إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الغناء والموسيقى في الإسلام









1

2. الحكم الشرعي للغناء

لم ترد أي إشارة إلى إباحة الغناء، في القرون الخيرية الثلاثة الأولى من صدر الإسلام، التي قال عنها رسول الله، r ]خَيْرُكُمْ قَرْنِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ قَالَ عِمْرَانُ (راوي الحديث) لاَ أَدْرِي أَذَكَرَ النَّبِيُّ r بَعْدُ قَرْنَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةً قَالَ النَّبِيُّ r إِنَّ بَعْدَكُمْ قَوْمًا يَخُونُونَ وَلاَ يُؤْتَمَنُونَ وَيَشْهَدُونَ وَلاَ يُسْتَشْهَدُونَ وَيَنْذِرُونَ وَلاَ يَفُونَ وَيَظْهَرُ فِيهِمْ السِّمَنُ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 5948).

كان الصحابة يرون حُرمة الغناء، استناداً إلى أحاديث الرسول الله، r ومنها:

أ. عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: ]أَخَذَ النَّبِيُّ r بِيَدِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ فَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى ابْنِهِ إِبْرَاهِيمَ فَوَجَدَهُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ r فَوَضَعَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَكَى فَقَالَ لَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ أَتَبْكِي أَوَلَمْ تَكُنْ نَهَيْتَ عَنْ الْبُكَاءِ قَالَ لاَ وَلَكِنْ نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَرَنَّةِ شَيْطَانٍ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 926).

ب. وعن أبي مَالِكٍ الأَشْعَرِيُّ، أنه سَمِعَ النَّبِيَّ، r يَقُولُ: ]لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إِلَى جَنْبِ عَلَمٍ يَرُوحُ عَلَيْهِمْ بِسَارِحَةٍ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ يَعْنِي الْفَقِيرَ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إِلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 3521).

ج. وعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، r ]لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا يُعْزَفُ عَلَى رُءُوسِهِمْ بِالْمَعَازِفِ وَالْمُغَنِّيَاتِ يَخْسِفُ اللَّهُ بِهِمْ الأَرْضَ وَيَجْعَلُ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 4010).

د. وعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، r قَالَ: ]فِي هَذِهِ الأُمَّةِ خَسْفٌ وَمَسْخٌ وَقَذْفٌ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَتَى ذَاكَ؟ قَالَ: إِذَا ظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2138)

هـ. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، r ]إِذَا اتُّخِذَ الْفَيْءُ دُوَلاً وَالأَمَانَةُ مَغْنَمًا وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا وَتُعُلِّمَ لِغَيْرِ الدِّينِ وَأَطَاعَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَعَقَّ أُمَّهُ وَأَدْنَى صَدِيقَهُ وَأَقْصَى أَبَاهُ وَظَهَرَتْ الأَصْوَاتُ فِي الْمَسَاجِدِ وَسَادَ الْقَبِيلَةَ فَاسِقُهُمْ وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ وَأُكْرِمَ الرَّجُلُ مَخَافَةَ شَرِّهِ وَظَهَرَتْ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ وَشُرِبَتْ الْخُمُورُ وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الأُمَّةِ أَوَّلَهَا فَلْيَرْتَقِبُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ وَزَلْزَلَةً وَخَسْفًا وَمَسْخًا وَقَذْفًا وَآيَاتٍ تَتَابَعُ كَنِظَامٍ بَالٍ قُطِعَ سِلْكُهُ فَتَتَابَعَ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2137)

و. وفسر النبي، r لهو الحديث الوارد في قوله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (سورة لقمان: الآية 6)، بقوله: ]لاَ تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلاَ تَشْتَرُوهُنَّ وَلاَ تُعَلِّمُوهُنَّ وَلاَ خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1203)، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ ]وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ[ (سورة لقمان: الآية 6) إِلَى آخِرِ الآيَةِ .

