إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الشياطين









شُبُهات

المبحث الثاني

مجاهدة الشيطان

أولاً: تحذير الله لنا من الشيطان

أطال القرآن في تحذيرنا من الشيطان؛ لعظم فتنته، ومهارته في الإضلال، ودأبه وحرصه على ذلك. قال تعالى: ]يَابَنِي ءاََدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لـِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَـا إِنَّهُ يَرَاكُـمْ هُـوَ وَقَبِيلُـهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ[ (سورة الأعراف: الآية 27).

يذكر الله تعالى، في الآية السابقة، ما فعله إبليس اللعين بآدم وحواء، حيث خدعهما، وأقسم لهما أنه ناصح لهما، وأن الشجرة، التي نهاهما ربهما عنها، هي شجرة الخلد، وأنهما، إذا أكلا منها، صارا ملكين، وكان هدفه الأساسي أن يدفعهما إلى معصية الله، وأن يكشف لهما عوراتهما، فال تعال: ]فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِين[َ (سورة الأعراف: الآيتان 20، 21). قال تعالى: ]فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ[ (سورة الأعراف: الآية 22). وفي هذا تحذير من العُري والتبرج في بني آدم، لأنه من أهداف الشيطان.

وقال: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[ (سورة فاطر: الآية 6). وقال: ]وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا[ (سورة النساء: الآية 119).

وعداوة الشيطان لا تحول ولا تزول؛ لأنه يرى أن طرده ولعنه وإخراجه من الجنة، كان بسبب أبينا آدم، فلا بد أن ينتقم من آدم وذريته من بعده: ]قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً[ (سورة الإسراء: الآية 62).

أظهر إبليس اللعين اعتراضه على تكريم الله لآدم، وقال لأحتنكن ذريته، أي لأستولين على ذريته، إلاّ قليلاً. والمعنى أرأيت هذا، الذي شرفته عليّ، لئن اُنظرتني لأضلن ذريته إلا قليلاً منهم.

ومن ثم يؤخذ على أرباب السلوك وعلماء الأخلاق اعتناءهم بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، مع إهمال التعرف على عدوها اللدود، مع أن الله حذرنا منه كثيرا، وأمرنا بالاستعاذة منه، ولم يأمر بالاستعاذة من النفس في موضع واحد، وإنما جاء في الاستعاذة من شرّها، حديث واحد، هو قوله r: ]وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1023).

ثانياً: أهداف الشيطان

الهدف البعيد: هناك هدف وحيد يسعى الشيطان لتحقيقه، في نهاية الأمر، هو أن يلقي الإنسان في الجحيم، ويحرمه من الجنة، ]إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ[ (سورة فاطر: الآية 6).

أمّا الأهداف القريبة فهي:

1. إيقاع العباد في الشرك والكفر

وذلك بدعوتهم إلى عبادة غير الله، والكفر بالله، وشريعته: ]كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ[ (سورة الحشر: الآية 16).

وعن عياض بن حمار[1] أن النبي  قال، في حديث قدسي، عن الله عز وجل: ]وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ وَأَمَرَتْهُمْ أَنْ يُشْرِكُوا بِي مَا لَمْ أُنْزِلْ بِهِ سُلْطَانًا[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 5109).

2. إيقاع بني آدم في الذنوب

فإذا لم يستطع إيقاعهم، في الشرك والكفر، فإنه لا ييأس، ويرضى بما دون ذلك، من إيقاعهم في الذنوب والمعاصي، وغرس العداوة والبغضاء في صفوفهم، ففي الحديث: ]أَلاَ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يُعْبَدَ فِي بَلَدِكُمْ هَذَا أَبَدًا وَلَكِنْ سَيَكُونُ لَهُ طَاعَةٌ فِي بَعْضِ مَا تَحْتَقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ فَيَرْضَى بِهَا[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 3046). وفي رواية: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ أَيِسَ أَنْ يَعْبُدَهُ الْمُصَلُّونَ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَلَكِنْ فِي التَّحْرِيشِ بَيْنَهُمْ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 5030). أي بإيقاع العداوة والبغضاء بينهم، وإغراء بعضهم ببعض، كما قال تعالى: ]إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ[ (سورة المائدة: الآية 91).

وهو يأمر بكل شر ]إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[ (سورة البقرة: الآية 169).

فهو يقضي عمره كله، في عداوة بني آدم. قال الله تعالى، عنه: ]لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا (120) أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا[ (سورة النساء: الآيات 118 ـ 121).

