إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الظواهر الطبيعية في القرآن والسُّنة، النجوم









المبحث الأول

المبحث الأول

أعداد النجوم وأحجامها ومكوناتها

النجوم ليست منتشرة بالتساوي في الكون، بل تتجمع في مجموعات ضخمة من بلايين النجوم، تدعى المجرات. وتنتمي الشمس (وهي نجم متوسط الحجم) إلى مجرة تدعى درب اللبانة، وهذه المجرة لها شكل الفطيرة المسطحة، ولها بروز في وسطها والشمس والكواكب التسعة - بما فيها الأرض ـ تقع في الجزء المسطح من المجرة.

يوجد ما يزيد على 200 بليون بليون من النجوم. (اُنظر ملحق حقائق مهمة ومختصرة عن النجوم)

أولاً: النجوم التي يمكن رؤيتها

إذا حاول شخص ما أن يجرب عدَّ النجوم، فإن بإمكانه أن يعد نحو خمسين بليوناً منها. وإذا تأمل شخص ما في السماء، في ليلة صافية غاب عنها القمر، فإنه يمكنه أن يرى نحو ثلاثة آلاف من النجوم.

هناك، كذلك، نجوم يمكن رصدها على مدار السنة، ويبلغ إجمالي عدد النجوم، التي يمكن رؤيتها من الأرض، من دون استخدام التلسكوب، نحو ستين ألف نجم، وهي النجوم الأشد لمعاناً.

ثانياً: أحجام النجوم

النجوم أجرام ضخمة. والشمس ليست إلا نجماً متوسط الحجم، يزيد قطرها مائة مرة على قطر الأرض. وأضخم النجوم يزيد على ما يملأ الفراغ بين الأرض والشمس. ومثل هذه النجوم يكون قطرها حوالي ألف مرة قدر قطر الشمس. وأصغر النجوم يقل حجمه عن حجم الأرض.

وتختلف الأحجام بين النجوم النيوترونية والنجوم العملاقة الأكبر بكثير من الشمس، فالشمس نفسها نجم متوسط الحجم قطره 1392000 كم، أي ما يعادل 109 مرات قطر الأرض.

وقد قسم علماء الفلك النجوم من حيث الحجم إلى خمس مجموعات رئيسية هي:

1. النجوم فوق العملاقة

وهي أكبر النجوم المعروفة حجماً، ومن أبرز نجوم هذه المجموعة قلب العقرب ومنكب الجوزاء. فقلب العقرب له قطر يعادل 330مرة مثل قطر الشمس، أما منكب الجوزاء - لأنه يتمدد وينكمش - فيتراوح قطره بين 375 و595 مرة مثل قطر الشمس، بينما يبلغ قطر أكبر النجوم فوق العملاقة، حوالي ألف مرة مثل قطر الشمس.

2. النجوم العملاقة

يبلغ قطرها قدر قطر الشمس 10 -100 مرة. فقطر الألدبران مثلاً، قدر قطر الشمس 36 مرة.

3. النجوم متوسطة الحجم

وتسمى عادة السلسلة الرئيسية، أو النجوم الأقزام. ومتوسط حجمها مثل الشمس تقريباً، فأقطارها تتراوح بين 1 و10 مرات قدر قطر الشمس.

ومن النجوم المشهورة في هذه المجموعة: النسر الطائر والشعرى اليمانية والنسر الواقع.

4. الأقزام البيضاء

هي نجوم صغيرة. وأصغرها، نجم فان مانين، وقطره 8400 كم ـ أي أقل من المسافة عبر قارة آسيا.

ثالثاً: النجوم النيوترونية

أصغر النجوم، لها كتل تقرب من كتلة الشمس، لكنها مضغوطة لدرجة أن قطرها يساوي 20 كم. وبعضها يبث دفعات قصيرة من الموجات الترددية في فترات منتظمة. وتسمى هذه النجوم النيوترونية السريعة الدوران المنبضات.

رابعاً: مجموعات النجوم

يوجد بدرب اللبانة ما يزيد على 100 بليون نجم. والعديد من هذه النجوم مجموعات صغيرة عبارة عن سحب وعناقيد نجمية، ويسمى زوج النجوم النجم الثنائي. ونحو 50 % من النجوم هي نجوم ثنائية.

