إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الظواهر الطبيعية في القرآن والسُّنة، النجوم









المبحث الثاني

المبحث الثاني

الإنسان والنجوم

درس الناس النجوم منذ العصور القديمة؛ فقد راقب المزارعون الأوائل النجوم لمعرفة موعد زراعة المحاصيل. وتعلم المسافرون استخدام النجوم لتحديد الاتجاهات. ووضع القدماء قصصاً عن الناس، والحيوانات، وأشياء أخرى تخيلوها مصورة من مجموعات معينة من النجوم، فأطلقوا عليها اسم المجموعات النجمية.

وبعض الأجرام التي، تشبه النجوم، التي تُرى في السماء، ليست نجوماً بل كواكب، أما الشهب فهي تبدو وكأنها نجوم ساقطة لكنها في الحقيقة صخور أو فلزات تحترق عند انطلاقها في الهواء.

أولاً: الاعتقادات في النجوم

1. النجوم عند العرب قبل الإسلام

كان النوء، عند العرب، هو النجم إذا مال للغروب، أو هو سقوط النجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه، وهو نجم آخر يقابله من ساعته في المشرق. وإنما سمي نوءاً؛ لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع، وذلك الطلوع هو النوء، وبعضهم يجعل النوء هو السقوط. وكانت العرب تضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها، فتقول: مطرنا بنوء كذا، قال الشاعر:

ينعى امرءاً لا تغبَّ الحيَّ جَفْنَتَهُ                      إذا الكواكب أخطأ نوءَها المطرُ

ذُكر أن من طلوع كل نجم إلى طلوع رقيبه، وهو النجم الآخر الذي يليه، ثلاثة عشر يوماً، وهكذا كل نجم منها إلى انقضاء السنة، ما خلا الجبهة؛ فإن لها أربعة عشر يوماً، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وذلك لتكمل السنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوماً.

قد زعموا أن لكل نوء أثراً في هذا الكون وفي الإنسان؛ فإذا حدث شيء ووقع أمر نسبوه إلى نوئه، وفي جملة ما نسبوا أثره إلى الأنواء: حدوث المطر.

قد ذهبوا إلى أن الأنواء (28) نوءاً، أو نجماً، اعتقدوا أنها علة الأمطار والرياح والحر والبرد فيقولون: مطرنا بنوء كذا؛ ولذلك جاء النهي في الأحاديث النبوية عن هذا القول.

ونظراً لأهمية المطر في حياة جزيرة العرب، اهتموا بمراقبة مظاهر الأنواء وألوان السحب، وكانوا يكرهون نوء السماك، ويقولون أن فيه داء الإبل، قال الشاعر:

ليت السماك ونوءه لم يخلقا                           ومشى الأفيرق في البلاد سلما

والسماك، سماكان: الأعزل والرامح وهما نجمان نيران: وسمي أعزل عند العرب لأنه لا شيء بين يديه من الكواكب، كالأعزل الذي لا رمح معه، ويقال: لأنه إذا طلع لا يكون في أيامه ريح ولا برد، وهو أعزل منها، وقد احتفظ باسمه إلى اليوم كما سيأتي. وهو عندهم من منازل القمر، والرامح ليس من منازله ولا نوء له، وهو من جهة الشمال، والأعزل من كواكب الأنواء وهو إلى جهة الجنوب، وهما في برج الميزان. ويقول الساجع:

إذا طلع السماك، ذهب العكاك، فاصلح قتاك، وأجد حذاك، فإن الشتاء قد أتاك. أي قد ذهب النعيم فاصلح قوتك وحذاءك استعداداً للشتاء. وكانوا إذا أرادوا الوقوف على ظواهر الجو لجأوا إلى العالمين بالأنواء، وكانوا إذا أرادوا التعبير عن خبير بها، قالوا مثلاً: "ما بالبادية أنوأ منه، أي أعلم بالأنواء منه".وذكر أهل الأخبار أن الحارث بن زياد بن ربيع، لم يكن في الأرض عربي أبصر منه بنجم.

وأول ما يعد العرب من (المنازل) (الشَرطان)، وهما كوكبان يقال هما قرنا الحمل، ويسميان النطح والناطح، وبينهما في رأي العين قاب قوس، وأحدهما في جهة الشمال والآخر في جهة الجنوب وإلى جانب الشمال كوكب صغير يعرف بـ (الأشراط). وقيل هما أو نجوم الربيع، والربيع أول الأزمنة للعرب، فيه الخير والبركة. ويقول الساجع العربي القديم: " إذا طلع الشرطان استوى الزمان وحضرت الأوطان، وتهادت الجيران "، أي رجع الناس إلى أوطانهم واستقروا بعد أن كانوا متفرقين في طلب الماء والكلأ.

