن أطراف حدودنا.

وأمّا الأقوال والأكاذيب فهي ترد لنا من أقوال بعض عمالكم، كما ترد إليكم وأمّا ما أشرتم إليه من تطور الحالة ووصفكم لخطورتها فلا شك عندنا في خطورتها.

ونحن لم نلح عليكم من أشهر إلاّ لاعتقادنا بما ينتج عن التطويل من الأضرار العاجلة والاجلة.

إن حسم الأمور، ودفع الشر هو بيد الله ثم بيد الأخ لا بيدنا، وقد أوضحنا لكم مطالبنا بصراحة لا مزيد عليها، وعملنا للسلم عدة سنوات، وبعثنا الوفد وصبرنا كثيراً، ولم نر من الأخ أمراً حساساً يحسم الشر، وكنا نرجو أن يصلنا الجواب الحاسم بعد ما فصلناه لكم من الرجاء، ولكننا لا نزال كما بدأنا، نحن لا نكره مجيء الوفد ولكنا أخبرناكم أن الوفد عجز عن حل المشكل بيننا وبينكم، وما هناك أمور يتكلم فيها الوفد.

هنا ثلاث مواد عرضناها على سيادتكم مراراً ونكررها الآن هي تحديد الحدود بيننا وبينكم بصورة قطعية، وتكتب بعهد مكتوب، نجران تنازلنا في أمره وقلنا يكون قطعة محايدة بيننا وبينكم، كما أشرنا في برقيتنا المؤرخة 8 شعبان 1352، (3) طلبنا إعادة الأدارسة طبق المعاهدة التي بيننا وبينكم وأفدناكم إن كان ذلك صعباً فتكون إقامتهم في صنعا تساهلاً منا ومحبة في الراحة، فهذه المطالب الثلاثة لا نريد غيرها.

والسلم والحرب متوقف على كلمة تقولونها، إمّا: (نعم) وإمّا: (لا).

وهذا يوضح الموقف ويحل المشكل، وأمّا ما أشار إليه الأخ من كثرة المكاتبة التي وردت من عسير وتهامة والحجاز، فإن مثل هذه المكاتبات لا نعيرها اهتماماً، لأن لدينا مثل ذلك الكثير من سائر أنحاء بلادكم، وإننا متكلون على الله من وفى معنا، وفينا معه، ومن غدر بنا فالله هو الذي عودنا الجميل بنصره على كل من غدر.

وأمّا ما ذكرتم بشأن من يتربصون بنا وبكم الدوائر، فقد سبق أن حذرناكم منهم لذلك سعينا كثيراً لحل المشكل، ونحن الآن نطلب من الأخ جوابه الصريح في حل هذا الإشكال، ولقد استغربنا كثيراً لغموض جواب الأخ في البت أمام هذه الحالة الواضحة، والمبينة الخطورة ونخشى بل يترجح لنا أن تكون الخطة التي يسير عليها الأخ طبقاً لما ذكره بعض رجالكم، أمثال العرشي والعمري وغيرهم إذ ذكروا أنه من خطة سيادتكم المطاولة معنا حتى إذا رأيتمونا اشتددنا في الأمور وحشدنا قواتنا إلى الحدود للدفاع عن كيان بلادنا تساهلتم في الأمر، ولنتم في القول حتى تفتر همة جنودنا ونعيدهم، وحينئذ تجدون الفرصة سانحة لكم لتقوموا وتأخذوا ما تريدون.

وإني أحب أن أعيذ الأخ بالله من مثل هذا الظن الذي إن كنتم تحبون السير عليه والأخذ به، فليس من وراء ذلك غير تعقيد الأمور، ووقوع المحذور، وشماتة الأعداء بنا وبكم.

