إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثالثة (تأسيس المملكة العربية السعودية)






السعودية في الوقت الحالي



المـــــــلاحــــــــق

تصعيد الأحداث والتعدي على بني مالك وإبراق الملك للإمام يحيى

 

برقية الملك عبدالعزيز إلى الإمام

بتاريخ 29/8/1352 (1933م)

أخي بلغنا اليوم خبر يكدر الخاطر، وهو أن فرقة من بني مالك هم آل خالد وآل مسلمة تخلفوا مع جماعتهم، وأنهم وصلوا إلى بعض موظفيكم، وقدموا لهم رهائن واتفقوا معهم، وأمدوهم ببعض الذخيرة، وقد أوجب هذا انزعاجنا، لأننا لم نفتح باباً لأحد بذلك، والآن آخر الأعذار انتهت، وإنه كلما طال الزمان يتولد مثل ذلك وأزود، فإن كان المقصود هو التطويل وتحريك الفساد فهو الذي نخشاه، ونرجو من الله الإعانة، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل.

وإن كان الأمر على ما وضحتموه لنا، كما هو أملنا بالله ثم بكم فنرجو إنفاذ أمرين:

الأول: تعريفنا بمسألة الحدود والمعاهدة عليها التي هي رأس كل شيء لحسم المواد.

الثاني: أن تمنعوا مأموريكم عن التدخل، وتسليم كل مفسد حسب المعاهدة بيننا وبينكم.

فإن كنتم تدعون أن الأمر غير صحيح، فنرجو أن تعطونا عهد الله وميثاقه وبالشرف الإسلامي العربي، أن هذا لم يكن ولا تدخلتم فيه، وأن تسرعوا بحسم المادتين اللتين هي مثار الخلاف، (الحدود) و(نجران).

لأنه لا فائدة من تأخيرها، وذلك حرصاً على السلم والعافية، ومخافة من وقوع ما نخشاه نحن وأنتم، فنرجو سرعة الإجابة الصريحة والله يحفظكم.

برقية جوابية من الإمام يحيى للملك

في 5 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 29/8/1352 (1933م) يوم الثلاثاء 2/9/1352 (1934م) من شأن (بني مالك) نعم، بلغ إلينا ذلك، والحقيقة لا أهمية له، فحكمهم حكم أهل المخلاف غاية الأمر التعويل على حضرتكم لتأمينهم وتسكين روعتهم، وتقرير أمورهم، فالخوف معهم من معرة الجيوش، وكان سبق إلى حضرتكم أن تتفضلوا بالتأكيد إلى أمير جيزان، لما به رفع فزع أهل البلاد، وترك تخويفهم وتهديدهم، ومع إمكان المراد باللين لا معنى للتخشين، فتفضلوا بالأمر بصونهم، ولا يكن لكم فكرة منهم، فليس لنا غرض، ولعل وجه المساعدة لهم من بعض أصحابنا، لما يرونه ويسمعونه من بعض أصحابكم من التصميم على العدوان والحرب، وعلى الجملة فلا يدخل بالكم ذلك، وقد بلغ إلينا ولا نبرأ من صحتها وعدمها.

إن كان زحف طائفة من جندكم إلى نجران واعتداؤهم على أصحابنا بضرب المدافع نرجو أن لا يكون لذلك صحة، الحاصل إنه لا إرادة لنا ولا غرض لأي شقاق بيننا وبين حضرتكم، ولا تغيير حال.

هذه البلاد على ما هي عليه يكون معلوماً، بل وترون تصل إلينا كتب ممن يريدون إضرام النار، ولم نجب عليها بنفي ولا إثبات والسلام.

برقية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 8 رمضان سنة 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 5/9/52 في مساء الثامن منه، وأحطنا علماً بما جاء فيها، ونسأل الله أن يَمُنَّ علينا وعليكم بالهدى والتوفيق، ويقينا وإياكم شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.

أخي: أحب أن أتكلم معكم كلام مسلم عربي، لا يحب الشقاق، ونبرأ إلى الله من الكذب والبهتان.

يتلخص ما جاء في برقية الأخ بأمور ثلاثة:

1- مسألة المخلاف.

2- مساعدة بعض أصحابكم لـ (بني مالك).

3- مسألة (نجران).

أمّا مسألة (المخلاف) فكان علينا ألاّ نرد عليكم بها، لأنها مسألة داخلية، لا دخل لنا بداخليتكم، كما أنه لا دخل لكم بداخليتنا ورعايانا ولكن نظراً لأنه سبق منا أن عرفنا الأخ تعريف أخ لأخيه من جهتكم نحب توضيح الواقع لكم.

أمّا أهل (المخلاف) فحاشا أن يكونوا قد جزعوا من الجنود المرسلة إليهم، أو تحدث في قلوبهم خوفاً، بل إنها إن شاء الله تؤمن خوفهم، وأقسم لكم بالله أني ما أتكلم معكم إلا كلاماً صحيحاً، إن أهل المخلاف جميعهم أحرص منا على المسألة إذا استثنينا الذين وصلوا إلى طرفكم، وطرف الإدريسي هذه الأيام، وما عدا الأشقياء من (آل خالد) من (بني مالك) الذين صار تحريكهم بسبب أصحاب حضرتكم كما ذكرتم.

وجميع أهل (المخلاف) لما سمعوا بالحركة اجتمعوا إلى أميرنا، وطلبوا العهد والميثاق أن النفس بالنفس والدم بالدم، ورجوه أن يعمل معهم عملين:

الأول: أخذ رهائن منهم، وذلك لم يكن من عادتنا، وإنما نزولاً على طلبهم قبل منهم رهائنهم.

الثاني: طلبوا نزول جند من قواتنا لمساعدتهم في الداخل والخارج.

هذه هي الحقيقة لا مرية فيها.

أمّا المسألة الثانية: وهي مسألة (آل خالد) ومساعدة أصحابكم لهم فهذه مسألة أسفتنا كثيراً وأحزنتنا إلى آخر درجة لأمرين:

1- أنَّا ما ظننا يصير أي سبب لأحد من عمالكم في ذلك، نظراً لما تكرر منكم إلينا من المواثيق والعهود، أما العذر عنهم بما وصلهم من الأراجيف فكان ينبغي ألا يكون، لأنه سبق أن عرفناكم بأراجيف كثيرة بلغتنا من جهتكم على جهتنا، فطمنتونا وقنعنا بأن لا صحة لها، فكان الواجب على الأخ وعماله أن يتركوا الأقوال ويثبتوا، وأن يثقوا بالله ثم بنا، كما وثقنا بالله ثم بكم.

والثاني: أن الأخ يحرضنا على مراعاة (أهل المخلاف) وعدم الحركة عليهم.

أخي: هذه نصيحة مقبولة، ولكنها كان يجب أن تكون من قبلكم لأصحابكم لأنهم أولى وأحرى إذ كانوا هم الذين حركوا الفتنة على الرعية، والحقيقة أن هذه مسألة وخيمة وليس لها عندنا حل إلا أمرين.

الأول: وثوقنا بالله ثم بكم، واعتمادنا عليه، ثم على الصدق بأننا ما عملنا ولا نعمل شيئاً ضدكم، يخفى عليكم، ويظهره الله اليوم أو بعده إن شاء الله.

الثاني: مخاصمتها وحلها عند الله ثم عندكم.

وأمّا مسألة الرعايا وتطمينهم فهذا حق واجب، وليس عندنا لهم إلا حكم الشريعة وما أنزل به القرآن، الأولى قوله تعالى: ]إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ[ الآية.... (سورة المائدة، الآية 33)

والثانية: ما قصه الله تعالى عن ذي القرنين، وهذا الذي نعمل به مع جميع رعاينا وليس عندنا من الحكم إلاّ ما أنزل به القرآن، وما جاءت به سنة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن أحسن كافأناه، ومن أساء فجرمه على نفسه، يبذل له النصح باللسان فإن أبى فليس له إلا السنان.

وأمّا مسألة ما حدث في (نجران) فأقسم لكم بالله الذي لا رب سواه أننا ما رضينا ولا علمنا ولا أمرنا، وأن جميع أمرائنا وقوادنا نؤكد عليهم ليلاً ونهاراً بمنع العدوان بالكلام فضلاً عن غيره.

وأن المسألة هي علينا أكبر مما هي عليكم لأمرين:

الأول: يأبى الله أن نعطى كلاماً ونخالفه بالفعل.

والثاني: حبنا في الراحة والسلام.

والحادثة وقعت كما عرفناكم، ولكن الابن فيصل وفقه الله عمل اللازم ووبخ الفاعلين وعاقبهم، وعزل الأمير، وأمر بحبسه.

وثقوا بالله الذي لا رب سواه أنه لا يأتيكم منا لا قليل ولا كثير يعلمه الله ويخفى عليكم من عذر، ولا من مكر، والله على ما نقول وكيل.

أخي: إن إلحاحنا عليكم للتعجيل في حسم المواد هو مخافة مما وقع لأن الاختلاف يقع الشر فيه من أحد شخصين، إما صاحب غرض ويحب الفتنة، أو من جاهل يريد الإصلاح فيعمل الفساد، فثقوا بالله من جهتنا، واحرصوا على سرعة حسم المواد لعل الله يدفع الشر بين المسلمين.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 6/9/1352 (1934م)

قد بلغنا ما كان، ونعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ، فهل بقي شيء من التأمل من الجهتين، حتى تنتهي المراجعات إن شاء الله، فلا ينبغي من أحد منا أن يتغافل عما يكون من أتباعه في الجانب الآخر.

