إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / مصر Egypt (جمهورية مصر العربية Arab Republic of Egypt)




علم مصر


خريطة مصر



إيران

مقدمة

نبذة تاريخية

إن أصول الحضارة المصرية القديمة، التي تُعد مؤسسة للحضارة الغربية الحديثة، لا يمكن بالضبط تحديد مدى وكيف بدأت.

عصر ما قبل الأسر.

خلال الفترة من 5000 و000 قبل الميلاد ومنذ نحو 60 ألف عاماً مضى، بدأ النيل يفيض سنويا على الأراضي المحيطة به، وعلى طول ضفتيه، تاركاً وراءه أرضاً خصبة، وتربة غنية؛ فأصبحت المنطقة القريبة من مجال  الفيضان جاذبة للسكان.

في العام 7000 قبل الميلاد تقريباً، كانت البيئة المصرية بيئة مضيافة، جاذبة للسكان؛ إذ وُجدت آثار تدل على استقرار بعض السكان في ذاك الوقت، في مناطق صحراوية، في مصر العليا؛ ووُجد عدد من الأواني الفخارية في بعض المقابر، في صعيد مصر، تعود إلى عصر ما قبل الأُسَر.

الدولة القديمة

استمر حكم المملكة القديمة زهاء خمسة قرون، من 2647 إلى 2140 قبل الميلاد، من الأسرة الثالثة حتى السادسة. وكانت عاصمتها، في الشمال، مدينة منف. وكانت العقائد الدينية تؤدي دوراً مهماً في التاريخ المصري، كما تدل الآثار على أن الفراعنة كانوا، أحياناً، يعدون أنفسهم آلهة على الأرض.

العصر الذهبي

في ذلك العصر، وُجدت الأسرة الثالثة، في الفترة من 2647 إلى 2573 قبل الميلاد. وكان ثاني الملوك، هو الملك زوسر، الذي أكد الوحدة والتوازن، بين شعبَي الشمال والجنوب، في هرمه المدرّج، الذي بناه في سقارة. وقد استعمل المهندس المعماري، أمنحتب، الذي قام شيّد الهرم المدرج من الأحجار، بدلاً من الطوب النيء. وكان ذلك أول بناء أثرى مصري، من الأحجار. وكانت الخطوة الأولى في بناء الأهرامات، حيث استُعمل مقبرة للملك زوسر. ومن أجل التعامل مع شؤون الدولة، وإدارة مشاريع البناء، بدأ زوسر إنشاء نظام إداري فاعل. وعموما، فإن عهد الأسرة الثالثة يعد بداية العصر الذهبى في الدولة القديمة . وكان أول ملوك الأسرة الرابعة، الذي حكم من 2573 إلى 2454، هو الملك سنفرو، الذي كان من بين منشآته أول الأهرام، الموجود في دهشور، جنوبي سقارة. وسنفروا هو أول الملوك المحاربين، فضلا عن أنه عمل على نشر التجارة والتعدين؛ ما أدى إلى رخاء المملكة.

حكم الملك، خوفو، بعد أبيه، سنفروا، في الفترة من 2549 إلى 2526 قبل الميلاد؛ فبنى الهرم الأكبر، في الجيزة، ثم حكم بعد خوفو ابن له، يُسمى ريزيديف، في الفترة من 2526 إلى 2518 قبل الميلاد. وقد أضاف إلى لقب الملك مقطعاً يشير إلى إله الشمس "رع "؛ ثم تلاه أخوه، خفرع، في الفترة من 2518 إلى 2493 قبل الميلاد، الذي شيد هرماً آخر باسمه، في الجيزة كذلك؛ ثم حكم منقرع، في الفترة من 2488 إلى 2460 قبل الميلاد. وقد بنى أصغر الأهرامات الثلاثة، في الجيزة. وإبّان حكم الأسرة الرابعة، وصلت الحضارة المصرية إلى مدى بعيداً جداً من التقدم، حافظ عليها بعد ذلك، ملوك الأسرتًين: الخامسة والسادسة.

بداية الاضمحلال

على الرغم من أن الأسرة الخامسة تمتعت بالرخاء الاقتصادي، الناتج عن التجارة الخارجية؛ إلا إنه بدأت تظهر بوادر فقدان السيطرة الملكية على النظام الإداري، وانتقال بعض السلطات إلى أيدي حكام غير ملكيين. وكان الملك، أوناس، من أواخر ملوك هذه الأسرة، وحكم في الفترة من 2435  إلى 2408 قبل الميلاد، ودُفن في سقارة، مع بعض النصوص الجنائزية، التي أُطلق عليها، فيما بعد "متون الأهرام"، حيث عُلقت على جدران هرمه. واستُعلمت هذه المتون في المقابر الملكية في الأسرة السادسة.

مع بداية عصر الأسرة السادسة، ازداد ضعف السيطرة الملكية على إدارة البلاد . وفي نهاية عهد بيبى الثاني، الذي حكم في الفترة من 2360 إلى 2143 قبل الميلاد، أصبحت السلطات تقريبا في يد رئيس وزرائه. ثم ضعفت السلطة المركزية على الاقتصاد، بعد الحد من الإعفاء الضريبي، وازداد استقلال الولايات.

الدولة الوسطى الأولى

نستطيع أن نعد بداية عهد الدولة الوسطى الأولى من الأسرة السابعة، التي حكمت في الفترة من 2140 إلى 2134 قبل الميلاد. ونتيجة الخلافات الداخلية، كانت فترة حكم الأسرة السابعة والثامنة، التي حكمت في الفترة من 2134 إلى 2124 قبل الميلاد، فترة مظلمة. وحكمت الأسرتان من منف، حيث لم يستمر حكمهم 16 عاماً. وكان أمراء الولايات مسيطرين سيطرة تامة، كلٌّ على إمارته، خلال فترة حكم الأسرتَين: التاسعة والعاشرة، في الفترة من 2123 إلى 2040 قبل الميلاد. فسيطر الأمراء على مناطقهم، وبدءوا في توسيع نفوذهم الذي ازداد، حتى قارب منف والدلتا، وجنوبا حتى أسيوط. أسس الأمراء المنافسون، في طيبة، الأسرة الحادية عشر، في  الفترة ممن 2123 إلى 2040 قبل الميلاد، التي سيطرت على المنطقة الممتدة من أبيدوس حتى أسوان اليوم. وقد شكل الجزء الثاني من هذه الأسرة، الذي حكم خلال الفترة من 2040 إلى 1980 قبل الميلاد، بداية الدولة الوسطى.

