إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الرّق، وموقف الإسلام منه









مقدمة

خامساً: مواقف الإسلام من "الرّقّ

جاء الإسلام، والرّقّ مؤسسة قائمة، وعُرف اجتماعي متجذَّر في العرب، الذين ظهر فيهم هذا الدين، وفي غيرهم من الأمم. والرّقّ مشكلة من مشكلات الإنسان المعقدة، ولمّا جاء الإسلام لإنقاذ الإنسان من نير الجاهلية، وهي أكبر مشكلاته، كان لزاماً أن يتعامل مع الإنسان كله، بجميع مشكلاته، النفسية، والعقلية، والاجتماعية، والمادّيّة، والروّحيّة.

ولو جاء الإسلام، وقال للعرب، من أوّل يوم: انبذوا آلهتكم، وأقلعوا عن شرب الخمر، وعن لعب الميسر، وعن الزنى، وصلوا، وزكوا أموالكم،… الخ، لما تقدّم خطوة واحدة. والإنسان بطبعه حريص على المال، وأهل مكة أهل تجارة أصلاً، والرق جزء من منظومتهم الاقتصادية، وكان أبو جهل، وأمية بن خلف، وأبو بكر، وغيرهم، يمتلكون الرقيق، وقصص عمار بن ياسر وأسرته مع أبي جهل، وبلال بن رباح مع أمية بن خلف، مشهورة جداً.

فالذي فعله الإسلام، أولاً، أن صاغ ذهنية هاتين الطبقتين (السادة والعبيد) صياغة جديدة، بأن بنى فيها مبادئ كبرى، ومعاني سامية، وأخلاقاً كريمة، أهمها:

1. كرامة الإنسان: فهذا المخلوق (الإنسان) ليس مخلوقاً يتساوى مع بقية مخلوقات الله في كل شيْ. بل هو مخلوق مكرم، معدّ للقيام بالمهمة المنوطة به، ]وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً[ (سورة الإسراء: الآية 70) ، وسخَّر له كلُّ شيء خلقه الله في الأرض، وفي أعماقها، وفي أجوائها، على أن يستخدمه وفق توجيه الله له، بالقسط والعدل.

فالإنسان، إذن، في أصل خَلْقِه، مكرّم بتكريم الله له، ويجب عليه أن يعلم هذا، وأن يتعامل مع نفسه ومع الآخرين على أساس من هذه القاعدة الكبرى. والنفس البشرية عند الله أعظم من الدنيا وما فيها، ولذلك قال تعالى: ]مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا[ (سورة المائدة: الآية 32). فأي شيء بعد هذا، أو أي شيء أعظم من هذا، في التدليل على كرامة الإنسان ، وتعظيم الله لشأنه بين مخلوقاته.

فالسيد يتعامل مع مسوده على أنه إنسان كرّمه الله، وعظّم شأنه، وما هو فيه من حالة رق لا تستوجب امتهانه، أو تحقيره، أو إذلاله.

وعلى العبد الرقيق أنه يبني في نفسه أنه مخلوق مكرم، وما هو فيه من رق ليس إلاّ حالة مؤقتة، ينبغي له أن يعمل جاهداً على زوالها بالطرق، التي شرعها الله له.

2. حرّيّة الإنسان: خلق الله الإنسان، في أصل الخلق، حرّاً، فليس له أن يكون عبداً لأحد، إلاّ لِله وحده، الذي خلقه. ومع ذلك، فليس لأحد أن يُكره آدمياً على شيء، حتى على الإيمان بالله، الذي هو أعظم شيء خُلق له الإنسان، قال تعالى: ]لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ[ (سورة البقرة: الآية 256). وعلى هذا فالأصل أن ليس لإنسان أن يستعبد أخاه الإنسان، لأن حرّية كل إنسان مكفولة له.

ولهذا نهى النبي r، عن أن يقول السيد لمملوكه أو مملوكته، عبدي أو أمتي، ]وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِي أَمَتِي وَلْيَقُلْ فَتَايَ فَتَاتِي غُلاًمِي[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 4179).