فقد سبق لكم ما سبق مراراً متعددة، وأنه لا إرادة لنا في الشقاق ولا فيما يخالف الصداقة بيننا وبين الأخ العزيز، ولا نخرج عن هذه الطريقة إلا مكرهين، والله يجعل هذا الشهر قادماً علينا وعليكم بكل خير وأن يجعلنا ممن أدرك شهر رمضان فغفر له.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 9/9/1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المفيدة قبول ما أبرقناه إليكم في ربط المعاهدة عشرين سنة وفي الحدود، وفي الحقيقة فيما أبرقناه الوفاء بالغرض، وسيبقى الكلام في مسألة نجران والخشية معنا من انخداعكم للمكارمة، الذين أفدتم إلينا سابقاً أنه لا رابطة بينكم وبينهم لا دينية ولا دنيوية، وقد كان حدث تحركات في (نجران) فنرجو منكم منعكم الحركات إلى انتهاء المخابرة الودية كما أسلفنا إلى حضرتكم بتاريخ 6 رمضان 1352هـ والسلام.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 11 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 9 رمضان 1352 (1934م) مساء 11 منه ذكرتكم تحديد الحدود، ونحن عرفناكم بقبول ما ذكرناه للأخ جواباً على برقيته، أمّا مسألة نجران فقد عرفنا سيادتكم ببرقيتين بتاريخ 8 منه، والذي نؤكد لكم أن كل إنسان يعمل أي حادث يسبب مشكلاً بيننا وبينكم سنقاومه أعظم مما تقاومونه أنتم، لأنه لا يقدم على مثل ذلك إلا منافق يحب الشر بين الإسلام والمسلمين، ونراه من الأعداء.

أمّا مسألة (نجران) و(المكارمة) فقد أبدينا لكم ما يلزم، كونوا على ثقة أن أنظارنا لا تريد الأشخاص، والقبائل أو الولايات، وإنما أنظارنا مقتصرة على ما فيه المصلحة العامة وكف النزاع، ومنع الشقاق في العاجل والآجل.

هذه غايتنا ونجزم ونتيقن إن شاء الله أنها غايتكم أيضاً، لذلك نرجوكم حسم المواد حتى يحصل المطلوب من الراحة والسكون، وستجدوني إن شاء الله وفياً معكم وسنحمد إن شاء الله وإياكم عقبى السلام والأمان والراحة لا عدمنا بقاءكم.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 15رمضان

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 11 رمضان 1352 (1934م) وقد سبق إلى حضرتكم برقية مؤرخة 13 منه والمرجو من الأخ أن تكون الإفادة كما يليق بعالي قدره، وبما يحسن للأخوة والصداقة، وصالح الإسلام والمسلمين، وإرغام الأعداء والكافرين.

وليعلم الأخ أنه لا محذور قطعاً من قبضنا لزمام يام، والاستيلاء عليهم بل في ذلك مصلحة عامة وخاصة.

ومن المحال أن يحصل منا أدنى عدوان، وخصوصاً بعد المعاهدة الأخوية وأي محاورة قد حصلت في الحدود المتصلة بيننا وبين حضرتكم في هذه المدة الماضية فكيف يحصل بعد الآن في الحدود.

وعلى الجملة فالتعويل على حضرتكم وكريم خلقكم في الإفادة التي نتمناها ولا ضرر منها، ولا نفع في غيرها، ولا مصلحة في غير ما نؤمله ونرجوه لا دينية ولا دنيوية ولا سياسية.

ثم اعلموا عافاكم الله أنا لا نحول عن الصداقة، والمحافظة على الأخوة ما دمنا على الحياة، كما وعدنا حضرتكم مكرراً، ولا رحم الله من شوش أفكاركم وسعى لتغيير إفادتكم السابقة إلينا، ولا بد من المستأجرين، ومع كريم خلقكم، وطرحكم أقوال المستأجرين يحصل كل مراد، وتنتهي المحاورات في ظرف أربعة أيام والسلام.

برقية من الملك لأمير جازان

بتاريخ 17/9/1352 (1934م)

علمنا برقيتكم وكل عدو إن شاء الله معثور، ولا يتأسف غير فاعل السوء ولابد اطلعت على برقيتنا لـ( يحيى) وأنت خُذْ بالحزم والعزم، ولا تفتر همتك، فليس عليك والله قاصر.

الجند الذي عندك من (نجد) و(عسير) كثير ولله الحمد، والجند متواصل من (الرياض) إلى فيصل أوله عند فيصل والثاني في (بيشة) والثالث يمشي من (الرياض).

وتعرف أنَّ الأمور كلها بالله ثم بالحزم والعزم والهمة القوية، وأنتم اجمعوا جماعكم على الحدود واضبطوا أنفسكم عن التعدِّي، إلاّ إنْ هاجمكم أحد فلا حول ولا قوة إلا بالله، لا تهاجموا أحداً حتى يبدأكم بالهجوم، وأبشروا بأن الله خاذل إن شاء الله كُلَّ عدو.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 17 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقيتكم المؤرخة 51/9/1352 (1934م) بعد أن تلقينا برقيتكم المؤرخة 13 و15 منه الملحقة ببرقيتكم الأخيرة بشأن (نجران).

أما ما ذكرتموه من حرصكم على السلام وكبت الأعداء فهذا شيء نشكركم عليه واعتمادنا على الله، ثم عليه سابقاً ولاحقاً، أخبرناكم سابقاً أننا لا نأخذ أقوال الناس، وإنما نثق بالله ثم بكم، ولكن بعد ما صرحتم لنا بما فعل في جهلة (العبادل) و(بني مالك)، رأينا تفاوتاً عظيماً، بين ما ذكرتموه لنا سابقاً ووثقنا بالله ثم به، وبين ما أخبرتمونا به مؤخراً.

إن أخاكم والله المطلع ليس عنده قول أو عمل يخالف ما قد أبديناه لحضرتكم وقد أوجب الدهشة، ودعا للاستعداد للطوارئ، وهذا الذي نخشاه أن يفرط الأمر من اليد، فلا يهمنا (بني مالك) و(العبادل) إنما اعتمدنا على الله، ثم على الصداقة، وعلى عوائده الجميلة، نترك كل شيء ونعمل جهدنا في الإصلاح، فإذا ابتلينا أعاننا الله تعالى.

نرجع إلى ما ذكرتموه في مسألة (نجران) أخبرناكم أنه لا يوجد شفقة على توليه ولا نحب ذلك، إنما الشفقة على الراحة والإصلاح، وبما أن (نجران) موقعه في جهتنا مهم، ولا يمكن حله بسهولة، إلا بالنظر في المصلحة العائدة للطرفين، والأمر الذي يريح هو رأي أخيكم سداً للذريعة، وتقريباً للإصلاح أن نتعاقد وإياكم على المسألتين اللتين انتهينا منهما، وهما إبعاد الأدارسة، وتضمن جميع حركتكم من جهته على المحل المذكور، والثاني أن تبقى الحدود كما كانت بيننا وبينكم منذ دخولنا في هذا الطرف، ونعقد معاهدة ودية لمدة عشرين سنة، ويعلن ذلك في الجرائد والمجلات، وأن يبعد العساكر منا ومنكم عن الحدود والمحلات، لمنع الاشتباك وراحة الرعية، وأما مسألة نجران فتؤجل وينتدب مندوبون منا ومنكم عن الحدود، والكل يبدي المشكل الذي عنده، حتى يتوصل إلى حل سلمي، يحفظ مصلحتكم ومرادكم ويحفظ مصلحتنا ومرادنا، فهذا الذي يراه أخوك.

فإذا وافقتم على ذلك، فنرجو أن يتقرر شكلها مكتوبة بيننا وبينكم، ثم تكتبونها من جهتكم وتوقعونها، ونكتبها من جهتنا ونوقعها، وترسلونها لولدنا فيصل عن طريق نجلكم في صعدة، ونرسلها لنجلكم في (صعدة) عن طريق ولدنا فيصل، أو يقدم بها الوفد من جهتكم، أو يقدم بها الوفد من جهتنا، للمكان الذي نتفق عليه، وأعاهدكم بالله أنه ليس لأخيكم قصد إلا حل المشكل وأنه لا يأتيكم من قبلنا غدر ولا خيانة، إلا أبديه على واضح فأرجوكم الإسراع بالجواب على هذا والسلام.

برقية من الإمام للملك

بتاريخ 15 رمضان 1352 (1934م)

بعد تحرير البرقية بتاريخ 15 رمضان وصل الولد سيف الإسلام بعض البرنز رصاص المدفع الذي كان حارب أصحابنا به في نجران وأنه تقرر به تقرير محاربة جندكم في حرب عسكرنا الذي (بنجران).

وإن المدفع بان مع الجيش فوق الحصينة، وما له علم بما صار بيننا وبين حضرتكم من المراجعة.

وأفاد أيضاً أن جنودكم موجودة ببلاد يام، وأنه قد أمر بعزم بعض عسكر إلى حدود (بني مالك) و(فيفا).

وحالا كتبنا له تحذيراً عن الحادث، وأوضحنا له ما يدور بيننا وبين حضرتكم من المراجعة الودية، فأردنا بهذا إعلان حضرتكم لا يدخل ببالكم وكل أمر من جهتنا هو في اليد والسلام.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 17 رمضان 1352 (1934م)

أخي: وصلتنا برقيتكم المؤرخة 15 رمضان 52 منتصف ليلة 17 منه تذكرون فيها من قبل الجند الذي أرسل من نجلكم إلى جهة (فيفا) و(بني مالك) وأن هذا كان بعد حادث نجران أخي عافاكم الله إن هذا قد أخبرتكم به قبل مسألة نجران وقد أخبرتمونا أن بعض أصحابكم أرسل لـبني مالك ثم أخبرتمونا أنكم أرسلتم (للعبادل) أيضاً، وقد شرحنا لكم ببرقيتنا بتاريخ 17 منه ما يلزم.

