إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الجنة









شُبُهات

رابعاً: أصحاب الجنة

قال تعالى: )وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ(133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ( (سورة آل عمران: الآيات 133-136)، فأخبر المولى ـ عزّ وجلّ ـ أنه أعدّ الجنة للمتقين، دون غيرهم، ثم ذكر أوصاف المتقين، فذكر بذلك للإحسان في حالة العسر واليسر والشدة والرخاء؛ فإن من الناس من يبذل في حال اليسر والرخاء ولا يبذل في حال العسر والشدة، ثم ذكر كف أذاهم عن الناس بحبس الغيظ بالكظم وحبس الانتقام بالعفو.

ثم ذكر حالهم، بينهم وبين ربهم، في ذنوبهم، وأنها إذا صدرت منهم قابلوها بذكر الله، والتوبة والاستغفار، وترك الإصرار، فهذا حالهم مع الله وذاك حالهم مع خلقه. وقال تعالى: )وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ( (سورة التوبة: الآية 100)، فأخبر تعالى أنه أعدّها للمهاجرين والأنصار وأتباعهم بإحسان فلا مطمع لمن خرج عن طريقتهم فيها.

وقال تعالى: )إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (2) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ( (سورة الأنفال: الآيات 2-4) فوصفهم بإقامة حقه باطناً وظاهراً وبأداء حق عباده.

وفي الحديث عن عمر بن الخطاب t )كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ r فَقَالُوا فُلاَنٌ شَهِيدٌ فُلاَنٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلاَنٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r كَلاَّ إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ أَلاَ إِنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ الْمُؤْمِنُونَ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 193).

وفي الحديث أن رسول الله r أمر بلالاً ينادي في الناس: )لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 14881) وقال r: )وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُتَصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ قَالَ وَأَهْلُ النَّارِ خَمْسَةٌ الضَّعِيفُ الَّذِي لاَ زَبْرَ لَهُ الَّذِينَ هُمْ فِيكُمْ تَبَعًا لاَ يَبْتَغُونَ أَهْلاً وَلاَ مَالاً وَالْخَائِنُ الَّذِي لاَ يَخْفَى لَهُ طَمَعٌ وَإِنْ دَقَّ إِلاَّ خَانَهُ وَرَجُلٌ لاَ يُصْبِحُ وَلاَ يُمْسِي إِلاَّ وَهُوَ يُخَادِعُكَ عَنْ أَهْلِكَ وَمَالِكَ وَذَكَرَ الْبُخْلَ أَوْ الْكَذِبَ وَالشِّنْظِيرُ الْفَحَّاشُ وَإِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا حَتَّى لاَ يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَد( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5109)، وقال r: )أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِر( (صحيح البخاري، الحديث الرقم: 4537).

وقال: )النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ وَالشَّهِيدُ فِي الْجَنَّةِ وَالْمَوْلُودُ فِي الْجَنَّةِ وَالْوَئِيدُ فِي الْجَنَّةِ( (سنن أبو داود، الحديث الرقم 2159).

وقال r: )أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْ مَلأَ اللَّهَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ خَيْرًا وَهُوَ يَسْمَعُ وَأَهْلُ النَّارِ مَنْ مَلأَ أُذُنَيْهِ مِنْ ثَنَاءِ النَّاسِ شَرًّا وَهُوَ يَسْمَعُ( (سنن ابن ماجة، الحديث الرقم 4214). وعن أنس بن مالك قال: )مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرًا فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَمُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرًّا فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ قَال َ عُمَرُ فِدًى لَكَ أَبِي وَأُمِّي مُرَّ بِجَنَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا خَيْرٌ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَمُرَّ بِجَ نَازَةٍ فَأُثْنِيَ عَلَيْهَا شَرٌّ فَقُلْتَ وَجَبَتْ وَجَبَتْ وَجَبَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا وَجَبَتْ لَهُ النَّارُ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الأَرْض( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 1578). وبالجملة فأهل الجنة أربعة أصناف ذكرهم الله سبحانه وتعالى في قوله: )وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا( (سورة النساء: الآية 69) فنسأل الله أن يجعلنا منهم بمنه وكرمه.

1. تعرف أهل الجنة منازلهم ومساكنهم

قال تعالى: )وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ( (سورة محمد: الآيات 4-6). قال مجاهد: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، وقال ابن عباس: "هم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم".

2. الترحيب بوافديها

قال تعالى: )يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا( (سورة مريم: الآية 85)، وقال: )وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا( (سورة الزمر: الآية 73).

