إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الحَرمان الشريفان، والتوسعات المختلفة




مآذن الحرم التسعة
واجهة ومئذنة
واجهة ومئذنة أخرى
واجهة ومئذنة القبلة
أحد الشوارع
الواجهات الخارجية
الواجهة الشرقية
المدخل الشمالي الرئيسي
الأسقف الداخلية والعقود المدببة
المظلات وهي مغلقة
المظلات وهي مفتوحة
الأعمدة وقواعدها
الأعمدة في الحرم
التوسعة السعودية الثانية والثالثة
التكامل والانسجام
الحجر الأسود
الروضة الشريفة
العقود المدببة (الأبلق)
القباب المتحركة المغلفة
القباب المتحركة المفتوحة
بوابة المروة وساحة المسعى
توسعة خادم الحرمين الشريفين
بداية التوسعة السعودية
ساحة المطاف
زخارف الواجهات الخارجية
سطح الحرم وساحة السعي
كسوة الكعبة

مخطط مقارن للمسجد
إضافة دار الندوة
مسقط للحرم المكي
مسقط أفقي بعد توسعة
مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ
المنطقة المحيطة والأراضي المنزوعة
المنطقة المركزية والخط الدائري
الأحياء الملتفة حوله
الأجزاء المضافة
المخطط بعد العمارة العثمانية
التأثير على المحيط العمراني
التوسعات في عهد المهدي العباسي
الحرم في عهد عمر بن الخطاب
الحرم في عهد قريش
الركن اليماني
الشوارع والطرق
الكعبة بعد العمارة العثمانية
توسعات في عهد الملك عبدالعزيز
توسعة أبو جعفر المنصور
توسعة المهدي
توسعة الوليد بن عبدالملك
توسعة عبدالله الزبير
تصور لمسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم




المبحث الثاني

المبحث الثاني

مكة المكرمة والبيت الحرام

تقع مكة المكرمة على دائرة عرض (19" 25 َ21 ْ) شمالاً، وخط طول (36" 49 ََ39 ْ) شرقاً في وادٍ غير ذي زرعٍ، يسمى وادي إبراهيم، وسط منطقة جبلية ترتفع عن سطح البحر نحو 300 م. ومناخ مكة المكرمة حار جاف صيفاً، ومعتدل شتاءً. والأمطار قليلة تهطل في فصل الشتاء القصير. وعلى الرغم من قلة الأمطار، فإن العواصف الممطرة قد تكون قاسية وشديدة في بعض الأحيان، لأن الجبال الشديدة الانحدار والأودية الضيقة وقلة الغطاء النباتي، كل ذلك يؤدي إلى حدوث سيول جارفة. ولأن الكعبة المشرفة تقع في وادي إبراهيم، وعلى أحد المسارات، التي تجتازها السيول، التي تتجه صوب الجنوب الغربي، ولوقوعها في مسار بعض الروافد، التي تسيل من شعب أجياد في الجنوب الغربي، فقد تم تسجيل عدد من السيول الجارفة، خلال القرون الهجرية السابقة، والتي غمرت ساحة المسجد المكي الشريف، حتى وصل مستوى الماء، في بعض تلك السيول التاريخية، إلى باب الكعبة المشـرفة.

تظهر التأثيرات المناخية، بصورة جلية، وقت سقوط الأمطار في مدينة مكة المكرمة. فعلى الرغم من أنها قليلة المطر فإنها لا تعدم سنوياً بعضاً من العواصف الرعدية التي قد تستمر لفترة تراوح بين ساعة إلى ثلاث ساعات. ولما كانت هذه الأمطار شديدة الغزارة فإنها تجرف معها الصخور من الجبال المحيطة بها، وتلقي بها في شوارع مكة، التي هي بطبيعة الحال بطون الأودية، التي تنصرف إليها مياه الأمطار. والنتيجة هنا تكمن في تكوُن السيول الجارفة، التي تسببت في الكثير من الأضرار في السابق، والتي كان لها بعض الآثار السيئة في حالة حدوثها، وهو تغطية شوارع المدينة بالأنقاض والرواسب المحمولة بواسطة المياه (السيول)، التي نجمت عن عوامل التحلل الميكانيكي للصخور، التي تعرضت لها جبال مكة وشعابها.

أما عن الغطاء النباتي الطبيعي، فإن مكة، كما وصفت في القرآن الكريم على لسان إبراهيم عليه السلام، واقعة في واد غير ذي زرعٍ، لكنها لم تحرم من العود الأخضر الممثل بأنواع الشجر، من الطلح والسمر والسلم والسنط. وتعد شجرة "السدر" النبق أكبر أنواع الشجر في مكة، حيث يصل طولها أحياناً إلى أكثر من 15متراً، ويستفاد من خشبها القوي للوقود، وأعمال البناء والنجارة، وصناعة بعض أنواع الورق، كما يستفاد من ثمرها (النبق).

وكان، من علامات تكريم الله سبحانه وتعالى لهذه البقعة الطاهرة من الأرض، أن حرم قطع شجرها وتنفير صيدها[1].

كان، لهذا الموقع المميز، أهمية دينية عند المسلمين، منذ آدم u. وأهمية تجارية كبيرة بين مناطق الاستقرار المحيطة: "فارس" شرقاً، و"الروم" شمالاً، واليمن وما وراءها من أرض الحبشة جنوباً. وكانت المنطقة حلقة اتصال بين الحضارات الشرقية والشمالية والجنوبية، ولم تك في عزلة جغرافية، أما موضع المدينة المقدسة، فقد خطته العناية الإلهية، فهوت أفئدة من الناس إلى موضعها، استجابة لدعاءِ أبٍ وغوثاً للهفة أمًّ ]رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ[ (سورة إبراهيم: الآية 37). فكانت زمزم المكان، الذي نبعت منه عين ماء؛ لتروي ظمأ أم ورضيع، وتجعل الطير والناس تهرع إليه. هذا المصدر الإلهي مكن القبائل من مشاركة أم إسماعيل وإسماعيل، عليهما السلام، العيش بجوار ذلك الموضع المتمثل في بطن وادي إبراهيم، الذي تحف به الجبال الجرداء من معظم جهاته. ومنذ ذلك التاريخ لم ينقطع إعمار المدينة المقدسة ومجاوراتها، وزادت شهرة المكان برفع أبينا إبراهيم وولده إسماعيل، عليهما السلام، القواعد من البيت دعوة للتوحيد. وأصبحت مكة تستقطب أفواج الحجيج إليها، منذ ذلك التاريخ من دون انقطاع، حيث استوطنتها القبائل المختلفة، واتسعت شهرتها، لدرجة أنها سميت بأم القرى.

أولاً: المكين: مكان الكعبة أول بيت وضع للناس

الكعبة أول بيت وضعه الله للناس على الأرض، وهو البيت الحرام، والبيت العتيق، وهو القبلة التي اختارها الله للمسلمين، يتجهون إليها وقت صلاتهم، حيث يقول سبحانه وتعالى: ]إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ[ (سورة آل عمران: 96).

ولبناء الكعبة قصة معروفة، أوضحها لنا الله سبحانه وتعالى، في أكثر من موضع من كتابه الكريم، ومن الطبيعي أن يوجد البيت أولاً، ثم ترفع قواعده، فالحجر الذي كان يقوم عليه إبراهيم u ليرفع القواعد من البيت هو ما يسمى بالمقام. وقد اختلف العلماء في بداية البيت الحرام، فمنهم من قال: إن البيت الحرام قد تم بناؤه في عهد إبراهيم عليه السلام، ومنهم من قال إن البيت الحرام قد تم بناؤه في عهد آدم عليه السلام، ومنهم من قال إن البيت قد أوجده الله قبل آدم u. ويقودنا المنطق والاستقراء العقلي إلى الأخذ بأي من الآراء الثلاثة السابقة. فالعلماء الذين قالوا: إن البيت الحرام قد تم بناؤه في عهد إبراهيم u لابد أن نقول لهم: لقد أقمتم الدليل على رأيكم من قول الحق تبارك وتعالى: ]وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ[ (سورة البقرة: الآية 127). ولا بد هنا أن نفرق بين "الرفع" و"البناء"، حيث إن البناء يستدعي ألا يوجد البيت ثم يتم بناؤه بعد ذلك، أما "الرفع" فهو الإعلاء والصعود، أي أن البيت الحرام كان موجوداً قبل إبراهيم عليه السلام بطوله وعرضه، لكن إبراهيم u أقام البيت، أي جعل له ارتفاعاً، وصار بذلك له طول وعرض وارتفاع. كان المقصود والمفترض من ذلك القول، أن خليل الرحمن أقام الجدران فقط أما الطول والعرض، فقد كانا موجودين قبل إبراهيم. وهكذا نعرف أن قواعد البيت قد انطمست بالطوفان المدمر، الذي لم يبق على أحد من الكافرين والمشركين. وبعد هذا الطوفان اندثر موضع الكعبة وظل مختفياً إلى أن بعث الله جبريل u إلى إبراهيم، وكان الناس في ذلك العهد قد نسوا ربهم ولم يبق إنسان يتجه إلى الكعبة أو يطوف بها أو يلبى عندها، وإنما اتجه إلى الأصنام يصنعها من الحجارة أو الخشب بيديه ثم يعبدها من دون الله.