والآن نزيدكم إيضاحاً بأننا نعوذ بالله ونبرأ إليه من الحرب وتبعتها، وإننا نحب السلم، ولكن سوق الجند من جهات وكتب الإدريسي التي تحرض الناس على الفتنة ليقع الأمر بيننا وبينكم، فلا يسعنا إزاء ذلك إلا الدفاع.

فإن كان لحضرتكم رغبة في الصلح والسلم فاعملوا عمله، أو يرجع الجند منا ومنكم لأماكنه، وتتم المراجعة بيننا وبينكم في الحال الذي يصلح للجميع وإن كان القصد الكلام بيننا وبينكم في مسألة (نجران) لا يحصل إلا من طريق التهديد فهذا لا ينتج أمراً صالحاً، ويحصل منه أمران:

1- تهيج خواطر العالم.

2- ما يخافكم حالتنا أننا ما نعطي السلم إلا مع السلم، وإنه إذا وقع التهديد فإننا نبذل فيه المال والنفس.

وإني أدخلكم على الله، ثم أدخلكم عليه، ثم أحملكم مسئولية الحرب، أمام الله، ثم أمام العالم عن الوقوع في هذا الشر الذي لا نؤمله من حضرتكم.

وقد سبق أن تركنا جميع ما يقال، ونحن نرى الحقيقة ونكذبها، وثوقاً بالله ثم بوعودكم وعهودكم.

فإن كان القصد من هذه الحركات نشوب الحرب فقد بلغ الأمر منتهاه، وإن كان القصد السلم فطريق السلم كما عرفناكم والله يحفظكم.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 15 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 8 رمضان 1352هـ/1934م وكذلك الثانية بالتاريخ المذكور وحمدنا الله على ما قد تم، فلا نكذبكم والإفادة عما كان في نجران وقد انحلت العقدتان الأدارسة والمعاهدة المشتملة على الحدود ولله الحمد، ولم يبق إلا ما أفاد به الأخ العزيز من ترك بلاد يام في الحياد، وذلك مشكل علينا مع كونها يمنية، ولا ولاية لأحد عليها، وليعلم الأخ العزيز أننا أحرص للمحافظة على السلم، خصوصاً بيننا وبينكم، وليس لنا إرادة لأقل أو أدنى عدوان وشقاق بيننا وبينكم، وراء أهل (المخلاف) وغيرهم ولا نقول فيها كما قلتم في نجران! بل نقول نحن من عونكم لتسكين روعتهم كما تحبون؟ وإنما الخشية معنا من انخداعكم للداعي وأعوانه الذي أنبأتم أنه ليس بينه وبينكم رابطة دينية، ولا طمع لحضرتكم فيهم، وفي قبضنا زمام يام نوع لما أشار إليه الأخ من حقن الدماء ومنع العدوان، بين (يام) وبين غيرهم.

فليتفضل الأخ حرسه الله بالإيضاح للنهاية، وهل سيكون سحب الجند من بلاد (يام) طوعاً أو كرهاً، مع عدم الموجب لذلك، موافقة لغرض (الداعي)[6] وأعوانه، أم سيرجح الأخ الصداقة بيننا وبين حضرتكم وإن كره الداعي وأعوانه، كما نرجح ونحب ونتمنى ذلك، وإن كان الأخ يسعى للسلم ورفع الأحقاد فنحن نهرول إليه هرولة.

وتفضلوا بسرعة الإفادة لحل هذه المادة الثالثة أحب الشقين.

وقد بلغ إلينا عزم بعض عسكر من رازح إلى العبادل؟ وبعد أن شاع مشاركة جندكم ويام في مهاجمة (نجران).

وقد كررنا ما يلزم، وعلى الجملة فلا ترون من جهتنا أدنى ميل إلى الشقاق وإنما يعمل بعض أصحابنا أعمال الدفاع لما يبلغ إليه من تبادل جيوشكم والسلام.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 17 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقيتكم المؤرخة 13 رمضان 52 ليلة 17 منه أمّا حبكم للسلم والراحة فنحن نحب ذلك مثلكم، وقد كررناه عليكم مراراً.

أمّا مسألة (نجران) فقد وضحنا لكم أمرها توضيحاً تاماً سابقاً ولاحقاً، وعلى الأخص من جهة الحركة الأخيرة التي صارت، وأخبرناكم أننا منعناها وأقسمنا لكم بالله أننا ما رضيناها ولا علمنا بها، ولكن ماذا نقول: إذا كان أصحابكم يحركون الفتنة في (بني مالك) وتسوقون جنداً عليه، وبعض أصحابكم يسيرون جنداً عليه، وبعض أصحابكم يسيرون جنداً من (رازح) على أطراف (العبادل) فهذا يعتبر أن الكلام ضاع، وأنكم قد أعلنتم الحرب وبدأتم به، وهذا الذي كان يحذرنا الناس منه، وكانوا يؤكدون لنا أنكم عازمون عليه، وأن الكلام الذي بيننا وبينكم مخادعة، ولكن ديننا وشيمتنا أبت علينا أن نقبل ذلك، وإنما قبلنا عهود الأخ ورضينا بالله رباً.

وجاء الفعل الأخير مصدقاً لما قاله الناس، ولم يبق في اليد حيلة فإن كان الأخ صادقاً في قوله فليمنع جيمع الحركات، وليبعد الجند إلى آخر درجة من الحدود. فإن كانت المراجعة ستكون وجندكم يمشي والإدريسي يكتب ويحرك، كما رأينا كتبه لأهل المقاطعة فهذا أمر لا يرضاه الله ولا تقبله النفوس الطيبة، فإن كان الأمر والقصد إغفالنا وأنتم عازمون على ما عزمتم عليه فلا نقول إلاّ (حسبنا الله ونعم الوكيل يا مالك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين).

برقية جوابية من الإمام للملك

بتاريخ 24رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ الثالثة المؤرخة 17/9/1352 (1934م) وحمدنا الله فقد آنسنا منها السلام، وعز الإسلام والمسلمين، ذلك ما كنا نبغي، والذي كنا نؤمله من حضرتكم وفي الحقيقة يا حضرة الأخ العزيز ما كان يوجب الحشد والتجهيز، وإنما هي نزعة شيطانية لا رحم الله من نزعها، وكلفكم وأغراكم، وعلى كل حال فنحن كما تحبون، ولا تجدون منا غير حسن الإخاء، في الشدة والرخاء، وحالا كتبنا إلى ولدنا سيف الإسلام، وأعلمناه بإفادتكم الكريمة، ومنعناه من كل حركة وعدوان وتجاوز، فتفضلوا بينوا وقت اجتماع المندوبين بـ(ميدي) أو غيرها حيث ما ترونه لربط المعاهدة الأخوية الدينية والدنيوية الشاملة لجميع الأطراف، وسيكون رفع كل الأجناد من لدينا ومن لدن حضرتكم، والتعويل على حضرتكم في العفو العام المطلق والتأمين الشريف الشامل لكل من تمايل إلينا من خوف معرة جيوشكم من (العبادل) و(بني مالك) ونحوهم لسكون روعتهم وزوال إفزاعهم، فهم في غاية الخوف والوجل.

وحين عودة كل هارب من (المخلاف) إلى مساكنهم، مع تطمينهم بالعفو والأمان، وإرجاعهم فيما كانوا فيه قبل الثورة الإدريسية لتسكن بذلك جميع الأمور، ولا يبقى للشيطان والعدوان مجال.

ولقد بلغ إلينا مالا نحكم بِصدقه، أن بعض أمرائكم أعلن بكفر العبادل واستحلال دمائهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، ومثل هذا لاحق بغي ولو فرضنا صحة ذلك.

وسيكون إن شاء الله توقيع المعاهدة، منا ومن حضرتكم، ونشرها في الجرائد كما ذكرتم، وسبحان الله ما أحلى نشرها لدى ذوي الديانات الإسلامية، وأكثر سرورهم، واستغرابهم وتعجبهم لذلك مما كانت تنسجه أيدي الافتراء.

وفضلاً وإحساناً وتطولاً وامتناناً، حسن نظركم في شأن (يام) وقد وضحنا لكم بما لا يبقى معه اشتباه، فلا شك ولا ريب في ارتفاع المحذور.

ولا خير في تأخير الكلام، في ذلك، وأساس تبدد المراجعات وإبقاء محل لتشويش الأفكار، وبذر الأشرار، ما يحصل معه إلا الشكوك والأوهام، ولا تنخدعوا (للداعي) فحقيقة أمورهم غير خافية على حضرتكم، ]لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلاً لولوا إليه وهم يجمحون[ (سورة التوبة، الآية 57)، ومن العجائب أن والي عدن أخبر قبل أمس السبت أنها وصلت برقية من (عدن) بأنه كانت المعاهدة بيننا وبين حضرتكم ويبارك لنا بذلك والسلام.

جواب الملك إلى الإمام

بتاريخ 25/9/1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 23/9/52 وسرنا ما قد أوضحتموه، وعلى الأخص ما رجوتم من كبت المفسدين، وإنا نرجو أن يكبت الله أعداء الدين ويعلي كلمته، قد سرنا أيضاً ما تفضلتم به من محبتكم حسن الإخاء في الشدة والرخاء، ولا غرو فأنتم أهل لذلك، وإن ما تفضلتم به أيضاً من إخبار نجلكم الكريم بمنع العدوان وطلبتم منا العفو عن المفسدين من (بني مالك) و(العبادل).

