إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الحلال والحرام









مقدمة

مقدمة

يرتكز المنهج الذي يتبعه المسلم في دنياه وأخراه، على دعامتين: افعل ولا تفعل. والدعامتان محددتان من عند الله سبحانه وتعالى على لسان نبيه، عليه أفضل الصلاة والسلام، في قوله تعالى: ]وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهَِ[ (سورة الأنعام: الآية 153). هذا "الصراط المستقيم" هو منهج المسلم، وطريقه الذي يسير فيه، وفقاً لأمر الله "افعل" و"لا تفعل"؛ لأن "افعل" يعني المسلك "الحلال"، الذي من سلكه فاز ونجا، و"لا تفعل" هو المسلك "الحرام"، الذي من سلكه ضل وهلك. ويبقى بين الخطين المستقيمين: افعل ولا تفعل، منطقة متداخلة، هي الأمور "المشتبهات"، التي يُقارب حلالها حرامها، وعلى المسلم أن يحذر منها، ويحتاط لنفسه. لذلك وَرَدَ أنّ من يترك الحلال خشية أن يقع في الحرام، فقد استبرأ لدينه. (أي حقق لدينه الكمال والبراءة من النقصان).

على ذلك، كان "الحلال" في معناه المباشر، هو الفعل الحسن الذي يُثاب فاعله، ويفوز بمرضاة الله وثوابه، وتكون عاقبته الحُسْنى، التي هي هدف كل مسلم يتّبع منهج الله؛ بينما " الحرام " في معناه المباشر، هو الفعل المنهي عنه، الذي يُعاقب فاعله، ويكون عرضة لسخط الله وعذابه، وهو ما يسعى كل من يتبع منهج الله أن يكون بمنأى عنه.

1. الحلال لغة

الفعل "حَلَّ" متشعب المعاني، ومنه حَلَّ الشيء يَحِلُ حِلاً: أُبيح وجاز. وأحلّ الله الشيء وحَلَّلَه: أباحه، ومنه قوله تعالى ]وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[ (سورة البقرة: الآية 275). واللفظ "حِلّ" بالكسر أي الحلال، وهو ضد الحرام، ورجل حِلٌّ من الإحرام، أي حلال، وحِلٌّ (يستوي فيه المذكر والمؤنث )، وحَلَّت المرأة: أي خرجت من عِدَّتها، ويقال: حَلَّت المرأة تحِلُّ بالكسر (حلالاً)، وأحل له الشيء جعله حلالاً له. واستحل الشيء عدّه حلالاً.

2. الحلال شرعاً

هو الفعل الحسن الذي يُثاب فاعله ويفوز بمرضاة الله. وهو المباح الذي انحلت عنده عقدة الحظر، وأذِنَ الله في فعله.

3. الحرام لغة

حَرُمَ الشيء حُرْمَةً: صار ممنوعاً. وحَرُم عليه الشيء حُرْمَاً وحراماً: فهو غير مباح. وحَرَّم الله الشيء تحريماً، جعله محظوراً، وأحرم الرجل إحْراماً: باشر الحج أو العمرة، وشرع في شروطهما. وأحرم بالحج والعمرة، لأنه يُحْرَّم عليه ما كان حلالاً من قبل، كالصيد والنساء. والإحرام أيضاً بمعنى التحريم، ويقال (أحْرَمَه) و(حَرَّمه) بمعنى واحد. والحُرْمَة: ما لا يحل انتهاكه، لذلك سُمي أهل الرجل (حُرَمُه ). والأشهر الحُرم هي، ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب، وكانت العرب لا تستحل فيها القتال.

ومما يدخل في " الحرام " بمعنى التعظيم والإجلال، وصف الله سبحانه وتعالى بيته بأنه " الحَرَام " أي المُحَرَّم من كل دنسٍ ورجس  لعظمته وجلال قدره ]فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ[ (سورة البقرة: الآية 144)، وقوله تعالى ]جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ[ (سورة المائدة: الآية 97). وكذلك وصفه تعالى للمشعر عند المزدلفة بأنه ]الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ[ (سورة البقرة: الآية 198). وبعض الأشهر بأنها الحرُم ]فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ[ (سورة التوبة: الآية 5).

وكذلك من معاني التعظيم والتوقير، ما يضيف الله حِلّه وحرامه إلى نفسه، مثال ذلك ]وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ[ (سورة الحج: الآية 30).

4. الحرام شرعاً

هو الأمر الذي نهى الله عن فعله، نهياً جازماً، بحيث يتعرض من خالف النهي لعقوبة في الآخرة، وقد يتعرض لعقوبة شرعية في الدنيا أيضاً.

وقد ورد في الحديث: ]الْحلالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَالْحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 3358). وتشمل هذه الإباحة في الأصل، ليس فقط الأشياء التي ينَتْفع بها الإنسان في مأكله ومشربه وملبسه، بل تتعدى ذلك إلى الأفعال والتصرفات ـ سِوى تلك التي من أمور العبادة ـ وهي ما يُسمى " العادات أو المعاملات ". فالأصل فيها عدم التحريم، إلاّ ما حرّمه الله، مثل الربا، أو بعض أنواع الأنكحة في الجاهلية. يقول الله تعالى في نص واضح وصريح على هذا المعنى ]وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُم[. (سورة الأنعام: الآية 119).

وإلى هذا الأصل من إباحة الأشياء أشار شيخ الإسلام ابن تيمية، مبيناً أن العبادات فيما يتصل بما أوجبه الله وما أحبه، يثبت أمرها بالشرع. "أما العادات فهي ما اعتاده الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلاّ ما حظره الله سبحانه وتعالى".