إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / فتوحات طارق بن زياد






الفتوحات في أيبيريا
فتح الأندلس
فتح المسلمين للأندلس
فتح العرب للمغرب (أ)
فتح العرب للمغرب (ب)



ثالثاً: فتح الأندلس (انظر خريطة فتح لأندلس)

ثالثاً: فتح الأندلس (انظر خريطة فتح لأندلس)

أ. خط سير الحملة

لجأ طارق إلى وسائل التمويه والحذر، لإخفاء أنباء جيشه، وهجومه، لكن ذلك لم يلبث أن تَكَشَّف لجيش لذريق، ولكن بعد فوات الأوان.

كان لذريق مشغولاً، في أقصى الشمال، بإخضاع بعض قبائل البشكنس الثائرة، في جبال البرانس Pyrenees. وكان ذلك يعني، أن حملة طارق اختارت الوقت المناسب، وأن الأخبار التي توافرت لديها عن تحركات لذريق، مكنتها من الوثوب، في اللحظة المناسبة.

وترامت أنباء الفتح الإسلامي إلى لذريق، فأصدر أوامره بالتصدي للمسلمين الفاتحين، وإيقاف زحفهم. فتحرك جيش قوطي بقيادة (بنج) المعروف باسم (بنشو)، في المراجع الأسبانية. ولكن (بنج) ما لبث ـ لأول لقاء ـ أن هزمه المسلمون هزيمة نكراء.

وهنا اضطر لذريق، أن يتحرك بنفسه، على رأس جيش كثيف العدد، بعد ما أيقن أن المسلمين قادمون للفتح، لا لمجرد الإغارة، والسلب، والنهب، والغنيمة، كما روج عنهم خصومهم المُسْتَخِفون بشأنهم.

وضماناً لتوحيد الصفوف، وتشكيل جبهة عسكرية قوية، فقد كان على لذريق ـ وهو رجل لا يُستهان به ـ أن يصالح أبناء غيطشة Witiza، الملك المخلوع، ثم ما لبث لذريق أن استولى على (قرطبةCordoba)[1]، ليقطع الطريق على المسلمين، ويتحرك صوبهم.

أما طارق بن زياد، فكان في موقف عسكري قوي، بعد أن قام بحركة التفاف، حول الحامية الأسبانية، المرابطة في أقصى الجنوب، ونزلت قواته العسكرية، في مكامن حصينة، أتاحت لها مواقع إستراتيجية قوية.

وعمد طارق، إلى تحصين أول قاعدة، تسنى له الاستيلاء عليها، قبل أن يتوغل إلى الداخل، ثم استولى على بلدة ( الجزيرة الخضراء)[2]، قبالة الجبل الذي حل بسفحه، ليحمل فيما بعد اسمه، وتسمى (جبل طارق).

وفي الوقت نفسه، ظل طارق على اتصال وثيق، بقاعدة سبتة الحصينة، في العدوة المغربية.

ب. المعركة الفاصلة: (معركة البرباط)

في عام 92 هـ (711م) التقى الجيشان، جيش طارق بن زياد، وجيش القوط، في كورة شذوُنَه Sidonia جنوب غرب أسبانيا، في سهل الفرنتيرة Frontera جنوب بحيرة الخندق Janda ونهر برباطBarbate  المتصل بها. وقد تُعْرَفُ معركة نهر برباط في الرواية الإسلامية بمعركة "وادي بكَّة" أو "لَكَّةْ" Guadalete، لعله مأخوذ من Lago وهو البحيرة، أي بحيرة الخندق، حيث صارت البحيرة علماً على المكان، أما وادي لَكُهْ، المعروف في الجغرافيا الأسبانية الحديثة، فيقع إلى الشمال منه، ويصب في خليج مدينة قادس Cadiz  ويصب نهر برباط في المحيط الأطلسي (الأطلنطي) عند الطرف الأغر Trafalgar.