المكين: هنا هو مكان البيت الحرام، أي الساحة التي أقام عليها إبراهيم u جدران الكعبة، التي نتجه إليها عندما نقيم الصلاة. كان مكان البيت محددًا لإبراهيم، حيث إنه كان يعرف حدود "المكين" ويدل على ذلك قول الله تعالى: ]وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود[ (سورة الحج: الآية 26) هنا يحدد الحق أنه أرشد إبراهيم u إلى "المكين"، أي إلى مكان البيت الحرام، ومعه إسماعيل u، عليهما السلام، بعد أن كبر قليلاً ليعاونه في رفع جدران البيت الحرام. وبذلك يكون رفع البيت على الترتيب التالي:

1. أن "المكين" كان موجوداً قبل إبراهيم u.

2. أن إبراهيم u كان يعرف المنطقة، التي يوجد بها البيت الحرام "المكين".

3. أن إبراهيم u أسكن هاجر وابنها إسماعيل في هذه المنطقة.

4. صدر أمر الحق تبارك وتعالى لإبراهيم أن يقيم البيت الحرام، بعد أن أوضح له مكانه بالضبط، وأوضح، سبحانه وتعالى، له مساحة "المكين"، التي يجب عليه أن يقيم القواعد عليها هو وابنه إسماعيل.

ويقول الحق تبارك وتعالى ]إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ[ (سورة آل عمران: الآية 96) ومعنى ذلك أن الحق قد أوضح لنا أن هناك "بيتاً" للناس، هو أول بيت وضعه للناس.

يوضح لنا الحق سبحانه وتعالى أن "البيت" موضوع للناس، قبل إبراهيم عليه السلام، وعندما جاء إبراهيم u إلى "المكين" كان يعرف أن هنا مكاناً لبيت الله، وضعه للناس؛ ليثوبوا إليه. وبعد أن كبر إسماعيل u قليلاً تلقى إبراهيم العلم عن الله بمكان البيت الحرام ليقيمه مع ابنه إسماعيل u.

أما بالنسبة لأماكن النسك الأخرى كمقام إبراهيم u ]فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ ءامِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[ (سورة آل عمران: الآية 97) والمسعى بين الصفا والمروة ]إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ[ (سورة البقرة: الآية 158). وبئر زمـزم الذي يقول الرسول r عن مائه ]مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 3053). كل هذه الأماكن المقدسة، والتي تشكل مع الكعبة بعضاً من أماكن النسك الأساسية لمن يؤدون فريضة الحج أو العمرة، لها قدسيتها، ولها أبعادها، وأماكنها الثابتة، والتي يجب أن تبقى بنفس الوضع، الذي تركها عليه الرسول r.

ثانياً: البيت العتيق

هو البيت المعظم، الذي خُصّ جيرانه بالبركة والأمن من الله U، وإذا قصده الزائرون هللوا، وكبروا ابتغاء مرضاة الله U، وأقروا بوحدانيته، وصمدانيته وامتلأت قلوبهم رهبة من عظمة الله U وقوته، وفاضت نفوسهم رغبة في رعاية الله ورحمته.

للحرم أعلام منصوبة في جميع جوانبه، نصبها إبراهيم الخليل r، وكان جبريل u يريه مواضعها، ثم أمر النبي r بتجديدها، وتبعه في ذلك عمر، وعثمان، ومعاوية رضي الله عنهم، وهي الآن ثابتة في جميع جهاته إلا من جهة جدة وجهة الجعرانة فإنها ليست فيها أعلام.

في تسمية البيت بالكعبة عدة أقوال، فقيل لتكعبها ـ أي تربع مسقطها، وقيل لعلوه ونتوئه. وذكر الأزرقي في تاريخه أن الناس كانوا يبنون بيوتهم مدورة تعظيماً للكعبة. وأن أول من بنى بيتاً مربعاً بمكة حميد بن زهير، "فقالت قريش: ربع حميد بيتاً إما حياة وإما موتاً" وأضاف أن شيبة بن عثمان كان يشرف فلا يرى بيتاً مشرفاً على الكعبة إلا هدمه تعظيماً للبيت من أن يتطاول عليه البنيان.

وفي تسميته بالبيت الحرام أن الله تعالى حرمه وعظمه، ويقصد به سائر الحرم في قوله تعالى: ]يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ[ (سورة المائدة: الآية 95) أما تسميته بالبيت العتيق فلأن الله U أعتقه من الجبابرة، وقيل أيضاً لأن الله يعتق زواره من النار والعذاب، قال تعالى: ]ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[ (سورة الحج: الآية 29) وهو الطواف الواجب في مناسك الحج، فلا يتحلل الحاج إلا بأدائه. وبنيان الكعبة مربع، يتوسط المسجد الحرام، وزواياه تتجه نحو الجهات الأصلية. وتعرف زواياها بأركانها حسب اتجاهاتها فيسمى الركن الشمالي بالركن العراقي، والشرقي بالأسود ـ لوجود الحجر الأسود به ـ والغربي بالشامي، والقبلي باليماني (الجنوبي). وشكل الكعبة من الداخل مربع مشطور من زاويته الشمالية.

1. صفة الكعبة

وهي، في الأصل، بناء مجوف من الداخل ليس لها سقف، وقد جعل إبراهيم الخليل u لها بابين ملاصقين للأرض، أحدهما من الشرق والثاني من الغرب، ولم يجعل لها سقفاً، ولا وضع على البابين أبواباً تفتح وتغلق، وحفر في داخلها بئراً تكون خزانة لهداياها. أما داخل الكعبة فقد جاء وصفها في العديد من الكتب والمقالات، التي تصف تاريخ الكعبة المعظمة.

وقد حدثت لها إضافات لاحقه مثل عمل سقفين لها. كما تعاقب عليها ترميم في سقفها الأسفل وتمت إزالة سقفها الأعلى، وعمل سقف جديد مع تغيير الأعواد والأخشاب التالفة فيه. وأنشئت على الجدار بين السقفين ميدة، تحيط بالجدران جميعاً بحيث لا يظهر من الميدة شيء زائد، كما رممت الكسوة الرخامية، التي على الجدران من الداخل. وهي من الداخل تقوم على ثلاثة أعمدة ضخمة، وفي الناحية الشمالية يقع باب التوبة، الذي يتم الصعود منه إلى سطح الكعبة، ويغطي سقف الكعبة من الداخل وجانباً من جدرانها، ستائر من الحرير الأحمر عليها مربعات مكتوب فيها (الله جل جلاله). وفي الناحية المقابلة لباب الدخول محراب، وبقية الجدران مغطاة بالرخام المجزع. وبالكعبة صندوق ضخم تحفظ فيه بعض مقتنياتها. كما تتدلى من السقف قناديل ضخمة من الذهب، رصعت بالجواهر واللآلئ. وتسمى الكعبة بالبيت الحرام. قال تعالى: ]جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ (سورة المائدة: الآية 97) فالمحرَّم الذي يقوم به أمر دينهم بالحج ودنياهم بالأمن داخله، وعدم التعرض له وجني ثمرات كل شيء إليه. والحرام هو الممنوع إما بتسخير إلهي أو بمنع قهري بالعقل أو الشرع. والحرم سمي بذلك لتحريم الله فيه كثيراً مما ليس بمحرم في غيره من المواقع.

والكعبة أصلها لغوياً كعب الرجل وهو العظم عند ملتقى القدم والساق، فالكعبة كل بيت على هيئته في التربيع، وبها سميت الكعبة، والرجل يجلس في كعبته أي غرفته وبيته على تلك الهيئة. وهي أصل البيت الحرام، وكانت تكسى في الجاهلية بالأنطاع، فكساها الرسول r بالثياب اليمانية، ثم كساها عمر وعثمان، رضي الله عنهما، بالقباطي. لقد كان عبد الملك بن مروان أول من كسا الكعبة بالديباج، وكان ابنه الوليد أول من أتى بأساطين الرخام من مصر والشام ونقلها إلى مكة، وسقفها بالخشب والساج المزخرف، وكانت الكسوة منذ عصر عمر الفاروق تصنع في مصر.

