إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / موضوعات دينية / غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم




1. سيف الرسول
2. الفرسان
3. السيف
4. الدرع
5. المنجنيق
6. برج حصار

1. موقعة بدر
2. معركة أحد
3. معركة الخندق
4. صلح الحديبية
5. فتح خيبر
6. غزوة مؤتة
7. فتح مكة
8. غزوة الطائف
9. غزوة تبوك




3

3. معركة الخندق (شوال)

أ. خلفية تاريخية، ومواقف الجانبَين، قبل المعركة  

           استعاد المسلمون هيبتهم، بعد هزيمة أُحد. وبدت أمارات قوتهم، بعد إعادة تجميع صفوفهم، إثر التخلص من يهود بني النضير. وتخلت القبائل كافة، التي طمعت في الهجوم على المدينة، عن التفكير في ذلك؛ إذ باغتها الرسول في عقد دُوْرها. وقد أثرت هيبة المسلمين في قريش، فلم تستطع لقاءهم في بدر الآخرة. واستكان اليهود، لضعفهم، متحينين الفرص للانقضاض على المسلمين. وأيقن الجميع أنه لا بدّ من تضافرهم كلّهم أجمعين على محمد وأصحابه؛ فاجتمعت عليهم الأحزاب، من القبائل وقريش، وكذلك اليهود ولا سيما بني النضير، في حزب واحد.

ب. أسباب المعركة

         تحريض اليهود لقريش وقبائل العرب على غزو المدينة.

ج. حجم القوات المتضادة، وتشكيلات القتال

         (1) المسلمون

                   ثلاثة آلاف رجل، يقودهم رسول الله.

         (2) المشركون

                   عشرة آلاف مقاتل، عدا اليهود من بني قريظة، جُمعوا كالآتي:

    (أ)  أربعة آلاف من قريش، يقودهم أبو سفيان بن حرب بن أمية.

                   (ب) سبعمائة من سُليم، يقودهم سفيان بن عبد شمس، حليف حرب بن أمية.

                   (ج) أربعمائة من أشجع، يقودهم مسعود بن رخيلة.

    (د) أربعة آلاف وتسعمائة شارك في حشدهم كلٌّ من غطفان، بقيادة عُيينة بن حصن والحارث بن عوف؛ وبني أسد، بقيادة طلحة بن خويلد الأسدي؛ وبني مُرة وفزارة.

د. فكرة تنفيذ العملية

      (1) المسلمون

                  البقاء في المدينة، وحفر خندق عميق؛ عملاً بمشورة سلمان الفارسي، يناهز طوله خمسة آلاف ذراع، وعرضه ثلاثة أمتار، يحيط بشمالها، ويمر بشمال بني عبد الأشهل وزعوراء ـ شمال بني حارثة ـ وشمال ثنية الوداع ـ غرب حرة وبرة (انظر شكل معركة الخندقوهي المناطق المكشوفة من المدينة. أمّا باقي الاتجاهات الأخرى، فمحاطة بالبساتين الكثيفة والموانع الطبيعية، التي تحُول دون إمكان الهجوم على المدينة بقوات كبيرة. وقسمت منطقة الحفر بين المسلمين، لكلّ عشرة منهم أربعون ذراعاً، يحفرون نهاراً، ويستريحون ليلاً، ولا يغادرون منطقة الحفر إلا بإذن الرسول.

     (2) المشركون

                  تتخذ قريش مواقعها شمال الجرف، في مجتمع السيول من دومة، بين الجُرف وزغابة. وتتمركز غطفان غرب الجرف، في موضع ذَنَب نَقمى، بجوار أُحُد. ويتحصن بنو قريظة بحصونهم، داخل المدينة (انظر شكل معركة الخندق). ويهجموا على المدينة طبقاً لخطة رسموها.    

هـ. سير أعمال القتال

            حفر المسلمون الخندق، وهم يعانون ضيق العيش وبرد الشتاء. واستمرت أعمال الحفر ستة أيام، أودع الرسول الأطفال والنساء، خلالها، الحصون المنيعة في المدينة؛ فكانت زوجاته ـ رضي الله عنهن ـ وأهل بيته في حصن بني حارثة، وهو أمنعها. وعسكر المسلمون خلف جبل سلع. وأصبح موقفهم حرجاً، بعد انضمام بني قريظة إلى المشركين؛ فهُم كالشوكة في ظهرهم، إن استطاعوا التسلل إلى المدينة، فهُم على دراية بمسالكها، ويمكنهم التعرض للنساء الأطفال في داخلها؛ ما يؤثر في معنويات المقاتلين المسلمين. لا، بل يستطيعون المخاطرة بأعمال جريئة في مصلحة الأحزاب. وقد أرسل اليهود رجلاً منهم إلى المدينة، للاستطلاع، استطاع أن يتسلل إلى داخلها؛ غير أن امرأة مسلمة[32]، اكتشفت أمره، وقتلته. وكان الرسول قد بعث سلمة بن أسلم، في مائة رجل؛ وزيد بن حارثة، في ثلاثمائة رجل، ليحرسوا المدينة، ويُظهروا التكبير فيها؛ خوفاً على ذراري المسلمين من غدر بني قريظة.

            عمدت مفرزة من المشركين، فيهم عمرو بن عبد وُدّ، وعِكرمة بن أبي جهل، إلى اختراق الخندق، عبْر ثغرة ضيقة فيه. فخرج لهم علي بن أبي طالب، وقطع الطريق عليهم، وقتل عمراً. كما قتل المسلمون اثنَين منهم. وفر الباقون إلى قواعدهم. ثم بادرت مفرزة أخرى من المشركين إلى الهجوم على المسلمين، في اتجاه دار الرسول. فتصدى لهم المسلمون، طوال النهار، وردوهم على أعقابهم.