وبهذا الاسم وردت تسميتهم في القرآن الكريم: ]وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ[ (سورة النساء: الآية 25) ، وقوله تعالى: ]وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لاَ أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا[ (سورة الكهف: الآية 60) ، فإذا أنبنى هذا المبدأ العظيم في نفس السيد، أدرك عِظَم حق رقيقه عليه، وإذا تأسّس هذا في نفس الرقيق، عمل على زوال هذه الحالة الطارئة عليه.

3. المساواة بين الناس: خلق الله الناس متساوين، ليس لأحد فضل على أحد بخصلة ذاتية في أصل خلقه أو في مجتمعه، كلونه، أو لغته، أو عرقه، قال تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا[ (سورة الحجرات: الآية 13) ، فمعيار الفضل لتقوى الله ليس غير. وقال رسول الله، r: ]أَيُّهَا النَّاسُ أَلاَ إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلاَ لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلاَ لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلاَ لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلاَ أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلاَّ بِالتَّقْوَى[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 22391)، وهذا أبو الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام، يتسّرى بهاجر، وقد كانت من رقيق زوجته سارة، فأنجبت له إسماعيل،عليه الصلاة والسلام، وهو أصل العرب، وجد النبي. وهذا محمد r، أفضل ولد آدم، يتسّرى بماريّة ويُرْزَق منها ابنه إبراهيم، أحب أبنائه لديه.

وهكذا، بنى الإسلام في نفوس أتباعه هذه الركائز العظيمة، بعد أن أقرّ في نفوسهم الركيزة الأصل وهي الإيمان بالله، المتضمّن أن الله هو العليم أزلاً بأحوال البشرية، وما يصلح لها. فلما سُنَّ تنظيم أمر الرقيق، وجد ذلك نفوساً طيبةً، وعقولاً مستنيرة، فآتى ثماراً حسنة، لا تستطيع، ولن تستطيع المراسيم، ولا الأوامر، ولا الأعراف الدولية، ولا الأنظمة، ولا القوانين أن تُنتج مثلها، بالتكاليف والإجراءات نفسها. إذن، ما الذي فعله الإسلام. في شأن الرق؟ هل ألغاه بالكلية؟ ولماذا؟ أما بالنسبة للسؤال الأوّل، فلقد انتهج الإسلام بشأن الرق إجراءات عدة، من أهمها:

1. تضييق مصادر الرق

كانت مصادر الرق. في تاريخ الأمم قبل الإسلام، قد تعدّدت، فألغاها الإسلام جميعها، إلا مصدراً وحيداً، تركه الإسلام لأسباب موضوعية وعملية محددّة. ذلك المصدر هو الحرب المشروعة، ومشروعيتها مستفادة من مثل قوله تعالى: ]أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ[ (سورة الحج: الآية 39)، وقوله تعالى: ]فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ[ (سورة البقرة: الآية 194)، وقوله تعالى: ]وَلَوْلاَ دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ[ (سورة البقرة: الآية 251)، وقوله تعالى: ]وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ[ (سورة الأنفال: الآية 58).

فإذا وقع أعداء المسلمين المحاربين لهم، في أسر المسلمين، في حرب مشروعة، فهم أسرى لهم، وقد عاتب الله تعالى نبيّه على قبول الفدية من أسرى أوّل حرب وقعت بينه وبين أعداء الإسلام، في وقعة بدر الكبرى، في السنة الثانية من الهجرة، فقال: ]مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ[ (سورة الأنفال: الآية 67). ثم جاء التنزيل من رب العالمين، بعد مَدّة من الزمن، يخيّر النبي r، بين المَنّ وبين الفداء،فقال تعالى: ]فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا[ (سورة محمد: الآية 4)، وقد ذهب بعض علماء الإسلام إلى أنّه، بنصّ هذه الآية، لا يجوز استرقاق أسرى الحرب، حيث إن الآية خيّرت الرسول، r، بين المنّ وبين الفداء، ولم تذكر الاسترقاق.