وفي مراحل وتعدد بناء الكعبة، أقوال كثيرة، منها أن الكعبة بنيت اثنتي عشرة مرة، بيانها كالتالي:

·   بناها الملائكة حين أسست الكعبة.

·      آدم u.

·   شيث بن آدم بناها بالحجارة والطين، واستمرت حتى الطوفان أيام نوح u.

·   إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام.

·   العمالقة ملوك من نسل عمليق بن سام بن نوح u.

·   قبيلة جرهم الباقي منهم الحارث بن نصار الأصفر.

·   قصي بن حكيم الجد الرابع للرسول r.

·   قبيلة قريش، وهو البناء الذي أدركه النبي r.

·   عبد الله بن الزبير عند إعلانه الخلافة.

·   الحجاج بن يوسف، بأمر عبد الملك بن مروان، بعد قتله لعبد الله بن الزبير وضربه الكعبة بالمنجنيق.

·   في عهد الدولة العثمانية بنيت الكعبة مرتين: الأولى في عام 1019 هـ، عندما هدمتها السيول، ثم عام 1040هـ عندما ظهرت بها بعض العيوب.

2. حرمة الكعبة

منذ أن أمر نبي الله r إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام ببناء الكعبة، وتطهير للطائفين والقائمين والركع السجود من الموحدين لله سبحانه وتعالى، كان على حجاجه تقديس هذا المكان.

وظل البيت محجة للناس على رغم وجود الأصنام والأوثان وممارسة الشرك عنده، إلى أن أكرم الله الوجود الإنساني بالرسول الأعظم محمد خاتم الرسل r، فطهر بيت الله من الأوثان والأصنام عندما دخلها فاتحاً منتصراً في السنة الثامنة للهجرة. عندها تمت طهارة البيت ومناسك الحج من كل ضروب الوثنية وعاداتها، فلم يحج منذ تلك السنة إلى البيت كافر، أو يطوف عريان، وعادت إلى بيت الله المناسك الصحيحة.

3. مقاس الكعبة

تفاوت المؤرخون في ذكر مقاس الكعبة، وهو اختلاف طبيعي ناشئ من اختلاف الأذرع بين ذراع اليد وذراع الحديد، وهما يتفاوتان.

وقد قام معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج في جامعة أم القرى بمكة المكرمة بدراسة الحركة في المطاف، ووضع من خلالها مخططاً تفصيلياً للكعبة المشرفة وحجر إسماعيل u، بيانها كالتالي:

أ. من الركن الأسود إلى الركن العراقي 11.68 م. وفيه باب الكعبة.

ب. من الركن اليماني إلى الركن الشامي 12.04 م.

ج. من الركن الأسود إلى الركن اليماني 18.10 م.

د. من الركن العراقي إلى الركن الشامي 90.9 م.

يقال إن ارتفاع الكعبة كان في بناء إبراهيم u 4.32 م، وبناء قريش 8.64 م، وبناء عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما 12.95 م، وحافظ الخليفة عبد الملك بن مروان على الارتفاع في بناء الحجاج 8.64 م.

4. خصائص الكعبة

من أهم خصائص البيت الحرام أن الله تعالى حفظه من كيد الكائدين، وتخريب المخربين، وظل البيت شامخاً طوال خمسة آلاف سنة، منذ أن بناه إبراهيم u، وسيظل البيت قائماً للطائفين والقائمين والركع السجود ما شاء الله ذلك.

وقد مرت محاولات لهدم الكعبة، أعظمها محاولة أبرهة الأشرم ملك اليمن، وكان تابعاً لملك الحبشة فخرج بجيش جرار من اليمن ومن الحبشة، ومعه فيل عظيم، فلما بلغ وادي محسر الواقع بين مزدلفة ومنى، ولم يبق بينه وبين الكعبة إلا مسافة عشرة كيلو مترات، عبأ جيشه وقدم الفيل، فكانوا إذا وجهوه إلى جهة الحرم، وقف مكانه ولزم موضعه ولم يتحرك منه، فإذا وجهوه إلى جهة اليمن هرول ومشى مسرعاً. فعندما لم ينتهوا أرسل الله عليهم طيراً أبابيل سوداء، حيث ذكر سبحانه وتعالى قصته في سورة الفيل ]أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ(3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ[ (سورة الفيل: الآيات 1ـ 5).

5. خدمة الكعبة

خدمة الكعبة تسمى بالحجابة، وخدام الكعبة يسمون بسدنة الكعبة، وهم جماعة مخصوصون من قريش، يتوارثونها بأمر رسول الله r حتى الآن، حيث قال لهم ]خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم[ وهم المعروفون ببيت بنى شيبة، وقد سلم الرسول الكريم r مفتاح الكعبة لعثمان بن طلحة وشيبة بن عثمان بن طلحة، بعد فتح مكة المكرمة، امتثالاً لقوله تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ[ (سورة النساء: الآية 58) وقال قولته ولا زالت الحجابة في نسل شيبة بن عثمان حتى اليوم. وأول من قام بخدمة الكعبة الخليل إبراهيم u، ومنه آلت خدمة الكعبة إلى ولده إسماعيل u، وبعد إسماعيل صارت لأولاده إلى أن اغتصبها منهم أخوالهم جرهم. ثم استولت عليها خزاعة عنوة، ومكثت فيهم عدة قرون، إلى أن آل أمر مكة والكعبة إلى قصي بن كلاب القرشي، وهو الجد الرابع للنبي r. ثم سلم قصي أمور السدانة إلى ولده الأكبر عبد الدار، واستقر بها المقام إبان فتح مكة عند شيبة بن عثمان بن طلحة، وذريته من بعده.

ودخول الكعبة المعظمة سُنَّة، مستحبة، سنها رسول الله r بدخوله، وتبعه أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين، كما دلت عليه السنة الصحيحة.

وأما قول العلماء أن تحية المسجد الطواف فمخصوص بغير داخل الكعبة لكونه r جاء فأناخ عند البيت وصلى فيه ركعتين.

6. الحجر الأسود

الحجر الأسود، ويسميه البعض بالحجر الأسعد، ويكتفى أحيانا بذكر كلمة "الحجر" للدلالة عليه، مثبت في الركن الشرقي للكعبة. ولقد تكسر في يوم من الأيام ثلاث قطع ثم ضمت أجزاؤه بعضها إلى بعض بواسطة حلقة من الأحجار يطوقها إطار من الفضة. لونه أسود يميل إلى الحمرة، وحبيبات صفراء، وهو الآن عبارة عن سبع قطع مختلفة المقاسات محاطة بالشمع، ويحتويها إطار من الفضة، ومحاذاته مبتدأ الطواف. وقد وضعه رسول الله r، في مكانه الحالي قبل خمس سنين من مبعثه، عندما اختلف المشركون فيمن يضعه، واستقر بهم الرأي أن أول من يدخل الحرم له شرف وضع الحجر في مكانه، فكان له r ذلك، حينما وضع الحجر على رداء وأمر عِلْيَةَ القوم بحمل ذلك الرداء، ومن ثم وضعه بيده الكريمة في موضعه. وقد حدث، في أواخر القرن الثالث الهجري، أن اعتدى القرامطة على البيت، وسرقوا الحجر وأخذوه إلى "هجر" لمدة تزيد عن سبعة عشر عاماً، لكنهم أُجبروا على إعادته إلى مكانه بعد توعد الخليفة العباسي لهم بالحرب.

وقد أمر الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله تعالى، بعمل إطار فضي له، حماية له وتجميلاً. ويعتقد أن الحجر الأسود نزل به آدم u من الجنة والله أعلم بذلك.

7. الركن اليماني

هو ركن الكعبة المشرفة القبلي (الجنوبي) وهو يسبق الحجر الأسود في الطواف. "ولهذا المكان فضائل عظيمة، ومزايا جليلة وأعظم فضيلة له هي أن المصطفي استلمه بيده الشريفة، وكان يفعل ذلك كثيراً، فصارت سنة نبوية ثابتة مشروعة. "ومن فضائله هو والركن الأسود، أنهما لا زالا على القواعد الأولى للبيت، التي رفعها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام."

