إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / التقوى ... والعلم ... والعمل (تفسير آخر الآية 282 من سورة البقرة، والآية 105 من سورة التوبة)









2

2. حقائق العلم التي دعا الإسلام إلى معرفتها

لم يكتف الإسلام بالدعوة إلى العلم، بل قرر أصولاً تمنع من الجمود العقلي، وتحمي من التحجر الفكري، وهذا يتبين لنا في الآتي :

أ. الإسلام دين الحجة والبرهان

العلم لا يقول عن شيء إنه حق أو واقع إلا إذا قام عليه البرهان اليقيني القاطع. وكذلك القرآن، يأمر بأن لا يقبل الإنسان شيئاً على أنه حق، إلا إذا قام عليه البرهان اليقيني، قال تعالى ]وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[ (سورة البقرة: الآية 111). فلا يجوز الزعّم بشيء إلاّ ببرهان. وفي آية أخرى يطلب الله من المشركين البرهان على ما اتخذوا من الآلهة من دونه، وهو طلب تعجيز وسخرية بقصور عقولهم، لقوله تعالى ]أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ أَأِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ[ (سورة النمل: الآية 64)، وهذه الآيات إعلان صريح، بأن كل قول يجب أن يكون لصاحبه دليل على صوابه. يقول الله تعالى ]أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ ءَالِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ[ (سورة الأنبياء: الآية 24). كما يبين الله تعالى هذه الحقيقة في قوله ]وَنَزَعْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ[ (سورة القصص: الآية 75).

ب. الإسلام دين اليقين لا الظن

العلم يُحذّر كل التَّحذِير مِن أن يتخذ الإنسان يقيناً مِمَّا ليس بيقين، وأن يُنْزل الظن منزلة اليقين، فالإسلام يقيس مقدار اقتراب القضية من الحق، بمقدار متانة الحجة التي تشهد لها. فإن كانت الحجة قاطعة فالقضية حق، وإن كانت غير قاطعة فالقضية ظن. والإسلام يأمر بالحذر من الظنون والأوهام، ويعلل ذلك بأنهما كانا السبب في تضليل الناس . يقول تعالى ]إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ[ (سورة الأنعام: الآية 116). ويقول: ]وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ[ (سورة يونس: الآية 36). فالعلم أبعد ما يكون عن الظن، بل هو اليقين كل اليقين، وهذا اليقين والصدق مما يدعو له الإسلام. إلى هذا المعنى أشار الرسول الكريم r عندما نهى عن الظن. عن أَبُو هُرَيْرَةَ t أن النَّبِيِّ rَ قَالَ ]إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 1911).

ج. الإسلام عدو التقليد

يمنع الإسلام التقليد والإتباع من غير الوقوف على الدليل والاقتناع به. وقد أنكر القرآن موقف أناس يتمسكون بالرأي، لا لأنهم عقلوه، ولكن لأن آباءهم قالوا به. قال تعالى ]وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ[ (سورة البقرة: الآية 170). ويقول الله تعالى ]وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ ءَابَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ[ (سورة المائدة: الآية 104). ويقول الله تعالى: ]وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ[ (سورة لقمان: الآية 21).