إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الزكاة









بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

التفاوت بين الناس، في الأرزاق والمواهب وتحصيل المكاسب، أمر واقع؛ ]وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ[ (سورة النحل: الآية 71)، وترتب على هذا الواقع ظهور طبقات اجتماعية، متباينة في المعاش، متفاوتة في المكاسب والأرزاق.

وقد عُني الإسلام بالمجتمع الإنساني عموماً، فلم يفرِّق بين طبقة وطبقة، ولم يهتم بفئة دون أخرى؛ لأنه لا يتصور الإنسان فرداً منقطعاً، أو عنصراً منفرداً، بل الإنسان عنصر في مجتمع، وفرد في جماعة، يتأثر بها، ويؤثّر فيها. فبينما أثبت الإسلام حق الملكية الشخصية، وشرح أسبابها وشروطها، وأوجب إصلاحها وصيانتها، فإنه دعا، في الوقت نفسه، إلى العناية بالفئات الضعيفة عناية، ترفع عنهم عوارض العوز، إلى مراتب الإنتاج الفعال في المجتمع، أو تضمن لهم حدّ الكفاية من مطالب الحياة الإنسانية، لا حدّ الكفاف والتسول.

ولم يغفل الإسلام، أن القوي المتكسّب، قد تطرأ عليه ظروف، تجعله في مركز الضعف والحاجة، لغرم في مصلحة خاصة أو عامة، أو لانقطاعه عن وطنه

فالإسلام يعمل على صون كرامة أفراده، والعناية بهم، وتوفير العيش الكريم لجميع فئات المجتمع، عناية شاملة دائمة، تواكب الحياة. وجعل هذه العناية مصاحبة لأصول الدين ومراتب الإيمان، وذلك فيما تمثله الزكاة من معالجة شاملة وأساسية، لتكافل المجتمع وترابط أبنائه؛ ففرض للفقراء وذوي الحاجات حقاً ثابتاً في أموال الأغنياء، وجعل هذا من أركان الدين، التي يكفر جاحدها، ويفسق من تهرب منه، ويؤخذ منه بقوة الدولة.

فمع فريضة الزكاة، وفي رحابها، يكون هذا البحث حول أحكام الزكاة الشرعية، وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والتربوية، مع إلقاء الضوء على تطبيقات الزكاة، عبر التاريخ الإسلامي، وتطبيقاتها المعاصرة، ومكانتها في النظام المالي في الإسلام؛ وذلك وفقاً للخطة التالية:

لم تكن الزكاة في الإسلام ضريبة مالية، بقدر ما هي تضامن إيماني، وضمان اجتماعي، ووسيلة فعالة للقضاء على الفقر والحاجة، في مختلف صورهما؛ لتخليص البشر ـ بفضل الدين ـ من ذل الفقر والعجز.