ثم (البطين)، وهو ثلاثة كواكب خفية، ويقال: هي بطن الحمل، ثم (الثريا)، وهي أشهر منازل القمر، ويسمونها: النجم، وقد أكثر الشعراء من التشبيه بها، ولهم في فعلها أسجاع منها:

"إذا طلع النجم، فالحر في حدم، والعشب في حطم، والعانة في كدم"، و"إذا طلع النجم عشاء، ابتغى الراعي كساء" و"إذا طلع النجم غدية ابتغى الراعي شكية". وقد وردت أسماء بعض النجوم في شعر الجاهليين العرب كأمرئ القيس[1] والنابغة الذبياني[2] وغيرهما من الشعراء.

ثم الدبران، وهو كوكب أحمر منير يتلو الثريا ويسمى تابع الثريا، ثم الهقعة وهي ثلاث كواكب صغار، يقال أنها رأس الجوزاء، ثم الهنعة، وهي كوكبان أبيضان، ومنها الشعرى العبور، التي ذكرت في القرآن: ]وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى[، (سورة النجم: الآية 49)

وكان من العرب من يتعبد لها، ويقال أن أول من عبدها (أبو كبشة)، الذي كان المشركون ينسبون الرسول إليه فيقولون ابن أبي كبشة. والغميصاء، والنثرة، ثم الطرف، ثم الجبهة، ثم الزبرة، ثم الصرفة، ثم العواء، ثم السماك الأعزل، ثم الغفر، ثم الزباني، ثم الأكليل، ثم القلب، ثم الشولة، ثم العولة، ثم النعائم، ثم البلدة، ثم سعد الذابح، ثم سعد بُلعَ، ثم المرع، ثم سعد السعود، ثم سعد الأخبية، ثم الحواء، ثم الفرغ المقدم، ثم الفرغ المؤخر، ثم بطن الحوت.

وقد اشتهرت مجموعة من النجوم باسم (بنات نعش) عند العرب، ولا تزال هذه التسمية دائرة على ألسنة الناس وتعرف بنات نعش بـ (عش) (عاش) و(عيش) عند العبرانيين.

وقد كان العرب القدامى، مثل غيرهم من الشعوب، يلجأون إلى المتفرسين في دراسة الأجرام السماوية لمعرفة الأمور الخافية عليهم من حاضر ومستقبل، وهم الكهان، فكانوا يتكهنون لهم بما سيقع من أمور وأحداث بالاستدلال عليها بحركات تلك الأجرام، وبما تجمع عندهم من فراسات وتجارب ورثوها في هذا الشأن. وكانوا يؤمنون بالتنجيم وبتأثير الطالع في حياة الإنسان، ولهذا ذم الإسلام المنجمين وكذَّبهم ومنع المسلمين من التصديق بهم. (اُنظر ملحق التنجيم)

وكان أهل الجاهلية يرون أن لتساقط النجوم أثر في الإنسان وفي العالم، وذُكر أنهم كانوا يرون أنه إذا انقض شيء من البروج الأثنى عشر، فهو ذهاب الدنيا، أمَّا انقضاض النجوم وسقوطها، فإن ذلك يدل على حدوث أمر عظيم في الدنيا.

2. أصحاب الهياكل

وهم الذين اعتقدوا أن الهياكل (الكواكب) آلهة وأرباب معبودة، وأن الله رب الأرباب واليه التوسل والتقرب. والتقرب إلى هذه الهياكل تقرب إلى الله تعالى. وهذه الهياكل هي المدبرة لكل ما في عالم الكون من الخير والفساد. وهذا مذهب القوم الذين بعث الله إليهم إبراهيم u ومذهب بعض الفلاسفة.

3. الصابئة الدهرية

يعتقدون أن هذه الكواكب والأفلاك واجبة الوجود لذواتها، وأنها هي الموجدة لهذا العالم.

4. إخوان الصفا[3] وبعض الفلاسفة

يعتقدون أن هذه الكواكب مخلوقة، خلقها فاعل مختار، وهو الإله الأعظم، وأودع في كل كوكب منها قوة مخصوصة، وفوض تدبير العالم إليها. قالوا: وهذا لا يقدح في جلال الله وكبريائه، فأي خلل في أن يكون للملك عبيد منقادون لأمره، ثم إنه فوض إلى كل واحد منهم تدبير مملكة طرف معين، وسلطنة إقليم معين؟!.

