إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أنبياء الله: تعريف وتاريخ




منظر علوي وجانبي للسفينة
آثار سد مأرب
أثر سفينة نوح
نحت في الجبل
مجسم لهيكل سليمان
مصحف عثمان
مكة المكرمة
مقام يحيى عليه السلام
المسجد الحرام
الكعبة المشرفة
بحيرة لوط عليه السلام
ختم الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى أمير البحرين
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى هرقل
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى النجاشي
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى المقوقس
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى كسرى
صناعة الدروع والأسلحة
غار ثور
قبر أيوب عليه السلام

من مولد النبي إلى إرهاصات النبوة
من البعثة إلى الهجرة
من تأسيس الدولة إلى الوفاة
أولو العزم
نسب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ارتفاع الجبال عن سطح البحر
شجرة أبناء آدم
قبة الصخرة والمسجد الأقصى

أهم الأصنام
ممالك اليمن
أوضاع اليهود بعد وفاة سليمان عليه السلام
هجرة إبراهيم عليه السلام
هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
مراحل توحيد شبه الجزيرة العربية
أصحاب الرس
أصحاب السبت
أصحاب القرية
مكانا هبوط آدم وحواء
الوضع السياسي قبل البعثة
اتساع مملكة داود عليه السلام
توزيع الجنس البشري
بعثة نوح عليه السلام
بعثة هود عليه السلام
بعثة لوط عليه السلام
بعثة إلياس عليه السلام
بعثة أيوب عليه السلام
بعثة إدريس عليه السلام
بعثة إسماعيل عليه السلام
بعثة إسحاق عليه السلام
بعثة يونس عليه السلام
بعثة يوسف عليه السلام
بعثة داود عليه السلام
بعثة يعقوب عليه السلام
بعثة سليمان عليه السلام
بعثة صالح عليه السلام
بعثة شعيب عليه السلام
بعثة عيسى عليه السلام
بعثة ذي الكفل عليه السلام
بعثتا زكريا ويحيى عليهما السلام
حادث الفيل
خروج موسى من مصر
خروج موسى وهارون
رحلة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الشام
شبه الجزيرة العربية
طريق حج الأنبياء
عودة موسى إلى مصر
عبور بني إسرائيل
غزوات الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ذرية نوح عليه السلام
قوم تُبع



إبراهيم (خليل الله) عليه الصلاة والسلام

سابعاً: الحواريون[2]

قال الله تعالى: }وإذ أوحيت إلى الحواريون أن ءَامنوا بي وبرسولي، قالوا ءَامنا واشهد بأنا مسلمون{ (سورة المائدة: الآية 81). هكذا اعترف الحواريون بالإسلام، كما اعترفت ملكة سبأ بإسلام سليمانu وأسلمت معه، وكما اعترف كل أنبياء الله بالإسلام، فكلهم يدعون إلى التوحيد والإسلام، فأوحى الله لهم إلهاماً ألهمهم إياه لخيرهم وسعادتهم.

ويبدو أن الحواريين كتموا إيمانهم حتى أحس عيسىu الكفر من قومه، فنادى فيهم كما قال تعالى } فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53){ (سورة آل عمران:الآيتان 52، 53)، فهم ينصرونه مع الله وينصرون الله. وقد سمى رسول اللهr بعض أصحابه بالحواريين كالزبير بن العوام رضي الله عنه يوم الخندق، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: ندب النبيr يوم الخندق فانتدب الزبير، ثم انتدبهم فانتدب الزبير، ثم انتدبهم فانتدب الزبير، فقال (لكل نبي حواريَّ، وحواريَّ الزبير) (البخاري: 7261، مسلم: 2415/48)، بل لقد ذكر رسول اللهr وهو يبتسم بأن عيسى بن مريم سيجد في أمة محمد خلقاً من حوارييه، من حديث عبدالرحمن بن سمرة عندما بعثه خالد بن الوليد بشيراً إلى رسول اللهr يوم مؤتة.

وقد كونت مجموعة الحواريين الصغيرة، بعد رفع المسيحu، طائفة يهودية تمارس ديانة المعبد وتحافظ على تعاليمها، وعندما كان ينضم إليها أشخاص جدد وثنيين كانوا يقترحون نظاماً خاصاً لهم، إذ كان المجمع المسكوني المنعقد في عام 49م يحل ويجيز للأتباع الجدد عدم التقيد بالطهارة، ومراعاة الراحة يوم السبت، وطقوس المعبد، وقد رفض كثير من اليهود المسيحيين هذا التنازل وتطبيق كل الشرائع اليهودية، وكان على رأس تلك المجموعة القديس بولس، الذي يرى أن يتحرر اليهود أنفسهم من هذه الأمور البالية دينياً وسياسياً حتى تفتح الكنيسة ذراعيها لغير اليهود فأجاز لهم عدم الختان، فهو مع اليهود يقول أنه فريسي، ويكتب الرسائل إلى الناس والدعاة والموالين له، ويجيز لهم عدم التقيد بالشرائع اليهودية لهدف في نفس بولس، هو إدخال الرومان الوثنيين إلى الديانة اليهودية- المسيحية، لأن الرومان هم القوة العسكرية الفاعلة الأولى في العالم، وحتى تتحول سيوف الرومان من رقاب المسيحيين الجدد كما سماهم إلى رقاب اليهود، فأجاز لهم عدم الختان، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، معللاً أن المهم ما يخرج من الفم وليس ما يدخل فيه على حد قوله، وبذلك ربط عجلة المسيحية بالعنصر الروماني المتشبع بالأفكار الرومانية. قال تعالى: }ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى ءَاثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاّ ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ{ (سورة الحديد: الآية 27) وقال تعالى: }كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ{ (سورة الصف: الآية 14).

وانتصر مذهب بولس، وانفصلت المسيحية دينياً واجتماعياً وسياسياً عن اليهودية، ليتكون منها ما يُطلق على تسميته "الشعب الثالث"  The Third People، وذلك عندما قام طيطس الروماني بتدمير القدس وهدم الهيكل عام 70 م، ما أفضى إلى قهر اليهود المسيحيين المتمسكين بالشريعة وبالطقوس اليهودية، ومن هذه الفترة بدأ ظهور الأناجيل التي نطالعها الآن من عام 70 بعد الميلاد، وبعد تعديلات هذه النصوص، والتمسك ببعضها، واستبعاد بعضها الآخر، وبانتصار مذهب بولس تكون ما يُطلق عليه "قانون الإيمان المسيحي" الذي أدان ودمغ بالخطأ والهرطقة أي وثائق أخرى مكتوبة عن حياة المسيحu التي لا تتسق مع خط الكنيسة، كنيسة بولس، وأقرت الأناجيل الأربعة "مرقس ومتى ولوقا ويوحنا"، ذلك ما أورده الكاردينال دانييلو Danielou في مقاله الذي نُشر في ديسمبر 1961 بمجلة الدراسات Etudes، إنما هي رؤية جديدة للأصول المسيحية واليهودية المسيحية الذي وضع فيه خطوط تاريخ المسيحية وحدد لنا بدء ظهور الأناجيل.

