إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / يوم القيامة، في القرآن والسُّنة









شُبُهات

5. الحشر

للحشر، كما ورد في القرآن الكريم، أربعة أنواع: حشران في الدنيا، وحشران في الآخرة. وسنتحدث بإيجاز عن نوعي الحشر في الدنيا، ثم نفصل نوعي الحشر في الآخرة فنذكر تعريف الحشر، وعمومه للإنس والجن والحيوان والطير، وسماءه وأرضه، وكيفية ذكر العرق يوم القيامة، في حشر المؤمنين إلى الجنة، وحشر الكافرين إلى النار.

أ. الحشر في الدنيا

أول نوع من أنواع الحشر، في الدنيا، هو ما ذكره الله عز وجل في قوله تعالى: )هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ( (سورة الحشر: الآية 2).

النوع الثاني في الدنيا: الحشر، الذي يكون قبل يوم القيامة، والذي يعتبر من علامات الساعة، وفيه أن النار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا، وتأكل من تخلف منهم، وهذا الحشر هو الذي ورد عنه الخبر، فيما رواه البخاري عن أبي هريرة عن النبي، r قال )يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى ثَلاثِ طَرَائِقَ رَاغِبِينَ رَاهِبِينَ وَاثْنَانِ عَلَى بَعِيرٍ وَثَلاثَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَأَرْبَعَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَعَشَرَةٌ عَلَى بَعِيرٍ وَيَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمْ النَّارُ تَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا وَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا وَتُصْبِحُ مَعَهُمْ حَيْثُ أَصْبَحُوا وَتُمْسِي مَعَهُمْ حَيْثُ أَمْسَوْا( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6041). والعلماء مختلفون حول هذا الحشر هل هو في الدنيا أو في الآخرة ؟

فذهب بعض العلماء إلى أن المراد بهذا الحشر: الحشر في الآخرة. وحجتهم أن الحشر إذا أطلق، في عرف الشرع، يراد به الحشر من القبور، ما لم يخصصه دليل، كما في الحديث السابق، وأيضاً أن "بقية الناس، التي تحشرهم النار" قول لم يرد فيه توقيف، وليس لأحد أن يحكم على أهل الشقوة بتسليط النار عليهم في الدنيا. ويحتج من يذهب من العلماء، إلى أن هذا الحشر في الآخرة، بأن التقسيم في الحديث للناس إشارة إلى التمثيل في سورة الواقعة، ويرون أن قوله r يحشر الناس على ثلاثة طرائق" إشارة إلى الأبرار، والذين خلطوا عملا صالحاً وآخر سيئاً، وإشارة إلى الكفار. فالأبرار هم الراغبون إلى الله تعالى فيما أعد لهم من ثوابه، والراهبون هم الذين بين الخوف والرجاء؛ والأبرار يحملون على النجائب، والراهبون على الأبعرة، والفجار تسوقهم النار تقيل معهم حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا".

ب. الحشر في الآخرة

حشر الأموات من قبورهم وغيرها، من البعث إلى الموقف، وهو في اللغة: الجمع. ورد في مختار الصحاح: حشر الناس جمعهم، وبابه ضرب ونصر، ومنه يوم الحشر.

وفي الاصطلاح عند علماء التوحيد: سوقهم جميعا  ـ أي المخلوقات ـ إلى الموقف، وهو الموضع، الذي يقفون فيه من الأرض المقدسة المبدلة، التي لم يعص الله عليها، لفصل القضاء بينهم، لا فرق في ذلك بين من يجازى وهم الإنس والجن والملك، وبين ما لا يجازى، كالبهائم والوحوش، على ما ذهب إليه المحققون.

وهذا الحشر يكون للمخلوقات كلها لقوله تعالى: )وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُون( (سورة الأنعام: الآية 38). يروي الترمذي، عن أبي هريرة، أن رسول الله، قال: )لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2344).

ج. أرض الحشر في الآخرة

إن أرض المحشر، التي يحشر الله الخلق إليها يوم القيامة، تكون غير أرض الدنيا؛ مصداقاً لقوله تعالى: )يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ( (سورة إبراهيم: الآية 48)، الآية فيها دليل على أن الأرض يوم القيامة سوف تبدل، وكذلك السماوات وتبديل الأرض قد يكون بالذات، أي أن الأرض ذاتها تبدل، كقوله تعالى: )إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا( (سورة النساء: الآية 56)، وهذا الرأي يؤيده ما رواه البخاري بسنده عن سهل بن سعد قال: سمعت النبي، r يقول: )يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرص النقي( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6040)، قال سهل أو غيره: ليس فيها معلم لأحد. قال الخطابي: العفر بياض ليس بالناصع، وليس فيها معلم لأحد، أي ليس فيها علم لأحد. أي أنها مستوية. والحدي ث يدل على أن أرض الموقف أكبر من هذه الأرض الموجودة، والحكمة في ذلك اليوم أن ذلك اليوم يوم عدل وظهور حق، فاقتضت الحكمة أن يكون المحل، الذي يقع فيه ذلك طاهراً عن عمل المعصية والظلم وليكون تجليه سبحانه وتعالى على عباده على أرض تليق بعظمته، ولأن الحكم فيه إنما يكون لله وحده، فناسب أن يكون المحل خالصاً له وحده.

د. كيفية الحشر في الآخرة

ونعني بكيفة الحشر الصفة، التي يكون الناس عليها أثناء حشرهم وسوقهم إلى الموقف للحساب. وقد وردت الأحاديث التي تبين الكيفية، التي يحشر الناس عليها يوم القيامة من كونهم حفاة عراة غرلاً. فقد روى البخاري بسنده، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: سمعت رسول الله، r يخطب على المنبر يقول: )إِنَّكُمْ مُلاقُو اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا(ً (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6044).

هـ. صفة العرق يوم القيامة

من الأشياء، التي تصاحب الحشر يوم القيامة، العرق، الذي يعم الخلق، إلا من رحم الله، وقد وردت أحاديث عدة عن العرق وصفته يوم القيامة، منها ما رواه الشيخان عن أبي هريرة t أن رسول الله، r قال: )يَعْرَقُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يَذْهَبَ عَرَقُهُمْ فِي الأَرْضِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا وَيُلْجِمُهُمْ حَتَّى يَبْلُغَ آذَانَهُمْ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 6051).

وروى الشيخان عن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي، r قال: )يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ حَتَّى يَغِيبَ أَحَدُهُمْ فِي رَشْحِهِ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ( (صحيح البخاري، الحديث الرقم 4557)، وروى الترمذي عن سليم بن عامر أخبرنا المقداد صاحب رسول الله، r قال: سمعت رسول الله، r يقول: )إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُدْنِيَتْ الشَّمْسُ مِنْ الْعِبَادِ حَتَّى تَكُونَ قِيدَ مِيلٍ أَوْ اثْنَيْنِ قَالَ سُلَيْمٌ لا أَدْرِي أَيَّ الْمِيلَيْنِ عَنَى أَمَسَافَةُ الأَرْضِ أَمْ الْمِيلُ الَّذِي تُكْتَحَلُ بِهِ الْعَيْنُ قَالَ فَتَصْهَرُهُمْ الشَّمْسُ فَيَكُونُونَ فِي الْعَرَقِ بِقَدْرِ أَعْمَالِهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى عَقِبَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَأْخُذُهُ إِلَى حِقْوَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى فِيهِ أَيْ يُلْجِمُهُ إِلْجَامًا( (سنن الترمذي، الحديث الرقم 2345).