إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / المسكرات، والمخدرات، والتدخين، في القرآن والسُّنة









مقدمة

ثانياً: المخدرات في القرآن والسُّنة

1. النص الصريح من الكتاب والسُّنة، على أحكامها

انتشرت المخدرات[1] الطبيعية، والعقاقير (المصنعة)، والمكيفات، مع تعدد أنواعها في العالم المعاصر؛ فهي صلبة وسائلة ومسحوق، وما صاحب ذلك من أضرار صحية واجتماعية واقتصادية عديدة، وجدير بالذكر أنه لم يرد نص صريح في القرآن الكريم، ولا في السُّنة النبوية المطهرة، خاصٌ بها.

ومن ثم، فإن المخدرات تقاس على الخمر في أحكامها، لاشتراكها في علة الحكم. فأحكام الإسلام تنبع من المحافظة على الإنسان وكرامته، والمحافظة على المصلحة العامة. فالضرورات الخمس، التي توجب أحكام الشريعة الإسلامية حمايتها، هي:

أ. حياة الإنسان: حيث تُحرم الشريعة الإسلامية قتله والاعتداء عليه.

ب. العرض: فيحرّم الزنا وما يؤدي إليه.

ج. العقل: فيحرّم شرب الخمر، وكل ما يُذهب العقل أو يُفسده.

د. المال: فيحرّم السرقة.

هـ. الدين: فيحرّم الردة، أو الدعوة إلى إفساد العقيدة، أو وهنها.

ومن ثم، تعمل الأحكام الشرعية على المحافظة على العقل، فتحرم كل ما يذهب العقل أو يُفسده، أو يُسبب أي ضرر من الأضرار على المدى القريب أو البعيد، سواء على شخصية الفرد، أو دينه، أو أسرته، أو مجتمعه.

وكما حرّمت الشريعة السُكر والخمر، بأنواعه، حرمت كل ما يُذهب العقل أو يُفسده، سواء أكان سائلاً أم جامداً أم غازياً. فالخمر يُغطي العقل، وقد بيّن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حُرمة ما يُغطي العقل بصفة قاطعة، ولم يُفرق بين نوع وآخر، أو كونه مأكولاً أو مشروباً. وعلى ذلك فالمخدرات بأنواعها تغطي العقل، ومن ثم فإنها تدخل في حكم المُسكر. وهي تؤكل وتشرب وتُشم وتُحقن، وكل ذلك حرام.

2. تحريم الحشيش بالأدلة، في القرآن الكريم والسُّنة

استدل الفقهاء على تحريم الحشيش، بأدلة من القرآن الكريم والسُّنة، بما يلي:

أ. يقول الله تعالى: ]إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[ (سورة المائدة: الآية 91).

فالله تعالى حرم الخمر، وبيّن أن من مفاسدها الصّد عن ذكر الله وعن الصلاة، وكذلك الحشيش فإنها تخدر صاحبها وتذهب بعقله، فلا يعقل الصلاة ولا غيرها، وتضييع الصلاة حرام، وما أدى إلى الحرام، فهو حرام.

ب. يقول الله تعالى: ]وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ[ (سورة الأعراف: الآية 157).

والشاهد في هذه الآية أن زينة الإنسان عقله، ولذلك، فإن ما من شأنه التأثير على عقل الإنسان، فهو ضار خبيث، والله سبحانه حرمه بصريح كتابه.

ج. عَنْ أُمَّ سَلَمَةَ: ]نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 25416). و"المفتر" كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف وهو ما تفعله المخدرات.

د. قاعدة التحريم في الكتاب والسُّنة، هي أن ما يثبت ضرره فهو حرام، والمخدرات تشتمل على ضرر في الدين والعقل والخلق والطبع والجسم، ولا خير فيها، فهي تورث صاحبها قلة الغيرة وزوال الحمية.