5. الحلولية

وهؤلاء زعموا أن الإله المعبود واحد في ذاته، وأنه أبدع أجرام الأفلاك وما فيها من الكواكب، وجعل الكواكب مدبرة لما في العالم السفلي، فالكواكب آباء أحياء ناطقة، والعناصر أمهات، وما تؤديه الآباء إلى الأمهات تقبلها بأرحامها فتحمل من ذلك المواليد وهي المركبات، والإله تعالى يظهر في الكواكب السبعة ويتشخص بأشخاصها من غير تعدد في ذاته.

ثانياً: أقسام علم النجوم

1. الحسابيات: كعمل التقاويم، وحل الزيجات، واستخراج التواريخ، ونحو ذلك.

2. الطبيعيات: كالاستدلال من انتقال الشمس في البروج الفلكية على الفصول كالحر والبرد والاعتدال، والعلم بأسماء الكواكب ومناظرها ومطالعها ومساقها وسيرها والاهتداء بها.

3. الوهميات: وهو ما يزعمه المنجمون من أحكام النجوم، وتأثيرها في هذا العالم.

ثالثاً: مصطلحات النجوم

1. الثقب الأسود: هو نجم منهار لم يعد يُرى، وله جاذبية كبيرة جداً لدرجة لا يمكن للضوء الإفلات منها.

2. الحركة الذاتية: هي التغير في موضع النجم بين النجوم الأخرى.

3. الرتبة الطيفية: هي التي تحدد درجة حرارة النجم على أساس طيف النجم.

4. السنة الضوئية: هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وتبلغ بليون كم.

5. القدر الظاهري: هو درجة لمعان النجم عند رؤيته من الأرض. يعتمد القدر الظاهري على القيمة المطلقة للنجم وبُعده عن الأرض.

6. القزم الأبيض: هو نجم صغير أبيض، به كمية كبيرة من المادة معبأة في حيز صغير جداً.

7. النجم الثنائي: يدعى أيضاً النجم المزدوج، وهو زوج من النجوم يدور أحدهما حول الآخر.

8. النجم المتغير: هو نجم تتغير شدة إضاءته.

9. النجم المُسْتَعر: هو نجم يصبح فجأة أشد إضاءة آلاف المرات، ثم يعود معتماً مرة أخرى.

10. النجم المستعر فائق التوهج: هو نجم ينفجر فتشتد درجة إضاءته بلايين المرات لعدة أسابيع. والمستعرات فائقة التوهج الأخرى ربما تُخَلِف بعدها نجوماً نيوترونية أو ثقوباً سوداء.

11. النجم النيوتروني: هو نجم مكون  كله تقريباً من جسيمات ذرية تدعى نيوترونات.

رابعاً: دراسة الإنسان للنجوم

1. 3000 ق.م: حدث أول رصد فلكي في الصين.

2. القرن الثاني قبل الميلاد: رسم الفلكي اليوناني هيبارخوس، أول قائمة للنجوم والتي أظهرت لمعانها ومواقعها.

3. 150م: جدول بطلميوس، فلكي يوناني عاش في مصر، تمكن من رصد أكثر من ألف نجم، وأظهر طريق استعمال الأرقام لتسجيل مواقع النجوم.

4. 830 م: تمكن الفلكيون المسلمون من التوصل إلى حساب درجة خط نصف النهار لأول مرة في التاريخ.

5. 911 م: وضع الفلكيون العرب أول جداول دقيقة للنجوم الثوابت.

6. 981 م: اخترع ابن يونس المصري الربع ذا الثقب.

7. 1058 م: اخترع أبو اسحاق الزرقالي الآلة الفلكية المسماة باسمه الزرقالة.

8. 1225 م: وضع نصير الدين الطوسي زيج (أي جدول) الإيلخاني الذي اعتمدت عليه أوروبا في الفلك زمناً طويلاً.

9. 1572 م: أثبت الفلكي الدنمركي تيخوبراهي خطأ فكرة، سادت زمناً طويلاً، وهي: أنه لا يمكن حدوث تغيير في سحابة السموات.

10. 1609 ـ 1610 م: بدأ العالم الإيطالي جاليليو في استعمال التلسكوب (المقرب) لدراسة النجوم الخافتة الضوء جداً التي لا يمكن أن ترى بالعين المجردة.

