إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الجنة









شُبُهات

خامساً: نعيم الجنة

1. شراب أهل الجنة وطعامهم

من الشراب، الذي يتفضل الله به على أهل الجنة، الخمر. وخمر الجنة خالية من المضارّ، التي تتصف بها خمر الدنيا. فخمر الدنيا تذهب العقول وتصدع الرؤوس وتوجع البطون وتمرض الأبدان وتجلب الأسقام، أمّا خمر الجنة، فإنها خالية من هذا كله جميلة صافية رائقة: )يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ( (سورة الصافات: الآيات 45-47)، )يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْك(.(سورة المطففين: الآيتان 25، 26) والرحيق، الخمر. ووُصفت هذه الخمر بوصفين:

(أ) أنها مختومة أي موضوع عليها خاتم.

(ب) أنهم إذا شربوها وجدوا في ختام شربهم إياها رائحة المسك.

قال رسول الله r )وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوت( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 3082). وأثبت القرآن أن أهل الجنة يأكلون لحم طير مما يشتهون، ويدعون بكل فاكهة آمنين، ويقال لهم: )كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الْخَالِيَةِ( (سورة الحاقة: الآية 24).

قد يتبادر إلى الذهن أن الطعام والشراب في الجنة ينتج عنه ما ينتج عن طعام أهل الدنيا وشرابهم من البول والغائط والمخاط والبزاق ونحو ذلك والأمر ليس كذلك فالجنة دار خالصة من الأذى وأهلها مطهرون من أوشاب أهل الدنيا ففي الحديث )أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ( (صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق: الحديث الرقم 3006).

وليس هذا خاصاً بأول زمرة تدخل الجنة وإنما هو عام في كل من يدخل الجنة وإنما الذي يتفاوت فيه أهل الجنة قوة نور كل منهم أمّا خلوصهم من الأذى فإنهم يشتركون فيه جميعاً فهم لا يتغوطون ولا يتبولون ولا يتفلون ولا يبزقون ولا يمتخطون.

وقد يقال: فأين تذهب فضلات الطعام فقد سُئل الرسول r عن هذا فقال: )يَأْكُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلَكِنْ طَعَامُهُمْ ذَاكَ جُشَاءٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالْحَمْدَ كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5067).

2. أكل أهل الجنة وشرابهم وامتشاطهم

إذا كان أهل الجنة فيها خالدون وكانت خالية من الآلام والأوجاع والأمراض لا جوع فيها ولا عطش ولا قاذورات ولا أوساخ فلماذا يأكل أهل الجنة فيها ويشربون ولماذا يتطيبون ويمتشطون؟

أجاب القرطبي في التذكرة عن هذا السؤال قائلاً: (نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم فليس أكلهم عن جوع ولا شربهم عن ظمأ ولا تطيبهم عن نتن وإنما هي لذات متوالية ونعم متتابعـة ألا ترى قوله تعالى لآدم )إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُـوعَ فِيهَا وَلاَ تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لاَ تَظْمَأُ فِيهَا وَلاَ تَضْحَى( (سورة طه: الآيتان 118، 119) وحكمة ذلك أن الله تعالى عرفهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعمون به في الدنيا وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله عز وجل.

3. آنية طعام أهل الجنة وشرابهم

هي من الذهب والفضة )يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ( (سورة الزخرف: الآية 71) أي أكواب من ذهب. وقال r )إِنَّ فِي الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْمُؤْمِنُونَ وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ( (رواه البخاري، كتاب تفسير القرآن 4501).

ومن الآنية التي يشربون بها الأكواب والأباريق والكؤوس[1] )يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِين( (سورة الواقعة: الآيتان 17، 18).

قال ابن عباس: ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلاّ الأسماء. والأكواب في الدنيا قد تكون من فضة، وتكون من قوارير، أي زجاج، فأعلمنا الله أن هناك أكواباً لها بياض الفضة وصفاء القوارير.

4. رؤية أهل الجنة ربهم تبارك وتعالى

قال تعالى: )يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا( (سورة مريم: الآية 85). ولأهل الجنة الحسنى وزيادة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم، كذلك فسّرها رسول الله r بقوله: )فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ( (رواه مسلم، الحديث الرقم 266)، فتزداد وجوههم نضارة، قال تعالى: )وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ( (سورة القيامة: الآيتان 22، 23). ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة بعد ذلك قط.

