إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / أنبياء الله: تعريف وتاريخ




منظر علوي وجانبي للسفينة
آثار سد مأرب
أثر سفينة نوح
نحت في الجبل
مجسم لهيكل سليمان
مصحف عثمان
مكة المكرمة
مقام يحيى عليه السلام
المسجد الحرام
الكعبة المشرفة
بحيرة لوط عليه السلام
ختم الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى أمير البحرين
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى هرقل
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى النجاشي
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى المقوقس
رسالة الرسول - صلى الله عليه وسلم ـ إلى كسرى
صناعة الدروع والأسلحة
غار ثور
قبر أيوب عليه السلام

من مولد النبي إلى إرهاصات النبوة
من البعثة إلى الهجرة
من تأسيس الدولة إلى الوفاة
أولو العزم
نسب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ارتفاع الجبال عن سطح البحر
شجرة أبناء آدم
قبة الصخرة والمسجد الأقصى

أهم الأصنام
ممالك اليمن
أوضاع اليهود بعد وفاة سليمان عليه السلام
هجرة إبراهيم عليه السلام
هجرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
مراحل توحيد شبه الجزيرة العربية
أصحاب الرس
أصحاب السبت
أصحاب القرية
مكانا هبوط آدم وحواء
الوضع السياسي قبل البعثة
اتساع مملكة داود عليه السلام
توزيع الجنس البشري
بعثة نوح عليه السلام
بعثة هود عليه السلام
بعثة لوط عليه السلام
بعثة إلياس عليه السلام
بعثة أيوب عليه السلام
بعثة إدريس عليه السلام
بعثة إسماعيل عليه السلام
بعثة إسحاق عليه السلام
بعثة يونس عليه السلام
بعثة يوسف عليه السلام
بعثة داود عليه السلام
بعثة يعقوب عليه السلام
بعثة سليمان عليه السلام
بعثة صالح عليه السلام
بعثة شعيب عليه السلام
بعثة عيسى عليه السلام
بعثة ذي الكفل عليه السلام
بعثتا زكريا ويحيى عليهما السلام
حادث الفيل
خروج موسى من مصر
خروج موسى وهارون
رحلة محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الشام
شبه الجزيرة العربية
طريق حج الأنبياء
عودة موسى إلى مصر
عبور بني إسرائيل
غزوات الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ذرية نوح عليه السلام
قوم تُبع



قصة محمد

المبحث الثامن عشر

أحوال الجزيرة العربية قبل محمدr

أولاً: النظام الاجتماعي في شبه الجزيرة العربية

1.  يقول ابن هشام: إن العرب في الأصل هم أبناء إسماعيلu وقحطان، ويقول بعض أهل اليمن أن أصل العرب من إسماعيلu، وأن قحطان من ولد إسماعيلu، ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره: أن إسماعيلu هو أبو العرب كلها.

2.  وكان النظام الاجتماعي في شبه الجزيرة العربية كان نظاماً بدويا قبلياً، حيث الطبيعة البدوية التي لا تستريح بالبقاء أو الاستقرار في أرض واحدة، فهم لا يعرفون سوى الترحال الدائم، فهذه هي طبيعة البدو، فلا قانون عندهم كالذي نعرفه، ولا نظام حكومي كالنظام الذى نخضع له، فهم ليسوا كأهل الحضر الذين يمكنهم التنازل عن بعض حريتهم تحت قانون النظام والسلطة، والبدوى لا يضحي بحريته على الإطلاق، فالكل سواء في القبيلة الواحدة، بل إنهم لا يرضون إلا بالمساواة الكاملة بينهم وبين من يجاورهم من القبائل الأخرى، ولم يكن في الجزيرة العربية نظام سياسي بالمعنى الذي نعرفه سوى في اليمن، حيث كان النظام السياسي مجهولا في ربوع تهامة والحجاز ونجد، فأرض الجزيرة العربية ذات مساحات شاسعة، لا يستطيع العيش فيها سوى القبائل الرحل، ولا يحكمها نظام سياسي واضح، بل تحكمها الأعراف السائدة في تلك المجتمعات البدوية.

