إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات وأحداث تاريخية / تاريخ الأسَر الحاكمة في شبه الجزيرة العربية





وقفية محمد بن الإمام فيصل (1)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (2)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (3)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (4)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (5)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (6)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (7)
وقفية محمد بن الإمام فيصل (8)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (1)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (2)
وقفية نورة بنت الإمام فيصل (3)
وقفية الجوهرة بنت الإمام فيصل
أمراء آل رشيد
حكام لحج
ختم سلطنة لحج بعد ضم الصبيحة

النواحي التسع
الجنوب العربي
اتحاد إمارات الجنوب العربي
جنوب شبه الجزيرة العربية
سلطنة لحج
سلطنة لحج بعد ضم الصبيحة



بسم الله الرحمن الرحيم

سادساً: آل نهيان وآل مكتوم

مع ظهور دولة آل بوسعيد في عُمان، ظهرت قوتان سياسيتان جديدتان على ساحل عُمان الشمالي استقلتا عن دولة بوسعيد، وهما:

1. القواسم

وكان مقرهم في رأس الخيمة، وامتد نفوذهم على ساحل الشميلية على خليج عُمان وعلى الساحل الشمالي حتى الشارقة. وتزعم القواسم القبائل الغافرية في هذه المنطقة.

2. بني ياس

وكان مقرهم في الظفرة وأبوظبي، وامتد نفوذهم على طول ساحل عُمان من دبي حتى حدود قطر، ويتزعمهم آل بوفلاح. ويعود نسب آل نهيان وآل مكتوم إلى بني ياس.

قيام إمارة أبوظبي

بدأت إمارة أبوظبي حوالي عام 1154هـ/ 1741م، في واحة ليوا في أرض الظفرة. وتتكون واحة ليوا من خمسين قرية يسكنها مجموعتان، هما حلف قبائل بني ياس، وقبيلة المناصير، وقد تحالفت الجماعتان معاً منذ وقت مبكر، وكانا يمارسان حياة الرعي في الظفرة وزراعة النخيل في بساتين الواحة.

ويعتبر بني ياس حلف قبائل متعددة، وتزعمهم آل بوفلاح. ولما كان آل بوفلاح ينتمون إلى بني ياس، فقد أطلق على هذا الحلف اسم بني ياس. ومع أن بني ياس ليسوا بالقبيلة التي يمكن تتبع نسبها إلى جد واحد يجمعها، إلاّ أنهم جماعات ظلت مترابطة مع بعضها في تحالف استمر لمدة ثلاثة قرون، حتى أنه يمكن اعتبارها اليوم ومن دون مبالغة قبيلة واحدة.

ويتكون حلف بني ياس من خمسة عشر قبيلة، هي:

1.   آل بوفلاح: ومنهم آل نهيان حكام أبوظبي.

2.   آل بوفلاسا: ورحل أكثرهم إلى دبي عام 1248هـ/ 1833م، ومنهم آل مكتوم حكام إمارة دبي.

3.   السودان.

4.   القبيسات.

5.   المرر.

6.   الهوامل.

7.   المحاربة.

8.   آل بومهير.

9.   الرميثات.

10. المزاريع.

11. القمزان.

12. السبايس.

13. آل بوحمير.

14. الرواشد.

15. المشاغين.

وتعود الإشارات الأولى عن قبيلة بني ياس وتوطنهم في واحة ليوا إلى عام 1043هـ/1633م، أيام دولة اليعاربة. وكان هناك في ذلك الوقت صراع بين القبائل الهناوية والغافرية، وعلى الرغم من أن قبيلة بني ياس من القبائل الهناوية، إلاّ أنها أيدت القبائل الغافرية في ذلك الصراع، ولكن بني ياس ما لبثوا أن انسحبوا من حلف القبائل الغافرية، بعد خلافهم مع الزعيم محمد بن ناصر الغافري، عندما كانوا يحاربون معه القبائل الهناوية في عُمان، وعادوا إلى أرض الظفرة.