ولعلهم، قبل ذلك، يستقبلهم خزنة الجنة، ويقولون لهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، ثم يتلقاهم ولدان مخلدون يطيفون بهم، يقولون لكل واحد منهم: أبشر بما أعد الله لك من الكرامة، ويدخلون قصورهم مع أزواجهم، حيث الأكواب الموضوعة، والنمارق المصفوفة، والزرابي المبثوثة، فيجلسون متكئين على فرش بطائنها من استبرق، ورفرف خضر وعبقري حسان، فيقولون: الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

3. صفة أهل الجنة في خُلُقهم وخَلْقهم

قال رسول الله r )يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ مُرْدًا بِيضًا جِعَادًا مُكَحَّلِينَ أَبْنَاءَ ثَلاَثٍ وَثَلاَثِينَ عَلَى خَلْقِ آدَمَ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 7592).

أمّا قلوبهم فهي خالية من الحقد والغل، لقوله تعالى: )وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ( (سورة الحجر: الآية 47)، فتلاقت القلوب، وتآلفت، وتلاقت الوجوه وحسنت، وتساوى الطول والعرض والسن، وإن تفاوتوا في الحُسن والجمال، وأهل الجنة لا ينامون فالنوم أخو الموت يسبحون الله بكرة وعشية، وكذلك وصف الله نساءهم بأنهن أتراب، أي في سن واحدة، ليس فيهن العجائز، وفي هذا الطول والعرض والسن من الحكمة ما لا يخفى، فإنه أبلغ وأكمل في استيفاء اللذات.

4. فيمن يدخل الجنة من هذه الأمة بغير حساب

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله r: )يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6060).

عن النبي r قال: )عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ وَمَعَهُ الرُّهَيْطُ وَالنَّبِيَّ وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ وَالنَّبِيَّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ، إِذْ رُفِعَ إِلَيَّ سَوَادٌ عَظِيمٌ فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فَقِيلَ لِي هَذَا مُوسَى r وَقَوْمُهُ وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ الآخَرِ فَإِذَا سَوَادٌ عَظِيمٌ فَقِيلَ لِي هَذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ ثُمَّ نَهَضَ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ فِي أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ صَحِبُوا رَسُولَ اللهِ r. وَقَالَ بَعْضُهُمْ، فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ وَلَمْ يُشْرِكُوا بِاللهِ. وَذَكَرُوا أَشْيَاءَ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ r فَقَالَ مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ فَأَخْبَرُوهُ فَقَالَ هُمِ الَّذِينَ لاَ يَرْقُونَ وَلاَ يَسْتَرْقُونَ وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ( (صحيح مسلم باب الإيمان، الحديث الرقم 323).

وقد جعل النبي r الوصف، الذي يستحق به هؤلاء دخول الجنة بغير حساب، هو تحقيق التوحيد، وتجريده، فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون ـ والطيرة نوع من الشرك ـ ويتوكلون على الله وحده لا غيره.

5. المؤمن، وإن عصى، يدخل الجنة

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r )أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا فَلاَ يَمُوتُونَ فِيهَا وَلاَ يَحْيَوْنَ وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمْ نَارٌ بِذُنُوبِهِمْ أَوْ بِخَطَايَاهُمْ فَأَمَاتَتْهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ لَهُمْ فِي الشَّفَاعَةِ فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ فَبُثُّوا عَلَى أَنْهَارِ الْجَنَّةِ فَقِيلَ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ أَفِيضُوا عَلَيْهِمْ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ( (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 4299).

وهؤلاء الذين يخرجون من النار ويدخلون الجنة يسميهم أهل الجنة بالجهنميين، وقد ورد في أكثر من حديث أن الله يخرج من النار من كان في قلبه مثقال دينار أو نصف دينار أو مثقال ذرة من إيمان، فعن رسول الله r قال: )يُدْخِلُ اللَّهُ أَهْلَ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ بِرَحْمَتِهِ وَيُدْخِلُ أَهْلَ النَّارِ النَّارَ ثُمَّ يَقُولُ انْظُرُوا مَنْ وَجَدْتُمْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجُوهُ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 270).

6. آخر داخليها

حدثنا الرسول r عن قصة آخر رجل يخرج من النار ويدخل الجنة وما جرى من حوار بينه وبين ربه وما أعطاه الله من الكرامة العظيمة التي لم يصدق أن الله أكرمه بها لعظمها، فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله r )إِنِّي لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْ النَّارِ كَبْوًا فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلْ الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُل الْجَنَّةَ فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُل الْجَنَّةَ فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّي أَوْ تَضْحَكُ مِنِّي وَأَنْتَ الْمَلِكُ فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ وَكَانَ يَقُولُ ذَاكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6086).