3.  أما اليمن فقد كانت ذات موضع خاص، وكانت ذات حضارة ليس لكونها متاخمة للخليج الفارسي أو المحيط الهندي فحسب، بل لأن طبيعتها ليست كطبيعة شبه الجزيرة العربية الصحراوية الجرداء (اُنظر خريطة الوضع السياسي قبل البعثة)، فاليمن تتمتع بخصوبة أراضيها، لأن المطر ينزل عليها في فصول منتظمة بعكس باقي أجزاء الجزيرة العربية، ما جعلها موطن حضارة عامرة، ومدائن ومعابد رائعة، وبنايات قوية تميزها عن باقي شبه الجزيرة العربية، لقد كان أهلها من بني حِمْير يتمتعون بالفطنة والذكاء، يشهد لهم التاريخ ببنائهم لسد مَأرب (اُنظر خريطة ممالك اليمن) بهدف حجز الأمطار التي كانت تذهب هباء كل عام، حين تنزل من مرتفعات اليمن الجبلية فتنحدر إلى البحار، ما جعلهم يفكرون بذكائهم وفطنتهم وحضارتهم أن يشيدوا هذا السد بالحجارة ليكون سداً قوياً، ثم جعلوا لهذا السد فتحات تخرج المياه من خلالها، وتوزع بانتظام حسب حاجات الناس لري أراضيهم وزراعتها. (اُنظر صورة آثار سد مأرب)

4.  وكانت خصوبة أرض اليمن وحضارتها مطمعاً للغرباء، فقد جلبت هذه الخصوبة وتلك الحضارة على اليمن كثيراً من المشاكل والأذى، ولقد ظل مُلك اليمن يتوارثه الحميريون جيلاً بعد جيل، حتى تولى" ذو نواس الحميري" صاحب قصة أصحاب الأخدود المعروفة التي يذكرها المؤرخون، وأشار إليها القرآن الكريم في سورة البروج، هذه القصة تقول أن "قيميون" كان رجلاً صالحاً من أتباع عيسىu كان في بلاد الروم، ثم هاجر إلى اليمن، واستقر بنجران، فلما لمس أهل نجران تدينه وورعه وصلاحه، أخذوا في إتباعه وصار عددهم يزيد يوماً بعد يوم، حتى وصل إلى عشرين ألفاً، كما تقول كتب السيرة، وهذا ما جعل "ذو نواس" يتوعد أهل نجران بالقتل والحرق إن لم يدخلوا في اليهودية التي يدين بها، هو ويتركوا المسيحية ذلك الدين الجديد، الذي يدعو إليه "قيميون" الغريب على أرضه وفى بلاده التي هو مليكها.

5.  استشاط "ذو نواس" غضباً على أتباع "قيميون" فشق أخدوداً لهم وأوقد فيه النيران، وألقى بكل من أبى أن يتبع دينه في هذا الأخدود المشتعل، واستطاع أحد النصارى، خلال تلك الأحداث، الفرار من "ذي نواس" إلى قيصر الروم الذي يدعى "جوستنيان" فر إليه يستنصره على "ذي نواس"، ولما كانت الروم بعيدة عن اليمن بمسافات كبيرة (اُنظر خريطة الوضع السياسي قبل البعثة)، فقد أرسل قيصر الروم إلى"النجاشي" ملك الحبشة رسالة بوصفه حليفاً للإمبراطورية الرومانية، وكان فحواها أن يغزو "النجاشي" ملك الحبشة اليمن ويأخذ بالثأر من "ذي نواس".

6.  أرسل النجاشي جيشاً على رأسه القائد "أرياط" وفى جنده أبرهة الأشرم(صاحب الفيل)، وغزا "أرياط" اليمن وحكمها باسم عاهل الحبشة، وظل كذلك حتى قتله "أبرهة" واستولى على الحكم من بعده، وظل يتوارث الحكم في اليمن أبناء أبرهة الذين تفشى استبدادهم ومساوؤهم في تلك البلاد، حتى خرج "سيف بن ذي يزن" من اليمن متوجها إلى قيصر الروم ليشكو إليه حال البلاد التي ظهر فيها الفساد، لكن القيصر لم يلق بالا لما يقول "سيف بن ذي يزن".

7.  ذهب" سيف بن ذي يزن" إلى كسري ومعه "النعمان بن المنذر"، عامل كسري على الحيرة في ذلك الوقت، فلما رأى"سيف بن ذي يزن" إيوان كسري أخذته الهيبة، ووقف مشدوها من هذا المكان العظيم، ولما طمأنه "كسري" في مجلسه قص عليه" سيف بن ذي يزن" ما آلت إليه أحوال اليمن تحت حكم الأحباش، ومدى الظلم الذي يعانيه أهل اليمن هناك تحت ظل هذا الحكم، فأرسل كسري جيشاً بقيادة "وَهْرِز" ذلك القائد الفارس الشجاع الذي نجح في هزيمة الأحباش في اليمن، وأجلاهم عنها أخيراً بعد حكم ظل اثنتين وسبعين سنة.

