إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

3. علامات الساعة

بداية، يقرر القرآن الكريم أن الساعة، بمعناها العام، والتي تقوم فيها القيامة وتبدل الأرض غير الأرض والسماوات؛ لا يعلمها أحد إلا الله، يقول الله، تعالى: )إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ( (سورة لقمان: الآية 34).

ويقول الله، تعالى، في رده على الذين يسألون الرسول، r عن الساعة، مبينا عدم معرفة الرسول لوقتها، وإنما الذي يعلم وقتها هو الله: )يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ( (سورة الأعراف: الآية 187). ويبين القرآن الكريم أن مهمة الرسول الإنذار بها، لا تحديد وقتها، يقول الله، تعالى: )يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا(42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا(43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا(44) إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا(45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا( (سورة النازعات: الآيات 42 - 46). والآيات القرآنية تقرر بكل صراحة ووضوح أن الساعة لا يعلمها أحد إلا الله، ونفى القرآن الكريم عن الرسول معرفتها، وبين أن مهمته تتمثل في الإنذار بها، لا تحديد وقتها.

إلا أن علامات الساعة وأشراطها قد أخبر عنها الرسول r روى الإمام مسلم بسنده، عن ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ في حديث جبريل، الذي سأل فيه الرسول r عن الإسلام والإيمان والإحسان، أن جبريل سأل الرسول r عن الساعة قال: )فَأَخْبِرْنِي عَنْ السَّاعَةِ قَالَ مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَتِهَا قَالَ أَنْ تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّتَهَا وَأَنْ تَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ الْعَالَةَ رِعَاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُونَ فِي الْبُنْيَانِ( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 9).

وروى مسلم بسنده عن أنس، قال: قال رسول الله r )بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ قَالَ وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى( (صحيح مسلم، الحديث الرقم 5247).

يقول النووي في شرحه لهذا الحديث: المراد بينهما شيء يسير كما بين الإصبعين في الطول، وقيل: هو إشارة إلى قرب المجاوزة.

أشراط الساعة

من أشمل الأحاديث الصحيحة، في علامات الساعة الصغرى والكبرى، ما رواه الإمام البخاري، بسنده عن أبي هريرة t أن رسول الله، r قال: )لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ دَعْوَتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَحَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ قَرِيبٌ مِنْ ثَلاثِينَ كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ وَحَتَّى يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَتَكْثُرَ الزَّلازِلُ وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ وَتَظْهَرَ الْفِتَنُ وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ وَهُوَ الْقَتْلُ وَحَتَّى يَكْثُرَ فِيكُمْ الْمَالُ فَيَفِيضَ حَتَّى يُهِمَّ رَبَّ الْمَالِ مَنْ يَقْبَلُ صَدَقَتَهُ وَحَتَّى يَعْرِضَهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ الَّذِي يَعْرِضُهُ عَلَيْهِ لا أَرَبَ لِي بِهِ وَحَتَّى يَتَطَاوَلَ النَّاسُ فِي الْبُنْيَانِ وَحَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي مَكَانَهُ وَحَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ وَرَآهَا النَّاسُ يَعْنِي آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُمَا بَيْنَهُمَا فَلا يَتَبَايَعَانِهِ وَلا يَطْوِيَانِهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بِلَبَنِ لِقْحَتِهِ فَلا يَطْعَمُهُ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَهُوَ يُلِيطُ حَوْضَهُ فَلا يَسْقِي فِيهِ وَلَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وَقَدْ رَفَعَ أُكْلَتَهُ إِلَى فِيهِ فَلا يَطْعَمُهَا( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6588).

وهذا الحديث، الذي رواه الإمام البخاري عن علامات الساعة، من أشمل الأحاديث، التي وردت في أشراط الساعة، إلى درجة أنه "لم يبق بعد هذا ما ينظر فيه من العلامات والأشراط في عموم إنذار النبي، بفساد الزمان وتغيير الدين وذهاب الأمانة، وما يغني عن ذكر التفاصيل الباطلة والأحاديث الكاذبة في أشراط الساعة.

ولقد استنبط العلماء من حديث البخاري السابق أن علامات الساعة، منها ما وقع على وفق ما قاله، r وهذا من علامات ثبوته، ومنها ما وقعت مباديه ولم يستحكم بعد، ومنها مالم يقع منها شيء، ولكنه سيقع. يقول ابن حجر في فتح الباري شرح صحيح البخاري، في شرحه للحديث السابق: هذه المذكورات وغيرها مما أخبر، r بأنه سيقع وقبل أن تقوم الساعة، لكنه على أقسام:

أ. أحدهما: ما وقع وفق ما قال، وهذا من علامات النبوة له r كاقتتال الفئتين العظيمتين، وظهور الفتن، وكثرة الهرج، وتطاول الناس في البنيان، وتمني بعض الناس الموت.

ب. الثاني: وقعت منها مبادئه ولم يستحكم، ومن هذا النمط تقارب الزمان، وكثرة الزلازل، وخروج الدجالين الكذابين، وحين يوسد الأمر إلى غير أهله، حتى يكون الولد غيظاً، والمطر قيظاً، ويجترئ الصغير على الكبير، واللئيم على الكريم، ويخرب عمران الدنيا.

ج. الثالث: ما لم يقع وسيقع بعد، ومن هذا النمط طلوع الشمس من مغربها، وقتال المسلمين لليهود حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر، فيقول الحجر: يا مسلم يا عبدالله ورائي يهودي فاقتله، وأن ذلك يظهر قبل الدجال. وهذه العلامات من العلامات الكبرى، التي لا تقبل التوبة بعدها.

وينقل ابن حجر حديثاً، أخرجه الترمذي وصححه عن أبي هريرة رفعه  عَنْ النَّبِيِّ قَالَ r )ثَلاثٌ إِذَا خَرَجْنَ لَمْ يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ الآيَةَ الدَّجَّالُ وَالدَّابَّةُ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ الْمَغْرِبِ( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2998).