إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / الدولة السعودية الثالثة (تأسيس المملكة العربية السعودية)






السعودية في الوقت الحالي



الفصل الرابع

الفصل الرابع

ضم حائل

 

1. الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، يتخذ لقب سلطان نجد

في صيف عام 1339هـ/1921م، عقد مؤتمر، في القاهرة، برئاسة وزير الخارجية البريطاني، يومذاك، ونستون تشرشل Sir Winston Churchill ، تقرر فيه تنصيب الأمير فيصل بن الحسين بن علي، ملكاً على العراق. وفي خطوة مقابلة، عقد مؤتمر، في الرياض، حضره العلماء والرؤساء، من أهل نجد، وقرروا أن يتخذ حاكم نجد، الأمير عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومن يخلفه، لقب "سلطان". وكتب الأمير عبدالعزيز كتاباً إلى المفوض السامي البريطاني، يخبره بذلك، ويرجو أن يكون ذلك مستحسناً لدى الحكومة البريطانية. وكانت الحكومة البريطانية، قد أرسلت، في الوقت عينه، كتاباً إلى الأمير عبدالعزيز، تخبره بأنه تقرر انتخاب الأمير فيصل بن الحسين، ملكاً على العراق، وترجو أن يكون ذلك مستحسناً لديه. فأجاب الأمير عبدالعزيز، أنه مسرور بذلك، بشرط ألا يكون في هذا الأمر إجحاف بحقوق نجد، أو ضرر بمصالحها. واعترفت الحكومة البريطانية، في 27 من ذي الحجة 1339هـ/2 سبتمبر 1921م، لابن سعود، ومن يخلفه من ذريته، بلقب "سلطان نجد".

2. ضم حائل

الوضع في حائل، قبيل دخول السلطان عبدالعزيز إليها

لم تستقر الأمور في إمارة جبل شمر، بعد مقتل عبدالعزيز بن متعب بن رشيد، في موقعة روضة مهنا، في ليلة 17 صفر 1324هـ/13 أبريل 1906م. فقد تولى الإمارة، بعده، ابنه، متعب بن عبدالعزيز بن رشيد، الذي حاول تحسين علاقته بالأمير عبدالعزيز بن سعود. وجرى بينهما اتفاق على أن تكون المناطق، الواقعة شمال القصيم، تحت إمارة ابن رشيد، وما عداها من مناطق نجد، تحت حكم ابن سعود. وبعد رحيل القوات العثمانية من القصيم، قام أبناء حمود العبيد بن رشيد، وهم: سلطان وسعود وفيصل، باغتيال الأمير متعب بن عبدالعزيز بن رشيد، وأخويه، مشعل ومحمد، بعد أن استدرجوهم إلى رحلة صيد، خارج حائل. وتولى سلطان الحمود بن عبيد بن رشيد الأمور، في حائل، في أواخر عام 1325هـ/1908م. ولكن آل سبهان ،زاملاً وحموداً وسعوداً، تمكنوا من الخروج من حائل، بابن أختهم، الأمير سعود بن عبدالعزيز بن متعب بن رشيد، الابن الرابع لعبدالعزيز بن متعب، الذي كان دون العاشرة من عمره، ووصلوا إلى المدينة المنورة.

وساءت العلاقة بين الأمير سلطان الحمود بن رشيد وأخيه، سعود الحمود، فخرج منها يريد الجوف. ولكن سعوداً أدركه في الطريق، فقيده واقتاده إلى القصر، ثم قتله، في جمادى الأولى عام 1326هـ/ يونيه 1908م، بعد أن مكث في الإمارة سبعة أشهر. وقد أثارت هذه الأعمال نقمة أهالي حائل على أبناء عبيد بن رشيد، فارتحل عدد من هؤلاء السكان إلى الحجاز. واستطاع آل سبهان، ومن حالفهم، تولي مقاليد الأمور في الإمارة. وقتلوا سعود بن حمود بن عبيد بن رشيد. وحكم حمود بن سبهان، ثم زامل بن سبهان، باسم الأمير سعود بن عبدالعزيز بن متعب بن رشيد، في شعبان 1326هـ/سبتمبر 1908م. وكان لوالدة الأمير سعود، فاطمة السبهان، دور كبير في تسيير الأمور، في إمارة الجبل.