11. 1718 م: راجع الفلكي البريطاني أدموند هالي مواقع النجوم التي سجلها هيبارخوس، ووجد أن بعض النجوم قد تحركت، وبهذا أظهر أن هذه النجوم لها حركة ذاتية.

12. 1780 م: توصل الفلكي البريطاني السير وليم هيرشيل إلى كثير من الاكتشافات عن لمعان النجوم الثنائية وسحب الغاز والغبار بين كل نجمين منها.

13. 1783 م: شرح الفلكي البريطاني جون جوودريك مصححاً تغير سطوع نجم رأس الغول، أول نجم متغير معروف، مفترضاً أنه كان كسوفاً ثنائياً.

14. 1850 م: التقط الفلكيان الأمريكيان وليم وجورج بوند ـ الأب والابن ـ أول صورة لنجم بتلسكوب فلكي.

15. تسعينيات القرن التاسع عشر: أثبت الفلكي الأمريكي إدوارد برنارد وجود السحب الداكنة من الغاز والغبار بين نجوم درب اللبانة.

16. 1924 م: شرح الفلكي البريطاني السير آرثر أدنجتون العلاقة بين الكتلة ولمعان النجم، وهي فكرة رئيسية في فهم تغيير شكل النجوم.

17. 1967 م: اكتشف فلكيو الراديو البريطانيون نجم المنضبات، وهو نجم يرسل موجات راديوية، وقد تبين فيما بعد أن نجوم المنبضات هي نجوم نيوترونية نابضة قوية تدور بسرعة حول محورها.

18. 1974 م: حدد الفلكيون أن مصادر بعض الأشعة السينية النابضة هي ثنائيات أي نجم من النجوم إما نيوترون أو ثقب أسود.

19. توصل الفلكيون إلى معلومات إضافية عن انفجارات النجوم، وذلك عن طريق رصدهم لأقرب نجم من النجوم فوق المستعمرة، وأشدها لمعاناً، على مدى 400 سنة.

خامساً: تسميات النجوم وفائدتها

راقب الأقدمون من السومريين، والآكديين، والأغريق، والعرب الأقدمون، منذ فجر التاريخ، تشكيلات النجوم، واستفادوا منها في التعرف على فصول السنة المختلفة، وعلى الوقت والجهات الأربع، وخاصة في الصحارى والبحار. وأطلقوا على كل نجم لامع منها اسماً معيناً، ثم أطلقوا على كل مجموعة أو تشكيلة من هذه النجوم اسماً معيناً، بناء على تخيلاتهم مشابهة هذه التشكيلات لشيء أو لشكل مشهور أو حيوان. كما أطلقوا على هذه التشكيلات من النجوم "البروج" و"الكوكبات". ولا يزال الكثير من هذه البروج والكوكبات أو النجوم يحمل الاسم العربي، الذي سمي به منذ القدم، حتى اليوم،(اُنظر جدول الأسماء العربية لأهم كوكبات السماء وبروجها) مثل منكب الجوزاء، ورِجل الجوزاء اليسرى في المجموعة النجمية الجبارة. ويستخدم علماء الفلك اليوم حروف الهجاء اليونانية لتسمية المجموعات النجمية لتحديد النجوم التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة. فمنكب الجوزاء على سبيل المثال يدعى جبار ألفا، ورِجل الجوزاء اليسرى يدعى جبار بيتا، وترقم النجوم الخافتة وتدون في فهارس نجمية مختلفة.

ساعدت تسمية النجوم اللامعة وتشكيلاتها بأسماء معينة في سهولة التعرف عليها وتصنيفها. حيث أمكن تقسيم السماء إلى مواقع مختلفة، تحمل أسماء معينة، يسهل على الإنسان الاستدلال عليها ومتابعة تحركاتها ووضع السجلات والخرائط لها. فرسمت الخرائط السماوية لمواقع النجوم والكوكبات والبروج في فصول السنة المختلفة. تظهر عليها أسماؤها وكذلك أسماء وتقسيمات المواقع والبلدان المختلفة.

سادساً: النجوم وقياس الاتجاهات

تساعد النجوم صانعي الخرائط، والطيارين، والبحارة في تحديد الاتجاهات والمواقع، فالنجم  الشمالي مثلا، يشير إلى اتجاه الشمال الجغرافي، فهو يظهر دائما فوق القطب الشمالي. ودوران الأرض حول نفسها يجعل السماء تبدو كأنها تدور كل ليلة. ويرى المراقب، في شمال خط الاستواء، أن النجوم تدور حول نقطة فوق القطب الشمالي. والنجم الشمالي قريب من هذه النقطة في السماء ويبدو متحركا قليلا.