8.  ظل حكم الفرس لليمن حتى دخل الإسلام ربوع البلاد، وانتشر في كل مكان، وبرغم أن حكم فارس قد آل إلى"شيرويه" بعد أن قتل أبيه "كسري أبرويز" ملك الفرس، وبرغم ترف وفساد ولهو"شيرويه" إلا أن الإمبراطورية الفارسية كانت المنافس القوى لسلطان بيزنطية وانتشار المسيحية، وعلى ذلك فإن شبه الجزيرة العربية باستثناء اليمن، قد أثرت الطبائع البدوية في نظامها الاجتماعي هناك، فبلاد مكة والطائف ويثرب وأشباهها من الواحات المتناثرة بين الجبال والصحراء الواسعة الممدودة تأثرت بطبائع البادية، وكانت أقرب للبداوة منها إلى الحضارة فيما يتعلق بنظام الطوائف والقبائل، وأيضاً فيما يتعلق بالأخلاق والعادات والتقاليد، وكل ما يعتاد عليه أهل البادية من سبل العيش والحياة.

9.  هنا نتوقف عند مكة (اُنظر صورة مكة المكرمة) فقد كانت مكة دون سائر بلدان الجزيرة العربية بما فيها اليمن ذات مكانة عظمى، وكانت كعبتها مثابة للحاج، وهى التي يشد لها الرحال، وتشخص لها الأبصار، وكانت مكة تمتاز عن سائر البلدان الأخرى المحيطة بها بمراعاتها حرمة الأشهر الحُرم، فهي عاصمة شبه الجزيرة العربية بلا منازع، على الرغم من أن اليمن كانت أرقى بلاد شبه الجزيرة العربية حضارة في ذلك الوقت (اُنظر خريطة شبه الجزيرة العربية)، ويشاء الله سبحانه أن تكون مكة هي مسقط رأس محمداًe، وتبقى لِقريش المكانة السامية، ولبيتها العتيق كل التقديس والاحترام.

10. اجتمعت لقُصي بن كِلاب في منتصف القرن الخامس الميلادي المناصب الآتية:

أ. الحِجابة: أي (سدانة البيت وهي تولي مفاتيح الكعبة).

ب. السقاية: أي (إسقاء الحجيج الماء العذب الذي كان نادراً في هذا المكان).

ج. الرفادة: (كان أول من فرضها قصي على قريش، حيث يجمعون المال ويسلمونه إليه ليصنع به طعاماً للحجيج).

د. الندوة: أي (رئاسة الاجتماعات طوال العام).

هـ. اللواء: هو(راية يثبتونها على رمح وينصبونها علامة للعسكر إذا توجهوا إلى عدو).

و. القيادة: أي (إمارة الجيش عند الخروج للقتال).

ولقد نشأت تلك المناصب لتدل على مكانة الكعبة والقائمين برعايتها والإشراف عليها، نشأت تلك المناصب الواحدة بعد الأخرى ولم تنشأ دفعة واحدة.

11. منذ بناء الكعبة لم يكن هناك قبائل سوى العماليق وجُرهم، فلما رفع إبراهيم وإسماعيلu قواعد البيت حدث تطور في مكة، وأصبحت شبيهة بالحضر بعد أن كانت أقرب إلى البدو منها إلى الحضر، وبعد أن غلبت جُرهم العماليق صار الأمر لجُرهم، وراجت التجارة في عهد "جُرهم"، وانغمس أهلها في الترف واللهو واللعب، وأهملوا كل شيء حتى نضب ماء زمزم، فلما تولى "مُضاض بن عمرو بن الحارث" بعد جُرهم، حذر قومه من عاقبة ما هم فيه من ترف ولهو، وقام بتعميق زمزم وأتى بغزالتين مصنوعتين من الذهب كانتا بالكعبة، ودفعهما في البئر، كما دفع معهما بعض المال وغوَّر البئر وقرر الخروج من مكة، ومعه بنو إسماعيلu أملا في العودة مرة أخرى إلى مكة، واستخراج تلك الكنوز والأموال.

12. لما خرج "مُضاض بن عمرو بن الحارث" ومن معه من مكة، تولى أمر مكة من بعده "خُزاعة"، التي ظلت تتوارث الولاية حتى تولى "قُصي بن كِلاب" الجد الخامس لرسول اللهe أمر مكة، وقد كان "قصي" موضع تقدير واحترام من أهله وأهل مكة، لما كان يتمتع به من حسن الرأي وحسن الخلق، واستمر"قصي" في السعي والتجارة حتى كثرت أمواله وكثر أولاده، فلما رأت "خزاعة" أن أمر "قصي" قد أصبح قويا، أنكروا ذلك، وأرادوا استعادة مكانتهم مرة أخرى، ومحاولة تولي أمر البيت بدلا منه.