وأمّا ما ذكرتم وهو من قبل لزوم مشاورتنا أهل الديانة وذوي العقول نفيدكم أن جميع رعايانا وأهل أطرافنا لا يحبون الفتن ولا يوقظونها، وإنما يحبون السلم والراحة، ولكن في حالة الذَّبِّ عن الشرف لا يؤخرون أنفسهم وأموالهم دقيقة واحدة، ولا يقبلون عن ذلك بديلاً.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه الصلاح، ونستجير به من الدخول بغضبه والحقيقة أنه كما قال r: ]الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها[.

فيا أخي الحرب واستحكامه، والسلم واستقراره، هو كما أخبرناكم بيد الله ثم بيدكم، ونشهد الله وجميع خلقه أنا لا نحب الحرب، ولا الفتنة، وأننا مدافعون عن بلادنا، وما تحملناه في أعناقنا من حوزة المسلمين.

برقية من الإمام يحيى إلى الملك

بتاريخ 19/8/52 (1933م)

تلقينا برقية الأخ العزيز المؤرخة 11/8/52[4] (ونَعَم) لا نريد إلا حسم الأمر بيننا وبين حضرتكم، بأحسن الوجوه وأجملها، من دون تحكم من الطرفين، ولا بأس بما رأيتموه في مسألة الأدارسة من انتقالهم إلى صنعا غير أن أهل تهامة يتعبهم برد الجبال، وبرد صنعاء شديد جداً، فإن ناسب لحضرتكم انتقالهم إلى زبيد، فالمسافة إلى صنعا وزبيد متقاربة، وسيكون الأمر منا عليهم، وعدم التدقيق وعدم نسبته لشيء؟

والمرجو منكم حسن النظر فيما يجبر حالهم، ويقوم بهم، ومنع التعرض على أملاكهم ومن يقوم بها، ففي ذلك فضل ورعاية، وحسن سمعة ومودة للعموم، ولا تلتفتوا إلى كلام من يقول: إن لنا غرضاً يخالف ما نكتبه لحضرتكم والسلام عليكم.

جواب الملك إلى الإمام

بتاريخ 20/8/1352هـ (1933م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 19/8/52 باحترام، وأجمل ما رأيناه فيها منذ كانت المراجعة بيننا وبينكم الكلمة العزيزة التي تقولون فيها: إنكم لا تريدون إلا حسم الأمور بيننا وبينكم بأحسن الوجوه، وهذا الذي نؤمله فيكم في السابق واللاحق.

ذكرتم أنكم توافقون على انتقال الأدارسة إلى صنعاء، ولكن نظراً لحالة البرد ترجحون انتقالهم إلى زَبِيد، وتحثوننا على العطف عليهم.

أخي، عافاكم الله: إن إلحاحنا عليكم بشأن الأدارسة ليس اهتماماً ولا مخافة منهم إن شاء الله، وإنما القصد إبعاد سوء التفاهم بيننا وبينكم، وإننا نوافق على انتقالهم لـ (زبيد) وثقتنا بالله ثم بكم سواء بشأنهم أو بشأن غيرهم وثيقة قوية ولا نقصر عنهم، ولكن أخي كما قيل: (بالفخ أكبر من العصفور).

هناك المادتان اللتان راجعناكم بها، أهم ما يكون، وهما اللتان تنحسم المواد بحسمها، وهما في الضرورة مادة ومعنى، ولا حاجة لأن نشرح لحضرتكم أكثر مما سبق وشرحنا، إن بحسمهما يرجى إن شاء الله الصلاح في العاجل والآجل وفي تأخير حسمهما الذي نحاذر وتحاذرون.