            كاد الرسول ينجح في رد غطفان عن المدينة، لقاء ثلث ثمارها، وأوشك أن يصل معها إلى اتفاق، لولا اقتراح سادة الأوس والخزرج عدم إعطائها شيئاً من ثمارهم، والذي وافق عليه الرسول. وجاء نعيم بن مسعود الغطفاني إلى النبي، يعلن إسلامه، وأخبره بأن قومه لا يعلمون ذلك. فقال له المصطفى: "خذ عنا ما استطعت فإن الحرب خدعة". وذهب نعيم بن مسعود إلى بني قريظة، وكان صديقاً لهم في الجاهلية، وقال: "عرفتم ودّي إياكم. وقد ظاهرتم قريشاً وغطفان على حرب محمد، وليسوا كأنتم؛ البلد بلدكم، به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم، لا تقدرون أن تتحولوا منه. وإن قريشاً وغطفان، إن وجدوا فرصة وغنيمة، أصابوها. وإن كان غير ذلك، لحقوا ببلادهم، وخلوا بينكم وبين محمد؛ ولا طاقة لكم به. فلا تقاتلوا حتى تأخذوا منهم رُهُناً من أشرافهم، حتى تناجزوا محمداً". فوافقته بنو قريظة على رأيه.

            ثم ذهب نعيم بن مسعود إلى قريش، وأكمل الخدعة، فقال لهم: "بلغني أن قُريظة قد ندموا، وأرسلوا إلى محمد، يقولون له: هل يرضيك عنا، أن نأخذ من قريش وغطفان رجالاً من أشرافهم، فنعطيكهم، فتضرب أعناقهم؛ ثم نكون معك على ما بقي منهم ؟ فأجابهم أن نعم". واستطرد: "فإن طلبت قريظة منكم رُهُناً من رجالكم، فلا تدفعوا لهم رجلاً واحداً".

            ولجأ نعيم إلى الخدعة نفسها مع غطفان. فلما أرسل أبو سفيان وسادة غطفان عكرمة بن أبي جهل، في نفر من الفريقَين، إلى قريظة، طالبين منها الاستعداد للهجوم على المسلمين، يوم السبت، نهاراً، رفضت ما يطلبون بحجة أنها لا تقاتل يوم السبت. وطلبت رهائن، قبل الهجوم؛  فاكتملت الخدعة. وصدَّقت قريش وغطفان بما قاله نعيم. وتفرقت قلوب الأحزاب بعدها، وضعفت الثقة بينهم.

            وفي الليل، عصفت ريح شديدة، وقصف الرعد، ولمع البرق، وهطل المطر؛ فأُقتلعت الخيام. وداخل الرعب نفوس المشركين، حتى خيّل إليهم أن المسلمين قد أغاروا عليهم؛ حتى إن طليحة بن خُويلد، نادى: "إن محمداً قد بدأكم بشرٍ. فالنجاة النجاة". وأرسل الرسول حذيفة بن اليمان، يستطلع أخبار الأحزاب. فوجد قريش تشد الرحال، للعودة إلى مكة. ولما علمت غطفان ذلك، عادت هي والقبائل الأخرى من حيث أتوا. وفقد الأحزاب فرصة لا تعوَّض، بعد أن حشدوا تلك الحشود، ثم عادوا يجرون الخيبة والإخفاق.

و. نتائج أعمال القتال للجانبين

           عجز الأحزاب، على كثرتهم، عن تحقيق أيّ انتصار. وتظافرت على ذلك عوامل شتّى، منها صبر المسلمين وثباتهم أمام عدوّهم، ولجوئهم إلى أعمال التجهيز الهندسي القوي، والموقوت، للدفاع عن المدينة؛ ناهيك من الخدع الناجحة، التي كادَها نعيم بن مسعود.

ز. الخسائر

     (1) المسلمون

              ستة شهداء[33].

     (2) المشركون

               ثلاثة قتلى.

ح. الدروس المستفادة

   (1) وحدانية القيادة: القيادة غير الموحدة، كانت سبباً لإخفاق الأحزاب.

   (2) القرار المباغت: حفر الخندق، أحبط هجمات الأحزاب على المدينة، لأنه لم يكن في حساباتهم.

        (3) عدم الثقة: فقدان الثقة بين الأحزاب وخاصة أنهم من قبائل مختلفة، عجّل بإخقاق تلك الحملة الحاشدة على المسلمين.

        (4) الثبات: الصبر، أثناء الحصار، يضعف عزم الأعداء، إذا طال الانتظار؛ وهو ما فعله المسلمون، حينما حفروا الخندق في ستة أيام، وتحملوا الأحوال الجوية القاسية، الأمر الذي لم تتحمله الأحزاب.  

        (5) نجاح أسلوب الخداع: مخادعة نعيم بن مسعود، مثلت جيشاً كاملاً، قاتل الجمع الحاشد من الأحزاب؛ فقد نجحت خطته في خداع قريش وغطفان وقريظة، أسهمت في حسم المعركة في مصلحة المسلمين.   

 



[32] هي صفية بنت عبد المطلب.

[33] شهداء المسلمين في غزوة الخندق هم: سعد بن معاذ، أنس بن أوس بن عتيك من بني عبد الأشهل، عبدالله بن سهل الأشهلى، ثعلبة بن عتمة بن عدى، كعب بن زيد من بنى دينار، الطفيل بن النعمان.