13.  لما شعر "قُصي بن كِلاب" بذلك استنفر قريش، وانضم إليهم بعض القبائل وأجْلوا "خزاعة" عن مكة، وبدأ "قُصي بن كِلاب" في بناء دار الندوة ليجتمع فيها كبراء مكة للتشاور في أمورهم تحت إمرته، فقد كان من عادتهم وتقاليدهم ألا يتم أي أمر إلا باتفاقهم جميعاً، ومن المعروف أنه هو الذي فرض الرفادة على قريش كما تقدم حين قال: (يا معشر قريش! إنكم جيران الله وأهل بيته وأهل حرمه، وإن الحاج ضيف الله وزوار بيته، وهم أحق الأضياف بالكرامة، فاجعلوا لهم طعاماً وشراباً أيام الحج حتى يصدروا عنكم).

14. بعد أن كَبُر "قُصي" وضعف بدنه أعطى أكبر أبنائه وهو "عبد الدار" مناصب الكعبة، ولما كان أبناء "عبد مناف" هم أعظم مكانة في قومهم فقد أجمع كل من "هاشم وعبد شمس والمطلب ونوفل بنو عبد مناف" على تولى هذه الأمر بدلا من "عبد الدار"، وتصالح الفريقان بعد أن أوشكا أن يقتتلا، تصالحا على الآتي: أن تكون السقاية والرفادة لبنى عبد مناف ويتسلمها "هاشم" لكبره في قومه ويسره، وهو أيضاً الذي سن رحلتي الشتاء والصيف إلى اليمن وإلى الشام، على أن يتولى بنو "عبد الدار" الحجابة واللواء والندوة، وظل الفريقان على هذا الأمر حتى جاء الإسلام.

15. كان "هاشم" قد تزوج من "سلمى بنت عمرو الخزرجية" أثناء عودته من رحلة الشام، وأنجب منها ولداً يدعى" شيبة" فلما مات عاش "شيبة" مع أمه في يثرب بعد موت أبيه، ثم خلف "المطلب" أخوه "هاشم" على الرغم من صغره عن أخيه "عبد شمس" وذلك نظراً لمكانته وشرفه في قومه، حتى لقد أطلقت عليه قريش أسم "الفيض" لسماحته وفضله وكرمه، وفكر "المطلب" أن يُحضِر ابن أخيه من يثرب، حيث يعيش مع أمه هناك، ولما جاء به من يثرب، وأقبل به على قريش ظنوه عبداً له أي عبداً "للمطلب"، لذا سمى "شيبة" بعبد المطلب، ونسي الناس "شيبة" ذلك الاسم الذي دعي به منذ ولادته، وأصبحوا يطلقون عليه "عبد المطلب" بعد ذلك.

16. قام "عبد المطلب" بتولي مناصب السقاية والرفادة من بعد عمه "المطلب" وقد وجد مشقة في هذين المنصبين لعدم وجود أبناء له سوى "الحارث"، كما أن السقاية بنوع خاص كانت مجهدة له بسبب نضب زمزم، وجمع المياه من عدة أبار مبعثرة تحتاج إلى مشقة وجهد في جمعها ووضعها في أحواض حول الكعبة، وهذا الأمر جعله يفكر في حفر زمزم مرة أخرى مستعيناً بابنه "الحارث"، فلما حفر البئر وجد غزالتي الذهب وأسياف "مُضاض الجرهمي" الذي ردم البئر عليها من قبل على أمل العودة مرة أخرى واستخراجها منه، فلما أرادت قريش مشاركة "عبد المطلب" فيما استخرجه من بئر زمزم، اقترح عليهم أن يضربوا القداح، جعل للكعبة قدحين، وله قدحين، ولقريش قدحين، ثم جعل لمن خرج قدحاه على شيء أن يكون له، فلما ضربوا القداح عند هُبل في جوف الكعبة، خرجت الأسياف لعبد المطلب، والغزالتان للكعبة، وتخلف قدحا قريش، وبناء على ذلك وضع الأسياف والغزالتين حلية بباب الكعبة .

