إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / الزكاة









الباب السادس

المبحث الخامس

زكاة الفطر

أولاً: التعريف

من معاني الزكاة في اللغة: النماء، والزيادة، والصلاح، وصفوة الشيء، وما أخرجته من مالك لتطهره به.

والفطر: اسم مصدر من قولك: أفطر الصائم إفطارا.

وأضيفت الزكاة إلى الفطر، لأنه سبب وجوبها، وقيل لها فطرة، كأنها من الفطرة، التي هي الخلقة.

قال النووي: يقال للمُخرج: فطرة. والفطرة  ـ بكسر الفاء لا غير ـ وهي لفظة مولدة، لا عربية ولا معربة، بل اصطلاحية للفقهاء، فتكون حقيقة شرعية على المختار، كالصلاة والزكاة.

وزكاة الفطر في الاصطلاح: صدقة تجب، بالفطر من رمضان.

ثانياً: حكمة مشروعيتها

حكمة مشروعية زكاة الفطر الرفق بالفقراء، بإغنائهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم في يوم يسر المسلمون بقدوم العيد عليهم، وتطهير من وجبت عليه، بعد شهر الصوم من اللغو والرفث. روي عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، قال: ]فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ r زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1371).

ثالثاً: حكم زكاة الفطر

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل مسلم. واستدلوا على ذلك بما رواه ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما، قال: ]فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ r زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1407).

رابعاً: شرائط وجوب أداء زكاة الفطر

يشترط لوجوب أدائها ما يلي:

1. الإسلام، وهذا عند جمهور الفقهاء. وروي عن الشافعية، في الأصح عندهم، أنه يجب على الكافر أن يؤديها عن أقاربه المسلمين، وإنما كان الإسلام شرطا عند الجمهور، لأنها قربة من القرب، وطهرة للصائم من الرفث واللغو، والكافر ليس من أهلها، إنما يعاقب على تركها في الآخرة.

2. الحرية، عند جمهور الفقهاء، خلافا للحنابلة؛ لأن العبد لا يملك.

3. أن يكون قادرا على إخراج زكاة الفطر، وقد اختلف الفقهاء في معنى القدرة على إخراجها، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة، إلى عدم اشتراط ملك النصاب في وجوب زكاة الفطر. وذهب الحنفية إلى أن معنى القدرة على إخراج صدقة الفطر، أن يكون مالكا للنصاب، الذي تجب فيه الزكاة من أي مال كان، سواء كان من الذهب أو الفضة، أو السوائم من الإبل والبقر والغنم، أو من عروض التجارة.

وقال الشافعية والحنابلة: إنها تجب على من عنده فضل عن قوته وقوت من في نفقته ليلة العيد ويومه، ويشترط كونه فاضلا عن مسكن وخادم يحتاج إليه، في الأصح.

والدليل على ذلك ما رواه سهل بن الحنظلية عن النبي r، قال: ]مَنْ سَأَلَ وَعِنْدَهُ مَا يُغْنِيهِ فَإِنَّمَا يَسْتَكْثِرُ مِنْ النَّارِ وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا يُغْنِيهِ وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ وَمَا الْغِنَى الَّذِي لا تَنْبَغِي مَعَهُ الْمَسْأَلَةُ قَالَ قَدْرُ مَا يُغَدِّيهِ وَيُعَشِّيهِ وَقَالَ النُّفَيْلِيُّ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنْ يَكُونَ لَهُ شِبْعُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ[ (سنن أبو داود، الحديث الرقم 1388).

خامساً: سبب الوجوب ووقته

ذهب الحنفية إلى أن وقت وجوب زكاة الفطر، طلوع فجر يوم العيد

واستدلوا بما رواه نافع عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: ]أَنَّ النَّبِيَّ r أَمَرَ بِزَكَاةِ الْفِطْرِ قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ[.(صحيح البخاري، الحديث الرقم 1413).

وذهب الشافعية، في الأظهر، والحنابلة، إلى أن الوجوب هو بغروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أحد قولين للمالكية، لقول ابن عباس، رضي الله عنهما:  فرض رسول الله r، صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة، فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة، فهي صدقة من الصدقات.

ومن أسلم، وكذا من ولد، بعد غروب الشمس من آخر يوم من رمضان، لا تخرج عنه الصدقة عند الشافعية ومن وافقهم؛ لأنه وقت وجوبها لم يكن أهلا، وعند الحنفية ومن وافقهم، تخرج عنه صدقة الفطر؛ لأنه، وقت وجوبها، كان أهلا.

