إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / عذاب القرى في القرآن الكريم وهلاكها




نتائج الزلازل التدميرية
نتائج السيول التدميرية
مرض الإيدز
تأثير الفيضانات المدمرة
تسونامي مدمر
عاصفة الهيريكين المدارية
عاصفة التورنيدو الرعدية

الطير الأبابيل
الفرق بين آيتي فانظروا – ثم أنظروا
اسلوب إهلاك أصحاب الفيل
حجارة من سجيل




مقدمة

المبحث السابع

أدوات الإهلاك في القرآن

تحدثنا عن أدوات التعذيب، وعلمنا أن هناك نوعان من أدوات التعذيب (أدوات يسلطها الله على الناس، وأدوات يسلطها الناس على الناس أو على الكائنات الأخرى)، كذلك أدوات الإهلاك فهي لاتختلف عن أدوات التعذيب من ناحية التصنيف أيضا، فأدوات الإهلاك نوعان أيضاً، (أدوات يسلطها الله على الناس، وأدوات يسلطها الناس على الناس أو على الكائنات الأخرى)، وكل نوع منها يحتوي على صنوف عديدة من أدوات الإهلاك التي لا حصر لها، منها ما ورد في القرآن الكريم، ومنها ما نشاهده ونراه في حياتنا. نستعرض أمثلة منها ما ذكر في القرآن الكريم ومنها ما لم يُذكر، مثل الإيدز، والأمواج البحرية المدمرة، وغيرها:

أولاً: أدوات إهلاك يسلطها الله على الناس

استخدمت (الحجارة) أداة من أدوات الإهلاك، يمكن الرجوع لأدوات الإهلاك التي سلطها الله على أصحاب الفيل وعلى قوم لوط، واستخدمت (المياه) أداة من أدوات الإهلاك ضد قوم نوح u وفرعون وجنوده، وقد سلط الله تلك الأدوات عليهم من قبل كما أوردها القرآن الكريم، لكن الله I يسلطها أيضاً على من يشاء من البشر، في كل وقت وفي أى مكان، ومن أمثلة أدوات الإهلاك التي يسلطها الله على الناس:

1. الفيروسات

نضرب مثلاً بمرض (الإيدز AIDS) (اُنظر صورة مرض الإيدز) الذي يطلق عليه العلماء (طاعون العصر ACQUIERED IMMUNE DEFICIENCY SYNDROME (أي مرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة). اكتشف المرض عام 1981، وهو عبارة عن فيروس من مادة الحمض النووي المحاط بغشاء بروتيني متغير ومستمر، يخدع الجسم البشرى ويتوغل لنوايات الخلايا ويستعمرها، ويطلق المزيد من الفيروسات في كل سوائل الجسم، وقد اكتشف حتى الأن أربع فصائل تهاجم الغدد الليمفاوية، وتنتشر تلك الأداة من أدوات الإهلاك عبر الممارسات الجنسية غير الشرعية، ومن طريق تناول المخدرات، ومن خلال أساليب أخرى عادية تتسبب في انتشارها، كالرضاعة الطبيعية ونقل الدم، ولقد تسببت تلك الأداة في إهلاك آلاف بل وملايين من البشر. (اُنظر جدول إحصائية حالات الإيدز في العالم خلال الفترة من عام 1981 – 1995).

2. الماء

كان الماء هو الأداة التى أهلك الله بها قوم نوح u، وأهلك بها فرعون وجنوده أيضاً، وبالرغم من أن الله قد جعل من الماء كل شيء حي، إلا أن الله I جعل الماء في نفس الوقت وبالاً على الظالمين، فحوله من أداة تحيا بها الكائنات، إلى أداة لإهلاكهم، فهذا الماء يمكن أن يكشر عن أنيابه فجأة، ويتحول من بحر هاديء وديع، إلى أمواج بحرية مدمرة، أو إلى فيضانات مدمرة، أو إلى سيول كاسحة، وهذه بعض الأمثلة عندما تصبح أداة الماء من أدوات الإهلاك:

