إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / ألاباما، الولايات المتحدة الأمريكية






ولاية ألاباما



مدينة أبو ظبي

1. ولاية ألاباما وتاريخها

تقع ولاية ألاباما في وسط الجزء الجنوبي الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية، تطل الولاية من الجنوب على شاطئ خليج المكسيك، عند الطرف الجنوبي لسلسلة جبال الأبالاشي Appalchian Mountains. (أُنظر خريطة ولاية ألاباما)

اكتسبت الولاية اسمها من نهر (ألاباما)، وهو اسم يتركب من مقطعين (ألبا) أي النبات، و(أمو) وتعني جامعي النبات. وكلا الكلمتين من اللغة الأم لقبائل الهنود الحمر التي سكنت الولاية، قبل الاستعمار الأوروبي.

على مدى 450 عاماً رفرف فوق ولاية ألاباما أعلام مختلفة، مثّلت جميع المراحل التاريخية التي مرت بها، بدءاً من العلم الأسباني، ثم الفرنسي، ثم البريطاني، ومثل باقي الولايات المتحدة الأمريكية، فإن لولاية ألاباما علماً يمثلها، وثلاثة رموز، طائر السندان الأصفر، وزهرة الكاميليا ، وشجر الصنوبر الجنوبي. وعلم الولاية عبارة عن صليب أحمر على خلفية بيضاء. اختير هذا العلم عام 1895، أي بعد انتهاء الحرب الأهلية والتي كانت ألاباما أحد أطرافها. ويعتقد أن الصليب الأحمر يشير إلى العلم الإنفصالي الذي اتخذته الولايات الجنوبية المهزومة رمزاً لها. أما ختم الولاية، فقد اختير عام 1819، وهو عبارة عن خريطة ولاية ألاباما، موضحاً بها أهم الأنهار.

كما اتخذ سكان الولاية عبارة "نحن نهب للدفاع عن حقوقنا" شعاراً لهم. أما السلام الرسمي للولاية، الذي يطلق عليه نشيد ألاباما Alabama فقد وضع لحنه إدنا جسن Edna Gussen، وكتب كلماته جوليا تتويلر Julia Tutwiler.

وعاصمة ولاية ألاباما هي مدينة مونتجمري Montgomery منذ عام 1846. قبل ذلك كانت العاصمة هنتسفيل Huntsville  عام (1819-1820)، ثم كاهابا Cahaba (1820ـ 1826)، ثم تسكلوزا Tuscaloosa عام (1826ـ 1946)

انضمت ألاباما إلى اتحاد الولايات المتحدة الأمريكية، في 14 ديسمبر عام 1819، فكانت الولاية الثانية والعشرين، من حيث ترتيب الانضمام.

وصل المستعمرون الأوروبيون إلى ألاباما، في القرن السادس عشر ووجدوا فيها قبائل من الهنود الحمر، قد استوطنوها منذ زمن طويل، قدره المؤرخون وعلماء الآثار بنحو 8 آلاف عام.

ويعد المستكشفون الأسبان هم أول من وصل إلى المنطقة بحثاً عن الذهب؛ ففي عام 1539 بدأ "هرناندو دي سوتو" Hernando de Soto، من المكسيك، حملة قوامها عدة مئات من الجنود، بحثاً عن مملكة تروج عنها الأساطير أنها غنية بالذهب. ونظراً لنقص الموارد الغذائية وتفشي الأمراض، فشلت حملة دي سوتو ومات فغادرت حملته عام 1543 إلى المكسيك.

وفي عام 1559، قاد مستكشف أسباني آخر، هو دون "ترستان دي لونا" de Lona، حملة أخرى قوامها ألف وخمسمائة، إلا أن العواصف والأعاصير دمرت إمدادات الحملة، فعادت أدراجها سريعاً إلى المكسيك.

وتفشت الأمراض والأوبئة وسط قبائل الهنود الحمر، وقضت على عدد كبير منهم، الأمر الذي أدى بهم إلى التجمع في مجموعات أكبر، حتى نتجت عن تجمعاتهم تلك أربعة قبائل كبرى، توزعت في أنحاء الولاية: الشيروكي في الشمال، والشيكاساوا في الشمال الغربي، والشوكاتو في الجنوب الغربي، والكريك في الجنوب الشرقي والوسط.

