إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الحَرمان الشريفان، والتوسعات المختلفة




مآذن الحرم التسعة
واجهة ومئذنة
واجهة ومئذنة أخرى
واجهة ومئذنة القبلة
أحد الشوارع
الواجهات الخارجية
الواجهة الشرقية
المدخل الشمالي الرئيسي
الأسقف الداخلية والعقود المدببة
المظلات وهي مغلقة
المظلات وهي مفتوحة
الأعمدة وقواعدها
الأعمدة في الحرم
التوسعة السعودية الثانية والثالثة
التكامل والانسجام
الحجر الأسود
الروضة الشريفة
العقود المدببة (الأبلق)
القباب المتحركة المغلفة
القباب المتحركة المفتوحة
بوابة المروة وساحة المسعى
توسعة خادم الحرمين الشريفين
بداية التوسعة السعودية
ساحة المطاف
زخارف الواجهات الخارجية
سطح الحرم وساحة السعي
كسوة الكعبة

مخطط مقارن للمسجد
إضافة دار الندوة
مسقط للحرم المكي
مسقط أفقي بعد توسعة
مقام إبراهيم ـ عليه السلام ـ
المنطقة المحيطة والأراضي المنزوعة
المنطقة المركزية والخط الدائري
الأحياء الملتفة حوله
الأجزاء المضافة
المخطط بعد العمارة العثمانية
التأثير على المحيط العمراني
التوسعات في عهد المهدي العباسي
الحرم في عهد عمر بن الخطاب
الحرم في عهد قريش
الركن اليماني
الشوارع والطرق
الكعبة بعد العمارة العثمانية
توسعات في عهد الملك عبدالعزيز
توسعة أبو جعفر المنصور
توسعة المهدي
توسعة الوليد بن عبدالملك
توسعة عبدالله الزبير
تصور لمسجد الرسول ـ صلى الله عليه وسلم




المبحث التاسع

المبحث التاسع

التوسعة السعودية الرابعة للحرم النبوي الشريف

توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (حفظه الله)

بدأت جذور هذه التوسعة المباركة، حين نزعت الدولة ملكية الدور، التي بجوار الحرم النبوي الشريف من الناحية الشمالية والغربية في عام 1393 و1397هـ، وهيئت فيها مظلات مرصوفة ومفروشة للمصلين.

وعندما زار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله المدينة عام 1403هـ، ورأى مساحة الحرم النبوي تضيق عن استيعاب المصلين من زائرين وحجاج، أمر حفظه الله بتوسعة المسجد، بما يتناسب مع زيادة عدد الوافدين، ومن هنا كانت الانطلاقة الكبرى نحو هذه التوسعة، التي لم يشهد العالم الإسلامي لها مثيلاً، والتي تدل على قلب عامر بالإيمان بالله تعالى، حريص على تثبيت دينه، شديد الحب لرسوله r، والرفق بالمسلمين في مملكته من مختلف بقاع الأرض، التي يفد منها المسلمون إلى الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة. وفى زياراته السنوية (عام 1403هـ) لمدينة الرسول r، نوه حفظه الله بطموحه أن تصل مدينة رسول الله r إلى المستوى اللائق بمكانتها الخاصة في قلوب المسلمين.

فكرة المشروع

بنيت الفكرة التصميمية، على أساس بناء مبنى جديد، وربطه مع مبنى التوسعة الثانية؛ لتشتمل قاعة الصلاة على يمين ويسار ومؤخر التوسعة الثانية. ففراغ الصلاة المغطى عبارة عن سلسلة قناطر قائمة على دعائم، تسند خمسة عقود موازية لجدار القبلة، يتقاطع وسط العقود بقبتين، وتشكل محوراً وسطياً، يشير إلى جهة مكة المكرمة. ونفذت جميع الأعمال الهندسية من تكييف وصوتيات وإنارة، والخاصة بالمسجد في الداخل والخارج، وفق خطة شاملة، ووزعت مخارجها بشكل متوازن، روعي فيه توزيع الهواء والصوت والضوء والإنارة، بتوازن ووضوح، من دون ظهور جانب على حساب جانب آخر، إضافة إلى استغلال النور الطبيعي، الذي يدخل من قباب المسجد المرتفعة، التي زينت بالزخارف الإسلامية والأشكال الجمالية.

أما القناطر الممتدة، التي تصل بين الدعائم، فقد كسيت بالنقوش والزخارف الإسلامية الأصلية، تم نقشها يدوياً، وقام بإنجازها فرقة من أعظم فناني الزخرفة الإسلامية، استقدموا من المغرب خصيصاً لذلك. كما امتلأ محراب المسجد بالنقوش والزخارف الإسلامية في إطار من الآيات القرآنية الشريفة، التي نقشت يدوياً بالخط الكوفي العريض، بيد كبار الخطاطين. ويتصدر مصلى المسجد، ومن أمام الصف الأول، وعلى الجوانب اليمنى واليسرى للمسجد، فتحات منقوشة صممت لوضع المصاحف فيها. وقد روعي في صلب مخططات وتصاميم المسجد أن تظهر فيه روح أصالة العمارة الإسلامية، من حيث الشكل والمضمون، فظهر المسجد، بفضل الله وحمده وتوفيقه، درة مضيئة في قلوب المسلمين.

تتضمن توسعة خادم الحرمين الشريفين لعمارة المسجد النبوي الشريف، إضافة ما مساحته 82000 م2، تستوعب 167000 مصلَّ، والاستفادة من سطح التوسعات للصلاة، بعد تغطيتها بالرخام، وذلك بمساحة قدرها 67000 م2، تستوعب 90000 مصلَّ؛ لتصبح طاقة المشروع بعد التوسعة، تستوعب لأكثر من 257000 مصلٍ، ضمن مساحة إجمالية تبلغ 165500م2،(اُنظر شكل مخطط مقارن للمسجد).

وأحيط المسجد النبوي الشريف بساحات، تبلغ مساحتها 235000م2 مغطاة أرضيتها بالرخام والجرانيت، وفق أشكال هندسية بطرز إسلامية وألوان متعددة جميلة للصلاة، حيث يخصص منها 135000 م2 للصلاة تستوعب 250000 مصلَّ. وفي حالة استعمال كامل المساحة للصلاة يمكن زيادة عدد المصلين إلى 400.000 مصلٍ، مما يجعل الطاقة الاستيعابية لكامل المسجد والساحات المحيطة به، تزيد على 650.000 مصلٍ؛ لتصل إلى مليون في أوقات الذروة. وتضم هذه الساحات مداخل للمواضىء وبعض الخدمات، تتصل بمواقف السيارات، التي توجد في دورين تحت الأرض. هذه الساحات مخصصة للمشاة فقط، ولا يسمح بدخول السيارات إليها، كما تجري إضاءتها بواسطة وحدات إضاءة خاصة مثبتة على مائة وواحد وخمسين عموداً رخامياً. وتضم هذه الساحات مداخل للمواضىء، وأماكن لاستراحة الزوار، تتصل بمواقف السيارات، التي توجد في دورين تحت الأرض أسفل الساحات. وفكرة هذه الساحات أنها مخصصة للمشاة فقط، ولا يسمح بدخول السيارات إليها ومحاطة بأسوار وبوابات من كل جانب. كما أن إضاءتها بواسطة وحدات صممت خصيصاً لها مثبتة على مائة وعشرين عاموداً رخامياً (اُنظر صورة توسعة خادم الحرمين الشريفين). كما تتضمن فكرة المشروع إنشاء دور سفلي (بدروم) بمساحة الدور الأرضي للتوسعة، وذلك لاستيعاب تجهيزات التكييف والتبريد والخدمات الأخرى، وكذلك إضافة مواقف السيارات أسفل أجزاء من الساحات.