5. مطايا أهل الجنة

)عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ r فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ خَيْلٍ قَالَ إِنْ اللَّهُ أَدْخَلَكَ الْجَنَّةَ فَلاَ تَشَاءُ أَنْ تُحْمَلَ فِيهَا عَلَى فَرَسٍ مِنْ يَاقُوتَةٍ حَمْرَاءَ يَطِيرُ بِكَ فِي الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْتَ قَالَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ فِي الْجَنَّةِ مِنْ إِبِلٍ قَالَ فَلَمْ يَقُلْ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِصَاحِبِهِ قَالَ إِنْ يُدْخِلْكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ يَكُنْ لَكَ فِيهَا مَا اشْتَهَتْ نَفْسُكَ وَلَذَّتْ عَيْنُك( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2466).

وورد عن رسول الله r قوله: )إن أهل الجنة ليتزاورون على نجائب بيض كأنها الياقوت( ويبدو، والله أعلم، أن الله يسخر لأهل الجنة أفضل الوسائل وأحسنها راحة؛ لأن الجنة فيها ما تشتهيه الأنفس.

6. تزاور أهل الجنة

قال تعالى: )فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (50) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ (51) يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِين( (سورة الصافات: الآيات 50-52). فأخبر سبحانه أن أهل الجنة أقبل بعضهم على بعض يتحدثون، ويسأل بعضهم بعضاً عن أحوال الدنيا، ومنهم واحد أخذ يحكي تجربة وقعت له مع قرين كان ينكر البعث والدار الآخرة. ووردت أحاديث وآثار تبين تزاور أهل الجنة، واجتماعاتهم، وأحاديثهم عن ذكرياتهم في الدنيا.

7. فرش أهل الجنة، وملابسهم

أعدت قصور الجنة، وأماكن الجلوس في حدائقها وبساتينها، بألوان فاخرة رائعة، من الفرش، للجلوس والاتكاء ونحو ذلك.

فالسرر كثيرة راقية والفرش عظيمة القدر بطائنها من الاستبرق فكيف بظهائرها لا شك أن ظهائرها أعلى وأحسن من بطائنها؛ لأن بطائنها للأرض، وظهائرها للجمال والزينة، وهي مرفوعة، قيل ما بين الفراشين كما بين السماء والأرض. وهناك النمارق مصفوفة على نحو يسر الخاطر ويبهج النفس والزرابي مبثوثة على شكل منسق متكامل قال تعالى: )فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَة( (سورة الغاشية: الآيات 13-16) مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ . والنمارق هي المخاد والوسائد المساند، والزرابي: البسط.

قال تعالى: )مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ( (سورة الرحمن: الآية 76).

والرفرِف: هي، لغة، الرقيق من الديباج، يبسط في المجالس، وقيل إنها رياض الجنة، واختلف في العبقري، فقيل هو الديباج، بل هو الطنافس، بل هو البُسط الموشاة، بل هو الزرابي (البُسط).

قال تعالى: )يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ( (سورة الكهف: الآية 31) وقال: )وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ( (سورة الحج: الآية 23)، والسندس هو نمارق من الديباج، والإستبرق ما غلظ منه، وأحسن الألوان الأخضر، وألين اللباس الحرير فجمع لهم بين حسن منظر اللباس، والتذاذ العين به، وبين نعومته، والتذاذ الجسم به ويلبسون التيجان على رؤوسهم، قال رسول الله r : )إِنَّ الْقُرْآنَ يَلْقَى صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ هَلْ تَعْرِفُنِي فَيَقُولُ مَا أَعْرِفُكَ فَيَقُولُ أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَإِنَّكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ( (سنن الدارمي، الحديث الرقم 3257).

8. رعاية أهل الجنة

يخدم أهل الجنة ولدان ينشئهم الله لخدمتهم يكونون في غاية الجمال والكمال كما قال تعالى: )يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ( (سورة الواقعة: الآيتان 17، 18).

يقول ابن كثير: "يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان أهل الجنة (مخلدون) أي على حالة واحدة مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم على تلك السن".

وقوله تعالى: )إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا( (سورة الإنسان: الآية 19). قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: "أي إذا رأيتهم في انتشارهم في قضاء حوائج السادة وكثرتهم وصباحة وجوههم وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً. ولا يكون التشبيه أحسن من هذا ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن"  وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن هؤلاء الولدان هم الذين يموتون صغارا من أبناء المؤمنين أو المشركين وقد رد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا القول وبين أن الولدان المخلدون هم خلق من خلق الجنة قال: (الولدان الذين يطوفون على أهل الجنة: خلق من خلق الجنة ليسوا من أبناء الدنيا بل أبناء أهل الدنيا إذا دخلوا الجنة كمل خلقهم كأهل الجنة على صورة أبيهم آدم).