ولكن لم تستتب الأمور في هذه الإمارة. فقد قام عبدالله بن طلال باغتيال الأمير سعود بن عبدالعزيز، في شهر رجب 1338هـ/مارس 1920م، وسرعان ما أُردي هو نفسه على يد عبد، تابع لعبدالله بن متعب بن عبدالعزيز، ليخلو له الجو، أميراً على حائل.

الحملات السعودية على حائل، والاستيلاء عليها

وفي هذه الفترة، كان عبدالعزيز بن سعود، سلطان نجد، قد وحد جزءاً كبيراً من شبه الجزيرة العربية، يشمل نجداً وإقليم الأحساء، عدا جبل شمر، ومنطقة الجوف وما يليها من المناطق الشمالية. وقد استغل السلطان عبدالعزيز النزاع، الذي حصل بين البيت الرشيدي، والهزيمة التي لحقت بالدولة العثمانية، التي تساعد ابن رشيد بالمال والسلاح ـ في الحرب العالمية الأولى. وتعزز نفوذه في الجزيرة، بعد معركة تربة، التي جرت في 25 من شهر شعبان لسنة 1337هـ/25 مايو 1919م، وسيرد ذكرها بعد قليل، وأيضاً، بعد نجاح الحملة على عسير عام 1338هـ/1920م. فأرسل، في رمضان عام 1339هـ/مايو 1921م، وهو في القصيم، جيشاً بقيادة ابنه، الأمير سعود بن عبدالعزيز، ليهاجم قبائل شمر، الموالية لابن رشيد. وكان ذلك الجيش مكوناً من جموع قبائل عتيبة ومطير وحرب، وكثير من أهل الحاضرة. وأمر السلطان عبدالعزيز، أيضاً، أخاه، محمد بن عبدالرحمن، أن يسير بقوة أخرى، ليحاصر حائل. وأمر ابنه، الأمير فيصل بن عبدالعزيز، أن يسير بقوة ثالثة، تزحف على حائل، لتحاصرها من جهة أخرى.

وضربت تلك القوات الحصار على حائل، بعد أن شتتت، وهي في طريقها إليها، شمل بعض قبائل شمر. ولما طال الحصار، أرسل أهلها وفداً، ليفاوض السلطان عبدالعزيز، الموجود في بريدة. ولكن الوفد فشل في مهمته، إذ أراد السلطان عبدالعزيز استسلام حائل، دون شروط، وعزم على القضاء على إمارة آل رشيد. وقال يخاطب الوفد: "اعلموا، يا أهل حائل أن الرئاسة القائمة فيكم، بين عبد وامرأة، لا تدوم[1]. واعلموا أن أموركم، لا تستقيم، ما زالت تحت تلك الرئاسة". وقال: "وما زالت أموركم كذلك، ما زال الشقاق ومازالت الفتن، وهذا مضرّ بكم وبنا ومضرّ بنجد، وبأهل نجد وشمر. عليكم أن تدخلوا في ما دخل فيه أهالي نجد، لتنجوا من سيادة العبيد والمرأة، وتريحونا وتريحوا أنفسكم من ويلات الحرب. شروطي، الآن، هي أن تسلموا إليّ شوكة الحرب، وعائلة آل رشيد. فيكون، إذ ذاك، لكم ما لنا، وعليكم ما علينا. وإذا رفضتم ذلك، فاعلموا أني زاحف إليكم بنفسي، بعد ثلاثة أشهر". فقال الوفد: "سنعرض هذا الشرط على من له الأمر هناك. فإن قبلوا، فذلك خير. وإن رفضوا، فأنت بريء الذمة".

ولكن أهل حائل، رفضوا شروط السلطان عبدالعزيز. وحدثت مناوشات بينهم وبين جيش ابن سعود، الذي كان يقوده الأمير سعود بن عبدالعزيز، بعد استدعاء السلطان لأخيه، محمد، إلى القصيم.