وقوله لأضلنهم، أي لأبعدنهم عن الحق، ولأمنينهم، أي لأزينن لهم ترك التوبة، وأعدهم الأماني، وآمرهم بالتسويف والتأخير، وأغرهم من أنفسهم، ولآمرنهم بتشقيق آذان الأنعام، وجعلها سمة وعلامة للبحيرة والسائبة والوصيلة، ولآمرنهم فليغيرن خلق الله : من اتخاذ الوشم والنمص والشعر الزائد، وغير ذلك من الأفعال، التي تنتشر، في هذا الزمان. (البحيرة: هي التي يجدعون آذانها، ويمنعون حلبها. والسائبة: هي التي يتركونها ترعى حيث شاءت، لا يمسها أحد بسوء. والوصيلة: هي الشاة أو الناقة، تلد أنثى، ثم أنثى، فيسمونها وصيلة، ويقولون: وصلت أنثيين ليس بينهما ذكر، فيجدعونها لآلهتهم).

والشيطان يستخدم كل وسائله، لدفع عباد الله، إلى المعاصي والذنوب؛ قال تعالى: ]وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولاَدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا[ (سورة الإسراء: الآية 64). أي استخدم الغناء، واللهو، واستخفهم بذلك، وبكل شيء يدعو إلى معصية الله عز وجل، واحمل عليهم، بجنودك بأنواعهم، وبكل راكب وماشٍ، في معصية الله، من الجن والإنس، وتسلط عليهم بكل ما تقدر عليه، وشاركهم في الأموال والأولاد، أي أن تأمرهم بإنفاق الأموال في معاصي الله، وجمعها من الخبيث والحرام، وإنفاقها فيه، وأمّا المشاركة في الأولاد، فمعناها أن يقال: كل مولود تم تسميته بما يكرهه الله، أو إدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله، أو بالزنى بأمه أو بقتله، أو وأده، أو غير ذلك من الأمور التي يُعصى الله بفعلها به، أو فيه، فقد دخل في مشاركة إبليس؛ ومن ثم، قال رسول الله، r: ]يقول رب العزة جلّ وعلاّ: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمْ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَحَرَّمَتْ عَلَيْهِمْ مَا أَحْلَلْتُ لَهُمْ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 5109).

وقال رسول الله r: ]لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ بِاسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبْ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا فَقُضِيَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ لَمْ يَضُرُّهُ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 138).

3. صده العباد عن طاعة الله

الشيطان أحرص ما يكون على صدّ الإنسان عندما يهم بالخير، أو يدخل فيه. فهو يشتد عليه، حينئذ، ليقطعه عنه. فعن النبي r: ]إِنَّ عِفْرِيتًا مِنْ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ الْبَارِحَةَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاَةَ فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْبِطَهُ إِلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ حَتَّى تُصْبِحُوا وَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ كُلُّكُمْ فَذَكَرْتُ قَوْلَ أَخِي سُلَيْمَانَ رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي قَالَ رَوْحٌ فَرَدَّهُ خَاسِئًا[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 4434) وكلما كان الفعل أنفع للعبد، وأحب إلى الله تعالى، كان اعتراض الشيطان له أكثر.

وهو لا يكتفي بدعوة الناس إلى الكفر والذنوب والمعاصي، بل يصدهم عن فعل الخير؛ فلا يترك سبيلا من سبل الخير يسلكه عبد من عباد الله إلاّ قعد فيه، يصده ويميل به.

4. إفساد الطاعات

إذا لم يستطع الشيطان أن يصدهم عن الطاعات، فإنه يجتهد في إفساد العبادة والطاعة، كي يحرمهم الأجر والثواب، فقد جاء أحد الصحابة إلى الرسول r يقول له: ]إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي، يلبسها علي، فقال رسول الله ذَاكَ شَيْطَانٌ يُقَالُ لَهُ خَنْزَبٌ فَإِذَا أَحْسَسْتَهُ فَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْهُ وَاتْفِلْ عَلَى يَسَارِكَ ثَلاَثًا قَالَ فَفَعَلْتُ ذَلِكَ فَأَذْهَبَهُ اللَّهُ عَنِّي[ (رواه مسلم، كتاب السلام، الحديث الرقم 4083).

فإذا دخل العبد في صلاته جاءه الشيطان يوسوس له، ويشغله عن طاعة الله، ويذكره بأمور الدنيا، ففي صحيح مسلم، أن الرسول r قال: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصَّلاَةِ أَحَالَ لَهُ صُرَاطٌ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ فَإِذَا سَمِعَ الإِقَامَةَ ذَهَبَ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ صَوْتَهُ فَإِذَا سَكَتَ رَجَعَ فَوَسْوَسَ[ (رواه مسلم، كتاب الصلاة، الحديث الرقم 583).

