إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الزواج في الإسلام، وفي الديانات الأخرى









شُبُهات

المبحث السابع

تعدد الزوجات وحكمته

كل الأديان السماوية التي سبقت الإسلام أباحت تعدد الزوجات، وفعله بعض الأنبياء، كإبراهيم ويعقوب وداود وسليمان وغيرهم، عليهم السلام.

ومن القوانين القديمة التي تناولت ظاهرة تعدد الزوجات قانون (مانو) الهندي الذي أجاز الزواج من امرأة ثانية، ولكنه اشترط على الرجل أن يحصل على موافقة زوجته إذا كانت هذه الزوجة فاضلة حميدة السيرة منجبة للأولاد. أما إذا كانت سيئة الأخلاق، أو كانت عقيماً أو مريضة، فله أن يتزوج بغير موافقتها.

وإذا كانت الزوجة الثانية من طبقة أدنى من طبقة الزوجة الأولى فلا تستويان في المعاملة، وعلى الزوج أن يميز بينهما في الملبس والمأكل والمسكن والاحترام[1].

ومن تلك القوانين القديمة كذلك قانون (حمورابي البابلي)، الذي يجيز للرجل أن يتزوج من امرأة ثانية إذا كانت زوجته عاقراً أو مريضة، وتحتفظ الزوجة الأولى بمكانتها كسيدة، وتعد الزوجة الثانية خادمة لها.

وجدير بالإشارة أن التقاليد البابلية قد جرت على أن تزوج الزوجة العاقر زوجها من جاريتها طلباً للولد، فإن لم تلد الجارية حق لسيدتها أن تبيعها.

وقد أجازت الشريعة اليهودية تعدد الزوجات، وجمع ملوكُ بني إسرائيل ورؤساؤهم بين عدة زوجات[2] وظهرت بين اليهود عادة غريبة حيث تسمح المرأة لزوجها أن يعاشر جواريها، ثم تلحق بها الأبناء الذين يولدون وقد حدد التلمود بعد ذلك عدد النساء بأربع زوجات، وأقر الربانيون والقراءون هذا المبدأ.

وظل اليهود طيلة العصور الوسطى يجمعون بين عدة زوجات، حتى منع الأحبار الربانيون تعدد الزوجات لضيق أسباب المعيشة التي كان يعانيها اليهود في تلك العصور. ومن ثم أخذت قوانين الأحوال الشخصية لليهود بعد ذلك بمنع تعدد الزوجات، وألزمت الزوج أن يحلف يميناً حين إجراء العقد على ذلك. وإذا شاء الرجل أن يتزوج من امرأة أخرى فعليه أن يطلق زوجته ويدفع إليها جميع حقوقها، إلا إذا أجازته بالزواج، وكان في وسعه أن يعيل الزوجتين، وكان قادراً على العدل بينهما، أو كان هناك مسوغ قهري لهذا الزوج كأن تكون الزوجة عقيماً.

أما المسيحية لم تمنع تعدد الزوجات بصورة صريحة؛ ولذا فقد دعت فرقة مسيحية تدعى (المورمون) إلى التعدد، على أن تكون الزوجة الأولى هي المفضلة على الأُخريات، ولها وحدها الحق بحمل لقب زوجها. غير أن الكنيسة المسيحية قررت بعد ذلك بجميع مذاهبها منع التعدد وإبطال الزواج الثاني، ولم تعتد بعقم المرأة حيث لم تَرَهُ مبرراً للطلاق أو للزواج من امرأة ثانية.

وقد لعب العرب بالمرأة ـ في الجاهلية ـ وبالتالي تفشت ظاهرة تعدد الزوجات لديهم، وذلك لإشباع نهمهم الغريزي، والإكثار من الأولاد، لكونهم أهل غزو وحروب متصلة، ومن ثم عدت العرب كثرة الأولاد قوة داخل العشيرة وخارجها، إذ يهابها الأعداء ويتحامون غزوها، ويخشون بأسها. وكان أكثر ما يفخر به الرجل ويملؤه زهواً واعتداداً أن يسير وخلفه أبناؤه وأحفاده بأعداد كبيرة .

