إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / عذاب القرى في القرآن الكريم وهلاكها




نتائج الزلازل التدميرية
نتائج السيول التدميرية
مرض الإيدز
تأثير الفيضانات المدمرة
تسونامي مدمر
عاصفة الهيريكين المدارية
عاصفة التورنيدو الرعدية

الطير الأبابيل
الفرق بين آيتي فانظروا – ثم أنظروا
اسلوب إهلاك أصحاب الفيل
حجارة من سجيل




مقدمة

المقدمة

تحدث القرآن الكريم عن العذاب والهلاك في كثير من الآيات، إلا أن كثيراً من تلك الآيات نمر عليها مرور الكرام من دون تدبر أو اعتبار، وقد وردت كلمة (العذاب) ومشتقاتها أكثر من كلمة الهلاك ما يقرب من خمسة أضعاف، يرجع ذلك لوجود نوعين من العذاب هما (عذاب الدنيا ـ عذاب الآخرة) بينما الهلاك يحدث في الدنيا ولا يحدث في الآخرة، ويختلف عذاب الدنيا عن عذاب الآخرة في أن الأخير أشد وأبقى، وأقسى وأمر، أى عذاباً أكثر إيلاماً، وهو في الوقت نفسه عذاب دائم، لا يخفف ولا يؤجل.

وقد ينتهي العذاب بالهلاك، أو قد ينتهي بالكشف (أى برفعه) عن المُعذب. وهناك أنواع ودرجات للعذاب، مثل العذاب الأليم، والعذاب الشديد، والعذاب العظيم.... الخ، ويوجد ثلاث طرق للعذاب (عذاب الله I للإنسان ـ وعذاب الإنسان للإنسان ـ وعذاب الإنسان للكائنات)، غير أن عذاب الله للإنسان لا يمكن لبشر الإتيان بمثله أو تقليده، فمن يستطيع أن يأتي بحجارة من سجيل كالتي أرسلها الله على أصحاب الفيل؟، ومن يستطيع أن يأتي برياح عاتيات كالتي أرسلها الله على قوم عاد؟!، ومن يستطيع أن يزلزل الجبال ويفجر البراكين، أو يأتي بالطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، ومن يستطيع أن يرسل الأوبئة والأمراض على البشر، كمرض الإيدز والحمى القلاعية وأنفلونزا الطيور وغيرها من أنواع العذاب، فتلك الأنواع من التعذيب الإلهي يختص بها الله وحده ولا يشاركه فيها غيره.

أما الهلاك فيعني الموت للكائنات والفناء للأشياء، كهلاك المال والسلطان، لقوله تعالى على لسان الإنسان: )يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا( (البلد: الآية 6)، وقوله تعالى على لسان المعذبين يوم القيامة: )مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29)( (الحاقة: الآيتان 28 و29). هكذا يبين القرآن الكريم ملامح وتفاصيل عن العذاب والهلاك.

وقص علينا القرآن الكريم قصص تعذيب وإهلاك القرى الظالمة للتفكر فيها والاعتبار، فنتدبر أمر أهلها!! ما فعلوه مع رسلهم من عصيان وتكذيب، وما فعل الله بهم حين جاء وقت عذابهم أو إهلاكهم، ولقد قص الله I على محمدٍ e من أنباء القرى التي عُذبت وأهُلكت، ليريه كيف يطبع الله على قلوب الكافرين نتيجة تكذيبهم للرسل، قال تعالى: )تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ( (الأعراف: الآية 101).

وقد بين القرآن الكريم أنواع الظُلم (ظُلم النفس ـ ظُلم الغير ـ الظُلم الكبير ـ الظُلم العظيم)، وهو مدخل مهم قبل الحديث عن عذاب القرى الظالمة وإهلاكها، كما بين القرآن أيضاً حقائق مهمة عن أنواع العذاب الواردة في القرآن، موضحاً الفرق بين عذاب الدنيا والآخرة.

إن موضوع العذاب الوارد في القرآن الكريم هو موضوع مهم وشائق وعجيب!!، فيه الكثير من التفاصيل المهمة التي يجب على كل مسلم معرفتها، فالتعذيب الوارد في القرآن الكريم له (طرق وحالات)، وله (أساليب ووسائل وأدوات).

أما عن الهلاك والذي يعني الموت للإنسان، فهناك (الموت الفردي ـ والموت الجماعي)، والموت الجماعي هو ما سيكون التركيز عليه في هذا البحث، فقصص القرآن الكريم مليئة بتعذيب وإهلاك قرى بأكملها، وهو مايشبه غرق سفينة وهلاك من فيها، أو انهيار عمارة وهلاك معظم ساكنيها، أو سقوط طائرة وهلاك كل ركابها بطاقمها ومضيفيها. فالهلاك الجماعي هو محور هذا البحث ولبه، فلا مجال هنا للحديث عن الموت أو الهلاك الفردي. وقد بين القرآن ذلك في قصص إهلاك القرى بأكملها، كقوله تعالى: )وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا( (الكهف: الآية 59)، تدبر كلمة )الْقُرَى(، فالحديث عن قرى وليس عن أفراد، فالقرآن الكريم قد تجاوز مرحلة الإهلاك الفردي، إلى الإهلاك الجماعي لخطورته وأهميته وضرورة معرفته تفصيلاً للبشر.