وفي رواية: ]إِذَا قَضَى التَّثْوِيبَ أَقْبَلَ حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَنَفْسِهِ يَقُولُ اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لاَ يَدْرِي كَمْ صَلَّى[ (رواه البخاري، كتاب الآذان، الحديث الرقم 573).

5. دعوة العباد إلى طاعته ومخالفة الرحمن

يقول تعالى: ]إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا[ (سورة النساء: الآيتان 117، 118). فكل من عبد غير الله، من صنم أو وثن أو شمس وقمر أو هوى أو إنسان أو مبدأ، فهو عابد للشيطان، رضي أو أبى؛ لأن الشيطان هو الآمر بذلك، والمرغّب فيه. ومن ثم، فإن الذين يزعمون أنهم يعبدون الملائكة، ويدعونها، هم في الحقيقة يعبدون الشيطان. قال تعالى: ]وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلاَئِكَةِ أَهَؤُلاَءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ (40) قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ[ (سورة سبأ: الآيتان 40، 41). وهذا يعني، أن الملائكة لم تأمرهم بذلك، وإنما أمرتهم به الشياطين؛ لأنهم هم الذين زينوا لهم عبادة الأوثان، وأضلوهم.

6. الإيذاء البدني والنفسي

كما يهدف الشيطان إلى إضلال الإنسان بالكفر والذنوب، فإنه يهدف، كذلك، إلى إيذاء المسلم في بدنه ونفسه، وعلى سبيل المثال:

أ. الحُلم من الشيطان

للشيطان القدرة أن يُري الإنسان، في منامه، أحلاماً تزعجه، وتضايقه، بهدف إحزانه وإيلامه. فقد أخبر الرسول r أن الرؤى التي يراها المرء في منامه ثلاثة:

رؤيا من الرحمن، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا حديث نفس؛ وذلك في قوله: "الرؤيا ثلاث: فالرؤيا الحسنة بشرى من الله، والرؤيا تحزين من الشيطان، والرؤيا مما يحدث الإنسان نفسه، فإذا رأى أحدكم ما يكرهه فلا يحدث به وليقم وليصل." فدل هذا الحديث على أن الشيطان يستخدم الأحلام المزعجة، من أجل بث الحزن في قلب المؤمن. ومن ثم، كان عليه أن يتناسى هذه الأحلام المزعجة، ولا يذكرها لأحد، وليرح نفسه وقلبه بالصلاة. وقد بيّن الرسول الكيفية المثلى للتعامل مع الرؤى، بعامة، في قوله: ]إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ رُؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ اللَّهِ فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلاَ يَذْكُرْهَا لأَحَدٍ فَإِنَّهَا لاَ تَضُرُّهُ[ (رواه البخاري، كتاب التعبير، الحديث الرقم 6470).

ب. إشعال الحرائق

يستخدم إبليس بعض الدواب، في إشعال النيران، أو زيادة لهيبها، ليؤذي المؤمنين؛ فإن إبراهيم، عليه السلام، حين أُلقي في النار، "لم يكن في الأرض دابة إلاّ تطفئ النار حوله غير الوزغ، فإنه كان ينفخ على إبراهيم"، ومن ثم أمر الرسول بقتل الوزغ. وكذلك، فإن الفأرة، وقد سمّاها النبي "الفويسقة"، تتسبب في إشعال الحرائق، في الأماكن التي يوجد بها كثير من الحطب، ويستخدم الناس النيران في الإضاءة. لذا، قال الرسول: ]إِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوا سُرُجَكُمْ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدُلُّ مِثْلَ هَذِهِ عَلَى هَذَا فَتُحْرِقَكُمْ[.(رواه أبو داود، الحديث الرقم 4567) كذلك، فإن كثيراً من الحرائق، في كل زمان، يسببها الإهمال، أو الانحراف الخلقي والسعي وراء إخفاء سرقات، أو اختلاسات، وكل ذلك مما يسوله الشيطان للإنسان.