الدولة الوسطى

نتيجة الاضمحلال، وعدم وجود حكومية مركزية، أصبح النظام الإداري غير مجدي، والفن المصري ضعيفاً، ولم تُشيَد أبنية جنائزية ضخمة، كما أضحت الديانات اختيارية. وطالب العوام بحقوق كانت للأسرة الحاكمة فقط، فأصبح بإمكانهم وضع أجزاء من متون الأهرام على جدران مقابرهم

الوحدة

على الرغم من أن الدولة الوسطى، يُؤرخ لها، منذ النصف الثاني من الأسرة الحادية عشر؛ إلا إنها، بدأت مع الوحدة، على يد منتحتب الثاني، الذي حكم في الفترة من 2040 إلى 1999 قبل الميلاد. بدأت الوحدة، بمحاولات حكام طيبة توسيع نطاق نفوذهم، خارج طيبة، شمالاً وجنوباً؛ إلا إن منتحتب هو الذي أتم الوحدة عام 2040 قبل الميلاد، تقريباً. وقد حكم منتحتب نحو خمسين عاماً، على الرغم من بعض الثورات التي شبّت خلال فترة حكمه؛ إلا أنه ظل مسيطراً على كلّ المملكة، حيث استبدل ببعض الأمراء، بينما حدّ من سلطات آخرين. كانت طيبة هي عاصمة حكمه، وبنى بها معبد الدير البحري، حيث كانت المقبرة منفصلة عن المعبد للمرة الأولى، ولم يتخذ له هرماً.

بدأ حكم الأسرة الثانية عشر بالملك أمنمحات الأول، الذي حكم في الفترة من 1980 إلى 1951 قبل الميلاد. وكانت فترة حكمه فترة سلام، وقد شيد عاصمة له قرب منف؛ إلا أن إله مدينة طيبة، آمون، كان يُعبد على نطاق واسع، مقارنة ببقية الآلهة. طالب أمنمحات مساعدة الأمراء في إعادة بناء الهيكل الإداري. وعلّم جماعة من الإداريين والكتاب. وكان الأدب، في تلك الفترة منظمة، يركز على تحسين صورة الملك كاهناً عظيماً وليس إلهاً. وفي خلال آخر تسع سنوات من حكمه، كان ابن أمنمحات، يحكم بوصفه ولياً للعهد. وتشير قصة سنوهى، إلى أن الملك اُغتيل.

استمر الملوك، الذين تلوا أمنمحات على منهجه، فبنى ابنه، سنوسرت الأول، الذي حكم في الفترة من 1960 إلى 1916 قبل الميلاد، حصناً في النوبة؛ وأنشأ علاقات تجارية مع دول أجنبية، وأرسل حكاماً إلى كلّ من فلسطين وسورية؛ وقاد حملة ضد الليبيين، في الغرب. ثم بدأ سنوسرت الثانى، الذي حكم في الفترة من 1886 إلى 11878 قبل الميلاد، استصلاح الفيوم. وحفر خليفته، سنوسرت الثالث، الذي حكم في الفترة من 1878 إلى 1859 قبل الميلاد، قناةً فرعية من النيل؛ وأنشأ جيشاً قوياً، قاد به حملة ضد النوبيين، وشيد حصوناً جديدة في الجنوب؛ وقسّم الإدارة إلى ثلاث وحدات جغرافية، يحكم كل منها بوزير. تابع أمنمحات الثالث، الذي حكم خلال الفترة من 1859 إلى 1814 قبل الميلاد، سياسة سنوسرت الثالث، فعمل على زيادة استصلاح الأراضي. ويُذكر أن النهضة القوية في المجالات الثقافية، حدثت في ظل حكم ملوك طيبة، في العمارة والفن والجواهر، التي استُخدمت في تصميمات بديعة. ويعد ذلك العصر يعتبر هو العصر الذهبي للفنون والآداب المصرية القديمة.

الدولة الوسطى الثانية

كان حكام الأسرة الثالثة عشر، من 1801 إلى 1648 قبل الميلاد، أضعف من سلفهم؛ فقد حكم أكثر من خمسين ملكاً، خلال 160 عام فقط. وعلى الرغم من ذلك، فقد سيطروا على النوبة والحكومة المركزية. وفي نهاية عصر هذه الأسرة اجتاح الهكسوس مصر، إذ دخلوها من غرب آسيا. وفي نهاية عهد الأسرة الثالثة عشر، أصبح تعداد الهكسوس في مصر كبيراً جداً. ونتيجة لضعف الملكية، ازداد تدفق سكان فينيقيا وفلسطين على البلاد. وبدأ حكم الهكسوس في مصر، وبدأت الأسرة الهكسوسية الرابعة عشرة، في 1548 قبل الميلاد، العام الذي بدأ به عصر الدولة الوسطى الثانية.

حكم هكسوس الأسرة الخامسة عشرة، من عاصمتهم أواريس، في شرق الدلتا، مع سيطرتهم على الجنوب في الوقت نفسه. كما كانت الأسرة السادسة عشرة، في الدلتا. وكانت تتكون من عدد أقل من الهكسوس. ولم يكن لهذه الأسرة ولاء للهكسوس، إذ كان هناك استقلال أكبر في الجنوب؛ ثم جاء حكام الأسرة السابعة عشر، الذين حكموا في الفترة من 1648 إلى 1550 قبل الميلاد. حارب الملك، فاموس، الهكسوس، وهزمهم؛ إلا إن أخاه، أحمس، هو الذي طردهم من مصر عام 154 قبل الميلاد تقريباً.