ز. عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ، r قَالَ: ]إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ وَقَالَ كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 2494).

وغير ذلك، من الأحاديث، الواردة في الكتب المعتمدة.

ومن ثم كان الصحابة، أمثال عبدالله بن مسعود، وعبدالله بن عباس، رضي الله عنهم، يرون حُرمة الغناء، سواء صاحبته المعازف، أم لم تصاحبه. وجرى على ذلك جيل التابعين، مثل الحسن البصري، ومجاهد، وعكرمة، وطاووس، وغيرهم. فقد كانوا يرون أن ابن مسعود حين قال في تفسير لهو الحديث: " الغناء والله الذي لا إله إلاَّ هو، يرددها ثلاث مرات "، وكذا قال ابن عباس وجابر وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومكحول والحسن البصري، ولم يخالف في ذلك أحد من الصحابة، إنما يُعد إجماعاً. وقال الواحدي ويدخل في هذا كل من اختار اللهو، والغناء، والمزامير والمعازف على القرآن.

أ. حُكم المذاهب الأربعة في الغناء

أجمعت المذاهب الأربعة المعروفة، على حُرمة الغناء:

(1) رأي المالكية

نهى الإمام مالك عن الغناء، وعن الاستماع إليه، في قوله: "إذا اشترى الرجل، جارية فوجدها مغنية كان له أن يردها بالعيب"، وسُئل عمّا يرخص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال: إنما يفعله عندنا الفساق. استدل المالكية على حرمة الغناء بقول ابن مسعود t "الغناء يُنبت النفاق في القلب".

(2) رأي الأحناف

يُعد مذهب أبي حنيفة من أشد المذاهب رأياً في تحريم الغناء، وقوله فيه أغلظ الأقوال. ويرى الأحناف: إن سماع الغناء فسق، والتلذذ به كفر. وحرموا سماع الملاهي كلها، كالمزمار، والدُّف، حتى الضرب بالقضيب، وصرّحوا بأنه معصية، يوجب الفسق، وترد به الشهادة. وقالوا: في دار يُسمع فيها صوت المعازف والملاهي: " أدخل عليهم بغير إذنهم، لأن النهي عن المنكر فرض، فلو لم يجز الدخول بغير إذن لامتنع الناس من إقامة الفرض، وإن أصرّ (صاحب الدّار على الغناء) حبسه (الولي) أو ضربه سياطاً، وإن شاء أزعجه عن داره.

(3) رأي الشّافعية

يقول الإمام الشافعي: "إن الغناء لهو مكروه، يشبه الباطل والمحال، ومن استكثر منه فهو سفيه، تُرد شهادته"، وقال أصحابه: "ولا تصح الإجارة على منفعة محرمة كالغناء والزّمر، ولا يجوز للرجل بذل ماله للمغني، ويُحَرّم عليه ذلك، فإنّ بَذْلَه في ذلك كبذلِه في مقابلة الدم والميتة".

وقد حكى أبو عمرو بن الصلاح: الإجماع على تحريم السّماع، الذي جمع الدف والشبابة (المزمار). وتواتر عن الإمام الشّافعي أنه قال: "خلفتُ في بغداد شيئاً أحدثته الزنادقة، يسمونه التغبير، يصدون به الناس عن القرآن، والتغبير هو شعر يزهد في الدنيا، ينشده أحد المُغنيين مصحوباً بالضرب على قضيب.

كما قال الإمام الشافعي عن سماع الغناء من جارية، إذا جمع الرّجُل الناس لسماعها: "هو سفيه ترد شهادته": "هو دياثة فمن فعل ذلك كان ديوثاً".

وقال عن الطقطقة بالقضيب: "وضعته الزنادقة ليشغلوا به عن القرآن، وأما العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام، ومستمعه فاسق".