وذهب آخرون إلى أن الحكم في هذه الآية منسوخ بقوله تعالى: ]فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ[ (سورة التوبة: الآية 5)، ونُقِل عن الإمام الشافعي ـ رحمه الله تعالى ـ قوله: " الإمام مخيّر بين قَتله، أو المنّ عليه، أو مفاداته، أو استرقاقه".

واستُدِلّ على هذا بفعل النبيّ r، نفسه، فقد قتل النضر بن الحارث، وعقبة بن أبي معيط، من أسارى بدر.

وفادى آخرين، ومَنّ على آخرين، ووقع في قسْمته من سَبْي خيبر، صفية بنت حيي بن أخطب، يهودية من بني النضير، فأعتقها وأسلمت، ثم تزوجها، فصارت واحدة من أمهات المؤمنين، رضي الله عنها. يقول بعض الباحثين المحدثين: "لأن الإسلام، بعد ظهوره، واجه أوضاعا عالميّة قائمة، كما واجه تقاليد في الحرب معترفاً بها، وبذلك لم يكن للمسلمين أن يطلقوا الأسرى من الأعداء أحراراً، على حين أن هؤلاء كانوا يأسرون المسلمين ويسترقونهم.

ويقول آخر: "والإسلام، وهو دين الله الحق، لم يُجز… إلاّ الاسترقاق بواسطة الحرب، وذلك رحمة بالبشرية، فإن الغالب المنتصر، كثيراً ما يحمله ذلك على الإفساد، تحت تأثير غريزة حب الانتقام، فيقتل النساء والأطفال تشفياً من رجالهم، فأذن الإسلام لأتباعه في استرقاق النساء، إبقاءً على حياتهم، أولاً، وتمهيداً لإسعادهم وتحريرهم، ثانياً".

أمّا مصادر الاسترقاق الأخرى، فقد أبطلها الإسلام جميعاً، سواء كانت بسبب القرصنة، أو الدَّيْن، أو اللقطة، أو الفقر، أو غيرها، وذلك من فضل الله، ورحمتَه، ومنّته، على عباده.

2. فتح أبواب الإعتاق على مصاريعها

أبواب عتق الرقيق كثيرة، من حكمة الله، وفضله على عباده، حتى تعود لهؤلاء الرقيق، القدرة على ملك أنفسم، والتصرف في شؤونهم وأموالهم. فأوّل ما فعله الإسلام في هذا الشأن، هو الترغيب في العتق، وجعله قربى يتقرّب بها المحسنين إلى ربهّم، ويفتدون بها أنفسهم من لظى نار جهنم يوم القيامة، فقال في محكم التنزيل: ]فلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ[ (سورة البلد: الآيات 11ـ 13)، أي: إعتاق نفس وتحريرها من الرق والعبوديّة. والعجيب أن هذه السورة، سورة البلد، التي وردت فيها هذه الآية، سورة مكيّه، أي: قبل نزول التشريع، الذي ارتبط كثيراً بالقرآن المدني. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله r: ]مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُسْلِمَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْ النَّارِ حَتَّى فَرْجَهُ بِفَرْجِهِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6221).

وقال رسول الله r: ]‏مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ ‏ ‏ إِرْبٍ ‏ ‏مِنْهَا ‏ ‏ إِرْبًا ‏ ‏مِنْهُ مِنْ النَّارِ حَتَّى إِنَّهُ لَيُعْتِقُ بِالْيَدِ الْيَدَ وَبِالرِّجْلِ الرِّجْلَ وَبِالْفَرْجِ الْفَرْجَ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 9096).

وقال، r: ]أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فَكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِي كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُ عُضْوًا مِنْهُ وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فَكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزِي كُلُّ عُضْوٍ مِنْهُمَا عُضْوًا مِنْهُ وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فَكَاكَهَا مِنْ النَّارِ يُجْزِي كُلُّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْهَا[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1466)، وزاد الإمام أحمد: ]وَأَيُّمَا امْرَأَةٍ مُسْلِمَةٍ أَعْتَقَتْ امْرَأَةً مُسْلِمَةً كَانَتْ فِكَاكَهَا مِنْ النَّارِ ‏ ‏يُجْزَى بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهَا[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 17366).