وتتألف النجوم الثنائية من أزواج من النجوم التي تدور بعضها حول بعض متماسكة بعضها مع بعض بفعل الجاذبية. وينتمي العديد منها إلى مجموعات أكبر، تحتوي على ثنائيات أخرى وأحاديات النجوم. وتسمى مثل هذه المجموعات متعددة النجوم.

وتبدو السحب النجمية لامعة، مشبعة بالغبار عند رؤيتها دون تلسكوب. ويأتي اللمعان من ملايين النجوم التي تكون هذه المساحات.

العناقيد النجمية يمكن أن تكون على هيئة كرة أو غير منتظمة الشكل. ويتراوح ما تحويه العناقيد الكروية بين عشرة آلاف ومائة ألف نجم. ويقع حوالي مائة تكتل كروي حول مركز درب اللبانة. والنجوم في العناقيد الكروية هي بين أقدم النجوم في المجرة. وتحتوي العناقيد غير المنتظمة الشكل والتي تسمى العناقيد المفتوحة أو العناقيد المجربة على عدد يتراوح بين عشرة وبضع مئات من النجوم، وهي تقع في الجزء الرئيسي من شكل الفطيرة المسطحة لدرب اللبانة.

خامساً: مسافات النجوم وأبعادها

تبعد الشمس  حوالي 150 مليون كم من الأرض. أمَّا أقرب نجم للشمس، واسمه (قنطورس القريب)، ويبدو مثل رأس الدبوس؛ فهو يبعد حوالي 40 ألف بليون كم من الأرض. وتحتاج أسرع الطائرات النفاثة إلى مليون سنة لتصل إلى أقرب نجم! لكن حتى هذه المسافة الكبيرة ما هي إلا واحد من بليون من المسافة إلى أبعد نجم، فسبحان الخالق العظيم القائل: ]فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75) وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ[ (سورة الواقعة: الآيتان 75، 76)

يقيس علماء الفلك المسافة بين النجوم بوحدة تسمى السنة الضوئية[1]؛ فقنطورس القريب، على سبيل المثال، يبعد 4.3 سنة ضوئية تساوي (46.9) ألف بليون كم، ويقطعها الضوء بسرعة 299.792كم/ث. وبعض النجوم في مجرة ـ درب اللبانة تبعد 80.000 سنة ضوئية عن الأرض.

أقرب جيران مجرة درب اللبانة مجرة تبعد عشرين ألف سنة ضوئية. أما أبعد النجوم فيقع في مجرات على بعد بلايين السنين الضوئية من درب اللبانة.

تقع الشمس على بعد حوالي 25000 سنة ضوئية من مركز مجرة درب اللبانة. وهي تنتمي لمكان في المجرة تتراوح فيه المسافة بين النجوم في المتوسط بين 4 و 5 سنوات ضوئية. وفي بعض أماكن أخرى من درب اللبانة تكون المسافة بين النجوم أقرب من ذلك بكثير ففي العناقيد الكروية، مثلا، تبلغ المسافة بين النجوم أقل من 10 ,0 من السنة ضوئية.

سادساً: اختلاف النجوم

النجوم تختلف اختلافاً كثيراً في لونها ولمعانها؛ كما تختلف في درجة حرارتها وحجمها. وتبدو بعض النجوم صفراء مثل الشمس. وبعضها الآخر يومض وميضا أزرق أو أحمر. والنجوم التي تُرى في الليل خليط من نجوم قريبة معتمة، ونجوم بعيدة مضيئة جداً.

سابعاً: لمعان النجوم

والنجوم بعضها أشد لمعاناً من بعضها الآخر، بسبب الطاقة الكبيرة التي تتناسب طردياً مع شدة اللمعان. وقد استطاع الأقدمون أن يميزوا حوالي 20 نجماً هي أعلى النجوم لمعاناً. وعدَّوا هذه النجوم الشديدة اللمعان نجوماً من الدرجة الأولى. وقد أطلق الفلكيون القدماء عليها أسماء، منها الشعرى اليمانية، النجم الكلب. وهنالك نجوم أخرى أقل لمعاناً. وبعضها قاتم جداً بحيث لا يُتَبين إلا بشيء من الصعوبة. فعدَّوا هذه النجوم الخافتة التي تكاد لا تظهر بالعين المجردة نجوم الدرجة السادسة. وقسموا النجوم حسب لمعانها الظاهري إلى ست درجات، كما أن هناك عدداً هائلاً من النجوم لا تمكن رؤيته إلا بواسطة التلسكوب. (اُنظر جدول النجوم العشرون الأكثر لمعاناً)