صمم الطابق الأرضي للتوسعة بارتفاع 9.85م، والدور الأول بارتفاع 9.64م والدور السفلي للخدمات بارتفاع 4.30م. ويبلغ عدد الأعمدة 2104 أعمدة، وتتباعد هذه الأعمدة عن بعضها بمسافة 6 م، أو 18 م؛ لتشكل أروقة وأفنية داخلية، تنسجم مع الإطار العام للتوسعة. وتقوم هذه الأدوار على هيكل خرساني مسلح، يتألف من أعمدة وعقود وجسور مستمرة، وتصميم السقف كبلاطة من الخرسانة المسلحة. (اُنظر صورة العقود المدببة (الأبلق)).

صمم هذا الدور على شكل بلاطات مسقوفة، محمولة على أعمدة وعقود، بأبعاد 6 × 6 م، و18 × 18 م، كما صمم أيضا؛ ليشتمل على أفنية مكشوفة، وتغطى وقت الحاجة بقباب متحركة بأبعاد 18×18متراً, موزعة على كامل الدور الأرضي، وعددها 27 فسحة تغطي كل فسحة قبة متحركة، يمكن فتحها وإغلاقها أوتوماتيكياً أو يدوياً حسب حالة الجو. وتحمل هذه الأعمدة الأقواس، التي صممت على الطراز الإسلامي، وبلغ عددها 3812 قوساً يرتكز عليها السقف والقباب. وتصف الأعمدة في خطوط مستقيمة ومتناظرة، في شكل جميل وبديع. كما تم أيضا مراعاة تزويد الدور الأرضي بمجموعة من السلالم الكهربائية المتحركة، وعددها 6 سلالم رئيسية خدمة للمصلين وكبار السن في الانتقال من الدور الرئيسي إلى سطح التوسعة (اُنظر صورة القباب المتحركة المغلقة).

كما غطيت جدران المسجد وأعمدته بالمرمر الملون، والحجر الصناعي في السقف، والأقواس، والمداخل، والواجهات، لتضفي مع الرخام المستخدم في تكسية الأعمدة والأرضيات شكلاً جمالياً متناسقاً، كما روعي التناسق والانسجام بين شكل الأعمدة والتيجان والأقواس في التوسعة السعودية الأولى، حيث تم ربط التوسعتين في بناء واحد متناسق ومنسجم، يشهد أبد الدهر على الإنجاز والشموخ والفخامة في التنفيذ وبذل الجهد والمال، حتى جاء في هذه الصورة الرائعة البديعة. كما زود المسجد بسبع وعشرين قبة متحركة، تتوافر لها خاصية الانزلاق على مجارى حديدية مثبتة فوق سطح التوسعة، ويتم غلقها وفتحها بطريقة كهربائية عن طريق التحكم عن بعد، مما يتيح الاستفادة من التهوية الطبيعية، حينما تسمح الأجواء المناخية بذلك، وتبلغ زنة القبة الواحدة منها (80) طناً، تغطي مساحة (324 م2). وضع التصميم الخاص بها بشكل يتوافق مع أحدث طرق الإنشاء وأفضل أساليب العمارة؛ لينسجم ويتناسق مبنى التوسعة الجديد مع مبنى المسجد الحالي (اُنظر صورة القباب المتحركة المفتوحة).

هذه القباب المتحركة في المسجد النبوي، واحدة من المعالم والمنجزات الحضارية المتطورة الفريدة، وتتكون من هيكل فولاذي ضخم، مغطى من الداخل بطبقة من الخشب الخاص، كسي بطبقة أخرى من خشب الأرز المغربي، والذي زخرف على هيئة أشكال هندسية حفرت بأيدي مختصين مهرة، واشتملت نقوشها على قطع من حجر الأمازونية الكيني، داخل إطارات مذهبة. وكللت مساحاتها بتغطيتها بورق الذهب، حيث تحتوى كل قبة على ما وزنه (2.5 كجم) من ورق الذهب الرقيق.

أما الغلاف الخارجي للقبة، فهو من السيراميك المثبت على قواعد من الجرانيت الصلب، ويعلو القبة رأس بمثابة نقطتها العلوية، وهو من البرونز المغطى بالذهب.

وتتحرك القبة على أربع عجلات من الفولاذ الخالص، المغطى بمعدن خاص ضد الصدأ. وكل عجلة لها محرك خاص بها، قوته (2.5) كيلو وات، قادر على تحريك القبة في حالة تعطل العجلات الأخرى. وتتحرك القبة على سكة فولاذية، مغطاة بالمعدن المضاد للصدأ كما يتم تحريكها من جهاز حاسوب (كمبيوتر)، يمكنه فتح كل قبة وإغلاقها على حدة، خلال دقيقة واحدة فقط، كما يمكنه فتحها وإغلاقها جميعا في وقت واحد. وقد روعي في التصميم إمكانية تحريك القبة يدوياً. وضع هذا التصميم بشكل يتوافق مع أحدث طرق الإنشاء وأفضل أساليب العمارة؛ لينسجم ويتناسق مع مبنى التوسعة السعودية الأولى.

أولاً: مداخل الحرم النبوي الشريف وأبوابه

تحتوى التوسعة السعودية الرابعة على سبعة مداخل رئيسية: ثلاثة منها في الناحية الشمالية من التوسعة، واثنان في كل من الناحية الشرقية والغربية للتوسعة.