ثانياً: الفرق المسيحية

كانت المسيحية واليهودية تتجاوران في محيط حوضي البحر الأبيض(بحر الروم) والبحر الأحمر (بحر القُلْزُم) (اُنظر خريطة الوضع السياسي قبل البعثة)، لكن اليهود كانوا يعملون في الخفاء لصد تيار المسيحية المنتشر في هذا الوقت قبل ظهور الإسلام، وكان لليهود جاليات كبيرة في بلاد العرب، يقيم أكثرها في اليمن وفى يثرب، وفى نفس الوقت كان الفرس المجوس يقفون في وجه هذا التيار المسيحي حتى لا يصل إليهم، وكان لسقوط روما، ثم انتقال حضارة العالم إلى بيزنطية، قد أكثر من التشيع وانتشار الفرق المسيحية، تلك الفرق التي أخذت تتناحر وتتقاتل وتتهاوى، ويكثر بينها الجدل والخلاف، فبينما تقدس فئة منهم مريم وتقدمها على المسيح، وترى فرق أخرى تقديم المسيح عليها، ليس هذا فحسب، بل كان جدل النصارى في بلاد الشام يختلف عن الجدل الدائر بين نصارى الحيرة على سبيل المثال.

لم يُفَوِتَ اليهود تلك الفرصة من أيديهم، وأخذوا في إشعال نار الفتنة والتفرقة، والعمل على نشر الجدل واستشرائه بين الفرق المسيحية، وظل العرب المتصلين بنصارى الشام ونصارى اليمن على الحياد، فلا ينتصرون لفريق على آخر معجبين بوثنيتهم التي كانوا عليها، وبعبادتهم لتلك الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، مطمئنين لتلك الوثنية التي ألفوا عليها آباءهم، لهذا السبب ظلت عبادة الأصنام هي عقيدتهم، التي لا غنى لهم عنها في ظل هذا الصراع بين الفرق المسيحية المختلفة، لقد وصل الأمر بجيرانهم من نصارى نجران أن تأثروا بتلك الوثنية، كما تأثر بها بعض يهود يثرب فاعتقدوا في تلك العبادة، أي (عبادة الأصنام) التي جعلوها صلة من صلات التجارة الحسنة بينهم لتقربهم إلى الله زلفى.

ثالثاً: انتشار الوثنية وعبادة الأصنام

1.  لقد كان للعرب أفانين وأساليب في عبادة الأوثان، كان لكل قبيلة صنم تدين له بالعبادة، فقد كان لعبادة الأوثان قبل الإسلام مكانة كبيرة وجليلة عند الناس، وكانت تتفاوت درجات تقديسها عندهم، ونعلم أن المعبودات في الجاهلية كانت مختلفة الأشكال، فما بين عبادة صنم (وهو ما كان على شكل إنسان مصنوع من معدن أو خشب أو مأكولات في بعض الأحيان كالتمر وغيره)، وما بين عبادة وثن (وهو ما كان من حجر لكن له شكلاً مميزاً أو نادراً وجوده) وما بين عبادة نصُب (وهو صخرة ليست لها صورة معينة، غير أنهم كانوا يزعمون أن أصلها سماوي [أي حجرا بركانيا أو نيزكيا] ساقطا من السماء).

2.  كانت كل قبيلة من القبائل تتفاخر بما تعبده، ولعل أدق الأصنام التي صنعت في هذا الوقت هي الأصنام التي كان يصنعها أهل اليمن، نظراً لتقدمهم وحضارتهم، التي تؤهلهم لصنع تلك الأشياء بدقة عمن سواهم من سكان الجزيرة العربية؛ ولقد كان "هُبل" هو أكبر أصنام العرب وكبير ألهتهم، كان من العقيق على صورة إنسان، فلما كسرت زراعة بدلها القرشيون بذراع أخرى من ذهب، وكانوا يحجون إليه، إذ هو أكبر الآلهة عندهم في ذلك الوقت، ولم يكن "هبل" وحده، عند العرب، بل كان للعرب أصناما أخرى صغيرة الحجم سهلة الحمل، كانوا يتخذون منها آلهة في بيوتهم يطوفون بها قبل خروجهم من ديارهم، وعند عودتهم إليها، بل كانوا يأخذونها أحيانا في أسفارهم لتجلب لهم البركة والحظ.

3. قال بن هشام: (أن أصل عبادة الأصنام في الجزيرة العربية يرجع إلى"عمرو بن لُحيّ" الذي خرج من مكة إلى الشام فلما قدم على"مآب" من أرض البلقاء وكان بها العماليق يعبدون الأصنام يومئذ، فلما سألهم عنها قالوا هي أصنام نعبدها نستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا، فقال لهم: هل لي في صنم آخذه إلى أرض العرب، فيعبدونه كما تعبدون، ويستمطرونه كما تستمطرون، فأعطوه صنما يسمى "هُبل" قدم به إلى مكة، ونصبه هناك، وأمر الناس بعبادته فعبدوه).

