إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / القرآن الكريم









الملحق الرقم ( 3 )

ثانياً: الإعجاز العلمي والعددي في القرآن الكريم

1. الإعجاز العلمي

من العلماء من رأى في القرآن الكريم معجزة علمية واضحة، توافقت معها الاكتشافات العلمية، التي تظهر في كل حين. ومع ذلك يخطئ كثير من الناس، حين يحرصون على أن يتضمن القرآن الكريم كل نظرية علمية. فهم كلمّا ظهرت نظرية جديدة التمسوا لها محملاً في آية يتأولونها، بما يوافق هذه النظرية. ومنشأ الخطأ أن العلوم تتجدد نظرياتها مع الزمن تبعاً لسُّنة التقدم، فلا تزال في نقص دائم يكتنفه الغموض أحياناً، والخطأ أحياناً أخرى، وتستمر هكذا حتى تقترب من الصواب، وتصل إلى درجة اليقين. وكثير من القواعد العلمية، التي ظن الناس أنها أصبحت من المسلمات تتزعزع بعد ثبوت، ثم يستأنف الباحثون تجاربهم فيها مرة أخرى.

والقرآن الكريم كتاب عقيدة وهداية، وإعجازه العلمي ليس في اشتماله على النظريات العلمية، التي تتجدد وتتبدل، وإنما في حثه على التفكير والنظر في الكون وتدبره، وحَثّه الإنسان على التفكير في نفسه، وفي الأرض التي يعمرها، وفي المخلوقات من حوله:

]إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآَيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ[ (سورة آل عمران: الآية 190).

و]وَفِي الأَرْضِ ءَايَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ[ (سورة الذاريات: الآيتان 20، 21).

و]أَفَلاَ يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (17) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (18) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (19) وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ[ (سورة الغاشية: الآيات 17 ـ 20). وغير ذلك كثير.

ومع هذا ففي القرآن إشارات إلى حقائق علمية سيقت مساق الهداية، فمن ذلك ما أشار به القرآن إلى حالة الإنسان عند صعوده في طبقات الجو العُليا، إذ يضيق صدره حتى يصبح في مأزق حرج، لقلة الضغط الجوّي، وندرة الأكسجين، وعدم ثبات درجة الحرارة في الطبقات العليا من الجو، وانعدام الوزن إذا انتقل الإنسان إلى أجواء بعيدة المدى. قال تعالى: ]فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ[ (سورة الأنعام: الآية 125). وهو إشارة واضحة لِما وصلت إليه الكشوف العلمية من انعدام الأكسجين، الذي يضمن حياة الكائن الحي في طبقات الجو العليا، ولذا عملوا على تزويد المسافرين إلى طبقات الجو بالأكسجين اللازم.

جاء في كتاب "الإعجاز العلمي في القرآن الكريم" أن السَّنة الشّمسية، التـي يسمونها بالسنة الانقلابية، عبـارة عـن مـدة تنقضي بين مرورين متتاليين للشمس، بنقطة اعتـدال واحـد مقدارهـا (365.2422 يوماً شمسياً)، وبمرورها يحدث الصيف والخريف، والشتاء والربيع.

أمّا السَّنة القمرية فتتكون من (354.36708 يوماً)، وهي المدة بين كسوفين متواليين، مقسومة على عدد الحركات القمرية الدائرية.

والفرق بين السَّنة الشمسية والقمرية (10.875137 أيام)، وبذلك يقع في كل (33 سنة) فرق قدره (358.87917 يوماً)، أو نحو سنة تقريباً، وعلى ذلك فإن كل مائة سنة تزيد ثلاث سنوات، وتكون ثلاثة المائة السنة الشمسية يقابلها (309 سنوات قمرية).

وهذه الحقيقة الكونية الثابتة، التي اطمأن إليها العلم الحديث واستقر عليها، سبق إليها القرآن الكريم في سرده لقصة أهل الكهف، في قوله تعالى: ]وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاَثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا[ (سورة الكهف: الآية 25).