أمّا أول استعمار حقيقي للولاية، فقد مثَّله الفرنسيون عام 1682، الذين كانوا قد استوطنوا مقاطعة لويزيانا، واتخذوها مقراً لانطلاق بعثاتهم. فتحركوا عبر شاطئ خليج المكسيك نحو ألاباما، وشرعوا في بناء عدة مدن، أولها موبيل Mobile، التي اتخذوا منها عاصمة لهم، ومقراً لحكم المستعمرات.

ثم تحرك المستعمرون والتجار إلى الداخل متتبعين خطوط سير الأنهار، ناقلين معهم عاصمتهم إلى مدن مختلفة أنشأوها في المناطق المستعمرة. وقد اصطحب الفرنسيون العبيد السود لتنظيف الأراضي وزراعتها لتموين حملاتهم العسكرية، وإطعام المستوطنين.

وبمرور السنين، بدأ الإنجليز يفدون إلى الولاية، قادمين من كارولينا الجنوبية وجورجيا، اللتين كانتا تحت سيطرة التاج البريطاني. وبدخول التجار الإنجليز إلى ألاباما وتعاملهم مع السكان الأصليين، بدأ هؤلاء السكان في تحويل مسار تعاملهم التجاري مع الإنجليز بدلاً من الفرنسيين، إذ قدم لهم الإنجليز أسعاراً على لمنتجاتهم من جلود الغزلان.

وخلال القرن الثامن عشر وقعت عديد من الحروب بين الإنجليز والفرنسيين، التي كانت عادة ما تحسم لصالح الإنجليز. وانتهى الأمر بجلاء الفرنسيين عن المقاطعة، وضم الإنجليز مدينة موبيل إلى مقاطعة غرب فلوريدا.

وفي عام 1763، تخلى الأسبان عن مستعمراتهم لصالح التاج البريطاني. عندئذ أصبحت كل ألاباما وغرب فلوريدا أراضي خاصة بالهنود الحمر، تحت الحماية البريطانية، وأصبح استغلال المستعمرات من قبل البيض، دون إذن من الهنود الحمر، أمراً ممنوعاً طبقاً لقوانين الملكية. الأمر الذي أدى بقبيلتي الشيروكي والكريك إلى مساندة البريطانيين، خلال الثورة الأمريكية، ما بين عامي 1775 ـ 1783. إلا أن الثوار الأمريكيين تمكنوا، بمساعدة الأسبان، من احتلال موبيل، في عام 1780. وبنهاية الثورة عادت غرب فلوريدا إلى السيطرة الأسبانية، وصارت مقاطعة ألاباما جزءاً من الولايات المتحدة.

ولسنوات طويلة ظل الخلاف قائماً بين حكومة الولايات المتحدة وبين الأسبان، حول الأطراف الجنوبية للولايات المتحدة. وأخيراً في عام 1795 اتفق الطرفان على أن يكون خط عرض 31 شمالاً هو الحد الفاصل بين ولايتي فلوريدا وألاباما. وبعد ذلك بثلاث سنوات أعلن الكونجرس الأمريكي ضم مقاطعة المسيسيبي، التي شملت معظم مناطق ألاباما وولاية المسيسيبي. في حين ظلت موبيل تحت السيطرة الأسبانية حتى عام 1813، حين احتلها الجنرال جيمس ويلكنسون.

وبدءاً من عام 1800 حتى عام 1814، اندلعت حروب عديدة بين الولايات المتحدة والبريطانيين، أخذ فيها قبائل الكريك جانب البريطانيين، على وعود بتمكينهم من أراضيهم، كما سمحت السلطات الأسبانية للبحرية البريطانية باستخدام الأراضي الأسبانية قاعدة لانطلاق جيوشها. إلا أن المغامرين الأمريكيين استطاعوا بقيادة الجنرال أندرو جاكسون، وخلال عديد من المعارك، هزيمة البريطانيين، وأُجبر الكريك والأسبان على التخلي عن الأراضي الواقعة تحت سيطرتهم لصالح حكومة الولايات المتحدة.

وفي عام 1817 انفصلت المسيسيبي كولاية مستقلة، أصبحت ألاباما مقاطعة مستقلة كذلك. وفي 14 ديسمبر عام 1819 أصبحت ألاباما الولاية الثانية والعشرين في الاتحاد، واصبح ويليام ويب William Bibb هو أول حاكم للولاية. ومنذ إعلانها كولاية مستقلة، تغيرت عاصمة ألاباما، بدءاً من هنتسفيل، ثم كاهابا، ثم توسكالوزا في عام 1826، وأخيراً في عام 1846 أصبحت مونتجمري عاصمة الولاية وحتى الآن. استمرت أفواج المهاجرين في الوصول إلى ألاباما حتى اقترب عددهم من نصف مليون كوّن هؤلاء المهاجرون البيض ثرواتهم من زراعة القطن وبيعه، فأقاموا المزارع الشاسعة واستقدموا مئات الألوف من العبيد حتى صار عدد العبيد ضعف عدد السكان البيض.