وفي عام 1175هـ/ 1761م بدأت هجرة أفراد من قبيلة بني ياس نحو الساحل ومدينة أبوظبي. وسرعان ما كثر عدد سكان أبوظبي، وزاد بها البناء حتى وصل إلى أربعمائة بيت. ولكن شيوخ آل بوفلاح ظلوا يديرون دفة الحكم من واحة في الداخل، حتى اتخذ الشيخ شخبوط بن دياب، أبوظبي عاصمة له، في سنة 1790م.

تنازع الحكم في بني ياس أربعة من أبناء آل بوفلاح، هم: سلطان ومحمد وسعد وسلطان ونهيان. وتمكن عيسى بن نهيان من جمع بني ياس تحت لوائه، بعد أن تخلص من عمه زايد بن محمد. واتخذ خلفه دياب بن عيسى مقره في الداخل، ولكنه كان يزور رعاياه من وقت لآخر في مدينة أبوظبي على الساحل. وتمكن هزاع بن زايد بن محمد من إثارة قبيلة بني ياس ضد دياب بن عيسى، الذي قرر إبعاد هزاع وعائلته من أبوظبي إلى الداخل. فاستغل دياب وجود هزاع في البحرين فأمر جماعته بالرحيل من أبوظبي. ولما عاد هزاع بن زايد غضب مما حل بقومه، وذهب إلى دياب بن عيسى معاتباً. وتطور العتاب بين الرجلين، فاستل هزاع سيفه وقتل دياب بن عيسى، وذلك عام 1208هـ/ 1793م. فانقسم بني ياس بين مؤيد لهزاع بن زايد، وشخبوط بن دياب، لكن هزاعاً خشي انتقام شخبوط لأبيه، ففر إلى جبل بوعلي قرب دبي عام 1210هـ/ 1795م، فأنفرد شخبوط بن دياب بالحكم عام (1210 ـ 1231هـ) (1795 ـ 1816م). ويعد هذا الحاكم من الشخصيات المهمة في تاريخ إمارة أبوظبي، حيث نقل مقر حكمه إلى مدينة أبوظبي. ففتحت هذه الخطوة لبني ياس وحلفائهم المناصير نشاط البحر والتجارة والغوص، وتوثقف في عهده عرى التعاون مع آل بوسعيد حكام عُمان. وفي عام 1231هـ/ 1816م تنازل شخبوط بن دياب عن الحكم لولده محمد بن شخبوط، وصار يقضي معظم وقته في مزارعه الخاصة في منطقة العين، وبنى هناك قلعة "مريجب" ليقيم بها شمال قرية القطارة، ووضع أساساً للتحالف بين بني ياس، وقبيلة المناصير والظواهر مما أدى إلى توسيع حدود إمارة أبوظبي شرقاً. لما ضاقت قبيلة بني ياس بحكم محمد بن شخبوط، اضطر والده شخبوط إلى التدخل وعزل ابنه محمد وولى الحكم لابنه طحنون بن شخبوط في عام 1234هـ/ 1818م. وظل طحنون في الحكم حتى عام 1249هـ/ 1833م. فخلفه خليفة بن شخبوط حتى عام 1261هـ/ 1845م. والجدير بالذكر أن الشيخ شخبوط بن دياب توفي عام 1248هـ/ 1832هـ.

وجاء إلى حكم أبوظبي بعد خليفة بن شخبوط، سعيد بن طحنون الذي استقر في السلطة حتى عام 1271هـ/ 1855م، عندما أصدر حكماً قضائياً أحدث خلافاً وتوتراً بين أهالي الإمارة. ولما أحس أن رعاياه لا يرتضون حكمه، غادر أبوظبي إلى جزيرة قيس، فاجتمعت عشائر بني ياس في أبوظبي، واستدعت زايد بن خليفة، وكان في ذلك الوقت لدى أخواله من عشيرة السودان في دبي، وبايعوه حاكماً عليهم عام 1271هـ/ 1855م. وفي عهد زايد بن خليفة وصلت إمارة أبوظبي إلى أقصى اتساعها الحدودي وامتد نفوذها على الساحل. استطاع زايد أن يمد سلطانه إلى الداخل في إقليم الظاهرة، بعد اتفاق مع حاكم عُمان، كما تمكن من توطيد حكمه، وتوسيع حدود إمارته ونفوذها. وساعده في ذلك عدة عوامل منها:

1. عدم وجود أسباب للصدام بين البريطانيين وإمارة أبوظبي، في حين كان القواسم في حروب دائمة مع البريطانيين، لأن القواسم يشكلون إحدى أكبر القوى البحرية في الخليج العربي. وبينما كان نشاط القواسم في البحر، كان نشاط بني ياس في الداخل، بعيداً عن الصدام مع البريطانيين. فوجدوا الفرصة في توسيع حدود إمارتهم شرقاً نحو العين في منطقة البريمي، وكانت جزيرة دلما، التي اعتمدوا عليها في الغوص، بعيدة عن مجرى الملاحة التجاري في الخليج.

2. ارتبط زايد بن خليفة بصلات وصداقات شخصية وطيدة مع شيوخ وحكام الخليج. فينما كان القواسم أعداء تقليديين لحكام عُمان، كان آل بوفلاح أصدقاء لهم، وكذلك كان زايد بن خليفة على علاقة شخصية وثيقة مع فيصل بن تركي آل سعود، الذي أوكل له إدارة أراضيه في الظاهرة.

اكتسب زايد بن خليفة خبرة سياسية بأحوال الساحل أثناء إقامته في أبوظبي، ودخل في حروب مع القواسم. وخلال إحدى معاركه مع حاكم الشارقة، خالد بن سلطان القاسمي، تبارز الرجلان فقتل زايد خالد، مما زاد في مكانته بين القبائل، وذلك في عام 1285هـ/ 1868م، وفي يونيه 1869م، تمكن من إخراج الحامية السعودية من واحة البريمي، بالتعاون مع عزان بن قيس، حاكم عُمان، وعهد عزان بن قيس إلى زايد الدفاع عن قرى النعيم في البريمي، ونتيجة لهذا التحالف فقد ساءت علاقته مع آل سعود ولكن بتولية فيصل بن تركي عام 1305هـ/ 1888م توثقت صلة زايد مع آل سعود، حتى عهد له فيصل بن تركي برعاية أرضه في إقليم الظاهرة، كما سبق أن ذكرت.

وفي عام 1297هـ/ 1880م، توجه زايد بن خليفة إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وانتهز وجوده هناك وعمل على توثيق علاقاته مع أشراف مكة. وأثناء عودته من الحج عرج على البحرين لزيارة آل خليفة، فالتقى مع خادم بن بطي، زعيم قبيلة القبيسات الذين تربطه بهم صلة النسب، وكانوا قد هاجروا إلى الدوحة في قطر، بعد خلاف مع عشائر بني ياس، فاستطاع تسوية الخلاف، وعاد القبيسات وزعيمهم خادم بن بطي إلى أبوظبي، مما أثار شيخ قطر قاسم بن محمد آل ثاني، وأدى إلى قيام حروب ومناوشات بين قطر وأبوظبي بين عامي 1297 ـ 1307 1880 ـ 1890م.

وفي عام 1307هـ/ 1890م ثارت قبيلة بنوعرار في العين ضد زايد بن خليفة، وساعدها في ذلك قبيلة النعيم في البريمي، وشيوخ عجمان والشارقة. واستطاع زايد القضاء على هذا التمرد، بمساعدة راشد بن مكتوم حاكم دبي، وقرر تقوية نفوذه في المنطقة، ببناء حصن الجاهلي وسط مزارع العين، وعين أحمد بن هلال ليكون ممثلاً عنه بصفة دائمة في واحة العين.

وفي عام 1309هـ/ 1892م وقعت اتفاقية بين زايد بن خليفة وبريطانيا، عرفت باسم "الاتفاقية المانعة" هدفت في الأساس إلى إحباط محاولات زايد بن خليفة توحيد الإمارات، والساحل عن طريق التحالف. وحاول زايد من جانبه نقض هذه المعاهدة بالاتفاق مع الفرنسيين، وفتح ميناء أبوظبي لهم. لكنه تراجع عن ذلك، عندما رأى البريطانيين يوجهون إنذاراً إلى حاكم عُمان عندما فتح ميناء بندر جصة أمام الفرنسيين عام 1317هـ/ 1899م.