8. حِجْر إسماعيل u

حجر إسماعيل u، بكسر الحاء وسكون الجيم، يطلق على شيئين: الحائط الواقع شمال الكعبة المعظمة بين الركن الشامي، والعراقي وهو على شكل نصف دائرة، منقوشة بالرخام، جعله إبراهيم u عريشاً إلى جانب الكعبة. الحطيم[2]: هو ما بين ركن الحجر الأسود وباب الكعبة . والحجر لم يكن من البيت المعظم، وإنما كان خارجاً عنه، غير أنه لما بنت قريش الكعبة أنقصت من جانبها الشمالي ست أذرع وشبراً، على أشهر الروايات الصحيحة، وأدخلته في حجر إسماعيل u.

واهتم خلفاء المسلمين على مر العصور بترخيم وترميم الحجر. وذرعه طولاً من جدار الكعبة الذي تحت الميزاب إلى جدار الحجر 8.47 متر، وارتفاع جداره 1.12 متر، وعرض جداره 1.56 متر، وطول ما بين بابيه 8.73 متر، وذرع تدوير جداره من خارج 57 ,21 متر. وذرع طوفة واحدة حول الكعبة والحجر 68 متراً تقريباً.

9. شاذروان الكعبة

وهو البناء المحيط بأسفل جدار الكعبة، مما يلي أرض المطاف من جهاته الثلاث الشرقية والغربية والجنوبية، وهو بناء مسنم بأحجار الرخام والمرمر، أما الجهة الشمالية فليس فيها شاذروان، وإنما هو بناء بسيط ارتفاعه أربعة قراريط عن حجر إسماعيل u، وهو من الحجر الصوان من نوع الحجر، الذي بنيت به الكعبة المعظمة.

"وحقيقة " الشاذروان" أصل جدار الكعبة المعظمة، حينما كانت على قواعد إبراهيم u وقد انتقصته قريش من عرض أساس جدار الكعبة المعظمة، حين ظهر على وجه الأرض، كما هي العادة في البناء.

قال الأزرقي: وعدد حجارة الشاذروان، التي حول الكعبة ثمانية وستون حجراً في ثلاثة وجوه، من حد الركن الغربي إلى الركن اليماني خمسة وعشرون حجراً، منها طول ثلاث أذرع ونصف، عتبة الباب الذي سد في ظهر الكعبة، وبينه وبين الركن الغربي إلى الركن اليماني أربع أذرع، وفي الركن اليماني حجر مدور، وبين الركن اليماني والركن الأسود تسعة عشر حجراً، ومن حد الشاذروان إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ثلاث أذرع واثنا عشر إصبعاً، ليس فيه شاذروان ومن حد الركن الشامي إلى الركن الذي فيه، ثلاثة وعشرون حجراً، ومن حد الشاذروان الذي يلي الملتزم إلى الركن الذي يلي الحجر الأسود ذراعان ليس فيها شاذروان، وهو الملتزم، وطول الشاذروان في السماء ستة عشر إصبعاً.

10. الملتزم

الملتزم هو ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، وسمي بالملتزم؛ لأن الناس يلزمونه ويدعون عنده، وفضله عظيم. وثبت أنه من المواطن التي يستجاب فيها الدعاء. قال عبد الله بن عمرو بن العاص، رضي الله عنهما، وقد التزم بين الباب والحجر: هذا والله المكان، الذي رأيت رسول الله r التزمه، الملتزم موضع يستجاب فيه الدعاء، ما دعا الله فيه عبد دعوة إلا استجابها.

11. ميزاب الكعبة

أول من وضع ميزاباً للكعبة قريش، حين بنتها سنة 35 من ولادة النبي r، حيث كانت قبل ذلك بلا سقف. ولما بناها عبد الله بن الزبير، رضي الله عنهما، وضع لها ميزاباً وجعل مصبه على حجر إسماعيل، كما فعلت قريش. وقال الأزرقي: "طول الميزاب أربع أذرع وسعته ثمانية أصابع في ارتفاع مثلها." والميزاب ملبس من داخله وخارجه بصفائح الذهب، والذي ذهبه الخليفة الوليد بن عبد الملك. وقد وقع تغيير وتبديل في ميزاب الكعبة لسببين: أحدهما أنه كان إذا اعتراه خراب عمل غيره، والثاني كان بعض الملوك أو الأغنياء من عظماء المسلمين يهدي الكعبة ميزاباً، فيركب في الكعبة وينزع الذي قبله.

وقد عمل السلطان عبدالمجيد خان ميزاباً صنع بالقسطنطنية عام 1276هـ، وركب في نفس السنة وهو مصفح بالذهب، ويزن نحو خمسين رطلاً، وهو آخر ميزاب ركب بالكعبة المشرفة.

12. باب الكعبة

اختلف الرواة في أول من عمل للكعبة المعظمة باباً، فمنهم من قال وضعه تُبع الثالث أحد ملوك اليمن، المتقدمين على البعثة النبوية بزمن بعيد، وهذا القول رواه الأزرقي في تاريخ مكة. وباب الكعبة له قفل ومصراعان.

ولما عمرت قريش البيت جعلت له باباً بمصراعين. فلما كان الحجاج عمل له باباً طوله ستة أذرع وشبر. وذلك أن الحجاج رفع باب الكعبة عما كان عليه في بناء ابن الزبير؛ لذلك صار طول الباب الذي عمله على قدر الفتحة.

وفي العهد السعودي، تم تركيب بابين الأول في عهد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، عام 1363هـ/1944م حيث صنع باب جديد من الحديد بسمك 2.5 سم، وارتفاع 3.1 م ومدعم بقضبان من الحديد، وغطىِ وجهه الخارجي بألواح من الفضة المطلية بالذهب، وزين الباب بأسماء الله الحسنى، وقد صنعه شيخ الصاغة بمكة المكرمة.

أما الباب الثاني فقد أمر بصنعه الملك خالد بن عبدالعزيز، رحمه الله، عندما لاحظ قِدَمْ الباب عند صلاته في جوف الكعبة ورأى آثار خدوش فيه. أصدر الملك خالد توجيهاته فوراً بصنع باب جديد للكعبة وباب آخر لباب التوبة من خشب، وتغليفه بالذهب الخالص عام 1397هـ/1977م.

13. باب التوبة

يقع هذا الباب في الناحية الشمالية، حيث يصعد من خلاله إلى سطح الكعبة. وقد تم تصميمه على أساس أن يأتي مطابقاً للباب الرئيسي، من حيث الزخرفة وطريقة الكتابة، بحيث يظهر التجانس بين البابين. ويبلغ عرضه 70 سم وارتفاعه 230 سم، وصنع من نفس نوع الخشب المصنوع منه باب الكعبة، ولكن بسماكة أقل، وهو يوصل إلى سطح الكعبة. وبوسط الكعبة من الداخل ثلاثة أعمدة مرتكزة على حائط الحجر الأسود من ناحية، وحافة الميزاب من ناحية أخرى، وترجع إلى عصر ابن الزبير.

ثالثاً: المطاف

يحيط بالكعبة المعظمة المطاف، وهو دائرة مستطيلة، يبلغ قطرها الشمالي الجنوبي واحداً وخمسين متراً. وقطرها الشرقي والغربي واحد وأربعون متراً، وتبعد دائرة المطاف الخارجة عن مستطيل الكعبة غرباً وجنوباً تسعة عشر متراً، وشرقاً وشمالاً اثني عشر متراً.

والكعبة لم تبن بالطين أو الحجر بل كانت رضماً غير مسقوف؛ لما رواه ابن عباس في صدد بناء الخليل، حيث قال: "أما والله ما بنياه بقصة ولا مدر، ولا كان معهما من الأعوان والأموال ما يسقفانه، ولكنها أعلماه فطافا به".

ولقد ذرع محمد طاهر الكردي، رحمه الله تعالى، عرض بلاط المطاف من شاذروان الكعبة فكان من صوب المشرق 11.5 م، ومن صوب الشمال 12 م، ومن صوب الغرب 16.65 م، ومن صوب الجنوب 20.15 م. أما ذرع المطاف بعد توسعته الأخيرة، فأصبح على التوالي 16.65 م، 27.40 م، 26.80 م، 27.70 م.