ويشتمل كل مدخل رئيسي على 5 بوابات متجاورة، بعرض 3 أمتار لكل بوابة، كما توجد بوابة جانبية بعرض 6 أمتار في كل جانب من جانبي المدخل الرئيسي. وبذلك يصبح عدد البوابات في كل مدخل من المداخل الرئيسية 7 بوابات، كما يوجد مدخلان آخران في الناحية الجنوبية من التوسعة الجديدة: أحدهما في الجانب الغربي، والآخر في الجانب الشرقي من الحرم الحالي. كما يوجد أيضا 6 مداخل جانبية واثنان في الناحية الشمالية واثنان في كل من الناحية الشرقية والغربية من التوسعة الجديدة. وكذلك هناك 12 بوابة لمداخل ومخارج السلالم الكهربائية المتحركة، التي تخدم سطح التوسعة، وذلك جنباً إلى جنب مع 18سلماً داخلياً، فضلاً عن سلالم الخدمة. ويبلغ عدد أبواب الحرم النبوي الشريف بعد التوسعة 86 باباً، ويبلغ مجموع عرضها 340 م تقريبا.

ويقع مدخل الملك فهد بن عبد العزيز وسط الناحية الشمالية من التوسعة، ويعلو هذا المدخل 7 قباب خرسانية، ويحده من كل جانب منارة بارتفاع 104 م.

وقد تم بناء المداخل من الحجر الصناعي المكسو بالرخام من الداخل، وبالجرانيت من الخارج، وزودت ببوابات خشبية غاية في الدقة والجمال والروعة، يبلغ عرض كل بوابة 3م، ويبلغ ارتفاعها 6م (اُنظر صورة المدخل الشمالي الرئيسي).

وتتضمن التوسعة سبعة مداخل رئيسية، بالجهات الشمالية والشرقية والغربية، حيث يحتوى كل مدخل رئيسي على خمس بوابات متجاورة إلى بوابتين جانبيتين. وهناك مدخلان رئيسيان بالجهة الجنوبية للتوسعة، يحتوى كل مدخل منها على ثلاث بوابات متجاورة بالإضافة إلى ستة بوابات جانبية وعشر بوابات أخرى لمداخل ومخارج السلالم الكهربائية المتحركة، التي تخدم التوسعة، إضافة إلى ذلك نفذ ثمانية عشر سلماً داخلياً.

مداخل الحرم النبوي 25 مدخلاً: ثمانية مداخل منذ التوسعة الأولى، بها ستة عشر باباً، وسبعة عشر، أضيفت بعد التوسعة الأخيرة، فيصبح له 25 مدخلاً بها 65 باباً. كما تم إنشاء 18 سلماً تؤدي إلى سطح مباني التوسعة؛ لتسهيل وصول المصلين إلى السطح. وتم أيضا تركيب ست سلالم كهربائية. متحركة وبلط سطحه، الذي تبلغ مساحته (67000م2)، وتتسع لتسعين ألف مصلٍ.

ثانياً: النقوش الإسلامية والزخارف بالتوسعة

صممت أعمال الزخرفة بالتوسعة، بحيث تحقق التناسق والانسجام، مع نظيرتها بالتوسعة السعودية الأولى، وذلك لإبراز الجانب الجمالي في الفن المعماري الإسلامي. ويشمل ذلك أعمال الحليات والزخارف والكرانيش؛ لتجميل الحوائط، والكمرات، والكينارات، والمآذن، وأعمال الخشب المشغول كالمشربيات، والشبابيك، والأبواب الخشبية المطعمة بالنحاس، وأعمال النحاس كالدرابزينات، وتيجان الأعمدة، والثريات المطلية بالذهب، وأعمال التكسية بالرخام المزخرف على كامل الجدران الداخلية للتوسعة، حتى علو ثلاثة أمتار، والأعمدة الدائرية المكسوة بالرخام المستدير، وقواعدها أيضا مكسوة برخام مزخرف بأشكال هندسية جميلة، وبها تجويفات خاصة لوضع المصاحف الشريفة بطريقة منظمة. (اُنظر صورة الأسقف الداخلية والعقود المدببة).

استخدمت النقوش الإسلامية والزخارف، في التوسعة السعودية الرابعة، بمهارة فائقة، وحسب طبيعة المكان والأشكال المحيطة بالتوسعة أو المتداخلة فيها أو المنبثقة منها أو المركبة عليها، واستخدمت النقوش والزخارف، بأبعاد فلسفية وعلمية، تحقق التناسق والانسجام مع نظيرتها بالتوسعة السعودية الأولى، وذلك لإبراز الدور الجمالي في الفن المعماري الإسلامي.

وقد صممت أعمال تلطيف الهواء لتحافظ على الناحية الجمالية والمعمارية للمسجد، بحيث تم إدخال فتحات خاصة ضمن تصميم قواعد الأعمدة، مغطاة بالنحاس، لدفع الهواء البارد إلى المبنى من خلالها. ويعتبر مشروع تلطيف هواء المسجد النبوي، من أكبر المشاريع في العالم، حيث تمر مواسير التبريد عبر نفق للخدمات، بطول سبعة كيلو مترات؛ ليصل بين المحطة المركزية للخدمات، التي توجد بها أجهزة التبريد ومعدات ومولدات الكهرباء، وبين دور التسوية بالتوسعة، وإضافة إلى ذلك، فقد تم تلطيف هواء المسجد القديم، وفق أسس معمارية وهندسية، تحول دون إجراء أي تعديلات في المبنى القائم أو المساس به والمحافظة على شكله، وذلك عن طريق دفع الهواء البارد، من خلال فتحات النوافذ الموجودة في الجدار القبلي للمسجد. وهكذا يكون مسجد الرسول r وتوسعته قد تم تلطيف هوائها بالكامل.

وقد تضمنت أعمال التوسعة السعودية الرابعة إمكانية تظليل الحصوات داخل التوسعة السعودية الأولى. فقد تم إقامة اثنتي عشرة مظلة ضخمة، بنفس ارتفاع السقف، يتم فتحها وغلقها أتوماتيكياً، وذلك لحماية المصلين من وهج الشمس ومياه الأمطار، وللاستفادة من التهوية الطبيعية، حينما تسمح الظروف المناخية بذلك (اُنظر صورة المظلات وهي مغلقة) و(صورة المظلات وهي مفتوحة).

بلغ عمق أساس كل مئذنة 50.45 م، كما تم غرس ما بين 16 ـ 25 خازوقاً في أرضية كل مئذنة، وهذه الخوازيق من الأسمنت المسلح، قطر كل منها1.10 م وبعد ذلك تم بناء قاعدة المئذنة بأبعاد 14×12متراً، وبقطر 2.5 م.

اشتملت التوسعة السعودية الرابعة على ست مآذن جديدة، ارتفاع كل منها حوالي 104 م، أي بزيادة 32 م، عن ارتفاع المآذن في التوسعة السعودية الأولى. وبذلك يكون، للمسجد بعد التوسعة، عشر مآذن. ولقد تم تصميم هذه المآذن، بحيث تتناسق مع مآذن التوسعة السعودية الأولى وفق أحدث النظم الهندسية.