ولإحباط محاولات زايد بن خليفة الوحدوية، قام برسي كوكس بزيارتين للساحل المتصالح، الأولى في عام 1320هـ/ 1902م، والثانية في عام 1322هـ/ 1904م. خلص منهما إلى أن بريطانيا إذا لم تحافظ على توازن القوى في الساحل، وتوقف امتداد نشاط زايد بن خليفة، فإنه يخشى بأن تستعين القبائل في المنطقة بعبدالعزيز آل سعود، الذي يواصل انتصاراته داخل الجزيرة العربية. وبذلك يجد البريطانيون أنفسهم أمام وحدة عربية قوية، تجعل مصالحهم في المنطقة في مهب الريح. وهكذا وجهت بريطانيا كل إمكانياتها في المنطقة للحد من سلطة زايد بن خليفة، وقتل طموحاته الوحدوية. ويتجلى نجاح بريطانيا في مخططها فيما يلي:

1. موضوع مشروع إقامة قبيلة السودان في جزيرة زورا، التي رأى زايد فيها ملجأ آمناً لتابعيه من القبائل. وتقع جزيرة زورا في البحر أمام مدينة عجمان، وكان زايد في رمضان 1312هـ/ فبراير 1895م، قد حصل على تصريح من المقيم السياسي البريطاني بأن تقيم القبائل الموالية له في هذه الجزيرة. وفي 27 ذي الحجة 1314هـ/ 28 مايو 1897م، أرسل عبداللطيف بن عبدالرحمن الوكيل السياسي في الشارقة إلى المقيم في بوشهر رسالة مرفقاً بها خطاب موجه إليه من سلطان بن ناصر السويدي، شيخ قبيلة السودان يطلب السماح له ولعشيرته بالإقامة في زورا. وكانت ابنة هذا الشيخ زوجة لزايد بن خليفة، لكنه لم يحصل على رد من المقيم برسي كوكس. فأبلغه في 14 شعبان 1316هـ/ 27 ديسمبر 1898م أن سلطان بن ناصر السويدي بدأ البناء في زورا، وأنها صارت في حماية الشيخ زايد بن خليفة. ثم تدخل صقر بن خالد، حاكم الشارقة، وعبدالعزيز حميد، حاكم عجمان واعترضا على البناء في زورا من قبل قبائل هناوية، لأنها تقع في منطقة القواسم التي تضم القبائل الغافرية وأرسلا بذلك للمقيم السياسي في بوشهر في ربيع الآخر 1318هـ/ يوليه 1900م، فبادر هذا الأخير في 12 جمادى الآخرة 1318هـ/ 6 أكتوبر 1900م، بالطلب من زايد بن خليفة بوقف البناء في زورا، وتحالف حاكما الشارقة وعجمان لحرب زايد، وأصر المقيم السياسي على وقف البناء وأصر زايد بن خليفة أن يدفع له حاكما الشارقة وعجمان تعويضاً عن البناء الذي تم في زورا. لكن ذلك لم يحدث، وتوقف المشروع نهائياً في عام 1323هـ/ 1905م بعد زيارة كوكس للجزيرة.