كان اللقاء بين المسلمين والقوط حاسماً، ومنّ الله على المسلمين بالنصر الكبير، فشُتِّتَ الجيش القوطي، وقُتِل "لذريق"، وفي رواية أنه غرق. وَصدَقَ المسلمون القتال، وحملوا حملة رجل واحد على أعدائهم، فخذلهم الله وزلزل أقدامهم وتبعهم المسلمون بالقتل والأسر، "ولم يعرف لملكهم "لذريق" خبر، ولا بان له أثر، فقيل إنه تَرَجَّلَ، وأراد أن يستتر في شاطئ الوادي، فصادف غديراً فغرق فمات" . في حين تذكر بعض الروايات أن "لذريق" فَرَّ من الميدان والتقى بالمسلمين في معركة أخرى، شمالي أسبانيا، قُتِلَ فيها (انظر خريطة فتح المسلمين للأندلس). لكن هذا الرأي ضعيف لا تَدْعَمُهُ الأدلة .

وبدأ طارق يتعقب فلول الجيش القوطي، التي لاذت بالفرار. وسار الجيش الإسلامي فاتحاً بقية شبه الجزيرة الأيبيرية. وكانت معركة وادي برْبَاط فاصلة، غنّم فيها المسلمون غنائم كثيرة، ولم يلاق المسلمون بعد هذه المعركة مثل هذا التجمع الكثيف، وإن مرت بهم معارك حاسمة وقوية.

فَرَّق طارق بعض جنده في بعوث جانبية، وتوجه هو إلى طليطلة Toledo، عاصمة مملكة القوط. لكن الجيش القوطي تجمع عند مدينة "اسْتجَّةَ  Ecija"، فزحف طارق إليه، فاتحا في طريقه بعض المدن .

مَرَّ طارق أولاً بمدينة شَذْونه وفتحها بعد حصار، ومضى إلى "مَوْرُور  Moron" وفتحها، ثم عطف على مدينة "قَرْمُونَة  Carmona" ثم تقدم إلى أشبيلية  Sevilla، فتم له فتحها صلحاً، واتجه بعدها إلى مدينة اسْتِجَّة.

ودارت معارك حامية، هزم فيها الجيش القوطي، وفتحت المدينة .

وجه طارق من "اسْتِجة" سرايا من جنده إلى عدة جهات

*  فبعث جيشاً بقيادة مغيث الرومي لفتح مدينة قرطبة في سبعمائة فارس ، واستطاع مغيث فتح المدينة دون مشقة كبيرة.

*  وأرسل جيشاً آخر إلى مدينة مالقة Malaga .

*  وأرسل جيشاً آخر إلى كُورة إلْبيرة. حيث فتح مدينة غرناطة Granada، وكذلك إلى كورة تُدْمير. وكانت قاعدتها أُورْيَولة، التي حلت مدينة مُرْسِية Murcia محلها، قاعدة لكورة مُرْسية بدلاً من تُدمير.

*  سار طارق شمالاً إلى منطقة وادي الحجارة Guadalajara، حتى وصل إلى مدينة المائدة والتي تعرف اليوم باسم قلعة هنارس Alcala de Henares، أو بعدها.

وعلى هذا يكون خط سير حملة طارق بن زياد كالآتي:

*  سبتة، جبل طارق، الجزيرة الخضراء.

*  وادي نهر برباط (المعركة الفاصلة، 92هـ).

*  مدينة شذونه، ثم مورور، فقرمونه، فأشبيلية.

*  اسْتجَّة منها سارت السرايا إلى:

*  قرطبة، ومالقة وغرناطة، ثم مدينة كورة إِلْبِيرَة وكورة تدمير وقاعدتها أُوريولة، ثم منطقة وادي الحجارة، فمدينة المائدة .



[1] 'مدينة أسبانية في الأندلس، تقع على ضفة الوادي الكبير، أسسها الفينيقيون، واحتلها الرومان عام 152ق.م. أصبحت عاصمة الدولة الأموية في الأندلس، التي أسسها عبدالرحمن الداخل عام 756هـ، وتعد قرطبة مركزاً مهماً من مراكز الثقافة، والحضارة الإسلامية، المزدهرة في القرون المبكرة. وتمتاز قرطبة بآثارها الأندلسية، الإسلامية الجميلة، مثل مسجدها الجامع وقصر الزهراء.

[2] تعد الجزيرة الخضراء أول مدينة دخلها العرب في فتح الأندلس، وتسمى اليوم الخسيراس.