ثامناً: ألوان النجوم

النجوم مختلفة الألوان؛ فمنها الأصفر ومنها الأحمر والأزرق والأبيض. وأقدم هذه الألوان الأزرق والأبيض؛ ففي كوكبة الجبار مثلاً: نرى أن النجم المسمى منكب الجوزاء وهو الذي يشكل كتف الجبار اليسرى أحمر اللون وكذلك نجم الدبران وقلب العقرب.

أما الشعرى اليمانية فلونها يجمع بين الزرقة والبياض، وكذلك نجم الرجل. وتعتبر مثل هذه النجوم من أشد نجوم السماء لمعاناً وسطوعاً. أما نجم العيوق وكذلك الشمس فلونهما يجمع بين اللون الأصفر واللون الأبيض.

ولا يمكن رؤية إلا ألوان أشد النجوم لمعاناً. ولكن الفلكيين اكتشفوا بمراقبهم أن جميع النجوم لها ألوان، وأن ألوانها تختلف بحسب حجمها ودرجة حرارتها. (اُنظر جدول ألوان النجوم)  

تاسعاً: طاقة النجوم

يوجد مصدر الطاقة في عمق النجم، وهناك تتغير نويات الهيدروجين إلى هيليوم بعملية تسمى الاتحاد النووي. وخلال هذه العملية يتحول بعض كتلة الهيدروجين الأصلي إلى طاقة. ويبعث الاتحاد النووي كمية كبيرة من الطاقة لدرجة أن درجة الحرارة في قلب النجم تبلغ ملايين الدرجات المئوية. وفى النهاية تخرج الطاقة من النجم في هيئة ضوء. ومعظم النجوم فيها مايكفى من الهيدروجين لتشع باستمرار لبلايين السنين. وعندما يستهلك نجمٌ الجزء الأكبر من الهيدروجين في مركزه، يبدأ في التغير بسرعة. فمن المتوقع أن نجماً كالشمس سوف يتضخم ليصبح عملاقا أحمر، ثم يفقد مادته ببطء ثم يتقلص ليصبح قزما أبيض.

عاشراً: حرارة النجوم

مثلما أن بعض النجوم أكبر من بعضها الآخر بلايين المرات. فبعضها كذلك أشد حرارة من بعضها الآخر إلى درجة كبيرة. وهي في الجملة ذات حرارة عالية وتوهج؛ تبعث ضوءاً تبدو به كأنها كتلة نارٍ هائلة.

وينبئ ضوء النجم عن درجة حرارة سطحه. فدرجة الحرارة تتراوح بين 2800 درجة مئويةْ للنجم الأحمر مثل منكب الجوزاء، و 28 ألف درجة مئويةْ للنجوم الزرقاء مثل رجل الجوزاء اليسرى. والنجوم ذات الألوان الأخرى لها حرارة سطح بين ذلك. فالشمس، وهو نجم مصفر، له درجة حرارة حوالي 5500 درجة مئوية.

والنجوم التي تظهر أكثر لمعاناً ليست دائما الأكبر أو الأقرب إلى الأرض، لأن اللمعان يعتمد على كمية الطاقة الضوئية التي يرسلها النجم. فرجل الجوزاء اليسرى مثلاً، أصغر وأبعد عن الأرض من منكب الجوزاء، لكن؛ لأنه أكثر حرارة، فإنه يبعث طاقة ضوئية أكثر، ويبدو أكثر لمعاناً من منكب الجوزاء.

حادي عشر: ضوء النجوم

ينبعث الضوء من النجوم نهاراً وليلاً. ولكن الناس على الأرض لا يستطيعون رؤية الضوء إلا في الليل فقط؛ لأن ضوء الشمس في النهار يحجبه. ويرجع السبب في هذا إلى أن الشمس أشد قربا، فتبدو بالتالي أشد بريقا. فضوؤها يستغرق نحو ثمان دقائق ونصف الدقيقة تقريبا للوصول إلى الأرض. أما الضوء المنطلق من أقرب النجوم الأخرى فيستغرق أكثر من أربع سنوات. والحقيقة أن الشمس نفسها ليست نجما ساطعا إلى درجة كبيرة، وقربها من الأرض نسبياً سهل على علماء الفلك أن يدرسوها وأن يتعرفوا منها على النجوم الأخرى الأكثر بعداً.