2. على الرغم من أن سياسة بريطانيا هي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للإمارات، إلاّ أن البريطانيين تدخلوا في هذا الحادث، للحد من نمو نفوذ زايد بن خليفة المتزايد في الإمارات. ففي عام 1322هـ/ 1904م قتل بعض أفراد قبيلة بني قتب اثنين من أهالي مدينة عبري، ولما كان زايد مسؤولاً عن هذه المنطقة، أمر أن يدفع القتلة الدية المطلوبة، إلاّ أن حاكم أم القيوين، راشد بن أحمد، حرض بني قتب على عدم دفع الدية، وزادوا على ذلك باحتلال بعض التلال في وادي حتى، وبناء التحصينات بها. وأمام هذه التعديات عقد جميع حكام الإمارات اجتماعات في دبي في رجب 1323هـ/ سبتمبر 1905م، وقرر الحكام هدم التحصينات التي أقامها بنو قتب في وادي حتى. ونصح زايد بن خليفة، راشد بن أحمد ألاّ يشجع مغامرات قبيلة بني قتب، فتعهد بذلك. ولكنه لم يف بوعده فجمع زايد جيوشه واتجه لحرب بني قتب. فأشار عليهم راشد بن أحمد بطلب وساطة حاكم دبي للصلح مع زايد، ولما عرض الأمر على زايد طلب غرامة قدرها مائتا جمل عقوبة على تعديات بني قتب، واجتمع حكام الإمارات في الخوانيق في صفر 1324هـ/ أبريل 1906م، واتفقوا على إمكان نفوذ حاكم أبوظبي وحاكم أم القيوين. وأقر هذا الاتفاق أن قبائل بني قتب والغفلة وبني كعب يعود أمرهم إلى راشد بن أحمد، بينما يعود النعيم في قرية دريز في الوادي الكبير بالظاهرة، وقبيلة الشرقيين في الفجيرة والشحوح، تحت رعاية زايد بن خليفة، الذي لم يرضَ بهذا الاتفاق. وفي شوال 1324هـ/ نوفمبر 1906م، توجه بجيشه للهجوم على فلج آل علي، التي حصنها راشد بن أحمد. وفي ذي القعدة 1324هـ/ يناير 1907م توجه راشد بن أحمد إلى معسكر زايد بن خليفة، الذي أكرم وفادته لكنه حجزه عنده. وفي الحال أعلنت قبيلة بني قتب الحرب على أبوظبي ودبي. وفي ذي الحجة/ فبراير تحرك زايد نحو الخوانيق حيث انضمت إليه قوات دبي وعجمان والشارقة. هنا تدخل المقيم السياسي برسي كوكس فوصل إلى الشارقة بصحبة بارجتين في 25 ذي الحجة 1324هـ/ 8 فبراير 1907م، وأرسل إنذاراً نهائياً إلى زايد، إذا لم يطلق سراح راشد بن أحمد، فسوف يقصف أبوظبي بقنابله. وبعد مناقشات طويلة مع كوكس، اشترك فيها حكام أم القيوين والشارقة ودبي، انتهت هذه المحادثات إلى توقيع اتفاقية في 13 المحرم 1325هـ/ 25 فبراير 1907م فيما يلي أهم بنودها:

أ.  تعهد شيخ أم القيوين بهدم تحصينات فلج المعلى.

ب. إعادة الجمال التي أخذت من قبل شيخ أم القيوين إلى شيخ عجمان.

ج. تعهد شيخ أم القيوين ألاّ يتدخل في العلاقات بين شيخ الشارقة وزعماء الحمرية والفجيرة.

د.  تعهد الشيخ زايد بن خليفة ألاّ يهاجم بني قتب في فلج المعلى، ما داموا في أراضيهم ولم ينضموا إلى أقربائهم في أفلاج بني قتب جنوبي الظاهرة. وكانت هذه التدخلات من قبل البريطانيين، تهدف إلى الحد من طموحات زايد بن خليفة، وإجهاض مشروعات الوحدوية. وقد نجحت بريطانيا في ذلك إلى حد كبير، وصارت إمارة أبوظبي منكمشة في حدودها التقليدية، ولم يتعد نفوذ حكام أبوظبي إقليم الظاهرية، واستمر هذا الوضع في بقية عهد زايد بن خليفة، وأبنائه من بعده طحنون بن زايد 1327 ـ 1330هـ/ 1909 ـ 1912م، وحمدان بن زايد 1330 ـ 1341هـ/ 1912 ـ 1922، وإذا كانت بريطانيا قد نجحت في إجهاض مشروع زايد بن خليفة فإن زايد بن سلطان استطاع تحقيق هذا الحلم وقيام دولة الإمارات العربية في 14 شوال 1391هـ/ 2 ديسمبر سنة 1971م.

