إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / مبادئ الدين الإسلامي









مقدمة

مقدمة

كل دين ظهر على وجه الأرض، منذ بدء الخليقة، سواء كان ديناً سماوياً من عند الله، أو ديناً من اختراع البشر ـ اتخذ اسمه من رجل ما، أو من أمة معينة. فاليهودية اتخذت اسمها من قبيلة، تسمى يهودا. والمسيحية اتخذت اسمها من المسيح u. والبوذية اتخذت اسمها من مؤسسها بوذا. والزرادشتية من زرادشت، والهندوسية من الهندوس، وهكذا. أمّا الإسلام، فإنه لا ينتسب إلى رجل، ولا أمة معينة؛ وإنما إلى صفة خاصة، يُراد لها أن تسود أهل الأرض جميعاً، وهي صفة الطاعة الكاملة لله؛ لأن معنى الإسلام، في اللغة: "الانقياد الكامل لأوامر الله ونواهيه، والرضا والتسليم بذلك".

أما تسميته، فهي من الله ]هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ[ (سورة الحج: الآية 78).

والإسلام لا يُجبر أحداً من البشر على اعتناقه، ]فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ[ (سورة الكهف: الآية 29). فإذا اعتنق إنسان ما الإسلام، طوعاً، وجب عليه، عندئذٍ، التسليم والانقياد لشعائره وشرائعه، والرضا بها؛ فلا تعمل جارحة من جوارحه، إلاَّ طبقاً لفطرة الإسلام؛ ولا يستخدم قواه ومواهبه، الفكرية والعملية، إلاَّ في إرساء مبادئ الإسلام في الأرض؛ ولا يهدف إلاَّ إلى تقرير الحقوق والواجبات لجميع البشر، على أساس العدل والأمانة.

تعريف الإسلام

أوفى تعريف للإسلام، هو تعريف النبي r له، في حديث جبريل u ]أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؛ وَتُقِيمَ الصَّلاةَ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ، وَتَحُجَّ الْبَيْتَ، إِنْ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. قَالَ: صَدَقْتَ[ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 9).

وثمة تعاريف أخرى، منها:

1. هو الخضوع والاستسلام الطوعي، والانقياد لله رب العالمين، ولشرعه الذي أوحاه إلى نبيه محمد، وأمره بتبليغه إلى الناس ]وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ[ (سورة الزمر: الآية 54).

قال علي بن أبي طالب t "لأنسبن الإسلام نسبة، لم ينسبها أحد قبلي: الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل".

2. هو مجموع ما أنزله الله على رسوله، من أحكام العقيدة والأخلاق والعبادات والمعاملات، والإخبارات في القرآن الكريم والسنّة المطهرة.

3. هو الأجوبة الصحيحة الحق عن ثلاثة أسئلة، شغلت عقول البشر، قديماً وحديثاً؛ وتلح على فكر كل إنسان عاقل، كلما خلا بنفسه، أو تفكر في الحياة والموت، أو شيع جنازة، أو زار القبور، وهي:

من أين جئنا؟

ولماذا؟

ما مصيرنا؟

والإسلام يرتبط ارتباطاً وثيقاً بكل ديانة سماوية، سبقت عليه؛ شرط ألا تكون يد الإنسان قد تناولتها بتغيير أو تبديل. قال تعالى ]شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيه[ِ (سورة الشورى: الآية 13).

والقرآن يوضح أن الإسلام، هو الدين الوحيد المقبول عند الله؛ إذ يقول U: ]إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ[ (سورة آل عمران: الآية 19). وعلى هذا، فإن الدين هو التسليم لإرادة الله ومشيئته وهدايته. وجاء في القرآن كذلك ]وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ[ (سورة آل عمران: الآية 85). وقد، شهد بالإسلام نوح u ]إِنْ أَجْرِيَ إِلا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ[ (سورة يونس: الآية 72). وشهد به إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وهما يبنيان الكعبة في مكة، ليجعلا منها مكاناً للعبادة، فقالا ]رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ[ (سورة البقرة: الآية 128). ونصح يعقوب u أولاده بالإسلام]وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[ (سورة البقرة: الآية 132). فرد عليه أبناؤه، حين قال لهم: ]مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ[ (سورة البقرة: الآية 133). وأمر موسى u قومه بالإسلام ]وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ[ (سورة يونس: الآية 84). وقال الحواريون ]نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ[[1]. (سورة آل عمران: الآية 52)

وكان كل رسول سبق، هو ورسالته ودعوته، حجراً في بناء صرح الإسلام العظيم، الذي اكتمل بمحمد ]مَثَلِي وَمَثَلُ الأَنْبِيَاءِ، كَرَجُلٍ بَنَى دَارًا، فَأَكْمَلَهَا وَأَحْسَنَهَا، إِلاَّ مَوْضِعَ لَبِنَةٍ. فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَهَا وَيَتَعَجَّبُونَ، وَيَقُولُونَ: لَوْلا مَوْضِعُ اللَّبِنَةِ! [ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 3270).

وقد تميز دين الإسلام بخصائص عديدة، ستظهر بين ثنايا البحث؛ ومنها الربانية، والإنسانية، والشمول، والوسطية، والواقعية، والوضوح، والثبات والمرونة والتطور.



[1] ويذكر الله نبيه إبراهيم u في القرآن بقوله ]وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ[ (سورة البقرة: الآيتان 130، 131). والنبي يوسف u يقول مخاطبا ربه: ]رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السماوات وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ[ (سورة يوسف: الآية 101)