ويمكن الاستفادة من موقع النجم الشمالي مع قياس خطوط العرض كذلك، باستخدام آلة السدسية[4] لقياس الزاوية التي يظهر بها النجم فوق الأفق الشمالي. فعند خط عرض 45 على سبيل المثال، يكون نجم الشمال واقعا بزاوية 45 فوق الأفق الشمالي. كذلك يقيس الطيارون والملاحون مواقعهم باستخدام تقاويم الملاحة الفلكية[5].

سابعاً: الاهتداء بالنجوم ليلاً

النجوم، التي تزين السماء كل ليلة، هي أفضل وسيلة يهتدي بها السائرون في ظلمات الليل، فبمجرد النظر إلى نجم معين يعرف أهل الخبرة جهة سيرهم. والطريقة السهلة لمعرفة الجهات لمن ليس  له دراية بالنجوم تكون عن طريق النجم القطبي (الجدي) ذاك النجم الذي يُستدل به لجهة الشمال؛ لأنه يواجه قطب محور الأرض الشمالي فهو لا يتأثر بدوران الأرض حول محورها كسائر النجوم. ويدل على هذا النجم مجموعة نجوم (بنات نعش) وهي سبعة نجوم تدور حول النجم القطبي في اتجاه معاكس لعقارب الساعة وتكمل دورتها في أربع وعشرين ساعة.

ولمعرفة هذا النجم يُنظر إلى نجمي الدليلين ويُخط بينهما خطاً وهمياً ثم يُمد إلى الأمام خمسة أضعافه ومن ثم يصل إلى النجم القطبي. وتظهر (بنات نعش) واضحة في فصل الربيع وأوائل الصيف وتختفي عن الأبصار في فصل الخريف وأوائل الشتاء؛ لهبوطها دون مستوى الأفق، وحينئذ تظهر مجموعة أخرى من النجوم تدل على النجم القطبي وتسمى (ذات الكرسي) على شكل حرف (w) في الجهة المقابلة تقريباً (لبنات نعش) فإذا رُسم خطٌ وهميٌ من النجم  الأوسط إلى الأمام مع ميول فإنه يصل إلى النجم القطبي. ومن عرف الشمال عرف بقية الجهات. أما في وقت النهار فيمكن معرفة الجهات بملاحظة الشمس في شروقها أو غروبها.

ثامناً: النجوم وقياس الوقت

يقاس الوقت عن طريق حركتي الأرض الأساسيتين:

1. دورانها حول نفسها.

2. دورانها حول الشمس.

وهاتان الحركتان تسببان تغيراً في موقع الشمس والنجوم الأخرى.

وبسبب حركة دوران الأرض تبدو الشمس والنجوم الأخرى وكأنها متحركة عبر السماء كل يوم. وتبين الساعة المعتادة الوقت الشمسي، (أي الوقت الذي يتم تحديده حسب حركة الشمس الظاهرية)، فترة الوقت المستغرقة من منتصف ليلة إلى منتصف الليلة التي بعدها وهي اليوم الشمسي. وتبين ساعات الفلكيين التوقيت النجمي - أي الوقت الذي يعتمد على حركة النجوم الظاهرية. واليوم النجمي هو الوقت الذي يستغرقه النجم للوصول إلى الموقع نفسه في السماء في ليلتين، واحدة بعد الأخرى. ونظرا لأن حركة الأرض حول الشمس في اتجاه دورانها اليومي نفسه، فإن اليوم النجمي أقصر من اليوم الشمسي بقليل. ونتيجة لذلك، فإن نجماً معيناً يخرج بحوالي أربع دقائق مبكراً في كل يوم قبل اليوم الآخر. وهذا التغير اليومي يجعل نجوما مختلفة ظاهرة في سماء الليل في أوقات مختلفة من السنة. وحركة الأرض حول الشمس كذلك تجعل الشمس تغير موقعها بالنسبة للنجوم الأخرى خلال السنة. ويقيس العلماء طول السنة النجمية بقياس الوقت الذي تقضيه الشمس لتصل إلى الموقع نفسه بين النجوم.