دبي والشيخ سعيد بن مكتوم

تعرض سعيد بن مكتوم لنزاع وصراع على السلطة، خاصة ضد أبناء عمومته، وظهر هذا الصراع في عام 1347هـ/ 1928م، وانتهى في عام 1357هـ/ 1938، بتحقيق بعض الإصلاحات على نظام الحكم في دبي. وبدأت الأحداث في عام 1347هـ/ 1928م، عندما استولت سلطات الجمارك الإيرانية على سفينة تابعة لدبي. قرب جزيرة طنب، وسحبها إلى لنجة. وقد وقف الشيخ سعيد بن مكتوم موقف المتريث، وحاول تهدئة الشعور السائد في دبي للأخذ بالثأر من إيران. وكان في دبي في ذلك الوقت اتجاهان حول هذا الموضوع: الأول يتفق مع رأي الشيخ سعيد بن مكتوم، والثاني يرى الأخذ بالثأر من الإيرانيين. وتزعم هذا الرأي أبناء عمومة سعيد بن مكتوم، مانع بن راشد. وسعيد بن بطي. وطالبا بأن تتحرر دبي من معاهداتها مع بريطانيا. وكان من التقاليد المعروفة في دبي، أن يستشير الحاكم رؤساء العائلات في قضايا الإمارة. وعندما اجتمع كبار رؤساء العائلات في دبي لمناقشة هذه الأزمة، كان رأي الأغلبية ضد رأي سعيد بن مكتوم، الذي فكر في الاستقالة، في عام 1347هـ/ أبريل 1929م. وعارضت هذه الفكرة زوجة سعيد حصة بنت المر، وكانت ذات شخصية قوية ولها نشاط كبير في التجارة والسياسة. وفي 6 ذي القعدة 1347هـ/ 15 أبريل 1929، عقد اجتماع في دبي حضره ستون شخصاً، تحت رعاية تاجر اللؤلؤ الثري محمد أحمد بن دلموك، أشد معارضي السياسة البريطانية وحليف مانع بن راشد، وفي هذا الاجتماع قرر رؤساء العائلات، عزل سعيد بن مكتوم وتولية مانع بن راشد، وتم إخطار الوكيل السياسي البريطاني في الشارقة عيسى بن عبداللطيف بما تم في هذا الاجتماع. وكان عيسى بن عبداللطيف يميل إلى سعيد بن مكتوم، فأخطر أحد القادة الإنجليز ويدعى أولين بما حدث. فتحرك هذا الأخير في سفينته الحربية لوبين إلى دبي. وهناك قابل سعيد بن مكتوم، الذي أخبره بأنه قد أُرغم على الاستقالة ولكنه لا يزال الحاكم الشرعي. وبهذا أيد الإنجليز عودة سعيد بن مكتوم إلى الحكم. وعلى الرغم من محاولات الصلح العديدة، لم ينس أبناء العمومة وبعض كبار القوم في المدينة أن سعيد بن مكتوم قد فُرض عليهم. ومع تزايد عدم الثقة بين الجانبين، بدأ سعيد بن مكتوم، بتشجيع من ابنه راشد، في جلب بدو آل بلشعر من المناصير إلى داخل دبي. وقد أفزع ذلك خصوم سعيد، فعمدوا إلى محاولة قتله في 17 رمضان 1353هـ/ 23 ديسمبر 1934م، لكن محاولاتهم فشلت. وهكذا استقرت السلطة في يدي سعيد بن مكتوم، حتى ثارت ضده حركة المعارضة من جديد في عام 1356هـ/ 1938م، وكانت أسباب هذه الحركة:

1. ازدياد سلطة الحاكم، وتوقع نمو هذه السلطة بعد اكتشاف البترول.

2. رغبة أعيان دبي في أن يكون دخل الإمارة من البترول لجميع السكان، ولا يترك في يد الحكام وحده.

3. تغيير أفكار الأهالي بتأثير الصحف القومية والسياسية، خاصة في فترة ما بين الحربين العالميتين.