وكثير من الإعجازات القرآنية الغيبية، التي لم يعرفها الأقدمون، الذين سمعوا القرآن وصدقوه وآمنوا به، فوّضوا تأويلها وتفسيرها وفهم معانيها إلى الله سبحانه وتعالى، بيد أنهم أفرغوا مجهودهم، وبذلوا قصارى جهودهم في فهم معانيها، واستطاعوا تأويل بعض منها بظنون مرجوحة لا تقدر على الارتقاء إلى أدنى درجات اليقين، لأن اليقين متطلب جزماً وقطعاً، من غير نكير.

2. عملية تشكيل الكون الأساسية وانتهاؤها إلى تكوين العوالم

يقدّم القرآن في آيتين، خلاصة مركبة ومختصرة للظواهر، التي كوّنت العملية الأساسية لتشكيل الكون. يقول تعالى:  ]أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلاَ يُؤْمِنُونَ[ (سورة الأنبياء: الآية 30).

وفي سورة فصلت آية تدعو إلى التأمل في عملية خلق الأرض، يقول سبحانه: ]ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ[ (سورة فصلت: الآية 11).

ومعنى هذا أن ثمة حقيقة ثابتة، هي: وجود كتلة غازية ذات جزيئات، وهذا تفسير كلمة "دخان". إذ يتكون الدخان عموماً من قوام غازي، حيث تعلق به ـ بشكل أكثر أو أقل ثبوتاً ـ جزئيات دقيقة قد تنتمي إلى حالات المواد الصلبة، أو حتى السائلة، مع درجة في الحرارة قد تقل أو تكثر.

ويُشير القرآن إلى عملية "الفتق" للكتلة الفريدة الأولى، التي كانت عناصرها في البداية ملتحمة. ويدرك أهل اللغة أن: "الفتق" هو فعل القطع أو فك اللحام أو الفصل، بينما "الرتق" فعل اللحام ووصل العناصر بهدف تكوين كل.

هذا المفهوم في تفصيل الكل إلى أجزاء، يتحدد بشكل دقيق في آيات أخرى من القرآن، وذلك بذكر عوالم متعددة، في أول آية من سورة الفاتحة، بعد بسم الله الرحمن الرحيم، وهي ]الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ[ (سورة الفاتحة: الآية 2).

ويتكرر تعبير "العالمين" عشرات المرات في القرآن. وكذلك السماوات فهي تُذكر باعتبارها متعددة. وسبب آخر لإثارة تأمل قارئ القرآن في القرن العشرين، تلك الحقيقة، التي تشير إلى ثلاث مجموعات من المخلوقات، وهي:

أ. المخلوقات التي توجد في السماء.

ب. المخلوقات التي توجد على الأرض.

ج. المخلوقات التي توجد بين السماوات والأرض.

ومثال ذلك قوله تعالى:

]لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى[ (سورة طه: الآية 6).

]الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ[ (سورة الفرقان: الآية 59).

]وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ[ (سورة ق: الآية 38)[1].

وقد يبدو هذا الخلق، "خارج السماوات وخارج الأرض"، الذي أشير إليه مرات عدة، قليل التصور. ولكن لفهم معاني تلك الآيات، لا بدّ من الاستعانة بأحدث المكتشفات العلمية، حول وجود مادة كونية " خارج المجرات "، كما يجب، للسبب نفسه، أن يحدث تناول جديد للمعارف، التي أثبتها العلم المعاصر حول تشكيل الكون، تنتقل من الأبسط إلى الأعقد.

وفي ضوء هذه التأملات العلمية، فيما يتعلق بالخلق يُعَلِّمنا القرآن الآتي:

أ. وجود ست مراحل للخلق عموماً.

ب. تداخل مراحل خلق السماوات مع مراحل خلق الأرض.

ج. خلق الكون ابتداء من كومة أولية فريدة، كانت تشكل كتلة متماسكة انفصلت بعد ذلك.

د. تعدد السماوات وتعدد الكواكب التي تشبه الأرض.

هـ. وجود خلق وسيط " بين السماوات والأرض ".

ومن مثل هذه الغيبيات ما أخبر عنه القرآن الكريم، من وسائل المواصلات الحديثة في قوله تعالى: ]وَءَايَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (41) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ[ (سورة يس: الآيتان 41، 42)، والمقصود من الآية الشريفة هو ما يركبون في البر مما يشابه الفلك المشحون، مثل السيارات الناقلة الكبيرة العملاقة التي تحمل الكثرة الكثيرة من الناس وأمتعتهم، والطائرات والغواصات ومراكب الفضاء.