4. أصنام قوم نوح

كان لقوم نوح أصنام يعكفون عليها، ورد ذكرها في القرآن الكريم في سورة نوح قال تعالى: )وَقَالُوا لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعًا وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا( (نوح: الآية 23)، واتخذت قبائل العرب من ولد إسماعيل هذه الأصنام آلهة لهم يعبدونها من بعد قوم نوح وهى:

أ. وَد: بدومة الجندل، اتخذته قبيلة كلب بنوبرة من قضاعة إلهاً لها.

ب. سُواع: برهاط (وهى منطقة بأرض ينبع) اتخذته قبيلة هذيل بن مُدركة بن الياس بن مًضر إلهاً لها.

ج. يغوث: بجرش اتخذته قبيلة أنعم من (طي) وأهل جرش من (مدحج) إلها لهم من دون الله .

د. يعوق: بأرض همدان باليمن، اتخذته قبيلة خيوان (بطن من همدان) إلهاً لها.

هـ. نسر: بأرض حمير اتخذته ذو الكلاع من (حمير) إلها لها.

5. أصنام أخرى في الجزيرة العربية

أ. عميانيس

كان لقبيلة "الأديم" ببطن من (خولان) كانوا يقسمون له من أنعامهم وحروثهم نصيباً بينه وبين الله، فيما كانوا يزعمون، فما كان لحق "عميانيس" تركوه "لعميانيس" ولا يصل منه إلى الله، وما كان لحق الله حسب اعتقادهم فهو يصل أيضا "لعميانيس"، وقد أنزل الله في كتابه عن هذه الواقعة فقال تعالى: )وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ( (الأنعام: الآية 136).

ب. هُبل

صنم اتخذته قريش على بئر في جوف الكعبة، وهو الذي أتى به "عمرو بن لُحيّ" من الشام ووضعه في هذا المكان، وقد سبق الحديث عنه.

ج. إساف ونائلة

صنمان على موضع من زمزم ينحرون عندهما، وهذان الصنمان في الأصل كانا لرجل وامرأة من "جُرهم"، فوقع "أساف" على "نائلة" في الكعبة فمسخهما الله حجرين، وضِعا في الصفا والمروة ثم نقلهما " عمرو بن لحي" إلى زمزم عند الكعبة، فطاف الناس بالكعبة وبهما أيضاً، ثم عبدوهما مع الوقت من دون الله هذا (والله أعلم).

د. اللات

صنم بالطائف، كانت لثقيف، وكان سدنتها[1] وحجابها بنو معتب من ثقيف.

هـ. العُزى

صنم بنخلة، كانت لقريش وبني كنانة، وكان سدنتها وحجابها بنو شيبان من سليم (حلفاء بني هاشم).

و. مناة

صنم على ساحل البحر من ناحية المُشَلَّل بقُديد، كانت للأوس والخزرج ومن دان بدينهم من أهل يثرب.

ز. قِلس

صنم كانت لطئ ومن يليها بجبلي طيء (سَلٌمى، وأجا)، بعث رسول اللهe علَّى بن أبى طالب t فهدمها، فوجد فيها سيفين (الرسوب، المِخْذَم)، أعطاهما للرسولe فهبهما إياه فهما سيفا علَّىt.

ح. رئام

هو بيت بصنعاء، كان لحمير وأهل اليمن.

ط. رضاء

هو بيت لبني ربيعة بن كعب بن سعد بن زياد بن مناة بن تميم.

ي. ذو الكعبات:

هو بيت لبكر وتغلب ابني وائل وإياد بسنداد.

6. الطواغيت

اتخذ العرب مع الكعبة طواغيت، وهى عبارة عن بيوت كانت تعظمها العرب كتعظيمها الكعبة، وكان لهذه الطواغيت سدنتها وحجابها، يهدى لها كما كان يهدى إلى الكعبة، وينحرون عندها كما كانوا ينحرون عند الكعبة، وأيضاً يطوفون بها، كما كانوا يطوفون بالكعبة، غير أنهم كانوا يعلمون تمام العلم أن الكعبة مفضلة على هذه الطواغيت، فهم يعلمون أن الكعبة هي بيت إبراهيمu ومسجده.

7. البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي:

أ. السائبة: هي الناقة، إذا تابعت بين عشر إناث، ليس بينهن ذكر، سيبت لا يركب ظهرها، ولا يَشرب لبنها إلا الضيف، كما لا يُجزّ وبرها.