يعلم الأخ ولله الحمد أن العفو من شيمتنا، وقد سبق لعقلاء تلك الأطراف أن أخبرونا بالواقع، وطلبوا منا المحافظة التامة قبل أن يقع شيء.

ولكن وثوقاً بالله ثم بعهود الأخ ووعوده ما ألقينا بالا، هذا من جهة ومن جهة ثانية، لم نشأ أن يكون ذلك سبباً لاشتباك الشر، فمن أجل ذلك فإننا ممنونون، والجهال جهلهم على أنفسهم، وهم لا أهمية لهم، بحوله تعالى في أمر يرجى أو يخاف، إنما هم همج رعاع لا ينفعون من لجأوا إليه، ولا يضرون من تركوه، وكما قيل: من خان لك خان بك وإنما يكبرهم السمعة، وظهور التداخل بالشؤون الداخلية، الذي يفرح الأعداء ويشمئز منه صاحب الشرف. ومن أجل ذلك فنحن قد عفونا عما وقع من جهالهم وسفهائهم، فنرجوكم منع التدخل وإبعاد الذين أمدوهم من جماعتكم عنهم، حتى يكون للعفو محل وتزول الشبهة.

وبهذه المناسبة، نخبر الأخ أنه لما وقعت هذه الحوادث الأخيرة، أتتنا أخبار من عدن وغيره تنبئ فرحة الأعداء، وكآبة المحبين، وكان لذلك وقع سيئ في نجد حتى أشكل الأمر على أخيكم وساء الظن.

وكان ولدنا (سعود) ولي العهد سار إلى أبها على السيارات قبل وصول برقيتكم الأخيرة بثلاثة أيام، وكان تجهيز الابن (فيصل) من (الحجاز) ليسير بطريق الساحل، ببعض القوات التي عنده، ونبرأ إلى الله أن يكون ذلك منا حباً في الفتنة، أو حباً في التوغل في الحرب، وإنما هو محافظة على الغريزة، ومقابلة لتلك المفاجأة.

وبعد ورود برقيتكم الأخيرة تمكنا من إدراك سير الابن فيصل من الحجاز نظراً للمواصلات البرقية بيننا وبينه، وأرجعناه إلى محله.

وأمّا (سعود) فنظراً لعدم وجود مواصلات البرقية بيننا وبينه، لم نتمكن من إرجاعه، إذ يكون اليوم في (بيشة).

والحقيقة إن ما وقع أخيراً كان له وقع سيء، لا لأهميته، بل نأسف على الاختلاف الذي ظهر من الحصن العزيز الذي هو حضرتكم، إذ زعزع الثقة بالوعود التي كانت تصدر منكم، ولكن بعد ورود برقيتكم الأخيرة هدأت الخواطر، ورجونا أن تكون الأمور عادت إلى مجاريها القديمة، إن شاء الله، أما من قبل المندوبين فنحن نرحب بهم ويرى أخوكم أن يكون اجتماعهم في أبها لأمرين.

الأول:   نظراً لوجود ولي عهدنا فيها.

والثاني: لتوفر المواصلات في (أبها) مع الوفد.

فنرجوكم قبول اقتراحنا هذا، وتعيين الوقت الذي يصل فيه وفدكم حتى نعين فيه وفدنا لمقابلتهم، ونرجوكم تعجيل ذلك.

ثم نعرض لحضرتكم أمرين:

الأول: كونوا على ثقة بالله أن ما كنا عليه من حب السلم ظاهراً و باطناً لا نزال عليه، ولا نعلم أننا أمرنا بخلاف ذلك، ونبرأ إلى الله منه ما لم يقع مالا نعذر فيه، ونبرأ إلى الله من أن نأمر بأمْرٍ يخالف ذلك.

والثاني: إذا رأى حضرتكم أنه متى وقع المطلوب إن شاء الله من السلم والراحة كما نرجو، وترجون، فنرى أن ننتهز الفرصة بوجود الأخوين من أولياء العهد قريباً بعضهم من بعض، كي يجتمعان بعد ذلك للتعارف والتعاهد فيما بينهما من دون الشيب، ونرى أن هذه الفرصة من التوفيق إن شاء الله أمّا من جهة (يام) فقد وضحنا لحضرتكم سابقاً أنَّ (يام) ما تهمنا مسألتهم والمُهِمُّ حفظ المصالح وعدم الاختلاف عاجلاً وآجِلاً.

ورجاؤنا أن ذلك يحل بين المندوبين بما يرضي الجميع، وتطمئن به الخواطر إن شاء الله ونسأل الله أن يحفظنا وإياكم، ويعيذنا من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، ويؤيد الإسلام والمسلمين بحوله وقوته.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 24 رمضان 1352 (1934م)

في يومنا هذا وصل من ولدنا سيف الإسلام أنها تكاثرت الجيوش مع (يام) والمدافع، وهاجموا عسكرنا الذي في نجران بغاية الشدة، وكان ما كان ووصل من الولد عبدالله بن الوزير، من عبس أن جيوشكم لا زالت تتكاثر إلى (المخلاف) حتى تشوش الأفكار، وكنا أبرقنا إلى الولد عبدالله بن الوزير وأرسلنا كتاباً إلى سيف الإسلام بمعنى ما عرفناكم، وقد أكدنا ما كتبناه إليهم الآن، فتفضلوا بتأكيد الأمر إلى أمرائكم والسلام.

جواب الملك إلى الإمام

بتاريخ 25 رمضان 1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 24 رمضان سنة 1352 (1934م) الذي تذكر فيها ما وصلكم من نجلكم العزيز عن (نجران) ونؤكد عليكم من غير تكذيب للابن الكريم، أن ما وصله لا أصل له، لم تزيد القوة منذ أشهر ولا جندي واحد، ولا مدفع ولا شيء من القوة، ونحن لم تنقطع أوامرنا عنهم في الصباح وفي المساء بمنع أي عدوان.

وما ذكره عبدالله بن الوزير، فقد يكون له شيء من الصحة.

إذ إنه بعد أن وقعت حادثة (العبادل) وحوادث (بني مالك) لم يكن هناك بد من اتخاذ الأهبة للدفاع، فكان تقدم (الشويعر) إلى (صامطة) وبعض الجند إلى (المضايا).

وأمرنا بوضع قوة في (أبي عريش) وقوة في (الحسينية) كلها استعداد للطوارئ وحصل من ذلك في نجد رجة دعت قوى نجد للتحرك من أماكنها.

وكان الابن (سعود) قد تقدمها في السيارات، كما أخبرناكم ببرقيتنا البارحة، وكل ذلك قبل وصول برقيتكم الأخيرة المؤرخة 23/9/52 وبعد أن تلقيناها، أصدرنا الأوامر المشددة بتوقف كل حركة وتسكين الأمور لحد لا يعلم منتهاه إلا الله.

هذا الواقع شرحناه للأخ بكل جلاء ووضوح، وإننا نؤكد للأخ عهد الله وميثاقه، عهد مسلم عربي، أنه ما يكون منَّا أي اعتداءٍ، ولا يمكن أن نخالف الوعد الذي اتفقنا عليه مُؤَخَّراً وقد أكدنا على سائر الأمراء، فتفضلوا بالأمْرِ بإرجاع من وصل (بني مالك) من قبلكم.

وكذلك بتوقيف كل حركة على الحدود إلى أن تنتهي المشكلة التي نبرأ إلى الله من شرورها، ونحن لم نرسل الابن (سعود) إلا ليكون أشد في منع أي عدوان، وتجاوز يقع في أي جهة من الجهات، ويسعى في توطيد الصداقة بيننا وبينكم، فكونوا واثقين بالله من جهتنا.

ورجاؤنا أن تعجلوا أمركم لأمرائكم في الحدود بسحب ما بعثوا به لداخل بلادنا، كما نرجو تعجيل أمر المندوبين. ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم لحقن دماء المسلمين في هذه العشرة المباركة من رمضان والسلام.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 29 رمضان (1352)

تلقينا برقيتكم المؤرخة 25 و 26/9/1352 (1934م) وسرنا كل ما اشتملت عليه ولله الحمد والمنة، وعجبنا جداً لما رفعه ولدنا سيف الإسلام من خصوص الزحف على عسكرنا في (نجران) والضرب بالمدفع، وحصول القتل من الطرفين، حتى سَمَّى لنا بعض المقاتلين من الزحفين، وعلى كل حال فقد زال المحذور، وارتفعت إن شاء الله جميع الشرور.

ورغبة في موافقة اقتراحكم لا بأس من أن يكون اجتماع المندوبين في (أبها) كما ذكرتم، وقد رأينا أن يكون رأس المندوبين من لدينا الولد عبدالله بن الوزير وقد طلبناه إلينا، وسيعزم من هنا بعد عيد الإفطار، بطريق (صعدة) وسنعرفكم بيوم عزمه من صنعاء.