ج. تخبط الشيطان للإنسان عند الموت

قال تعالى: ]الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ[ (سورة البقرة: الآية 275)، وكان رسول الله r يقول: ]اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ التَّرَدِّي، وَالْهَدْمِ، وَالْغَرَقِ، وَالْحَرِيقِ وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ. وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا. وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا[ (سنن النسائي، كتاب الاستعاذة، الحديث الرقم 5436)

د. إيذاؤه للمولود حين يولد

يقول الرسول r: ]مَا مِنْ بَنِي آدَمَ مَوْلُودٌ إِلاَّ يَمَسُّهُ الشَّيْطَانُ حِينَ يُولَدُ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ غَيْرَ مَرْيَمَ وَابْنِهَا[ (رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، الحديث الرقم 3177)، والسبب في حماية مريم وابنها، من الشيطان، استجابة الله دعاء أم مريم، حين ولدتها: ]وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم[ (سوره آل عمران: الآية 36). وفي الحديث كذلك: ]كُلُّ بَنِي آدَمَ يَطْعُنُ الشَّيْطَانُ فِي جَنْبَيْهِ بِإِصْبَعِهِ حِينَ يُولَدُ غَيْرَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَهَبَ يَطْعُنُ فَطَعَنَ فِي الْحِجَابِ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 3044).

فلما كانت صادقة في طلبها، استجاب الله لها؛ فأجار مريم وابنها، من الشيطان الرجيم. وممن أجاره الله، كذلك، عمار بن ياسر t؛ فقد صحّ أن أبا الدرداء t ]قال: أَفِيكُمْ الَّذِي أَجَارَهُ اللهُ مِنْ الشَّيْطَانِ، يَعْنِي عَمَّارًا[ (رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، الحديث الرقم 3045).

هـ. مشاركته لبني آدم في طعامهم وشرابهم ومساكنهم

ومن الأذى، الذي يجلبه الشيطان للإنسان، أنه يعتدي على طعامه وشرابه؛ فيشركه فيهما، ويشركه في المبيت، في منزله، ويكون ذلك إذا خالف العبد هدى الرحمن، أو غفل عن ذكره، أمّا إذا كان ملتزماً بالهدى، الذي هدانا الله إليه، ولا يغفل عن ذكر الله، فإن الشيطان لا يجد سبيلاً إلى ماله أو بيته. فالشيطان لا يستحل الطعام، إلاّ إذا تناول منه أحد من دون أن يسمِّ، فإذا ذكر اسم الله عليه، فإنه يحرم على الشيطان، روى حذيفة، رضي الله عنه، قال: كنّا، إذا حضرنا مع النبي طعاماً، لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله، فيضع يده. وإنّا حضرنا معه، مرة، طعاماً، فجاءت جارية كأنها تدفع، أي تندفع من دون اتزان في حركتها، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله بيدها، ثم جاء أعرابي كأنما يدفع، فأخذ بيده. فقال رسول الله r: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَسْتَحِلُّ الطَّعَامَ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ جَاءَ بِهَذَا الأَعْرَابِيِّ يَسْتَحِلُّ بِهِ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ وَجَاءَ بِهَذِهِ الْجَارِيَةِ يَسْتَحِلُّ بِهَا فَأَخَذْتُ بِيَدِهَا فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ يَدَهُ لَفِي يَدِي مَعَ أَيْدِيهِمَا[ (سنن أبوداود، كتاب الأطعمة، الحديث الرقم 3274).

ويأكل الشيطان ويشرب مع الإنسان، إذا أكل أو شرب بشماله، فعن عائشة، عن رسول الله r أنه قال: ]مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ وَمَنْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ شَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ[. (رواه أحمد، الحديث الرقم 23339).

وإذا أراد المسلم طرد الشياطين، من منزله، عليه ألاّ ينسى أن يذكر اسم الله، عند دخول المنزل، وقد أرشد الرسول إلى ذلك، إذ يقول r: ]إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَإِذَا لَمْ يَذْكُرْ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمْ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 3762).

ثالثاً: أساليب الشيطان في إضلال الإنسان

لا يأتي الشيطان إلى الإنسان ويقول له: اترك هذه الأمور الخيرة، وافعل هذه الأمور السيئة، كي تشقى في دنياك وأخراك!؛ لأنه لو فعل ذلك فلن يطيعه أحد، ولكنه يسلك سبلا كثيرة، يغرر بها، ومن ذلك:

1. تزيين الباطل:

وهو السبيل، الذي كان الشيطان، ولا يزال، يسلكه لإضلال العباد؛ فهو يظهر الباطل في صورة الحق، والحق في صورة الباطل، ولا يزال بالإنسان، يحسّن له الباطل، ويكرّهه في الحق، حتى يندفع إلى فعل المنكرات، ويعرض عن الحق، كما قال الشيطان لرب العزة: ]قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِين[ (سورة الحجر: الآيتان 39، 40).