7. داخلو الجنة قبل يوم القيامة

أول من دخل الجنة من البشر هو آدم u )وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا( (سورة البقرة: الآية 35).

ومن الذين يدخلون الجنة بأرواحهم، قبل يوم القيامة، الشهداء.

كما أن كل من مات عرض عليه مقعده من الجنة في الغداة والعشي.

8. خلد الجنة وأهلها

لا يرحلون عنها ولا يبيدون ولا يموتون )لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ( (سورة الدخان: الآية 56)، )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107) خَالِدِينَ فِيهَا لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً( (سورة الكهف: الآيتان 107، 108).

ومقتضى النصوص تدل أن الجنة خلقت خلقاً غير قابل للفناء وكذلك أهلها ففي الحديث عن أبي هريرة عن النبي r قال: )مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5068).

وقال r "إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً فلذلك قوله عز وجل: )وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ( (سورة الأعراف: الآية 43).

9. الضعفاء المخلصون لله أكثر أهل الجنة

أكثر من يدخل الجنة الضعفاء الذين لا يُؤْبَه لهم ولكنهم عند الله عظماء لتذللهم لربهم وقيامهم بحق العبودية لله يقول الرسول r: )أَلاَ أُخْبِرُكَ عَنْ مُلُوكِ الْجَنَّةِ قُلْتُ بَلَى قَالَ رَجُلٌ ضَعِيفٌ مُسْتَضْعِفٌ ذُو طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ( (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 4105).

10. أطفال الجنة

وينقسمون إلى قسمين:

أ. أطفال المؤمنين

الذين لم يبلغوا الحُلم هم في الجنة بفضل الله ورحمته ـ إن شاء الله ـ قال تعالى : )وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( (سورة الطور: الآية 21).

وقال رسول الله r )أَيُّمَا امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ قَدَّمَتْ ثَلاَثًا مِنْ وَلَدِهَا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنْ النَّارِ قَالَتْ امْرَأَةٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا قَدَّمْتُ اثْنَيْنِ قَالَ وَاثْنَيْنِ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 10869).

ووجه الدلالة في الحديث كما يقول ابن حجر أن أطفال المؤمنين في الجنة: (إن من يكون سبباً في حجب النار عن أبويه، أولى بأن يُحجب هو، لأنه أصل الرحمة وسببها).

وقد جاءت نصوص صريحة في إدخال ذرية المؤمنين الجنة فمن ذلك حديث علي عن الرسول: )إِنَّ الْمُؤْمِنِينَ وَأَوْلاَدَهُمْ فِي الْجَنَّةِ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 1076).

وعن أبي هريرة أن رسول الله r قال: )صِغَارُهُمْ دَعَامِيصُ الْجَنَّةِ يَتَلَقَّى أَحَدُهُمْ أَبَاهُ أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ أَوْ قَالَ بِيَدِهِ كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنِفَةِ ثَوْبِكَ هَذَا فَلاَ يَتَنَاهَى أَوْ قَالَ فَلاَ يَنْتَهِي حَتَّى يُدْخِلَهُ اللَّهُ وَأَبَاهُ الْجَنَّةَ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 4769).

ب. أطفال المشركين

قال رسول الله r )مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1270).

11. عديد الجنة من هذه الأمة

يدخل من هذه الأمة جموع كثيرة الله أعلم بعددهم

عن ابن عباس قال: قال رسول الله r )عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ فَأَخَذَ النَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الأُمَّةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ النَّفَرُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْعَشَرَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ مَعَهُ الْخَمْسَةُ وَالنَّبِيُّ يَمُرُّ وَحْدَهُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قُلْتُ يَا جِبْرِيلُ هَؤُلاَءِ أُمَّتِي قَالَ لاَ وَلَكِنْ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ فَنَظَرْتُ فَإِذَا سَوَادٌ كَثِيرٌ قَالَ هَؤُلاَءِ أُمَّتُكَ وَهَؤُلاَءِ سَبْعُونَ أَلْفًا قُدَّامَهُمْ لاَ حِسَابَ عَلَيْهِمْ وَلاَ عَذَابَ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6059).

