إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الظواهر الطبيعية في القرآن والسُّنة، الشهور









أولاً: تسمية الأشهر

أولاً: تسمية الأشهر

1. تطور تسمية الأشهر

تسمية الأشهر مرت في طورين رئيسيين:

الطور الأول، كان لكل شهر رقم يُعرف به. فكانوا يقولون الشهر الأول والثاني والثالث، كما هو الحال في تسمية الأشهر الرومانية القديمة. فشهر سبتمبر معناه الشهر السابع، ونوفمبر معناه الشهر التاسع. وعلى هذا النحو جرى العبرانيون قبلهم، فكانت شهورهم تعرف بالأول والثاني، كما هو واضح في أسفار التوراة، ولا سيما في أسفار موسى الخمسة وكانت السنون تعرف بالأرقام نسبة إلى حكم ملك معين، أو نسبة إلى حادثة معينة فكانوا يقولون: السنة الثالثة لحكم بختنصر، أو العام الخامس لسنة القحط.

أما في الطور الثاني فكانت الشهور تعرف فيه بأسماء أشخاص معينين تخليدا لهم، وتعظيما كما هو الحال في شهري أغسطس ويوليه، أو نسبة إلى آلهة كما في شهر تموز. أو قد تكون التسمية نسبة إلى مظاهر مناخية كما في رمضان (من الرمضاء، ومعناها الحر الشديد)، وجمادى (من الجمد)، أو نسبة إلى مواسم زراعية أو اقتصادية كما نجد في بلاد زراعية كبابل وأشور. فإن البابليين كانوا  يقولون " شهر البذر "، و" شهر البناء "، و" شهر صنع الطوب اللبن". كذلك كانت تفعل الشعوب السلافية .  فتسمي شهر تشرين الأول الشهر الأصفر نسبة لاصفرار أوراق الشجر فيه. وكان الأنجلوسكسون يسمون تشرين الثاني شهر الريح أو شهر الدم. وفي جنوب ألمانيا، وفي قسم من سويسرا، يسمون شهر أيلول شهر الحصاد.

أما العرب، منذ جاهليتهم إلى يومنا هذا، فقد سموا الأشهر، أو عرفوها، بأسماء مختلفة، منها ما لم يعد يُذكر ومنها ما لا يزال شائعا. وفيما يلي بيان ذلك:

أ. الأشهر الرومانية أو الإفرنجية. (يناير، فبراير ....).

ب. الأشهر السريانية، أو الأشهر الرومية (ويسميها بعضهم الأشهر المسيحية). ( كانون الثاني، شباط، آذار ...).

ج. الأشهر العربية:

(1) الإسلامية (محرم، صفر... ).

(2) الجاهلية (المؤتمر، ناجر، خوان ... ).

2. الأشهر الرومانية أو الإفرنجية

وهي الشائعة، إلى يومنا هذا، في مصر وشمالي أفريقيا. وظهر أن استعمالها يعود إلى زمن بعيد، وليس من مقتبسات النهضة الحديثة كما يبدو لأول وهلة. فقد ذكرها المسعودي وكذلك البيروني وغيرهما. وهي حسب رواية البيروني:

مايه، يونيه، يوليه، أغست، ستنبر، أوكتوبر، نوفبر، دخيمبر، ينير، فبرير، مرسه، إبرير. ثم ذكر أسماء الأشهر الرومانية، وهي لا تختلف عما هي عليه في مصر اليوم إلا في طريقة التلفظ بها.

أما الأشهر المصرية العامية فهي: يناير، فبراير، مارس، أبريل، ما يو، يونيو، يوليو، أغسطس، سبتمبر، أوكتوبر، نوفمبر، ديسمبر. ومعانيها كالتالي:

أ. يناير

أي شهر كانون الثاني، فهو في الإنجليزية (January)، وفي الفرنسية (janvier) وقد سمى الرومان هذا الشهر باسم الإله يانوس، وهو إله الباب، وإله منطقة لاتيوم. وكان هذا الإله عندهم حارس أبواب السماء. فكانوا يمثلونه بصورة رجل مكتمل البنيان، يحمل بيده اليمنى صولجانا، وباليسرى مفتاحا. وكإله لشروق الشمس وغروبها، كانوا يمثلونه، بشكل تمثال ذي وجهين، أحدهما يلتفت شرقا، والآخر غربا، أي وجه يستقبل الشمس ووجه يودعها، وكان لهذا الإله مقام رفيع، لأنه كان عندهم شفيع كل بداية وكل نهاية. فكان الروماني، عند مباشرة أي عمل، وعند الفراغ منه، يطلب شفاعة هذا الإله. وكان يانوس يجلس عند مدخل السنة الجديدة، فيتطلع إليه العباد ليمن عليهم بالخير والحظ. وكانت أبواب معبده في روما تظل ـ أثناء الحرب ـ مفتوحة لا تقفل إلا أيام السلم.

ب. فبراير

أي شباط، وهو في الإنجليزية February وفي الفرنسية fevrier، وعند الرومان februarius من كلمة إيطالية الأصل، ومعناها الكفارة والغفران. ذلك لأن الشهر هذا كان عندهم شهر تقديس. ففي الخامس عشر منه كانوا يحتفلون بعيد التطهير والتقديس. وكان هذا الشهر مكرسا للإله لوبرقوس. وكان كهنة هذا الإله يذبحون جدي ماعز، أو كلب، ويمسحون جباههم بالدم (عوضا عن الذبيحة البشرية). وكانوا يقدون من جلد ذبائحهم يحملونها بأيديهم، ويطوفون بها حول المعبد، وإذا ضربوا بها امرأة عاقرا، فإنها كانت تشفى بزعمهم من عقمها. وهذه الشرائح كانت تسمى februa، وكانوا يسمون العيد هذا februatio، ومنها اسم الشهر فبراير، وكان الرومان يرمزون إليه بصورة امرأة متشحة بإزار، وفي يدها طير صغير، وإلى جانبها فوهة ماء متدفق، وعند رجليها طير مائي (مالك الحزين؟).

ج. مارث، مارس

أي شهر آذار، وهو في الإنجليزية March، وفي الفرنسية mars، وفي اللاتينية martius نسبة للنجم المريخ mars، وهو عندهم إله الحرب، وحامي الرومانين، وناصرهم زمن الحروب. ولكن يظهر أن هذا الإله كان، في العصور السابقة، إله العاصفة، أو إله الشمس، ثم إله النبت والزرع. وجميع المعتقدات والتقاليد المتعلقة بهذا الشهر تشير إلى أنه كان إله الزراعة. يؤيد هذا أن القبائل الرومانية كانت زراعية قبل أن تكون قبائل محاربة غازية. وقد كان هذا الشهر أول شهور السنة إلى أن أدخل التقويم اليوليوسي، وقد ظل في إنجلترا، الشهر الأول في السنة إلى القرن الثامن عشر. وكذلك ظل في فرنسا أول شهور السنة إلى أن أمر شارل التاسع سنة 1564م أن يكون بدء السنة  أول كانون الثاني. وللإنجليز القدماء، وغيرهم من الشعوب الأوروبية، معتقد بأن شهر آذار يستقرض 3 أيام من شهر نيسان. وهذه " المستقرضات " كانت عندهم أيام شؤم ونحس.

د. إبريل أو إفريل

أي شهر نيسان، وهو في الإنجليزية April وفي الفرنسية avril وفي اللاتينية aprire، ويظن أن الكلمة مشتقة من جذر aprire، ومعناه التفتح والازدهار، لأن الشهر شهر تفتح النور. وكانوا يصورونه بصورة راقص يرقص على أنغام العازفين. وكان هذا الشهر، عند بعض الأقوام الشمالية، أول شهور السنة. وكان أول أيام الشهر عيداً مقدساً. ويظن أنه عندما نقل شارل التاسع سنة 1564م بدء السنة إلى أول كانون الثاني ظل الناس يتذكرون أن أول السنة هو أول نيسان، وهو يوم عيد، ولذا نشأت عندهم " كذبة أول نيسان " أو كذبة إبريل.