(4) رأي الحنابلة

قال الإمام أحمد بن حنبل: "الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني"، ثم ذكر قول الإمام مالك: "إنما يفعله عندنا الفساق". ونصّ الإمام أحمد على كسر آلات اللهو، إذا رآها الرجل مكشوفة، أو حتى إن كانت مغطاة تحت الثياب. ونص في أيتام ورثوا جارية مغنية ساوت عشرين ألفاً إذا بيعت مغنية، وإذا بيعت ساذجة (أي غير مغنية) لا تساوي ألفين، فقال: لا تُباع إلاّ على أنها ساذجة". ولو كانت منفعة الغناء مباحة لما فوَّت هذا المال على الأيتام.

هذه في ـ إيجاز ـ أهم آراء الأئمة الأربعة، وما قالوا به في الغناء، وموقفهم ـ بوجه عام ـ يرى حرمته. وكذلك قال بحرمته أئمة العلماء المشهورين كشيخ الإسلام ابن تيمة، وابن القيم، وأبو بكر الطرطوشي، وجماهير العلماء.

ب. رأي العلماء القائلين بإباحة الغناء

اقترن الغناء والموسيقى دائماً بمظاهر الترف، ومجالس الخمر واللهو، وارتكاب الموبقات، وهذا ما جعل كثيراً من العلماء يحرّمونه، أو يكرّهونه كراهية شديدة، بل قال بعضهم: إن الغناء من لهو الحديث المذكور في قوله تعالى: ]وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ[ (سورة لقمان: الآية 6)، ولكن ابن حزم يقول: إنّ الآية ذكرت صفة من فعلها كان كافراً بلا خلاف، إذا اتخذ سبيل الله هزوا، ولو أنه اشترى مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزواً لكان كافراً، فهذا هو الذي ذمه الله عز وجل، وما ذم سبحانه قط من اشترى لهو الحديث ليتلهى به، ويروّح نفسه، لا ليضلّ عن سبيل الله".

ويناقش ابن حزم العلماء، الذين قالوا: إن الغناء ليس من الحق، فهو إذن من الضلال، فيورد الحديث: ]إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْه[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1)، فمن نوى أن يكون استماع الغناء عونًا على معصية الله فهو فاسق ـ وكذلك كل شيء غير الغناء ـ ومن نوى ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عزّ وجل، وينشّط نفسه بذلك على البر، فهو مطيع محسن. وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية، فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزهاً، وقعوده على باب داره متفرجاً، وصبغه ثوبه لا زوردياً بأي لون أو غير ذلك ".

من أشهر العلماء، الذين رأوا عدم حرمة الغناء الإمام أبو حامد الغزالي، وابن حزم من القدماء، ويوسف القرضاوي من المحدثين. ولكنهم قيدوا الإباحة على الغناء، الذي لا يحض على فاحشة، واشترطوا شروطاً خاصة لذلك. وهم وإن خالفوا إجماع الصحابة، وأصحاب المذاهب الأربعة، وردوا الأحاديث الواردة عن رسول الله، r، إلاّ أنهم يقولون إنّ الغناء المباح هو الغناء الفطري، الذي يترنم به الإنسان لنفسه، أو المرأة لزوجها، أو الجارية لسيدها، ومنه حداء الإبل. ومثله غناء النساء المعتاد في الأعراس، في مجتمعهن الخاص بهن، ونحو ذلك.

وكذلك، الغناء الحاث على الجهاد وإعلاء كلمة الله، أو تمجيد الفضائل وإنكار الرذائل، أو الداعي لحب الوطن والخير وصالح الأعمال. فهذا الضرب من الغناء، لا حرج فيه، وهو داخل في جملة "الطيبات" التي أباحها الإسلام، ولكن يقع الإثم فيما يشتمل عليه أو يقترن به من العوارض، التي تنقله من دائرة الحل إلى الحرمة، أو الكراهة التي تقارب التحريم.

كما أن الغناء يُستحب في المناسبات السّارة، إشاعة للسرور، وترويحًا للنفوس، مثل أيام العيد، والعرس، وقدوم الغائب، وفي وقت الوليمة، وفي العقيقة عند ولادة المولود.