ثامناً: الأناجيل

كلمة الإنجيل باليونانية تعني البشارة، وقد أعطى الله تعالى المسيحu الإنجيل، فهو كتاب جاء مصدقاً للتوراة، وإحياءً لشريعتها الأولى، ومؤيداً للصحيح من أحكامها، ونوراً وهدى وموعظة للمتقين. وقد أهاب ببني إسرائيل أن يرجعوا إلى الله ويعبدوه، واشتمل الكتاب على عظات ونصائح وأمثال، يريد بذلك توجيه نظر الجماهير من اليهود إلى إخلاص العبادة لله، والتخفيف من مادياتهم التي غرقوا فيها إلى آذانهم، وترك الرياء والنفاق، وأن يلتبسوا بروح الدين الذي ورثوه عن موسىu، ويبشرهم باقتراب ملكوت السماوات وهي الشريعة الإلهية الدائمة، التي يرسل الله بها النبي الأمي محمد r المذكور في الآية 15 وما بعدها من الإصحاح 18 سفر التثنية (باسم أحمد).

ولهذا لم تنزل بالإنجيل تشريعات إلا القليل النادر مثل وجوب الاقتصار على زوجة واحدة، وعدم تزوج من طلق امرأة، بامرأة أخرى سواها، وعدم تزوج المطلقة بآخر، وعدم جواز الطلاق إلا بعد الزنا، وأمر بالعفة، ونهى عن الأخلاق الرديئة كالمكر والخداع وأكل الأموال بغير حق والرياء.

قال تعالى: }وَقَفّيْنَا عَلَىَ ءَاثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْرَاةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لّلْمُتّقِينَ{ (سورة المائدة: الآية 46).

وقال تعالى: }وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{ (سورة المائدة: الآية 47).

وقال تعالى: }ثُمّ قَفّيْنَا عَلَىَ ءَاثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ{ (سورة الحديد: الآية 27).

وقال تعالى: }وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَبَنِي إِسْرَائِيلَ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُم مّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيّ مِنَ التّوْرَاةِ وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ{ (سورة الصف: الآية 6).

إن عيسىu جاء إلى قومه بكتاب هو الإنجيل، يحمل دعوة التوحيد الكامل وإسلام الوجه لله، قال تعالى: }مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ{ (سورة المائدة: الآية 117). ولكن الناس على مر الزمان تركوا ذلك الإنجيل، وترتب على ذلك ضياعه، واستمساكهم بكتب ألف بعضها تلاميذ المسيح، وبعضها ألفها تلاميذ تلاميذه أو من بعدهم، فقد كثرت الأناجيل كثرة فاحشة زادت عن المائة. وبهذا غُير الإنجيل، وحُول عن مجراه، بل رفضت الكنيسة كلَّ ما يخالف رغبتها وأُقِر أربعة أناجيل معروفة اليوم على ما هي عليه من انقطاع السند، وعدم العلم التام بالمؤلف الحقيقي، أو المترجم ومبلغ أمانته على الدين، وحرصه على الصدق، وعلى ما بينها من الاختلاف الحقيقي في سياق الأحداث المفضي إلى أن أحد الأقوال صادق وما عداه كاذب.

يُطلق اسم إنجيل على الأناجيل الأربعة التي اعتمدتها الكنيسة والتي وضعت بعد فترة طويلة من رفع السيد المسيحu، وهي إنجيل متى، إنجيل مرقص، إنجيل لوقا، إنجيل يوحنا، وجميع هذه الأناجيل منقطعة السند. ولا توجد نسخة إنجيل بخط تلميذ من تلاميذه. بل إنها تختلف فيما ترويه عن قصة المسيحu ويكذب بعضها بعضاً، فهي لا تحتوي على كل ما قاله السيد المسيحu ولم تُقسم هذه الأناجيل إلى إصحاحات قبل القرن 13. بل ويقول الأستاذ العقاد في كتبه حياة المسيح "أن الأناجيل الموجودة الآن قد كُتبت جميعاً باليونانية العامة Kaine ولوحظ في ترجمتها أنها تعتمد على نصوص آرامية، وتتفق الآراء على أن هذه الأناجيل لا تحتوي على كل ما فاه به السيد المسيحu".

1. إنجيل متى

يتصدر أناجيل العهد الجديد لأنه يعتبر امتداداً للعهد القديم، وقد كُتب باللسان العبراني وضاع الأصل، والإنجيل الموجود الآن هو ترجمته باليونانية، ولا يوجد عندهم إسناد لهذه الترجمة، وحتى اسم المترجم غير معلوم، وذلك ما قاله العالم جرجس زوين الفتوحي اللبناني في كتابه المطبوع سنة 1873 في بيروت والمترجم من اللغة الفرنسية إلى العبرية، وعدد إصحاحاته 27 إصحاحاً، وهو يخاطب اليهود ويحاول أن يزيل نفرتهم من الدعوة الجديدة.

يبدأ الإنجيل بما يُسمى بشجرة نسب المسيح Genlogy of Jesus، حيث يجعل المسيح متصل النسب بإبراهيمu وفي النصف داودu، وقيل أن من كتبه هو (متى العشار) لأنه كان واسع الإلمام بنصوص التوراة والتراث اليهودي، ويمتلئ هذا الإنجيل بوجهات نظر وروايات يستحيل التصديق بصحتها، خصوصاً عندما تكلم عن "قيامة المسيح" (27: 51-56) وهذه الثغرة ليست في جميع الأناجيل الأخرى، وهو يحمل اتجاه اليهودية ـ المسيحية حيث تخالف اليهود وتتمسك بنصوص العهد القديم.

2. إنجيل مرقص

هو أكثر الأناجيل الأربعة إيجازاً، ومرقص هذا كان يهودياً لاوياً وهو تلميذ لبطرس، وكان ينكر إلهية المسيح، فهو يخاطب الأمم، ومات مقتولاً في سجن الإسكندرية عام 68 ميلادية على يد الوثنيين، وقد اختلف النصارى في تاريخ تأليف إنجيله، وقالوا إنه كتب بتدبير بطرس عام 60 ميلادية لنفع الأمم الذين كان تنصرهم يخدمه، وذلك ما قاله بطرس قرماج في كتابه (مروج الأخبار في تراجم الأبرار) المطبوع في بيروت عام 1810م، وعدد إصحاحاته 16 إصحاحاً.