الدولة الحديثة

بدأت الأسرة الثامنة عشر بأحمس الأول، عام 1540 قبل الميلاد، وبدأت  بها عهد الدولة الحديثة. أعاد أحمس بناء الحدود، والأهداف، والنظام الإداري؛ وواصل استصلاح الأراضي. وخلال فترة حكم هذه الدولة، أصبح للمرأة المصرية دور أكبر، من خلال زوجات الملوك والأمراء وأمهاتهم.

ملوك الأسرة الثامنة عشر

أحكم أمنحوتب الأول سيطرته على إدارة البلاد؛ ثم بدأ في التوسع خارج حدود مصر، في النوبة وفلسطين. وعلى غير عادة ما سبق من الملوك، فصل أمنحوتب بين معبده ومقبرته في الكرنك، وهو الذي ابتدع عادة إخفاء مكان الدفن النهائي. ثم تولى تحتمس الأول الحكم، في الفترة من 1504 إلى 1462 قبل الميلاد، وهو ثالث ملوك الأسرة الثامنة عشر. واستمر في تطوير الإمبراطورية الجديدة، كما أكد استمرار رئاسة آمون لكل الآلهة. ومقبرته، هي الأولى، في وادي الملوك. وجاء من بعده، ابنه، تحتمس الثاني، في الفترة من 1492 إلى 1479 قبل الميلاد، الذي تزوج من الأميرة، حتشبسوت. وبعد أن  توفي، كان تحتمس الثالث لا يزال طفلاً، فحكمت حتشبسوت، في الفترة من 1479 إلى 1457 قبل الميلاد. تولى تحتمس الثالث الحكم، بعد وفاة حتشبسوت، في 1457 قبل الميلاد، واستمر حتى عام 1425 قبل الميلاد. وقد فتح سورية وفلسطين، ثم استمر في توسيع حدود الإمبراطورية المصرية. وتدل أثاره المكتوبة، على جدران معبد الكرنك، على انتصاراته في تلك الفتوحات. حكم بعد ذلك أمنحتب الثالث، الذي حكم نحو أربعين سنة، من 1391 إلى 1353 قبل الميلاد. وكانت فترة حكمه تتسم بالأمن والسلام، وازدهرت فيها الفنون والآداب؛ كما حافظ على التوازن  بين مصر وجيرانها عن طريق الدبلوماسية؛ وشيد معبد عظيم للإله آمون في الأقصر. خلفه بعد ذلك، ابنه إخناتون أو أمنحوتب الرابع، الذي حكم خلال الفترة من 1353 إلى 1337 قبل الميلاد. وقد حاول تقويم الديانة المصرية، ونقل العاصمة من طيبة إلى مدينة إخيتاتون، أو تل العمارنة، التي بنيت على شرف الإله، آتون، الذي يعبّر عن قرص الشمس، والذي كان إخناتون يدعو إلى عبادته. ولكن هذه الثورة الدينية انتهت بوفاة إخناتون، وتوَلي صهره، توت عنخ آمون، الذي اشتهر بالآثار، التي اكتشفها في مقبرته، قرب وادي الملوك، العالمان البريطانيان: هاوار كارتر، وجورج هربرت، في عام 1922. انتهت الأسرة الثامنة عشر بحور محب، الذي حكم في الفترة من 1323 إلى 1295 قبل الميلاد

الأسرة التاسعة عشر

يعد الفرعون الشهير، رمسيس الأول، هو مؤسس الأسرة التاسعة عشر، (1295 ـ 1186) قبل الميلاد. وقد حكم خلال الفترة من 1295 إلى 1294 قبل الميلاد، ثم تلاه ابنه، سيتي الأول، الذي حكم من 1294 إلى 1279 قبل الميلاد, وقد قاد مجموعة من الحملات العسكرية في سورية وفلسطين  وليبيا؛ كما شيد معبداً في أبيدوس. خلفه في الحكم أحد أبنائه، هو رمسيس الثاني، الذي حكم نحو 66 عاماً، حتى سنة 1213 قبل الميلاد. ويعد رمسيس الثاني مسؤولاً عن كثير من الإنشاءات والمعابد، الموجودة في الأقصر والكرنك. كما بنى معبد رمسيس، في طيبة، حيث كانت الأحجار تُقطع في أبو سمبل، وتُحمل إلى المعابد في أبيدوس ومنف. حارب رمسيس الثانى الحيثيين، ثم عقد معهم معاهدة، وتزوج من أميرة حيثية. تولى الحكم من بعده، ابنه مرنبتاح، الذي حكم في الفترة من 1213 إلى 1203 قبل الميلاد. وتوجد بعض الدلائل التي تشير إلى أن مرنبتاح، هو فرعون موسى.

الأسرة العشرون

الملك رمسيس الثالث، هو ثاني فراعنة الأسرة العشرين. وقد حكم في من 1184 إلى  1153 قبل الميلاد. وسجل انتصاراته الحديثة، على جدران مدينة حابو، قرب طيبة. وبعد وفاته، تعرضت الدولة الحديثة للاضمحلال.

كان لحكام الأسرة الحادية والعشرين، الذين حكموا في الفترة من 1069 إلى 945 قبل الميلاد، أصول ليبية. وبدأ حكام الأسرة الثانية والعشرين من 945 حتى 715 قبل الميلاد، بأحد شيوخ القبائل الليبية. وكانت الأسرتان: الثالثة والعشرين، والرابعة والعشرين، معاصرتين لأواخر الأسرة الثانية والعشرين؛ كما كانت الأسرة الخامسة والعشرين مسيطرة على معظم الأراضي المصرية، في نهاية عهد الأسرتين الثانية والعشرين والرابعة والعشرين. وعرفت الأُسَر من الخامسة والعشرين حتى الثلاثين، بالعصر المتأخر، إذ حكم الآشوريون البلاد، عام 671؛ إلا إن بسماتيك، أحد ملوك الأسرة السادسة والعشرين، استعاد الحكم المصري. وقد ارتقت الفنون والأدب رقياً كبيراً، في عصر تلك الأسرة. دخلت مصر  في العصر الفارسي تحت حكم الأسرة السابعة والعشرين أو الأسرة  الفارسية، عام  525 قبل الميلاد، حينما هزم آخر ملك مصري. ثم استعادت مصر حريتها، أثناء حكم الأسرة الثامنة والعشرين، في الفترة من 404 إلى 399 قبل الميلاد؛ والأسرة التاسعة والعشرين، في الفترة من 399 إلى 380 قبل الميلاد. ولكن الأسرة الثلاثين، كانت آخر أسرة من ملوك المصرين. وانتهي العصر الفارسي، باحتلال الإسكندر الأكبر مصر، عام 332 قبل  الميلاد.