أخطرنا الآن برقياً إلى الولد عبدالله بن الوزير أن يخطر من بمعيته بالوقوف المطلق، ومنع كل حركة، وكتبنا إلى ولدنا سيف الإسلام بمعنى ما أشرتم إليه أن يرسل من لديه من (بني مالك) و(العبادل) ومن إليهم من يسكن روعتهم، ويعلمهم أنه قد كان من حضرتكم العفو المطلق، والأمان الكامل، وتفضلوا بإرسال رقم العفو والأمان، إلى ولدنا لإطابة نفس المحدثين، فهم في وجل عظيم، خصوصاً من إحاطة جندكم بهم، ولا لوم عليهم، مع ما كان منهم وإحاطة الأجناد بهم، وعلى كل حال فلم يبق غير حسن النظر في جبر خواطرهم، ورفع خيفتهم وعودهم إليكم بسلام، ويدنا ويدكم الآن واحدة، ولا التفات إلى كل ما حدث من الأشرار، ولابد من التعويل على حضرتكم في شأن بلاد (يام) وقد أوضحنا لكم ما تطيب به النفوس، وفيما بين (يام) وبين المحاددين لهم من القبائل كما عرفناكم سابقاً بما تحبون، إن شاء الله.

نعم عافاكم الله بعد كتابة هذا وصل من ولدنا أنه بلغ إليه وصول أربعة (مواتر) إلى (نجران) ولا نظن صدق الناقل إلى ولدنا، مع ما أكدتم من المنع وتفضلوا بعطف النظر إلى معرفة الحقائق والسلام.

 

الوفد اليمني:

آخر ما تم التوصل إليه، وأوضحته البرقيات المتبادلة، من الوجهة السياسية الموافقة على وفدين سعودي ويمني يكون اجتماعهما في أبها للنظر في المواضيع المعلقة وهي:

موضوع نجران ـ الحدود ـ معاهدة لمدة عشرين سنة ـ كف التدخل.

وكما مر، من قبْل، في برقية الإمام الأخيرة والمؤرخة 29رمضان سنة 52 (1934م)، وأن رئيس وفده عبدالله بن الوزير.

وبعد عيد الفطر توجه الوفد اليمني من (صنعا) صوب صعدة للاجتماع بولي عهد اليمن والتشاور معه.

وأشعر الملك برقياً بتحركه من صنعا فأمر بتأليف الوفد السعودي المفاوض على الوجه الآتي:

1-   فؤاد حمزة.

2-   الشيخ عبدالله بن زاحم.

3-   تركي بن ماضي.

4-  عبدالوهاب أبو ملحة.

5-  دليم بن محمد بن دليم.

وأمر أحد أعضاء الوفد السعودي الشيخ تركي بن ماضي بالتوجه إلى (ظهران) الجنوب لانتظار الوفد واستقباله ولمرافقته إلى (أبها).

وصل الوفد اليمني إلى ظهران الجنوب، واستقبل استقبالاً لائقاً، وبعد الاستراحة والاستجمام، استقل السيارات المنتظرة للتوجه بهم إلى أبها، يرافقهم عضو الوفد السعودي تركي بن ماضي، وقد أخذ منذ أن استقبلهم في دراسة نفسية رئيس الوفد اليمني عبدالله بن الوزير وسَبَرَ غور شخصيته، وقد سجل انطباعاته وخلاصة ملاحظاته الشخصية عنه بقوله: (كان كعادته يتظاهر بالقوة والشجاعة، ويضع الأمور في غير موضعها، وكان متغطرساً متكبراً ... ومع ذلك فليس عنده إخلاص للملكين، ويُرَشَّحُ نفسه لولاية اليمن. وقد سبق لي به معرفة، قبل هذه الآونة وذلك حينما انتدبه الإمام لمفاوضتنا في صنعا عام 1346 (1928م)، ولم يكن انتدابه إلا دليلاً على عدم حسن النية من حكومته).

وصول الوفد إلى أبها:

كان الوفد اليمني يتألف من أشخاص متوارين تحت شخصية ابن الوزير، وكأن الإمام نفسه قصد ذلك، فهو لم يُشِرْ في برقيته إلى الملك المؤرخة 29/9/1352 (1934م) بتعيين الوفد إلى أسمائهم فهو يقول (رأس المندوبين من لدينا الولد عبدالله بن الوزير) بدون أن يوضح أسماء أولئك المندوبين كما عمل عندما أرسل الوفد في 3 شعبان سنة 1346 (1928م) فقد سمى وفده فرداً فرداً.

وصل الوفد مدينة أبها في يوم 2 ذي القعدة فاستقبل الاستقبال اللائق وأنزل في المنزل المريح.

وعقد الاجتماع الأول التمهيدي ولم يتعد الترحيب والمجاملة والأحاديث العامة حول مُهِمَّة الوفدين، بوجه الإجمال وسَبَرَ غور نفسية كل طرف للآخر وانفضت الجلسة، وعلى أثر ذلك أبرق الوفد السعودي لجلالة الملك هذه البرقية:

2/11/52 ـ جلالة الملك المعظم.

اجتمعنا بالوفد اليمني للسلام والترحيب، فكان الحديث عاماً بشأن الاتفاق، وإن عملنا لغاية واحدة، عزة الإسلام والعرب، ولم نبحث معهم اليوم بشيء بغية راحتهم، ربما يكون الاجتماع بهم غداً، وقد طلبوا عمل تجربة لفتح المخابرة باللاسلكي بين (أبها) و(صنعا) تسهيلاً لتبادل البرقيات، وسنجري ذلك حسب طلبهم. (ثم تواقيع أعضاء الوفد).

جواب جلالته على الوفد السعودي

علمنا باجتماعكم، ونرجو أن يتم الله ما فيه الخير، وما دام أن هناك سبيلاً للسلم فلا تذخرون جميع جهودكم في سبيل الوصول إليه، ما لم يتعد الحد، ويكون هناك ما ضرره أكبر من نفعه، وبالله ثم بكم الكفاية، وجميع ما عندي أبلغتكم به من قبل، أسأل الله أن يوفقكم للخير.

الاجتماع الثاني:

في يوم 5/11/1352 (1934م) عقد الاجتماع الثاني بين الوفدين، ودارت المناقشة، وكان رئيس الوقد اليمني عبدالله بن الوزير متوتر الأعصاب، مسرفاً في تفوهاته، وأخيراً رفض البحث في موضوع (نَجْرَان) وتمسك الوفد السعودي بضرورة البحث في تلك القضية، وانفض المجلس دون نتيجة.

وبخروج الوفد السعودي اجتمع في مقر (فؤاد حمزة) وبعد التداول رفع لجلالة الملك بالنتيجة ثم تلاها بالبرقية الآتية بتوقيع فؤاد حمزة:

جلالة الملك:

رفعنا لجلالتكم برقية من الوفد عن جلستنا اليوم، وأوضحنا لجلالتكم أننا وجدنا من ابن الوزير حِدَّةً زائدة، وقد ظهرت هذه الحدةُ منذ دخلوا حدودنا، فقد كانوا في الطريق يظهرون الغطرسة والعظمة، ويذكرون قوة الإمام يحيى، وأنه اشترى كذا وكذا من المدافع والرشاشات، وأنه، وأنه إلخ وأشاعوا في اليمن أنكم تنازلتم عن (نجران) و(يام) وقد أظهر من الحدة في جلستنا فوق المعروف، وكان يقوم ويقعد متظاهراً أنه يريد الانسحاب من الجلسة، وإنِّي أنتظر إرشاد جلالتكم فيما ترونه، وغداً إن شاء الله يتبين لنا الموقف أكثر من أمس.

فأجابهم جلالته بالبرقية الآتية

بتاريخ 7/11/52 (1934م)

اطلعنا على ما كان بيننا وبين الوفد اليمني، وأن ما أظهره ابن الوزير من الحماقة لم يكن فَألاً حسنا للمستقبل، وأنتم سيروا معهم سيراً حسناً موافقاً قابلوا اللين بمثله، والشدة بمثلها ولكن بأدَبٍ، وأخبروهم بأن الشدة لا تضر يَحْيَى ولا تُذِلُّنا، وإنما تعرقل المساعي السلمية، وإن كان المقصود من قدومهم الصلاح وحفظ الحقوق فذلك المطلوب، وإن كان الأمر غير ذلك فلا يأسف إلا فاعل السُّوْءِ، والعاقبة للمتقين، أملي في إصلاحهم ضعيف كذلك حالا أمرت جنودي بالاستعداد، فإن حصل الصلاح فالاستعداد ما به نقص، وإن كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله. أما السلم فنحن نحبه ونقدمه على كل شيء.

توالي الجلسات:

وتوالت الجلسات بين الوفدين، وكان ابن الوزير في تحامل على فؤاد حمزة تحاملاً شخصياً، ولا يتجاوب مع أعضاء الوفد السعودي في اقتصار البحث على المواد التي كانت موضع الحوار بين العاهلين، وهي (الحدود) ورفع التعدي على الأقسام التي احتلتها الجيوش المتوكلية، وموضوع (نجران)، وإبرام معاهدة أخوية دينية سياسية بين البلدين، مما كان هو الغاية في اجتماع الوفدين، كما نصت عليه البرقيات المتبادلة، وكان ابن الوزير يصر إصراراً قاطعاً على عدم البحث في موضوع (نجران) أو انسحاب جيشهم منه، والوفد يرفع بدوره ما كان في كل جلسة من تلك الجلسات التي تدور في حلقة مفرغة نتيجة لعدم التجاوب من الوفد الإمامي وبالأخَصِّ في موضوع (نجران).

وكما كان الوفد السعودي يرفع بما دار في كل جلسة، كان الوفد الإمامي بدوره يرفع للإمام.

وبتاريخ 17ذي القعدة سنة 1352 (1934م) ورد للوفد السعودي الرسالة الآتية:

وفدنا الكريم في أبها – مكة المكرمة في 17/11/52 (1934م)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أشرفنا على برقية الإمام يحيى لرئيس وفده التي زعم فيها أنَّ مسألة (نجران) خلصت بيننا وبينه، وقد سمعنا في بعض برقياته لنا بعض الألفاظ التي فيها كذلك.