ووزعت هذه المآذن على كامل التوسعة، بحيث يوجد مئذنة في كل ركن من أركان التوسعة الجديدة أربع مآذن في الواجهة الشمالية: واحدة في الركن الشمالي الشرقي، وأخرى في الركن الشمالي الغربي، واثنتان في منتصف الجانب الشمالي، فوق البوابة الوسطى (باب الملك فهد) ومئذنة في الركن الجنوبي الشرقي، وأخرى في الركن الجنوبي الغربي، وتحتوى كل مئذنة على خمسة طوابق نوضحها فيما يلي:

1. الطابق الأول: ويمثل قاعدة المئذنة، وهو مربع الشكل، ضلعه 5.50 م، وارتفاعه 27 م، بحيث يستمر هذا المربع بطول ارتفاع مبنى المسجد، ثم يعلو السطح. ويلاحظ وجود شريط طولي، محفور به عدة نوافذ صغيرة من الجانبين الظاهرين من المنارة. وقد تم زخرفة هذا الشريط بزخارف، بطوله. كما تم تكسية جزء القاعدة بنفس التكسية الخارجية لمبنى الحرم، وهو الذي أدى إلى الشعور العام في التناسق المحسوس من الخارج، ثم تأتي الأحزمة، مكونة بداية النهاية للقاعدة، فنجد حزاماً عريضاً، به زخارف هندسية يليه حزام آخر بزخارف نباتية، ثم تبدأ الكرنشة لتنسيق المقرنصات، التي تهيئ إطلالة الشرفة الأولى ويمثل المربع مقطع هذه الشرفة، حيث إنه امتداد للمربع الأساسي في القاعدة. وبالتأمل في المقرنصات، نجد أنها جعلت من طبقات واضحة، يتخللها تجاويف مزينة بزخارف نباتية. وقد زينت الشرفة المربعة، بحاجز مزخرف بمربعات، تحتوي على مثمنات ظاهرة، تناسقت مع الزخارف أسفل منها.

2. الطابق الثاني: وهو مثمن قطره 5.50 م، وارتفاعه متران، يبدأ من أعلى الشرفة السابقة المربعة، ويستمر بارتفاع متر. وبالتأمل في هذا الجزء يمكن ملاحظة المثمن على درجات مختلفة من الظهور، فالجزء السفلي منه مثمن مضلع بسيط في تكسيته، ويوجد في هذا الجزء فتحة إلى الشرفة وذلك لاستعمالها عند الحاجة والجزء الأوسط ويمثل العقود المحمولة مع أعمدة رفيعة، ويمثل مجموع الأعمدة في ركن المثمن عنصراً يعكس التحول القادم في الطابق الثالث المستدير، ويتمثل تزيين هذا الجزء في العقود، التي تنتهي بشكل مثلثات. ويظهر في خلفية العقود أرضية داكنة، ونوافذ زجاجية طويلة، جعلت بحلوق بيضاء مزركشة. وقد حليت العقود بحزام فيه سلسلة متعرجة بارزة. والجزء الأعلى من هذا الطابق يظهر شكل المثمن مرة أخرى، مع وجود فتحات دائرية في كل ضلع محاطة بإطار بارز. وقد تم تكسية هذا الجزء بأرضية بيضاء. وينتهي هذا الجزء بمقرنصات تحمل أعلاها شرفة مثمنة. والمقرنصات في حد ذاتها مكونة من ثلاث طبقات، بدون أي فراغات فيها. وقد زينت الشرفة المثمنة بحاجز مزخرف بمربعات، تحتوي على مثمنات ظاهرة.

3. الطابق الثالث: وهو أسطواني الشكل، قطره 5 م، وارتفاعه 18 م، ويبدأ من أعلى الشرفة الثانية ويستمر بارتفاع متر. وقد تم تكسية أرضيته بلون رصاصي داكن، وحلي بدالات بارزة مموجة تقوم بعمل الأحزمة ويبلغ عددها اثني عشر حزاماً وينتهي هذا الطابق بمقرنصات مكونة من طابقين، تحمل شرفة مستديرة، وقد زينت الشرفة بحاجز مزخرف بمربعات، تحتوي على مثمنات ظاهرة أيضاً. ويعتبر هذا الطابق من الأجزاء المصمتة والتي تعكس قوة تحمل الأجزاء العلوية.

4. الطابق الرابع: وهو أسطواني الشكل قطره 4.5 م، وارتفاعه 15 م ويشكل العنق، حيث الأعمدة الرخامية، والأقواس الثمانية المثلثة الرؤوس البارزة، وجميع تشيكلاتها تحيط بعصب السلم الدائري. ويعلو هذا الجزءَ أيضا مقرنصات في طابقين، تحمل شرفة دائرية أصغر من سابقتها، وعولجت بنفس الزخارف السابقة.

5. الطابق الخامس: وهو أسطواني الشكل قطره 4.5 م وارتفاعه 12 م. ويبدأ من أعلى الشرفة السابقة، ويمكن تقسيمه إلى عدة عناصر، حيث يبدأ ببناء أسطواني مضلع، ينتهي بتاج مشرشف، يكون شرفة صغيرة تحمل الجزء العلوي، والذي يبدأ ببناء مخروطي تعلوه قبة بصلية، هي الأساس لقاعدة الهلال البرونزي المطلي بالذهب عيار 24 قيراطاً، ويصل ارتفاعه إلى حوالي 6 م، ويبلغ وزنه حوالي 4.5 طن؛ ليعلن انتهاء المئذنة. وتعتبر الخرسانة المسلحة هي مادة البناء الرئيسية، وذلك لصب هيكل المئذنة، وبعد ذلك تتم التكسيات والزخارف اللازمة، كما يوجد سلم دائري يؤدي إلى الشرفات الثلاث وذلك لاستخدامه عند الحاجة.

وبالتأمل في مآذن المسجد النبوي الشريف، نجد أن لمسة جمالية أخرى أضيفت إليها، وذلك باستخدام الإنارة الصناعية، التي أضفت تأثيراً، ما بعده تأثير، على البناء الشامخ، حيث إن الضوء المشع إلى أعلى يحيط بالمنارة، وكأنه يصعد بها إلى أعلى الفضاء، وذلك بتركيب جهاز يعمل بأشعة الليزر، وضع على منسوب 86 م تقريباً؛ لإعطاء حزمة ضوئية تحدد اتجاه القبلة على مساحة 50 كيلاً تقريباً.

وتتعالى مآذن المسجد النبوي الشريف؛ ليتجلى هذا البناء والشموخ مع روحانية النداء ـ وليكون الدعاء في الصبح والمساء متواصلاً ما بين الأرض والسماء.

ثالثا: مراقبة حركة السيارات

اشتملت المواقف على أجهزة المراقبة اللازمة، مثل نظام المراقبة التليفزيونية، والذي يحتوى على كاميرات ثابتة، وأخرى متحركة، جميعها متصلة بغرفة المراقبة الرئيسية لمخاطبة الجمهور بالمواقف والمداخل والمخارج وإصدار التوجيهات اللازمة. وقد تم إدخال نظام تحكم مرور لتوجيه السيارات وعدها بالأجهزة الحاسبة من مداخل ومخارج كل دور، والبالغ عددها ثلاثة مداخل ومخارج في كل دور (اُنظر شكل المنطقة المركزية و الخط الدائري).

