إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثالثة (تأسيس المملكة العربية السعودية)






السعودية في الوقت الحالي



الفصل الثاني

الفصل الثاني

معالجة بعض المشاكل الداخلية

 

تخلص الأمير عبدالعزيز بن سعود من خصمه اللدود، عبدالعزيز بن متعب بن رشيد، كما استطاع أن يخرج الترك من القصيم، فتفرغ لمعالجة بعض القضايا والمشاكل الداخلية. وكان أهمها:

1. تمرد فيصل الدويش، زعيم مطير، ومحالفته ابن رشيد

تمرد بعض رجالات قبيلة مطير على ابن سعود، وتحالفوا على كلٌّ من فيصل الدويش، ونايف بن هذال، من رؤساء عشائر مطير، أمير بريدة، محمد بن عبدالله أبا الخيل، على أن يكونوا من أنصار ابن رشيد، ضد ابن سعود. وراح الأمير عبدالعزيز بن سعود يستنجد برئيس قبيلة عتيبة، محمد بن هندي بن حميد، عدو شمر ومطير وابن رشيد معاً. وتحقق من خيانة أمير بريدة، من رسالة، وجدت مع رجل قتله رجاله، بعد أن ارتابوا في أمره، كتبها محمد أبا الخيل إلى سلطان الحمود بن رشيد، يعاهده على الوقوف ضد ابن سعود. وآثر الأمير عبدالعزيز، أن يبدأ بتأديب فيصل الدويش. فخرج من بريدة، واجتمع إلى عربان عتيبة، عند الجعلة. وهجموا، بغتة، على الدويش، في جهة سدير، فلاذ بالمجمعة، التي كان أهلها تابعين لابن رشيد، فدهمهم ابن سعود بقواته، في داخل البلدة وخارجها، وكان ذلك في 23 ربيع الأول عام 1325هـ/7 مايو 1907م. وقُتل عدد كبير من مطير ومن أهل المجمعة. واستولى ابن سعود على إبلهم. فطلب فيصل الدويش، ومن معه من مطير، الأمان، فأمّنهم ابن سعود، ودخلوا في طاعته.

2. خروج أمير بريدة على الأمير عبدالعزيز، ومحالفته مع ابن رشيد والدويش

نكث أمير بريدة، محمد بن عبدالله أبا الخيل، عهده مع الأمير عبدالعزيز. واتفق مع أمير حائل، سلطان الحمود بن رشيد، على أن يكونا يداً واحدة عليه. ودعا سلطان الحمود للقدوم إليه في بريدة، وأوهموه أن عنيزة ستنضم إليه، كذلك. وازداد قوة بقدوم فيصل الدويش، زعيم قبيلة مطير إليه، الذي عاهده على الوقوف معه.

وسارع الأمير عبدالعزيز بن سعود في التحرك إلى القصيم. ووصل عنيزة، التي هب أهلها إليه، في منتصف شعبان 1325هـ/24 سبتمبر 1907م. وخرج بجموعه لمهاجمة سلطان بن رشيد، في بريدة. وحصلت مناوشات، لم تسفر عن دخول ابن سعود البلدة. وأقبل فيصل الدويش، يناصر ابن رشيد وأبا الخيل. فتصدى له ابن سعود، وهزمه، وطارد فلوله حتى بلدة الطرفية، التي كان يخيم بها، واستولى على معسكره. وسار ابن رشيد وأبا الخيل، مع فلول فيصل الدويش، إلى مهاجمة الأمير عبدالعزيز، في الطرفية، فهزمهم، وعادوا مخذولين إلى بريدة، وتشتت شملهم. وبعد ذلك، عاد سلطان الحمود بن رشيد إلى حائل. ورجع الأمير ابن سعود إلى الرياض.

وحانت الفرصة للأمير عبدالعزيز ابن سعود، حينما طلب أهل بريدة منه التوجه إليهم، بسبب استيائهم من أميرهم، أبا الخيل. ولما وصل الأمير عبدالعزيز إلى القصيم، أرسل أهل بريدة مندوباً عنهم يخبره أن الجو مهيأ لدخوله البلدة، وأنهم في انتظاره، مع أذان صلاة العشاء، ليلة 20 ربيع الثاني 1326هـ/23 مايو 1908م، عند البوابة الشمالية. ولما وصل إلى هناك، فتحوا البوابة، ودخل أتباعه بريدة، وحاصروا أميرها، محمد بن عبدالله أبا الخيل. واستسلم للأمير عبدالعزيز، بعد أن أعطاه الأمان، وتركه يذهب حيث يشاء، فرحل إلى العراق. وعين مكانه أحمد السديري. وبعد عام، عين عليها عبدالله بن جلوي. وبذلك، زالت إمارة آل مهنا على بريدة.

