إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / عذاب القرى في القرآن الكريم وهلاكها




نتائج الزلازل التدميرية
نتائج السيول التدميرية
مرض الإيدز
تأثير الفيضانات المدمرة
تسونامي مدمر
عاصفة الهيريكين المدارية
عاصفة التورنيدو الرعدية

الطير الأبابيل
الفرق بين آيتي فانظروا – ثم أنظروا
اسلوب إهلاك أصحاب الفيل
حجارة من سجيل




مقدمة

المبحث الخامس

معنى الهلاك أو الموت ـ المستثنون من التعذيب أو الإهلاك

أولاً: معنى الهلاك أو الموت

1. الهلاك

هو الموت للإنسان والفناء للأشياء، كهلاك المال كما في قوله تعالى: )يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا( (البلد: الآية 6)، وكهلاك السلطان كما في قوله تعالى: )مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ( (الحاقة: الآيتان 28 و29).

والهلاك في اللغة: بمعنى الموت، (هَلَكَ) فلان ـ هلاكاً ـ وهلوكاً ـ ومهلكاً ـ وتهلكة: مات فهو هالك، والجمع (هلكى)، و(أهلكه) بمعنى صار هالكاً، و(تهالك على الشيء) بمعنى أقبل عليه في حرص شديد، و(تهالك فلان على الفراش) بمعنى ارتمى عليه، و(اسْتَهْلَك في كذا) بمعنى جهد نفسه فيه، وينطبق ذلك على المال ونحوه.

2. الموت

هو الهلاك للإنسان، وتتعدد أساليب الموت ووسائله وأدواته، بينما يكون وقت الموت ومكانه واحد!!، وينطبق ذلك على حالة الموت الفردي أو الموت الجماعي.

أ. الموت الفردي

نحن نشيع الموتى في كل يوم وكل ساعة، بل وفى كل لحظة من اللحظات، ومع ذلك لا نتدبر أساليب الموت ووسائله وأدواته، ونمر على تلك الأشياء مرور الكرام. ومن أمثلة الموت الفردي موت الإنسان على فراشه، أو نتيجة مرضه، أو نتيجة حادث... الخ.

ب. الموت الجماعي

لا يختلف عن الموت الفردي سوى، أن الله يجمع كل الذين تحددت أوقات آجالهم، وأرض موتهم في وقت ومكان واحد، مثل سقوط العمارات والطيارات، وانقلاب القطارات والسيارات، وغرق السفن والغواصات... الخ، هذا الموت الجماعى نراه من خلال الحوادث والكوارث والنكبات، ومن خلال الحروب والصراعات!!.

(1) تأمل الطائرات التى تسقط بركابها !!.

(2) تأمل السفن التى تغرق في البحار بكامل أحمالها !!.

(3) تأمل الغواصات التى تغوص في أعماق البحار باطقمها، ولا تعود بعدها أبداً إلى سطحها !!.

(4) تأمل الحوادث على الطرقات، وانقلاب القطارات والسيارات !!.

(5) تأمل حوادث خسف الأرض وسقوط العمارات !!.

(6) تأمل ماذا تفعل الأعاصير والرياح العاتيات، وغيرها من الحوادث والكوارث والنكبات ؟!!.

(7) تأمل مالذي تفعله الحروب بالجنود في ميادين القتال؟!!.

هكذا يتجمع الذين كُتِبَ عليهم الموت في مكان واحد ووقت واحد، وفى وسيلة واحدة للقاء حتفهم، لايدرون أن ملك الموت الموكل بهم ينتظرهم، متحفزاً لأخذ آجالهم وقبض أرواحهم، هؤلاء لايشعرون ما يدبره الله لهم من حولهم!.

ج. فإذا جاءت ساعة موتهم لا يستقدمون عنها ساعة ولا يستأخرون

قد يكون هناك تفاوت في أسلوب الموت، حتى وإن كان في مكان واحد أو في وقت واحد أو في وسيلة واحدة!!، تماما كما حدث في سقوط برجي نيويورك، في سبتمبر 2001، على سبيل المثال، فبرغم سقوط البرجين في وقت واحد ومكان واحد إلا أن أساليب الموت كانت مختلفة، كما قد يوجد تفاوت زمني في قبض الأرواح حسب الأجل الذي قضاه الله لكل نفس، قد يقدر هذا التفاوت الزمني بين الهالكين أو الموتى، بالثواني أو بالدقائق أو بالساعات، وقد يكون أقل من ذلك أو أكثر. وهناك جانب آخر لا يمكن إغفاله، أن من كتب الله له النجاة من الموت، فلا بد أن ينجو، كالذين نجوا وخرجوا أحياءً من تحت الأنقاض، في كل من نيويورك وواشنطن.