رابعاً: فكرة الأعمال الهندسية

صممت جميع الأعمال الهندسية الخاصة بالتوسعة السعودية الرابعة متكاملة مع التصميمات المعمارية والإنشائية للمشروع. وتشمل هذه الأعمال:

1. الأعمال الكهربائية

وتشمل الأعمال الكهربائية لتوسعة المسجد النبوي الشريف الإنارة ومكبرات الصوت ونظام التحكم الأتوماتيكي، ودوائر تلفزيونية مغلقة للمراقبة، تغطي جميع أجزاء المسجد والساحات الخارجية، ونظام إنارة للطوارئ، باستخدام بطاريات شحن خاصة، وأنظمة كشف الحرائق ومكافحتها، وغرف خاصة للوحات المفاتيح وتركيبات الإنارة وشبكات التوزيع. وخصص جزء من الدور السفلي لنظام التحكم بها.

2. الأعمال الميكانيكية

أما الأعمال الميكانيكية، فتشتمل على تمديدات المواسير لنوافير مياه الشرب المبردة، ومواسير صرف مياه الأمطار، والصرف الصحي، والتهوية، ونظام مكافحة الحريق، إضافة إلى مضخات المياه، وأعمال تلطيف الهواء. ويحيط بالمشروع عبارات صندوقية من الخرسانة المسلحة مزدوجة ومفردة، تضم كل خدمات المشروع التحتية من تغذية المياه وتصريفها، وتغذية بالكهرباء وخطوط الهاتف. كما يحتوى المشروع على شبكة متكاملة لتوزيع المياه والصرف الصحي، تكفي لأكبر عدد متوقع من الزوار والمصلين. كما يشمل أيضا على نظام لتصريف مياه الأمطار. وفي نطاق الأعمال الميكانيكية يشتمل المشروع أيضا على نظام خاص للتهوية قادر على التحكم في نسبة تلوث الهواء، وإبقائه ضمن الحدود المقبولة، إضافة إلى نظام آخر متكامل للأمان والإنذار والوقاية من الحرائق، صمم على مستوى عال لمقاومة الدخان والنيران "لا قدر الله"، عن طريق رشاشات المياه التلقائية المزودة بالمياه من محطة ضخ خاصة.

3. المحطة المركزية لتبريد المياه

أما محطة خدمات التكييف، فقد تم إنشاؤها على موقع مساحته 70000 م2، بأبعاد 350 × 200 م ؛ وذلك لتأمين تكييف هواء المسجد النبوي الشريف. وقد روعي أن يكون موقعها هذا خارج منطقة الحرم؛ لإبعاد الضوضاء عن المسجد، وتخفيض التكلفة المرتفعة لنزع الملكيات حول الحرم، ولسهولة إجراء عمليات الصيانة والتشغيل في الموقع. تقع هذه المحطة على بعد حوالي سبعة كم غرب المسجد النبوي الشريف. وتتكون من عدة مبان، منها مبنى معدات التكييف، ومبنى المكثفات، ومبنى إنتاج الطاقة الكهربائية للطوارئ. وتبلغ مساحة المبنى في هذه المرحلة حوالي 11000 م2، تتضمن 15000 م2 من الخرسانة المسلحة. كما تشمل هذه المحطة على أنظمة لتصريف مياه الأمطار، والصرف الصحي، والري، ومكافحة الحريق، إضافة إلى تجهيز الموقع، وتسويره، وإنشاء الشوارع الداخلية، وأعمال التنسيق، والحدائق. أما معدات التبريد المستخدمة في هذه المحطة، فعددها ست ماكينات، تبلغ طاقة التبريد لكل ماكينة 3400 طن، وتبلغ طاقتها الإجمالية للتبريد 20400 طن. كما يتضمن مشروع محطة التكييف سبع مضخات لدفع الماء المبرد، باتجاه المسجد، قوة كل منها 450 حصاناً. ويضم مبنى محطة الخدمات أيضا مبنى خاصاً بماكينات توليد الطاقة الكهربائية، به ست ماكينات لإنتاج الطاقة الكهربائية، خمس منها لتوسعة المسجد النبوي الشريف وواحدة لمشروع مواقف السيارات، قوة كل منها 2.5 ميجاوات. ويتم تشغيل أربع منها للمسجد، بطاقة إجمالية قدرها 10 ميجاوات، في حين تبقى الخامسة بصفة احتياطية. ويضم مبنى محطة الخدمات أيضاً مبنى خاصاً بماكينات إنتاج الكهرباء الاحتياطية، به ست ماكينات لإنتاج الطاقة الكهربائية خمس منها لتوسعة المسجد النبوي الشريف، وواحدة لمشروع مواقف السيارات قوة كل منها 22.50 ميجاوات. وقد تم إضافة ماكينتين أخريين لإنتاج الكهرباء لتوسعة الحرم النبوي الشريف، مؤخراً، قوة كل منها 2.5 ميجاوات أيضاً. ويتم التحكم والسيطرة في جميع الأنظمة الميكانيكية والكهربائية بالمحطة، عن طريق غرفة حاسبات آلية، يتم من خلالها التحكم في أداء معدات التهوية الموجودة بالدور السفلي (البدروم) في مبنى التوسعة.

4. نفق الخدمات

أما نفق الخدمات، فيتم عن طريقه، نقل المياه المبردة من محطة التبريد إلى قبو المسجد، وهو بمثابة عبارة من الخرسانة المسلحة بارتفاع داخلي يبلغ 4.1 م، وعرض 6.2 م وبطول سبعة كم. ويحتوي هذا النفق على أنبوبتين لنقل المياه المبردة، قطر كل منهما 90 سم، وقد أخذ في الاعتبار إمكانية إضافة أنبوبتين أخريين داخل النفق نفسه إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك مستقبلاً. كما زود هذا النفق بإحدى وثلاثين غرفة تهوية مزودة بالمراوح اللازمة لذلك. يبدأ النفق من محطة التبريد بمدينة الحجاج بطريق الجامعات، ويتجه شرقاً عبر باب السلام باتجاه المسجد النبوي الشريف. وقد تم حفره بعمق كاف تحت مستوى الشارع كي لا يشكل عقبة أو عائقا للخدمات العامة، التي يتوقع إنشاؤها مستقبلاً، كما يمر هذا النفق تحت نفق المناخة، ومن خلال مشروع مواقف السيارات تحت الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف.