ومن عيوبه الرئيسية هي أنه لم يهتم بالتعاقب الزمني للأحداث Chronology، كما كان يفتقر إلى المعقولية، ويتناقض كثيراً مع إنجيل متى ولوقا بشأن بعض الأحداث، وينكر علماء الكنيسة خاتمة هذا الإنجيل ويرون أنها غير صحيحة، وهي إضافة مزورة (16: 9-20) فيما يتعلق بصعود المسيح إلى السماء أمام أنظار حوارييه، وهو رديء الأسلوب.

3. إنجيل لوقا

لوقا كاتب قصص وروائي حقيقي True novelist، وقد غلبت عليه فكرة الفلسفة وبدأه بالكلام عن "الكلمة" Logos، ولهذا فإنجيله عمل أدبي متقن ومكتوب باليونانية، فهو طبيب وأديب يوناني وثني، آمن بالمسيحية من بولس لرفقته في سفره ورحلاته، ولم ير المسيح أصلاً، ولهذا نجح في تشخيص وعلاج روايات الأناجيل السابقة المعتلة عن قصة حياة المسيحu، بل لقد توسع في وصف طفولة السيد المسيحu. كما استعان في تحريره الإنجيل المنسوب إليه بنصوص إنجيل متى وإنجيل مرقص. أما عن بولس فكان يهودياً متعصباً على المسيحية، ولم ير المسيحu في حياته، بل كان يسيء إلى النصارى إساءات متصلة. ولما رأى أن اضطهاده للنصرانية لا يجدي، عمد عن طريق الحيلة إلى الدخول فيها، وأظهر الاعتقاد بالمسيحu، وادعى أنه صرع وفي حالة صرعه لمسه المسيحu  وزجره عن الإساءة إلى متبعيه، ومن ذلك الوقت آمن وأرسله المسيحu ليبشر بإنجيله، وانطلت حيلته على الكنيسة، وبإنجيله هذا جعل النصارى يمرقون من واجبات الناس التي ما جاء المسيحu لإبطال أحكامه، ولكن جاء لتأييدها، فأباح لهم الميتة وشرب الخمر، وعلم بأن الإيمان وحده كافٍ في النجاة بدون عمل، وعدد إصحاحاته 24 إصحاحاً.

كان لوقا معاصراً لحصار القدس وتدميرها بواسطة جيوش طيطس Titus عام 70 ميلادية، وقد حرر إنجيله فيما بين عامي 80 و90 ميلادية. وتوجد روايات ووقائع في إنجيله غير موجودة في الأناجيل الأخرى مثل طفولة المسيحu، كما يختلف في شجرة النسب عن إنجيل متى، بل إن تفاصيل رسالة المسيحu ذاتها تختلف لدى كل من لوقا ومتى ومرقص، ويقول لوقا نفسه عن صعود المسيحu قولاً يناقض ما يقوله في "أعمال الرسل" التي يجمع علماء الكتاب المقدس على أنه هو كاتبها، وهي جزء متمم للعهد الجديد، حيث يجعله مرة يوم عيد الفصح، ومرة بعد ذلك بأربعين يوماً!!

بل ويختلف كثيراً عن غيره من أصحاب الأناجيل في مسألة مهمة لدى المسيحيين ترقى إلى أهمية سر تناول القربان المقدس أو الأفخار ستياً The Eucharist.[3]

4. إنجيل يوحنا

يختلف إنجيل يوحنا اختلافاً جذرياً عن الأناجيل الثلاثة الأخرى في أسلوبه وجغرافيته وأزمنة أحداثه، وفي الأمور اللاهوتية، ويشكك كل المفسرين بشأن الكاتب الحقيقي للإنجيل، فهو ليس يوحنا بن زبدي صياد السمك الأمي الذي لا يعرف الكتابة بأي لغة، في الوقت الذي يجمع فيه النقاد على التزام الكاتب ببلاغته وبجمعه لكل قواعد اللغة اليونانية الخالية من الأخطاء، وذات الطابع الفلسفي، وقد ذكر استادلن ونقله صاحب كاتلك هرالد في صفحة 205 من المجلد السابع المطبوع عام 1844 ونصه: (أن كافة إنجيل يوحنا تصنيف طالب من المدرسة الإسكندرية)، وبالتالي فهو ليس يوحنا الحواري أحد تلاميذ المسيحu الإثنا عشرة.

هذا الإنجيل كُتب لغرض خاص هو إثبات ألوهية المسيحu والقضاء على التعاليم التي كانت تؤكد أنه إنسان، فليوحنا أهداف لاهوتية تختلف عن أهداف كُتاب الأناجيل التي سبق ظهورها[4]. وبرغم ذلك لم يتحدث يوحنا عن القربان المقدس أو الأفخاراستيا، وهو موضوع حيوي رئيسي، ويُعَدّ ركناً أساسياً من أركان الطقوس المسيحية في كل قداس مسيحي يتم في كل كنيسة، ثم يدخل في موضوع لم يرد في باقي الأناجيل فيه يصف ظهور المسيح عند بحيرة طبرية، بعد أن قام من بين الأموات ويأمرهم بصيد سمك في مكان معين بالصفحة رقم 283 وما بعدها، بينما بإنجيل لوقا الحكاية نفسها عن صيد السمك في حياة المسيحu قبل محاولة الصلب بالإصحاح الخامس من إنجيل لوقا‍ فمن "نُصدِّق؟ ومن نكذب؟" ثم يضع في كتابه الإصحاح 21 ولم يرد ذكره في إنجيل آخر (21: 1-14) إضافة إلى التناقض المتعلق بالفترة الزمنية لبعثة المسيحu حيث جعلها أكثر من عامين، وكل الأناجيل تجعلها عاماً واحداً فقط.

5. مصادر الأناجيل

كل ما نراه في الأناجيل هو كتابة إنشائية مفككة، مفتقرة إلى الحبكة الدقيقة لتصل إلى الاكتمال، ويبدو عليها سمات التناقضات الواضحة، فهي تبين أن كل واحد من أصحاب الأناجيل المعروفين قد أنشأ رواية على طريقته الخاصة، وحسب وجهة نظره وميوله، مع الاعتماد على المعلومات التي وجدها عند الآخرين.

Each Evangelist had taken material found in the others and compiled his an specific narration guided by his an personal vein.

وقد أشارت الترجمة المسكونية للعهد الجديد بأن متى ولوقا قد اقتبسا في إنجيل كل منهما من نصوص إنجيل مرقص كما تقول أحدث النظريات في مجال نقد النصوص الموجودة بالأناجيل، إذ تطالعنا مقدمة طبعة الأناجيل الأربعة المتوافقة للأب بينوا Benoit والأب بومار Boismard بمعهد الكتاب المقدس بالقدس (1972-1973) أن نصوص الأناجيل تطورت في مراحل متعددة تبعاً لتطور التراث، وهي في تطورها هذا لا تتمتع بصحة الأقوال والروايات التي استمدت منها في التراث الشفهي ولا عفويتها ولا تلقائيتها، هذا الكتاب قامت دار نشر "سيرف" بباريس بنشره وطبعه. وهذا يوضح أن نصوص الأناجيل قبل ظهورها في صيغتها الموجودة بين أيدينا اليوم قد خضعت لتعديلات في مرحلة الوثائق الوسيطة.