إن جنود الله من الملائكة الموكلين بقبض الأرواح، يقومون بمهام متعددة في الوقت والمكان، وبالأسلوب والوسيلة والأداة التي قدرها الله لكل نفس، ينفذون أمر ربهم في انضباط تام، بحسابات دقيقة ومعقدة وفوق مستوى تفكير البشر!!، ولا تحدث تلك الأحداث التي نراها في كل يوم وفى كل مكان، حدوثاً عشوائياً أو دون علم الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فكل الحوادث تحدث بعلمه I وبإذنه، وجنود الله من الملائكةً المنفذين، يعلمون وقت التنفيذ ومكانه وأساليبه ووسائله وأدواته من الله العلي الكبير، كما يعلمون أيضاً كيف ومتى يُخرِجُون الناجين من بين الهالكين، فإن الله يحيطهم بشيء من علمه في هذه الأمور لينفذوها على أكمل وجه، فكل شيء عند الله بمقدار، وموت البشر له تدابير وترتيبات، ومراسم وتوقيتات، تتم كلها طبقاً لمشيئته، ينفذها جنود غير مرئيين في الأرض وفي السماوات.

وهناك تحذير: فإن هؤلاء الجنود من الملائكة لا تنفع معهم سياسة الوسائط أو الحيل، ولا التقرب إليهم بالهدايا أو بكلمات الاستحسان، فكل تلك الأمور لا تصلح معهم، فهم جنود غلاظ شداد حازمون، وفى تنفيذ أمر ربهم لا يترددون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

3. أساليب الموت

أسلوب الموت هو الطريقة التي أدت إلى الموت، ويوجد العديد من أساليب الموت أو الإهلاك (كالحرق والغرق والتردى والخسف... الخ)، وقد نص القرآن الكريم على بعض تلك الأساليب التى أهلك الله بها القرى الظالمة، منها الحاصب، والصيحة، والخسف، والغرق، كما جاء في قوله تعالى: )فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ( (العنكبوت: الآية 40)، فكلها أساليب للموت قضى الله I بها على الظالمين.

وهناك أساليب للموت الفردي الإرادي، أى بإرادة الشخص نفسه كالذي يقبل على الانتحار مثلاً، وهي أساليب كثيرة ومتعددة، منها الخنق حين يشنق الشخص نفسه بإرادته بغرض الانتحار، ومنها الحرق حين يُشعل الشخص النار في نفسه بإرادته بغرض الانتحار أيضاً، ومنها التردي حين يسقط الشخص نفسه عنوة من فوق أحد المباني العالية، ومنها الاختناق وذلك حين يقوم بفتح أنبوبة غاز مع غلق النوافذ والأبواب حتى يختنق، وكلها أساليب نسمع عنها في أخبار الحوادث اليومية.

وهناك أساليب للموت الفردي غير الإرادي، أى دون إرادة الإنسان نفسه، وهو ما يطلق عليه باللفظ العامي "مات قضاءً وقدراً"، وتلك الأساليب لا تكون باختيار الشخص قبل موته، كما في حالة الموت الفردي الإرادي، الذي يقوم الشخص باختيار أسلوب موته بإرادته، ومن أساليب الموت غير الإرادي، ما نراه ونسمعه عن حوادث الطرقات، حين تصدم سيارة مسرعة شخصاً سائراً في الطريق العام فتصرعه، أو سقوط شخص في حفرة غير متوقعة فتهلكه، أو سقوط شخص وهو يقود دراجته فجاة فيلقى مصرعه، والأمثلة كثير لأساليب الموت الفردي الإرادي وغير الإرادي.

وما ينطبق على أساليب الموت الفردي ينطبق على أساليب الموت الجماعي، والاختلاف بينهما ينحصر في وجود عدد من الأشخاص في وسيلة واحدة كالسيارات أو القطارات أو الطائرات أو في العمارات، فيموتون جميعاً بأسلوب واحد حين تنقلب تلك الوسائل بهم أو تحترق، والاختلاف الآخر هو أن أساليب الموت الفردي الإرادي يحدد فيها الشخص نفسه أسلوب موته أو هلاكه، بينما في أساليب الموت الجماعي لا يوجد اختيار لأساليب الموت من الأشخاص الذين يموتون أو يهلكون. وذلك في غالب الأمر!!.