وروى الإمام أحمد، عن عمرو بن عَبَسَة ،أنه حدّثهم، أن النبي r، قال: ]مَنْ أَعْتَقَ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمٍ مِنْهُ عَظْمًا مِنْهُ وَمَنْ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فِكَاكَهُ مِنْ النَّارِ يُجْزَى بِكُلِّ عَظْمَيْنِ مِنْهُمَا عَظْمًا مِنْهُ وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 17370).

وروى الإمام أحمد، عن البراء بن عازب، قال: جاء أعرابيّ إلى رسول الله، r، فقال: ]عَلِّمْنِي عَمَلاً يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ لَئِنْ كُنْتَ أَقْصَرْتَ الْخُطْبَةَ لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ أَعْتِقْ النَّسَمَةَ وَفُكَّ الرَّقَبَةَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَلَيْسَتَا بِوَاحِدَةٍ قَالَ لاً إِنَّ عِتْقَ النَّسَمَةِ أَنْ تَفَرَّدَ بِعِتْقِهَا وَفَكَّ الرَّقَبَةِ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 17902).

فكان من نتيجة هذه الإرشادات النبوية، في فضل إعتاق الرقيق، أن أقبل المسلمون إقبالاً منقطع النظير، على تحرير الأرقاء، طيبة بذلك نفوسهم، قريرة به أعينهم، ليفوزوا برضوان الله وجنته، ولينجوا من عذاب الله وغضبه. وكان المصطفى، r، مضرب المثل في ذلك، والقدوة الصالحة، فأعتق ما عنده من الأرقاء.

وتلاه أصحابه المقربون، كأبي بكر، وعمر، وعبدالله بن عمر، وغيرهم كثير. ويروى أن عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، إذا اشتدّ عُجْبُهُ من ماله، قرّبه إلى الله عز وجل، وكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه، فإذا رأى منهم أحداً، يلزم المسجد أعتقه، فيقول أصحابه: يا أبا عبدالرحمن، والله ما بهم إلاّ أن يخدعوك، فيقول: "ما خدعنا أحد بالله إلا انخدعنا".

وكان عبيد الله بن أبي بكره الثقفي، والي سجستان، عام 79هـ، يُعْتق في كل عيد مائة عبد.

غير أن الإسلام أوجد طريقاً أخرى، على وجه الإلزام، للإعتاق، تلك الطريق، هي العتق بالكفارات. والكفارات هي عقوبة يدفعها المسلم بسبب ذنب ارتكبه، أو خطيئة اقترفها. والذنوب، بطبيعة الحال، تتفاوت في عظمها، وتتفاوت، بناء على ذلك، أنواع الكفارة، لكن جميع الكفارات الوجوبية تجعل العتق على رأسها .

فهناك كفارة القتل الخطأ، قال تعالى: ]وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا[ (سورة النساء: الآية 92)، وهناك كفّارة اليمين، إذا حنث صاحبها في يمينه، ودليلها قوله تعالى: ]لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ[ (سورة المائدة: الآية 89)، ويلحق بكفارة اليمين، كفارة الإيلاء، لأن الإيلاء يمين، وهو: حلف الرجل بالله تعالى أن لا يطأ زوجته، مدّة تزيد على أربعة أشهر.

ويلحق بكفارة اليمين، كذلك، كفارة النذر، والنذر"إلزام المسلم نفسه طاعة لله لم تلزمه بدونه".

وهناك، أيضاً، كفارة الظهار، هو "أن يقول الرجل لامرأته: أنت علىَّ كظهر أمّي"، أي: أن حرمتك عليّ كحرمة أمّيّ عليّ. فكفارة الظهار نصت عليه الآية: ]وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا[ (سورة المجادلة: الآية 3).

