إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / التقوى ... والعلم ... والعمل (تفسير آخر الآية 282 من سورة البقرة، والآية 105 من سورة التوبة)









7

7. لِم كان العمل محور الثواب والعقاب؟

تقول القاعدة الفقهية: إن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، لأن حذف ما يتعلق بالعمل في قوله تعالى: ]وَقُلِ اعْمَلُوا[ (سورة التوبة: الآية 105). يدل على العموم، بمعنى أن الخطاب بضرورة العمل والحث عليه، يصبح حتماً على كل فرد مسلم، خاصة وأن مُجمل الآيات التي وردت فيها الإشارة إلى العمل في القرآن، تبلغ حوالي ثلاثمائة وستين آية (اُنظر جدول عدد مرات ورود لفظ العمل ومشتقاته في القرآن الكريم).

جاء بعضها وثيق الصلة بين الإيمان، والعمل الصالح، والثواب. قال تعالى: ]وَبَشِّرِ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ[ (سورة البقرة: الآية 25). وقال تعالى: ]وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ. وقال تعالى:وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا[ (سورة النساء: الآية 124).

وإذا تدبرنا في الآيات التي أخبرت عن المؤمنين، الذين يعملون صالحاً، أي تلك التي تقدم فيها الإيمان على العمل الصالح، نجدها جاءت كلها على صيغة الخبر، وهي في معظمها تحمل البشرى، فذيلت بمثل قوله تعالى: ]لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلاَ[ (سورة طه: الآية 75). ]لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ[ (سورة الحج: الآية 50). ]لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ[ ( سورة لقمان: الآية 8). ]فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى[ (سورة السجدة: الآية 19). ]لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلا[ (سورة الكهف: الآية 107) ]لَهُمْ مَغْفِرَةٌ[ (سورة سبأ: الآية 4). وكلها من آيات البشرى والثواب. بينما نجد آيات أخرى، فيها الوعيد الشديد، والعقاب للكافرين والجاحدين، كقوله تعالى: ]والَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ[ (سورة الأعراف: الآية 147). وقوله تعالى: ]فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ[ (سورة النمل: الآية 90)، مما يشير بجلاء، إلى أن العمل هو محور الثواب والعقاب، لأن حياة الإنسان كلها عمل، فجعل مبدأ الجزاء على حسب العمل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، ]فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[ (سورة الزلزلة: الآيتان 7، 8). فالله يحاسب على كل مثقال ذرة من الأعمال، ولا فرق بين الناس في ذلك، لأن الإنسان لا يُحاسب على ما لا يد له فيه، مثل الجنس، واللون، والحسب، والنسب، وكثرة المال، والجاه. بل هو  يحاسب على ما يكون منه باختياره وبفعله وإرادته. فالقاعدة العامة أن لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى؛ أي بالعمل في طاعة الله، والخشية من عقابه، بأن يتجنب الإنسان ما نُهي عنه. فمجال التسابق إلى الخيرات مفتوح على مصراعيه للجميع، كل بحسب اجتهاده في العمل. فعبادة الإنسان عمل، وذلك لقول الرسول r حينما سئل: ]‏أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلاةُ لِوَقْتِهَا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6980)، وسعي الإنسان في الأرض طلباً للرزق عمل، وقد اتخذ الإسلام العمل طريقاً للكسب المشروع.