وفيما يخص النفاذ في الفضاء، وردت آيتان في القرآن، تشير إحداهما إلى ما سيتحقق يوماً بفضل العلوم والمعرفة، التي سيخولها الله للفطنة والعبقرية البشريتين. في حين تشير الآية الثانية إلى أن هذا الحدث، لن يشهده كفار مكة. ومن هنا كانت سمة هذا الفرض، الذي لن يتحقق. ولكن هناك عصراً سوف يشهد هذا الحدث، كما نصت الآية الأولى على ذلك. إنها تصف رد الفعل الإنساني أمام المشهد غير المنتظر، الذي سيراه المسافرون في الفضاء.

ومثل هذه التجربة، عاشها تماماً رواد الفضاء عام 1961، وهو تاريخ أول طيران للإنسان حول الأرض. ومن الثابت علمياً أننا عندما نكون خارج طبقة الجو المحيطة بالأرض، لا تبدو السماء في صورتها اللازوردية التي يراها عليها سكان الأرض، وذلك نتيجة لظاهرات امتصاص طبقات الجو للضوء الشمسي. إن الإنسان في الفضاء يرى أبعد من الطبقة الجوية المحيطة بالأرض، يرى السماء سوداء وتبدو له الأرض محاطة بهالة زرقاء، بسب ظاهرة الامتصاص الضوئي لطبقة الجو الأرضية، على حين يبدو القمر، الذي لا يحيط به جو، في ألوانه الخاصة به على خلفية سوداء من السماء. هو إذن مشهد جديد تماماً ـ ذلك الذي يراه الإنسان في الفضاء.

والشمس أكبر نجم في المجموعة السّيارة، وتتكون من نار ومن نور أيضاً. أمّا الكواكب فإن نورها من الشّمس يرتد عنها انعكاسا، والكواكب السّيارة حول الشمس محكومة بقانوني الجاذبية المركزية من ناحية، وقوة الطرد المركزية من ناحية أخرى. وحتى يستقيم أمر هذه المنظومات السّيارة، فإن القوتين لابد أن تكون كل منهما مساوية للأخرى تماماً، أي قوة جذب الشمس، مساوية لقوة الطرد والإبعاد عنها. ونجم الشمس الضخم هذا، دائم النشاط، دائب الحركة، فالشمس، على كِبَرِ حجمها، تجري لمستقر لها لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، القادر على كل شيء، قال تعالى: ]وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ[ (سورة يس: الآية 38).

تمد الشمس الكائنات بالطاقة الحرارية، التي يختزنها النبات كطاقة كيمائية في صورة تغذية بثاني أوكسيد الكربون، الموجود بوفرة في الهواء. وتتم عملية التغذية به، بواسطة البلاستيدات الخضراء في الأوراق، عندما تتعرض لضوء الشمس المباشر أو غير المباشر.

وعندما تقع الزلازل في مختلف أرجاء العالم، فإن الأشجار تنطمر وتسيخ في الأرض، التي تبتلعها تماماً. وتحت تأثير الضغط والحرارة في باطن الأرض، وبين طبقاتها الكثيفة يحدث التفحم الحجري لتلك الأشجار، ومن ثم يُنتج الفحم الذي نوقده. وإلى هذه الظاهرة الكونية أشار القرآن الكريم، في وضوح وبيان لا مزيد عليه، في قوله تعالى: ]الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ[ (سورة يس: الآية 80).

ويقول العلماء إن القمر قد اقتُطع من الأرض، عندما كانت الأرض مائعة. ولو صح هذا القول لكان عمر القمر، هو عمر القشرة الأرضية نفسها عندما بدأت تبرد وتتجمد. والأرض أثقل من القمر 82 مرة، وقد بلغ بُعْدُ القمر عن الأرض مسافة 240 ألف ميلاً، ولكن قطر الأرض يبلغ نحواً من 8000 ميلاً، وقطر القمر يزيد قليلاً عن ربع قطر الأرض.