وقد تركنا الجدال معه منعاً للنزاع، ورجاء أنه باجتماع الوفد يُحلّ كل شيء مشكل، وبناء على ما أخبرتمونا به من كلام الوفد في جلساتكم السابقة، وبناء على ما رأيناه في برقية الإمام يحيى الأخيرة للوفد ظهر لنا أن الأمر على غير ما نظن، لذلك أحببت أن أوضح لكم ما عندي بصراحة.

أمّا دعوى أنَّ بيني وبين الإمام يحيي كلاماً يبيح له التعدِّي على (نجران) فحاشا وكَلاَّ، وليس هناك غير البرقيتين اللتين تعلمونها وعندكم نصها، ومضمون الأولى أنها جواباً على برقية وردتنا من (يحيى) حينما قدم وفد (نجران) على (ابن مساعد) و(ابن عسكر) في أبها فسأل سؤالا أجمل فيه بذكر (يام) ولم يخصص، فتطْمِيناً لخاطره أجبناه بتلك البرقية ولم يخطر لنا أنه يريد أن يتعدَّى بأيِّ عدوان أو أية حركة على (نجران).

وقد أفدناه أننا لا نحب المداخلة في (يام) سوى (نجران) ومداخلتنا في (نجران) لا للتولي عليها إنما هي أمور قديمة من آبائنا وأجدادنا عليهم، وأن لا يكون منهم حركة تحدث على أطراف العربان المجاورين لهم ولا يكون عليهم حركة تضرهم، وهذا معنى البرقية ونصها عندكم.

وقد وردتنا برقية يستزيدنا إيضاحاً في المسألة فأجبناه ليكون مطمئن الخاطر، وأنَّ العمل بيننا وبينه في مسألة (نجران) هو على ما كان بين مندوبيه وبين مندوبنا[7] السابقين (ابن دليم) و(ابن ماضي) في عام 1346هـ ونص تلك البرقية عندكم.

ومعنى ذلك أن مندوبينا حين بينوا الحدود وذكروا أن من (وائلة) وجنوباً لـ (يحيى) ومنها شمالاً لنا.

والدليل الأعظم على تابعية (نجران) لنا في السابق واللاحق، الكتب الموجودة بينهم وبين آبائنا وأجدادنا، وسيرتنا معهم.

وكذلك لما جرى منهم بعض العدوان هاجمهم (الإخوان) في (بدر) فلم يعترض الإمام على ذلك.

أيضاً ومن زمان (الدرعية) إلى الآن يجري من (أهل نجران) وعليهم حوادث من أهل (نجد) ولم يعترض عليها أحد لا من (الترك) من قبل ولا من (الإمام يحيى) من بعد.

وأنَّ (باديتهم) منذ ولانا الله (نجد) ثم (عسير) من بعده، ونحن نأخذ الزكاة منهم، فهذا دليل واضح مثل الشمس.

الثاني: أنَّ الإمام (يحيى) لمّا قاتل (عبس) و(الزرانيق) لم يستفتنا لأنهم رعيته، ولكن سألنا عن (يام) لأنهم محسوبون علينا.

ونحن ظننا أن استفتاءه لنا بشأنهم، استفتاء الأخ لأخيه، ولم نظن أن وراء الغطاء شيئاً مخبوءاً، وأن هناك أمراً يُدَبَّرُ بليل.

ثم أرسلنا له وفداً لحل المشكل، وليس بخاف عليكم حالة وفدنا في (صنعا) ثم طلب منا الإمام (يحيى) بعض الإيضاح، وأخبرناه بأن الذي عندنا ثلاث مسائل:

الأولى: مسألة الحدود.

والثانية: مسألة الأدارسة لتسليمهم، أو إبعادهم عن الحدود.

وكان منه بعض الاستفهام في المسألة واقتراح بأن تكون المعاهدة بيننا وبينه لعشرين سنة، وأن تحدد الحدود بيننا وبينه فقبلنا اقتراحه، واقترح علينا أن يبعد الأدارسة إلى (زبيد) فقبلنا ذلك أيضاً. واقترحنا عليه أن تكون (نجران) محايدة بيننا وبينه، فمن ذلك الوقت إلى الأن لم يحصل أي قرار بشأن (نجران).

وهذا دليل واضح أن المسألة لم تَنْتَه، ولا يمكن أن تنتهي إلاّ بالمساواة والإنصاف بيننا وبينه، ومع أنه قد صار (في الفخ أكبر من العصفور). وهي اعتداؤهم على الجبال، فقد أَهَنَّا أنفسنا ورَدَعْنَا جندنا حبّاً في السلم والعافية لأن ذلك من رغبتنا.

ونظراً لما أبداه حضرته في برقياته بأنه يحب ذلك، ولديكم من الوثائق والمعلومات التي أخبرناكم بها من قبل أمور كثيرة ما نحب نذكرها في هذه البرقية.

إن الذي أثبته لكم وآمركم به، هو أن تجتهدوا في الإصلاح، وأشهد الله وملائكته أني أحب ذلك، فلو أفدي بالشيء الكثير، ما لم يمس الشرف أو يضطرنا على أمر ضرره علينا في العاجل والآجل أكثر من نفعه، ولعنة الله على الكاذبين. وقد أحببت أن أخبركم بهذه الصراحة، لأن هذا أول ما عندي وآخر ما عندي للإمام (يحيى) وآخر ما عندي لكم.

وعندما استلم الوفد السعودي البرقية اغتنم أول جلسة عقدت، وقرأ برقية جلالته على الوفد اليمني حرفياً، لم تسعفه الحيرة بجواب، وبعد صمت، أعقبه استفاقة، طلب رئيس الوفد اليمني صورة البرقية فأجابه رئيس الوفد السعودي بأنه وزملاءه سيفكرون في طلبهم، ورَانَ الصمتُ من جديد قطعه الوفد السعودي بقوله: هل تقبلون باقتراحنا الأول بشأن (نجران).

الوفد اليمني: لا.

الوفد السعودي: إذا أنتم تصرون على التمسك (بنجران) فهل تعلمون بأن ذلك يؤدي إلى الحرب لا محالة.

الوفد اليمني: إننا أوضحنا ما عندنا وفي اعتقادنا أننا لم نُخطئ، وما تحملنا مشقة السفر إلاّ لاعتقادنا أن المسألة منتهية.

الوفد السعودي: ليس عندنا إلا ما أخبرناكم به.

الوفد اليمني: سوف نرفع للإمام بما تم.

وانفضت الجلسة، وانصرف كل إلى (نُزله).

رفع الوفد اليمني للإمام بالواقع وما وصلت إليه المفاوضة، وما قرئ عليه في رسالة الملك إلى الوفد حول القضايا التي انتدب لها، وبالأخص حول (نجران) وإنما يظهر أنه لم يتلق أي تعليمات جديدة تُطَري الموقف، وتَلِين من جفافه، أو ترطب من قسوته، فظل متوقفاً لا يَريم عن موقفه المتصلب في سلبية وتحجر.

واتصل الإمام بالملك برقياً، ويظهر أن هذا الاتصال نتيجة لما رفعه وفده وقد أجابه الملك بالبرقية الآتية:

في 6/12/1352 (1934م) سيادة الأخ الإمام يحيى.

تلقينا برقية الأخ المؤرخة غرة ذي الحجة 1352 (1934م)، إنا نأسف لما وصل إليه الموقف بسبب الخلاف والتطويل، الذي حدث مما لا يتحمله غيرنا، وقد سبق أن أخبرناكم بما فهمناه بأن رغبتكم في المطاولة بغية تعجيزنا وإملالنا كما ذكر بعض رجالكم، وقد نفيتم ذلك بالقول، وكانت النتيجة بقبولنا وصبرنا أن ألحقت (الجبال) بـ (نجران).

ثم تذكرون بأنكم توفون معنا بالعهود، وأنكم لم تقبلوا أعداءنا، وأنكم تعاملوننا معاملة الأخ لأخيه، والصديق لصديقه، وهذا كلام مع مقارنته بالأفعال التي فعلت أيدت يأسنا، وتقرر عندنا أنَّ الأمر دُبِّر بليل، ما دامت الأقوال تنقضها الأفعال.

فالجبال قد أخذت بعد العهد، والأدارسة بعد الوعد برفعهم مدوا وساعدوا لعمل الفتنة، فلم يبق ما نرجوه من الصلاح.

والحقيقة أننا نحن الجناة على أنفسنا، أهملنا أهل (نجران) ثم لَبَّثْنَاهم عن العمل، ومنعنا المساعدة لهم رجاء التفاهم.

وكذا أهملنا أهل (فيفا) و(الجبال) وأوقفنا إمدادهم، طلباً للسلم إلى أن وقع ما وقع، وبعد هذا كله، وبعد أن أعْيَتْنَا جميع المراجعات والمكاتبات واستنفدنا سائر الوسائل السلمية الممكنة، لم يبق لنا إلا أنْ نخبر حضرتكم بالصراحة التي نراها واجبة علينا، وكرامة لحضرتكم عن الخداع بأننا توكلنا على الله، واستمددناه من حوله وقوته، على أداء الواجب الذي يحفظ أمانتنا ويؤمن رعايانا، ويصون شرفنا، وأمرنا بالدفاع لإنقاذ بلادنا.

