إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أسماء الرسول، عليه الصلاة والسلام









5

5. أسماؤه r، في الإسلام

تنوعت أسماء النبي r، تنوعاً يلائم تعدد وظائفه، ومهامه، وفضائله، وأعماله، ودرجاته. وقد تنوعت، كذلك، الينابيع، التي جرت الأسماء، فمنها ما ورد في القرآن الكريم، ومنها ما ورد في السنَّة المطهرة، ومنها ما اشتهر على ألسِنة الأمّة، ومنها ما اجتمع فيه كل ذلك. ويمكن تصنيف هذه الأسماء في ما يلي:

أ. الأعلام

وهما علمان، عرف بهما الرسول r:

(1) محمد

ومعناه الذي حمد مرة بعد مرة، أو المبالغ في تحميده، لكثرة محامده وفضائله، وكلا المعنيين مجتمعان في النبي. ولم يكن هذا الاسم مشهوراً بين العرب، في الجاهلية، حتى إن جده عبدالمطلب، قيل له: كيف سميت ابنك محمداً، وهو اسم ليس لأحد من آبائه أو قومه؟

ولا شك أن ذلك كان من تدبير الله، الذي أرى عبدالمطلب، في منامه، كأن سلسلة من فضة، تخرج من ظهره، لها طرف في السماء، وطرف في الأرض، وطرف في المشرق، وطرف في المغرب؛ ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب، كأنهـم يتعلقون بها. ولما عُبّرت له هذه الرؤيا بمولود، يكون من صلبه (عبدالمطلب)، يتبعه أهل السماء والأرض، سماه محمداً، حتى يكون الحمد من فضائله، يحمده ربه من عليائه، ويحمده الخلق في الأرض.

وقد ورد اسم النبي (محمد) r، في أربع آيات من القرآن:

·   في سورة آل عمران، الآية 144 ]وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ[.

·   في سورة الأحزاب، الآية 40 ]مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ[.

·   في سورة محمد، الآية 2: ]وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ[.

·   في سورة الفتح، الآية 29 ]مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ[.

كما أن السورة الرقم (47) هي إحدى سور القرآن الكريم، التي تحمل اسم محمد. ويتضمن اسم محمد ثناء الله تعالى عليه؛ لأن محمداً محمود من الناس ومن ربه؛ ولذلك، اختار له ربه هذا الاسم.

كما أشار إلى ذلك الشاعر عباس بن مرداس، في قوله.

يا خاتم النبأ إنك مرسل بالحـــق                كل هـدى السـبيل هــداك

إن الإلـه بـنى عليك محبـــة                 مـن خلقـه، ومحمـدا سمـاك

وهناك غاية أخرى، كانت وراء اختيار اسم محمد، وهي ملاءمته للاقتران بلفظ الجلالة، والذي سوف ترفعه المآذن، ويجري على ألسنة الملايين، عشرات المرات، في كل يوم وليلة، كما قال حسان بن ثابت:

وشق له مـن اسمه، ليجلـــه                  فـذو العرش محمود، وهـذا محمــد

وضـم الإله اسم النبي إلى اسمه                  إذا قال، في الخمس، المؤذن أشهـــد

(2) أحمد

وهو صيغة "أفعل" التفضيل، من المبالغة في الحمد. وهو متعلق باسم محمد ومعناه. فلم يكن محمداً حتى كان أحمد، فكان أجلّ من حمد ربه، وجعل بيده لواء الحمد، وشرع الحمد له ولأمّته، عند افتتاح الأمور وعند اختتامها؛ فهو أكثر من حمد ربه في الدنيا، وأفضل من يحمده يوم القيامة، حيث يفتح الله عليه بمحامد، لم يكن يحسنها في الدنيا.

وكذلك، فقد سمى الله تعالى نبيّه "أحمد"، في كتابه العزيز، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه، وأعلم الأنبياء السابقين بهذا الاسم، كي يبشروا به أقوامهم. قال تعالى ]وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ[ (سورة الصف: الآية 6).

وهذا الاسم قد حُجز للنبي r بطريقة معجزة، فلم يتسم به أحد قبله، على الإطلاق، ولا في حياته؛ حتى يكون علامة خاصة بصدق نبوّته، وحتى لا يدخل لبس أو شك حول شخص المبشَّر به.

وقد وردت البشارة باسم أحمد، في أشعار العرب. فقيل، على لسان الحرث الرائش، من ملوك حمير:

ويملك بعدهـــم رجـل عظــيم                نبي لا يرخـص في الحــرام

يسمـى أحمــد، يا ليت أنـــي                 أعمــر، بعـد مخرجـه، بعــام

ويُعدّ اسما "محمد" و"أحمد"، هما أجلّ أسماء الرسول؛ إذ لا يتم إيمان، ولا إسلام، لمن لم ينطق باسم محمد، في شهادة التوحيد. وقد قال الحليمي بصحة شهادة التوحيد، بذكر أحمد، بدلاً من محمد بشرط أن تكون مقرونة بذكر الكنية، "أبي القاسم".