ويوجد بالقمر فوهات وبراكين ووهاد وجبال مختلفة الأشكال والهيئات، وعليه قمم مرتفعة شاهقة. لكن العلماء انتهوا إلى أن القمر خلو من الماء، كما لا يوجد عليه هواء، وهو بلقع وخراب يباب.

وتُرى الأرض قمراً عند سطح القمر، ويدور القمر حول الأرض، التي تدور حول نفسها وحول الشمس، وكذلك يدور القمر حول نفسه وحول الأرض في آن واحد. قال تعالى: ]وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (38) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ[ (سورة يس: الآيتان 38 و39).

ومعنى الآية: والقمر جعلناه منازل كالشمس، وهو يزيد وينقص حتى يصبح كالعذق (الغصن) المقوس أو السُبَاطة[2] اليابسة، التي يحول عليها الحول أو العام فأصبحت جافة وصارت مقوسة.

وقد انتهت بحوث الفلكيين إلى أن القمر أول الشهر، يكون (محاقاً) لانمحاق نوره ولاختفائه، ثم بعد سبعة أيام يصير إلى (التربيع الأول)، ثم يُصبح (بدراً) وسط الشّهر، ثم يتحول إلى (التربيع الثاني) بعد الأسبوع الثالث، ثم يكون في (المحاق) آخر الشهر، وهكذا تبدأ دورة الشهر الجديد مرة أخرى.

ولا يمكن للشمس أن تحتل مكان إحدى المنظومات السيارة، وليس في مقدور أي منظومة سيارة أن تحتل محل الأخرى إنما لكل واحدة من هذه المسيّرات فلك خاص بها، ومدار تسير عليه، فلا يخرج على دائرته. قال تعالى: ]لاَ الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ[ (سورة يس: الآية 40).

ويستنبط من الآية الشريفة، أن كُلاً من الشمس والقمر لا يجتمعان معاً بحال، لأن كلاً منهما يجري في مداره، الذي يوازي مدار الآخر. ولا يمكن، بل يستحيل تماماً، أن يلتقي كل منهما بالآخر، ولا يفوت الليل النهار، فيذهب قبل مجيئه.

وتقدير القمر منازل إنما كان تقديراً من الله سبحانه وتعالى، ليعلم الناس عدد السنين والحساب، لأن نفع الشمس بالدفء والنور والضياء، وكذلك نور القمر الذي يهدي السراة بالليل. قال تعالى:  ]هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ[ (سورة يونس: الآية 5). وقوله تعالى: ]وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ[ يقصد جعله ينزل كل ليلة منزلاً من النجوم، وهي ثمانية وعشرون منزلاً كل شهر، وتسمى هذه المنازل البروج.

وفي علوم الذَّرة ساد الاعتقاد، بأن الذَّرة هي الجزء الذي لا يقبل التجزئة، ثم توصل العلم الحديث إلى إمكانية تحطيم الذَّرة. وقد سبقهم القرآن إلى ذلك فقال: ]وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ[ (سورة يونس: الآية 61).

وفي علم الأجنة يقول تعالى: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاَ ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ[ (سورة الحج: الآية 5).

فقد أثبتت العلوم الحديثة، وتصوير مراحل تكوين الجنين بالموجات الصوتية، ما ذكره القرآن.

ومن ذلك ما تحدث عنه القرآن عن أصول مكونات لبن الحيوان، فقد قال تعالى: ]وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ[  (سورة النحل: الآية 66).

ويتفق تعريف القرآن، لأصل مكونات لبن الحيوان مع معطيات العلم الحديث اتفاقاً تاماً.

فإن التفسير الذي يبدو مقبولاً هو: "الحقيقة أنكم تجدون علماً في حيواناتكم الماشية: إننا نعطيكم شراباً مما يوجد في أجسامها. أي ما يأتي من التلاحم بين محتوى الأمعاء والدم، لبناً صافياً يسير الابتلاع على من يشربونه".