4. وسائل الموت

وسائل الموت هي الأشياء التي تحمل أداة الموت أو الإهلاك، وهناك العديد من وسائل الموت سواء كانت وسائل تحمل الفرد أو تحمل الجماعة، كالدراجات، والسيارات، والطائرات، والسفن، والغواصات، وأيضا الدبابات والمجنزرات، والأبراج العمارات... الخ، فكلها وسائل تحمل فرداً أو جماعة من البشر، ثم تنقلب عليهم لتصبح هي وسيلة إهلاكهم أو موتهم، وأحياناً يكون الإنسان نفسه هو وسيلة الإهلاك أو الموت، وذلك حين يحمل هو أداة من أدوات الإهلاك، كالسيف والبندقية والخنجر ليهلك بها غيره.

5. أدوات الموت

أدوات الموت هي الأشياء التي بواسطتها يجري إهلاك الأخرين، كالسيف والخنجر والبندقية... الخ، وأحياناً تكون يد الإنسان نفسه هي أداة من أدوات الموت، ذلك حين يستخدمها الإنسان في قتل الأخرين كالخنق على سبيل المثال.

ثانياً: المستثنون من التعذيب أو الإهلاك

1. أهل الحق والعدل

يستثني من التعذيب أو الإهلاك (أهل الحق والعدل) الذين لا يظلمون، قال تعالى: )وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ( (القصص: من الآية 59)، فإن لم يَظلِموا لن يُهْلَكُوا، وتلك عدالة الله فلا يُهْلَك أهل قرية بغير ذنب، والله عليم بالظالمين، يراقبهم ولا يرونه، يسمعهم ولا يسمعونه، يمهلهم ولا يشكرونه.

إن الظالمين يتلاعبون ويمكرون والله خير الماكرين، ينكرون الجنة والنار ويتناسون العزيز الجبار. يعطيهم الفرصة بعد الأخرى كى يرجعوا إليه، فإن رجعوا إليه قبلهم وعفا عنهم وأبعدهم عن عقابه، وإن استمروا في غيهم، وانقلبوا على أعقابهم نكل الله بهم وأهلكهم، ولقد أهلك الله القرون من قبل لما ظلموا من بعد أن جاءتهم رسلهم بالبينات، كذلك يجزى الله المجرمين، قال تعالى: )وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ( (يونس: الآية 13).

2. الغافلون

يستثني من التعذيب أو الإهلاك أيضاً (الغافلون)، لقوله تعالى: )ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ( (الأنعام: الآية 131)، ذلك لأن الله I ليس بظلام للعبيد، وهو الحق العدل، فلا يهلك أهل قرية من القرى الظالمة وأهلها غافلون، غافلون عن عقابه وقدرته على إهلاكهم، لذلك فإن الله يرسل المُنذِرين من الأنبياء والمرسلين ومن عباده الصالحين، ليزيلوا الغفلة عنهم ويعيدوا الرشد إليهم، ويقيموا الحجة عليهم حتى يخرجوا من الغفلة، فلا يهلكون وهم يعلمون!!.

3. المصلحون

يستثني من التعذيب أو الإهلاك (المصلحون)، لقوله تعالى: )وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ( (هود: الآية 117)، فكيف يهلك الله قرية وأهلها مصلحون، فلا حاجة لله إلى تعذيب أو إهلاك المصلحين، بل إن الله يهلك الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، الذين يهلكون الحرث والنسل، ويخربون الديار ويقتلون النساء والأطفال، ويفعلون كل شيء يوصلهم إلى النار، فهؤلاء هم المستحقون للتعذيب والإهلاك، لأنهم مفسدون ومخربون.

4. المؤمنون

لا يهلك الله قرية وأهلها مؤمنون، لقوله تعالى: )مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ( (الأنبياء: الآية 6)، ومعنى الآية أن جميع القرى التي أهلكها الله لم يكن أهلها مؤمنين، فلا حاجة لله I في إهلاك المؤمنين، إنما يهلك الله الظالمين ويحفظ المؤمنين.

