إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الظواهر الطبيعية في القرآن والسُّنة، الشمس









7

8. دراسة الشمس

بحث علماء الفلك المسلمون والعرب في حساب إهليليجية الشمس، وتوصلوا إلى تقديرات قريبة جدا من تقديرات العلم الحديث فيما يختص ببعد الشمس عن مركز الأرض كما ضبط الفلكيون العرب حركة أوج الشمس وتداخل فلكها في أفلاك أخرى نحو عام 290 هـ، 902 م. وتنسب إلى الزرقالي (ت 493 هـ، 1099 م) أدق درجة عُرفت في زمانه لحركة أوج الشمس بالنسبة إلى النجوم، وقد بلغ مقدارها إذ ذاك 04. 12 دقيقة بينما مقدارها الحالي 12.08 دقيقة. وتوصل ابن رشد (ت 595 هـ، 1198 م) بالحساب الفلكي إلى وقت عبور عطارد على قرص الشمس، ولما رصده وجده بمثابة بقعة سوداء على قرص الشمس في الوقت الذي تكهن به تماما. كما كان ابن رشد أول من كتب عن كُلف الشمس[1].

ولم تتضح معرفة العلاقة بين الأرض والشمس إلا في أوائل القرن السادس عشر الميلادي. ففي عام 1543م، بيَّن الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية. وقال إن الأرض والكواكب تدور حول الشمس[2].

أ. الدراسات الشمسية الحديثة

تستقبل الأرض، من الشمس ضوءا أكثر مما تستقبله من بقية النجوم. ولكي يتمكن الفلكيون من دراسة الضوء باستفاضة كافية، صممت أجهزة التلسكوب الشمسية بحيث تجعل الصورة الضوئية منتشرة إلى أكبر قدر ممكن[3]. ويستخدم الفلكيون مطيافا شمسيا لتحليل طيف الشمس. ويعمل المطياف على تفريق ألوان الطيف، ليتمكن الراصد من دراسة ضوء الشمس.

وهناك جهاز يسمى الكوروناجراف يستخدم خصيصا في الدارسات الشمسية، يمكن بوساطته تصوير الإكليل الشمسي في أي وقت دون انتظار حدوث كسوف كلى للشمس. وهو أنبوبة يتوسطها قرص صُمم خصيصا ليحجب الضوء من الطبقة المرئية والطبقة الملونة من الشمس. وبهذه الطريقة يمكن للفلكيين القيام بدراسات كسوف مصطنع للشمس في أي وقت دون ما انتظار لحدوث كسوف حقيقي.

وليس في الإمكان دراسة ضوء الشمس من الأرض إلا في الموجات المرئية، والراديوية. أما الجزء الأكبر منه في هذه الموجات، فيمكن دراسته من الفضاء[4].

وفي السبعينيات من القرن العشرين، أدرك الفلكيون أن كثيرا من التحركات في جو الشمس تحدث على هيئة موجات. ويعتقدون أن هذه الموجات تنتج في منطقة الحمل بداخل الشمس. فالموجات التي تحدث في جو الشمس ما هي إلا صدى لما يحدث في التكوينات الداخلية للشمس. وأمكن عن طريق دراسة هذه الموجات فيما يعرف بدراسة الزلازل الشمسية معرفة ما يحدث بداخل الشمس من ناحية التغيرات الحرارية، والتغيرات في الكثافة، والتركيب الكيميائي. كما أفادت هذه الدراسات الفلكيين في معرفة كيفية تغير معدل دوران الشمس تبعا لتغير البعد عن سطح الشمس نحو الداخل.

وأطلقت الولايات المتحدة الأمريكية عام 1980 م سفينة فضاء أطلق عليها (قمر برنامج دورة النشاط الشمسي الأعظم)، ثبت من خلال أرصاده أن البقع الشمسية تقلل من كمية الطاقة الشمسية التي تصل إلى جو الأرض.

