إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أحكام الشريعة الإسلامية









المبحث الأول

المبحث الأول

تعريف الشريعة الإسلامية

يراد (بالشريعة) كل ما شرعه الله للمسلمين من دين، سواء أكان بالقرآن الكريم نفسه، أم بسنة الرسول r؛ فهي، لهذا، تشمل أصول الدين، أي ما يتعلق بالله وصفاته والدار الآخرة وغير ذلك من بحوث علم التوحيد.

كما تشمل ما يرجع إلى تهذيب المرء نفسه وأهله، وما يجب أن تكون عليه العلاقات الاجتماعية، وما هو المثل الأعلى الذي يجب أن يعمل لبلوغه أو مقاربته، وما هي الطرق، التي بها يصل إلى هذا المثل، أو الغاية من الحياة، وذلك كله هو ما يعرف باسم علم الأخلاق.

ومع هذا و ذاك، تشمل الشريعة أحكام الله في جميع الأعمال: من حل، وحرمة، وكراهة وندب، وإباحة. وذلك ما نعرفه اليوم باسم (الفقه) المرادف لكلمة (قانون) في عرف المعاصرين.

وفي ذلك نجد أحد الذين عنوا عناية فائقة بتحقيق مصطلحات العلوم، وهو محمد علي التهانوي يقول: "الشريعة ما شرع الله لعباده من الأحكام، التي جاء بها نبي من الأنبياء، صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم، سواء كانت متعلقة بكيفية عمل، وتسمى فرعية وعملية، ودون لها علم الفقه، أو بكيفية الاعتقاد، وتسمى أصلية واعتقادية، ودون لها علم الكلام".

إلى آخر ما جاء في مادة (شريعة)، مما فيه التفرقة واضحة بينها وبين الفقه، وإذ كان قد ذكر ما يفيد أنها قد يراد بها الفقه في بعض الأحيان من باب إطلاق العام، ويراد به الخاص.

ومن قبل "التهانوي" نرى أبا إسحاق الشاطبي، يفرق، عرضًا، بين الشريعة والفقه. وذلك، بأنه، وهو يتكلم في المقدمة العاشرة لكتابه "الموافقات في أصول الشريعة"، يقول: "إن معنى الشريعة أنها تحد للمكلفين حدودا في أفعالهم وأقوالهم واعتقاداتهم، وهو جملة ما تضمنته".

ومعنى هذا، أن الشريعة مرادفة للدين، وليس يراد بها الفقه وحده؛ لأن الفقه لا يتعرض للاعتقادات، كما نعرف جميعا، بل ذلك موضوع علم الكلام أو التوحيد.

وقد عرفت اللغة العربية كلمة "شريعة" قبل كلمة "فقه" بزمن طويل، ذلك بأننا نجد مادة (شرع)، ومشتقاتها وردت في كثير من آي القرآن الكريم، بل نجد كلمة "شريعة" نفسها جاءت في قوله تعالى ]ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ[ (سورة الجاثية: الآية 18). وهذا في مقابلة الشريعة اليهودية، والشريعة النصرانية، ويراد بها الدين بصفة عامة.

على حين أن كلمة "فقه" لم تعرفها لغة العرب بمعناها الذي نريده اليوم، إلا بعد مضي صدر من الإسلام، وفي هذا يقول ابن خلدون، في الفصل الذي عقده للكلام عن علم الفقه وما يتبعه من الفرائض: "الفقه معرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين، بالوجوب، والحظر، والندب، والكراهة، والإباحة، وهي متلقاة من الكتاب والسنة، وما نصبه الشارع لمعرفته من الأدلة، فإذا استخرجت الأحكام من تلك الأدلة، قيل لها: "فقه".

ويذكر بعد هذا أن هؤلاء، الذين يستخرجون هذه الأحكام، كانوا يسمون في فجر الإسلام بالقراء. تمييزا لهم من الذين لم يكونوا يقرؤون الكتاب الكريم، إذ كان العرب أمة أمية، كما نعلم. "ثم عظمت أمصار الإسلام وذهبت الأمية من العرب، بممارسة الكتاب وتمكن الاستنباط وكمل (الفقه)، وأصبح صناعة وعلمًا، فبدلوا اسم الفقهاء والعلماء من القراء".