6. تاريخ النصوص

قبل عام 140 بعد الميلاد لم يكن ما يدل على وجود الكتابات الإنجيلية المعروفة، فقد كان من الضروري أن ينتظر المسيحيون حتى عام 170 بعد الميلاد حتى تكتسب الأناجيل صفة النصوص المقدسة المعترف بها لدى الكنائس، وقد زاد عدد الأناجيل عن المائة، ولكن الكنيسة أوصت بإخفاء كثير من هذه الكتابات، ومنها إنجيل برنابا Barnabas، ورغم ذلك ظلت بعض الأناجيل تحظى بقسط كبير من الانتشار والذيوع بين المسيحيين الأوائل، مثل إنجيل الناصرة، وإنجيل العبرانيين، وإنجيل المصريين، وإنجيل برنابا، وإنجيل توما.

وفي منتصف القرن الثاني بعد الميلاد دفع مارسيون Marcion  السلطات الكنسية بحزم وطرحه نحو رفض نصوص التوراة وعدم التقيد بها فيما يتعلق بعقائد الإيمان المسيحي، وعندئذ اعترفت الكنيسة بكل كتابات بولس، وبعدها اعترفت أيضاً بالأناجيل الأربعة، وألحقت بالعهد الجديد بعض الكتابات الأخرى مثل "أعمال الرسل"، وقد استمر التذبذب بين اعتماد الأناجيل واستبعادها، حتى انعقد مجمع هيبون المسكوني في عام 393 بعد الميلاد، ثم مجمع قرطاجنة المسكوني في عام 397 بعد الميلاد.

كما شهد القرن الرابع الميلادي شيئاً من التنظيم الجاد فيما يتعلق بنصوص الأناجيل.

7. الأناجيل والعلم الحديث

وهذا ما قاله الدكتور موريس بوكاي في كتابه التوراة والأناجيل والقرآن الكريم بمقياس العلم الحديث. أن الهدف من صياغة الأناجيل كتابة هو أن يعرف الناس من خلال أقوال المسيحu وأفعاله، التعاليم التي كان يرغب المسيحu في أن يتركها للناس لإكمال رسالته، ولسوء الحظ لم يكن مؤلفو الأناجيل شهود عيان للمعلومات التي كتبوها وقاموا بتسجيلها كتابة. فقد كانوا ببساطة ووضوح مجرد متحدثين رسميين يعبرون عن معلومات كانت مودعة في ثنايا وغمار التراث الشفهي للجماعات اليهودية/ المسيحية بشأن حياة المسيحu بوجه عام. ولهذا فمن الضروري أن نتخلى عن محاولات التفسير والتسويغ الكلاسيكية التي تحاول أن ترقى بهذه النصوص إلى مرتبة الوحي الإلهي على أنها كلام الله وحده لم يخالطه كلام بشر.

كما كانت النتيجة الحتمية لتعدد المصادر في أناجيل العهد الجديد هي وجود كثير من التناقض، لأن مؤلفي الأناجيل وكُتابها كانت لديهم ميول إلى تفخيم وتضخيم بعض الصفات والسمات في شخص المسيحu، ولهذا وجدنا الحدث الواحد يحكي عنه ويوصف بشكل خاص مختلف عند كل راوٍ لهذا الحدث أو ذاك. وفي النهاية نجد أنه من الطبيعي أن تُثار الشكوك في صحة هذه الروايات المختلفة عن الحدث الواحد من أحداث حياة المسيحu في الأناجيل المتعددة، كما أن المعلومات التي تتضمنها هذه الأناجيل في بعض الأحيان لم تثبُت للنقد في ضوء المعلومات والحقائق التي توصلت إليها العلوم الحديثة، ما يدعو إلى التحفظ بشأن قبول بعض المعلومات التي تتضمنها الأناجيل.

هكذا أصبحت المعلومات الخاطئة والتناقضات التي تضمنتها الأناجيل، والمخالفة تماماً لوجهة النظر العلمية في العصر الحديث يستحيل الدفاع عنها دفاعاً مجدياً مقبولاً. بل ويصاب المسيحيون الذين يكتشفون ذلك بكثير من الدهشة في العصر الحديث، ومَثل صغير من آلاف الأمثلة التعارض الموجود في سلسلة نسب المسيحu بين رواية إنجيل متى ورواية إنجيل لوقا. ولقد جذب إنجيل يوحنا الانتباه بوجه خاص لوجود كثير من أوجه الاختلاف في الأفكار بينه وبين الأناجيل الثلاثة السابقة له في الظهور، وخصوصاً في مجال تأسيس تناول القربان المقدس، أو تناول الخبز والنبيذ، باعتبار أن الخبز هو جسد المسيحu والنبيذ هو دم المسيحu، وهو ما يعرف بالأفخارستيا.

لأن صياغات التوراة (العهد القديم) تتكون من حشد من الكتابات التي صاغها أفراد من البشر، مثلهم مثل الأفراد الذين يصوغون أي كتابات أدبية وفقاً لقدراتهم على الصياغة والإنشاء اللغوي والكتابة في شتى الموضوعات الأدبية، وذلك على مدار تسعمائة سنة إلى أجزاء وأسفار، كثيراً ما قام البشر على توالي القرون بالتغيير فيها وتبديلها. فقد أُضيفت بعض الأجزاء إلى أجزاء كانت موجودة من قبل، لدرجة أنه أصبح من الصعب في بعض الأحيان أن نعرف من أين جاءت هذه الأجزاء أصلاً وابتداءً، فمثلاُ اليهود المسيحيون يتمسكون بضرورة الختان، بينما القديس بولس وحده هو الذي يجيز عدم الختان، وشرب الخمر، وأكل لحم الخنزير، وتشهد نصوص "أعمال الرسل" بالصراع الحقيقي بينهم وبين القديس بولس، وفي بهذا الصدد كيف حاولوا الفتك به لولا أن دخل تحت حماية الحاكم الروماني لفلسطين.

تاسعاً: قولهم على المسيحu أنه ثالث ثلاثة (الأب والابن والروح القدس):

لقد كان من عظمة الآيات التي أيد الله بها عيسىu، أن افتتن قومه بها من بعده، فجعلوه إلهاً، وأغفلوا حقيقة معجزاته وهدفها، ووضح لنا ذلك رب العزة بقوله: }وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنّاسِ اتّخِذُونِي وَأُمّيَ إِلَـَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِيَ أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنّكَ أَنتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمّا تَوَفّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (118) قَالَ اللّهُ هَـَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (119) للّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنّ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ (سورة المائدة: الآيات 116-120).