عَنْ عَائِشَةَ: ]أَنَّهَا زَفَّتْ امْرَأَةً إِلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ r يَا عَائِشَةُ مَا كَانَ مَعَكُمْ لَهْوٌ فَإِنَّ الأَنْصَارَ يُعْجِبُهُمْ اللَّهْوُ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 4765).

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ t: ]قَالَ أَنْكَحَتْ عَائِشَةُ ذَاتَ قَرَابَةٍ لَهَا مِنْ الأَنْصَارِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ أَهْدَيْتُمْ الْفَتَاةَ قَالُوا نَعَمْ قَالَ أَرْسَلْتُمْ مَعَهَا مَنْ يُغَنِّي قَالَتْ لاَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r إِنَّ الأَنْصَارَ قَوْمٌ فِيهِمْ غَزَلٌ فَلَوْ بَعَثْتُمْ مَعَهَا مَنْ يَقُولُ: أَتَيْنَاكُمْ أَتَيْنَاكُمْ فَحَيَّانَا وَحَيَّاكُمْ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 1890).

وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: ]أَنَّ النَّبِيَّ r مَرَّ بِبَعْضِ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ بِجَوَارٍ يَضْرِبْنَ بِدُفِّهِنَّ وَيَتَغَنَّيْنَ وَيَقُلْنَ:

نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ                           يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ

          فَقَالَ النَّبِيُّ r يَعْلَمُ اللَّهُ إِنِّي لأُحِبُّكُنّ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 1889).

وعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأَكْوَعِ  قَالَ:]خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ r إِلَى خَيْبَرَ فَسِرْنَا لَيْلاً فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ لِعَامِرٍ يَا عَامِرُ أَلاَ تُسْمِعُنَا مِنْ هُنَيْهَاتِكَ وَكَانَ عَامِرٌ رَجُلاً شَاعِرًا فَنَزَلَ يَحْدُو بِالْقَوْمِ يَقُولُ:

اللَّهُمَّ لَوْلاَ أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا                     وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

فَاغْفِرْ فِدَاءً لَكَ مَا أَبْقَيْنَا                     وَثَبِّتْ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

وَأَلْقِيَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا                         إِنَّا إِذَا صِيحَ بِنَا أَبَيْنَا

وَبِالصِّيَاحِ عَوَّلُوا عَلَيْنَا

        فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r مَنْ هَذَا السَّائِقُ قَالُوا عَامِرُ بْنُ الأَكْوَعِ، قَالَ: يَرْحَمُهُ اللَّهُ، قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ: وَجَبَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْلاَ أَمْتَعْتَنَا بِهِ[(صحيح البخاري، الحديث الرقم 5682).

وقال الْبَرَاءِ : ]كَانَ النَّبِيُّ، r يَنْقُلُ التُّرَابَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَغْمَرَ بَطْنَهُ أَوْ اغْبَرَّ بَطْنُهُ يَقُولُ:

وَاللَّهِ لَوْلاَ اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا                 وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا

فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا                      وَثَبِّتْ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا

إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا                     إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنـَا

وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ أَبَيْنَا أَبَيْنَا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 3795)

وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: ]دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ r وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثَ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ وَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مِزْمَارَةُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ النَّبِيِّ r فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ r فَقَالَ دَعْهُمَا فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ النَّبِيَّ r وَإِمَّا قَالَ تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَقَامَنِي وَرَاءهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ دُونَكُمْ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ حَسْبُكِ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ فَاذْهَبِي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 897).

وعن الأحاديث، التي يُستدل بها على حرمة الغناء، يقول الدكتور يوسف القرضاوي: "فكلها مثخنة بالجراح، لم يسلم منه حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه. قال القاضي أبو بكر بن العربي: لم يصح في تحريم الغناء شيء، وقال ابن حزم: كل ما روي فيها باطل موضوع.