إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / حداد الزوجات، في الإسلام









شُبُهات

4. الحداد عند غير المسلمين

حداد الزوجة على زوجها في الإسلام عبادة، لأنها مأمورة من الله بالتربّص تلك المدة المعلومة. والحكمة في ذلك استبراء الرحم، فامتثال المرأة للواجب عبادة. أما عند غير المسلمين فالحداد يتراوح بين الطقوس والعادات، التي فيها ظلم للمرأة، وقسوة عليها.

وقد قدمنا أن المرأة قبل الإسلام كانت تقضي حولاً كاملاً حداداً على زوجها، تكون خلاله على حالة أقرب إلى البهائم، فلا تقرب اغتسالاً ولا طيباً، وتنعزل عن المجتمع. هذا في الحداد على الزوج أما على سائر الأقارب فكان النساء يمارسن شيئاً أقرب إلى ما سبق، مثل شق الثياب واللطم والنياحة وحلق شعر الرأس، وربما شاركهن الرجال في ذلك. وكأن في هذه العادة إشارة إلى مكانة الميت، إذ كل ما كثرت النياحة واشتد الحزن، ولو ظاهرياً، دل على أن الميت صاحب مكانة بين قومه. وتحرص النساء على إظهار المناقب والمحاسن في تعديدهن لمآثر المتوفى، وقد أشار إلى ذلك الشاعر لبيد بن ربيعة العامريّ على الرغم من إسلامه وذلك لاستحكام العادة الجاهلية عنده. فقد أدركه الإسلام وهو متقدم السن، قال يوصي ابنتيه:

وقُولاَ هو المرءُ الذي لا صديقَه                      أضاعَ ولا خان الأمينَ ولا غدرْ

إلى الحولِ ثم اسم السلام عليكما                      ومن يَبْكِ حولاً كاملاً فقد اعتذرْ

فظلت أبنتاه تلبسان ثيابهما كل يوم، وتقصدان إلى مجلس عظيم العشيرة وسيدها فترثيا أباهما وتعولان، وأقامتا على ذلك سنة ثم انصرفتا.

ويتجلى هنا إنصاف الإسلام حيث جعل الحداد بمدة العدة، التي يتخلق فيها الجنين. فإن ظهر الحمل مكثت المرأة حتى تضعه فيبرأ رحمها وترتبط بمن تشاء. وإن لم يظهر حمل، باشرت حياتها وتزوجت من شاءت.

وفي مذهب الروم الأرثوذكس (نصارى) أن العدة من موانع الزواج، والمدة اللازمة عندهم عشرة أشهر لابد منها حتى لو حاضت المرأة في تلك الفترة، فهذا لا يشفع لها. أمّا الحامل فعدتها عندهم كما عند المسلمين تنتهي بوضع الحمل. والصقالبة لا يتزوجون من قريبة في النسب، ولا من جارة مات زوجها ، فإذا ترملت المرأة عندهم خنقت نفسها ولحقت بزوجها المتوفى.

وكانت المرأة في الهند إذا مات زوجها، قدمت نفسها لتُحرق معه. وقد كُتب في شريعتهم: أن الوباء والجحيم والموت والسم والنار والأفاعي، خير من المرأة.

وفي طقوس الهندوس ما يعرف "بالسوتية"، وهي إحراق المرأة الأرملة نفسها في محرقة زوجها، علامة على إخلاصها له. وهي عادة هندية قديمة كانت تمارس على نطاق واسع. وتأتي هذه التسمية من كلمة (ساتي) السنسكريتية وهي تعني الزوجة المخلصة. وهي إمّا أن توافق الزوجة طوعاً فتلقي بنفسها في المحرقة، وإلاّ فإنهم يدفعونها دفعاً فتحترق مع الزوج أو مع بعض ملابسه، لأنّ كتبهم القديمة تحتم على الزوجة المخلصة أن تتبع زوجها حتى الموت. ويعتقد بعض الباحثين أن أكثر من مليون حالة وفاة من هذا النوع حدثت في الهند قبل أن يصدر البريطانيون قانوناً، في عام 1829، يقضي بعدم قانونية هذه العادة، فأصبحت نادرة.

أمّا الصابئة أو المندائية ـ عبدة النجوم ـ فيحرّمون على زوجة الفقيد أن تقص شعرها حَداداً على زوجها، أو أن تندبه بالبكاء والعويل ولطم الصدور أو تحثو التراب على رأسها، لأنها ترتكب بعملها هذا إثماً لا يغتفر. وفي عقيدتهم، يلزمون الزوجة عند وفاة زوجها بأن لا تبكي ولا تحزن عليه، بل تبقى على بشاشتها وتطلق صوتها بالفرح عليه، ولا تطلقه بالويل والثبور. ومن هنا أصبح الموت عندهم مدعاة للسرور، وليس للحزن. وأصبح يوم المأتم أكثر فرحاً من يوم الزفاف. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن العوام من الصابئة أصبحوا يندبون موتاهم، وقد يخطئون فيبكونهم، إلاّ إذا كان المتوفى من المؤمنين ـ بعقيدتهم ـ فإنهم لا يتسامحون في أمر الدين قيد أنملة.