وأخيراً، هناك كفارة من يفطر بجماع أهله في نهار رمضان، فكفارته: عتق رقبة مؤمنة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً. والملاحظ أن كفارة اليمين والإيلاء والنذر، مثلاً، أخفّ من كفارة الإفطار في رمضان، بدليل أن الكفارة الأولى قد تكون بالعتق، أو بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، بينما الكفارة الثانية قد تكون بالعتق، أو بصيام شهرين متتابعين لو كسرهما، لو بيوم واحد، استأنف من جديد، أو بإطعام ستين مسكيناً. وهذا يدل على أن الشرع المطهر أوجد الفرصة في كل، بصرف النظر عن عظم الذنب، لتحرير الرقبة وإعتاقها، مما يدل دلالة واضحة، على توسيع سبل العتق ومجالاتها.

وهناك العتق بالمكاتبة، وهي أن يشتري الرقيق حُريته بمبلغ من المال، يؤديه إلى مالكه، يقول الأستاذ محمد قطب: "والعتق هنا إجباري، لا يملك السيد رفضه، ولا تأجيله، بعد أداء المبلغ المتّفق عليه"، ودليل المكاتبة قوله تعالى: ]وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا[ (سورة النور: الآية 33)، وروى أن عمر بن الخطاب أمر أنس بن مالك، أن يكاتب عبده سيرين، فلما أبى ضربه بالدّرة، وقال له: كاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً، وحلف عليه ليكاتبنّه.

ومن رحمة الإسلام، وحرصه على تخليص الرقيق من حبس العبودية، جعل للمكاتبين حقاً في بيت المال ليؤدوا ما فرض عليهم مواليهم، إذا عجزوا عن تحصيله.

وفي ذلك يقول الله تعالى: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ[ (سورة التوبة: الآية 60)، فهذا مصرف من مصارف الزكاة، الركن الثالث من أركان الإسلام.

وهناك العتق بالتدبير، وهو وعد السيّد رقيقه بأن يُمنَح الحرّية، بعد وفاته، فإذا مات السيد، صار الرقيق حرّاً على سبيل الوجوب الشرعي، الذي ليس له ردّ، مع أن الأصل في التدبير الإباحة والاختيار.

وهناك العتق بالاستيلاء، وهو صورة من صور العتق بالتدبير، وهو ولادة الأمة ولداً من سيدها، فتصبح بسببه حرةً بعد موت سيدها، فعن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن الرسول r، قال: ]مَنْ وَلَدَتْ مِنْهُ أَمَتُهُ فَهِيَ مُعْتَقَةٌ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ أَوْ قَالَ بَعْدَه[ُ (مسند أحمد، الحديث الرقم 2623).

وعن عبدالله بن عمر، رضى الله عنهما، عن النبيّ r، أنه نهى عن بيع أمهات الأولاد، وقال: ]أَيُّمَا وَلِيدَةٍ وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا فَإِنَّهُ لاَ يَبِيعُهَا وَلاَ يَهَبُهَا وَلاَ يُوَرِّثُهَا وَهُوَ يَسْتَمْتِعُ بِهَا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ[ (رواه مالك، الحديث الرقم 1268).

وهناك العتق بسبب ظلم السيد عبده، ودليله قوله، r: ]مَنْ لَطَمَ مَمْلُوكَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ أَنْ يُعْتِقَهُ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 4500)، وروى مسلم بسنده أن ابن عمر، رضي الله عنهما، دعا بغلام له، فرأى بظهره أثراً، فقال له: أوجعتُك؟ قال: لا، قال: فأنت عتيق، ثم أخذ شيئاً من الأرض، فقال: مالي فيه من الأجر ما يزن هذا، إني سمعت رسول الله r، يقول: ]مَنْ لَطَمَ غُلاَمَهُ أَوْ ضَرَبَهُ فَكَفَّارَتُهُ عِتْقُهُ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 5015).

وهناك العتق بالسّريان، وهو أن يكون في الرقيق شركاء، فإذا أعتق أحد الشركاء قسمة، سرى العتق إلى بقيّة أجزائه، فيُقوّم عليه الباقي من الأقسام، فيدفع ثمنه لأصحابه، ويعتق العبد بكامله، لقوله r: ]مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْتِقَ كُلَّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قَدْرَ ثَمَنِهِ يُقَامُ قِيمَةَ عَدْلٍ وَيُعْطَى شُرَكَاؤُهُ حِصَّتَهُمْ وَيُخَلَّى سَبِيلُ الْمُعْتَقِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 2321).