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر بدأ الحديث داخل الكونجرس الأمريكي لإصدار مشروع قانون يقضي بتحرير العبيد. وقد قاد هذا الاتجاه أعضاء الكونجرس الممثلين للولايات الشمالية. فما كان من الجنوبيين إلا أن عارضوا هذه الفكرة تماماً؛ إذ أن النظام الزراعي في الجنوب كان يقوم على الرقيق السود. وبالطبع كانت أجور العبيد السود الذين يعملون لقاء الطعام والمأوى أرخص بكثير من الأجور الباهظة التي يطلبها المزارعون من ذوي البشرة البيضاء.

ونظراً لتساوي أصوات الشمال والجنوب داخل الكونجرس، ظل الوضع كما هو، حتى عام 1846، حينما اندلعت الحرب المكسيكية (1846 ـ 1848)، وأعلن ويليام يانسي William Yancey برنامج ألاباما الذي يقضي بإلزام الحكومة الاتحادية بحماية حقوق الجنوبيين بملكية العبيد. وقاد يانسي بقية الولايات الجنوبية لضم أصواتها إلى مشروع يؤدي إلى انفصال الولايات الجنوبية لتصبح دولة مستقلة، تتيح امتلاك العبيد مهدداً بذلك الحكومة الاتحادية. وبحلول الخمسينات من القرن التاسع عشر، أعلنت جميع الولايات الجنوبية أن الانفصال هو الحل الوحيد لحماية حقوقهم في ملكية العبيد. وفي عام 1860 انتخب أبراهام لنكولن المرشح الجمهوري رئيساً للولايات المتحدة، في الوقت الذي كانت فيه ولاية كارولينا الجنوبية قد هددت بالانفصال في حال فوز الجمهوريين. وبالفعل انفصلت كارولينا الجنوبية.

وفي عام 1861، اجتمع ممثلون من ألاباما وست ولايات أخرى في مونتجمري، لتكوين الاتحاد الكونفيدرالي للولايات الأمريكية، Confiderate States of America وانتخبوا "جيفرسون دافيز" Jefferson Davis وزير الحرب السابق في الحكومة الاتحادية، رئيساً للاتحاد، واتخذوا من مونتجمري عاصمة للاتحاد. إلا أنه، ولأسباب مختلفة، انتقلت العاصمة إلى ريتشموند Richmond بولاية فيرجينيا.

وخلال الحرب الأهلية الأمريكية بين عامي (1861 ـ 1865)، اشترك سكان ألاباما في الجيش الانفصالي للاتحاد الجنوبي. إلا أن القوات الاتحادية بقيادة الأدميرال "دافيد فاراجت" David Farragut، تمكنت من إخضاع ألاباما في معركة بحرية شهيرة هي معركة "خليج موبيل" Battle of Mobile Bay. وبعد ذلك سقطت موبيل نفسها في قبضة جيش الولايات المتحدة الاتحاديين.

وبعد خسارة الجنوبيين، أعلن الكونجرس تحرير العبيد ومنحهم الجنسية الأمريكية. ورفض الجنوبيون ذلك، فما كان من الاتحاد إلا أن وضع ألاباما وتسع ولايات جنوبية أخرى تحت الحكم العسكري. ثم كون مواطنو ألاباما السود والبيض، المؤمنون بتحريم الرقيق، حزباً سياسياً تسلَّم الحكم ووافق على تحريم الرقيق وإلغاء العبودية، وبذلك سُمح لألاباما بالحكم المدني مرة أخرى عام 1868.

عندئذ بدأت سنوات إعادة التكوين، التي على الرغم مما شهدته الولاية من القلاقل والاضطرابات، إلا أنها حظيت ببعض الإصلاحات والتغييرات الإيجابية. إذ أُنشئت خطوط السكك الحديدية، كما أُنشئت تجمعات صناعية في برمنجهام.