ويقول ابن قيم الجوزيه، في هذا الصدد: "ومن مكايده، أنه يسحر العقل، دائماً، حتى يكيده، ولا يسلم من سحره، إلاّ من شاء الله؛ فيزين له الفعل، الذي يضره حتى يخيل إليه أنه أنفع الأشياء، وينفره من الفعل، الذي هو أنفع الأشياء له، حتى يخيل إليه أنه يضره، فقد زيَّن لهم عبادة الأصنام، وقطيعة الأرحام، ووأد البنات، ونكاح المحرمات، ووعدهم بالفوز بالجنات مع الكفر والفسوق والعصيان، وأبرز لهم الشرك في أعظم صورة، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في قالب التودد إلى الناس، وحسن الخلق معهم، والعمل بقوله ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[ (سورة المائدة: الآية 105)، والإعراض عمّا جاء به الرسول في قالب التقليد، فهو صاحب الأبوين، حين أخرجهما من الجنة؛ وصاحب قابيل، حين قتل؛ وصاحب قوم صالح، حين أهلكوا بالصيحة، وصاحب الأمة اللوطية، حين خسف بهم، وصاحب كل هالك ومفتون.

2. تسمية الأمور المحرمة بأسماء محببة

ومن تغرير الشيطان بالإنسان، وتزيينه الباطل، أن يسمى الأمور المحرمة، التي هي معصية لله، بأسماء محببة للنفوس، خداعاً لها، وتزويراً للحقيقة، كما سمي الشجرة المحرمة بشجرة الخلد، كي يزين لآدم الأكل منها، قال تعالى: ]فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا ءاَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَ يَبْلَى[ (سورة طه: الآية 120).

يقول ابن قيم الجوزية: "ومنه ورث أتباعه تسمية الأمور المحرمة بالأسماء، التي تحب النفوس مسمياتها؛ فسموا الخمرَ: أمّ الأفراح، وسموا الربا بالمعاملة، وسموا المكوس بالحقوق السلطانية، واليوم يسمون الربا بالفائدة، والرقص فنّاً، والخمر مشروبات روحية، والزنا حرية في العلاقة الشخصية … وهكذا.

3. دعوته إلى الإفراط أو التفريط

يقول ابن قيم الجوزية: ما أمر الله ـ عزّ وجلّ ـ بأمر إلاّ وللشيطان، فيه، نزعتان: إمّا تقصير وتفريط، وإمّا إفراط وغلو؛ فلا يبالي مما ظفر من العبد، من الخطيئتين. فإنه يأتي إلى قلب العبد، فإن وجد فيه فتوراً، وكسلاً، وتوانياً، أخذه من هذه الخطة، فثبطه وأقعده، وضربه بالكسل والتواني والفتور، وفتح له باب التأويلات والرجاء وغير ذلك. حتى ربما ترك العبد المأمور جملة.

وإن وجد الشيطان عند الإنسان حذراً وجداً، وعزماً، وأيس أن يأخذه من هذا الباب، أمره بالاجتهاد الزائد، وسوّل له أن هذا لا يكفيك، وهمّتك فوق هذا، وينبغي لك أن تزيد على العاملين، وأن لا ترقد إذا رقدوا، ولا تفطر إذا أفطروا، وأن لا تفتر إذا فتروا. وإذا غسل أحدهم يديه ووجهه ثلاث مرات، فاغسل أنت سبعاً. وإذا توضأ للصلاة، فاغتسل أنت لها، ونحو ذلك من الإفراط والتعدي، فيحمله على الغلو والمجاوزة، وتعدي الصراط المستقيم، كما يحمل الأول على التقصير. ومقصوده، من الرجلَيْن، إخراجهما عن الصراط المستقيم: هذا بألاّ يقربه ولا يدنو منه، وهذا بأن يجاوزه ويتعداه. وقد فتن بهذا أكثر الخلق، ولا ينجو، من ذلك، إلاّ ذو علم راسخ، وإيمان وقوة على محاربته، ولزوم الوسط والاعتدال.

4. تثبيطه العباد عن العمل ورميهم بالتسويف والكسل

يقول الرسول r: ]إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ، فَتَوَضَّأَ، فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ[ (رواه النسائي، الحديث الرقم 89).

وقال رسول الله r: ]يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 1074).

وسئل الرسول عن رجل نام ليلة حتى أصبح، فقال: ]رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ، حَتَّى أَصْبَحَ، قَالَ: ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ[ (رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، الحديث الرقم 3030).