وبجانب هذه الأسباب فإن الساحل المتصالح شهد تطورين مهمين في الفترة ما بين 1353 ـ 1356هـ/ 1934 ـ 1938م، تمثل الأول في زيادة المصالح البريطانية زيادة كبيرة، والثاني تمثل في الركود الاقتصادي الذي حل بالعالم في بداية الثلاثينات، مما أثر على زيادة الوعي السياسي لسكان الإمارات. وضعفت في تلك الفترة العلاقات بين بريطانيا ومانع بن راشد بسبب معارضته لشروط امتياز شركة البترول. واتخذ المقيم السياسي البريطاني عدة إجراءات، لمعاقبة معارضي اتفاق البترول، فقام البريطانيون بتشجيع الرقيق على اللجوء إلى دار الوكالة البريطانية لنيل حريتهم، وهدد أصحابهم بمهاجمة دار الوكالة في الشارقة، وفي 27 ذي الحجة 1356هـ/ 27 فبراير 1938م طلب المقيم السياسي البريطاني من سعيد بن مكتوم، طرد رجلين من مدينة دبي وهما خلف علي الزماني، وهو تاجر كويتي، وريس محمد رسول، وهو إيراني، وكانت حجة المقيم أنهما يتاجران في الأسلحة، فتعهد سعيد بتنفيذ الأمر، مما أثار عليه الناس وخرجت ضده مظاهرات عدائية في دبي، في 13 المحرم 1357هـ/ 14 مارس 1938م، وعقد كبار رجال دبي اجتماعاً قرروا فيه عودة العبيد المحررين إلى أسيادهم، وعدم الموافقة على ترحيل خلف علي الزماني، وريس محمد رسول، وطلبوا من سعيد بن مكتوم عدم تجديد التسهيلات الجوية الممنوحة للبريطانيين في دبي، إلاّ بعد موافقتهم. ثم وصل إلى دبي المعتمد السياسي الإنجليزي في البحرين، المدعو وايتمان. فطلب منه سعيد بن مكتوم العفو عن خلف الزماني، وريس محمد رسول، وعدم ترحيلهما، فرفض بإصرار وطالب بسرعة ترحيلهما. وعندما حَدَّثَه أعيان دبي في قضية تحرير الأرقاء لم يجدوا رداً صريحاً. فقدم أعيان دبي طلباً لسعيد بن مكتوم، بألاّ يجدد اتفاقية الطيران مع البريطانيين. وكان سعيد بن مكتوم راغباً في التوصل إلى اتفاق مع المعارضين. ولكنه تراجع تحت ضغط زوجته وابنه راشد. وفي أوائل جمادى الأولى 1357هـ/ نهاية شهر يونيه 1938م قَدَّم كبار قبيلة آل بوفلاسا خطاب لسعيد بن مكتوم تضمن بعض المطالب منها:

1. إلغاء احتكار العائلة الحاكمة لعمليات إنزال شحنات السفن في الميناء.

2. تحديد ميزانية لرعاية شؤون المدينة.

وفي 21 شعبان 1357هـ/ 15 أكتوبر 1938م وصل إلى دبي وايتمان، واستطاع التوصل إلى اتفاق بين المعارضة وسعيد بن مكتوم، في 17 رمضان 1358هـ/ 30 أكتوبر 1939م. وقضى هذا الاتفاق بإنشاء مجلس برئاسة سعيد بن مكتوم، وعضوية خمسة عشر عضواً، يختارهم كبار آل بوفلاسا، وتكون قرارات المجلس بأغلبية الأصوات، ويخضع دخل دبي من الجمارك والبترول والطيران ومصروفات الإمارة، لرقابة هذا المجلس. وفي عام 1358هـ/ مارس 1939م، انقلب سعيد بن مكتوم على المجلس، وفتك بأعضائه، فقتل عدداً منهم، بينما استطاع نصف الأعضاء الهرب إلى الشارقة. فعاد وايتمان إلى دبي في منتصف صفر 1358 هـ/ أوائل أبريل 1939، وأجبر سعيد بن مكتوم، على إنشاء مجلس استشاري جديد من خمسة عشر عضواً ممن ينتمون إلى المجلس السابق. واستمر سعيد بن مكتوم في الحكم حتى وفاته عام 1378هـ/ 1958. فتولى الحكم ابنه راشد بن سعيد، الذي تحققت على يديه منجزات ضخمة وإصلاحات شتى، ونشأت في عهده دبي الحديثة.