وإلى وقت قريب كان يوجد في قبيلة (تيوبي) في وسط البرازيل ربما تزوج الزعيم عدة زوجات، وقد يكنّ أخوات، وحتى أم وبنات لها من زواج سابق، ويربي الأطفال الذين يعيشون مع بعضهم البعض مع الزوجات اللواتي لا يبدو عليهن كبير اهتمام إن كان الأطفال أطفالهن أم أطفال غيرهنّ، كما أن الزعيم يعير عن طيب خاطر زوجاته لإخوته الصغار، أو لبعض ضباط حاشيته، أو يضعهن تحت تصرف زواره. وليس في هذه الحالة كما يقول (كلود لفي شتراوس) جمع لتعدد الزوجات والأزواج إنما هذا الاختلاط يزداد حتى أكثر من ذلك إذا ارتبطت الزوجات بروابط وثيقة قبل زواجهن من الرجل نفسه، وقد شاهد (كلود) امرأة وابنتها وهما متزوجان من رجل واحد وكانتا تعنيان بأطفاله من زوجته السابقة.

وكل الثقافات قبل الإسلام من جاهلية وغيرها كان التعدد فيها أمراً شائعاً. فلما جاء الإسلام قصر التعدد، بحيث لا يتجاوز الأربع زوجات.

أولاً: الأدلة الشرعية على إباحة التعدد

قال تعالى في كتابه العزيز: ]وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ[ (سورة النساء: الآية 3)، وهذا نص في إباحة التعدد فقد أفادت الآية الكريمة إباحته، فللرجل في شريعة الإسلام أن يتزوج واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا، بأن يكون له في وقت واحد هذا العدد من الزوجات. وهذه الإباحة مقصورة على الجمع بين أربع زوجات كحد أقصى للجمع.

ولكن هل الاقتصار على زوجة واحدة أولى من التعدد قال الحنابلة: "ويستحب أن لا يزيد على واحدة، إن حصل بها الإعفاف، لما فيه من التعرض إلى المحرّم، قال تعالى: ]وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ[ (سورة النساء: الآية 129)، حَدَّثَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ r قَالَ: ]مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إِلَى إِحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِل[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1821).

ثانياً: متى يكون التعدد مستحباً؟!

التعدد مباح بشروطه، والاقتصار على واحدة قد يكون هو الأولى إذا حصل به الإعفاف، ولكن مع هذا قد يكون التعدد هو الأولى حتى لو حصل الإعفاف بالواحدة، وذلك بسبب ظروف وأسباب معينة، فمن ذلك إذا كان الشخص قادرا على التعدد، ولكن له قريبة منقطعة فاتها قطار الزواج فيريد إعفافها بضمها إليه كزوجة، أو كانت هناك يتيمة لا أهل لها ولا معيل، ويريد الإحسان إليها بأن يتزوجها ليضمها إلى بيته، باعتبارها زوجة، فيحقق لها الإعفاف والنفقة، أو أن يجد امرأة اعتنقت الإسلام، وقاطعها أهلها على ذلك، فيتزوجها المسلم في ديارها أو في دياره، ليحفظها من الضياع والافتتان في دينها الذي اعتنقته وهداها الله إليه، أو أن تقع الحرب فتحصد الرجال فيكثر عدد النساء فمن الأولى والمستحب أن يتزوج القادرون على الزواج بأكثر من واحدة لإعفاف أكبر عدد ممكن من النساء الذين فقدوا أزواجهم، أو لم يتزوجوا بعد.

ثالثاً: شروط إباحة تعدد الزوجات

مع إباحة الإسلام تعدد الزوجات إلا أنه وضع شروطاً على النحو التالي:

1. العدل

قال تعالى: ]فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً[ (سورة النساء: الآية 3)، أفادت هذه الآية الكريمة أن (العدل) شرط لإباحة التعدد، فإذا خاف الرجل من عدم العدل بين زوجاته إذا تزوج أكثر من واحدة، كان محظوراً عليه الزواج بأكثر من واحدة[3].

2. القدرة على الإنفاق

والشرط الثاني لإباحة التعدد القدرة على الإنفاق على الزوجات.

والواقع أن شرط الإنفاق على الزوجة هو شرط لزواج الرجل، سواء كان هذا الزواج بالزوجة الأولى أو بالثانية، ويبقى هذا الالتزام ثابتاً في ذمة الرجل نحو زوجته ما دامت زوجته، ولا يسقط عنه بزواجه بأخرى، بل يزيد التزامه التزاما آخر بالنفقة على زوجته الثانية، فإذا كان عاجزاً عن الإنفاق على زوجته الثانية مع الأولى، حرم عليه الزواج بالثانية.