عصر البطالمة

بعد وفاه الإسكندر عام 323 قبل الميلاد، تنافس قواده على تقسيم الإمبراطورية؛ فظل بطليموس الأول في صراع مع سلوقس، مدة طويلة؛ إلا إنه أعلن، عام 305 قبل الميلاد، نفسه ملكاً على مصر، وأسس الأسرة البطلمية. وكانت مصر البطلمية إحدى القوى الكبرى، في العالم الإغريقي. وفي فترات كثيرة، كان نفوذها يمتد إلى أجزاء من سورية وآسيا الصغرى وقبرص وليبيا وفينقيا وأراضي أخرى. وفي عصر بطليموس السادس، أصبحت مصر مقاطعة تابعة لحاكم سورية، في عام 169 قبل الميلاد. وحاول الرومان استرداد البلاد، التي قُسّمت، بعد ذلك، بين بطليموس السادس وأخيه الأصغر بطليموس السابع، الذي سيطر على البلاد سيطرة تامة، بعد وفاة أخيه، عام 145 قبل الميلاد.

كانت الملكة كليوباترا آخر ملوك البطالمة العظام، التي تحالفت مع يوليوس قيصر، من أجل الحفاظ على قوة مصر؛ ثم مع مارك أنطونيو، من بعده؛ ولكن ذلك لم يؤد إلا إلى تأجير نهاية الدولة البطلمية، إذ هُزمت أمام قوات أوكتافيوس، الذي سُمى بعد ذلك، الإمبراطور أغسطس، في معركة أكتيوم البحرية، ثم انتحرت كليوباترا، عام 30 قبل الميلاد.

العهد الروماني والبيزنطي

استولت الإمبراطورية الرومانية على مصر، نحو سبعة قرون، بعد موت كليوباترا، وجعلتها مقاطعة رومانية؛ باستثناء فترة قصيرة، من القرن الثالث الميلادي، حكمت مصر خلالها الملكة، زنوبيا. وكانت مصر تعد مصدراً مهما من مصادر الثراء، للإمبراطورية الرومانية؛ فكانت روما تعتمد على مصر في تزويدها بالحبوب. عاشت مصر، تحت الحكم الروماني، فترة من السلام إلا أن الحيثيين، كانوا يهجمون، في أحوال نادرة، الحدود المصرية الجنوبية. وكان عدد السكان في مصر في تلك الفترة يشتمل على عدد كبير من الإغريق واليهود وأناس من آسيا الصغرى. وفي تلك الفترة، بدأ ظهور اللغة القبطية في مصر. وقد ظلت مدينة الإسكندرية، التي بناها الإسكندر الأكبر، على  ساحل البحر المتوسط، عاصمة للبلاد، كما كانت زمن البطالمة. وبنى الرومان مكتبة الإسكندرية والمتحف الروماني، حيث كان يسكنها آنذاك نحو 300 ألف نسمة. كانت مصر ذات نقل اقتصادي كبير في الإمبراطورية الرومانية ليس فقط لإنتاج الحبوب وإنما لوجود الزجاج والمعادن وكثير من المنتجات الصناعية في أراضيها؛ إضافة إلى التجارة في التوابل والبخور والأحجار الكريمة عبر البحر الأحمر. كما كانت تخضع لأنواع عديدة من الضرائب. وكانت مصر، كذلك، من أوائل مراكز المسيحية في الشرق، خلال القرن السابع الميلادي. وكانت الإمبراطورية الرومانية، في الشرق، مهددة بقوة مملكة فارس، الذين استولوا على مصر، عام 616؛ ولكنهم طُردوا منها عام 628. وفي عام 642، فتح المسلمون مصر، داعين إلى دين جديد، هو الإسلام؛ بادئين صفحة جديدة في التاريخ المصري.

مصر تحت الخلافة الإسلامية

نتيجة للضرائب الباهظة التي كان الرومان يفرضونها على المصريين، وسوء معاملة الرومان لهم، لم يبد المصريون مقاومة تُذكر تجاه الفتح الإسلامي. كما وافق الأقباط على دفع الجزية، في مقابل حماية المسلمين لهم، ومنحهم حرية العقيدة . وبعد فترة، نقل المسلمون العاصمة من الإسكندرية إلى الفسطاط، المدينة، التي شيدها عمرو بن العاص. وهى تبعد أميالاً قليلة عن القاهرة الحالية. وبدأ الدين الإسلامي واللغة العربية، تحل تدريجياً، محل الديانة واللغة القبطيتَين؛ حتى أصبحت مصر دولة عربية إسلامية كبيرة.

في ظل الحكم العباسي، بدأت تظهر في مصر خلافات داخلية مذهبية بين أهل السنة والشيعة والأقباط، في بعض الأحيان. وقد ساءت الأحوال جداً، في أواخر القرن الثامن الميلادي، حين احتلت جماعة من الأندلس مدينة الإسكندرية، إلى أن جاء جيش من بغداد، ونفاهم إلى جزيرة كريت . استمرت الثورات الداخلية، حتى أخمدها الخليفة، المأمون، في عام 832 ميلادية . وفي عام 868 ميلادية، أرسل الخليفة إلى مصر، أحمد بن طولون، والياً عليها. كان ابن طولون رجلاً حكيماً، عامل المصرين معاملة حسنة، إلا إنه استقل بمصر، إذ لم يكن يربطها بالخلافة العباسية إلا الأموال التي تُرسل إليها سنوياً. شيد ابن طولون مدينة جديدة، سماها "القطائع"، شمالي الفسطاط. واتسعت رقعة الدولة الطولونية، فضمت أجزاءً من سورية. وحكمت الدولة الطولونية نحو 37 عاماً.