رابعاً: المسجد الحرام

بعد بناء إبراهيم وإسماعيل، عليهما السلام، الكعبة، بقيت المساحة حول الكعبة غير مبنية ولا محاطة بجدار وقامت حولها الدور من بعد تولى قصي بن كلاب حكم مكة، قبل البعثة النبوية بحوالي 150سنة. وبعد الفتح العظيم في السنة الثامنة من الهجرة اتخذت تلك المساحة حول الكعبة مسجداً، وعندما ضاقت بالطائفين والمصلين هدم عمر بن الخطاب t بعض الدور التي حوله وحولها إلى ساحة المسجد، وأقام جداراً قليل الارتفاع، ثم وسعها عثمان بن عفان t وأدارها برواق، ومن بعده وسعها عبد الله بن الزبير t.

أما الوليد بن عبدالملك الأموي، فقد نقل إليها أساطين الرخام، وأقام السقف وزخرفه، ثم توالت التوسعة إلى يومنا هذا. وفي هذا المكان يطوف الحجاج والمعتمرون والزوار في الليل والنهار.

وقد وصفه الله تعالى حيث قال: ]فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ[ (سورة آل عمران: الآية 97)، أي الحجر الذي قام عليه عند بناء البيت، وأثر قدميه فيه إلى الآن، على رغم تطاول الزمان.

خامساُ: مقام إبراهيم u: موضع المقام في الجاهلية والإسلام

ذكر الفاسي، في كتابه شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام، أن موضع المقام في الجاهلية والإسلام هو الذي كان عليه في عهد النبي r وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما، إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر t، فجعل في وجه الكعبة، حتى قدم عمر فرده بمحضر من الناس. كان وضع مقام إبراهيم u في مكانه الذي هو عليه الآن من عمل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t، وذلك أنه جاء سيل أم نهشل في خلافته سنة سبع عشرة من الهجرة إلى مكة من أعلاها فدخل المسجد الحرام، وكان سيلاً عظيماً، اقتلع المقام من موضعه وذهب به، فلما جف الماء وجدوه أسفل مكة فأتي به وألصق في وجه الكعبة وربط بأستارها. وكان عمر يومئذ بالمدينة فلما بلغه ذلك هاله الأمر وركب من ساعته فزعاً إلى مكة فدخلها بعمرة في رمضان من السنة المذكورة، فلما دخل المسجد الحرام ووقف على حجر المقام، قال أنشد الله عبداً عنده علم في هذا المقام، فقال المطلب بن أبي وداعة السهمي t: أنا يا أمير المؤمنين عندي علم بذلك، فقد كنت أخشى عليه مثل هذا الأمر فأخذت قدره من موضعه إلى الركن، ومن موضعه إلى باب الحجر، ومن موضعه إلى زمزم بمقاط، وهو عندي في البيت. فقال عمر: فاجلس عندي وأرسل إليها فأت بها، فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا، فسأل الناس وشاورهم، فقالوا نعم هذا موضعه. فلما تثبت عمر t من ذلك أمر به فأعلم ببناء تحت المقام، ثم وضعه. فهو في مكانه هذا إلى اليوم. وعمل هذا الصحابي الجليل أحسن من عمل الكثير من أعمال المساحة، التي يطبقها كبار المهندسين في توقيع نقطة معينة.

إن مقام إبراهيم u حيث قال تعالى في حقه ]وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى[ (سورة البقرة الآية 125) وقال تعالى ]فِيهِ ءايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيم[ (سورة آل عمران: الآية 97) فهو مقام مقدس لا يستهان بأمره، وهو كالحجر الأسود يرتبط أمرهما بالكعبة المشرفة، إلى أن تقوم الساعة، فخليق بعمر t، أن يحضر من المدينة إلى مكة سريعاً، عندما بلغه خبر السيل، الذي اقتلع المقام من محله وذهب به إلى أسفل مكة.

روى الأزرقي في تاريخه، عن عبد الله بن صفوان، أنه قال: أمر عمر بن الخطاب t عبدالله بن السايب العابدي، بتحويل المقام إلى موضعه الذي هو فيه اليوم، قال فحَّوله ثم صلى المغرب، وكان عمر t قد اشتكي رأسه، وهذا أيضاً هو السبب في عدم وضعه المقام بنفسه في محله، كما هو صريح عبارة الأزرقي.

قال فلما صليت ركعة جاء عمر فصلى ورائي. قال فلما قضى صلاته قال عمر أحسنت فكنت أول من صلى خلف المقام حين حول إلى موضعه.

كان كرسي المقام من صفائح الرصاص حتى استبدل به الخليفة المنتصر بالله العباسي سنة 241 صفائح من فضة، ثم أنشئت له مقصورة ثانية سنة 810، على يد السلطان فرج بن برقوق، وصفها الفاسي عن مشاهده، وقال إن مقام إبراهيم يتوسط القبة وشبابيكها الأربعة الحديدية، ويحيط بالمقام قبة من حديد، يقصد المقصورة، مثبتة في الأرض. أما القبة التي تعلو القبة الحديدية التي بجوفها المقام، فيعتقد أنها من عمل الملك المسعود صاحب اليمن ومكة، ثم جددت قبة المقام عام 900هـ ثم 1049 هـ، ثم نقشت بالذهب عام 1072 هـ وفي عام 1279هـ زاد السلطان العثماني عبدالعزيز في ارتفاع القبة نحو ذراع ونصف. ونقل إبراهيم بن عبيد العبد المحسن، عن ابن بشر في تاريخه (عنوان المجد في تاريخ نجد 1/187) أن الأمير سعود بن عبدالعزيز كشف القبة، التي تعلو صخرة المقام في حجة عام 1225 هـ؛ ليرى الناس الحجر وأثر القدمين، ووصفها ابن بشر بقوله (صخرة بيضاء مربعة، الرأس طولها نحو الذراع، وعليها سبيكة صفراء نقش عليها ) ]إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(120) شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(121) وَءاتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ(122) ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ[ (سورة النحل: الآيات120 ـ 123).

وتحمل كسوة المقام آيات قرآنية، وأدعية، ونصوصاً تاريخية، ونقوشاً زخرفية، أوردها إبراهيم رفعت في مرآة الحرمين 1/246، وهى التي شاهدها في حجة عام 1325 هـ.

وفي رجب سنة 1387هـ، بنى الملك فيصل آل سعود المقام الجديد ـ الحالي ـ ومساحته 40×40 سنتيمتر، وأصبح غطاؤه من الكرستال، والحاجز من الحديد، والقاعدة من الرخام. ومجموع مساحته 1.80× 1.30م2، مما أدي إلى توفير نحو خمسة أمتار في عرض المطاف، ويبلغ قطر الغطاء الخارجي 80 سنتميراً، وسمكه 20 سنتيمتراً، بينما ارتفاعه نحو المتر، وهو مقام على قاعدة نحاسية مستديرة مشيدة على قاعدة من الرخام، بارتفاع ثلاثة أرباع المتر وبلغ وزن الغطاء 1700ك/جرام، منها 600ك/جرام وزن القاعدة النحاسية فقط. ولقد أحيط المقام من الداخل بحاجز من المرمر، بينما يرتفع الحاجز الحديدي ثلاثة أمتار.

سادساً: زمزم، حفر البئر وأسماؤها

بعد أعمال السعي، التي قامت بها أم إسماعيل عليهما السلام، حدثت المعجزة الإلهية، عندما ضرب جبريل عليه السلام بقدمه أو بجناحه مكان زمزم ففار الماء. ولما رأت أم إسماعيل الماء ذلك، هرولت لترى الماء ينبع ويسيح في الوادي. وخشيت أم إسماعيل نفاذ الماء وحجرت عليه، وهي تردد: زم زم. وقد قال الرسول r ]يَرْحَمُ اللَّهُ أُمَّ إِسْمَاعِيلَ لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ الْمَاءِ لَكَانَتْ عَيْنًا مَعِينًا[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 2195). وبما أن المكين (المحيط الذي حول الكعبة) على طريق القبائل، التي تجوب الجزيرة العربية جنوباً وشمالاً، فقد رأوا أثر الماء في واقع ملموس حيث الطيور تحلق حول مكان، وعرفوا أن هناك مصدر حياة (ماء أو غذاء) وعرفوا ذلك بالسليقة أن معجزة قد حدثت، وتوجهت قبيلة جرهم إلى موقع البئر، وطلبت مجاورة إسماعيل وأمه، فوافقت أم إسماعيل، على ذلك، وشاركتهم الماء والأرض حسب اتفاق جرى بينهما، وتزوج منهم إسماعيل عليه السلام واستقر به المقام حول زمزم. ومنذ ذلك الحين، بدأت أفئدة من الناس تهوي إليهم استجابة لدعاء أبينا إبراهيم عليه السلام، عندما أمره الله تعالى بالأذان بالحج.