وأخيراً، هناك الولاء، وهو عصبة سببها الإنعام بالعتق فمن عتق مملوكاً بأي من وجوه العتق، كان عاصباً له، فإن مات، ولم يترك عاصباً من نسبه، كان المعتق وعَصَبتهُ عصبةً لهذا العتيق، لقوله، r: ]الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1398)، ولقوله، عليه الصلاة والسلام: ]الْوَلاَءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ لاَ يُبَاعُ وَلاَ يُوهَبُ[ (سنن الدارمي، الحديث الرقم 3030).

3. إحسان معاملة الرقيق والرفق به

إذا لم يتحرر الرقيق بأيّ سبب من أسباب العتق السابقة، بَقي رقيقاً. في يد مولاه. غير أن بقاءه رقيقاً في يد سيده، لا يعني الإساءة إليه، وتنغيص عيشه، وتكدير حياته. ولا يعني ذلك إرهاقه بالعمل، وتكليفه بما يشق عليه جسمانياً أو نفسانياً. ولذا وجّه الإسلام بتوجيهاته، المتسمة بالرفق به، والإحسان إليه، والرحمة به. ومن رحمة الله العظيمة به أن خفّف عليه في التكاليف، فلا تجب عليه صلاة الجمعة، مثلاً، ولا يجب عليه ركن الإسلام الخامس، وهو الحج، ومثله العمرة. ولعل الله يرشد بهذا بني البشر، ويضرب لهم المثل الأسمى، في أن يخففوا على من ملّكهم الله أمرهم، كما خفّف هو، سبحانه وتعالى، عنهم في حقوقه عليهم. ثم إن نبَّي الله، r، أرشد إلى مثل إرشاد الله تعالى، فقال، r: ]إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلاَ تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 2359).

يبيّن هذا الحديث أربعة أمور:

أ. إن هؤلاء الرقيق تحت أيدي ملاكهم بإرادة من الله وتقدير منه، فليس ذلك، إذاً، بقدرة مطلقة منهم.

ب. إن هؤلاء الرقيق"إخوان" لملاّكهم وأسيادهم، وهذه علاقة عظيمة يبينّها رسول الإسلام، r، ويبنيها، فعلاً، في أبناء أمّته. فمن ذلك، مؤاخاته بين بلال بن رباح، رضي الله عنه، وهو مولى، وبين خالد بن رويحة الخثعمي، وهو من سادة العرب الأحرار، ومؤاخاته بين مولاه زيد بن حارثة، وبين عمّه حمزة بن عبد المطلب، "وكانت هذه المؤاخاة صلة حقيقة، تعدل رابطة الدم، وتصل إلى حد الاشتراك في الميراث"، وزاد، r، على هذه المؤاخاة بُعداً آخر، عندما زوّج مولاه زيداً من زينب بنت جحش، وهي ابنة عمتّه، وهو الذي نزل في شأنه قوله تعالى: ]فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً[ (سورة الأحزاب: الآية 37).

ج. أن هؤلاء الرقيق يُطعمون، ويُكسَوْن مما يأكل سادتهم، ومما يكتسون، وهذا غاية العدل.

د. أن هؤلاء الرقيق، إذا ما كُلّفوا بعمل، فلا يكلّفون إلا ما يطيقون، وإذا كُلفّوا فوق طاقتهم، فلا بُدّ أن يُعانوا على ذلك. ومخالفة هذه الأوامر النبوية، كانت سبب شقاء الرقيق في العالم، وفي التاريخ قديمه وحديثه. ولهذا، كان النبيّ، r، في وصاياه الأخيرة لأمته، وهو يوصي بأمرين، لا يُتصوَّر أنه أكدّ عليهما لولا أهميتهما، وهما: "الصلاة، وما ملكت أيمانكم"، فعن أنس بن مالك، رضي الله عنه، قال: " كانت عامّة وصيّة رسول الله r، حين حضرته الوفاة، وهو يُغَرْغِر بنفسه، الصلاة، الصلاة، وما ملكت أيمانكم".