ب. البحيرة: هي الأنثى بنت السائبة، التي تأتي بعد عشر إناث، ليس بينهن ذكر، فتسمى (بحيرة)، وتشق أذنها، ويفعل بها كما فعل بأمها.

ج. الوصيلة: هي الشاة التي أتأمت عشر إناث متتابعات في خمسة أبطن، ليس بينهن ذكر، فما يولد بعد ذلك يحل للذكور أكله دون الإناث، فإذا مات منها شيء يشترك الذكور والإناث في أكله.

د. الحامى: هو الفحل الذي ينتج عشر إناث متتابعات، ليس بينهن ذكر، فيحُمى ظهره، فلا يركب، ولا يُجزّ وبره وخُلَّي في إبله، يضرب فيها، ولا ينتفع منه بغير ذلك.

هذا قول ابن إسحاق، عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي.

أما قول ابن هشام فيختلف معه في السائبة حيث يقول: (أن السائبة هي التي ينذر الرجل أن يسيبها إن برئ من مرضه أو نحو ذلك، فإذا برئ أساب ناقة من إبله أو جملاً للآلهة، فيسيبها ترعى، ولا ينتفع بها)، ويختلف أيضا معه في الوصيلة حيث يقول: (الوصيلة: هي التي تلد أمها اثنين في كل بطن، فيجعل صاحبها لآلهته الإناث منها، ولنفسه الذكور: فتلدها أمها أنثى، ومعها ذكر في بطن واحدة فيقولون: وصلت أخاها فيسيب أخوها معها فلا ينتفع به).

8. هكذا كانت الوثنية منتشرة في شبه الجزيرة العربية في الجاهلية (اُنظر خريطة ممالك اليمن)، أصنام وطواغيت، وتحليل وتحريم ما أنزل الله بهما من سلطان، كما فعلوا بالإبل والغنم وغيرها فيما سموه (البحيرة والسائبة والوصيلة والحام) وقد نهى الله عن ذلك في كتابه العزيز في قوله تعالى: )مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلاَ سَائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ( (المائدة: الآية 103).

رابعاً: أبرهة ومحاولة هدم الكعبة

1.  لما أقام "أرياط" بأرض اليمن عدة سنين، نازعه في ملك اليمن "أبرهة"، وكان أبرهة رجلاً قصيراً لحيماً، نصرانياً، وكان أرياط رجلاً جميلاً عظيماً طويلاً، أرسل "أبرهة" إلى "أرياط" بأن يبرز إليه، فإن أصاب أحداً صاحبه انصرف جنده إلى الآخر المنتصر، فوافقه "أرياط" على ذلك، ولما واجه كل منهما الآخر، ضرب "أرياط" "أبرهة" بحربة على جبهته فشرمت حاجبه وأنفه وعينه وشفته، فبذلك سمي بأبرهة "الأشرم"، ثم قتل "عتودة" وهو من جنود أبرهة أرياط، فانضم جنود أرياط لأبرهة، وتحمل "أبرهة" دية "أرياط"، وغضب "النجاشي" ملك الحبشة من "أبرهة" غضباً شديداً، وحلف ألا يدع "أبرهة" حتى يطأ بلاده ويجُز ناصيته، فحلق أبرهة رأسه، وملأ جراباً من تراب اليمن، وبعث به إلى النجاشي مع كتاب قال فيه:(أيها الملك إنما كان أرياط عبدك، وأنا عبدك، فاختلفنا في أمرك، وكلٌ طاعته لك، إلا أنى كنت أقوى على أمر الحبشة، وأضبط لها، وأسوس منه، وقد حلقت شعري كلَّه حين بلغني قسم الملك، وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ليضعه تحت قدميه ، فيبر بقسمه فيَّ).

2.   فلما قرأ "النجاشي" كتاب "أبرهة" قال له:(اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري) فأقام "أبرهة" باليمن، وكان "أبرهة" حاذقاً وخبيراً في اكتساب ثقة ملوكه، فبنى كنيسة سماها " القُليس" بصنعاء لم ير في زمانه مثلها، ثم بعث بكتاب إلى "النجاشي" يقول:(أنى قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك، ولست بمنتهٍ حتى أصرف إليها حج العرب)، فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة هذا، غضبيات العرب، وذهب كناني من العرب إلى كنيسة" القليس" وأحدث فيها، ثم عاد إلى مكة، فلما علم "أبرهة" بذلك غضب غضباً شديداً، وحلف ليهدمن البيت الحرام الذي يحج إليه العرب في مكة، وجهز جيشه وخرج بالفيل، وسمعت العرب بذلك فأعظموه وفظعوا به، وقام أشراف من أهل اليمن بزعامة "ذي نفر" وتعرضوا لجيش أبرهة فهزمهم وأسر "ذا نفر"، واستمر في طريقه إلى الكعبة حتى أتى أرض خثعم (اُنظر خريطة حادث الفيل) فقاتله " نفيل بن حبيب الخثعمي" ومن تبعه من قبائل العرب فهزمهم أبرهة أيضاً وأسر "نفيل" واتخذه دليلاً له بأرض العرب.