الخلافة الفاطمية

في أواخر عهد الدولة الطولونية، أصبحت البلاد في حالة فوضى وعدم استقرار. وفي عام 909 ميلادية، أعلن الفاطميون، وهم شيعة، خلافتهم الخاصة، في تونس، بعيداً عن الدولة العباسية. وفي منتصف القرن العاشر الميلادي، امتدت سيطرتهم إلى كل الشمال الإفريقي، تقريباً. وفي عام 969، استولوا على مصر، وبنوا مدينة القاهرة، عاصمةً لهم؛ وظلت الفسطاط مركزاً تجارياً. بنى الفاطميون أقدم جامعة إسلامية في العالم، هي جامعة الأزهر. وأصبحت القاهرة مركزاً إسلامياً، ثقافياً وفكرياً عظيماً.

الدولة الأيوبية

لم يستطع آخر الحكام الفاطميين السيطرة على البلاد، وعمّت البلاد مجاعة، لعدم فيضان النيل، عام 1065. ثم ظهر خطر جديد، مع أول الحملات الصليبية على الشرق، التي احتلت سوريا وفلسطين في أواخر 1090 ميلادية. أرسل الخليفة الفاطمي جيشا إلى الشام بقيادة، نور الدين لمحاربة الصليبين، وكان صلاح الدين الأيوبي، في ذلك الوقت، قائداً في جيش نور الدين، ثم ما لبث أن أعلن  قيام الدولة الأيوبية، في مصر، عام 1171 ميلادية. استرجع صلاح الدين، بعد ذلك، ما استولى علية الصليبيون، وهزمهم في معركة حطين، وحرر بيت المقدس من أيديهم. كما أعاد العمل بالمذهب السني في مصر. وكان من أشهر القواد في ذلك العصر، وأكثرهم قوة وفاعلية. حكم الملك، الكامل، في الفترة من 1218 إلى 1238 ميلادية، وحمى مصر من حملة صليبية أخرى في الفترة من 1218 إلى 1221 ميلادية . ولكن بعد وفاته، بدأت الدولة الأيوبية تضعُف، وجاءت الحملة الصليبية التاسعة إلى  مصر، عام 1249، بقيادة لويس التاسع؛ إلا إن المصريين، تحت لواء الملك الصالح نجم الدين أيوب، آخر ملوك الأيوبيين، هزموهم؛ ثم ما لبث المماليك بعد وفاته، أن استولوا على الحكم، وأعلنوا قيام دولة المماليك.

دولة المماليك

كان من أقوى الأمراء المماليك سيف الدين قطز، الذي صد هجمات المغول وهزمهم في موقعة "عين جالوت"؛ ثم الظاهر بيبرس، الذي استكمل محاربتهم واستعاد سوريا وفلسطين. وفي نهاية القرن الثالث عشر، وبدايات القرن الرابع عشر الميلاديَين، بسط المماليك نفوذهم على الحدود الشمالية لآسيا الصغرى. وكانت فترة حكم المماليك فترة ازدهار للفنون والآداب والتجارة. بعد وفاة السلطان الناصر، عام 1341 ميلادية، بدأ العهد المملوكي في الاضمحلال. وفي عام 1348، انتشر وباء الموت الأسود، في البلاد؛ ما أدى إلى انخفاض عدد السكان . ثم حكمت البلاد سلالة جديدة من المماليك، من أصل شركسى، في الفترة من 1382 إلى 1517 ميلادية . وفي بدايات القرن السادس عشر الميلادي، كان حكم المماليك مهدداَ، بظهور قوة جديدة في الشرق، هي الإمبراطورية العثمانية. وفي عام 1517 ميلادية، فتح السلطان سليم الأول مصر، منهيا دولة المماليك.

الدولة العثمانية

على الرغم من أن الحكم الفعلي للعثمانيين الأتراك، في مصر، استمر حتى القرن السابع عشر فقط، إلا أن مصر ظلت اسميا تابعة للدولة العثمانية، حتى عام 1915. ولم يقض العثمانيون على المماليك، وإنما استخدموهم في إدارة البلاد، وعينوا والياً عليها. كانت الأراضي الزراعية كلها، في أيدي الإقطاعيين الأتراك. ازداد نفوذ المماليك وأصبحوا يفرضون ضرائب خاصة بهم على المصرين؛ بينما شهدت الفترة ما بين القرن السادس عشر ومنتصف القرن الثامن عشر الميلاديين، رخاء اقتصاديا، بسبب عبور التجارة عبر الأراضي المصرية. وسرعان ما أصبحت السلطة الحقيقية في البلاد في أيدي المماليك.

فترة حكم محمد علي

بدأت الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، بقيادة نابليون بونابرت، إلا إنها لم تستطع السيطرة على كلّ البلاد، حيث ظلت منطقة الوجه القبلي، تحت سيطرة المماليك. ومع أن الحملة الفرنسية لم تلبث أكثر من ثلاث سنوات، إذ خرج الفرنسيون من مصر، عام 1801، نتيجة مقاومة المصريين الشديدة؛ إلا إنها  أثرت تأثيراً كبيراً على تاريخ مصر المعاصر؛ إذ لفتت أنظار أوروبا إلى أهمية موقع مصر؛ ما عزز اهتماماتهم بالاستحواذ عليها، خاصة بريطانيا. وفي عام 1805، أصبح محمد على، حاكماً على مصر، تحت الخلافة العثمانية. وهو كان جندياً في الجيش العثماني، من أصل ألباني. قضى تدريجياً على كلّ أعدائه، حتى أصبحت سلطات البلاد كلها في يده. وضم الحجاز إلى مصر، عام 1819، ثم السودان عام 1820. ثم كاد يقضي على الخلافة العثمانية؛ إلا إنه اضطر إلى التراجع، تحت ضغوط أوروبية. وفي مصر طور محمد على زراعة القطن وصناعته، وأنشأ مشروعات صناعية، وأرسل البعثات التعليمية إلى الخارج، وعين خبراءً أجانب لتدريب الجيش المصري.  ثم قاد محمد على وابنه إبراهيم حملة في اتجاه في سوريا، أدت إلى اصطدام مع السلطان العثماني، فهزمت القوات المصرية القوات التركية، عام 1833 وكادت أن تدخل العاصمة التركية، استنبول، مرة أخرى؛ إلا إن روسيا وبريطانيا وفرنسا حموا السلطان؛ ما أدى إلى انسحاب، إلا أنه ظل مسيطراً على سورية وجزيرة كريت . ثم ثار محمد علي على السلطان، عام 1839، ووقفوا في وجهه، مرة ثالثة، وأجبروه على التراجع. بعد وفاة محمد على باشا، عام 1849، حاول ابنه، سعيد باشا، تحديث البلاد وتطويرها؛ فإغراق البلاد في الديون الأجنبية. وجاء بعده إسماعيل باشا، الذي ازداد الديون التي اقترضها، من أوروبا لبناء المشروعات الصناعية وتطوير البلاد اقتصاديا؛ ما فاقم النفوذ، البريطاني والفرنسي، في البلاد. في عام 1876، سيطر الاتحاد الفرنسي البريطاني، على اقتصاديات البلاد. وفي عام 1879، عزل السلطان إسماعيل باشا، وعين مكانه ولده، توفيق باشا؛ ثم احتلت بريطانيا مصر، عام 1882.