وقد أحببنا إحاطة حضرتكم بهذا العزم لتكونوا على بينة منه، وباب السلم مفتوح إذا أردتموه، وليس عندنا غير ما طلبناه في السابق وهو:

أولاً: إخلاء (الجبال) وإطلاق رهائنهم، وترك أمرهم مِنَّا إليهم وتحديد الحدود بيننا وبينكم بمعاهدة.

ثانياً: إبعاد الأدارسة بالمحل المقرر.

ثالثاً: المساومة بـ (نجران) بأيّ حال من الأحوال.

   وإن الأعمال التي سنعملها إن شاء الله من الدفاع عن شرفنا لا يمنع السلم ونحن معذورون فيها.

   وقد تقدمت الجنود متوكلة على الله، والتوفيق بيد الله.

برقية جوابية من الإمام يحيى للملك

بتاريخ 10/12/1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 6/12/52 في يوم عرفة، ونشكر الأخ للإفصاح بتوجه أجناده علينا، فنقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل)، وإنَّا مع ذلك سنلتزم السكون، راجين تلافي الأخ للسلم والصداقة خائفين من دسائس وأطماع الأجانب، ولم يكن هناك اختلاف في شيء قطعاً غير ما عرفناكم.

(يلاحظ أن الإدريسي كانت إقامته في موضع يسمى "زهب حجر" شرق بلدة حرض اليمنية قرب حدودنا الجنوبية، فتم الاتفاق بنقله إلى مدينة "زبيد" في الداخل والتي تبعد عن حدودنا نحو خمسمائة كيل تقريباً، في حال أن الإمام هنا يفيد أنه أمر برفعه من الشرقية إلى "صعدة" والمسافة بين "زبيد" التهامية، وجبالنا الشرقية وصعدة لا تقل عن سبعمائة كيل تقريباً).

إنّا أمرنا برفع الإدريسي من الجبال إلى صعدة وكان آخر ما عرفناكم من تعويل أهل الجبال علينا لتأمينهم، ولما كان بـ (نجران).

أمّا وعدنا لكم من إرجاع (الجبال) وإطلاق الرهائن، ورفع الأدارسة كما تراجعنا به والمعاهدة لعشرين عاماً وإبقاء الحدود كما هي عليه، فهذا نحن ملزمون به إلى الآن مع الإنصاف في بلاد (يام).

وتأملت ملاحيقه لما كتبناه إليكم من اعترافكم بأنه لا أخوة لكم في كل بلاد (يام) فلابد نوافيكم بعد هذا بلفظ برقيتكم، فلعلكم سهوتم عن ذلك.

ولا والله ما نريد المطاولة ولا الشقاق، ولكن كم ترون على أخيكم مالا ترونه على أنفسكم، وتنسبون إلينا نقض العهود والله المستعان، أيّ عهد نقضناه، فتداركوا الأمور عافاكم الله، فإنه لا خير للإسلام والمسلمين ولا لنا ولا لكم في الشقاق بيننا والسلام عليكم.

حرر هذا في يوم عيد الأضحى الأكبر أعاده الله علينا وعليكم بالخير.

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 10/12/1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 10 منه أمّا شكر الأخ لنا على الإفصاح وإخباركم بتوجه جنودنا، فيأبى الله أن يكون عندنا غير الإفصاح في جميع أقوالنا وأفعالنا.

وأمّا قولكم: (حسبنا الله ونعم الوكيل) ونحن نقول: (حسبنا الله ونعم الوكيل) على المعتدي منَّا، المتجاوز على الحدود، ونرجو من الله من كان قصده الإصلاح والعافية أن يؤيّده وينصره، ومن قصده الشقاق منا وأنْ يعمل بالباطل غير عمله بالظاهر ـ أن يجعل كيده في نحره، ويكفي المسلمين شره ويشمت به الأعداء.

وأمّا السلم، فأشهد الله وملائكته أني أحب السلم مع جميع الخلق ومعكم خصوصاً، مثل ما أحب السلم مع والدي عبدالرحمن.

فأمّا خوفكم من دسائس الأجانب، فنحن ولله الحمد أحرص منكم على ذلك ولدينا شاهد قوي، وهو لمّا كان مندوب حكومة بريطانيا يفاضوكم رأينا تعديكم وتجاوزكم على حدودنا ورعايانا تركنا مقابلتكم بالمثل، حتى تخلصوا معهم لئلا يقال: إنها دسيسة أجنبية، فهذا أكبر شاهد لنا.

وأمّا الخيانة في العهد، فهذا مثل الشمس، انظر في برقيتكم دخلتم الجبال وأرسلتم الإدريسي ليبث الدسائس والفتن، بعد قبولكم رفع الإدريسي وعمل معاهدة عشرين سنة بيننا وبينكم، فهذا شاهد لنا أكبر من الجبال على نقض العهد، وذلك دخولكم بلادنا بعد الاتفاق، ونحن تأخرنا عن العدوان بمثله لما رأينا مفاوضتكم الانكليز.

أمّا الآن، فأهل الجبال رعايانا، وليس لكم حق بالمداخلة في شأنها بأي وجه من الوجوه، إلاّ أن تكونوا محتلين محاربين.

فأمّا أمانهم فقد أعطيناكم الأمان عليهم، والآن نعطيكم أمان الله، وعهد الله، أن ما يأتيهم منَّا مثقال حبة خردلٍ جزاء ما فات، إلا إن عملوا فيما بَعْدُ أمْراً مخالفاً، والله واحد، ومن غدر في العهد الأول، غدر في العهد الثاني.

فإن كنتم تريدون السلم والعافية بيننا وبينكم، فأقول لكم:

المسألة الأولى: رفع جنودكم والإدريسي حالاً في ظرف أيام قليلة من الجبال وأطرافها، ويكون الإدريسي في المحل الذي تقرر بيننا وبينكم وتخلون الجبال، وتطلقون سراح مشائخهم ورهائنهم ونعطيكم عهد الله وأمانه، أننا ما ندخل الجبال حتى يأتيهم من ولدنا سعود كتاب عهد وميثاق.

المسألة الثانية: مسألة نجران، اختاروا فيها مسألتين، إما أن يكون محايداً بيننا وبينكم، كما عرفناكم سابقاً، وإما أن يكون ما بأيديكم من أهل نجران ويام بلادهم ورؤوسهم لكم وما كان تحت أيدينا من أهل (نجران) و(يام) بلادهم ورؤوسهم لنا، وتعطونا عهد الله على هذا، أو توقف الأمور، وأوضح لكم ما تقدم حتى لا يكون مجالاً للفرض والتأويل، إن قصدي من ذلك، أن وادي نجران الذي أهله تحت أيدينا لنا، والذي تحت أيديكم لكم، أما هدادة وبدر وحبونا فهذه لنا، وليس فيها كلام قطعاً.

فإنْ كان هناك إنصاف فهذا الإنصاف، وإن كان غير ذلك فلا حول ولا قوة إلا بالله، فقد عذرنا، ولعنة الله على من يحب الحرب أو يثيرها.

ونرجو أن يكون هذا العيد المبارك فيه الصلاح والفلاح، وأن يعيده علينا وعليكم بعز الإسلام والمسلمين، وإصلاح ذات بيننا وبينكم، ونرجو الإسراع في الجواب، والبتَّ فيما ذكرنا لكم قبل حصول ما لا يمكن تلافيه والسلام.

برقية من الإمام يحيى إلى الملك

بتاريخ 11/12/52 (1934م)

أوضحوا لنا ما هو الذي ترونه في أمر بلاد (يام) مع كلية الإنصاف؟

برقية جوابية من الملك إلى الإمام

بتاريخ 11/12/52 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 11 منه وتطلبون منا الإيضاح بشأن بلاد يام، وقد عرفناكم سابقاً أن يكون محايداً بيننا وبينكم، وأن تكود بلاد يام التي تحت أيديكم في السابق لكم، والذي تحت أيدينا في السابق لنا، مثل (هدادة) و(بدر) و(حُبونا) وهذا ما ذكرناه لكم في السابق، إذا صار نجران محايداً.

ولكننا نوضح لكم مسألة (هدادة) و(بدر) و(حبونا) لأن (بدر) بأيدينا من سابق منذ دخول الإخوان ومعاهدتهم معنا، وكذا (حُبُونا) وعمدتنا القرار الذي كان بين مندوبيكم ومندوبينا ابن دليم وابن ماضي عام 1346 (1928م)، وذلك ما كان من (وائلة) وشمالاً فهو لنا، وما كان من (وائلة) وجنوباً فهو لكم، وهذا الذي كنا نعتمد عليه في السابق واللاحق.

ولمّا جرى الاختلاف، وكان من تعديكم على (نجران) طلبنا بالقرار المتقدم بيننا وبينكم، واقترحنا أن يكون (نجران) محايداً، مع العلم أن (بدر) و(حبونا) و(هدادة) تكون على حال السابق لأنها بأيدينا وهذا الذي نقصده من ذلك، إذا حصل قبولكم الحياد في (نجران) كما أنَّ (وائلة) وغيرها من (يام) تكون بأيديكم لأن الاشتراك في نفس (نجران) قد يقع اختلاف فيه، لذا أحببنا حياده لأنه أقرب للتفاهم وأضمن لحسن السيرة.

وحيث أنكم أصررتم على احتلال (نجران) وتفاقم الأمر، وكرهنا ذلك، وحبّاً للصلح والسلام، اقترحنا أنكم إذا لم توافقوا على حياد نفس (نجران) يكون من تحت أيديكم من أهل بادية وحاضرة لكم، ورؤسهم وبلادهم، ومن كان تحت أيدينا من أهله حاضرة وبادية يكونون لنا برؤوسهم وبلادهم، هذا هو التوضيح الذي عرفناكم به أخيراً، فنرجوكم التدقيق فيه، وإبعاد التأويل عنه والإسراع بالرد بكلام واضح لينفصم الأمر، وينقضي المشكل الذي عرفناكم به أخيراً.