وقد دل على هذا الشرط -شرط الإنفاق- قوله تعالى: ]وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ[ (سورة النور: الآية 33). فقد أمر الله تعالى بهذه الآية الكريمة من يقدر على النكاح، ولا يجده بأي وجه أن يستعفف. ومن وجوه تعذر النكاح من لا يجد مهراً ينكح، ولا قدرة له على الإنفاق على زوجته.

وكذلك يستدل على شرط الإنفاق بقوله تعالى: ]فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ[ (سورة النساء: الآية 3). كذلك قد يستدل على شرط القدرة على الإنفاق بالحديث الصحيح عن النبي r وهو قوله: ]‏يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ‏ ‏مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ ‏ الْبَاءَةَ ‏ ‏فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ ‏ ‏أَغَضُّ ‏ ‏لِلْبَصَرِ ‏ ‏وَأَحْصَنُ ‏ ‏لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ ‏ ‏وِجَاءٌ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 3903).

فإذا لم يستطع مؤونة الزواج لم يجز له الزواج وإن كان هو زواجه الأول، فمن باب أولى أن لا يباح له الزواج بالثانية. ثم إن الإقدام على الزيجة الثانية ـ مع علمه بعجزه عن الإنفاق عليها مع الأولى ـ عمل يتسم بعدم المبالاة بأداء حقوق الغير، هو من أنواع الظلم، والظلم لا يجوز في شريعة الإسلام.

رابعاً: حكمة تعدد الزوجات

1. قد تكون الزوجة عقيمة أو لا تصلح للحياة الزوجية لمرضها، والزوج يتطلع إلى الذرية، ويريد ممارسة الحياة الزوجية الجنسية الحلال، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالزواج بأخرى، فمن العدل والإنصاف والخير للزوجة نفسها أن ترضى بالبقاء زوجة، وأن يسمح للرجل بالزواج بأخرى.

2. وقد لا يكفي الرجل زوجة واحدة لنشاطه الجنسي، والمرأة عادة تكون معطلة وعاجزة عن مشاركته هذا النشاط، أيام الحيض والولادة والنفاس، وقد لا يصبر الرجل على ذلك طيلة هذه المدة، فمن العدل أن لا نضيق عليه الأمر، بل نيسره له بإباحة الزواج له بأخرى، وهذا ما أباحته شريعة الإسلام.

3. وقد تكون المرأة مات زوجها، وهي لا تزال شابة، أو بحاجة إلى زوج، فمن الخير والصيانة لها أن تكون زوجة ثانية لزوج يرغب في نكاحها، وترغب في نكاحه.

4. قد يكون عدد النساء أكثر من عدد الرجال في زمان معين أو مكان معين، لتعرض الرجال في العادة للموت أكثر من النساء، كما يحدث في أعقاب الحروب عادة، ولا سبيل إلى تصريف الزائد من عدد النساء إلا عن طريق تعدد الزوجات، إذا أُريد للمرأة الكرامة والصيانة والحفاظ على شرفها، ودون ذلك تبقى عانسا، أو عرضة لضياعها وسقوطها في الزنا وفقدان شرفها.

5. هناك مصالح مشروعة تدعو إلى الأخذ بالتعدد: كالحاجة إلى توثيق روابط بين عائلتين، أو توثيق الروابط بين رئيس وبعض أفراد رعيته أو جماعته، ويرى أن مما يحقق هذا الغرض المصاهرة ـ أي بالزواج ـ وإن ترتب عليه تعدد الزوجات.

6. وفي التعدد كثرة النسل، وكثرة الأيدي العاملة، وفي هذه الكثرة قوة للأمة، وزيادة في إنتاجها، ومصلحة مؤكدة لأفراد العائلة، وهذا واضح في القرى والبوادي حيث يحقق تعدد الزوجات مثل هذه المصالح من تعاون، وكثرة إنتاج العائلة في الزراعة، أو في تربية الحيوانات وغير ذلك.

خامساً: اعتراضات وجوابها

1. اعتراض (1)

قد يعترض البعض ويقول: إن في تعدد الزوجات وجود الضرائر في البيت الواحد، وما ينشأ عن ذلك أو يترتب عليه من منافسات وعداوات بين الضرائر تنعكس على من في البيت من زوج وأولاد وغيرهم. وهذا ضرر، والضرر يزال، ولا سبيل إلى منعه إلا بمنع تعدد الزوجات.