أ. الأمواج البحرية المدمرة

هي أمواج عاتية تظهر ظهوراً مفاجئاً، ترتبط بحدوث اضطرابات في قشرة الأرض عند قاع المحيطات، وتؤثر على القطاعات الساحلية التى تطل عليها، فتسبب حدوث اهتزازات عنيفة، مرتبطة بحدوث بركنه نشطة، أو تفجيرات نووية في قاع المحيطات، تنعكس في صورة أمواج ضخمة، يبلغ طولها عدة مئات من الكيلومترات، وتحدث على فترات قد تزيد على 20 دقيقة، مع سرعة انتشارها التي قد تبلغ أكثر من 800 كم/ ساعة، وعند دخولها المياه الشاطئية الضحلة، تبدو في موجات مدية ضخمة ترتفع إلى نحو ثلاثين متراً أو أكثر، ومع مرور الوقت تصل إلى الساحل لإغراقه وتدمير منشآته. ويمكن التنبؤ بتلك الأمواج قبل حدوثها بعدة ساعات، لكنها لا تعد كافية للفرار منها لمن كُتِب عليهم الهلاك، ففى عام 1960، حدثت موجة بحرية مدمرة تسمى (التسونامي) على منطقة شيلى على المحيط الباسيفيكى (الهادى)، وصل ارتفاع الأمواج يومها إلى 40 م، ونتج عنه إغراق السواحل، وقتل الآلاف من البشر، وبلغت من قوة هذه الموجة المدمرة أن قذفت بالسفن الراسية في الموانى إلى داخل المدن، وتكررت تلك الموجات البحرية المدمرة (تسونامي) (اُنظر صورة تسونامي مدمر)، وأحدثت خسائر مفزعة في الأعوام الأخيرة.

ب. الفياضانات المدمرة

هناك أنواع كثيرة من الفيضانات النهرية، تحدث عندما تتجاوز كميات المياه الواردة للنهر من مصادرها المختلفة قدرته على استيعابها، فهنا يكشر الماء عن أنيابه ليصبح أداة من أدوات الإهلاك، وتوجد أنواع من الفيضانات منها: (الصفائحي ـ الخاطف ـ المدمر)، والفياضانات المدمرة هي بيت القصيد.

(1) الصفائحي

وهذا النوع تبدو فيه المياه على شكل غطاء رقيق، ينتشر فوق منطقة واسعة، ولا يستغرق حدوثه فترة طويلة فقد لا تتعدى الساعات.

(2) الخاطف

يحدث نتيجة هطول الأمطار المركزة فوق مساحة محدودة، ويصحبه تدفق زائد للمياه بإتجاه القنوات النهرية في غالب الأحوال.

(3) المدمر

ينتج عن أمطار سيلية غزيرة للغاية، وتستمر لفترة طويلة فوق منطقة معينة، والفيضان المدمر هو بيت القصيد، حيث إن النوعين الآخرين (الصفائحى، والخاطف) أخف تأثيراً، وقد لا ينتج عنهما في غالب الأمر أي من حالات الوفاة، وبالتالي نحن نصنفهما إنذارات يرسل بها الله للناس ليتفكروا في قدرته I، في أنه قد يبعث عليهم ما هو أشد منها تدميراً‍‍‍‍‍!!، والفيضان المدمر يُحدِث خسائر هائلة ومباغتة في الوقت نفسه. (اُنظر جدول حجم الخسائر التي سببها الفيضان المدمر من عام 1911 – 1998) و(صورة تأثير الفيضانات المدمره).

ج. السيول المدمرة

السيول هي نوع من أنواع الفيضانات الخاطفة المدمرة، تحدث نتيجة هطول أمطار شديدة، فوق منطقة محدودة هطولاً فجائياً قصير المدى، وتصحبه تدفقات مائية بالغة السرعة، يعقب ذلك خسائر مدمرة (اُنظر صورة نتائج السيول التدميرية)، ولعلنا نذكر السيول التى حدثت يومي 7 و8 أكتوبر 1994، على قرى ومدن محافظتي أسيوط وسوهاج في جمهورية مصر العربية. والتى تعد من أكثر السيول تدميراً وعنفاً، فقد تسببت تلك السيول في حدوث الخسائر الكبيرة. (اُنظر جدول خسائر سيول محافظتى أسيوط وسوهاج بجمهورية مصر العربية عام 1994)