ولكي تُفهم هذه الآية من وجهة النظر العلمية، فلابد من الاستعانة بعلم وظائف الأعضاء، الذي يقول إن المواد الأساسية، التي تتكفل بتغذية الجسم عامة، تأتي من تفاعلات كيميائية تحدث في القناة الهضمية. وتأتي هذه المواد من عناصر موجودة في محتوى الأمعاء. وعندما تصل هذه المواد الموجودة بالأمعاء إلى المرحلة المطلوبة في التفاعل الكيميائي، فإنها تمر عبر جدار الأمعاء نحو الدورة العامة. ويتم هذا الانتقال بطريقتين: إمّا مباشرة بواسطة ما يسمى بالأوعية الليمفاوية. وإمّا بشكل غير مباشر بواسطة الدورة البابية، التي تقود هذه الموارد إلى الكبد. حيث تقع عليها بعض التعديلات، ثم تخرج من الكبد لتذهب أخيراً إلى الدورة الدموية. بهذا الشكل إذن يمر كل شئ بالدورة الدموية.

والغدد الثديية هي التي تفرز مكونات اللبن، وتتغذى هذه الغدد، إذا جاز القول، بمنتجات هضم الأغذية، التي تأتي إليها بواسطة الدم الدائر. الدم إذن يلعب دور المحصل والناقل للمواد المستخرجة من الأغذية، ومغذي الغدد الثديية منتجة اللبن، مثلما يغذي أي عضو آخر.

فكل شئ يحدث هنا إذن، ابتداء من مواجهة محتوى الأمعاء مع الدم في الجدار الأمعائي نفسه. هذه المعلومة المحددة تعد اليوم من مكتسبات الكيمياء وفسيولوجيا الهضم. وكانت غير معروفة مطلقاً في عصر النبي r إن معرفتها ترجع إلى العصر الحديث. أمّا اكتشاف الدورة الدموية فهو من عمل هارفي، وقد تم هذا الاكتشاف بعد عشرة قرون تقريباً من تنزيل القرآن.

3. الإعجاز العددي

يقول عبد الرزاق نوفل في مقدمة كتابه " الإعجاز العددي للقرآن ": ما كنت أدري أن التناسق والاتزان يشمل كل ما جاء في القرآن الكريم. فكلما بحثت في موضوع وجدت عجباً، وأي عجب! تماثل عددي، وتكرار رقمي، أو تناسب وتوازن في كل الموضوعات، التي كانت موضع البحث، سواء الموضوعات المتماثلة أو المتشابهة أو المتناقضة أو المترابطة. إنها معجزة وأي معجزة، وإنها لصورة من صور الإعجاز، التي لا يمكن لأي باحث أو دارس أو قارئ أن يستعرضها، إلاّ ويؤمن الإيمان الكامل المطلق، أن هذا القرآن لا يمكن إلا أن يكون وحي الله سبحانه وتعالى، لآخر أنبيائه، وخاتم رسله، لأنه شيء فوق القدرة، وأعلى من الاستطاعة، وأبعد من حدود العقل البشري ". ثم يُعطي أمثلة على هذا الإعجاز العددي من الرقم "19"، في قوله تعالى: ]سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ[ (سورة المدثر: الآيات 26 ـ 30). فالعدد "تسعة عشر" تلقاه المؤمنون بالتسليم اللائق بمن وثق بربه، وأما المشركون فتلقوا هذا العدد بقلوب خاوية من الإيمان، واتخذوه موضعاً للتندر والمزاح، قال قائل منهم: أليس يتكفل كل عشرة منكم بواحد من هؤلاء التسعة عشر؟! وقال قائل: لا بل اكفوني أنتم أمر اثنين منهم، وعليّ الباقي أنا أكفيكموهم. وظل المشركون في سخريتهم وحيرتهم حتى أتاهم الرد الحاسم من الله سبحانه وتعالى: ]وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلاَئِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِيمَانًا ولاَ يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً[ (سورة المدثر: الآية 31).

فالمشركون هم الذين يثير ذكر العدد في قلوبهم رغبة الجدل، والإنسان إنما يجادل فيما لديه عنه علم سابق، يناقض الخبر الجديد أو يغايره. أمّا لِم كان الملائكة تسعة عشر (أياً كان مدلول هذا العدد)، فهو أمر يعلمه الله، الذي ينسق الوجود كله، ويخلق كل شيء بقدر، وهذا العدد كغيره من الأعداد. ولكن من يطلب الجدل، يمكنه أن يجادل وأن يعترض على أي عدد آخر، لِم كانت السموات سبعاً؟ لِم كان حمل الجنين تسعة أشهر؟ ".

