إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / حداد الزوجات، في الإسلام









شُبُهات

9. الشعراء والحداد

أصل المأتم في اللغة النساء المجتمعات، والمأتم أيضاً اجتماعهن في الحزن خاصة، قال أبو عطاء السندي:

عشية قام النائحات وشُقّقَت                            جيوبٌ بأيدي مأتم وخدود

والمأتم هو النياحة، يقولون كنا في مأتم فلان، لأن النساء إنما يجتمعن لذلك. وظاهرة إقامة المأتم منتشرة في معظم البلاد العربية والإسلامية، وتختلف مدة تقبل العزاء ومراسيمه من بلد إلى آخر. ولا يَيْأَس الشعراء من تَتَبُّع المرأة أينما كانت، وفي أي موقف حتى في مواقف الحـزن والفقـد أو الموت. فالمرأة تجذب الانتباه ساكنة ومتحركة، ضاحكة أو باكية. فهذا أبو نواس يقول:

يا قمــراً أَبْصَرْتُ في مـأتَمٍ                        يَنْدُبُ شجْواً بين أَتْرَابِ

يبكي فيذْري الدُّرَّ من نَرْجِس                          ويلطـم الوردَ بِعُنَّابِ

وهو أَشْبَهُ بقول الآخر:

فَأَسْبَلَتْ لؤلؤاً من نرجسٍ وسَقَتْ                       وَرْداً وعَضَّتْ على العُنَّاب بالبَرَدِ

شبَّه أربعة أشياء بأربعة أشياء في بيت واحد: شبّه الدمع بالدر، والعيون بالنرجس، والخدود بالورد، وأطراف الأصابع بالعنّاب، وهو ثمر شجرة شديد الحمرة أشبه بثمر الأراك. وليس العجب من جودة الوصف وحسن التشبيه واختصاره، وإنما العجب كيف يتغزل بِمُوجَعَةٍ تبكي فقيدها؟ ربما لأنها فرصة انتهزها الشاعر، فالنساء أو أكثرهن في ذلك الزمان لم يكنّ يَكْشِفْنَ وجوههن عادة إلا عند المصيبة، أو مصيبة الموت خاصة، ألم يقل شاعرهم:

من كان مسـروراً بِمَقْتَل مالكٍ                       فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَـارِ

يجد النِّساء حواســِراً يَنْدُبْنَه                        يَبْكِينَ بين عَوانِس وعَذارِي

قد كُنَّ يَخْبَأْنَ الوُجـوه تَسَتُّراً                         فالآنَ حينَ بـَرَزْنَ للنُّظَّار

فالعادة أنهن مَصُونات لا يَكْشِفن الوجوه إلا في المآتم ساعة العويل والبكاء.