مصر تحت الاحتلال البريطاني

بدأ اهتمام بريطانيا بمصر يتعاظم، بعد افتتاح قناة السويس للملاحة؛ إذ مهدت الطريق إلى الهند. استمر احتلال بريطانيا مصر، حتى عام 1954. وعلى الرغم من استمرار الخديوي توفيق في الحكم، حاكماً رسمياً للبلاد؛ إلا إن إنجلترا كانت هي الحاكم الفعلي، من خلال المندوب السامي البريطاني، افيلين بارينجو، الذي كان من أشهر مَنْ شغل هذا المنصب وأهمهم، والذي عُرف، فيما بعد، باسم اللورد كرومر. وقد نشأت حركات وطنية كثيرة لمقاومة الإنجليز، بدأت على يد مصطفي كامل. وكانت بريطانيا تستغل مصر في الحصول على القطن المصري الجيد جداً، لتغذية مصانع النسيج في مانشستر، ثم إعادة تصدير المنسوجات إلى المصريين بأسعار مرتفعة. وقد أنشأت بعض المشروعات الزراعية، لتوسيع رقعة الأراضي المزروعة.

إعلان الوصاية

بعد دخول تركيا الحرب العالمية الأولى، إلى جانب ألمانيا، أعلنت الحكومة البريطانية الوصاية على مصر، وعزلت عباس الثاني، وعينت السلطان حسين كامل؛ ووعدت ببعض التغيرات في الحكومة، بعد انتهاء الحرب. وفاقمت سنوات الحرب أحوال الفلاحين المصريين؛ ما أدى إلى زيادة الحركات التحررية من المصريين. ووعد الحلفاء بإعطاء لولايات العثمانية الحكم الذاتي، بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. وفي ذلك الحين، تكونت حركات استقلالية جديدة، من بينها حزب الوفد، الذي تكون عام 1918. رفضت بريطانيا تنفيذ المطالب المصرية؛ ما أشعل ثورة 1919. وعُين مجلس جديد للنواب، عام 1924؛ وقُعت معاهدة 1936، التي احتفظت بريطانيا بموجبها بحق التدخل في الشؤون المصرية؛ فاستمر الاحتلال البريطاني فعليا؛ ما ألغى المعاهدة بعد ذلك.

ثورة يوليه 1952 

ثار الجيش على الملك فاروق الأول، في 23 يوليه عام 1952، بقيادة مجموعة الضباط الأحرار. وفي عام 1953، أعلنت الجمهورية المصرية  العهد الجمهوري. كان اللواء محمد نجيب، هو أول رئيس جمهورية مصري. وفي أبريل 1954، أصبح جمال عبدالناصر، رئيساً للوزراء، في  نوفمبر من العام نفسه، أصبحت كل السلطات في يده. وفي يوليه 1956، انتُخب، رسمياً، رئيساً للبلاد.

حكم عبدالناصر

قاد جمال عبدالناصر سلسلة من المفاوضات، لخروج الإنجليز من مصر، ونجح في ذلك عام 1954. وبعد أن رفض البنك الدولي تمويل مشروع بناء سد أسوان، أمّم عبدالناصر قناة السويس ، للإنفاق من عائداتها على مشروعات التنمية؛ ما أثار غضب بريطانيا وفرنسا وإسرائيل؛ فشنوا العدوان الثلاثي على مصر. ثم دمج عبدالناصر مصر في سوريا؛ فيما عُرف "الجمهورية العربية المتحدة". وعلى الرغم من أن تلك الوحدة لم تستمر سوى ثلاث سنوات؛ إلا إن مصر احتفظت بالاسم نفسه، سنوات عدة. وفي عام 1962، اشتركت مصر في حرب اليمن، لمساندة الحركة الجمهورية؛ ما أدى إلى خسارة جمة في الأموال والأرواح. وفي عام 1967، هجمت إسرائيل على مصر ودمرت الطيران المصري، فيما يسمى "نكسة 1967"؛ إذ وصل الجيش الإسرائيلي إلى الضفة الشرقية للقناة، واحتل شبة جزيرة سيناء. تُوفي عبدالناصر، عام 1970، وخلفه محمد أنور السادات.

