إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الرّق، وموقف الإسلام منه









مقدمة

ثامناً: إلغاء الرق في المملكة العربية السعودية

المملكة العربية السعودية دولة عربية إسلامية، التزمت منذ تأسيسها، على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود، بكتاب الله تعالى وسنة نبيه، دستوراً لها، بهما تعمل وإليهما تحتكم، وتصدر قراراتها في كل أمورها عن تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، المفصلة فيهما، والمنقولة على أيدي السلف الصالح من علماء هذه الأمة.

وكانت مشكلة الرق مشكلة اجتماعية، قائمة قبل تأسيس هذه الدولة. وقد عمل الملك عبدالعزيز على وضع حلٍّ مناسب لهذه المشكلة، فأصدر مرسوماً في عام 1356هـ، الموافق 1936م، يقضي بتنظيم شؤون الرقيق، وبإعطائهم الفرصة، بشروط محددة، لأن يصبحوا أحراراً. وبموجب هذا المرسوم، فإن استيراد الرقيق، عن طريق البحر، يُحْظر، ويُخَوّل وزير الداخلية بتصدير الرّخص لتُجّار الرقيق. وفي 9 جمادى الثانية 1382هـ، الموافق 6 نوفمبر 1962م، أصدرت حكومة المملكة العربية السعودية بياناً وزارياً تُعْلِن فيه عن "إلغاء الرق مطلقاً، وتحرير جميع الأرقاء" (اُنظر ملحق وثيقة إلغاء الرق في المملكة العربية السعودية الثلاثاء 9/6/1382هـ الموافق 6/11/1962م).

وهذا البيان يقرر مجموعة من الأمور، منها:

1. إن المملكة ترغب في إلغاء الرقّ، تنفيذاً لتعاليم الدين السمحة، فإن: "من المعروف أن موقف الشريعة الإسلامية من الرقّ يحثّ على فكّ الرقاب، … وأن الرقيق الموجود في العصر الحاضر، قد تختلف فيه كثير من الشروط الشرعيّة، التي أوجبها الإسلام لإباحة الاسترقاق".

2. إن المملكة اتخذت إجراءات إدارية، راعت فيها التدرّج، الذي هو منهج شرعي أصلاً. قضت هذه الإجراءات، أولاً، بمنع استيراد الرقيق، ثم بمنع بيعه وشرائه، ثانياً، ثم بإلغائه مطلقاً، ثالثاً، ثم بتحرير جميع الأرقاء، أخيراً.

3. إن المملكة اتخذت إجراءين ماليين، متعلّقين بإبطال الرقّ. أولهما، فرض عقوبات مالية على من يستورده، وثانيهما، تعويض من يثبت استحقاقه للتعويض.

وبتتبُّع تطوّر التاريخ، نلاحظ أن المملكة كانت جدَّ راغبة، منذ تأسيسها، في إلغاء الرقّ، امتثالاً لتعاليم الدين، التي أوضحتها المادة العاشرة من البيان الوزاري، لكن أجهزة الدولة لم تتشكل، بعدُ، وقتها، وكوادرها الإدارية لم تكن مهيّأة كذلك. فاكتفت بالإجراءات، التي اتخذتها في عام 1356هـ/ 1936م، على أنها كانت عازمة على اتخاذ قرار مستقبلي بشأن إلغاء الرق أكثر صرامة. ولما تحسّنت أجهزة الدّولة إدارياً في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز، وتحسّنت أوضاعها الاقتصادية، صدر البيان الوزاري من دون تريُّث. وصدور الفقرة العاشرة من البيان في عام 1962م، كان مسايراً للحركة العالمية، التي كانت هيئة الأمم المتحدة وراءها، بعد تبنّيها لبروتوكول مؤتمر الرق، الذي بدأ العمل به في شهر يوليه من عام 1955م، أي قبل البيان الوزاري بسبع سنوات. غير أن صدور الفقرة العاشرة في البيان في هذا التاريخ، لم يكن أبداً بقصد مسايرة هذه الحركة العالمية وتقليدها. لقد كانت المملكة العربية السعودية صادقة الرغبة في إبطال الرقّ غير المشروع، وفي تحرير الرقيق، ولما باتت الأحوال الإدارية والمالية مواتية، صدرت هذه الفقرة التاريخية. غير أن كثيرين من الرقيق، الذين مُنِحُوا الحرّيّة بموجب هذه الفقرة، لم يستطيعوا أن يندمجوا في المجتمع، الذي خرجوا إليه. ورأينا، بأنفسنا، أعداداً منهم يعودون إلى بيوت مواليهم، لأنها البيوت، التي عاشوا فيها، وأولاد مواليهم هم الذين ربّوهم، فصاروا كأولادهم من أصلابهم، خاصة أن كثيراً من هؤلاء الرقيق كانوا من خدم البيوت. فضلاً عن ذلك، أن كثيراً من المّلاك يديرون حياتهم في بيوتهم وفقاً لأخلاق الإسلام وتعاليمه العامة، من رحمة، وشفقة، وصفح، وبساطة في العيش.

وأخيراً، فإن القرارات السياسية في شأن أي قضية، مشابهة لقضية الرق، سواء صدرت من الأمم المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية، أو المملكة العربية السعودية، لها تبعاتها وآثارها السلبية، التي قد لا تزول إلاّ بعد حين.