وهناك ملاحظة مهمة: أن الخسائر المذكورة برغم أن أسلوب الإهلاك واحد وهو (الغرق)، ووسيلة الإهلاك واحدة وهي (السيل العارم المتدفق)، وأداة الإهلاك واحدة وهي (الماء)، إلا أن أسلوب الإهلاك وأدواته قد تغيرا فجأة بإذن الله لبعض القتلى، خاصة الذين تعرضوا للسيول في محافظة أسيوط، فبعد أن كان من المنتظر أن يكون أسلوب الإهلاك نتيجة تلك السيول هو (الغرق) وهو الأمر الطبيعي، وأداة الإهلاك هي (الماء) وهي الأمر الطبيعي أيضاً، تغير هذا الأمر فجأة وبلا مقدمات، حين مالت عربات قطار شحن النفط على قضبانها، فتدفق منها النفط الذي اشتعل في لحظات، ومن ثم تغير أسلوب الإهلاك وأداته فجأة لبعض الأشخاص، ليكون (الحرق) بدلاً من (الغرق)، وتبدلت أداة الإهلاك أيضاً لتكون (النار) بدلاً من (الماء)!!! سبحان الله !!.

شيء يدعو إلى العجب ويحتاج منا إلى تدبر تلك الأمور بعناية خاصة!!، كذلك تغيرت أساليب الإهلاك لمن ماتوا في برجي مركز التجارة العالمى بنيويورك، فبينما كانت الأداة هي وقود الطائرة، ووسيلة الإهلاك هي الطائرة نفسها، إلا أن أسلوب الإهلاك كان مختلفاً من شخص إلى أخر، رغم تواجدهم في مكان واحد، ووقت واحد!!، فبعضهم هلك بأسلوب (الحرق)، وبعضهم هلك بأسلوب (الخسف)، وآخرون هلكوا بأسلوب (التردي) حين ألقوا بأنفسهم من الأبراج، بينما هلك بعض رجال الإطفاء بأسلوب الاختناق؟!!.

3. الريح

الرياح الهادئة الساكنه تجعل السفن رواكد على ظهر الماء، فإذا عصفت الرياح وكشرت عن أنيابها، تحولت في تلك اللحظات من أداة مسالمة، إلى أداة رهيبة من أدوات الإهلاك، حيث تتسبب في إغراق السفن في البحار والمحيطات، وقد تتحول إلى عواصف رعدية تنتج عنها الأعاصير المدمرة. ألم يهلك الله عاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها في البلاد بتلك الريح؟، لقد جعلها الله ريحا ًصرصراً عاتية، سخرها عليهم سبع ليالى وثمانية أيام متواصلة، قال تعالى: )وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ( (الحاقة: الآيات 6 – 8). كانت (ريحاً عقيماً) لا تذر من شيء آتت عليه إلا جعلته كالرميم، قال تعالى: )وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41) مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ( (الذاريات: الآيتان 41 و42).

والريح قد تكون أداة للعذاب كما هي أداة للهلاك أيضاً، فإن سببت هلاكاً للبشر أصبحت أداة للإهلاك، وإن سببت خسائر مادية ومعنوية فقط أصبحت أداة للتعذيب، ونحن نسمع عن تأثير الرياح والأعاصير، وما تسببه من خسائر فادحة في الأفراد والممتلكات والمبانى والمنشأت، وذلك من خلال ما تتناقله وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ومن خلال ما نطالعه في وسائل الإعلام المقروءة، وعبر الأقمار الإصطناعية، وعلى شبكات الإنترنت، وهذه بعض النماذج:

أ. الترنيدو TORNADO

عاصفة رعدية Thunder storm غاية في العنف (اُنظر صورة عاصفة التورنيدو الرعدية)، وهي من الأنواع الفريدة، تبدو قمعية الشكل، مكونه من عنق ضيق جداً من دوامات هوائية غاية في السرعة الدورانية، وتبدو كأنها مدلاه من سحب ركامية باتجاه سطح الأرض، وإن كانت تمسه مساً خفيفاً دون الإرتكاز عليه، وهي صغيرة الحجم بشكل لافت، يراوح قطرها ما بين مائة م وأقل من 1,5 كم، ويرجع عنفها البالغ رغم صغرها، إلى السرعة البالغة للحركة الدورانية للهواء حول مركزها، بدرجة يصعب معها بل يستحيل قياسها، (أكثر من 300 عقدة في الساعة = 500 كم/ ساعة).