أخي: سبق أن أشرت لكم ببعض ما يجول بصدري، أؤكد ذلك لكم الآن، اعلم والله الذي لا رب سواه أنني أحب أن أفدي بالمال وبعض العيال لكي لا يكون بيننا وبينكم أي سوء تفاهم بالكلام فضلاً عن التعرض للحسام، وأنني لا أريد زيادة في الملك، ولا تطور في شيء من الأحوال، الأمر الذي يجب لنا عليه هو حماية الدين والأمانة التي في رقابنا، ولا يمكننا التأخر عن ذلك ما دمنا نجد إلى ذلك سبيلاً، فأرجوكم ثم أرجوكم النظر في إتمام حسم المادتين لأن الجرح معهما كبير فإن بوشر بالدواء يرجى له السلامة، وإن كبر الجرح وأهمل دواؤه كان منه الفساد الكبير، الذي يؤدي إلى الهلاك، وأحب أن أقول أن الحالة تحتوي على ثلاثة أمور:

أولاً:    التقارب بيننا وبينكم

والثاني: نظراً لحالة الإسلام والعرب وموقفهم في الحال الحاضر.

والثالث: وهو أكبر كل ذلك: المحاذير من أن يجري الماء في غير مجراه مما نخافه ونحذره.

وأنتم أعلم به منا فهذا الذي في ضمير أخيكم، الذي يشهد الله عليه فإذا وفقكم في نظريتكم البعيدة، وتأكدتم نتائج الأمور تفادون في ذلك أعظم مما نتفادى واعلموا هداكم الله التي قالها الشاعر العربي:

تُهْدَى الأمورُ بأهل الرأي ما صلُحتْ

فأرجوكم السرعة في الجواب على المادتين والله يحفظكم.

برقية جوابية من الإمام للملك

بتاريخ 22/8/1352 (1933م)

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 15/8/52 في يوم الخميس 20 منه والله يعلم أنَّا نكره الشقاق بيننا وبينكم إلى النهاية، وأنتم غلب عليكم سوء الظن، فلم تحملونا على سلامة، ولم يخطر لنا على بال ما ذكرتم من إرادتنا المطاولة لقصد تفتر همة جنودكم، ولا نظن العمري، وعامل ميدي يقولان القول، من المفترين، ما زالوا يسعون بكل صورة لبث الضغائن، ووجدوا من حضرتكم أذناً سامعة، نعم حيث لم يرق لديكم بعثنا وفداً، فلا بأس إن شاء الله وقد انحلت عقدة الأدارسة بما تفضلتم به من الإفادة بشأنهم، وما أجبنا به عليكم فتفضلوا وأوضحوا لنا كيف يكون تحديد الحدود بيننا وبينكم إيضاحاً شافياً، وهل يكفي عن تلك المعاهدة بكل صداقة وأخوة بصورة جلية من غدر وخيانة وتشويش، فتفضلوا بتعجيل الجواب في هذا الشأن لنوضح أمر بلاد (يام).

وإنه يسرنا مضي الأسبوع في سلام، ونخاف انقداح نار الشقاق وقد عجل هذا الدفع ما تتهمونا به من إرادة المطاولة والسلام عليكم.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام يحيى

بتاريخ 23/8/1352 (1933م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 22/8/52 بتاريخ 23 منه وقد ذكرتم كرهكم للشقاق معنا، والله المطلع بما في الصدور، والله يعلم أن كرهنا للخلاف معكم أعظم وأشد، وأصرح لكم بوضوح أنه إن كان قصدنا الشقاق والاختلاف معكم فاسأل الله أن يخذل من كان قصده ذلك، وإنه يعلم الله أن أحب ما نسعى إليه هو السلم والراحة مع سائر الخلق، وعلى الأخص مع حضرتكم، فاسأل الله من كان قصده ذلك أن يمده بالعز والتأييد، ويديم له الراحة والأمان.

وما أشرتم إليه من حملنا إياكم على غير حسن الظن، وإننا نتلقى أقوال المفترين، وأشرتم إلى ما رويناه لكم عن أقوال العرشي والعمري، أمّا ما ذكرناه عن المذكورين فما شهدنا إلاّ بما سمعنا، وأمّا أهل الشر فلا شك أنهم يكثرون أمام الشقاق، ونرجو من الله أن يكبت من كان فيه شر للإسلام والمسلمين.