هـ. مايو "مايس"

أي شهر أيار، وفي الإنجليزية may، والفرنسية mai. والكلمة لاتينية الأصل maius من مايا maia أو maja، وهي إلهة يونانية رومانية. وكانت إلهة الخصب والنمو والزيادة. ولذا يظن أن اللفظة مشتقة أصلا من جذر maius. وكانت مايا ابنة أطلس وأم هرمس من زيوس، وهرمس هو عطارد. ولا تزال توجد تأثيرات كثيرة من عبادة مايا في عادات كثير من الشعوب الأوربية. ففي أول الشهر ينتخبون أجمل فتاة ليتوجوها " ملكة أيار ". والأول من أيار عيد قومي في بلدان أوروبية كثيرة. وكان الإنجليز قديما ينصبون عمودا طويلا في ساحة البلدة، يغطونه بباقات الزهر، ويقيمون حلقات الرقص حوله. وقد ظلت هذه العادة موجودة إلى زمن ليس بالبعيد، عندما هاجمها رجال الدين، ووصفوها بأنها بقايا عبادات وثنية. وفي الثامن من هذا الشهر (وفي رواية أخرى من 28 نيسان إلى 2 أيار) يقع عيد FLORA ربة الزهر.

والخلاصة أن أصل كلمة مايو من اسم معبودة قديمة يدل على الكثرة والخصب.

و. يونيه

أي شهر حزيران، وهو في الإنجليزية June، وفي الفرنسية juin، أما أصل الكلمة فلاتيني junius والمجمع عليه أن هذه اللفظة اسم قبيلة رومانية قديم.

ز. يوليه

أي شهر تموز، وهو في الإنجليزية July، وفي الفرنسية juilet وقد سمي هذا الشهر باسم القائد جايوس يوليوس قيصر الذي ولد في هذا الشهر. وعندما وضع يوليوس تقويمه المشهور باسمه غيروا اسم الشهر القديم (أي الشهر الخامس) إلى يوليوس تعظيما وتخليدا لاسمه.

ح. أغسطس

أي شهر آب، وهو في الإنجليزية Augusts، وفي الفرنسية aout وقد سمي هذا الشهر باسم أغسطس قيصر، أول قياصرة روما تعظيما له. وكان يعرف قبل هذا بـ sextilis أي الشهر السادس. ولكن مجلس الشيوخ قرر أن يغير اسمه إلى أغسطس، لأنه أحرز في هذا الشهر أعظم انتصاراته، وفيه كانت تقام حفلات تذكارية لهذه الانتصارات. وقد جعلوه 31 يوما أسوة بشهر يوليوس لكي لا يشعر أغسطس أنه أقل منزلة من يوليوس قيصر. وكانوا يمثلون هذا  الشهر بصورة رجل عار ذي شعر كثيف مشعث، وفى يده إناء يشرب منه.

ط. سبتمبر، أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر

ظلت هذه الأشهر الأربعة محتفظة بأسمائها القديمة. ومعاني هذه الأسماء ظاهرة، فإنها مشتقة من ألفاظ الأرقام في اللاتينية. فسبتمبر مشتقة من septem، ومعناها سبعة، وأكتوبر مشتقة من octo، ومعناها ثمانية، ونوفمبر من novem، ومعناها تسعة، وديسمبر من decem، ومعناها عشرة. ويجب الملاحظة أن الشهر الأول كان شهر آذار. وقد حاولوا أن يغيروا أسماء هذه الأشهر بتسميتها بأسماء أباطرة. فحاولوا مثلا أن يسموا نوفمبر تيبريوس وأكتوبر جرمانوس أو أنطونينوس، ولكن المحاولة فشلت لأسباب سياسية أو حزبية.

وكان الرومان يعقدون في شهر أكتوبر عيدا للخمر. وكانوا يمثلون هذا الشهر بشكل صياد عند قدميه فريسة، وفوق رأسه سرب من الطيور، وإلى جانبه دن من الخمر. وأما شهر نوفمبر فقد خصوه بمعبودتهم ديانا، وكانوا يمثلونه بشكل كاهن للإلهة إيزيس.