عن ابن عباس، رضى الله عنهما، قال رسول الله r ]مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ[ (سنن ابن ماجه، الحديث الرقم 3053). ]إن شربته تستشفى به شفاك الله U، وإن شربته ليشبعك أشبعك الله، وإن شربته لقطع ظمئك قطعه الله، وهي هزمة جبريل u وسقيا الله إسماعيل u [. أخرجه، الدار قطني موقوفا وأحمد وابن ماجة منه مرفوعاً ]مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ[. ولقد خص الله U عبد المطلب ـ جد النبي rـ بكشف زمزم. كانت جرهم تشرب من زمزم، ثم استخفت بحرمة البيت ونهبت مال الكعبة وأفسدت في الحرم فنضب ماء زمزم وغبي موضعه. ويروي الزبير بن بكار أن جرهم دفنتها حين خرجت من مكة. وذكر الأزرقي أن أول من عمل على زمزم شباكاً أبو جعفر المنصور كما جعل عليها الرخام وفرش أرضيتها.

1. موقع البئر

تمثل فوهة بئر زمزم أثر قدم أو جناح المَلَك، وتقع أسفل منطقة الطواف الحالي في دائرة من الرخام كتب عليها "زمزم". ويبعد فم البئر عن سطح صحن الطواف 56,1 م، ويبعد مركز فتحة البئر عن الحجر الأسود 60,20متر، كما يبعد منتصف الحجر الأسود حتى سطح صحن الطواف 25,1م، كما يبعد عن مقام سيدنا إبراهيم u بمقدار 12.45 م. كما يوجد حوضان أنشئا لتجميع المياه الجوفية بجوار بئر زمزم أحدهما يبعد 31 م، بينما يبعد المصدر الآخر 36 م. وهذه الأماكن تركت في الدكة الخرسانية لأرضية زمزم لتصرف هذه المياه الجوفية.

2. أعمال الحفر والصيانة للبئر

اندثرت البئر بعد موت أحفاد إسماعيل u وإهمالهم العناية بالكعبة والبئر، وتوالت على البئر السنون وأهملها الإنسان واندفنت إلى أن نُبِّئَ عبد المطلب بن هاشم جد الرسول r، ثلاث مرات بحفر البئر. وقام هو وبنو جلدته من حماة الحرم بالفعل بحفر بئر زمزم، وتنظيفها مما ألقي بها واستخرج الماء مرة أخرى للحجيج. وتوالت بعد ذلك حفريات البئر. وقد عرفت البئر بأسماء عديدة منها زمزم، هزمة جبريل u، سقيا إسماعيل u لا تنزف ولا تذم، وهي بركة، وسيدة، ونافعة ومضمونة، وعونة، وبشرى، وصافية، وبرة، وعصمة، وسالمة، وميمونة، ومباركة، وكافية، وعافية، ومقزية، وطاهرة، وحرمية، ومروية، ومؤنسة، وطعام، وشفاء من كل سقم.

عندما فتح الرسول r مكة في السنة الثامنة من الهجرة وطاف بالبيت العتيق على ناقته ]‏جَاءَ النَّبِيُّ ‏r ‏إِلَى ‏‏زَمْزَمَ ‏‏فَنَزَعْنَا لَهُ دَلْوًا فَشَرِبَ ثُمَّ ‏مَجَّ ‏فِيهَا ثُمَّ أَفْرَغْنَاهَا فِي ‏‏زَمْزَمَ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تُغْلَبُوا عَلَيْهَا لَنَزَعْتُ بِيَدَيَّ[ (مسند أحمد، الحديث الرقم 3347). ومنذ ذلك الوقت والحجاج والمعتمرون والمجاورون والزوار للمسجد الحرام يشربون ويستشفون من ماء زمزم، كما ينقل يومياً منها عشرات الأمتار المكعبة إلى المسجد النبوي الشريف.

أما حالة البئر حالياً تتركب من قسمين أولهما: جزء مبني بعمق 12.8 متر وينقسم هذا الجزء إلى قسمين الجزء الأول بعمق 9.8 متر مليس بالأسمنت، والجزء الثاني بعمق 3 م مليس قديماً بالنورة وقد يكون من عام 1028هـ.

ثانيها جزء منقور في الجبل وعمقه 17.20 م، أما قطر بئر زمزم فيختلف باختلاف العمق، فهو يراوح بين 1.50 م ـ 2 مترين. أما عند التقاء الجزء المبني بالجزء المنقور في الصخر فيصل قطر البئر 1.8 م.

أما العيون الرئيسية والقديمة لبئر زمزم، فقد بنيت بصفين من الحجارة وهي عند مكان التقاء الجزء الحجري من البئر بالجزء المنقور في الصخر. إن الفتحة الأساسية الأولى (العين الكبرى) جهة الحجر الأسود بطول 70 سم وبفتحة قدرها 30 سم، وبها غور إلى الداخل في اتجاه الكعبة، يتدفق منها أكبر قدر من المياه. أما الفتحة الأساسية الثانية (العين الصغرى) وهي جهة مقام سيدنا إبراهيم بطول 45 سم وبفتحة قدرها 30 سم، وبها غور اتجاه مقام إبراهيم، وتبعد عن الفتحة الأولى بمقدار متر واحد. العيون الفرعية تتكون من خمس فتحات للمياه في مسافة طولها متر واحد بين الفتحتين الأساسيتين. كما يوجد فيها أيضا واحد وعشرون فتحة تصل بين الفتحة الأساسية جهة الحجر الأسود حتى تصل إلى الفتحة الأخرى جهة مقام إبراهيم. تتدفق المياه من هذه الفتحات بكميات متفاوتة، كما أنها لا توجد على مستوى واحد ولكنها تخرج من بين الأحجار وعلى مستويات مختلفة.

وقد قام معهد خادم الحرمين لأبحاث الحج في سنة 1400هـ بدارسة مياه بئر زمزم، وأخذت عينات من البئر، وقد تبين أن استمرار الضخ من البئر بكميات عالية يؤدي إلى تنظيف هذه العيون. وهذا يؤكد، مما لا يدع مجالا للشك، أن مصادر مياه زمزم الأساسية خالية تماماً من أي نوع من الميكروبات المسببة للتلوث ولله الحمد.

يتميز ماء زمزم بطعم فيه ملوحة، ولكنه طعم خاص غير طعم كل مياه الدنيا، لذلك من ألف شربه وعرف طعمه يميزه عن بقية المياه سريعاً، ولو مرت عليه أعوام عديدة ولم يذقه. والحقيقة أنه يصعب وصف طعمه ولا يعرفه، إلا من ذاق طعمه بنفسه. نعم فيه ملوحة خفيفة ولكنها مستملحة مقبولة محببة إلى نفس المؤمن.

سابعاً: الصفا والمروة، شعائر السعي

عندما ترك إبراهيم u هاجَر وابنها إسماعيل، عليهما السلام، ونفذ ماؤهما وطعامهما اشتدت شفقة أم إسماعيل، واعَتَلت جبل الصفا شرق موقع الكعبة المشرفة، علها ترى قادماً وهبطت الوادي باتجاه الشمال، ثم سعت واعَتَلت جبل المروة الذي يقع شمال شرق الكعبة علها ترى قادماً، وكررت العمل سبعاً، كل شوط حوالي 400م، وقد فرض الله السعي على الحاج والمعتمر بعد ذلك، اقتداء بأم إسماعيل عليهما السلام، حيث قال سبحانه ]إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ[ (سورة البقرة: الآية 158).