أمّا مسألة الأدارسة فكما جرت المراجعة بشأنهم سهل انتهاؤها متى انتهت الأمور الأخرى، كما ذكرنا للأخ من قبل.

أمّا سؤالكم عن كيفية تحديد الحدود، فإن كيفية تحديد الحدود معروفة واضحة لا إبهام فيها، فالحدود تعين بيننا وبينكم على الأساس الذي كان بين مندوبكم ومندوبنا في صنعاء في جمادى الثاني عام 1346 (1928م) أيام كان وفدنا مؤلفاً من ابن ماضي ومحمد بن دليم، ثم ما لحق بذلك من تعديل أيام حكمنا في قضية العُرو فتعين هذه النقطة بين البلدين بعهد صداقة وإخاء مكتوب بيننا وبين الأخ.

فهذه هي الطريقة الحاسمة في مسألة الحدود، كما وأن أملنا وطيد متى نفذ ذلك أن يكون بيننا وبين الأخ أقوى عرى الصداقة والإخاء، هذا وأرجو من الأخ أن يعجل الجواب بهذا الصدد، وفي المادة الثالثة والله يحفظكم.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 26/8/1352 (1933م)

تلقينا برقية الأخ العزيز المؤرخة 19/8/52[5] وشكرنا لحضرتكم ما أبداه من الفرار من إضرام النار، وهو المؤمل من حضرتكم رأفة بحال من المسلمين ولم يكن بيننا وبين حضرتكم غير الجميل، ومحبة السلام من الطرفين، لولا ذو الأغراض القبيحة، وإن غالب الظن أن هذا الأمر ينتهي بالسلام وتأكيد الصداقة برغم أنوف المحرشين.

وقد طلبنا من حضرتكم إيضاح المراد في مسألة الحدود، ليكون درس ذلك ولا يخفى أنه كان استعجال الأخ لحشد الجنود، وخوفنا من دسائس (المكارمة) الإسماعيلية، وأتباعهم، ومُرَوِّجي أفكارهم، ولكن في حلم حضرتكم وإنصافه ما يكفل كل نجاح والسلام عليكم.

برقية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 29/8/1352 (1933م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 26/8/52 في 29 منه وأحطنا علماً بما ذكره من أمله بحسم الأمور بالسلم، وأملنا إن شاء الله كبير فيما أمله الأخ، ونرجو أن يكبت الله الأعداء، وينصر دينه ويعلي كلمته.

أمّا مسألة الحدود، ومسألة نجران فقد عرفناكم بشأنها بوضوح لا مزيد عليه، ولذلك نرجوكم التعجيل في الجواب، وإقراره بما يحفظ السلم ويؤمن الراحة.

أمّا من قبل تحشيد جنودنا فقد أوضحنا لكم أنه لا قصد لنا بأي مشاغبة أو فساد، ولم يكن ذلك إلاّ لما أوضحناه لكم في السابق. فتكونوا على يقين من الأمر كما عرفناكم بالسابق أن الحرب والسلم بيد الله ثم بيدكم، لأنه ليس لدينا مطالب تطلبونها منا حتى نجيبكم عليها، وإنما المطلوب من حضرتكم فنرجوكم الإجابة على ما تقدم لتحسم المواد ويكبت الأعداء، وإن كل تأخير في حسم الأمر لا ينتج إلاّ الفساد على الجميع ونخشى من عواقبه.

أمّا ما ذكرتموه من استماعنا لأقوال الناس فهذا ليس من عادتنا، وإنما أعمالنا مركبة من أمرين:

1- السعي للسلم بكل ممكن مع الناس عامة ومعكم خاصة.

2- المحافظة على الذمة والشرف لا غير.