فترة حكم السادات

انتُخب السادات، رسمياً، بعد وفاة عبدالناصر. وأفرج عن المعتقلين السياسيين، الذين اعتقلوا خلال حكم عبدالناصر، بسبب معارضتهم لسياسته، ودعا إلى حرية الصحافة، التي كانت مقيدة جداً، في عهد سلفه. ومن جهة أخرى، استمرت الاصطدامات بين مصر وإسرائيل، بعد عام 1969، فيما عُرف بحرب الاستنزاف. وفي يوم السادس من أكتوبر 1973م، يوم عيد الغفران عند اليهود، الموافق للعاشر من رمضان 1393هـ، قادت مصر هجوماً، جوياً وبحرياً، عبر قناة السويس؛ فتمكن، خلال ساعات، آلاف الجنود المصريين عبور القناة، وتحطيم القوات الجوية السلاح الجوى الإسرائيلي، وخط بارليف. ثم فرضت الأمم المتحدة هدنة على الجانبيين. وفي سبتمبر 1978، وقع السادات مع مناحم بيجن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، معاهدة كامب ديفيد، تحت رعاية الرئيس الأمريكي، آنئذٍ، جيمي كارتر. وأدى توقيع الاتفاقية إلى معاداة معظم الدول العربية للسادات، لعقده سلاما منفرداً مع إسرائيل. ونُقل مقر الجامعة العربية من القاهرة إلى العاصمة التونسية؛ إلا أنها عادت مرة أخرى للقاهرة عام 1989. وفي أكتوبر عام 1981، اُغتيل السادات، خلال الاحتفال بعيد السادس من أكتوبر.

حكم مبارك

تولى بعد السادات، الرئيس، محمد حسني مبارك، الذي كان يشغل نائب رئيس الجمهورية، في عصر السادات. عمل مبارك على تحسين العلاقات الخارجية مع الدول العربية، ثم انسحبت إسرائيل، تماماً من سيناء في 25 أبريل 1982. وفي يناير 1984، قبلت مصر دعوة الانضمام إلى المؤتمر الإسلامي . وأُعيد انتخاب مبارك، في أكتوبر 1987. وبعد اشتراك مصر في القوات الدولية المتحالفة في مواجهة العراق، أثناء غزوه الكويت عام 1991، أُسقط نحو 20.2 بليون دولار أمريكي، من الديون المصرية، جُدولت بقية الديون، في أكتوبر 1993. أُنتخب مبارك، للمرة الثالثة، رئيساً للبلاد  في 26 يونيه 1994. وأعيد انتخابه في 26 سبتمبر 1999 لفترة رئاسية رابعة، كما أعيد انتخابه لفترة رئاسية خامسة في سبتمبر 2005. نجا الرئيس مبارك، من محاولة اغتيال، في أديس أبابا، في إثيوبيا، واتُهمت عناصر سودانية، بتلك المحاولة؛ ما وتّر العلاقات المصرية ـ السودانية .

وقد أدى بناء السد العالي، في عام 1971، وما نتج عنه من ظهور بحيرة ناصر، إلى تغير نمط الزراعة والبيئة في مصر. تمثل الزيادة السكانية السريعة في مصر (الأكبر في العالم العربي)، ضغطاً شديداً على المجتمع، وترهق كاهل موارد الدولة، وهي على أعتاب الألفية الجديدة.

وتجاهد الحكومات المتعاقبة من أجل تلبية احتياجات الزيادة السكانية المستمرة، عن طريق الإصلاح الاقتصادي، والاستثمارات الضخمة في مجال الاتصالات، والبنية الأساسية.

نهاية حكم مبارك

بوحي من الثورة التونسية، التي أطاحت بنظام زين العابدين بن علي، نظّم الشباب المصري، وجماعات معارضة كثيرة أخرى، "يوم الغضب" في 25 يناير 2011 (وهو عيد الشرطة)، لتخرج تظاهرات ومسيرات سلمية، وإضرابات عمالية في القاهرة، و غيرها من المدن في مختلف أنحاء مصر، للمطالبة بتنحي وزير الداخلية حبيب العادلي، ومحاسبة عناصر الشرطة، الذين تسببوا في مقتل مواطنين كثيرين تحت التعذيب. كما ركز المحتجون على وحشية الشرطة، وطالبوا بإلغاء قانون الطوارئ، واحتجوا على انعدام حرية التعبير، وعدم نزاهة الانتخابات، وارتفاع معدلات البطالة، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والتضخم، وتدني الأجور، والفساد، بشكل عام، في ظل حكم الرئيس مبارك. وبعد عدة أيام من بداية الاحتجاجات، ألقى الرئيس مبارك خطاباً للأمة، تعهد فيه بتشكيل حكومة جديدة، ووعد بتقديم إصلاحات للشعب، إلا أن ذلك كله فشل في تهدئة المتظاهرين؛ بل أدى إلى تصاعد عدد وكثافة المظاهرات؛ ما أدى إلى وقوع اشتباكات وتصادمات دموية مع الشرطة. وفي 29 يناير 2011، أعلن الرئيس حسني مبارك تعيين رئيس جهاز المخابرات العامة، عمر سليمان، نائباً له؛ ولكن أعمال العنف وحدة التظاهرات والمصادمات الدموية ارتفعت وتيرتها، فأعلن الرئيس مبارك في 10 فبراير 2011 تفويض صلاحياته لنائبه؛ ولكن في اليوم التالي 11 فبراير أعلن عمر سليمان، نائب الرئيس، تنحي الرئيس حسني مبارك عن السلطة وتكليفه المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد. فأصدر المجلس إعلاناً دستورياً في 13 فبراير 2011، بحل مجلسي الشعب والشورى وتعطيل أحكام الدستور.

مصر بعد حكم مبارك، وفترة حكم محمد مرسي

أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أنه سيتولى الحكم لفترة انتقالية، وأنه ليس بديلاً عن الشرعية، التي يرتضيها الشعب. كما قرر الإبقاء على حكومة أحمد شفيق، كحكومة مؤقتة لتصريف الأعمال، وحل مجلسي الشعب والشورى، وعلق العمل بالدستور، وشكل لجنة يوكل إليها مهمة تعديل الدستور؛ لتسهيل عملية الانتقال السياسي من خلال انتخابات ديمقراطية حرة. وفي 3 مارس 2011، واستجابة لرغبة الجماهير، كلف المجلس العسكري د. عصام شرف تشكيل وزارة جديدة. وفي 19 مارس وافق غالبية الشعب المصري في استفتاء شعبي، على التعديلات الدستورية الجديدة (إعلان دستوري مكمل)، وأصبح ساري المفعول في 30 مارس 2011، كما أصدر المجلس العسكري إعلاناً دستورياً مكملاً آخر في 17 يونيه 2012.