إن هذا المشروع الضخم العملاق قد انتهي وتم ربط توسعة خادم الحرمين الشريفين بالتوسعة السعودية الأولى بالمسجد القديم، كل في بناء واحد متناسق ومنسجم يقف شاهداً أبد الدهر على عظمة التشييد وفخامته ودقة التنفيذ ومتانته، ويدل على مدى ما بذل من فكر وجهد ومال على تصميمه وتنفيذه، بهذه الصورة الرائعة الخلابة. ويأتي مشروع مواقف السيارات متمماً لمشروع توسعة المسجد النبوي الشريف، ومكملاً له، حيث يؤمن إضافة إلى وقوف السيارات، كل الخدمات للمصلين والزائرين وربط هذه المواقف بالطرق المجاورة. هذه المواقف تقع تحت الساحات المحيطة بالمسجد النبوي الشريف من ثلاث جهات: الغرب، والشمال، والجنوب.

خامساً: تقنية الهدم

انطلقت مراحل التنفيذ وطريقة الإنشاء، وفق جداول زمنية محددة، ووفق مخططات وتصاميم معمارية متكاملة. وتشمل هذه الأعمال على الآتي:

بعد تعويض أصحاب الملكيات الداخلة في المشروع، تم هدم جميع هذه المباني، وأزيلت نواتجها، واستغلت في ردم بعض الأودية المحيطة بالمدينة المنورة، لتكون مسطحات جديدة لإنشاء أماكن عليها. وقد استخدم تقنيات هدم في مشروع التوسعة لأول مرة، بحيث راعت مسألة تطاير الغبار وتلويث الجو. وقدرت نواتج الهدم، بحوالي نصف مليون متر مكعب تقريباً. تلتها أعمال الحفريات والخوازيق والجدران الساندة.

سادساً: الاختبارات والتجارب قبل التنفيذ

تمتاز العمارة السعودية الثانية والرابعة للمسجد النبوي الشريف، بأنها كانت تخضع في جميع عمليات التنفيذ، لإجراء الاختبارات والتجارب، التي يستمر إجراؤها تباعاً، أولاً بأول من مطابقة النواتج بما هو مطلوب في المواصفات. ويتم إجراء هذه التجارب إما ميدانياً، مثل اختبارات أحمال الخوزايق ومدى هبوطها، وتجانس خراساناتها بطرائق فنية مختلفة منها بتحصيل أثقال أو التحصيل بالشد والدفع الجانبي والصدمات والموجات الصوتية، ومنها الاختبارات المعملية على نوعية الخرسانة وقوتها ومقاومة الضغط العظمى والصغرى، بعد مدد مختلفة واختبارات التربة.

وإما أن تتم الاختبارات في مواقع مشابهة للمواقع، التي سيتم فيها التركيب مثل الاختبارات الأولية على أنظمة الإضاءة والصوت.

سابعاً: مصنع الحجر الصناعي

على بعد حوالي 25 كم من المدينة المنورة، وعلى طريق جدة القديم (طريق ينبع)، تم إنشاء مصنع لعمل الحجر لصناعي، على طراز حديث، لإنتاج الأحجار الصناعية اللازمة لتكسية أعمدة وجدران ومداخل وأسقف الحرم النبوي الشريف؛ ليظهر بالمظهر اللائق، الذي ينبغي أن يكون عليه؛ ليسر ويشرح صدور المسلمين. وقد اشتمل المصنع على ما يلي:

1. يوجد بالمصنع خط يدوي يعتمد على الطريقة التقليدية لإنتاج الحجار الصناعية، وهو المعتمد عليه في إنتاج الأحجار المزخرفة المنقوشة.

2. وبالنسبة للأحجار غير المنقوشة، فإن الأعداد المطلوبة للمشروع كبيرة تصل إلى حوالي نصف مليون حجر. ولتنفيذ هذه الأحجار، فقد تم إنشاء 16 خط إنتاج ميكانيكي، ويبلغ إنتاجها اليومي 800 حجر.

3. يشتمل المصنع على جميع المرافق اللازمة لتشغيله، من توليد الطاقة الكهربائية إلى غيرها. كما أنشئت مساكن للعاملين بجانبه، مزودة بجميع الاحتياجات الحياتية.

4. يتم نقل الأحجار الصناعية إلى مواقع العمل في الحرم النبوي الشريف، بالطرق التي تضمن سلامة وصولها وعدم تكسير حوافها.

5. تم الاتصال مع المصنع عن طريق اللاسلكي، الذي خصص لهذا الغرض.

6. تمتاز طريقة تركيب الحجر الصناعي في المشروع، بتثبيت هذه الأحجار في مواقعها المعمارية، ثم تنظيم ورص حديد التسليح، ويربط أو يلحم حديد الأحجار الداخلي بحديد التسليح، ثم يجري صب الخرسانة، زيادة في تماسكها.

7. تُجرى التجارب على الألوان والأشكال المناسبة بأرض المصنع، ثم يتم حصرها ونقلها إلى موقع العمل. وقد قسمت إلى اثنين وعشرين عنصراً رئيسياً مختلفاً، كل منها يمثل جزءاً رئيسياً من العمل.

ثامناً: خصائص ومميزات التوسعة السعودية الرابعة للمسجد النبوي الشريف

مما يلفت النظر ويسترعي الانتباه، أن توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز للمسجد النبوي الشريف، على رغم كونها حافظت في شكلها العام على التقيد بالمستخدم، في التوسعة الأولى، من أشكال العقود، والأعمدة، وأشكال المداخل، ومستوى الارتفاع، وأشكال المآذن؛ فإنها تتميز عنها وعن غيرها من العمائر السابقة، بخصائص ومميزات عديدة، يمكن ذكر أبرزها فيما يلي:

1. الاستفادة من العمق، الذي بلغ عند الموقع حوالي 4.5 م لإنشاء (بدروم)، بسعة 79000 م2؛ لاستخدامه في التجهيزات المعدة لتلطيف الجو وبقية الخدمات، مع تجهيزة بثمانية مداخل؛ لتسهيل عمليات التشغيل والصيانة لما فيه من التجهيزات.

2. إنشاء سلالم كهربائية لمساعدة المصلين في الوصول إلى السطح، الذي أعد، كما هو الحال في الحرم المكي الشريف، لأداء الصلاة في المواسم.

3. استحداث الأسقف المتحركة، في تغطية 27 فناء، طول ضلع كل منها 18 م، يتم فتحها وإغلاقها، عند الحاجة بتحريك القباب المنشأة فوقها، باستخدام الكهرباء. وهي فكرة ذكية وجديدة تسمح بالاستفادة من الجو المعتدل، وتمنع البرد والمطر عند حدوثها، بأسرع ما يمكن.