وفي هذا يقول ابن تيمية في فتاواه، ما خلاصته: "هذه الحشيشة الملعونة هي وآكلوها، ومستحلوها، الموجبة لسخط رسوله، وسخط عباده المؤمنين. المعرضة صاحبها لعقوبة الله. تشتمل على ضرر في دين المرء وعقله وخلقه وطبعه. وتفسد الأمزجة حتى جعلت خلقاً كثيراً مجانين، وتورث من مهانة آكلها ودناءة نفسه وغير ذلك ما لا تورث الخمر. ففيها من المفاسد ما ليس في الخمر. فهي بالتحريم أولى. وقد أجمع المسلمون على أن السكر منها حرام. ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلاّ قتل مرتداً، لا يُصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين. وإن القليل منها حرام أيضاً بالنصوص الدالة على تحريم الخمر وتحريم كل مسكر".

وقد تبعه تلميذه ابن القيم رحمه الله، فقال في زاد المعاد ما خلاصته: "إن الخمر يدخل فيها كل مسكر: مائعاً كان أو جامداً، عصيراً أو مطبوخاً. فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور ـ ويعني بها الحشيشة ـ لأن هذا كله خمر بنص رسول الله r، الصحيح الصريح الذي لا مطعن في سنده ولا إجمال في متنه، إذ صح عنه قوله: "كل مسكر خمر". وصح عن أصحابه رضي الله عنهم، الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده، بأن الخمر ما خامر العقل. على أنه لو لم يتناول لفظه، صلى الله عليه وسلم، كل مسكر، لكان القياس الصحيح الصريح الذي استوى فيه الأصل والفرع من كل وجهة، حاكماً بالتسوية بين أنواع المسكر، فالتفريق بين نوع ونوع، تفريق بين متماثلين من جميع الوجوه".

وقال الأمير الصنعاني في كتابه "سبل السلام في شرح بلوغ المرام": "إنه يحرم ما أسكر من أي شيء. وإن لم يكن مشروباً كالحشيشة". ونقل عن الحافظ ابن حجر: "إن من قال" إن الحشيشة لا تسكر وإنما هي مخدر، مكابر فإنها تحدث ما تحدثه الخمر من الطرب والنشوة".

ونقل عن ابن البيطار ـ من الأطباء ـ أن الحشيشة التي توجد في مصر مسكرة جداً، إذا تناول الإنسان منها قدر درهم أو درهمين. وقبائح خصالها كثيرة. وعند بعض العلماء مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية. وقبائح خصالها موجودة في الأفيون. وفيه زيادة مضار.

وهكذا تبيّن أن النصوص من الكتاب والسُّنة التي تتناول الحشيشة، تتناول كذلك الأفيون، الذي بين العلماء أنه أكثر ضراراً. ويترتب عليه من المفاسد، ما يزيد على الحشيش.

وتتناول كذلك سائر المخدرات التي جدّت ولم تكن معروفة من قبل، إذ هي كالخمر من العنب مثلاً في أنها تخامر العقل وتغطيه. وفيها ما في الخمر من مفاسد ومضار، وتزيد عليها بمفاسد أخرى كما في الحشيش، بل أفظع وأعظم، كما هو مشاهد ومعلوم ضرورة.

ولا يمكن أن تبيح الشريعة الإسلامية شيئاً من هذه المخدرات، ومن قال بحل شيء منها فهو من الذين يفترون على الله الكذب، أو يقولون على الله ما لا يعلمون.

وقال بعض علماء الحنيفية: "إن من قال بحل الحشيشة زنديق مبتدع".

هـ. تأثير المخدرات بأنواعها، على عقل الإنسان أمر ثابت، وتعاطي الحشيش يؤدي إلى إضعاف النشاط الذهني، وتشتت الفكر، وانخفاض الكفاية العقلية. وإدمان الأفيون والعقاقير المخدرة، يؤدي، عند الانقطاع أو الفشل في الحصول على جرعة المخدر، إلى الإصابة بتشنجات، يعقبها اضطراب عقلي، ربما يؤدي إلى الوفاة.

ومن حيث حرّم القرآن الكريم والسُّنة المطهرة، كل ما يحجب العقل ويذهبه، فإن حكم الخمر (وهو التحريم) حكم المخدرات كذلك، ومن ثم تكون المخدرات، بجميع أنواعها حراماً. إذ أن ما ورد في القرآن والسُّنة من تحريم كل مسكر ومفتر، يسري على المخدرات.