ثامناً: المحيط العمراني للحرم المكي

تقع مدينة مكة المكرمة في بطون الأودية وعلى سفوح الشعاب المحيطة بها. والسفوح الجبلية التي تنتشر بينها هذه الشعاب شديدة الانحدار، ولها تأثير كبير على الامتداد العمراني للمدينة. إن تطور مدينة مكة، عبر القرون، كان دائماً مرتبطاً ارتباطاً وظيفياً بانحدار السفوح واتجاه الأودية وموضع السهول منها. ونظراً لضيق هذه السهول، فقد قام العمران وانتشر على السفوح المطلة على الحرم الشريف. وذلك حرصاً على البقاء بجوار الحرم ما أمكن، ونظراً لعدم وجود وسائل المواصلات التي تسهم في انتشار العمران في المناطق البعيدة. غير أنه منذ الأربعينيات من هذا القرن، بدأ استخدام المواصلات الحديثة، وهذا أسهم في زيادة الانتشار العمراني، وتوسعة الرقعة الأرضية، التي تمتد عليها العاصمة المقدسة. وعلى الرغم من تأثير العوامل الطبيعية في تحديد الامتداد العمراني، فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية كان لها الدور الأكبر في نمو المدينة على السفوح. وعلى هذا، لم تكن العوامل الطبيعية هي التي فرضت الطابع الحضاري للمدينة، وإنما كان تأثيرها يتناوب في أهميته مع العوامل الاقتصادية والاجتماعية، وعلى هذا، لا نستطيع الجزم بأن هناك تأثيرات طبيعية منفردة، وإنما هناك تأثيرات مشتركة للعوامل الطبيعية والظواهر الاقتصادية والاجتماعية مجتمعة في نسق واحد. ولهذا يمكن القول إن هناك تأثيراً ملموساً للعوامل الطبيعية على تكوين ومظهر المدينة المقدسة، فإذا ما أخذنا المناطق المعمورة بعين الاعتبار، نجد أن التضاريس قد حددت شكل المدينة بوضعية خاصة تماثل الامتداد الطبيعي لمجموعة من الأودية مركزها المسجد الحرام. غير أن هذا التأثير العائق للنمو العمراني لم يكن عقبة كأداء أمام امتداد المدينة على السفوح. فقد قامت مشاريع الإسكان الخاصة والحكومية، بتغيير الكثير من الظواهر التضاريسية وتسهيلها وجعلها صالحة للسكن. غير أن هذا لم يؤثر بطبيعة الحال على موضع المدينة الذي فرضته العوامل الطبيعية. فتسهيل السفوح والانتشار العمراني عليها لم يفقد العوامل الطبيعية سلطانها في تحديد الشكل العمراني للمدينة، إذ إن الناظر لا يحتاج إلى الكثير من العناء؛ لإدراك تأثير العوامل الطبيعية في تحديد مظهر المدينة وشكلها، الذي يتطابق مع شكل الأودية والسفوح القائمة عليها. فشكل مدينة مكة المكرمة ومظهرها هو امتدادات أودية إبراهيم، وطوى، وفخ، وأعالي وادي محسر (العزيزية ومنى). إن المواصلات القائمة في المدينة المقدسة فرضتها شبكة التصريف المائي السابقة الذكر، فشوارع مكة المكرمة، الرئيسية منها والفرعية، هي بطون الأودية والشعاب، التي قامت عليها المدينة. ولا يشذ عن هذه القاعدة إلا بعض الطرق القصيرة التي ربطت أحواض تصريف هذه الأودية بعضها ببعض عن طريق فتح العقبات وبناء الجسور أو عن طريق الأنفاق. ولم تكن هذه إلا في العقدين الماضيين، مما يبرز التأثير الكبير للعوامل الطبيعية في الهيمنة على طرق مواصلات المدينة المقدسة، ويمكن معه القول بأن هناك ارتباطاً طردياً بين وجود الأودية والشعاب، ووجود طرق المواصلات. أما في المناطق الجبلية وعلى السفوح، فقد فرضت وعورة المنطقة واكتظاظها العمراني نمطاً خاصاً من طرق المواصلات، يمتاز بضيق المسالك والدروب من ناحية، كما يمتاز باستعمال درج الصعود الحجري من ناحية أخرى. ومن هذا، يستخلص أن العوامل الطبيعية، كمحدد عمراني، قد تظهر من خلال العرض التحليلي للعوامل الطبيعية الثلاث وهي: التضاريس والحرارة والسيول، التي تثبت النقاط التالية:

1. إن شدة انحدار السفوح كانت عائقاً في الامتداد العمراني للمدينة، إلا في منطقة المسجد الحرام.

2. إن امتداد العمران فرضته شبكة الأودية في المدينة.

3. إن امتداد السلاسل الجبلية في المدينة فرض تطورها على شكل خلايا منعزلة قائمة بين شعاب هذه الجبال وسفوحها، غير أن هذه العزلة قد زالت بافتتاح الأنفاق الموصلة بين هذه الخلايا.

4. إن تصور الناس في مكة، عن وجود انخفاض نسبي في درجة حرارة بعض المناطق المحيطة بمكة، نتيجة تيارات هوائية ناجمة عن انفتاح هذه المناطق، ساعد على الامتداد العمراني في تلك المناطق قبل غيرها.

5. لقد كانت السيول عائقاً آخر للامتداد العمراني في المناطق البعيدة عن الحرم أما في المناطق المحيطة بالمسجد الحرام، فقد انعدم تأثير هذا العامل.

إن المتتبع لمراحل النمو الحضري لمدينة مكة المكرمة يجد أن الأسباب الدينية المتمثلة في وجود المسجد الحرم، هي التي تفسر موقع وشكل التطوير في المدينة المقدسة، أكثر مما تفسره الأسباب الدنيوية الأخرى. سخر الله خليله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام لبناء الكعبة ولينشرا الحنيفية في ربوع الجزيرة العربية والعالم أجمع. ومن قبل ذلك التاريخ وبعده، زار مكة وحج كعبتها الأنبياء والرسل والموحدون. وأرسل الله رسوله محمد بن عبد الله r من هذه البقعة المباركة وبعثه إلى العالم كافة، لينشر الدين الإسلامي خاتم الأديان. فكانت مكة مهداً للوحي، ومناراً للعالم الإسلامي، يتطلع إليها المسلمون بشوق بالغ، وتتجه وجوههم لها خمس مرات في اليوم. فنمت مكة واتسعت أطرافها وسكنتها عدة قبائل عربية مثل جرهم وقطورا وخزاعة ثم قريش. وقريش هم ممن تجمع من بني كنانة وقضاعة لنصرة ومؤازرة قصي بن كلاب على خزاعة، وبهذا أصبح قصي بن كلاب أول رجل من بني كنانة أصاب ملكاً، وسمي قصي مجمعاً لأنه جمع قريشاً بمكة، وسميت قريش في ذلك العام قريشاً؛ لأنها تجمعت، والتقريش هو التجمع في بعض كلام العرب، ولم يسم قرشي قبل ذلك اليوم.

ما كاد يتسلم قصي زمام الحكم في مكة حتى أسس دار الندوة لشورى قريش في مهام الأمور، ولم يكن يدخلها من قريش إلا من بلغ الأربعين. أما المناصب الأخرى، التي تولاها قصي في بداية حكمه، فهي الحجابة وهي السدانة، وتعني الإشراف على الكعبة، والرفادة وهي توفير الطعام للحجاج، والسقاية وهي توفير الماء للحجاج، فقد وزعها القرشيون فيما بينهم بالعدل ليرضوا كل بطون قريش، وحتى لا يدب التنافس بينها. كما أن قصياً كان أول من أوقد ناراً في منى ليهتدي بها الحجيج ليلة النفرة من عرفات.

وبحرص قريش على خدمة الحجاج ورعاية قدسية البيت الحرام، ارتفعت مكانتها في نفوس العرب، وقوي مركزها الأدبي، وابتدعت بعض النظم والتقاليد لتحقق لنفسها شيئاً من السيادة الأدبية والنفع الاقتصادي. كما اجتهدت في توفير الأمن بمنطقة مكة، حيث كانت المنطقة تسودها غارات السلب والنهب. ومدت حدود الحرم، حتى جعلتها تشمل منطقة مكة كلها، فلا يجوز سفك الدماء ولا طلب الثأر، وجعلت الأمن يشمل كل شيء حي من طير ونبات، حتى الوحوش. كما سنت الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر رجب الشهر السابع من التقويم الهجري وذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ويتم الحج في شهر ذي الحجة.

استمر أمر مكة في أيدي القرشيين من أحفاد قصي بن كلاب، حتى السنة الثامنة من هجرة الرسول r، وهي سنة الفتح العظيم للإسلام، عندما دخل الرسول  والمسلمون مكة منتصرين على المشركين من قريش. وبعد أن استتب أمر مكة للمسلمين، ولَّى رسول الله r على مكة عتاب بن أسيد القرشي t، وأوصاه بمكة وأهلها، حيث قال صلوات الله وسلامه عليه ]أتدرى على من وليتك يا عتاب؟ على جيران بيت الله، فاستوص بهم خيراً[ وبهذه الوصية الشاملة استمر الخلفاء الراشدون، والخلفاء وحكام الدول الإسلامية من بعدهم، على رعاية مكة المكرمة وأهلها وعمارة وصيانة مقدساتها.