وخلال تلك الفترة أيضاً، اضطلعت مؤسسة اتحادية، هي مؤسسة فريدمان بوريو، بتقديم المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية والتأهيلية للسود والفقراء من البيض في ألاباما. إلا أن جهود المؤسسة توقفت بحلول عام 1872. وظل الجنوبيون على تمردهم على الحكم الاتحادي ومحاربتهم واضطهادهم للسود ومن ساندهم. الأمر الذي أخذ شكلاً منظماً، إذ تشكلت جماعات وعصابات لإرهاب السود وخطفهم، ودفعهم لمغادرة الولاية، أو حثهم على عدم المطالبة بحقوقهم.

وفي عام 1874 وصل الديمقراطيون إلى الحكم، وورثوا حكماً مثقلاً بالديون التي تحملتها حكومة إعادة التكوين، في سبيل بناء المدينة الحديثة وما استلزمه ذلك من إنشاء طرق، وسكك حديدية، ومصانع، وغير ذلك. فاتبع الديمقراطيون سياسة تهدف إلى تقليل الإنفاق، فقللوا الضرائب والإنفاق على التعليم.

وخلال تلك الفترة لم يكن للسود وكثير من البيض أراض خاصة بهم، فكانوا يضطرون للعمل عند غيرهم من مالكي الأراضي، الذين كانوا في معظم الأحيان لا يجدون ما يدفعون به أجور العمالة في معظم الأحيان. فنشأ نظام تأجير الأراضي للزراعة والمشاركة في المحصول.

واستمر هذا النظام فترة قصيرة، إذ ما لبثت أسعار القطن أن انخفضت، فدخل المزارعون والمستأجرون في دائرة لا نهائية من الديون. كما فشلوا في تنويع المحاصيل لسداد ديونهم.

وخلال العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر، نهض مثقف أسود يدعى "بوكر واشنطن"، بسياسة تدعو إلى التعايش السلمي بين طوائف المجتمع، كما دعا السود إلى نسيان كل مظاهر الاضطهاد الذي تعرضوا له. لقي واشنطن معارضة شديدة من زعماء السود، إلا أنه نظراً لما يتمتع به من شخصية متميزة جعلته مقبولاً لدى المواطنين البيض، استطاع أن يصبح المتحدث الرسمي باسم السود.

مع بداية القرن العشرين، بدأت الصناعة الحديثة تدخل إلى الولاية، عقب اكتشاف الحديد، الذي بدأت على أثره صناعة الحديد والصلب. كما بدأت صناعة الأخشاب واستخراج الزيوت. إلا أن الأمر الذي كان له أكبر الأثر على الصناعة كان بناء خطوط السكك الحديدية. وخلال فترة الحرب العالمية الأولى، انتعشت صناعة السفن في مدينة موبيل المطلة على خليج موبيل.

ولم تهنأ الولاية كثيراً بالانتعاش الصناعي، إذ بدأت فترة الكساد الكبير، التي استمرت حتى الثلاثينيات من القرن العشرين، حينما عقد الرئيس "فرانكلين روزفلت" الاتفاق الجديد New Deal لتحسين الوضع الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل القومي. وكان من نصيب ولاية ألاباما مشروع وادي تنيسي TVA، الذي استخدم في الأبحاث الزراعية وإعادة بناء الغابات والتحكم في الفيضانات وإنتاج الطاقة الكهربائية. وخلال الحرب العالمية الثانية عادت مدينة موبيل مقراً لصناعة السفن، كما استخدمت مصانع الصلب في مدينة برمنجهام للإنتاج العسكري.

وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ومع بداية الخمسينيات، بدأت الولايات المتحدة في برامج غزو الفضاء، فتم بناء قاعدة جوية لأبحاث الفضاء في هنتسفيل Redstone Arsenal & Gorgec Marshall Space Flight Center، الأمر الذي زاد من الأهمية الاستراتيجية والعسكرية للولاية.

أمّا في برمنجهام، فقد اعتمد الاقتصاد أساساً على صناعة الحديد والصلب. إلا أنه وفي الخمسينيات بدأ الاعتماد على صناعة الأدوات الطبية والصناعات الهندسية، بالإضافة إلى الخدمات التأمينية.

وفي تلك الفترة اتجه المزارعون نحو تربية حيوانات المزرعة من دواجن وأبقار، كما بدأ الاتجاه نحو زراعة فول الصويا والفول السوداني، بدلاً من الاعتماد على القطن كمحصول أساسي. وباستمرار التطور الصناعي هُجرت المزارع، وتحول معظم السكان إلى استيطان المدن. وظلت البقية الباقية من المزارع للاستثمار والتجارة.