حيث بين الله أن قوم عيسىu قد غيروا تعاليمه من بعده، وافتتنوا به، ويريد الله أن يوبخهم على ذلك الفعل، كما يكشف الله لنا في النص القرآني براءة عيسى u مما أحدثه قومه من بعده، ونرى رد عيسىu لربه مبتدئاً بكلمة سبحانه، ثم برد عيسىu العلم إلى الله تعالى، فالله علام الغيوب، وأن ما قاله هو أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، بل الله كان شاهداً على ذلك. فهو يتبرأ منهم، ومن كل ما قالوه، وأن دعوته لم تزد عن التوحيد لله، ولم تخرج على الإسلام الذي اعترف به أتباعه، ويستعطف عيسىu ربه عز وجل على عباده إن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم، مفوضاً الأمر لربه عز وجل، وأعلن تسليمه لله في نهاية حديثه، وأثنى على الله، فالله هو الملك وحده، وهو الخالق وحده، وهو القدير وما سواه عبيد.

قال تعالى: }مّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرّسُلُ وَأُمّهُ صِدّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطّعَامَ{ (سورة المائدة: الآية 75)، لحاجتهما لما يحفظ حياتهما (فكيف يكون إلهاً!!)، ثم كان قوله تعالى:}إِنّ مَثَلَ عِيسَىَ عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ{ (سورة آل عمران: الآية 59). وقال لهم أيضاً: }يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ إِنّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىَ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لّكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لّهُ وما فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَكَفَىَ بِاللّهِ وَكِيلاً(171) لّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ أَن يَكُونَ عَبْداً للّهِ وَلاَ الْمَلائِكَةُ الْمُقَرّبُونَ وَمَن يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيهِ جَمِيعاً{ (سورة النساء: الآيتان 171، 172).

هكذا حسم القرآن قصة الألوهية، وبين أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الشريك والولد والشبيه، وفي النهاية كان قوله تعالى: }لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمّهُ وَمَن فِي الأرْضِ جَمِيعاً وَللّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاَءُ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ (سورة المائدة: الآية 17). فما عيسى وأمه عليهما السلام إلا عبدان ضعيفان كسائر خلق الله، لو شاء أن يهلكه هو وأمه، ومن في الأرض جميعاً لفعل، وبين الله جرمهم وكفرهم بقوله تعالى: }لّقَدْ كَفَرَ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـَهٍ إِلاّ إِلَـَهٌ وَاحِدٌ{ (سورة المائدة: الآية 73).

لقد تعارضت المذاهب بعد رفع المسيحu وضلوا، فما المسيحu إلا عبد ورسول إلى بني إسرائيل، ولكنهم غيروا وبدلوا وقلبوا الحقائق. كيف أن رضيعاً يتكلم في المهد، وتلك معجزة بكل المقاييس، ثم تخلو كل الأناجيل التي بين أيديناً الآن من هذه الواقعة؟! وهو لم يقل كلمات هينة، ولكنها مدروسة بعناية، كلمات ألجمتهم حتى أنهم لم يرجموا مريم عليها السلام، رغم وجود الرجم في كتابهم المقدس للزانية. فحفظها جنود الله منذ أن قالها عيسىu وحتى قيام الساعة. فلم تذكر الأناجيل ذلك، لأنها لو ذكرت ذلك لسألناهم ماذا قال؟ سيكون الرد دون مواربة: لقد قالu }قَالَ إِنّي عَبْدُ اللّهِ ءَاتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصّلاَةِ وَالزّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً(31) وَبَرّاً بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبّاراً شَقِيّاً(32) وَالسّلاَمُ عَلَيّ يَوْمَ وُلِدْتّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّا(33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقّ الّذِي فِيهِ يَمْتُرُونَ(34) مَا كَانَ للّهِ أَن يَتّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَىَ أَمْراً فَإِنّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ(35) وَإِنّ اللّهَ رَبّي وَرَبّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـَذَا صِرَاطٌ مّسْتَقِيمٌ{ (سورة مريم: الآيات 30-36)، وفي هذه نفي أنه إله أو شريك لله سبحانه، وفي الوقت نفسه قد ينفي تهمة الزنا عن والدته. ولهذا لم يُذكر هذا القول في كتبهم لأنه ينقض قضيتهم في ألوهية المسيحu.

ومما يخزي أنهم قالوا تلك الأقاويل بعد رفع المسيحu بثلاثمائة سنة عندما اختلف البطاركة الأربعة وكبار النصارى في أقوال متعددة، لا تنحصر ولا تنضبط، وتحاكموا إلى الملك قسطنطين باني القسطنطينية وهم المجمع الأول، فصار الملك على قول الباطل، واستقروا عليه، وتفردت الفرقة الصادقة التابعة لعبد الله بن أريوس الذي ثبت على أن عيسىu عبد من عباد الله ورسوله، فسكنوا البراري والبوادي وبنوا الصوامع والديارات، وقنعوا بالعيش الزهيد، وفي المقابل بنت الملكية الكنائس الهائلة.

إنهم يقولون إن الله تجسد في عيسىu، رغم أنهم يقرون بأن عيسىu كان طفلاً ثم تدرج حتى صار كبيراً، فأي صورة من صور حياته المرحلية تمثل الله سبحانه وتعالى لتؤنس البشرية؟ وإذا كان الله كل هذه الصور فالله لا يتغير أبداً من طفل إلى كهل، فهو سبحانه منزه عن ذلك، وما هي المدة التي عاشها المسيحu في الدنيا بين البشر؟ ثلاثون سنة، إذن فقد آنس الله الناس بنفسه ثلاثين سنة فقط؟؟ فكم عمر البشر والكون قبل المسيحu؟ إنه آلاف وملايين السنين، هل ترك الله خلقه بلا إيناس في كل هذه الآلاف من السنين؟! ثم ترك خلقه ثانية بعد المسيحu بلا صورة، لا حول ولا قوة إلا بالله، وصدق قوله }الضّآلّينَ{ (سورة الفاتحة: الآية 7)، بل عرف الله عيسى u لبني إسرائيل بقوله تعالى: }إِنْ هُوَ إِلاّ عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلاً لّبَنِيَ إِسْرَائِيلَ{ (سورة الزخرف: الآية 59). هكذا فعل المغضوب عليهم والضالون، حيث اتخذوا من أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، لأنهم كانوا يطيعونهم في التحليل والتحريم وفي المعاصي، فلم يكن يُعبد قبل المسيحu إلا الله، ولا بد أن يفرد بالعبودية في وجود المسيح ومن بعده.