4. زيادة عدد المآذن من أربع في التوسعة الأولى إلى عشر في التوسعة الحالية، طول كل منها من مستوى الأرض إلى هلالها 104 م. وذلك لأن الشكل الذي استقر عليه المشروع احتضن العمارة القديمة للمسجد بجزئيها المجيدي والسعودي، من ثلاث جهات، وهذا حتم بناء مآذن في أركانه الأربعة بالإضافة إلى المدخل الرئيسي للمشروع (باب الملك فهد)، الذي يقع في منتصف الضلع الشمالي منه. وقد جاء كبيراً وضخماً، مما أوجب بناء منارتين على جانبيه؛ لتكونا في محاذاة منارتي الحرم القديم.

5. تلطيف الجو، من خلال ما يصل من الهواء البارد، عبر الفتحات المعدة بإحكام، في قواعد أعمدة الدور الأرضي. وقد أنشئ، لهذا الغرض، مبنى جهز بالمبردات لتصل إلى البدروم حيث يتم توزيعها على 144 وحدة تلطيف؛ لتغذية مناطق الصلاة بالهواء البارد.

6. نفق الخدمات، ويصل بين البدروم في التوسعة الجديدة، وبين مدينة حجاج البر، بطول 7 كم، وعرض 6.10 م، وارتفاع 4.10 م؛ لتوصيل الماء البارد من محطة التبريد المذكورة سابقاً والكهرباء الاحتياطية من المولدات المنشأة بطاقة 125000 كيلو وات، لخدمة المسجد النبوي الشريف.

7. موقف السيارات، وتتسع لحوالي 4444 سيارة، ويتكون من دورين تحت الأرض، وزود بجميع الخدمات اللازمة.

8. حملت هذه التوسعة الكثير من التغيرات النوعية، في حجمها، ومرافقها الأساسية.

9. تسببت في إحداث مناطق عمرانية حول الحرم وامتداد العمران في المدينة.

10. عملت على إنشاء أسواق ومراكز تجارية ضخمة ومجمعات سكنية كبيرة.

11. عملت على تغيير قلب المدينة، وعلى تغيير الخريطة السكانية حول المسجد النبوي الشريف.

12. ضمت في داخلها المدينة النبوية بكاملها، والتي نشأت أيضا بعده.

13. زادت في ارتفاع المباني حول المسجد النبوي الشريف (الارتفاع الرأسي).

14. استخدمت أجهزة وحاسبات وتقنيات حديثة متطورة.

15. امتدت التوسعة إلى دورين تحت الأرض واستفادت منها.

16. عملت على إحداث شوارع وميادين وأنفاق وكبار.

17. أعادت تخطيط المدينة بكاملها من جديد، وامتدادها من الجهات الأربع.

18.أنشأت ساحات كبيرة حول المسجد النبوي الشريف.

19. أخذت طابعاً معمارياً فريداً في نوعه وجماله وشكله.

20. لبت احتياجات النمو المتزايد في أعداد المصلين في أوقات الذروة.

تاسعاً: عناية الدولة بالمسجد النبوي الشريف

تولي حكومة المملكة العربية السعودية اهتماماً كبيراً بالمسجد النبوي الشريف. وقد أخذ المبنى الجنوبي (جناح القبلة)، ذلك الجزء المتبقي من العمارة المجيدية، اهتماماً منذ قيام الدولة السعودية وحتى الآن، حيث الترميمات والإصلاحات، يوكل أمر العناية بها إلى مهندسين مهرة حتى يبدو جديداً في كل وقت. ومن الاهتمامات، التي توليها الدولة للمسجد النبوي ومحيطه ما يلي:

1. المحافظة على جدار القبلة وتجديد كتابة الآيات القرآنية، وأسماء الرسول r، وإعادة كتابتها بماء الذهب لإعادة جمالها ورونقها.

2. المحافظة على قباب العمارة المجيدية، وتزينها من الداخل، وتكسيتها من الخارج، كلما لزم الأمر.

3. المحافظة على دهان العمارة المجيدية باللون الأحمر ثم الأبيض في عام 1413هـ حتى يساير لون العمارة السعودية.

4. إسناد نظافة كامل المسجد ومحيطه، إلى إحدى الشركات السعودية المتخصصة.

5. تزويد المسجد بالقناديل والثريات المعدنية المطلية بالذهب من مختلف الأحجام.

6. فرش المسجد بالسجاد الفاخر، ليبدو في غاية من الجمال والنظافة والأناقة.

7. تزويده بخزانات المصاحف المصنوعة من الألومنيوم الأصفر بمقاسات مختلفة.

8. توفير ماء زمزم لحجاج وزوار المسجد والمصلين جميعاً.

9. تجهيز المسجد بآلات التصوير التلفزيوني؛ لنقل الصلاة في أيام الجمع والأعياد وشهر رمضان المبارك، ونقل صلاة المغرب كل يوم.

10. تزويد المسجد بمحطة إذاعية باللغة العربية والإنجليزية في رمضان المبارك.

11. تزويد المسجد بالمراوح السقفية والمعلقة على الجدار والتكييف، وتظليل حصواته بغية راحة المصلين.

12. تمديد شبكة التبريد إلى العمارة المجيدية والتوسعة السعودية الأولى، والتي استحدثت في توسعة خادم الحرمين الشريفين، الملك فهد بن عبدالعزيز.

13. ربط العمارة المجيدية والتوسعة السعودية الأولى، مع توسعة خادم الحرمين الشريفين بشبكة الإنذار من الحريق، لا قدر الله.

14. إنشاء شرطة دائمة للمحافظة على الأمن داخل وحول المسجد النبوي الشريف.

15. إنشاء وكالة الرئاسة لشؤون الحرم النبوي لتتولى إدارة شؤون المسجد النبوي الشريف.

عاشراً: اللبنة الأخيرة لتوسعة المسجد النبوي الشريف

في يوم الجمعة، الحادي عشر من شهر ذي القعدة عام 1414هـ، الموافق 22 أبريل 1994م قام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، بجولة تفقدية (كعادته السنوية) للمسجد النبوي الشريف، شملت المحطة المركزية، للخدمات، ونفق الخدمات، ومشروع مواقف السيارات، وعدداً من شبكات الطرق داخل المدينة المنورة، تحدث فيها بكلمات تاريخية رائعة وهادفة بهذه المناسبة الغالية، التي يضع فيها اللبنة الأخيرة للتوسعة العملاقة الكبرى، التي شهدها المسجد النبوي الشريف برعايته ومتابعته المستمرة، بعد أن تعهدها بكثير من الجهد الدؤوب، والإنفاق السخي.

ولقد وفق الله خادم الحرمين الشريفين لهذا الإنجاز الرائع التاريخي الكبير، الذي هو مصدر فخر واعتزاز المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، بعدما كان أمنية طالما سعى وتطلع إلى تحقيقها حفظه الله ؛ خدمة لحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد المصطفى r؛ لأداء شعائرهم في يسر، وسهولة، وراحة، واطمئنان، وأمن وارف الظلال.