ووجود الخدم دليل على أن أهل الجنة لهم مُلك عظيم، قال تعالى: )وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا( (سورة الإنسان: الآية 20) لا يدخل عليهم الملائكة، ولا الخدم إلا باستئذان، فهم كالملوك في قصورهم على رؤوسهم التيجان.

9. سوق أهل الجنة

قال رسول الله r: )إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِي وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدْ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدْ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً( (صحيح مسلم، كتاب الجنة: الحديث الرقم 5061). وقال r: )إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَسُوقًا مَا فِيهَا شِرَاءٌ وَلاَ بَيْعٌ إِلاَّ الصُّوَرَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فَإِذَا اشْتَهَى الرَّجُلُ صُورَةً دَخَلَ فِيهَا( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2473).

10. أماني أهل الجنة

روى البخاري عن أبي هريرة أنَّ النبي r كان يتحدث وعنده رجل من أهل البادية: )أَنَّ رَجُلاً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ فَقَالَ لَهُ أَولَسْتَ فِيمَا شِئْتَ قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ فَتَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجِبَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى دُونَكَ يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لاَ يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الأعْرَابِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لاَ تَجِدُ هَذَا إِلاَّ قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّه(ِ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6965).

وآخر يتمنى الولد فيحقق الله له أمنيته في ساعة واحدة حيث تحمل وتضع في ساعة واحدة قال رسول الله r: )إِذَا اشْتَهَى الْوَلَدَ فِي الْجَنَّةِ كَانَ حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وَسِنُّهُ فِي سَاعَةٍ كَمَا يَشْتَهِي( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2487).

11. نساء أهل الجنة

إذا دخل المؤمن الجنة فإن كانت زوجته صالحة من أهل الجنة فإنها تكون زوجته في الجنة أيضاً: )جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ( (سورة الرعد: الآية 23). وهم في الجنات منعمون مع الأزواج[2] يتكئون في ظلال الجنة مسرورين فرحين: )هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ( (سورة يس: الآية 56) )ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُون( (سورة الزخرف: الآية 70)، والمرأة مع آخر زوج لها

12. الحور العين

يزوج الله أهل الجنة بزوجات جميلات، إضافة إلى زوجاتهم اللواتي في الدنيا، كما قال تعالى: )كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِين( (سورة الدخان: الآية 54). والحور: جمع حوراء، وهي التي يكون بياض عينها شديد البياض، وسوادها شديد السواد، والعين: جمع عيناء والعيناء هي واسعة العين.

)إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا (31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا (32) وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا( (سورة النبأ: الآيات 31-33). والكاعب: المرأة الجميلة التي برزا نهداها، والأتراب المتقاربات في السن.

ونساء الجنة لسن كنساء الدنيا فإنهن مطهرات من الحيض والنفاس والبصاق والمخاط والبول والغائط )وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ( (سورة البقرة: الآية 25)

وهؤلاء الزوجات مطهرات كذلك من الأخلاق السيئة، والصفات الذميمة، ومطهرات الطرف من أن ينظرن إلى غير أزواجهن (قاصرات الطرف)، ومطهرات الثياب من كل قذر ودنس. والواحدة منهن حوراء، أي شديدة بياض العين شديدة سواد العين، وقيل حوراء: يحار فيها الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء لونه، وإنما قيل للنساء حور العين لأنهن شبهن بالظباء والبقر، وهن جميعاً خيرات حسان، أي خيرات الصفات والأخلاق والجمال، وذلك لأن الله تعالى ينشئهن إنشاء فيجعلهن أبكاراً عرباً، أي متوددات لأزواجهن.

وقال رسول الله r )أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ أَمْشَاطُهُمْ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمَجَامِرُهُمْ الأَلُوَّةُ وَرَشْحُهُمْ الْمِسْكُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْم( (صحيح البخاريk الحديث الرقم 3006).

وقال r: )لَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الدُّنْيَا لَمَلأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحَ الْمِسْكِ وَلَطُيِّبَ مَا بَيْنَهُمَا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا( (مسند أحمد، الحديث الرقم 12142).