وهكذا، يحاول الشيطان أن يبعث الكسل في جسد الإنسان، ويثبط همته، لكي لا يقوم الليل، خاصة في الثلث الأخير منه، يصلي ويدعو ويستغفر؛ فيمنعه هذا الشرف العظيم. قال الرسول r: ]يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ[ (رواه البخاري، الحديث الرقم 1077). وقد يمعن الإنسان في الكسل؛ فلا يقوم إلى صلاة الفجر، في وقتها. ومن ثمَّ، شبّه رسول الله r هذا الكسول بأن الشيطان سخر منه، وهزأ به، فكأنه بال في أذنيه. وقد يثبط الإنسان بالوسوسة، وسبيله، في ذلك، أن يحبب للإنسان الكسل، ويسوّف العمل، ويسند الأمر إلى طول الأمل.

5. الوعد والأماني

فالشيطان يعد الناس، بالوعود الكاذبة، ويعللهم بالأماني المعسولة؛ كي يوقعهم في الضلال: ]يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا[ (سورة النساء: الآية 120).

كما أخبر الله عنه، من وعده للكفار، يوم بدر، بالنصر والتمكين والعزة والغلبة، ثم تخلى عنهم: ]وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ[ (سورة الأنفال: الآية 48).

ويعد الأغنياء الكفرة، بالثروة والمال، في الآخرة، بعد الدنيا، فيقول قائلهم: ]وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا[ (سورة الكهف: الآية 36). وقد يدمر الله أملاكه في الدنيا فيعلم أنه كان مغروراً مخدوعاً. مثلما حدث مع صاحب الجنّتَيْن، الذي ذكره الله، في سورة الكهف، وكيف أنه اغتر بذلك، وكفر بالله، على الرغم من تحذير صاحبه له؛ فعاقبه الله، ودمّر جنته، ]فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَالَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا[ (سورة الكهف: الآية 42)

والشيطان، كذلك، يشغل الإنسان بالأماني المعسولة، التي لا وجود لها في واقع الحياة، فيصده عن العمل الجاد المثمر، ويرضى بالتخيل والتمني، وهو لا يفعل شيئا.

6. إظهار النصح للإنسان

يدفع الشيطان المرء إلى المعصية، بزعم أنه ينصح له، ويريد خيره، وقد أقسم لأبوينا، آدم وحواء، على أنه ناصح لهما ]وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ[ (سورة الأعراف: الآية 21).

7. التدرج في الإضلال

من أساليب الشيطان، في الإضلال، أن يسير بالإنسان خطوة خطوة، لا يكل ولا يمل، كلما روَّضه على معصية ما، قاده إلى معصية أكبر منها، حتى يوصله إلى المعصية الكبرى، وهي الشرك بالله، فيوبقه ويهلكه.

ولذا، قال الله عز وجل: ]وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ[ (سورة البقرة: الآية 168). وقال تعالى: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[ (سورة النور: الآية 21).

ومن سنة الله في عباده، أنهم إذا زاغوا، سلّط عليهم الشيطان، وأزاغ قلوبهم قال تعالى: ]فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ[ (سورة الصف: الآية 5).

8. إنساؤه العبد ما فيه خيره وصلاحه

ومن ذلك ما فعله بآدم؛ فما زال يوسوس له حتى أنساه ما أمره به ربه ]وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى ءاَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا[ (سورة طه: الآية 115)، وقال صاحب موسى لموسى: ]فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ[ (سورة الكهف: الآية 63).

ونهى الله رسوله أن يجلس، هو أو واحد من أصحابه، في المجالس، التي يُستهزأ فيها بآيات الله ولكن الشيطان قد ينسي الإنسان مراد ربه منه فيجالس هؤلاء المستهزئين ]وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي ءاَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ[ (سورة الأنعام: الآية 68).

9. دخوله إلى النفس من الباب الذي تحبه

يقول ابن قيم الجوزية في هذا الموضوع "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، حتى يصادف نفسه ويخالطها، ويسألها عمّا تحبه وتؤثره، ويدخل على الإنسان من هذا الباب، يغريه على تحقيق ما يحبه، بشتى الوسائل، وإن ارتكب في سبيلها الجرائم والآثام.