3.  ولما بلغ "أبرهة" ثقيف هادنته وقالت له: (أيها الملك إنما نحن عبيدك، سامعون لك مطيعون، ليس عندنا لك خلاف، وليس بيتنا هذا البيت الذي تريده[2]، إنما تريد البيت الذي بمكة، ونحن نبعث معك من يدلك عليه)، وبعثوا معه رجل دليلا له يسمى "أبو رغال" فتجاوز عنهم وتركهم، حتى إذا نزل "المُغَّمس" مات أبو رغال ودفن هناك، وهذا القبر يرجمه العرب كلما مروا به.

4.  لما بلغ أبرهة "المُغَّمس" (اُنظر خريطة حادث الفيل) أرسل " الأسود بن مقصود" وهو حبشي إلى مكة ليهاجمها، فعاد إلى أبرهة، ومعه أموال تهامة وغيرهم، ومائتي بعير "لعبد المطلب بن هشام"، وكان "عبد المطلب" سيد قومه، ثم أرسل أبرهة رسولاً إلى مكة يسأل عن كبيرها وشريفها، فلما قابل رسوله "عبد المطلب" قرأ عليه كتاب أبرهة وفيه يقول:(إني لم آت لحربكم، إنما جئت لهدم هذا البيت، فإن لم تتعرضوا دونه بحرب، فلا حاجة لي بدمائكم، فإن هو لم يرد حربي فأتني به)، فقال "عبد المطلب": (والله ما نريد حربه، وما لنا بذلك من طاقة، هذا بيت الله الحرام، وبيت خليله إبراهيمu، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يُخَلّ بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عنه)، وانطلق "عبد المطلب" معه إلى "أبرهة"، ومعه"يعمر بن نُفاثة بن عَدى" من بني بكر، و" خويلد بن واثلة الهُذلى" سيد هذيل، وعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ليرجع عن هدم البيت فأبى عليهم .

5.  لما دخل "عبد المطلب" على "أبرهة" وكان أجمل الناس وأعظمهم، أجله "أبرهة" وأكرمه وأعظمه، ونزل من على سريره وجلس على بساطه وأجلسه بجانبه، وسأل "عبد المطلب" عن حاجته، فقال "عبد المطلب":(أريد آن يرد علىَّ الملك مائتي بعير أصابها وهي لي)، فتعجب "أبرهة" من ذلك وقال:(قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، ولا تكلمني فيه؟)، فرد "عبد المطلب":(إني أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه)، قال "أبرهة":(ما كان ليمتنع مني)، قال "عبد المطلب":(أنت وذاك)، كلمتان خفيفتان فيها خلاصة القول لو فهمهما "أبرهة" في ذلك الوقت، ما أقدم على هدم البيت بعدها أبداً.

6. أعطى "أبرهة" "عبد المطلب" مائتي الناقة، وأنصرف عبد المطلب إلى قريش، وأمرهم بالخروج من مكة، واللجوء إلى الجبال والشعاب خوفا عليهم من بطش جيش أبرهة، وأخذ هو ونفر من قريش يمسكون بحلقة باب الكعبة يستنصرون الله على أبرهة وجنده، ثم توجه هو ومن معه إلى شعب الجبال ينتظرون ما يفعل أبرهة بمكة، ولما تهيأ أبرهة لدخول الكعبة (اُنظر صورة الكعبة المشرفة) بجيشه وأفياله، أرسل الله طيراً أبابيل (متتابعة)، تحمل حجارة من سجيل صغيرة، في مثل حبة الحمص والعدس، لكنها حجارة مدمرة لا تصيب منهم أحداً إلا هلك، فخرجوا من مكة يتساقطون بكل طريق، ويهلكون بكل مهلك، وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به معهم، وهو يسقط منهم أنملة أنملة يتقيح جسده دماً حتى بلغ صنعاء، فمات هناك، فما مات حتى انصدع صدره عن قلبه، قال تعالى لمحمدe يخبره بأمر أصحاب الفيل:) أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1)أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2)وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ(5)( (الفيل:الآيات 1-5).



[1] هم الذين يقومون بأمر الكعبة.

[2] يقصدون اللات آلهتهم.