وهكذا ظلت الإمارات منقسمة على نفسها، واضعة الحدود الداخلية بينها نتيجة الفكر السياسي القبلي. وساعد البريطانيون على وضع السياسات التي تؤدي إلى الانقسام والتمزق، ومنها اتفاقية 1235هـ/ 1820م التي حرصت على إعطاء كل إمارة شخصيتها السياسية المستقلة. ثم جاء اكتشاف البترول فحرصت الشركات البترولية على إبقاء الحدود بين الإمارات حرصاً على مصالحها، حتى لا تتشابك الحدود بعد ظهور البترول. وبدأ هذا الانقسام في أوضح حالاته في خريطة الحدود السياسية بين الإمارات التي صدرت في عام 1383هـ/ 1963م. ولكن هذه الاتجاهات الرامية إلى العزلة والمصالح الاقتصادية المحدودة صاحبها تيارات جديدة من الفكر القومي، والاتجاه نحو تحقيق وحدة سياسية واقتصادية للإمارات. وكانت الخطوة الأولى في الطريق إلى الاتحاد عندما التقى زايد بن سلطان آل نهيان حاكم أبوظبي وراشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي في منطقة السميح على الحدود بين إمارة أبوظبي وإمارة دبي في 20 ذي القعدة 1387/ 18 فبراير 1968م، وأعلن الحاكمان اتحاد إمارتي أبوظبي ودبي ليضعا اللبنة الأولى في صرح الاتحاد، ثم تم توجيه الدعوة لحكَّام الإمارات الأخرى بما فيهم حاكمي قطر والبحرين وتم عقد اجتماع في دبي في 27 ذي القعدة 1387هـ/ 25 فبراير 1968م، وأعلن في نهايته توقيع اتفاقية لإقامة اتحاد يشمل الإمارات التسع (أبوظبي، والبحرين، وقطر، ودبي، وأم القيوين، والشارقة، ورأس الخيمة، والفجيرة، وعجمان) على أن يبدأ العمل بالاتفاقية في ذي الحجة 1387هـ/ مارس 1968م، وتم انتخاب زايد بن سلطان حاكم أبوظبي رئيساً للاتحاد لمدة عامين، وراشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي نائباً للرئيس لنفس المدة، إلاّ أن هذه الاتفاقية لم تنفذ، لإعلان كل من البحرين وقطر أنهما ستسيران في طريق الاستقلال الذاتي بعد تمام جلاء البريطانيين عن الخليج العربي، في عام 1391هـ/ 1971م. وفي 25 جمادى الأولى 1391هـ/ 18 يوليه 1971م اجتمع حكام الإمارات السبع في دبي لإجراء المباحثات حول إيجاد أسس متينة يبنى عليها صرح الاتحاد فتم التوقيع على تأسيس الدولة الاتحادية، من (أبوظبي، ودبي، والشارقة، وعجمان، وأم القيوين، والفجيرة)، على أن يبقى المجال مفتوحاً أمام الراغبين ممن لم تمكنهم ظروفهم للانضمام، وفي عام 1392هـ/ أوائل سنة 1972م انضمت إمارة رأس الخيمة إلى اتحاد الإمارات العربية المتحدة.

حكام دبي

تناوب على حكم إمارة دبي منذ أن استقل بها الشيخ مكتوم بن بطي كل من:

1. مكتوم بطي بن سهيل                         (1249 ـ 1269هـ/ 1833 ـ 1852م).

2. سعيد بن بطي بن سهيل                       (1296 ـ 1276هـ/ 1852 ـ 1859م).

3. حشر بن مكتوم بن بطي                      (1276 ـ 1283هـ/ 1859 ـ 1866م).

4. راشد بن مكتوم بن بطي                      (1283 ـ 1302هـ/ 1866 ـ 1894م).

5. مكتوم بن حشر بن مكتوم                    (1302 ـ 1324هـ/ 1894 ـ 1906م).

6. بطي بن سهيل بن مكتوم                     (1324 ـ 1331هـ/ 1906 ـ 1912م).

7. سعيد بن مكتوم بن حشر                     (1331 ـ 1378هـ/ 1912 ـ 1958م).

8. راشد بن سعيد بن مكتوم                     (1378 ـ 1410هـ/ 1958 ـ 1990م).

9. مكتوم بن راشد بن مكتوم                    (1410 ـ 1426هـ / 1990 ـ 2006م).

10. محمد بن راشد بن مكتوم                  (1426هـ ـ .... / 2006م ـ ....).