5. لا تهلك قرية حتى يبعث الله في أمها رسولاً

علمنا أن الله عز وجل لا يهلك القرى إلا وأهلها ظالمون، كذلك لا يهلك الله قرية من القرى حتى يبعث في أُمها رسولاً، كان ذلك في عصر الأنبياء والمرسلين، ولقد بعث الله محمداً e في أم القرى (مكة المكرمة) لينذر أهلها ومن حولها، وهو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسله الله للعالمين نذيراً إلى يوم الدين، لذا فلا حجة لأهل القرى بأن الله لم يبعث فيها رسولاً، فرسالة محمد e باقية إلى يوم الدين، قال تعالى: )وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا( (القصص: من الآية 59).

والقرآن الذي أنزله الله على محمد e هو للعالمين نذير، قال تعالى: )تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا( (الفرقان: الآية 1)، فلا حاجة الآن للناس بأن يبعث الله في كل قرية رسولا أخر بعد محمداً e ليؤكد لهم تلك الحقيقة، ومكة المكرمة كانت وما زالت وستبقى دائماً، مركزاً لإنذار الظالمين في الأرض، فهي أم القرى في الماضى والحاضر والمستقبل، منها أتت دعوة محمداً e، ومازالت وستبقى دعوته باقية تصل إلى كل أنحاء الدنيا، مهما تقدمت العلوم وزادت الفتن وغفل عن ذلك الغافلون!!.

قال ابن كثير: "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها، وهي مكة، رسولاً يتلو عليهم آياتنا"، فيه دلالة على أن النبي الأمي محمد e المبعوث من أم القرى رسول إلى جميع القرى من عرب وأعجام كما قال تعالى: )لِّتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا( (الشورى: الآية 7)، وقال تعالى: )قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً( (الأعراف: من الآية 158)، وقال تعالى: )وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ( (هود: الآية من 17)، وتمام الدليل قوله تعالى )وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَاباً شَدِيداً( (الإسراء: من الآية 58)، فأخبر الله تعالى أنه سيهلك كل قرية قبل يوم القيامة. وقال تعالى: )وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً( (الإسراء: من الآية 15).

فجعل I بعثة النبي الأمي e شاملة لجميع القرى، لأنه مبعوث إلى أمها وأصلها التي ترجع إليها، وثبت في الصحيحين عنه e أنه قال: بعثت إلى الأحمر والأسود، ولهذا ختم الله به النبوة والرسالة فلا نبي بعده ولا رسول، بل شرعه باق بقاء الليل والنهار إلى يوم القيامة، وقيل المراد بقوله حتى يبعث في أمها رسولا أي أصلها وعظيمتها كأمهات الرساتيق والأقاليم.

وإنذار القرية الأم هو الضوء الأحمر لاقتراب هلاك من حولها من القرى الظالمة، ذلك لأن وجود الرسول e في القرية الأم، يُمَكِنه من توصيل وتبليغ دعوته إلى كل القرى التى حولها في سهوله ويسر، بعكس لو كانت دعوته في إحدى القرى الفرعية، فإن دعوته ستلاقى صعوبة في الوصول إلى القرية الأم والقرى الأخرى، وهذا ما نراه الآن من وصول الخبر من العاصمة مثلاً إلى باقى المحافظات في سرعة ويسر، بينما ينتقل الخبر من المحافظة الواحدة إلى باقى المحافظات الأخرى ببطء شديد، وقد لا يصل الخبر نهائياً إلى القرى الأخرى البعيدة، أو التي في مناطق منعزلة أو نائية.

ومازلت دعوة محمداً r تنتشر إلى كل قرى الدنيا حولها، ويتجلى ذلك في مناسك الحج والعمرة كل عام حيث يلتقى المسلمون في (أم القرى)، ويعودون إلى بلدانهم وهو محملين بدعوة محمد e ومجددين العهد معه، فلا حُجة لهم الآن على الله I بأنه لم يبعث إليهم رسولاً لينذرهم في هذا العصر. تدبر قوله تعالى: )وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى( (طه : الآية 134).

فالضوء الأحمر مازال وسيبقى مضيئاً لينذر الظالمين بعقاب الله، ولن ينجو الظالمون من التعذيب أو الإهلاك، ولن تكون هناك حجة للظالمين على الله، بأنه لا يوجد رسول في هذا العصر ليتبعوه من بعد محمد e!! فقد وضح الأمر.

هكذا يستثنى الله تلك القرى من الهلاك.

فلا يهلك الله قرية حتى يبعث في أمها رسولاً.

ولا يهلك الله قرية من القرى وأهلها غافلون.

ولا يهلك الله قرية من القرى وأهلها مصلحون.

ولا يهلك الله قرية من القرى وأهلها مؤمنون.