والذي نكرره على حضرتكم العزيزة هو الإسراع بحسم المواد، والاستعجال فيها لأنه لا سمح الله إن حصل أدنى شيء ففي الزوايا خبايا، ما نحب أن تظهر ونحب السلم على الدوام، وأن تكون المحبة مستديمة، والأمر في الحل والعقد كما عرفناكم أعلاه، وإثارة الأمور وتسكينها بيد الله ثم بيدكم والسلام.

برقية من الإمام يحيى إلى الملك عبدالعزيز

بتاريخ 1 رمضان سنة 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 23 شعبان 1352 وتأكد لدينا أنه لا شقاق ولا عداوة بيننا وبين حضرتكم، فمحا الله المحرشين أعداء السلم والعرب والمسلمين فما هو لديكم هو لدينا بكل معناه.

عقدة الأدارسة كما ذكرتم، وعقدة الحدود منحلة إن شاء الله بما هو غاية المطلوب منا ومنكم، وذلك بربط معاهدة حبية سلمية دينية لمدة عشرين سنة، يثبت فيها كل من الطرفين على ما بيده فعلاً من البلاد، ولنلقى الله قبل انتهاء هذه المدة وبهذا انحلت العقدة الثانية على وفق المراد في الحدود وغيرها.

على أن التواد والصداقة حاصلان من قبل، ولولا الغاشون .. أخذهم الله وانتصف منهم لما سمع أحد من ذلك شيئاً في غير الصداقة.

برقية من الملك للإمام

بتاريخ 2 رمضان (1352)

تلقينا برقية الأخ في سلخ شعبان 52 مساء اليوم الثاني من رمضان 1352 (1934م) وقد أحطت علماً بما تفضلتم من أن لا شقاق ولا عداوة بيننا، وأن القصد هو الائتلاف والمحبة، وترك ما يفرح الأعداء، ويحقق آمالهم، وإنا نشكر الأخ على بيانه الذي هو عين ما لدينا، ومقصدنا وغايتنا، وهو الذي ندين الله به.

ذكرتم أنه قد انحل من المطلوب عقدتان الأولى مسألة الأدارسة والثانية مسائل الحدود، التي اقترحتم فيها عقد معاهدة حُبِّيَّة سلمية دينية لمدة عشرين سنة تثبت فيها الحدود، ويكون لكل من الطرفين فيها البلاد التي تحت يده، ورجوتم أن تلقون الله قبل هذه المدة، ولا يكون بيننا أدنى خلاف.

إنا نشكر الأخ على اقتراحه هذا، وإنا نقبل ونؤيد اقتراحه، ونقبل أن تثبت الحدود بين الطرفين، ويكون لكل فريق ما تحت يده من البلاد، وأن تعقد بيننا وبينكم معاهدة صداقة، كما ذكرتم سلمية دينية لمدة عشرين سنة، هذا هو مرادنا، والذي نحبه عاجلاً وآجلاً، وبهذا تكون العقدتان قد انحلتا إن شاء الله تعالى، بمساعدة حضرتكم ونيتكم الصالحة، وبفضل الله ثم برجائنا سبحانه وتعالى أن تحل العقدة الثالثة بأحسن من العقدتين، وكذلك نرجو من الأخ التعجيل بحل المسألة الثالثة، ليمكن تعيين المندوبين لوضع صيغة الاتفاق النهائي الذي يفرح به كل مؤمن محب للإسلام والعرب.

********


 



[1]  كلام غير مفهوم في الأصل.

[2]  هكذا ورد التاريخ في الأصل.

[3]   الصحيح: برقيتينا.

[4]   المفروض أنها ردّ على البرقية المؤرخة في 12/8/1352هـ.

[5]  هكذا ورد التاريخ في الأصل، إذ لم يرسل الملك عبدالعزيز برقية في تاريخ 19/8/1352هـ.

[6]  الداعي، هو المكرمي، رئيس نجران الروحي.

[7]  هكذا وردت الكلمة في الأصل.