ثاني عشر: حركة النجوم

في الليل تبدو النجوم كأنها تتحرك عبر السماء، مثلما تبدو الشمس كذلك خلال النهار. وتأتى هذه الحركة من دوران الأرض لا من حركة النجوم. والنجوم ذاتها تتحرك، لكن حركتها لا يمكن رؤيتها؛ لأنها بعيدة جداً عن الأرض ويمكن تحديد حركتها من خلال قياسات دقيقة عبر سنوات عديدة. وفي الماضي كان يسود الظن أن النجوم ثابتة؛ لأنها تبدو كأنها تشغل مكانا ثابتا في القبة السماوية، على النقيض من الكواكب التي تدور في مدار حول الشمس، ويمكن ملاحظتها بسهولة.

وكل يوم، تبدو الشمس وسائر النجوم الأخرى كأنها تتحرك عبر السماء، تطلع من المشرق وتغرب في المغرب. ولكن الحقيقة أن الشروق والغروب يأتيان من دوران الأرض، لا من حركة النجوم.

ينشأ عن حركة النجوم تغير بسيط في موضعها بالنسبة للنجوم الأخرى. ويقيس علماء الفلك هذا التغير ويسمونه الحركة المضبوطة وذلك بمقارنة صور مأخوذة في فترات منتظمة. وللنجم (بارنارد) أكبر حركة مضبوطة معروفة، حيث يستغرق 180 سنة كي يتحرك نصف درجة ـ زاوية تساوي قطر القمر مرئيا من الأرض. وكلما كان النجم قريبا من الأرض سهل على علماء الفلك قياس الحركة المضبوطة له. ولكن معظم النجوم بعيدة جداً لدرجة أن حركتها المضبوطة أصغر جداً من أن تقاس. والشمس نفسها تتحرك بسرعة 19 كم/ث عبر درب اللبانة. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشمس وكذا النجوم الأخرى كلها في درب اللبانة تدور حول مركز المجرة. وتعطي هذه الحركة الدورانية في درب اللبانة الشمس والنجوم القريبة منها سرعة 205:22 م 20/11/13 كم/ث. وتستغرق الشمس حوالي 250 مليون سنة لتقوم برحلة واحدة حول مركز المجرة.

ثالث عشر: مكونات النجوم

يتكون النجم أساسا من غازين: الهيدروجين[2] والهيليوم[3]. والوزن الهائل للنجم يجعل درجة حرارة مركزه عالية بقدر يكفى لحدوث تفاعل نووي بين ذرات الهيدروجين. وتحافظ الطاقة الناتجة عن التفاعل على إشعاعه، حتى ينتهي معظم الهيدروجين الموجود بمركز النجم.

ومعظم النجوم بدأت تشع منذ حوالي 10 بلايين سنة مضت. لكن النجوم الجديدة مازالت تتكون من خلال سحب الغاز والغبار في مجرة درب اللبانة والمجرات الأخرى. والشمس نفسها ربما تكونت بهذه الطريقة متطورة من كتلة دوارة من الغاز والغبار منذ حوالي خمسة بلايين سنة.



[1] إذا قيل في علم الفلك أن بعد النجم يبلغ عشر سنوات ضوئية، فالمراد بذلك أن الضوء يستغرق عشر سنوات لاجتياز المسافة من النجم إلى الأرض. والضوء يقطع نحو 300 ألف كم في الثانية، فالسنة الضوئية تساوي (46.9) ألف بليون كم. ويقع أقرب نجم من الأرض ـ سوى الشمس ـ على بعد يزيد عن أربع سنوات ضوئية. أما النجوم الأخرى فتقع على مسافات تفوق ذلك إلى حد بعيد.

[2] أحد أهم العناصر الكيميائية، ويتميز بأنه عديم الطعم واللون والرائحة، ويرمز للهيدروجين بالحرف (h).

[3] عنصر كيميائي يرمز له بالحرف (he)، وهو غاز خفيف الوزن، ويسمى بالغاز الخامل أو الغاز النبيل؛ لأنه لا  يتحد مع أي عناصر أخرى.