3. خروج أحفاد سعود بن فيصل على الأمير عبدالعزيز بن سعود

في عام 1328هـ/1910م، خرج، من الرياض، أحفاد الإمام سعود بن فيصل بن تركي، وهم أبناء عم الأمير عبدالعزيز بن سعود، مغاضبينه، واستولوا على بلدة الخرج، ولم يتمكنوا من الاستيلاء على قصرها. فجمع الأمير عبدالعزيز قواته وسار إليهم. فغادروا الإقليم إلى بلدة الحريق، حيث استولوا عليها، بمعونة زعيمها الهزاني. وبينما هو يعالج هذه الفتنة، بلغه أن شريف مكة، الحسين بن علي، تقدم بقواته، وبجموع من قبيلة عتيبة، غازياً نجداً، ووصل إلى القويعية. فأجّل ابن سعود حسم فتنة أبناء عمه، ريثما يفرغ من التعامل مع الشريف. وترك في الخرج بعضاً من مقاتليه، بقيادة فهد بن معمر، للدفاع عنها، وغادرها لمواجهة الشريف.

4. حملة الشريف حسين بن علي، على نجد

تقدم الشريف حسين بن علي، أمير مكة، نحو منطقة نجد، بأمر من الدولة العثمانية، وقيل بمبادرة منه، ليخلص نجداً من حكم ابن سعود. وقيل، أيضاً، أنه جاء بناء على طلب من بعض أهلها. وأرسل الأمير عبدالعزيز أخاه، سعد بن عبدالرحمن، إلى قبيلة عتيبة، في جهة القويعية، يستحثها على الانضمام إليه. فأسره أعوان شريف مكة، قرب بلدة الشعراء. وتحرك الشريف بقواته إلى عالية نجد. وعسكر في بلدة نِفِي. وأخذ يراسل أهالي عنيزة، يذكرهم بصِلاتهم بأسلافه، ويحثهم على الانضمام إليه. فردوا عليه أن للأمير عبدالعزيز بن سعود بيعة في أعناقهم. ووصل الأمير عبدالعزيز بن سعود إلى السر، ومنها انطلق إلى نِفِي. وبعث برسالة إلى الشريف حسين، يدعوه إلى العودة من حيث أتى، وإلا فإنه سيهاجمه. كما كتب إلى محمد بن هندي، زعيم برقا عتيبة، يحمله تبعة مجيء الشريف إلى نجد، ومسؤولية أسر أخيه، سعد بن عبدالرحمن، ويحذره من وخامة عدم إطلاقه. واتضح للشريف حسين، أن الموقف ليس في مصلحته. فأرسل الشريف خالد بن منصور بن لؤي مندوباً عنه إلى الأمير عبدالعزيز[1]، يعرض عليه شروطه، ومنها أن يعترف الأمير عبدالعزيز بسيادة الدولة العثمانية، وأن يدفع مبلغ ستة آلاف ريال مجيدي، سنوياً، عن إقليم القصيم. وتمكن الشريف خالد بن لؤي من إقناع الأمير عبدالعزيز، بأن نيات الشريف حسنة، وأنه لا يريد أكثر من اعتراف اسمي بتبعيته للدولة العثمانية؛ وتعهده بدفع مبلغ من المال، سنوياً، وأن هذا التعهد يحسن صورة الشريف أمام الدولة العثمانية، ويثبت لها أنه قام بعمل ما في مصلحتها. ويلاحظ أن هذه الشروط، هي نفسها التي عرضها متصرف الأحساء العثماني، على الإمام عبدالرحمن الفيصل، عام 1308هـ/1890م. واتفق الطرفان على تلك الشروط، وأطلق سعد بن عبدالرحمن. وغادر الشريف إلى الحجاز. ورجع ابن سعود إلى عنيزة، في رمضان 1328هـ/سبتمبر1910م.

وباشر، بعد ذلك، استكمال معالجة مشكلة أحفاد الإمام سعود بن فيصل، في بلدة الحريق، ومعهم الهزازنة. فهجم أتباعه عليهم، واحتلوا بلدة الحريق، وهرب منها الهزازنة، نحو الأفلاج، حيث قضي عليهم، عام 1329هـ/1911م. وأما أحفاد سعود بن فيصل، فتفرقوا، وذهب قسم منهم إلى البحرين، وبعضهم توجه إلى الحجاز، واتخذوا منها منطلقاً لتحركاتهم ضد الأميرعبدالعزيز، مما أدى إلى توتر العلاقة بينه وبين الشريف.



[1] هذا هو الذي قاد جيش ابن سعود من الأخوان ودخل بهم مكة كما سيأتي ذكره.