تاسعاً: النجوم والزراعة

يمكن الاستفادة من بدايات ظهور نجوم معينة في تنظيم الأعمال الزراعية، مثل غرس بذور معينة، أو معرفة مواعيد تلقيح بعض النباتات، والتوقف عن غرس نبات معين واستبداله بغيره، او زيادة كميات الري، وما شابه ذلك، مثلما يحدث في المملكة العربية السعودية. (اُنظر جدول التقويم الزراعي للمملكة العربية السعودية).



[1] امْرُؤ ُالقَيْس، بن حُجر بن الحارث الكندي، (نحو 130 ـ 80 ق.هـ = نحو 497 ـ 545م) من بني آكل المرار: أشهر شعراء العرب، في الجاهلية، على الإطلاق. يمانيّ الأصل. مولده  بنجد، أو بمخلاف السكاسك باليمن. اشتهر بلقبه، واختلف المؤرخون في اسمه، فقيل حُنْدُج وقيل مليكة وقيل عديّ. وكان أبوه مالك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الشاعر، فلقنه المهلهل الشعر، فقاله وهو غلام. وقد جُمع بعض ما ينسب إليه من الشعر في ديوان صغير وكثر الاختلاف في ما كان يدين به، ولعل الصحيح أنه كان على المزدكية، وفي تاريخ  ابن عساكر أن امرؤ القيس كان في أعمال دمشق وأن "سقط اللوى" و"الدخول" و"حومل" و"توضح" و"المقراة" الواردة في مطلع معلقته، أماكن معروفة بحوران ونواحيها. وقال ابن قتيبة: « هو من أهل نجد. والديار التي يصفها في شعره كلها ديار بني أسد ". وكشف ابن بليهد (في صحيح الأخبار) عن طائفة من الأماكن الوارد ذكرها في شعره، أين تقع وبماذا تسمى اليوم، وكثير منها في نجد. ويُعرف امرؤ القيس بالملك الضلّيل (لاضطراب أمره طول حياته) وذي القروح (لما أصابه في مرض ـ موته) وكتب الأدب مشحونة بأخباره. وعُني المعاصرون بشعره وسيرته، فكتب  سليم الجنديّ "امرؤ القيس ـ ط" و محمد أبو حديد "الملك الضلّيل امرؤ القيس ـ ط" وغير ذلك.

[2] النّابِغَة الذّبْيَاني، زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري، أبو أمامة: شاعرجاهلي، من الطبقة الأولى. (000 ـ نحو 18 ق.هـ ـ 000 ـ نحو 604م) من أهل الحجاز. كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فيقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة. وكان أبو عمرو ابن العلاء يفضله على سائر الشعراء. وهو أحد الأشراف في الجاهلية. وكان حظياً عند النعمان بن المنذر، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة (زوجة النعمان) فغضب النعمان، ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام، وغاب زمناً. ثم رضي عنه النعمان، فعاد إليه. شعره كثير، جمع بعضه في  "ديوان ـ ط" صغير. وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو. وعاش عمراً طويلاً. ومما كتب في سيرته "النابغة الذبياني ـ ط" لجميل سلطان، وغير ذلك.

[3] وهم خمسة حكماء: أبو سليمان بن معشر البستي، ويعرف بالمقدسي، وأبو الحسن علي بن زهرون الزنجاني، وأبو أحمد النهرجوري، والعوفي، وزيد بن رفاعة، وهم متفلسفة اجتمعوا وصنفوا رسائل يجمعون فيها بين الفلسفة والدين، سموها رسائل إخوان الصفا، وكان ذلك بعد المائة الثالثة للهجرة.

[4] آلة السدسية: آلة بصرية لقياس المسافة الزواية (نسبة للزاوية) بين نقطتين، مثل الشمس والأفق.

[5] تعتمد الملاحة الفلكية على متابعة مواقع الأجسام في القبة السماوية مثل الشمس والقمر والنجوم والكواكب، وهناك منشورات تسمى التقويم الفلكي، بها سجل كامل عن مواقع هذه الاجسام طوال أوقات العام، ويعتمد تحديد الوقت في هذه الطريقة على استخدام التوقيت الوسطي لجرينيتش أي التوقيت في جرينيتش بإنجلترا. وهناك كثير من الاختلافات في طرق الملاحة الفلكية، وكطريقة عامة، فإن الملاح يحدد موقع المركبة بالنسبة لموقع مفترض، ويمثل هذا الموقع نقطة يختارها الملاح بحيث تكون قريبة من الموقع التقديري للمركبة.