فاستخدام القرآن للأعداد إنما كان لحكمة، عرف الإنسان بعضها وجهل العديد منها. فالعدد تسعة عشر، وهو عدد حراس النار، يماثل عدد آيات أول سورة نزلت من القرآن ـ وهي سورة العلق ـ تسع عشرة آية.

فالأعداد في القرآن لها موازناتها، ومقارنتها، وهي تتمثل في القرآن كلّه، ما صُرّح به منها، وما لم يُصرح به، مثال ذلك أنّ لفظ: "الرحمن"، وهو من أسماء الله الحسنى، تكرر في القرآن الكريم (57) مرة، في مثل قوله تعالى: ]الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[ (سورة طه، الآية 5). كما تكرر لفظ الرحيم (95) مرة بلفظ "رحيم"، في مثل قوله تعالى: ]وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ[ (سورة الشعراء، الآية 217).

وورد بلفظ "رحيما"، (20) مرة في مثل: ]إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا[ (سورة النساء: الآية 16). فيكون الرحيم قد تكرر (115) مرة، ولكن منها مرة تخص رسول الله r في الآية الكريمة: ]لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ[ (سورة التوبة: الآية 128).

وبذلك، فإن لفظ "الرحيم"، وهو من أسماء الله الحسنى قد تكرر (114) مرة، بينما تكرر الرحمن (57) مرة، أي أن "الرحيم" تكرر ضعف الرحمن تماماً. ومن عجب أنّ العدد (114) هو عدد سور القرآن الكريم.

ومن ذلك أن الصلاة بكل مشتقاتها، تكرر ذكرها (99) مرة، أي بعدد أسماء الله الحسنى. كما تكرر لفظ الصلاة (67) مرة، ولفظ الزكاة (32) مرة، ويكون مجموعهما أيضاً (99).

ولفظ الصلاة مع المُصلي، ورد (68)، ولفظ الزكاة (32) مرة، ولفظ الصوم ومشتقاته (14) مرة، ومجموع ذلك كله (114) مرة، بعدد سور القرآن الكريم.

ومن ذلك أيضاً، أنّ لفظ: "محمد"، r تكرر في القرآن الكريم (4) مرات، متساوياً بذلك في العدد مع عدد مرات ذكر روح القدس، وأيضاً الملكوت، وكذلك السّراج، ويتساوى كذلك مع الشريعة بكل مشتقاتها، إذ وردت بلفظ "شريعة" مرة واحدة في القرآن الكريم: ]ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ[ (سورة الجاثية: الآية 18). ومرة واحدة بلفظ " شَرَعَ" في مثل: ]شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى[ (سورة الشورى: الآية 13). ومرة بلفظ: "شرعوا"، في قوله تعالى: ]أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ[ (سورة الشورى: الآية 21). ومرة بلفظ: "شرْعة"، في قوله: ]لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا[ (سورة المائدة: الآية 48).

وبذلك يتساوى عدد مرات ذكر "محمد"، مع عدد مرات ذكر "روح القدس"، وعدد مرات ذكر "الملكوت"، وعدد مرات ذكر "السّراج"، وعدد مرات ذكر "الشريعة".

ومنه قوله تعالى: ]إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ[ (سورة التوبة: الآية 36)، حيث أُشير إلى أن عدد الشهور (12)، ونجد أن لفظ الشهر تكرر (12) مرة أيضاً بقدر عدد الشهور، إذ ورد بلفظ "الشهر" (10) مرات، في مثل قوله تعالى: ]لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ[ (سورة القدر: الآية 3)، ومرتين بلفظ " شهراً" في مثل قوله: ]وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا[ (سورة الأحقاف: الآية 15). ووُجِد أنّ لفظ " اليوم " تكرّر (349) مرة في مثل قوله: ]الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ[ (سورة المائدة: الآية 5). وبلفظ "يوماً"  تكرر (16) مرة، في مثل قوله: ]وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 281). وهذه مجموعها (365)، أي أن " اليوم " تكرر (365) مرة، بقدر عدد أيام السنة، أي بعدد (12) شهراً، وهو عدد المرات التي تكرر فيها ذكر الشهر.