وفي الإنسان نقاط ضعف كثيرة، هي في الحقيقة أمراض، والشيطان يعمق هذه الأمراض في نفس الإنسان، بل تصبح مداخله إلى النفس الإنسانية. ومن هذه الأمراض: الضعف، واليأس، والقنوط، والبطر، والفرح، والعجب، والفخر، والظلم، والبغي، والجحود، والكنود، والعجلة، والطيش، والسفه، والبخل، والشح، والحرص، والجدل، والمراء، والشك، والريبة، والجهل، والغفلة، واللدد في الخصومة، والغرور، والادعاء الكاذب، والهلع، والجزع، والمنع، والتمرد، والطغيان،  وتجاوز الحدود، وحب المال، والافتتان بالدنيا. فالإسلام يدعو إلى إصلاح النفس، والتخلص من أمراضها، وهذا يحتاج إلى جهد يُبذل، وصبر على مشقات الطريق. أمّا إتباع الهوى، وما تمليه النفس الأمّارة بالسوء، فإنه سهل ميسور؛ فالأول، مثله مثل من يصعد بصخرة إلى أعلى الجبل. ومثل الثاني، كمن يدحرج صخرة من أعلى الجبل إلى أسفله، ولذلك كانت الاستجابة للشيطان كثيرة، ووجد دعاة الحق صعوبة، وأي صعوبة، في الدعوة إلى الله تعالى.

10. إلقاء الشبهات

ومن أساليبه في إضلال العباد، زعزعة الإيمان مما يلقيه من شكوك وشبهات. وقد حذّرنا الرسول من بعض هذه الشبهات التي يلقيها الشيطان، ففي الحديث: ]يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ، فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ، فَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ، وَلْيَنْتَهِ[ (رواه البخاري، كتاب بدء الخلق، الحديث الرقم 3034). ولم يسلم الصحابة، أنفسهم، من شبهاته وشكوكه. وجاء بعضهم إلى الرسول، يشكون ما يعانونه من شكوكه ووساوسه، فعن أبي هريرة t قال: ]جَاءَ نَاسٌ مِنْ ‏‏أَصْحَابِ النَّبِيِّ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏فَسَأَلُوهُ إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ ‏وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ قَالُوا نَعَمْ قَالَ ذَاكَ ‏صَرِيحُ ‏ ‏الإِيمَانِ [ (صحيح مسلم، الحديث الرقم 188). ومراد الرسول بقوله هذا، أي جهادهم في دفع وسوسة الشيطان، وكراهيتهم لمرور هذه الوسوسة بأذهانهم.

وعن ابن عباس، أن النبي جاءه رجل، فقال r: ]إِنِّي أُحَدِّثُ نَفْسِي بِالشَّيْءِ لأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ قَالَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ كَيَدَهُ إِلَى الْوَسْوَسَةِ[ (رواه مسلم، الحديث الرقم 1993). ومن جملة ما يلقيه في النفوس مشككا ما حدثنا الله عنه في قوله ]وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ إِلاَّ إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ ءاَيَاتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ[ (سورة الحج: الآيات 52 ـ 54).

ومعنى ]إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ[(سورة الحج: الآية 52)، أي إذا حدَّث ألقى الشيطان في حديثه، أو إذا قرأ أوقع الشيطان في مسامع المشركين أشياءً أخرى، فتوهموا أنها صادرة عن رسول الله r. فقد رُوي أن رسول الله r قرأ على المشركين سورة النجم، وفيها ]أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى[ (سورة النجم: الآيات 19 ـ 21). وعندئذٍ ألقى الشيطان كلمات مسجوعة "تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن ترتجى". فقال الكفار: ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم ، وظلوا يستمعون إلى الرسول r، وهو يتلو بقية السورة، وشعروا بروعة القرآن، فلم يكونوا قد استمعوا له، منتبهين، من قبل، لأن أسلوبهم المتواصل كان الإصرار على عدم الاستماع إلى القرآن، واللغو فيه ]وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْءانِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ[ (سورة فصلت: الآية 26). فلما باغتهم الرسول بتلاوة هذه السورة، وقرع آذانهم كلام إلهي رائع، ظلوا ينصتون، حتى إذا تلا في ختام السورة قوله تعالى: ]فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا[ (سورة النجم: الآية 62)، ثم سجد، لم يتمالك الكفار أنفسهم؛ فخروا ساجدين، توهماً منهم أن آلهتهم "الغرانيق" صارت مقبولة الشفاعة عند الله، ومن ثم لا مانع من السجود مع رسول الله.