هذا بجانب الانخفاض الحاد للغاية للضغط الجوي في مركز الإعصار، فعندما تمر بمنطقة ما، فإنها تدمر كل ما بها من مظاهر بشرية، بالإضافة لانفجار المباني التي تمر عليها، بسبب الهبوط الحاد والمفاجيء للضغط الخارجي، كما يمكنها رفع أشياء أو حيوانات والقاؤها بعيداً في طريق هبوبها[1]

ب. الهيريكين

هي من أشد العواصف المدارية تدميراً (اُنظر صورة عاصفة الهيريكين المدارية)، هبت على ولاية فلوريدا، عام 1926، فدمرت معظم مدينة ميامي السياحية، وصاحبت العاصفة أمواجاً مدمرة طغت على المدينة، كما تركت وراءها خسائر مادية وبشرية قدرت بنحو 80 مليون دولار في ذلك الوقت، بالإضافة إلى مقتل 1500 شخص.

4. الزلازل

إن الزلزال يأتى بغتة (أي لا يمكن توقع حدوثه من حيث توقيته أو شدته)، والزلازل لها حالات ودرجات وتأثيرات خطرة على البشر وعلى المباني (اُنظر صورة نتائج الزلازل التدميرية)، ويعقب الزلزال عادة زلازل أخرى أخف في درجتها، تسمى (توابع الزلزال)، وهي تأتى مفاجئة لكنها غير مباغتة نظراً لتوقع حدوثها عقب الزلزال الأول في معظم الأحيان، وقد كانت الأثار التدميرية الناتجة عن الزلازل، خلال الفترة من عام 1960 وحتى عام 1990، وطبقاً لإحصاء مكتب تنسيق الكوارث للأمم المتحدة، هي وفاة نحو 440 الف نسمة، بالإضافة للعديد من الخسائر الاقتصادية التى تقدر بمليارات الدولارات، ولبيان حالات الزلازل وتأثيراتها المختلفة (اُنظر جدول حالات الزلازل وتأثيراتها المختلفة بمقياس الريختر).

ولقد بلغت قوة زلزال أكتوبر عام 1992 في جمهورية مصر العربية 5.9 بمقياس ريختر، أى يقع تحت مسمى الزلزال (القوي جداً)، وهو أقل درجة بكثير من الزلازل التى تقع تحت مسمى (الكوارث المفجعة)، ومع ذلك فقد كانت الخسائر عالية جداً، حيث بلغ عدد القتلى 550 قتيل، إضافة إلى إصابة عدد كبير من السكان، وخسائر أخرى تقدر بملايين الدولارات، مع هبوط السكة الحديد على خط الجيزة ـ أسوان في (منطقة البليدة) ، وبتلك الزلازل يذكرنا الله بيوم القيامة يوم تزلزل الأرض زلزالها، وُتخِرج أثقالها، قال تعالى: )إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا( (الزلزلة: الآيتان 1 و2).

فإذا كنا قد لمسنا أداة من أدوات الإهلاك في مصر، ورأينا ما يحدثه زلزال بدرجة (قوي جداً)، فما بالك بمن يتعرضون لزلازل أشد قوة في هذه الأرض؟، والتى تقع تحت مسمى (الكوارث المفجعة)، والتي تبلغ قوتها ما بين 8 – 8.9 بمقياس ريختر، لا شك أن الخسائر ستكون أكثر رعباً. وقبل عرض إحصائية لبعض الزلازل المفجعة التى حدثت في العالم منذ عام 1290 وحتى عام 1998 (اُنظر جدول إحصائية بالزلازل المفجعة من عام 1290م - 1998م)، نوضح بعض الحقائق التالية:

أ. إن الزلزال العظيم الذى سوف يحدث يوم القيامة، يفوق قوته تلك الزلازل التى نسميها نحن الزلازل المفجعة، ليس بملايين المرات بل بمضاعفات تلك الأعداد التى نعرفها على الأرض، والتى لايعلمها إلا الله وحده، وذلك حتى يمكننا تصور هذا الزلزال العظيم، ويبين الله لنا هول زلزلة الساعة يوم القيامة في قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ( (الحج: الآيتان 1 و2).