وقد تكرر "اليوم" بلفظ الجمع "أيام" (23) مرة، كقوله تعالى: ]وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَات[ (سورة البقرة: الآية 203)، وبلفظ "أياماً" (4) مرات، كقوله: سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ءَامِنِينَ (سورة سبأ، الآية 18). وبلفظ المثنى "يومين" تكرر (3) مرات في مثل قوله تعالى: ]فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاً إِثْمَ عَلَيْهِ[ (سورة البقرة: الآية 203)، وهذه مجموعها (30) يوماً، بقدر عدد أيام الشهر. أي أنّ "اليوم" تكرر (365) مرة، بقدر عدد أيام السنة، وأنّ جمع اليوم وتثنيته تكررا (30) مرة، أي بقدر عدد أيام الشهر، كما تكرر لفظ الشهر (12) مرة بقدر عدد شهور السنة.

وأمّا الرقم (7) فيرد 24 مرة في القرآن الكريم، وكثيراً ما يعني العدد "7" الكثرة أو التعدد، من دون أن نعرف بشكل محدد سبب هذا الاستخدام. ويبدو الرقم (7) عند اليونان والرومان وله التعدد غير المحدد نفسه. وفي القرآن يعود الرقم (7) على السماوات بمعناها الصرف، سبع مرات. كما يشير الرقم مرة واحدة بشكل ضمني إلى السماوات. كما يشير مرة واحدة إلى طرق السماء السبعة.

]هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ (سورة البقرة: الآية 29).

]وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ[ (سورة المؤمنون: الآية 17).

]الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ[ (سورة الملك: الآية 3).

]أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا[ (سورة نوح: الآيتان 15، 16).

]وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (12) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا[[3] (سورة النبأ: الآيتان 12، 13).

ويجمع مفسرو القرآن ـ في هذه الآيات ـ أن الرقم (7) يشير إلى مُطلق التعدد، دون تحديد آخر.

فالسماوات، إذن، متعددة، وكذلك الكواكب المشابهة للأرض. وقد صرّح علماء الفلك في العصر الحديث، بإمكان وجود كواكب أخرى تشبه الأرض في الكون. وهو أمرٌ لم يتحقق منه الناس بعد، في هذا العصر.

فقد قال تعالى: ]اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأََمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا[ (سورة الطلاق: الآية 12).

إن الإعجاز العددي للقرآن الكريم، أمر لابد من الالتفات إليه، وهو لغة العصر، فنحن في جيل الأرقام وعصر العدد والإحصاء.

وخير مقولة عن إعجاز القرآن، بأوجهه المتعدّدة، ما روي عن رسول الله r عن ابن أبي الحارث الأعور عن الحارث قال: ]مَرَرْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَإِذَا النَّاسُ يَخُوضُونَ فِي الأَحَادِيثِ فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ فَقُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلاَ تَرَى أَنَّ النَّاسَ قَدْ خَاضُوا فِي الأَحَادِيثِ؟ قَالَ: وَقَدْ فَعَلُوهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ أَمَا إِنِّي قَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ، اللَّهِ  يَقُولُ أَلاَ إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، فَقُلْتُ مَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ فِيهِ نَبَأُ مَا كَانَ قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَهُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّارٍ قَصَمَهُ اللَّهُ وَمَنْ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ، وَهُوَ حَبْلُ اللَّهِ الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ، هُوَ الَّذِي لاَ تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ وَلاَ تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ وَلاَ يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلاَ يَخْلَقُ عَلَى كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلاَ تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، هُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ حَتَّى قَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هَدَى إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ (رواه الترمذي، الحديث الرقم 2831).



.[1] وردت الإشارة في القرآن الكريم إلى (ما بين السماوات والأرض)، في الآيات التالية: سورة الأنبياء الآية 16، سورة الدخان الآيتان 7 و38، سورة النبأ الآية 37، سورة الحجر الآية 85، سورة الأحقاف الآية 3، سورة الزخرف الآية 85.

[2] السُبَاطة: ما يسقط من الشعر عند تسريحه، أو الكُناسة تطرح في فناء الدار.

.[3] السراج الوهاج هنا هو الشمس.