والجواب: إن النزاع في العائلة قد يقع بوجود زوجة واحدة، وقد لا يقع مع وجود أكثر من زوجة واحدة كما هو المشاهد. وحتى لو حصل النزاع والخصام على نحو أكثر مما قد يحصل مع الزوجة الواحدة، فهذا النزاع حتى لو عُد ضرراً وشراً إلا أنه ضرر مغمور في خير كثير، وليس في الحياة شر محض ولا خير محض، والمطلوب دائما تغليب ما كثر خيره وترجيحه على ما كثر شره، وهذا القانون هو المأخوذ والملاحظ في إباحة تعدد الزوجات.

2. اعتراض (2)

وقد يقال: إن الأخذ بإباحة التعدد يهدم قاعدة المساواة بين الرجل والمرأة؛ لأن المرأة ممنوعة من تعدد الأزواج، بينما يباح للرجل تعدد الزوجات، ولا سبيل إلى رفع هذا الحيف إلا بمنع التعدد.

والجواب: إن المساواة في الحقوق لا تعني المساواة بينهما في كل ما يعطاه الرجل وفي كل ما تعطاه المرأة، وإنما المساواة أن يعطى كل منهما ما يستحق. ثم إن المرأة لا يفيدها أن تعطى حق تعدد الأزواج، بل يحط من قدرها وكرامتها ويضيع عليها نسب ولدها! لأنها مستوى تكوين النسل، وتكوينه لا يجوز أن يكون من مياه عدد من الرجال وإلا ضاع نسب الولد، وضاعت مسؤولية تربيته، وتفككت الأسرة، وانحلت روابط الأبوة مع الأولاد، كما أنه ليس في مصلحة المرأة، ولا الولد، ولا المجتمع.

سادساً: منع التعدد اعتداء على حرية المرأة

لأن زواجها لا يكون قسراً وجبراً، فلا يتم إلا برضاها مع رضا وليها، فإذا رضيت هي بزواجها برجل متزوج وزوجته لا تزال حية، وهي أعرف بمصلحتها، فما شأن الآخرين بهذا الأمر وهل يجوز أن يرفعوا أصواتهم بمنع التعدد بحجة مصلحة المرأة. ألا يكون المناداة بمنع التعدد، مع مخالفته للشرع الإسلامي، تدخلا في شؤون المرأة، بل وفي أخص شؤونها الشخصية، وهي اختيار قرين حياتها عن طريق الزواج الشرعي، ولو كان هذا القرين ذا زوجة؟

سابعاً: للمرأة أن تشترط عدم الزواج عليها

وإذا كانت المرأة تخشى التعدد، فلها أن تحتاط لنفسها بأن تشترط، في عقد النكاح، أن لا يتزوج عليها زوجها، فإن فعل جاز لها أن تطلق نفسها.



[1] يلاحظ أن تفضيل الزوجة الأولى جار عند الجماعات البدائية، ومن مظاهر التفضيل أن يقام لها كوخ خاص بها لا يشاركها فيه أحد، ولها وحدها حق الجلوس إلى جانب زوجها وهي لا تعمل، وإنما تشرف على عمل الزوجات الأخريات، وليس للزوج أن يطقها إلا إذا ارتكبت فاحشة. وهي تتولى إدارة أموال زوجها بعد موته، وترث نصف ما يترك من إرث، في حين يرث الأولاد النصف الباقي على أن تكون حصة أولادها أكبر من حصة أبناء ضرائرها.

[2] جاء في التوراة أن سليمان بن داود كان متزوجاً من سبعمائة امرأة، وكان له من الجواري ثلاثمائة جارية، غير أن بعض المؤرخين يذكرون أنهم كانوا ستمائة زوجة، وعدد جواريه ثمانين.

[3] ولا يشترط اليقين من عدم العدل لحرمة الزواج بالثانية، بل يكفي غلبة الظن، فإذا كان غالب ظنه أنه إذا تزوج زوجة أخرى مع زوجته، لم يستطع العدل بينهما حرم عليه هذا الزواج. والمقصود بالعدل، هو التسوية بين زوجاته في النفقة والكسوة والمبيت، ونحو ذلك من الأمور المادية، مما يكون في مقدوره واستطاعته. أما التسوية بين زوجاته، في المحبة وميل القلب، ونحو ذلك من الأحاسيس، فهذه الأمور ليس مخيراً ولا مكلفاً بها، ولا يطالب بالعدل فيها بين زوجاته لأنه لا يستطيعها، وهذا هو معنى قوله تعالى: ]وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ[ (سورة النساء: الآية 129)، ولهذا كان r يقول: ]اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِكُ وَلَا أَمْلِكُ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1822). أي في المحبة لبعض أزواجه أكثر من البعض الآخر.