ب. إن الله يُذَّكِر الناس كل فترة من الزمن بتلك الزلازل، حتى يدركوا قدرة الله على إهلاك الظالمين، وكما تأتى الزلازل بغتة بدون أن نتوقع حدوثها، فكذلك تأتى الساعة بغتة كما يصورها لنا القرآن الكريم، في قوله تعالى: )قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ( (الأنعام: الآية 31).

ج. إننا نرى الغفله والغشاوة في أعين بعض الناس، وقد بلغت مداها في ذلك العصر، فعندما تحدث الزلازل ترتعد فرائصهم خوفاً ورعباً من الهلاك وطمعاً في النجاة، وهنالك فقط يتذكرون ربهم ويدعونه مخلصين له الدين، حتى إذا ما انتهى الزلزال وانتهت توابعه، عادوا إلى غفلتهم ووضعوا الغشاوة على أعينهم مرة أخرى، هل يحسبون أن الله قد أرسل إليهم تلك الزلازل ليشاهدوها، كما يشاهدون شرائط الفيديو أو اسطوانات CD على أجهزة الكمبيوتر، ثم ينتهي تأثيرها بمجرد انتهائها؟، أم هل أصبح الناس يتعاملون مع تلك الأدوات (أدوات الإهلاك الربانية)، كما يتعاملون مع أفلام الرعب وأفلام الأكشن؟، يتأثرون بها طوال فترة عرضها، وبانتهائها يعودون إلى لهوهم وإلى غفلتهم مرة أخرى كما كانوا من قبل؟!.

د. إن الله عز وجل يرينا أدوات إهلاكه للبشر من حين لآخر، لعلهم يتذكرون قدرته على إهلاك الظالمين في الأرض كما أهلك الذين من قبلهم، لعلهم يزيلون الغشاوة عن العيون، ويعيدون الرشد إلى العقول، ويعلمون أن الله معهم دائماً يراقب أحوالهم ويعلم مايفعلون.

5. الأرض

علمنا أن الله قد خسف بقارون الأرض من قبل، وبين الله لنا أن خسف الأرض شيء ممكن حدوثه، في أي وقت وفى أي مكان، فتلك الأرض التى نسير عليها تلبى أمر ربها إذا أمر، ويحذرنا الله منها بوصفها أداة من أدوات الإهلاك، تدبر قوله تعالى: )أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ( (الملك: الآية 16)، وقوله تعالى: )أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ( (النحل: الآية 45).

ولا يفوتنا في هذا الحديث أن نذكر واقعة حدثت بالقدس الغربية، في 25 مايو 2001، حين خسف الله الأرض من تحت أقدام المدعوين، بإحدى صالات الأفراح بمنطقة (تالبيوت) الصناعية في إسرائيل، وذلك أثناء إقامة حفل زفاف هناك، حيث انهار السقف من تحتهم، وبلغ عدد القتلى في ذلك الوقت 33 قتيلاً، بالإضافة لعدد 300 جريح.

إن الله I لديه المزيد من أدوات الإهلاك، وما نذكره من أدوات إهلاك ماهي إلا قطرات في محيط ليس له أول ولا آخر، ولنتذكر أدوات الإهلاك التى يهلك الله بها الظالمين، ولنعلم أن تلك الأدوات كثيرة وتحيط بنا في كل مكان من حولنا، ولكن أكثر الناس لايشعرون بها.