1. وقت وجوب الأداء

ذهب جمهور الفقهاء إلى أن وقت وجوب الأداء مضيق، كالأضحية، فمن أداها بعد يوم العيد، بدون عذر، كان آثما.

واتفق جميع الفقهاء على أنها لا تسقط بخروج وقتها؛ لأنها وجبت في ذمته لمن هي له، وهم مستحقوها، فهي دين لهم لا يسقط إلا بالأداء؛ لأنها حق للعبد، أما حق الله في التأخير عن وقتها، فلا يجبر إلا بالاستغفار والندامة

2. إخراجها قبل وقتها

ذهب المالكية والحنابلة إلى أنه يجوز تقديمها عن وقتها يومين، لقول ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما: كانوا يعطون صدقة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين.

وذهب الشافعية، إلى أنه يسن إخراجها، قبل صلاة العيد، ويكره تأخيرها عن الصلاة، ومحرم تأخيرها عن يوم العيد، بلا عذر؛ لفوات المعنى المقصود، وهو إغناء الفقراء عن الطلب في يوم السرور، فلو أخرها، بلا عذر، عصى وقضى؛ لخروج الوقت.

3. مقدار الواجب

اتفق الفقهاء على أن الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف، التي يجوز إخراج الفطرة منها. واستدلوا، على وجوب صاع من بر، بحديث أبي سعيد الخدري، رضي الله تعالى عنه، قال: ]كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1410)

4. نوع الواجب

ذهب الحنفية، إلى أنه يجزئ إخراج زكاة الفطر القيمة من النقود، وهو الأفضل، أو العروض، لكن إن أخرج من البر أو دقيقه، أو سويقه أجزأه نصف صاع، وإن أخرج من الشعير أو التمر أو الزبيب فصاع

وذهب المالكية، إلى أنه يخرج، من غالب قوت البلد، كالعدس والأرز، والفول والقمح والشعير والسلت والتمر والأقط والدخن.

وذهب الشافعية، إلى أنه يخرج من جنس ما يجب فيه العشر، ولو وجدت أقوات، فالواجب غالب قوت بلده، وقيل: من غالب قوته، وقيل: مخير بين الأقوات، ويجزئ الأعلى من الأدنى، لا العكس

وذهب الحنابلة، إلى أنه يخرج من البر أو التمر أو الزبيب أو الشعير؛ لحديث أبي سعيد السابق، وفيه: ]كنا نخرج زكاة الفطر على عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر...[ٍ الحديث، ويخير بين هذه الأشياء، ولو لم يكن المخرج قوتا. ويجزئ الدقيق، إذا كان مساويا للحب في الوزن، فإن لم يجد ذلك، أخرج من كل ما يصلح قوتا، من ذرة أو أرز أو نحو ذلك.

5. مصارف زكاة الفطر

اختلف الفقهاء فيمن تصرف إليه زكاة الفطر، على ثلاثة آراء: ذهب الجمهور إلى جواز قسمتها على الأصناف الثمانية، التي تصرف فيها زكاة المال.

وذهب المالكية، وهي رواية عن أحمد، واختارها ابن تيمية، إلى تخصيص صرفها بالفقراء والمساكين

وذهب الشافعية، إلى وجوب قسمتها على الأصناف الثمانية، أو من وجد منهم.

6. أداء القيمة

ذهب المالكية والشافعية والحنابلة، إلى أنه لا يجوز دفع القيمة؛ لأنه لم يرد نص بذلك، ولأن القيمة في حقوق الناس لا تجوز، إلا عن تراض منهم، وليس لصدقة الفطر مالك معين، حتى يجوز رضاه أو إبراؤه.

وذهب الحنفية إلى أنه يجوز دفع القيمة في صدقة الفطر، بل هو أولى؛ ليتيسر للفقير أن يشتري أي شيء يريده في يوم العيد؛ لأنه قد لا يكون محتاجا إلى الحبوب، بل هو محتاج إلى ملابس، أو لحم أو غير ذلك، فإعطاؤه الحبوب، يضطره إلى أن يطوف بالشوارع؛ ليجد من يشتري منه الحبوب، وقد يبيعها بثمن بخس أقل من قيمتها الحقيقية، هذا كله في حالة اليسر، ووجود الحبوب بكثرة في الأسواق، أما في حالة الشدة وقلة الحبوب في الأسواق، فدفع العين أولى من القيمة، مراعاة لمصلحة الفقير.

7. مكان دفع زكاة الفطر

تفرق زكاة الفطر في البلد، الذي وجبت على المكلف فيه، سواء أكان ماله فيه أم لم يكن؛ لأن الذي وجبت عليه هو سبب وجوبها، فتفرق في البلد، الذي سببها فيه.