لقد أكد حفظه الله أن كل ما تحقق ويتحقق لهذا البلد، هو من نعم الله الكثيرة، أهمها نعمة الإسلام والتمسك به وتطبيق شريعته السمحة، مؤكداً اعتزازه بالكفاءات الوطنية في مختلف المجالات. وهى في الواقع ثمرة من ثمار التعليم، التي رعى غرسها باعتباره أول وزير للمعارف، ورعاها ملكاً حتى أصبح التعليم في المملكة يشكل ملحمة تطويرية وثقافية وعلمية كبيرة.

إن توسعة وعمارة المسجد النبوي الشريف، التي تعهدها خادم الحرمين الشريفين، لم يشهد التاريخ الإسلامي لها مثيلاً، في تكاملها، ودقتها، وروعة التنفيذ، وجودة الشموخ والبناء، وحداثة التجهيزات والمعدات والآليات. إنه العمل الخالص ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى، وجهد صادق لخدمة الإسلام والمسلمين.

حادي عشر: أثر التوسعة السعودية الرابعة على المحيط العمراني

أهم تأثير للتوسعة السعودية الرابعة، أنها شملت هدم الجهة الجنوبية الشرقية والشرقية من المسجد، وهي حارة ذروان، والأغوات، وشارع الملك عبد العزيز، وشارع السنبلية، وجميع البيوت، والمحلات الواقعة في هذه المنطقة، والتي تمتد من الجنوب إلى الشمال حتى شارع السحيمي، والشارع الجديد، الذي على امتداده، كما تمتد من جدار الحرم الشرقي، الذي به باب جبريل وباب النساء وباب عبدالعزيز، حتى تصل إلى شارع أبي ذر الغفاري.

تشكل أرضية التوسعة السعودية الرابعة، حدود المدينة المنورة المصورة، إذ بهذه التوسعة فإن بنية المدينة المنورة التقليدية، أصبحت أثراً بعد عين وعلى الباحث الآن الرجوع إلى ما كتب عن ذلك ليستفيد من الدروس الكثيرة، التي أملتها الثقافة الإسلامية، التي لا يهمها إلا التراث الإسلامي، والمحافظة عليه، والمتمثل بكتاب الله وسنة نبيه r، وإن استمرارية هذا التراث تتلخص في تطبيق مبادئ الإسلام الأساسية، والاستفادة من إمكانات العصر، ما دامت لا تتعارض معه.

ويعتبر أهم تأثير لأعمال التوسعة السعودية الرابعة، أن المنطقة الواقعة ضمن الحدود الداخلية للخط الدائري الأول، الذي أصبح المسجد النبوي يتوسطها وبقيع الغرقد في جنوب شرقها؛ أصبحت هذه المنطقة الداخلية من صلاحية هيئة تطوير المنطقة المركزية، والتي يرأسها صاحب السمو الملكي أمير المدينة المنورة عبد المجيد بن عبد العزيز. وهذه الهيئة هي أعلى سلطة تتولى تطوير الأنظمة التخطيطية والإدارية الخاصة بالتنفيذ والإشراف عليه لأي مشروع داخل الخط الدائري الأول. وقد بدأ التنفيذ في الجزء الشمالي من المنطقة بكثافة عالية، كما بدأ التنفيذ في الجزء الغربي والجنوبي منها. أما الجزء الشرقي فلم يتم تخطيطه بعد.

ومما لا شك فيه، أن للمدينة المنورة مكانتها الروحية العالية، باعتبارها دار الهجرة، ولوجود مسجد الرسول r وقبره، والذي يحدد شكل ووظيفة المدينة في المستقبل وباعتباره مركز النشاط الديني والثقافي والفكري، وبالتالي تمركز النشاط التجاري والخدمي حوله. ولا تقتصر القاعدة الاقتصادية للمدينة المنورة على ذلك فقط، بل تجمع عناصر أخرى هي الزراعة والصناعة والتشييد والتعدين.

كان للازدحام المتلاحق، واكتظاظ المدينة المنورة بالزوار، الدور الرئيسي، الذي دفع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، أن يحدث هذه النقلة الكبرى، وهي أعظم نقلة في مساحة المسجد النبوي الشريف. كما أن الأمر لم يقتصر على المسجد ذاته، وإنما شمل ما يحيط به من عناصر وطرق وخطوط دائرية ومنشآت سكنية وفندقية، تؤمن كلها خدمات متنوعة للزوار، بما يكفل لهم الراحة، والطمأنينة، والأمن، والسلامة، وسيولة الحركة.

ومع زيادة حركة التعمير في المدينة المنورة، تم التخطيط لإنشاء عدة طرق دائرية أخرى، لتوفير اتصال مباشر بين مناطق الامتداد العمراني الجديدة، مع المناطق الآهلة بالسكان حالياً، وتحقيق الربط بين المناطق المجاورة بعضها مع بعـض.

ونتيجة لذلك، فقد تحددت 3 طرق دائرية رئيسية هي: الطريق الدائري الأول، والطريق الدائري الثاني، والطريق الدائري الثالث. وتعتبر أهم الطرق الرئيسية بالمدينة المنورة هي طرق ينبع، والهجرة، والرياض، وتبوك الجديد، والسيح، وسيد الشهداء، والملك عبدالعزيز، وقباء، وعمر بن الخطاب، وشارع المطار، وطريق الجامعات. والتوسع العمراني الذي شهدته المدينة المنورة في كل اتجاه، جعل منها زهرة بلاد الحجاز.(اُنظر جدول أولويات ومعالم توسعات المسجد النبوي الشريف) و(جدول التوسعة السعودية الأولى والرابعة للمسجد النبوي الشريف).

مساحة المسجد النبوي حينما بناه النبي r ، بالأمتار المربعة 2475 م2.

زيادة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب t بالأمتار المربعة 1100 م2.

زيادة أمير المؤمنين عثمان بن عفان t بالأمتار المربعة 496 م2.

زيادة الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، رحمه الله، بالأمتار المربعة 2396 م2.

زيادة الخليفة العباسي المهدي، رحمة الله عليه، بالأمتار المربعة 2450 م2.

زيادة الملك الأشرف قايتباي، رحمة الله عليه، بالأمتار المربعة 120 م2.

زيادة السلطان عبد المجيد العثماني، رحمة الله عليه، بالأمتار المربعة 1293م2.

المساحة الكلية للمسجد النبوي قبل التوسعة السعودية بالأمتار المربعة 10303 م2.

الزيادة التي بدأ بها الملك عبد العزيز وأتمها الملك سعود، يرحمهما الله، بالأمتار المربعة 6024 م2.

فتكون المساحة الكلية بعد التوسعة السعودية الأولى ستة عشر ألفاً وثلاثمائة وسبعة وعشرين متراً مربعا 16327م2.

الزيادة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين بالأمتار المربعة 82000 م2.