ب. شمس منتصف الليل

مصطلح يستخدم للشمس حين تظهر طوال 24 ساعة في اليوم في المناطق القطبية، ففي القطب الشمالي تظل الشمس مشرقة طوال ستة أشهر بين 20 مارس و 23 سبتمبر. وفي القطب الجنوبي، تظل الشمس فوق الأفق ما بين 23 سبتمبر و 20 مارس. تتضاءل فترة الإشراق المستمر كلما ابتعدنا عن القطبين. وتظهر شمس منتصف الليل لبضعة أيام فقط في حوالي 21 يونيو عند الخط الوهمي المسمى بالدائرة القطبية في حين يستمر ظهورها لمدة يوم أو يومين في حوالي 21 ديسمبر عند خط وهمي آخر يعرف باسم الدائرة القطبية الجنوبية.

تتولد شمس منتصف الليل عن ميل محور الأرض في أحد الاتجاهات أثناء دوران الأرض حول الشمس، فيميل أحد القطبين نحو الشمس لمدة ستة أشهر، في حين يميل الآخر عن الشمس التي تدور كذلك حول محورها. تؤدي هذه الحركة إلى جعل الشمس تشرق وتغرب على فترات منتظمة، مسببة الليل والنهار في شتى أنحاء الأرض.



[1] كلف الشمس: مساحات داكنة نوعاً ما على سطح الشمس، وتبدو داكنة لأنها أبرد من أجزاء سطح الشمس الأخرى المرئية.

[2] وعلى مر الزمن أيقن الفلكيون أن الشمس ما هي إلا واحدة من النجوم، وبدأوا في دراستها دراسة علمية. ففي عام 1904م، أنشأ الفلكي الأمريكي جورج إليري هيل مرصد ماونت ولسون بأمريكا بالقرب من باسادينا بكاليفورنيا، الذي اشتمل على أجهزة لدراسة الشمس. وكان على يقين بأنه عن طريق دراسة الشمس، يمكن للعلماء معرفة كثير من المعلومات عن النجوم الأخرى. وأصبحت كلمة الفيزياء الفلكية ترمز إلى دراسة الأجرام السماوية استنادا إلى الوسائل الفيزيائية.

[3] ففي مرصد بيك الوطني بالقرب من توسون بأريزونا في الولايات  المتحدة الأمريكية، يمكن الحصول على صورة للشمس. ورغم ذلك فإن الاضطرابات التي تحدث في جو الأرض تضع حدا لرؤية التفاصيل الدقيقة على سطح الشمس. وهناك مراصد شمسية مماثلة أخرى، منها مرصد ساكرمنتو بيك بالقرب من الماجوردو، بولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة الأمريكية، ومرصد بيك دو ميدي في جبال البرانس بفرنسا ومرصد المعهد الفلكي التابع لجامعة هاواي في هاليكالا على جزيرة ماوي.

[4] ففي الستينيات من القرن العشرين بدأ العلماء في إرسال صواريخ، وأقمار صناعية، في برنامج المرصد الشمسي الدوار ، ليتعرفوا على ما تشعه الشمس من الأشعة فوق البنفسجية. وكانت الصور التي أخذت من بالون طائر، على ارتفاع كبير ضمن البرنامج المسمى مشروع الإستراتسكوب، هي أفضل الصور التي أخذت لسطح الشمس. وقد حمل المعمل الفضائي المسمى سكايلاب والذي أطلق في 1973، عددا من التلسكوبات لقياس الإشعاع فوق البنفسجي والأشعة السينية الصادرة عن الشمس. وقد تمكن العلماء لأول مرة من خلال هذه التلسكوبات من رؤية الثقوب الموجودة في الإكليل الشمسي. كما بينت التلسكوبات أن الإكليل الشمسي تتكيف حرارته وتتشكل وفقا للمجالات المغنطيسية التي تحدث في باطن الشمس. استخدم الفلكيون في الستينيات من القرن العشرين مسيارات فضائية (أقمار صناعية ترسل في الفضاء الخارجي) لدراسة الأشعة الكونية الشمسية، والرياح الشمسية. وقد وفرت سفينة الفضاء بايونير، التي تجولت إلى ما بعد الشمس، ورحلات مارينر إلى المريخ والزهرة، معلومات مهمة عن هذه الخصائص الشمسية. كما تمكن ملاحو أبولو 11، وأبولو 12، في رحلاتهم إلى القمر، من أداء تجارب ساعدت العلماء على زيادة معرفتهم بالرياح الشمسية.