تاسعاً: مكة المكرمة في العهد الإسلامي

لقد اختار الله هذه البقعة المباركة؛ لتكون الموطن الأول للدعوة إلى الإسلام، التي حملها الرسول الكريم r، كما كانت موطناً لدعوة التوحيد، التي دعا إليها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. وأشرق نور الإسلام من بطاح مكة، وزلزل أركان قريش، فقاومته في أول عهده، ثم لانت قناتها للإسلام، وحمله أبناؤها إلى بقاع الجزيرة العربية الأخرى، ثم إلى البقاع المجاورة ليشمل الرقعة الأرضية للعالم الإسلامي اليوم، وأصبحت مكة المكرمة بؤرة الإسلام، وقد عاشت خلال العهود الإسلامية فترات مختلفة من تاريخها يمكن تقسيمها إلى ثلاث فترات متباينة هي:

1. فترة الازدهار

عاشت مكة المكرمة، منذ بزوغ العهد الإسلامي، فترات مختلفة من تاريخها، يمكن وصف الفترة الأولى بعهد الازدهار، تلتها فترات متباينة. وتشمل فترة الازدهار صدر الإسلام، ابتداء من البعثة النبوية مروراً بدولة بني أمية عام 132هـ (749 م)، وأوائل العهد العباسي في مبتدأ القرن الرابع الهجري. ففي خلال هذه الحقبة، أصبح سكان مكة من الصحابة والتابعين قواداً وجنوداً في جيوش الإسلام في عهد الراشدين والأمويين، وانتقل العدد الكبير منهم إلى البلاد المفتوحة في مصر والشام والعراق. وشهدت مكة، في عهد النبوة وعهد الراشدين نوعاً من الهجرة النازحة، إما إلى المدينة المنورة في أوائل عهد البعثة، وإما إلى أمصار العالم الإسلامي مع الجيوش الإسلامية، أو لتولي المناصب القيادية في الأمصار المفتوحة.

أما في العهد الأموي، فقد شهدت المدينة المقدسة نوعاً من الهجرة الوافدة، فقد غصت مكة في هذا العهد بجمهرة كبيرة من طلاب العلم، وفدوا إليها من أقطار العالم الإسلامي، ليتلقوا العلم عن الصحابة والتابعين. كما شهدت مكة عودة بعض أبنائها، ممن غادروها للاشتراك في الجهاد وحركات الفتح.

لقد تضخمت الثروات في ذلك العهد، فزاد النشاط التجاري، وتوسع المزارعون، وتنافسوا في حفر الآبار، وقد وجدت بساتين (حوائط) النخل والزرع في المعلاة والحجون والشهداء والمسفلة، وفاضت أسواق مكة بمنتوجات ضواحيها، من الحبوب والخضر، وشاع الرخاء فعم الحاضرة والبادية.

إن توسعات الحرم المتعاقبة كانت تعني توسعة المدينة نحو الأطراف، لأن من يهدم بيته كان يقوم بالبناء في مكان ابعد عن الحرم. هكذا نجد أن توسعات الحرم كانت تساعد بطريقة غير مباشرة، على زيادة رقعة المدينة المقدسة. ويمكن القول إنه في خلال هذه الفترة الذهبية، التي عاشتها مكة، في عهد الراشدين والأمويين وأوائل العهد العباسي، في بداية القرن الرابع الهجري، زادت كثافة البيوت من حول المسجد الحرام لأن غالبية السكان كانوا يفضلون السكنى بالقرب منه، فأخذ وسط أم القرى شكل المدينة المكتظة، وتركت الأطراف للقبائل، التي تنزلها تؤدي دور الضواحي للمدينة. ولم يزد الاكتظاظ في طول المدينة عن الجودرية (بئر مطعم ابن عدي) من الناحية الشمالية. أما من الجهة الأخرى فلم يتجاوز العمران الشبيكة. أما شرقها إلى غربها، فقد كان تكاثف السكان فيها، من أوائل مدخل أجياد إلى القشاشية إلى النواحي القريبة من سوق الليل وشعب بني هاشم، ومن سويقة إلى قرارة المدعى إلى الجزء القريب من الشامية. ومما يجدر ذكره أن تحديد العمران في هذا العهد لا يعنى به التحديد المتبادر إلى الأذهان، لأن المعروف أن كثيراً من السكان كانوا يسكنون إلى مسافات تتجاوز هذه الحدود، فشعب عامر كان مسكوناً في العهد الجاهلي، وكذلك كانت الحجون والمعابدة. وإذن فالمراد بالتحديد، هو العمران المتصل، وهذا لا يمنع من وجود المساكن في الضواحي القريبة.

2. فترة الركود

وفي سنة 358 هـ (968 م) من زمن الخلافة العباسية، أضحت مصر تحت حكم الدولة الفاطمية، ومكة تحت حكم الأشراف، وقد تنافس الفاطميون في القاهرة والعباسيون في بغداد، حول القيادة الإسلامية، بمحاولة تأسيس علاقات وثيقة مع حكام مكة المكرمة. وبما أن الفاطميين كانوا أكثر نفوذاً، فقد تم الأخذ بعاداتهم وبعض تقسيماتهم الإدارية وتوزيع السلطات والمسؤوليات لديهم، في مكة المكرمة. وبانتهاء الحكم الفاطمي حوالي عام 567 هـ (1171 م) وتأسيس الدولة الأيوبية في مصر وفي سوريا، مدت هذه الدولة الجديدة نفوذها إلى مكة المكرمة والحجاز، وانتهت بعد فترة دامت حوالي ثمانين سنة، ولم تتأثر حياة مكة المكرمة بحكمهم مثل ما حدث لها أيام الفاطميين.

3. فترة الانتعاش

في الفترة من عام 923 إلى 1343هـ (1517 ـ 1924م) آلت مقاليد المسلمين إلى آل عثمان في تركيا، والذين اتسعت فتوحاتهم وشمل نفوذهم الحرمين. وطوال هذه الحقبة كانت الهجرة مستمرة إلى مكة، فقد بدأت آفاق الإسلام تجد طريقها ميسوراً إلى مكة أكثر من ذي قبل، فكثر المجاورون، وتنوعت أصنافهم. وساعدت قوة الدولة العثمانية، خلال القرنين الأولين لحكمها، على اتساع عمران المدينة وازدهارها، حيث كانت هذه فترة عز الدولة العثمانية، ثم ساعدت أطماع أوربا في أملاك العالم الإسلامي على الهجرة إلى مكة بعد تلك الفترة، خاصة بعد أن دب الضعف في كيان الدولة العثمانية، وهذا ما شجع الدول الغربية على اقتطاع أملاكها، وزادت الفتن والحروب، وفر كثير من سكان هذه البلاد بدينهم، والقليل بدنياهم، إلى مكة وبقية مدن الحجاز، لبعد هذه البلاد عن ضغط الأوربيين. وقد بدا أثر ذلك واضحاً في مكة، حيث نجد، إضافة إلى سكان مكة من الأشراف وآل البيت، أن كثيرا من العائلات التي تسكنها تنحدر اليوم من أصول مصرية أو تركية أو مغربية أو شامية أو صينية أو هندية أو إندونيسية. لقد اتخذ هؤلاء من مكة مناطق خاصة بهم، سميت بأسمائهم حيث نجد من آثار ذلك جبل الترك، وجبل هندي، وجبل السليمانية (الأفغان)، وزقاق المغاربة، وزقاق البخارية، وأصبحت مكة تنقسم باعتبار الأجناس إلى أقسام، تشبه المستوطنات، كل مستوطنة تسكنها جالية. فهناك منطقة للترك، وثانية يستوطنها أهل البنغال والهند، وثالثة لأهالي غرب إفريقيا، وأخرى يستوطنها الجاويون وأهل بخارى وأهل الشام واليمن وحضرموت. (اُنظر شكل مسقط الحرم المكي) و(شكل الأجزاء المضافة) و(اُنظر صورة الأعمدة في الحرم) و(صورة الواجهات الخارجية).

 



[1] كما ورد في صحيح البخاري (الحديث الرقم 101) قوله r: ]‏إِنَّ ‏مَكَّةَ ‏‏حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ ‏يَسْفِكَ ‏‏بِهَا دَمًا وَلا ‏يَعْضِدَ ‏بِهَا شَجَرَةً[.

[2] سُمي الحطيم لأن البيت لما رُفع، ترك هذا الجزء محطوماً. وقيل لأن أهل الجاهلية كانوا يطرحون فيه ثيابهم التي طافوا بها. فبقي حتى حُطم بطول الزمن. وقيل لأن الناس كانوا يزدحمون على الدعاء عنده، ويحطم بعضهم بعضاً.