إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الظواهر الطبيعية في القرآن والسُّنة، الشمس









4

5. الشمس في المعتقدات القديمة

ما من شعب من شعوب الأرض إلاّ وعبد الشمس، عبر الأزمان المختلفة. فمثلاً كان المصريون والإغريق والسومريون في آسيا، والإغريق في أوروبا، والأزتكيون والمايا في أمريكا الشمالية، وبعض الهنود في أمريكا الجنوبية، وكثيرون غيرهم من القدماء، يعدّون الشمس إلهاً لهم، يعبدونه ويقدمون له القرابين ويشيدون المعابد لتقديسه. بدأت هذه المعتقدات عن الشمس عندما بدأ الإنسان يراقب تحركاتها عبر السماء.

وكثير من المعتقدات القديمة حول الشمس كانت محاولات لتفسير حركة الشمس عبر السماء من الشرق إلى الغرب; فظن الإغريق أن إله الشمس هليوس يقود عربته عبر السماء، وظن المصريون أن إله الشمس (رع) يعبر السماء في قاربه.

وأعتقد شعب الإسكيمو أن الشمس تبحر بقارب أثناء الليل عبر الأفق الشمالي، وتسبب حدوث ظاهرة الأضواء الشمالية. أما الماويون فكانوا يعتقدون أن أحد أبطالهم دخل في معركة مع الشمس، وانتصر عليها، وأصابها، فصارت تعرج في مشيتها عبر السماء.

جدير بالذكر أن عبادة الشمس لا تزال موجودة عند فئات كثيرة من الناس، وهناك نسبة كبيرة من الأمريكيين والكنديين يأتون إلى مصر، للتعبد للشمس عند سفح الأهرامات، ويسمون أنفسهم "الآتونيين"، أي عَبَدة آتون، وآتون هو قرص الشمس عند المصريين القدماء في عهد الفرعون إخناتون.

أمّا المسلمون، فإنهم يؤمنون بأن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، ولذلك فإذا رأوا كسوف الشمس أو خسوف القمر فإنهم يفزعون إلى الصلاة لحديث الرسول r: ]إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْهَا شَيْئًا فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ حَتَّى يَكْشِفَهَا[(صحيح البخاري، الحديث الرقم 5339).

جدير بالذكر أن الهدهد تعجب من كون ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس من دون الله، وذلك في قوله تعالى: ]إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ (23) وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ (24) أَلا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ[ (سورة النمل: الآيات 23 ـ 25).

الشمس مصدر الطاقة والمنفعة للأرض

تعتمد الحياة الموجودة على  الأرض بجميع صورها على ما ترسله الشمس من حرارة وضوء، ولقد كان للتدفق المنتظم للحرارة والضوء من الشمس دور أساسي في تنمية الحياة وتطورها على الأرض، فلو زادت أو نقصت هذه الطاقة فإن ذلك سيؤثر على مقدار سخونتها أو برودتها بما يصحب ذلك من أخطار جسيمة وقد تصبح الأرض غير صالحة للحياة.

ومن ناحية أخرى فإن جو الأرض يعمل على الحفاظ على حرارة الشمس، فيسمح بمرور أشعتها إلى سطح الأرض محدثا الدفء، ولكنه لا يساعد على خروجها مرة أخرى إلى الفضاء الخارجي بسهولة. فواقع الأمر أن ما يفعله جو الأرض هو أشبه بما نسميه تأثير البيت المحمي فالبيت المحمي يستقبل أشعة الشمس لتدفئة النباتات وينتقل هذا الدفء إلى الجدران والأسقف ليخرج ببطء.

وتعتمد الحياة على الأرض كذلك على تأثير الشمس في توفير الغذاء. فجميع الكائنات الحية، من نبات وحيوان، تدخل فيما يسمى بعملية سلسلة الغذاء[1]. تبدأ هذه السلسلة بالنباتات الخضراء التي تحصل على غذائها عن طريق عملية التركيب الضوئي[2]. وفي هذه العملية يقوم النبات بمزج الطاقة الضوئية بثاني أكسيد الكربون من الجو وبالماء المتوفر في التربة، ليحصل على حاجته من الغذاء، ومن خلال هذه التفاعلات يخرج غاز الأكسجين. وقد تتغذى بعض الحيوانات بهذه النباتات، وهذه بدورها تكون غذاء لحيوانات أكبر. وفي النهاية يتغذى الإنسان بالنبات والحيوان، كما يستنشق الإنسان والحيوان غاز الأكسجين، الذي ينتج من عملية التركيب الضوئي في النبات. وفي النهاية تفرز هذه الكائنات غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي يعود بدوره إلى النباتات.

ومن ناحية أخرى فإن ضوء الشمس له مضاره، فإذا زادت جرعته، أحدث احتراقا للجلد، كما قد يحدث ضررا بالغا للعين، إذا حدقت فيه مباشرة.

وقد ظلت الشمس المصدر لاحتياجات الإنسان من الطاقة إلى أن عرف الطاقة النووية.  

ويستخدم الإنسان طاقة الشمس في الوقود الأحفوري، أي الفحم الحجري، والزيوت والغاز التي نشأت نتيجة لتعفن المواد النباتية، والحيوانية، التي ماتت، ودفنت في التربة الأرضية أو الأحراش أو أعماق البحار من ملايين السنين. فإذا ما احرقنا الفحم الحجري الناتج وكررنا الزيوت المستخرجة فإننا نحصل على الطاقة الشمسية التي اختزنت فيها من ملايين السنين.

وإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن الإنسان يستخدم طاقة الإشعاع الشمسي لتوليد الطاقة، من وسائل أخرى. كما هو الحال في طواحين الهواء، التي تحركها الرياح الناتجة عن الطاقة الشمسية، والأمطار الناتجة عن تبخر المياه من حرارة الشمس فتملأ الأنهار التي يمكن استخدامها في توليد الطاقة الكهربائية باستخدام محطات توليد الكهرباء التي تركب عليها. وكذلك الأفران الشمسية التي تسلط عليها أشعة الشمس بعد تجميعها بمرايا خاصة تعمل على تركيز درجة حرارة عالية عند بؤرتها، وغير ذلك من المصالح والمنافع التي يجنيها الإنسان ـ بل الكائنات الحية ـ من الشمس.



[1] عملية سلسلة الغذاء: هي المراحل التي تمر بها الطاقة من إمداد الشمس للكائنات الحية بالطاقة التي تحتاجها لصنع الطعام كالنباتات الخضراء ثم تستهلكها الحيوانات ثم تموت الحيوانات وتعود إلى التربة وتستفيد منها النباتات.

[2] عملية التركيب الضوئي: عملية إنتاج الطعام التي تحدث في النباتات الخضراء وهي الوظيفة الأساسية لأوراق النباتات إذ تستخدم النباتات الخضراء الطاقة من الضوء لتركيب ثاني أكسيد الكربون مع الماء لصنع السكر والمركبات الكيميائية الأخرى.