وإلى جانب هذين العلمين، اختلف كتاب السيرة والشمائل في كون "طه" و"يس" من أسماء الأعلام للنبي؛ ولكن، ليس هناك دليل قوي، يؤيد ذلك.

ب. الكُنَى

للنبي r عدة كُنَى، منها: أبو المؤمنين، أبو الأرامل؛ وأشهرها: أبو القاسم، وقد كني بأبي القاسم، إمّا باسم أكبر أولاده؛ وإمّا لأنه قاسم، يقسم بين الناس.

وقد اختلف الفقهاء في جواز التسمي بـ "القاسم"، والتكني بـ "أبي القاسم". وأرجح الآراء في ذلك، أن النهي عن التسمي بأبي القاسم مختص بمدة حياة النبي r، حتى لا يكون ذلك سبيلاً إلى إيذاء الكفار له، بالنداء عليه بالكنية، فإذا التفتَ قالوا: لم نقصدك.

ج. الوظائف

وهي كثيرة، تلائم دوره الكبير في تجديد الدين، وتصويب الانحراف، وفتح الأعين العمي، والآذان الصم، والقلوب الغلف، وتأسيس التوحيد في بلاد، ما جاءها من نذير.

وأغلب هذه الأسماء مستخلص من القرآن الكريم، ومما ورد في السنَّة المشرَّفة، مثل:

النبي، الرسول، المبشر، النذير، المُذكّر، الهادي، المُبلّغ، الدّاعي، الشاهد، المُصلح، المبيّن، الناصح، مقيم السنَّة، الفاتح.

د. الرتب والدرجات

وهي الخصائص، التي امتاز بها الرسول عن غيره من الأنبياء، ممّا منَّ عليه به الله ـ تعالى ـ وأصبحت عَلَماً عليه، مثل:

إمام المتقين، صاحب المقام المحمود، خليل الرحمن، علم الهدى، صاحب الشَّفاعة، صاحب اللِّواء، صاحب الحوض، قائد الغُرّ المحجَّلين، مفتاح الجنة، صاحب الوسيلة، صاحب الدرجة الرفيعة، خطيب الأمم.

هـ. الأوصاف

هي السمات، التي عُرف بها النبي r، مثل:

الماحي (الذي يمحو الله به الكفر)، السراج المنير، الحق المبين، نعمة الله، النجم الثاقب، الرحمة المهداة، المصطفى، المختار، المتوكل، نبي الملحمة، نبي الرحمة، نبي التوبة، المجتبَى، المحمود.

و. الأحوال

وهي الأعمال، التي كان يقوم بها النبي r، أو قام بها غيره تجاهه، وخاطبه القرآن مثبتاً إياها، ومعِّرفاً به من خلالها، مثل:

المدثّر، المزّمل، الموقَّر، المطاع، المعصوم، المشاور، المرتِّل، المزكِّى، المتَّبع، المتبتل.

ز. ما وافق الأسماء الحسنى

وهو مما خصَّ الله به محمداً، من أسمائه تعالى، وحلاَّه بها، في كتابه العزيز، مثل:

·   الرءوف الرحيم، في قوله تعالى] بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ (سورة التوبة: الآية 128).

·   المبين، في قوله تعالى ]وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ[ (سورة الحجر: الآية 89).

·   الحق، في قوله تعالى ]فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ[ (سورة الأنعام: الآية 5).

·   النور، في قوله تعالى ]قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ[ (سورة المائدة: الآية 15).

·   الشهيد، في قوله تعالى ]وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا[ (سورة البقرة: الآية 143).

·      الخبير، في قوله تعالى ]الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا[ (سورة الفرقان: الآية 59).

وهذا النوع من الأسماء قد ثبت لغير النبي r، من الأنبياء السابقين، فسُمِّي عيسى ويحيى بـ"البر"، وسُمِّي موسى بـ"الكريم القوي"، ويوسف بـ"الحفيظ العليم"، وإسماعيل بـ"العليم"، وإبراهيم بـ"الحليم"، ونوح بـ"الشكور". ولكن، لم يثبت لأحد منهم أكثر من اسمين. أما النبي فقد اجتمع له نحو ثلاثين اسماً.

ح. ما تفرد به النبي الكريم

تميز الرسول الأمين r بأسماء، لا يشاركه فيها بشر آخر، من نبي مرسل أو عبد صالح، بل هي مما لا ينبغي لأحد غيره، مثل:

·   خاتم النبيين.

·    سيد المرسلين.

·   خاتم الرسل.

·   الحاشر (أي الذي يحشر على أثره).

·   العاقب (الذي لا نبي بعده).