13. وعْد الله نافذ

قال تعالى: )فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُون( (سورة المطففين: الآيات 34- 36) (ثم ينادي أهل الجنة) خصومهم من الكفار أهل النـار مؤنبين )وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ( (سورة الأعراف: الآية 44).

وذلك لأن الكفار في الدنيا يخاصمون المؤمنين ويسخرون منهم ويهزأون بهم، وفي ذلك اليوم ينتصر المؤمنون، لصبرهم على المكاره، وجهادهم، وتمسكهم بدينهم.

14. نعيم الجنة ومتاع الدنيا لا يتعارضان

يظن كثير من عباد هذه الأمة أن نعيم الآخرة لا يمكن أن ينال إلا إذا رفض العبد طيبات الدنيا وملاذها ولذلك ترى هؤلاء يعذبون أجسادهم ويشقون على أنفسهم فيديمون الصيام والقيام وقد يحرم بعضهم الطيبات من الطعام والشراب واللباس وقد يتركون العمل والزواج وهذه فكرة خاطئة فإن الله خلق الطيبات للمؤمنين وذم من حرم زينة الله التي أخرج لعباده: )قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ( (سورة الأعراف: الآية 32).

15. تدرج العبد في مراقي الجنة

قال رسول الله r: )إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ أَنَّى لِي هَذِهِ فَيَقُولُ بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ( (مسند أحمد، الحديث الرقم 10202).

وقال تعالى: )وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ( (سورة الطور: الآية 21).

قال رسول الله r: )إن الله ليرفع ذرية المؤمن إليه في درجته، وإن كانوا دونه في العمل، لتقر بهم عينه(.

16. العطاء الأكبر: النظر إلى وجهه الكريم

عن أبي سعيد قال: قال رسول الله r )إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ فَيَقُولُونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ. فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لاَ نَرْضَى، وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ. فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالُوا: يَا رَبّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلاَ أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6067).

ويُختتم البحث بأبيات رائعة في وصف الجنة ونعيمها، والحث على العمل من أجلها، وهي أبيات أنشدها ابن القيم:

وإن ضاقت عليك الدنيا بأسرها                     ولم يكُ فيها منزل لك يُعلمُ

فَحَيَّ على جنات عدن، فإنها                        منازلنا الأَوْلى وفيها المخيمُ

ولله أفراح المحبين، عندما                          يخاطبهم من فوقهم ويسلم!

ولله أبصارٌ، ترى الله جهرة                         فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأمُ

ولله كم خَيْرَة، إن تبسمتْ                           أضاء لها نور من الفجر أعظمُ!

فيا لذة الأبصار! إنْ هي أقبلتْ                      ويا لذة الأسماع! حيـن تكلم

وحَيَّ على السوق، الذي فيه يلتقي                   المحبون ذاك السوق للقوم يُعلم

فما شئت، فخذ منه، بلا ثمن له                     فقد أسلف التجار فيه وأسلموا

وحيَّ على يوم المزيد، الذي به                     زيارة رب العرش،فاليوم موسم

وكثبان مسك، قد جُعلن مقاعداً                      لمن دون أصحاب المنابر يعلمُ

فبينا همو في عيشهم وسرورهم                     وأرزاقهم تجري عليهم وتُقسمُ

إذا هم بنور ساطع، أشرقت له                      بأقطارها الجناتُ، لا يُتـوهمُ

تجلّى لهم رب السموات جهرةً                      فيضحك فوق العرش، ثم يكلمُ

سلامٌ عليكم، يسمعون جميعهم                       بآذانهم، تسليمه إذ يسلمُ

يقول:سلوني ما اشتهيتم، فكل ما                     تريدون عندي، إنني أنا أرحمُ

فقالوا جميعاً:نحن نسألك الرضا                     فأنت الذي تُولِي الجميل وترحمُ

فيعطيهم هذا، ويشهد جمعهم                        عليه ـ تعالى الله ـ فالله أكرمُ

فيا بائعاً هذا ببخس معجَّل                           كأنك لا تدري، بلى سوف تعلمُ

فإن كنتَ لا تدري، فتلك مصيبة                     وإن كنت تدري، فالمصيبة أعظمُ

 



[1] والكوب : مالا أذن له ولا عروة ولا خرطوم، والأباريق: ذوات الآذان والعرا، والكأس: القدح الذي فيه الشراب.

[2] والمرأة لآخر أزواجها.