عاشراً: قولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريمu

قال تعالى: }وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـَكِن شُبّهَ لَهُمْ وَإِنّ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّ مّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ إتّبَاعَ الظّنّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل رّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً{ (سورة النساء: الآيتان 157، 158).

هكذا حدثنا القرآن الكريم بأن الله تعالى لم يسمح لبني إسرائيل بقتل عيسىu أو صلبه، وإنما نجاه الله من كفرهم، ورفعه إليه، فما قتلوه وما صلبوه، ولكن شُبه لهم. فعلى الرغم من أن السيد المسيحu اصطبغت رسالته الأولى في الجليل بصبغة الرسالة القومية إلى بني إسرائيل، وحرصه على السلام أشد الحرص، وعلى ألا يثير الناس على السلطان الحاكم، ولا يثير السلطان الحاكم عليه، حيث كان يؤثر المباعدة والتقية، فكان لا يساكنهم في بلد، بل كان يكثر من السياحة هو وأمه عليهما السلام، وبعد دعوته المباشرة ظل في بيت المقدس يرعى للكهان والفقهاء مكانتهم، عرف أن القوم يأتمرون به لإهلاكه، ومحاولة استدراجه إلى كلمة تثبت العصيان والتمرد على الدولة أو الكفر ونقض الشريعة.

هكذا مضى نبي الله عيسىu في دعوته، بينما أدرك الشر زوال عرشه، وتحركت جيوش الخطيئة نحوه لما حسده اليهود على ما آتاه الله تعالى من النبوة والمعجزات المبهرات، وأخذ اليهود يكيدون له، ويدسون عند الرومان بشأنه، واجتمع مجلسهم السهندريم (المجلس التشريعي الأعلى لليهود) للتآمر على عيسىu، وبدأوا يخططون لقتله، بل وشوا به إلى الحاكم الروماني بأنه يدبر مؤامرة لأمن الدولة، وهنا تقرر القبض عليه وصلبه.

ذهب والي بيت المقدس ومعه طائفة من اليهود إلى منزل عيسىu حيث كان معه الحواريون في يوم جمعة، فحصروهم هناك، فلما أحس بهم، وأنهم  ـ لا محالة ـ داخلون عليه، قال لأصحابه: أيُكم يُلقى عليه شبهي، وهو رفيقي في الجنة؟ فقبل ذلك شاب منهم، وكرر الطلب، والشاب نفسه هو الذي يُلبي، فقال له عيسىu أنت هو، وألقى الله عليه شبه عيسى، حتى كأنه هو، وفُتحت رزونة في سقف البيت، وأخذت عيسىu سِنة من النوم فرُفع إلى السماء، وذلك ما قاله الله تعالى في كتابه العزيز: } إِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَىَ إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ وَمُطَهّرُكَ مِنَ الّذِينَ كَفَرُواْ{ (سورة آل عمران: الآية 55)، وبعد رفعه خرج باقي الحواريين، بينما دخل الجند ورأوا ذلك الشاب ظنوا أنه عيسىu فأخذوه في الليل وصلبوه، ووضعوا الشوك على رأسه، بل وتبجحوا بذلك، ووافقهم على ذلك باقي طوائف النصارى لجهلهم بما حدث، ما عدا من كان في البيت مع المسيحu فإنهم شاهدوا رفعه، أما الباقون فإنهم ظنوا كما ظن اليهود أن المصلوب هو المسيح عيسى بن مريمu حتى ذكروا أن مريم عليها السلام جلست تحت ذلك المصلوب وبكت، وهذا كله امتحان من الله لعباده، لما في ذلك من الحكمة البالغة، بينها لنا الله ووضحها بقوله تعالى: }وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـَكِن شُبّهَ لَهُمْ { (سورة النساء: الآية 157)، لأنهم رأوا شبهه فظنوا إياه، ولهذا قال: }وَإِنّ الّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكّ مّنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاّ إتّبَاعَ الظّنّ{ (سورة النساء: الآية 157)، وهو يعني أن من ادعى قتله من اليهود، ومن سلَّم بذلك من جهلة النصارى، كلهم في شك من ذلك وحيرة وضلال وسُعر ولهذا قال تعالى }وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً { (سورة النساء: الآية 157) بل رفعه الله إليه لأنه عزيز حكيم، والغريب والعجيب أنهم يقولون }إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللّهِ{ (سورة النساء: الآية 157)، فأي بشاعة أن يقتلوه، وهم يعلمون أنه رسول الله، بل قالوا بذلك.

هكذا أثار ميلاد المسيحu ضجة شديدة، فهو على غير سنة موجودة، فلما كان الميلاد مخالفاً فلابد لنا أن نتوقع أن تكون النهاية مخالفة أيضاً؟! حتى تتسق معجزة النهاية مع معجزة الميلاد، لأن عيسىu دخل الحياة بأمر عجيب، فلماذا لا يخرج منها بأمر عجيب؟.

قيل إن بعض الذين ذهبوا لقتل عيسىu لما عرفوا أنه رُفع خافوا أن تنتشر حكاية رفعه بين الناس، فيؤمنوا به، وقد ينتقم الناس ممن أرادوا قتله، ولذلك جاءوا بشخص وقتلوه وألقوا عليه شبه عيسىu وأعلن القتلة أنهم قتلوه.

وقيل إن القتيل هو أحد ممن باعوا نبي الله عيسىu لليهود (يهوذا الاسخريوطي) وهو من تلاميذه، ولما رأى المشهد، وتيقظت ملكة التوبة في نفسه بعد أن وشى به، فقاده تأنيب الضمير أن يقول أنا عيسى، ولم يتصور المتربصون أن يجيب إنسان على قولهم (أيكم عيسى) إلا وهو عيسىu بالفعل، فقتلوا الذي اعترف على نفسه (موافق لبرنابا).

كل هذه الروايات لا تهمنا بقدر قولهم إنا قتلنا عيسى وصلبناه، ويكفينا قول الحق سبحانه وتعالى أنه رفع عيسىu إليه، ولكن الغريب هو أن الأناجيل الأربعة المعترف بها من المسيحيين اليوم تحدثنا أن عيسىu قُتل مصلوباً ثم قام من الموت وصعد إلى السماء، بينما يُثبت القرآن الكريم كرامة عيسىu عند ربه بإنقاذه من أيدي اليهود، فلم يسمح لهم بتعذيبه أو قتله، وإنما رفعه إلى السماء. هكذا كانت الأدلة من الكتاب والسنة قد خصته برفعه إلى السماء وإبقائه حياً ثم إنزاله آخر الزمان ليحكم بشريعة القرآن، وهذا إنكار من الله على اليهود أنهم قتلوه أو صلبوه، فعيسىu حي باقٍ، وإذا كانوا أرادوا قتله فالله غالب على أمره، وهو العزيز بحكمه.