في 13 أبريل 2011، قرر النائب العام المصري حبس الرئيس السابق محمد حسني مبارك، خمسة عشر يوماً على ذمة التحقيق معه، في اتهامات تتعلق بالتربح واستغلال النفوذ، وإصدار أوامر بقتل المتظاهرين أثناء الثورة. كما أُلقي القبض على نجلي الرئيس وعدد من رموز نظام الرئيس السابق حسني مبارك، بتهم الفساد والتواطؤ في قتل ما يقرب من 900 متظاهر. وفي 2 يونيه 2012، حكمت المحكمة عليه بالسجن المؤبد؛ فتقدمت هيئة الدفاع عنه بالطعن على الحكم، وقبلت المحكمة الطعن في 13 يناير 2013، لينقل للعلاج في مستشفى المعادي للقوات المسلحة. كما برأت المحكمة نجليه، جمال وعلاء، من تهم قتل المواطنين في التظاهرات؛ ولكنهما بقيا في السجن للنظر في تهمة التأثير السلبي على البورصة المصرية.

وفي أواخر عام 2011 ومطلع عام 2012، جرت انتخابات مجلس الشعب. وفي أوائل عام 2012 جرت انتخابات مجلس الشورى. وفي 23 و24 مايو 2012، عُقِدت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وأقيمت الجولة الثانية يومي 16 و17 يونيه 2012، وقد أسفرت الانتخابات عن فوز مرشح حزب الحرية والعدالة محمد محمد مرسي عيسى العياط، بفارق ضئيل على منافسه أحمد شفيق في جولة الإعادة. ويُعد الرئيس مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد وخامس رئيس لمصر؛ وقد أعلن عن فوزه في 24 يونيه 2012، وتولى منصب رئيس الجمهورية رسمياً في 30 يونيه 2012، بعد أداء اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا.

وفي 12 أغسطس 2012، ألغى الرئيس مرسي الإعلانات الدستورية المكملة، التي وضعها المجلس العسكري. كما أقال كلاً من المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وحسين عنان، رئيس أركان حرب الجيش المصري. وفي يوم 22 نوفمبر 2012، وضع الرئيس مرسي إعلاناً دستورياً مكملاً، تضمن ما وصفه مرسي بالقرارات الثورية، ويشمل حزمة من القرارات، منها: جعل القرارات الرئاسية نهائية غير قابلة للطعن من أي جهة أخرى (كالمحكمة الدستورية)، منذ توليه الرئاسة حتى انتخاب مجلس شعب جديد؛ وإقالة النائب العام؛ وإمداد مجلس الشورى واللجنة التأسيسية بالحصانة (لا تُحل كما حدث لمجلس الشعب) وتمديد الأخيرة بفترة سماح لشهرين لإنهاء كتابة دستور جديد للبلاد، وإعادة محاكمات المتهمين في القضايا المتعلقة بقتل وإصابة وإرهاب المتظاهرين، أثناء ثورة 25 يناير.

وفي 22 ديسمبر 2012، أُقر دستوراً جديداً لمصر، بعد استفتاء شعبي عام؛ وكان الشارع المصري محتقناً بين مؤيد ومعارض، ضد الإعلان الدستوري المكمل الذي وضعه الرئيس مرسي، وكذلك ضد الدستور الجديد وسياسة الرئيس محمد مرسي بشكل عام.

وفي 30 يونيه 2013، خرجت مظاهرات حاشدة معارضة للرئيس السابق محمد مرسي، فقام القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح السيسي في يوم 3 يوليه، وأصدر بياناً عزل فيه محمد مرسي من الحكم وتولي المستشار عدلي منصور، رئيس المحكمة الدستورية رئيسًا مؤقتًا للبلاد. وحضر تلاوة البيان أحمد الطيب شيخ الأزهر، وتواضروس الثاني بابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر، وبعض الأحزاب السياسية، من بينها حزب النور، وأعلن السيسي عدة إجراءات أخرى سُميت بخارطة الطريق، وهي: تشكيل حكومة جديدة وتشكيل لجنة لتعديل الدستور، ثم إجراء انتخابات البرلمان المصري وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ولاقَى ذلك رفضاً من مؤيدي الرئيس السابق محمد مرسي، الذين عدّوا تدخل الجيش انقلاباً عسكرياً على "الشرعية" ونظموا عدة مظاهرات ومليونيات بميداني رابعة العدوية وميدان النهضة، في حين رحَّبت قوى المعارضة بتدخل الجيش ورأت فيه استجابة لمطالب الشعب.

مصر في عهد عبدالفتاح السيسي

في يناير 2014، طُرحت مسودة الدستور الجديد للاستفتاء، وتمت الموافقة عليه. وفي 27 يناير 2014 أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور، أمراً بترقيته عبدالفتاح السيسي لرتبة مشير. وكان قد سبق ذلك اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، أعلن فيه أنه يوافق على "التكليف الشعبي" لوزير الدفاع، وقتها، عبد الفتاح السيسي، بالترشح للرئاسة. وفي 26 مارس 2014 أعلن عبدالفتاح السيسي، رسمياً، استقالته من منصبه وزيراً للدفاع، ورشّح نفسه لانتخابات رئاسة الجمهورية، وذلك بعد اجتماع للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، حضره الرئيس عدلي منصور، وتمت أثناءه ترقية الفريق صدقي صبحي إلى فريق أول، وعيِّن وزيراً للدفاع خلفاً للسيسي، في اليوم التالي.

وفي أبريل 2014، تقدم عبدالفتاح السيسي بأوراق ترشحه، رسميًا، وقد تضمنت نحو 188 ألف توكيل من المواطنين. وبعد أن قفل باب الترشح، أعلنت اللجنة العليا للانتخابات، أن المنافسة انحصرت فقط، بين السيسي وحمدين صباحي في الترشح لمنصب رئيس الجمهورية. وقد جرت الانتخابات خلال شهر مايو 2014، خارج وداخل مصر، وفاز فيها السيسي بحصوله على 96.6% من الأصوات الصحيحة.

وفي ديسمبر 2015، جرى انتخاب البرلمان المصري، وهو البرلمان الأول بعد برلمان عام 2012.