ونرجو الله أن ينصر دينه، ويعلي كلمته، ويكبت أعداء الدين، ويحقن دماء المسلمين، وأن يُخْزِي كل عدو للدين.

فإذا عزمتم على المسألة بـ (نجران) بإحدى الفئتين التي ذكرناها لكم على السلم والراحة والتفكير في جميع ما يؤمن ذلك، فنرجوكم حالاً إخلاء الجبال وإطلاق الرهائن، وعدم المداخلة في شأن الجبال، وإبعاد الإدريسي إلى المكان الذي اتفقنا عليه، ونحن نعطيكم عهد الله وأمانه لا نغدر بهم وأن نجتهد بالإصلاح بكل ما نتمكن عليه، وأن الأمان الذي أعطيناكم إياه لا يختلف عنه.

على أنَّ أهل الجبال ولله الحمد هم معنا الآن على أحسن حال، وقد عرفوا منزلة أنفسهم وحالهم منا في السابق، ولولا خشية إيقاع جنودكم بهم وإننا تركناهم في السابق، ولم نمدهم، لأظهروا ما في أنفسهم بالفعل من الميل نحونا، نرجوكم التعجيل بالجواب بالصراحة والسرعة لنتمكن من تغيير خطة جندنا وإيقافهم نسأل الله أن يوفقنا وإياكم للخير.

فأجاب الإمام يحيى ببرقية مضمونها (إنكم قد تنازلتم عن يام ونجران في برقية سابقة).

فأجابه الملك بالبرقية

المؤرخة في 13ذي الحجة 1352 (1934م)

تلقينا برقيتكم المؤرخة 13/12/1352 (1934م) ونفيدكم خلاصة عن الحقيقة لأن التطويل لا فائدة فيه، أمّا (يام) وحالتنا وإياكم فيه، فليس عندنا زيادة على ما عرفناكم فيه، والصلح عليه والحرب عليه، ولم نَرَ من سبب لتعليل حضرتكم إلا التطويل في المسائل، لإدراك عمل ما فات، أمّا طلبكم منا أن نطلب البرقيات من مدير البرق فنحمد الله أن أشغالنا مضبوطة لا إهمال فيها وجميع البرقيات التي بيننا وبينكم موجودة لا نكرر منها شيئاً، وإذا قدر الله الاختلاف بيننا وبينكم، سننشر ما كان بيننا وبينكم في العالم الإسلامي بغير زيادة ولا نقصان، والكلام يطول ويعرض، وإذا تأملتم برقياتنا بهذا الشأن وجدتموها على الدوام مذكور فيها أنَّ العمل بيننا وبينكم مسألتان:

الأولى: على يد مندوبينا محمد بن دليم وتركي بن ماضي ورفقاهم، فهذا لا نتغير عنه.

والثاني: ما عُقِدَ وتَمَّ في المؤتمر الذي انعقد أيام حوادث (الْعُرّ). فهل غير ذلك العقدين شيئاً؟

أمّا اختصار الأمر في برقيتنا التي أشرتم إليها، فليس القصد منه إلا أن وفدنا كان مقدماً إليكم لحل مشكل (نجران) وغيرها، وقد أوضحنا لكم ما عندهم وما عندنا، ولكنهم لم يلقوا منكم قبول، وقد حجزتموهم لديكم إلى أن أمضيتم أمركم في (نجران) فهل عندكم بشأن (نجران) و(يام) أحد أمرين.

1- إمّا معاهدة تقضي بأن (يام) و(نجران) لكم.

2- أو أنكم أخبرتمونا حين تحرككم على (نجران) فأجزنا عملكم.

فهذه هي الحقيقة، وهذا هو المعول عليه، من جهة (يام) و(نجران) فليتفكر حضرتكم في الأمر، ولينظر من الذي تجاوز الحد على العهود في (نجران) و(الجبال).

هذا ردنا على برقيتكم، وأفكارنا قد أولتموها، والحقيقة التي عليها المعول هو ما أبرقناه لكم مؤخراً ببرقيتنا بتاريخ 11/12/1352 (1934م) فتأملوها عافاكم الله.

كما أبرق له البرقية بتاريخ 17/12/1352 (1934م) بشأن ابن الوزير.

برقية من الإمام إلى الملك

بتاريخ 17/12/1352 (1934م)

تلقينا برقية الأخ المؤرخة 17/12/52 وإنما أردنا بوصول السيد عبدالله بن الوزير إلى حضرتكم ليكون منه إليه من المراجعة ما نراه للعرض عليكم، والتفاهم الكامل، ولا بأس بهذا يا حضرة الملك لمدة يسيرة إن كان الوفاق، وإلاّ فلا يفوت عليكم شيء، والأناة من الله، والعجلة من الشيطان والسلام عليكم.

وقد أجاب عليه الملك بالبرقية الآتية

بتاريخ 17/12/52 (1934م)

تلقينا برقية الأخ بتاريخ 17/12/52 يُلِحَّ الأخ بوصول السيد ابن الوزير إلينا ويطلب أن تطول المدة مدة يسيرة.

أخي إن هذا موجب للأسف، وقد صار الشك يقيناً، وأيَّد سُوء القصد وإنكم تريدون إتمام إعمالكم السابقة، فلا ابن الوزير ولا غيره من كبير أو صغير يحل المشكل بدون أن ينفذ المطلب الذي طلبناه، وهو فرض علينا إدراكه، ولا يمكن تركه، فإن كنتم تحبون الإنصاف والصلح والسلم وحقن الدماء فلا يكون إلا به، ونحن لم نطلب شططاً، ولم نطلب إلا حقاً تجاوزتم عليه، إن العهود التي بيننا وبينكم أيام قدم إليكم ابن دليم وابن ماضي، ونقضتم معاهدة (الْعُرِّ) التي عاهدتمونا عليها، ثم نقضتم العهد الذي بيننا وبينكم في تحديد الحدود، وعمل المعاهدة لمدة عشرين سنة، ولم يكن لهذه العهود من جواب إلا استيلائكم على (فيفا) و(بني مالك) و(العبادل) وتقديم الإدريسي يشتغل بالفساد، وقد أشرفنا على كتاب منه لـ (محمد بن حمود) صاحب "الحسينية" وغيره يحثُّهم فيه على الفتنة، ويهددهم ويوعدهم.

إن مطلبنا الذي طلبناه منكم يقره كل منصف يخاف الله تعالى، طلبنا منكم تسحبون جنودكم من بلادنا التي دخلتموها بعد العهد بيننا وبينكم، وأن تطلقوا رهائن أهلها، وأن لا تدخلوا في شؤونهم، وقد أعطيناكم الأمان الذي طلبتموه لهم، وعفونا عنهم، ولم نعاتبهم على ما فات منهم، لأنهم معذورون إذ طلبوا النجدة منا لرد عدوانكم فلم نُجِبْهُم لاستعبادنا أن يقع ذلك منكم علينا.

ثانياً: طلبنا منكم الإنصاف في (نجران) واقترحنا أن يكون محايداً بيننا وبينكم، وأن يكون ما بجنوبه من البلدان لكم، وما بشماله من البلدان أن يكون لنا مثل (بدر) و(هدادة) و(حُبُونا) وما بينهما، فإن كنتم لا توافقون على حياده فاقترحنا أن يكون من تحت أيديكم من أهل (نجران) لكم هم وبلدانهم، ومن كان تحت أيدينا من أهل نجران هم وبلادهم لنا، وهذا عدا ما هو واقع جنوب (نجران) أن يكون لكم، وما هو شمال (نجران) مثل (هدادة) و(بدر) و(حُبُونا) فهو لنا كما تقدم، وإني أكرر هذا الطلب، وأنا على خير رجاء بالنجاح، لأن المعاملة التي عاملتمونا بها آيستنا من النجاح، ولكن توضيحاً للحقيقة، وبراءة للذمة.

أمّا إيقاف العمل بغير شيء ظاهر واضح غير قابل للتأويل مستعجل فوق العادة، ليس بالإمكان، لأن الأمر قد فرط، وباب السلم مفتوح إذا عزمتم على إتمام ما كان تقرر بيننا، وقد مضى علينا عدة أشهر، والعدوان يتمادى علينا، ولم تُجْدِنا جميع المراجعات فائدة، فلم يكن لنا مندوحة عن الدفاع الذي أمرنا به.

أمّا ابن الوزير، فهو تحت أمركم، إن أردتم رجوعه إليكم رجع، وإن أردتم بقاءه في أبها بقى، وإن أردتم قدومه إلينا يقدم، وهو ولد كريم بين جماعته ورفاقته وأمره إليكم.

أمّا المراجعة والتعليل والتطويل، فلا فائدة ولا نجاح لها، والمسؤولية أمام الله ثم الرعية ثم أمام الناس، على من تسبب وماطل عافاكم الله.


 



[1]  كلام غير مفهوم في الأصل.

[2]  هكذا ورد التاريخ في الأصل.

[3]   الصحيح: برقيتينا.

[4]   المفروض أنها ردّ على البرقية المؤرخة في 12/8/1352هـ.

[5]  هكذا ورد التاريخ في الأصل، إذ لم يرسل الملك عبدالعزيز برقية في تاريخ 19/8/1352هـ.

[6]  الداعي، هو المكرمي، رئيس نجران الروحي.

[7]  هكذا وردت الكلمة في الأصل.