11. النساء وحب الدنيا

وقد أخبرنا الرسول، أنه ما ترك بعده فتنة أشد على الرجال من النساء، وهي سلاح الشيطان ضد الرجل؛ ولذلك، أُمرت المرأة بستر جسدها، اتقاءً للفتنة، وأُمر الرجال بغض أبصارهم. ونهى الرسول عن الخلوة بالمرأة، فقال: ]لاَ يَخْلُوَنَّ أَحَدُكُمْ بِامْرَأَةٍ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ ثَالِثُهُمَا[ (رواه أحمد، الحديث الرقم 109).

ويعاني المسلمون في هذا العصر فتنة خروج غالب النساء، كما وصفهن الرسول، كاسيات عاريات. وقامت مؤسسات في الشرق والغرب، تستخدم جيوشاً من النساء والرجال، لترويج الفاحشة بالصورة المرئية، والقصة الخليعة، والأفلام التي تحكي الفاحشة، وتدعو لها.

أمّا حب الدنيا إذا خلا من الأخلاقيات والصدق في المعاملة فيكون رأس كل خطيئة، وما سُفكت الدماء، وهُتكت الأعراض، وغُصبت الأموال، وقُطعت الأرحام، إلاّ لأجل حيازة الدنيا، والصراع على حطامها الفاني، وحرصاً على متعها الزائلة.

12. تبكيته لأوليائه وزيادة حزنهم في الآخرة

لن يترك الشيطان أتباعه وأولياءه، حتى وهم في النار، بعد أن دخلوها، وأصبحوا فيها خالدين، يقوم فيهم خطيباً ليزيدهم حزناً على حزنهم، وغماً وحسرة إلى غمهم وحسرتهم. فيقول لهم: ]وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ[ (سورة إبراهيم: الآية 22). أي لم يكن لي عليكم أي حجة ولا دليل، ولا سلطة، فقط دعوتكم، فاستجبتم لي، فالذنب ذنبكم، واللوم واقع عليكم.

رابعاً: مجاهدة الشيطان

يقول ابن قيم الجوزية: "والمؤمن مأمور بجهاد الكافرين، ولمّا كان جهاد أعداء الله فرعاً، على جهاد العبد نفسه في ذاتِ الله، كما قال النبي  الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ، والمهاجر من هَجَرَ ما نَهَى اللهُ عنه . كان جهادُ النفس مُقدَّماً على جهادِ العدوِّ. فهذان عدوَّانِ قد امْتُحِنَ العبدُ بجهادهما، وبينهما عدوٌ ثالث، لا يمكنه جهادُهما إلا بجهاده، وهو واقف بينهما يُثَبِّطُ العبدَ عن جهادهما، ويُخَذِّلَه، ويُرجِف به، ولا يزال يُخيِّل له ما في جهادهما مِن المشاق، وتركِ الحظوظ، وفوتِ اللذاتِ، والمشتهيات، ولا يمكنه أن يجاهد ذَيْنِكَ العدويْنِ إلاّ بجهاده، فكان جهادُه هو الأصلَ لجهادهما، وهو الشيطان، قال تعالى: ]إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا[ (سورة فاطر: الآية 6). والأمر باتخاذه عدواً، تنبيه على استفراغ الوُسع في محاربته، ومجاهدته، كأنَّه عدو لا يَفْتُر. وجهاد الشيطان مرتبتان:

أحدهما: جهادُه على دفع ما يُلقي إلى العبدِ من الشبهات، والشُّكوكِ القادحة في الإيمان.

والثانية: جهادُه على دفع ما يُلقي إليه، من الإرادات الفاسدة والشهواتِ؛ فالجهاد الأول يكون بعده اليقين، والثاني يكون بعده الصبر. قال تعالى: ]وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ[ (سورة السجدة: الآية 24)، فأخبر أن إمامة الدين، إنما تُنال بالصبر واليقين، فالصبر يدفع الشهواتِ والإرادات الفاسدة، واليقينُ يدفع الشكوكَ والشبهات" .

وسائل المجاهدة

1. دوام الاستعاذة، قال تعالى: ]فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ[ (سورة النحل: الآية 98). وقال: ]وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ[ (سورة المؤمنون: الآيتان 97، 98). وقال: ]وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[ (سورة فصلت: الآية 36).

2. الإخلاص لله وحسن التوكل عليه، قال تعالى: ]إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[ (سورة النحل: الآية 99) وقال: ]إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ[ (سورة الحجر: الآية 40).

3. العلم الشرعي، ومعرفة مكائد الشيطان؛ للحذر منها.

4. الإكثار من تلاوة القرآن وتدبره؛ لأن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب.



[1] عياض بن حمار المجاشعي، صحابي روى أحاديث، سكن البصرة، وتوفي بها عام 50هـ.