3. أحكام زراعة المخدرات والاتجار فيها

أ. المخدرات لها حكم المسكرات، ومن ثم يحرم بيعها وزراعتها وصناعتها والاتجار فيها.

ب. إن ذلك إعانة على المعصية، وهي تعاطي المخدرات والاتجار فيها. فالإعانة على المعصية معصية. يقول الله تعالى" ]وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ[ (سورة المائدة: الآية 2).

ج. إن زراعة المخدرات والاتجار فيها، يعدّ رضى من الزارع بتعاطي الناس لها، والإضرار بهم، والرضى بالمعصية معصية.

د. وجوب طاعة الله ورسوله وأولي الأمر، فيما ليس بمعصية، كما ورد في القرآن الكريم والسُّنة المطهرة. وزراعة الحشيش والأفيون تتعارض مع وجوب الطاعة.

هـ. يقول الله تعالى: ]وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ[ (سورة البقرة: الآية 188). وتجارة المخدرات، القائمة على بيعها وشرائها، حرام، لأنها أكل المال بالباطل.

و. يقول الله تعالى: ]يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًاِ[ (سورة المؤمنون: الآية 51). وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ[ (سورة البقرة: الآية 172).

لهذا، إذا كان ثمن المخدرات حراماً، كان خبيثاً، وكان إنفاقه في القربات كالصدقات والحج غير مقبول.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ]أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ وَقَالَ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 1686).

ز. عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: ]إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَخْلاَقَكُمْ كَمَا قَسَمَ بَيْنَكُمْ أَرْزَاقَكُمْ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لاَ يُحِبُّ وَلاَ يُعْطِي الدِّينَ إِلاَّ لِمَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يُسْلِمُ عَبْدٌ حَتَّى يَسْلَمَ قَلْبُهُ وَلِسَانُهُ وَلاَ يُؤْمِنُ حَتَّى يَأْمَنَ جَارُهُ بَوَائِقَهُ قَالُوا وَمَا بَوَائِقُهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ غَشْمُهُ وَظُلْمُهُ وَلاَ يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالاً مِنْ حَرَامٍ فَيُنْفِقَ مِنْهُ فَيُبَارَكَ لَهُ فِيهِ وَلاَ يَتَصَدَّقُ بِهِ فَيُقْبَلَ مِنْهُ وَلاَ يَتْرُكُ خَلْفَ ظَهْرِهِ إِلاَّ كَانَ زَادَهُ إِلَى النَّارِ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لاَ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالسَّيِّئِ وَلَكِنْ يَمْحُو السَّيِّئَ بِالْحَسَنِ إِنَّ الْخَبِيثَ لاَ يَمْحُو الْخَبِيث[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 3490).

4. القات وحكمه الشرعي

القات من النباتات، التي تصنف تحت المنبهات والمنشطات Stimulants، وتنمو في جنوب الجزيرة العربية في اليمن، حيث تنتشر زراعته. كما تنمو في الصومال والحبشة، أشجار القات المسماة كاتا ايديوليس Catha Eduils. وكذلك ينمو في بلدان أفريقية أخرى. وهو من منشطات الجهاز العصبي. وعند تناوله يشعر المتعاطي بالنشوة، وتتقد الحواس، ثم تهبط الطاقة الفعلية ويتبع ذلك ضعف التركيز واختلال الإدراك، ثم ينتاب المتعاطي الكسل والخمول، وفقدان الشهية والوهن. ومن مخاطره على المدى الطويل سوء الهضم، وتليف الكبد، وإضعاف القدرة الجنسية، والتعرض لمرض السّل.

وبُعد ظهور القات، في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، من أعقد المشكلات الفقهية، التي واجهت الفقهاء في ذلك الوقت. فبعض الفقهاء يرى تحريم القات، تحريماً قاطعاً، بينما يرى آخرون التوقف في شأنه. فعند دخول القات المجتمع الصومالي، في الفترة بين نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين، كان علماء الدين أول من تعاطى القات هم وتلاميذهم، الذين كانوا يتدارسون مبادئ الإسلام، وينشدون القصائد الدينية.