وفي هذه الأثناء، وصل محمد بن طلال بن رشيد، من الجوف. ودخل حائل، ليساعد على الدفاع عنها. ولكن عبدالله بن متعب، توجس منه خيفة، وداخله الشك في أنه يسعى إلى الاستيلاء على الإمارة من يده. ففر من البلدة، والتجأ إلى الأمير سعود بن عبدالعزيز، الذي عاد إلى الرياض، بناء على تعليمات من والده، بسبب القيظ، وقلة المرعى، مصطحباً عبدالله بن متعب.

وعاد السلطان عبدالعزيز، أيضاً، إلى الرياض. وأمر فيصل الدويش بالزحف إلى حائل، ومحاصرتها، إلى أن يحضر إليه هو بنفسه. ونزل الدويش برجاله في الجثامية، خارج حائل. وعسكر، في مقابله، أميرها محمد بن طلال بن رشيد، في النيصية. ومشى السلطان عبدالعزيز بن سعود، بقواته، من الحاضرة ومن الإخوان، بعد عيد الأضحى عام 1339هـ /16 أغسطس 1921م.

وبعد وصوله في 4 محرم 1340هـ/8 سبتمبر 1921م، إلى المنطقة، اجتمع بقواده ورؤساء قومه، وتشاور معهم في كيفية الهجوم وموعد تنفيذه. وخطط تخطيطاً جيداً للهجوم على محمد بن طلال، وأنصاره، المتمركزين في النيصية. وأرسل السلطان عبدالعزيز فئات من الإخوان، ليلاً، ليلتف على ابن طلال، ويقطع عليه خط الرجعة إلى حائل. ومع الفجر، بدأ هجوم جيش ابن سعود، من جميع الجهات، مستخدماً المدافع في المعركة. وقتل عدد من جيش ابن رشيد، وتشتتت صفوفهم. ففر محمد بن طلال، وأكثر رجاله، نحو جبل أجا، ومنه إلى حائل، ليتحصن بها. وتعقبه ابن سعود. وتقدمت فرقة من قواته، وتمركزت في جبل أجا. وأحاطت فرق أخرى بالبلدة. وأرسل السلطان عبدالعزيز بن سعود إلى أهالي حائل، يطلب منهم الاستسلام. فجاءه الجواب بقبول التسليم، بشرط أن يبقى محمد بن طلال أميراً عليهم. وكتب الأمير محمد بن طلال إلى بريطانيا، يطلب وساطتها بينه وبين ابن سعود. ولكن ابن سعود، رفض ذلك. وبعد حصار، دام خمسة وخمسين يوماً، تنكر الأهالي لأميرهم، وقرروا، بزعامة إبراهيم بن سالم سبهان، تسليم المدينة للقوات السعودية. وفتحوا أبواب الحصون الخارجية لسرايا ابن سعود. وسقطت حائل. وأمن السلطان عبدالعزيز الناس، على أرواحهم وأموالهم. واستسلم محمد بن طلال بن رشيد، الذي كان متحصناً بقصر برزان، بعد أن أعطاه السلطان عبدالعزيز الأمان، في 29 صفر 1340هـ/ 31 أكتوبر 1921م.

وعين السلطان عبدالعزيز إبراهيم بن سالم بن سبهان، أميراً على حائل. ثم أحل محله عبدالعزيز بن مساعد بن جلوي، وذلك في رمضان 1342هـ/أبريل 1924م.

وكانت حائل قد عانت كثيراً الحصار الطويل. وانقطعت عنها القوافل، التي كانت تأتيها بالمؤن، من العراق والكويت. ولكن السلطان عبدالعزيز، أكرم أهلها وأشفق عليهم. فأمدهم بالمؤن والطعام واللباس. ثم اصطحب السلطان محمد بن طلال، وبقية أفراد آل رشيد، إلى الرياض، حيث كانوا معززين مكرمين. وهكذا، وبعد مرور أكثر من عشرين عاماً على انطلاقة التوحيد، من الرياض، عام 1319هـ/1902م، كان سلطان نجد، قد قطع شوطاً طويلاً على طريق الوحدة، التي اكتملت بتوحيد الحجاز.

 



[1] ويقصد بذلك أن أولياء الأمر في حائل هم العبيد، والمرأة هي فاطمة السبهان، القابضة على زمام بيت المال، وهي رئيسة الخزينة ولها سلطة ونفوذ.