أما عن مبدأ وجود بشر في السماء، فنحن نؤمن به ونعتقده، فقد حدثنا رسولنا محمدr أنه عُرج به إلى السماء وقابل الأنبياء الواحد تلو الآخر، ومنهم عيسى u ورأى الكثير من الرؤى، فمبدأ صعود واحد من البشر من الأرض إلى السماء، وهو لا يزال على قيد الحياة البشرية المادية أمر وارد، وبذلك يكون الخلاف في المدة الزمنية، وهذه الأمور بقدرة الله ومشيئته، ولهذا فإن الله رفعه إليه، وسيتنزل طبقاً لقول الله، ليكون علماً للساعة, وليسفه قضية ألوهية المسيحu عندهم، ثم بعد ذلك يجري عليه قدر الله في خلقه وهو الموت، قال تعالى: }وَإِن مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً{ (سورة النساء: الآية 159)، ولهذا فلن يموت المسيحu الموتة الحقيقية إلا بعد أن يؤمن به أهل الكتاب عبداً ورسولاً ومبشراً، فهو سينزل بلحمه وشحمه في آخر الزمان، وسيصلي خلف واحد من أمة محمدr، الذي بشر به عيسىu، ويحكم بين الناس بالعدل متبعاً في ذلك شريعة نبينا محمداًr فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويقتل المسيح الدجال، ولا يقبل إلا الإسلام وسيؤمن به أهل الكتاب من اليهود والنصارى جميعاً قبل موته. حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله r قال: }وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لاَ يَقْبَلَهُ أَحَدٌ{ (البخاري: 2070، مسلم: 220، الترمذي: 2159، أحمد: 10522)، ولهذا ذيل الحق سبحانه الآية بقوله }وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً {(سورة النساء: الآية 159). فعيسىu سيشهد على من عاصر نزوله في الدنيا، وسوف يشهد يوم القيامة على الذين ادعوا فيه الألوهية.

ولله الحكم أولاً وأخيراً يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، لا معقب لحكمه، وهو العزيز الحكيم.

حادي عشر: موقف الإسلام من النصارى

أصول الشرائع التي جاء بها الأنبياء والمرسلون واحدة، أوحى الله بها إليهم، وأنزل عليهم بها كتبه، يوصي فيها سابقيهم بالإيمان باللاحق منهم ونصره وتأييده، ويوصي متأخرهم بتصديق من تقدموا منهم، وكل ما جاءوا به من عند الله يُسمى دين الإسلام، وعلى ذلك فمن آمن بأصول الشرائع، على ما جاء به الأنبياء والمرسلون فقد رضي الله عنهم، وكتب لهم السعادة، والفلاح. وهم الذين امتدحهم الله في كتابه، وأثنى عليهم نبينا محمدr في سنته.

قال تعالى: }وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النّبِيّيْنَ لَمَا ءَاتَيْتُكُم مّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مّصَدّقٌ لّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنّ بِهِ وَلَتَنصُرُنّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىَ ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوَاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مّنَ الشّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلّىَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82) أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ ءَامَنّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىَ وَعِيسَىَ وَالنّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ{ (سورة آل عمران: الآيات 81-85).

وقال تعالى: }ءَامَنَ الرّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِن رّبّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلّ ءَامَنَ بِاللّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رّسُلِهِ{ (سورة البقرة: الآية 285).

وقال تعالى: }وَقَفّيْنَا عَلَىَ ءَاثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَوْرَاةِ وَءَاتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لّلْمُتّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنْجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فِيهِ وَمَن لّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقّ مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقّ لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمّةً وَاحِدَةً وَلَـَكِن لّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا ءَاتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَىَ الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ{ (سورة المائدة: الآيات 46-48)

وقال تعالى: }قَدْ جَاءَكُمْ مّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السّلاَمِ وَيُخْرِجُهُمْ مّنِ الظّلُمَاتِ إِلَى النّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىَ صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ{ (سورة المائدة: الآيتان 15، 16).

وقال تعالى: }يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ عَلَىَ فَتْرَةٍ مّنَ الرّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللّهُ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{ (سورة المائدة: الآية 19).

وقال تعالى: }وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لاَ إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ{ (سورة الأنبياء: الآية 25).

ومن أجل هذا أخبر سبحانه وتعالى أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى ليسوا سواء في حكمه، بل أثنى على طائفة من هؤلاء وذم طائفة أخرى.

أ. الذين أثنى الله عليهم من اليهود والنصارى ووصفهم بصفات جعلتهم أهلاً للثناء عليهم والفوز بالسعادة والنعيم المقيم وهم الذين امتثلوا أمره منهم بقوله تعالى: }قُولُوَاْ ءَامَنّا بِاللّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىَ وَعِيسَىَ وَمَا أُوتِيَ النّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{ (سورة البقرة: الآية 136). وأيضاً الذين قال الله فيهم: }وَإِنّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ للّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَـَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ إِنّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ{ (سورة آل عمران: الآية 199). ومنهم بعض النصارى وصفهم الله بقوله تعالى: }وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُمْ مّوَدّةً لّلّذِينَ ءَامَنُواْ الّذِينَ قَالُوَاْ إِنّا نَصَارَىَ ذَلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ (82) وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَىَ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَا ءَامَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ{ (سورة المائدة: الآيات 82-85). كما أثنى الله على جماعة من أهل الكتاب من اليهود والنصارى بقوله: }لَيْسُواْ سَوَاءً مّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ ءاَيَاتِ اللّهِ ءَانَاءَ اللّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـَئِكَ مِنَ الصّالِحِينَ (114) وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتّقِينَ{ (سورة آل عمران: الآيات 113-115).