وهذا الفريق استعمل القات، على أساس أنه يطرد النعاس، ومن ثم يمكّنهم من السهر في التعبد، وقيام الليل ومواصلة دراستهم الدينية، وقد تابع هؤلاء، في بداية هذا القرن، كثير من الشباب.

ويذهب بعض العلماء الذين يتعاطون القات، إلى أن القرآن الكريم لا يُحرم القات، ويعدونه منبهاً غير ضار كالقهوة تماماً. بل يعتقدون أن شجرة القات، هبة ومنّة مقدسة من الله؛ ويطلقون عليها "زهرة الفردوس"، ويزعمون أن القات غذاء الملائكة والصالحين، لذلك يسمونه "قوت الصالحين". بل وصل الأمر أن قالوا جهلاً: إن تعاليم القرآن في فصول أوراق القات، ومن ثم فهي لها قدسيتها، بل إنها تشفي حوالي خمسمائة مرض.

والواقع أن تحريم القات، وفق الشرع الحنيف، مبني على أساس أن كل ما فيه إضرار بالإنسان، من حيث صحته وماله وحياته الاجتماعية، حرام. ومن ثم، يجمع غالبية العلماء على تحريم تعاطي القات، نظراً للأضرار والمفاسد، التي يجلبها على الإنسان، وكذلك تحريم تجارته وزراعته، وفقاً لِما تم تحريمه، في القرآن والسُّنة، على كل مسكر ومفتر.

وقد أحل الله الطيبات وحرّم الخبائث، والقات من الخبائث لأسباب عديدة:

أ. القات كالحشيشة المحرمة، لاجتماعهما في كثير من الصفات.

ب. إن رسول الله r، نهى عن كل مُسكر ومفتر. ومن حيث إن المفتر كل ما يترك الفتور في البدن، والخدر في الأطراف، وأن القات يحتوي على مواد مخدرة، فالراجح تحريمه.

ج. القات يصد عن ذكر الله والصلاة، وتلك مفسدة من مفاسد الخمر، ومن ثم فحكم تحريم الخمر، يسري على تحريم القات. فطول عملية التخزين، التي تستمر حوالي أربع أو خمس ساعات، تجعل المتعاطين يتحايلون على الدين، فيقدمون صلاة العصر مع الظهر، ويؤخرون المغرب مع العشاء. ومن ثم فإن تناول القات إهدار للوقت من غير فائدة، ويفوت تخزينه بعض الصلوات، فلا يؤديها المُتعاطي في وقتها. وفي ذلك مخالفة لشرع الله. قال تعالى: ]فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ[  (سورة الماعون: الآيتان 4، 5).

د. ما يُنفق من مال في شراء القات، يُعد إضاعة للمال، التي نهى الله عنها، ومن التبذير، الذي حرمه الله تعالى، لأنها نفقة في غير وجه مشروع.

هـ. وقد استنت اليمن تجربة رائدة في هذا المجال، حين حرّمت تعاطي القات، أو ما يسمى "التخزين"، بين أفراد القوات المسلحة. وأوردت جريدة الحياة، هذه التجربة في تقرير طريف، جاء فيه: "باشرت قوات من الشرطة العسكرية اليمنية، حملة واسعة لملاحقة العسكريين، من أفراد القوات المسلحة وقوى الأمن، الذين يتعاطون القات ويرتادون أسواقه. وكان الرئيس علي عبدالله صالح، أصدر توجيهات صارمة بمنع العسكريين من تعاطي القات، أثناء أدائهم الخدمة.

وكانت دوريات الشرطة العسكرية، ذوي القبعات الحمر، تمكنت أمس من اعتقال عدد من الجنود والضباط بملابسهم الرسمية، وهم يشترون القات، الذي بدا بعض أسواقه في العاصمة شبه خالٍ، مما دفع الباعة إلى التذمر. وذكر بعضهم أن ضباطاً (تخفوا) بملابس مدنية، لتفادي ملاحقتهم.

ورحب رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة القات، بالإجراءات الحكومية، واعتبرها بداية مشجعة لمحاربة ظاهرة تعاطي القات في اليمن. وقال: "نأمل بأن تتحول هذه التعليمات والقرارات إلى واقع ملموس، وأن يولي الرئيس علي صالح مكافحة الظاهرة جهداً استثنائياً، كي يتمكن اليمن من التخلص من هذه الشجرة".