ثانياً: أدوات الإهلاك التي يسلطها الناس على الناس أو الكائنات الأخرى

لقد ذكرنا من قبل أن أدوات العذاب التى يسلطها الإنسان على الإنسان أو الكائنات الأخرى، هي أدوات يعذب بها الإنسان إنساناً أو كائنات، لكنها لاتؤدي إلى إهلاكهم فهي أدوات للتعذيب وليست للإهلاك، مع الأخذ في الحسبان أن هناك أدوات تصلح للتعذيب وفى نفس الوقت تصلح للإهلاك، وبعد أن عرفنا أدوات الإهلاك الجبارة التى يسلطها الله على الناس، تهون أمامنا أعتى الأدوات التى يسلطها الإنسان على الإنسان أو الكائنات الأخرى، ولا نطيل الحديث هنا عن تلك الأدوات التى تسبب الهلاك للآخرين، التى صنعها الإنسان ويعمل على تطويرها يوماً بعد يوم، بل نكتفي بعرض أمثلة لبعض أدوات الإهلاك التي يصنعها البشر:

1. الأسلحة النارية المختلفة

أ. الأسلحة الصغيرة (كالبنادق والرشاشات والطبنجات والقنابل اليدوية وغيرها).

ب. الأسلحة التى تزود بها الطائرات (كالصواريخ جو/ جو، والصواريخ جو/ أرض، وقنابل النابالم، والقنابل والصواريخ الذكية التى تسير نحو هدفها عن بُعد بنسبة إصابة عالية، وغيرها من الأسلحة التى تحملها الطائرات المقاتلة المختلفة والطائرات العمودية... الخ، وهي الأسلحة التى تستخدمها إسرائيل ضد الشعب الفلسطينى الأعزل، وهي أداة من أدوات الإهلاك هناك.

ج. الأسلحة التى تزود بها القطع البحرية المختلفة (كالصواريخ سطح/ سطح، والطوربيدات، والمدفعيات وغيرها من أدوات الإهلاك للأخرين).

د. الأسلحة البرية الأخرى: (كالدبابات والعربات المدرعة، والمدفعية ذات الأعيرة المختلفة، والصواريخ أرض/ أرض... الخ).

2. الأسلحة البيضاء

هي أسلحة تستخدم في التعذيب أو الإهلاك، مثل (السكين ـ الخنجر ـ السيف ـ وكل الآلات الحادة التى يستخدمها الإنسان في إهلاك البشر والكائنات الأخرى)، وكلها أدوات إهلاك لا ينتج عنها نيران.

3. وسائل إشعال النيران

مثل البنزين، والكيروسين، الغاز الطبيعي... الخ.

4. أدوات أخرى

وهي كل أداة ينتج عن استخدامها إهلاك آخرين، سواء من البشر أو من الكائنات الأخرى، وتلك الأدوات تحيط بنا في كل مكان ونحن لا ندري. ندعو الله أن ينبهنا لها، ويحفظنا ويجنبنا آذاها نحن وكل المسلمين في الأرض، وألا تصيبنا تلك الأدوات بسوء.

فليعلم الذين ظلموا أن الله ليس بغافل عما يعملون، وأنه I سوف يهلكهم لامحالة، لكنه يمهلهم إلى حين، وليعلم المؤمنون أن الله هو القوى المتين، يرسل بالرياح والأعاصير، ويثير الزلازل ويفجر البراكين، ويصيب بالميكروبات والجراثيم، وهو القادر على أن يبعث علينا عذاباً من فوقنا، أو من تحت أرجلنا، أو يلبسنا شيعاً ليذيق بعضنا بأس بعض، وهو القادر على أن يرسل على الظالمين طيراً أبابيل لترميهم بحجارة من سجيل، فيصبحوا كعصف مأكول كما فعل بأصحاب الفيل، إن كثيراً من الناس عن عقاب الله غافلون كالدهريين!!، ندعو الله عز وجل أن ينصر المؤمنين على الظالمين كما وعد، وأن يهلك الظالمين فلا يُبقي منهم أحداً.

 

 



[1] أمكن لإحدى عواصف الترنيدو التى هبت عام 1931، رفع عربة قطار بركابها 117 شخص بارتفاع 24 م، وقذفها بعيداً عن الخط الحديدى!!.