بل ورد في بعض الأحاديث أن هذه الأمة تبلغ ثلثي أهل الجنة كما قال r )أَهْلُ الْجَنَّةِ عِشْرُونَ وَمِائَةُ صَفٍّ ثَمَانُونَ مِنْهَا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ وَأَرْبَعُونَ مِنْ سَائِرِ الأُمَمِ( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2469).

12. سادة الجنة وسيداتها

أ. سَيِّدَا كُهُولِ أهل الجنة

روى جمع من الصحابة أن رسول الله r قال: )أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِين( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 3599).

ب. سَيِّدَا شباب أهل الجنة

هما الحسن والحسين وقد ثبت ذلك من طرق كثيرة تبلغ درجة التواتر. قال r )الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ( (سنن التزمذي، كتاب المناقب: الحديث الرقم 3701).

ج. سيدات نساء أهل الجنة

(1) آسية بنت مزاحم (امرأة فرعون): وذلك بأنه هان عليها ملك الدنيا ونعيمها فكفرت بفرعون وادعائه الألوهية والربوبية، فعذبها زوجها فصبرت حتى خرجت روحها إلى بارئها: )وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ( (سورة التحريم: الآية 11).

(2) مريم بنت عمران وهي سيدة النساء وأفضل النساء على الإطلاق: )وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ( (سورة آل عمران: الآية 42).

(3) خديجة بنت خويلد: وذلك لأنها آمنت بالرسول r من غير تردد، وثبتته، وآسته بنفسها ومالها.

(4) فاطمة الزهراء، ابنة الرسول، الصابرة المحتسبة التقية الورعة فرع الشجرة الطاهرة وتربية معلم البشرية.

قال رسول الله r: )أَفْضَلُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِد ٍ وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ وَآسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَمَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 2536)، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ أَجْمَعِينَ[1].

13. المبشرون بالجنة

أ. أبو بكر الصديق t

ب. عمر بن الخطاب t

ج. عثمان بن عفان t

د. علي بن أبي طالب t

هـ. طلحة بن عبيد الله t

و. الزبير بن العوام t

ز. عبدالرحمن بن عوف t

ح. سعد بن أبي وقاص t

ط. سعيد بن زيد t

ي. أبو عبيدة بن الجراح t

وهؤلاء العشرة ورد فيهم نص واحد عن الرسول r ولكن هناك مبشرون غيرهم كثير مثل:

أ. جعفر بن أبي طالب (جعفر الطيار).

ب. حمزة بن عبدالمطلب، سيد الشهداء.

ج. الحسن بن علي t

د. الحسين بن علي t (الحسين السبط).

هـ. عبدالله بن سلام قال رسول الله r )وَالْتَمِسُوا الْعِلْمَ عِنْدَ أَرْبَعَةِ رَهْطٍ عِنْدَ عُوَيْمِرٍ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَعِنْدَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَعِنْدَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعِنْدَ عَبْدِاللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ الَّذِي كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّهُ عَاشِرُ عَشَرَةٍ فِي الْجَنَّة( (سنن الترمذي، كتاب المناقب: الحديث الرقم 3740).

و. زيد بن حارثة.

ز. زيد بن عمرو بن نفيل (كان يدعو إلى التوحيد في الجاهلية وكان على الحنيفية ملة إبراهيم).

ح. حارثة بن النعمان.

ط. بلال بن أبي رباح (بلال الحبشي) قال النبي r )رَأَيْتُنِي دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا أَنَا بِالرُّمَيْصَاءِ امْرَأَةِ أَبِي طَلْحَةَ قَالَ وَسَمِعْتُ خَشْفًا أَمَامِي فَقُلْتُ مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَذَا بِلاَل( (مسند أحمد، الحديث الرقم 14472).

ي. ورقة بن نوفل، آمن بالرسول عندما جاءته خديجة في أول أمره، وتمنى على الله أن يدرك ظهور أمر الرسول لينصره.

ك. عمار بن ياسر t

ل. سلمان الفارسي.

م. معاذ بن جبل.

ن. عائشة بنت الصديق (أم المؤمنين).

س. عكاشة بن محصن، وأهل بدر، وأصحاب بيعة الرضوان، وأبو ذر الغفاري، وغيرهم كثير.



[1] القاعدة النحوية تُغلّب التذكير على التأنيث (رضي الله عنهم). ولكن، في هذا الموضع، غلّب التأنيث على التذكير. ويتبع ذلك ـ حسب القاعدة ـ أن يؤنث التأكيد، فيقرأ "عنهن جُمَع"، خلافاً لما ورد "عنهن أجمعين".