وقال عدد من مزارعي القات في ضواحي صنعاء، إن مناطقهم وقراهم اعتادت هذه الزراعة، التي "حققت أرباحاً طائلة حسّنت الأحوال المعيشية لسكان الريف". وأكدوا عدم مقدرتهم على استبدال نبات آخر، بتلك الشجرة.

وتُقدر العائدات السنوية لبعض مزارعي القات بملايين الريالات، وتعتمد أسر كثيرة في اليمن على هذه الزراعة، والاتجار بمحاصيلها، فيما يعتبر عدد من الجمعيات الأهلية القات آفة خطيرة، تنجم عنها أضرار صحية واجتماعية واقتصادية.

ويرى رئيس الجمعية الوطنية لمكافحة القات، إن تعاطي اليمنيين، ذكوراً وإناثاً، القات هو أحد أبرز معوقات التنمية في البلد، وسبب رئيسي لمشكلات اجتماعية، ولمرض السرطان، والتهاب الكبد. ويشير إلى "تقارير طبية تظهر أن نسبة عالية من الإصابات بالسرطان لدى اليمنيين سببها تعاطي القات، بسبب معالجة الفلاحين هذه الشجرة بأنواع من المبيدات والمواد الكيماوية المحرمة دولياً".

وتُقدر جمعيات مكافحة القات في اليمن حجم التداول النقدي بهذه التجارة، بنحو 400 بليون ريال يمني. وهذا المبلغ، إذا كان صحيحاً، يفوق حجم الموازنة السنوية للدولة اليمنية‍‍‍!

وكانت تقارير رسمية أفادت أن شجرة القات، تستنزف ما يزيد على 60% من كمية المياه الجوفية، وتحتل 70% من المساحة المزروعة في البلاد، ويتسبب تعاطي القات في هدر ملايين الساعات من حياة اليمنيين.

وما يثير قلق الأوساط الرسمية هو تزايد استهلاك المواطنين، واتساع تعاطي القات في صفوف الشباب والطلاب. وارتفعت أخيراً الأصوات المنادية بمكافحة هذه الظاهرة، وتنظم عددٌ من الجمعيات ندوات وحلقات نقاش لتثقيف المواطنين وشرح أخطار الظاهرة. ورفعت الجمعية الوطنية شعار "يمن بلا قات"، قبل بدء القرن الواحد والعشرين، واتخذته عنواناً لصحيفة تصدرها شهرياً.

5. أحكام تعاطي المخدرات للعلاج

يحرم التداوي بالخمور، لقوله صلى الله عليه وسلم: ]إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلاَ تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 3376). وإن كان يجوز التخدير في العمليات الجراحية فقط، بسبب الضرورة الشديدة، تحت إشراف المتخصصين.

6. حُرمة الوجود في مكان معد لتعاطي المخدرات

يوصي الرسول r، بتحريم مجالسة مقترفي المعاصي، أياً كان نوعها، لأن في مجالستهم إهداراً لحرمات الله، ولأن من يجلس مع العصاة، الذين يرتكبون المنكرات، يتخلق بأخلاقهم السيئة، ويعتاد على ما يفعلون من مآثم، كشرب الخمر والمخدرات، كما يجري على لسانه ما يتناقلونه من ساقط القول. وقد: ]نَهَى رَسُولُ اللَّهِ r عَنْ مَطْعَمَيْنِ عَنْ الْجُلُوسِ عَلَى مَائِدَةٍ يُشْرَبُ عَلَيْهَا الْخَمْرُ وَأَنْ يَأْكُلَ الرَّجُلُ وَهُوَ مُنْبَطِحٌ عَلَى بَطْنِهِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 3282).

ويقول r: ]مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ وَكِيرِ الْحَدَّادِ لاَ يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تجد منه ريحاً خبيثة[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1959).



[1] المخدرات تشتق من الخدر، والخدر يُسبب الفتر، والمخدرات كالخمر تسكر وتُفتر، وكل مسكر خمر، بنص ما ورد عن رسول الله.