2. ومن الذين ذمهم الله من اليهود والنصارى، ووصفهم بصفات استوجبوا بها سخط الله ولعنته وأليم عذابه الذين نافقوا، أو أمنوا ببعض الرسل وكفروا ببعض، وكتموا الحق بعدما تبين، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وافتروا على الله الكذب في أصول الشرائع أو فروعها، ونقضوا ما أُخذ عليهم من العهد والميثاق، حيث قال تعالى: }أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمّ يُحَرّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُواْ الّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُوَاْ ءَامَنّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُوَاْ أَتُحَدّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجّوكُم بِهِ عِنْدَ رَبّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (76) أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ (77) وَمِنْهُمْ أُمّيّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاّ أَمَانِيّ وَإِنْ هُمْ إِلاّ يَظُنّونَ (78) فَوَيْلٌ لّلّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمّ يَقُولُونَ هَـَذَا مِنْ عِنْدِ اللّهِ لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لّهُمْ مّمّا يَكْسِبُونَ{ (سورة البقرة: الآيات 75-79). وذم الله أيضاً الذين قالوا اتخذ الله ولداً واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، ورد على فريتهم بقوله تعالى: }وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنّىَ يُؤْفَكُونَ (30) اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُوَاْ إِلَـَهاً وَاحِداً لاّ إِلَـَهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ{ (سورة التوبة: الآيتان 30، 31). وقوله تعالى: }وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُم مّصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيّ مِنَ التّوْرَاةِ وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمّا جَاءَهُم بِالْبَيّنَاتِ قَالُواْ هَـَذَا سِحْرٌ مّبِينٌ{ (سورة الصف: الآية 6). قد وردت هذه البشارة في الفصلين الثالث والأربعين والرابع والأربعين من إنجيل برنابا المكتوب بالإيطالية، والذي عُثر عليه سنة 1709 ومحفوظ الآن بمكتبة البابوية بروما، حيث يعود وجوده إلى منتصف القرن الخامس عشر، ولذا فهو من الأناجيل التي حرمت الكنيسة قراءتها لتوافقها مع القرآن الكريم في نصها على وحدانية الله، وعدم صلب المسيحu، وأنه نبي وليس إلهاً، وبشر بمحمدr، وأن الذبيح هو إسماعيلu وليس إسحاقu، إضافة إلى اشتماله على أخبار دقيقة عن التوراة.

وهي أربعة مسائل جوهرية في العقيدة، تخالف ما نصت عليه أناجيلهم، ورغم أن هذا الإنجيل مذكور في كتب القرن الثاني والثالث الميلادي، ومن ثَم، فهو مكتوب قبل ظهور نبي الإسلام محمدr بمئات السنين، كما أنه الكتاب القانوني لكنيسة الإسكندرية في عصور المسيحية الأولى، حيث كانت عقيدة التوحيد هي الغالبة، واستمر الحال حتى انعقاد مؤتمر فينيقية المسكوني برعاية الإمبراطور قسطنطين سنة 325م وفُرضت فيه عقيدة الثالوث.

قال تعالى: }وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رّسُولٍ إِلاّ نُوحِيَ إِلَيْهِ أَنّهُ لا إِلَـَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ{ (سورة الأنبياء: الآية 25). إلى غير ما ذُكر من الآيات الدالة بالعموم والخصوص على وحدة أصول التشريع الذي جاءت به الأنبياء من توحيد الله بالعبادة، والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقضاء والقدر وأصل الزكاة والصيام. وفي هذا قال رسول اللهr }الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ مِنْ عَلاتٍ َأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ فَلَيْسَ بَيْنَنَا نَبِيٌّ{ (البخاري: 3187، مسلم 4362).

وعلى هذا فمن آمن بأصول الشرائع على ما جاء به الأنبياء والمرسلون فقد رضي الله عنهم وكتب لهم السعادة والفلاح، وهم الذين امتدحهم الله في كتابه، وأثنى عليهم نبينا محمدr في سنته، ومن آمن ببعض الأصول التي جاءوا بها من عند الله، وكفر ببعض، فأولئك هم الكافرون حقاً بالجميع، لضرورة وحدتها، وتصديق بعضها بعضاً، وأعد الله لهم جهنم وساءت مصيراً، وهؤلاء هم الذين ذمهم الله في كتابه، وذمهم رسول اللهr في سنته، مصداقاً لقول الله تعالى: }إِنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً (150) أُوْلَـَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مّهِيناً (151) وَالّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ أُوْلَـَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رّحِيماً{ (سورة النساء: الآيات 150-152)

وذم الله منهم من زعم مع كفره أن الجنة وقف عليهم، لا يدخلها غيرهم، كذبهم في زعمهم، وبين من هم أهل الجنة حقاً بقوله تعالى: }وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنّةَ إِلاّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىَ تِلْكَ أَمَانِيّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَىَ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{ (سورة البقرة: الآيتان 111، 112).

وذم منهم من قتل الأنبياء والصالحين بغير حق، وذم قولهم قلوبنا غلف، وافترائهم على مريم بهتاناً عظيماً، وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى بن مريم، وأكلهم الربا وأموال الناس بالباطل، ومن قالوا إن الله ثالث ثلاثة، وكفرهم جميعاً ورد عليهم مزاعمهم الباطلة وتوعدهم بالعذاب الأليم.

من كل ما سبق يتبين أن الإسلام وقف من اليهود والنصارى موقف إنصاف وعدل، وإنه لا تناقض بين نصوص الكتاب والسنة في الإخبار عنهم ثناءً وذماً.

وفي النهاية فإن الله أخبرنا بأن أهل الكتاب غيروا وبدلوا في كتبهم، فامتزج فيها الحق بالباطل، ولذلك فالفصل في ذلك هو حديث المصطفىr عن أبي هريرة، قال: كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها لأهل الإسلام، فقال رسول اللهr: }لاَ تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلاَ تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا }ءَامَنّا بِالّذِيَ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـَهُنَا وَإِلَـَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ { (سورة العنكبوت: الآية 46){ (صحيح البخاري: 4125).

}سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزّةِ عَمّا يَصِفُونَ (180) وَسَلاَمٌ عَلَىَ الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ للّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ{ (سورة الصافات: الآيات 180-182).


 



[1] المسيح، لأنه ما مسح على ذي عاهة إلا برئ بإذن الله تعالى، وبعض السلف يقولون سُمي مسيحاً لمسح الأرض وكثرة سياحته للدعوة بالدين.

[2] الحواري: مأخوذة من الحور، وهو البياض، فهم قوم أشرقت في وجوههم سيم الإيمان وذوو قلوب نقية وكان عددهم اثنا عشر حوارياً.

[3] تناول ومضغ وبلع قطعة من الخبز مع الاعتقاد بأنها جسد المسيح، وتناول وابتلاع كمية من الخمر مع الاعتقاد بأنها دم المسيح (لوقا 22: 19-24).

[4] ليس في الأناجيل الثلاثة السابقة في الظهور على إنجيل يوحنا جملة واحدة يقول فيها المسيح u "أنا إله" أو "أنا الله"، أو يقول فيها المسيح للناس "اعبدوني"، وعندما أراد أباطرة الرومان تأليه المسيح فيما يُعرف بالمذهب الملكاني، أفزعهم عدم وجود نص صريح بالأناجيل الثلاثة يفيد أُلوهية المسيح u، فكلفوا شخصاً يونانياً متعلماً بليغاً بكتابة إنجيل رابع يصرح فيه بألوهية المسيح u، مثل النص القائل "أنا والأب واحد".