ولأن التعذيب له أساليب ووسائل وأدوات، فكذلك الإهلاك!!، حيث بين الله I أساليب الإهلاك ووسائله وأدواته، كالتي وردت في سورة الفيل مثالاً، حيث بين الله لنا أن أسلوب إهلاك أصحاب الفيل كان (الرجم)، لأن الرجم هو الرمي بالحجارة، وقد قال تعالى مبيناً ذلك الأسلوب في سورة الفيل: )وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ( (الفيل: الآيتان 3 و4)، كما بين الله I أن وسيلة الإهلاك كانت (الطير الأبابيل)، وأداة الإهلاك كانت (حجارة من سجيل). وهكذا يمكننا استخراج الأساليب والوسائل والأدوات التي أهلك الله بها الظالمين، من خلال قصص القرى التي أهلكها الله من قبل، كقوم نوح، وعاد، وثمود، وقوم لوط وغيرها من القرى الظالمة التي أهلكها الله تعالى في الماضي.

ومن قصص القرى في القرآن الكريم يبين الله I لنا كيفية تعذيب القرى الظالمة وكيفية إهلاكها، وهذا موضوع غاية في الأهمية، حيث يبين الله لنا أن تعذيب القرى الظالمة أو إهلاكها يجري على مراحل، تتلخص في الآتي:

·       إرسال المُنذِرين إلى القرى الظالمة وتكذيبهم.

·       إحقاق العقاب وتحديد موعد التعذيب أو الإهلاك.

·       نجاة المؤمنين من القرى الظالمة قبل إهلاكها.

·      وأخيراً معاقبة تلك القرى بالتعذيب أو بالإهلاك فيما يمكن تسميته بساعة الصفر.

وتعد المرحلة الأولى (إرسال المُنْذِرين إلى القرى الظالمة وتكذيب أهلها لهم) شرطين أساسيين لوجوب تعذيب أهلها أو إهلاكهم، لأنه بدون إرسال المنذرين يكون للظالمين حجة على الله بأنهم ما كانوا يعلمون بعقابه، كما أنه بعدم تكذيب المنذرين والتصديق بما جاؤهم به، لا يكون الله في حاجة إلى عقابهم لتصديقهم بما جاء به المنذرون، وقد ضرب الله لنا مثلاً رائعاً على إصرار بعض القرى الظالمة على تكذيب الرسل، كما في قصة قوم نوح الذين برعوا في تكذيب نوح u لمدة ألف سنة إلا خمسين عاماً، وقد جعل القرآن الكريم قوم نوح عبرة لمن أراد أن يعرف كيف يكون عناد المكذبين، وهم القوم الذين ضرب الله بهم المثل والعبرة في التكذيب في العبارة القرآنية التي تتكرر في قوله تعالى: )كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ( (ق: من الآية 12)، كقوله تعالى: )كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ( (غافر: من الآية 5)، وفي قوله تعالى: )وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ( (الذاريات: الآية 46).

أما المرحلة الثانية وهي (إحقاق العقاب وتحديد موعد التعذيب أو الإهلاك)، فهي المرحلة التي يقرر الله عقاب الظالمين ويحدد موعد هذا العقاب، وهو موعد مسطور في كتاب عند الله، فإذا جاء هذا الموعد فلا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون، فقد حق العقاب وأصبح محتماً!!، حدد الله يومه وساعته من الليل أو النهار بما يفوق تفكير البشر!!.

أما المرحلة الثالثة وهي (نجاة المؤمنين من القرى الظالمة قبل تعذيبها أو إهلاكها)، فهي المرحلة التي تسبق وقوع العقاب على القرى الظالمة، وهي مرحلة حتمية الحدوث، بمعنى أنها لابد أن تحدث، ويكفي أن نقول أن نوح u كان يصنع سفينة النجاة للمؤمنين من قومه، قبل موعد إهلاك الكافرين بفترة طويلة، وذلك بوحي من الله I.

أما المرحلة الرابعة فهي لحظة وقوع العقاب الفعلى على الظالمين (ساعة الصفر)، وتعد هي المرحلة الحاسمة في تعذيب الظالمين أو إهلاكهم، حيث يرسل الله جنوده لتعذيب تلك القرى الظالمة أو إهلاكها، قال تعالى: )فَاُنظر كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ( (الصافات: الآية 73)، يرسلهم بأساليب محددة، ووسائل محددة، وأدوات محددة، لتكون نهايتهم كالعصف المأكول كما حدث لأصحاب الفيل، أو كأعجاز النخل الخاوية كما حدث لقوم عاد.