فالصلاة عماد الدين، فلا يستقيم دين دونها، ورَبْطُ "مِلْك اليمين" بها، وهي ذات الشأن العظيم هذا، يدل على أن هذه الشريحة في المجتمع ممن يٌتِوقع ظلمها، فشّدد على الوصية بأمرها، في هذه اللحظة الحرجة، لحظة الموت. وجاء في الأثر أنّ عبدالله بن عمرو، قال لقُهْرُمانٍ له: "هل أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا، قال: فانطلق فأعطهم، فإن رسول الله r، قال: ]كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1662)، ومعنى" قهرمان: أي وكيل، أو أمين المدخل والمخرج". ويزيد النبي، r، على إطعام الرقيق، وكسوتهم، وتشغيلهم، أمراً آخر، يُعدّ في معايير هذا الزمان أرقى أنواع التحضر، هذا الأمر هو تعليم الرقيق، فقال: ]ثَلاَثَةٌ لَهُمْ أَجْرَانِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمَنَ بِنَبِيِّهِ وَآمَنَ بِمُحَمَّدٍ r وَالْعَبْدُ الْمَمْلُوكُ إِذَا أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ وَرَجُلٌ كَانَتْ عِنْدَهُ أَمَةٌ فَأَدَّبَهَا فَأَحْسَنَ تَأْدِيبَهَا وَعَلَّمَهَا فَأَحْسَنَ تَعْلِيمَهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا فَتَزَوَّجَهَا فَلَهُ أَجْرَانِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 95).

وقد استنّ صحابة رسول الله r، في معاملة رقيقهم، بسنة النبي r، فكان عمر t، يراقب معاملة السادة لمماليكهم، فيذهب كل يوم سبت إلى العوالي، (وهي ضاحية من ضواحي المدينة)، فإذا وجد عبداً يقوم بعمل لا يطيقه، وضعه عنه. وها هو يدخل على قوم من أهل مكة، فوجدهم يأكلون، ومواليهم لا يأكلون معهم، فلما دَعَوه، امتنع أن يأكل معهم، وذكرّهم بأنه لا عِزّة لقوم لا يأكل معهم مواليهم. ثم ها هو حين توجّه إلى بيت المقدس، يتناوب ركوب الراحلة مع غلامه، فلما اقتربا منها، كان الدور لعبده، فأركبه الخليفة، وسعى خلفه على أقدامه.

ورأى أبو هريرة رجلاً على دابته، وغلامه يسعى خلفه، فقال له: "احمله خلفك، يا عبدالله، فإنما هو أخوك، وروحه مثل روحك".

وفي الفقه الإسلامي أحكام كثيرة، تتعلق بمعاملة الرقيق، وهي مستمدّة مما قضى به القرآن الكريم، واستنّه الرسول العظيم r، وكلها رفق بالرقيق، وإحسان إليه، وأخذ بيده، منها:

(1) لا يجوز التفريق في بيع الرقيق بين كل ذي رحم محرم كالولد مع أمه، أو الرجل مع زوجته.

(2) إذا كان العبد ذا كسب، بمعنى أنه يحسن صنعة أو مهنة، فله أن يطلب من مالكه أن يجيزه في التكسب من عمله لقاء مبلغ يؤديه إليه، وما فَضُلَ للعبد، ينفقه على نفسه.

(3) إذا امتنع السيد مما يجب عليه، من نفقة أو كسوة لعبده، فللعبد أن يرفع أمره إلى القاضي، وعلى القاضي أن يُجْبر السيّد على بيعه، سواء أكان امتناع السيد من ذلك لعجزه عَنه، أو مع قدرته عليه.

(4) للعبد أن يطلب من سيده تزويجه طَلَباً للعفّة، وعلى سيده أن يزوّجه، أو يملّكه أَمة يتسرّاها، وليس لسيد أن يجبره على الزواج إذا أباه. وإذا طلبت الأمة الزوج، فالسيد مخير بين تزويجها وبين الاستمتاع بها.