إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / غينيا الاستوائية Equatorial Guinea (جمهورية غينيا الاستوائية Republic of Equatorial Guinea)




علم غينيا الاستوائية


خريطة غينيا الاستوائية



إيران

مقدمة

غينيا الاستوائية دولة إفريقية صغيرة، يقع قسم منها في البر الإفريقي، وقسم آخر، مكون من عدة جزر، مقابل الشاطئ الكاميروني. يقع القسم البري منها، المسمى ريو موني، في وسط القارة الإفريقية، على المحيط الأطلسي، ويحده الكاميرون شمالاً، والجابون شرقاً وجنوباً. مناخه استوائي، ومعدل درجات حرارته 26 درجة مئوية.

في نهاية القرن الخامس عشر، اكتشف البحار البرتغالي، فرناندورو، الجزيرة، التي تحمل اليوم اسمه، ودعانا "فوموزا"، أي الجميلة. كان يقطن في الجزيرة قبائل البوبي، التي قدمت من داخل القارة، والتي تمُت بصلة قرابة مع قبائل الدوالا، في الكاميرون. ويشكل البوبي، اليوم، أقلية بين سكان الجزيرة، بسبب هجراتهم المتزايدة، منذ أواخر القرن التاسع عشر. استمرت جزيرة فرناندورو من الممتلكات البرتغالية، حتى عام 1778، حين تخلت البرتغال عنها لمصلحة إسبانيا، مقابل حصولها من إسبانيا على جزيرة سانت كاترين ومستعمرة ساكرمنتو، اللتين كانتا موضع نزاع بين لشبونة ومدريد. وفي الوقت نفسه، اعترفت البرتغال لإسبانيا، بحق الاتجار مع سكان شواطئ خليج غينيا. وبعد خمس سنوات من احتلال الأسبان لجزيرة فرناندورو، لم يبق على قيد الحياة، في الجزيرة، سوى 22 من أصل 150 أسبانياً، شكلوا الحملة البحرية الإسبانية التي نزلت في الجزيرة.

وفي القرن التاسع عشر، نازع الإنجليز الأسبانيين، ملكية الجزيرة، ووصلتها حملة بريطانية، عام 1827، أقامت فيها، بحجة تشكيل محكمة تُدين الذين يخالفون قوانين تجارة العبيد. ولكن انجلترا اضطرت الانسحاب منها، عام 1832، أمام اعتراضات مدريد الشديدة والمتكررة. ثم عرضت انجلترا على إسبانيا شراء الجزيرة، إلا أن إسبانيا رفضت العرض، وسيرت حملة بحرية، عام 1843، كان من نتيجتها أن احتلت، إضافة إلى جزيرة فرناندورو، جزر كوديسكو، وأيلوبي، وأنوبون. وأول عمل إداري لجأت إليه السلطات الإسبانية، كان طرد المرسلين البروتستانت، الذين قدموا إلى الجزيرة مع دخول الإنجليز إليها. واعترف مؤتمر برلين، عام 1885، لأسبانيا بالشاطئ، الواقع بين ريو كامبو وريو موني، الذي يشكل اليوم، الحدود الشمالية والجنوبية لجمهورية غينيا الاستوائية، كما اعترف المؤتمر لها بمناطق داخلية. غير أن معاهدة باريس، عام 1900، بين فرنسا وإسبانيا، أعطت فرنسا مناطق شاسعة في ريو موني، ضمتها إلى مستعمراتها في الجابون.

وفي عام 1959، قررت مدريد منح مستعمراتها، في إفريقيا السوداء، نظام المقاطعات الإسبانية، الذي كان معمولاً به بالنسبة لمستعمرات أخرى خارج إفريقيا. وفي عام 1963، قرر الرئيس الأسباني فرانكو، فجأة، أثناء انعقاد المؤتمر الأول لمنظمة الوحدة الإفريقية، في أديس أبابا، إلغاء الاستعمار الأسباني، تدريجياً، ومنح الاستقلال الذاتي للمقاطعتين، فرناندوبو وريو موني، اللتين اندمجتا في كيان إداري واحد. وبذلك أُسقط في يد التنظيمات السياسية، التي كانت تتحرك في الخارج وتطالب بالاستقلال، وكان على رأسها: الفكرة الشعبية لغينيا الاستوائية، التي اتخذت من العاصمة الكاميرونية، ياوندي، مركزاً لها؛ والحركة الوطنية لتحرير غينيا الاستوائية، التي كان يتزعمها أتانزيو ندونج من الفانج، أكبر المجموعات العرقية في غينيا الاستوائية، والتي اختارت مدينة الجزائر، مركزاً لعملها. وعلى أثر خلاف بين التنظيمين، اختارت الحركة الوطنية لتحرير غينيا الاستوائية القبول بقيام مؤسسات جديدة، تجسدت بتشكيل حكومة إفريقية، عام 1994، يرأسها بونيفاسيو أوندو يدوم، زعيم تنظيم مقرب من إسبانيا، هو حركة الاتحاد الوطني لغينيا الاستوائية.

وفي حين كانت الأمور تجريب باتجاه استقلال المقاطعتين، في كيان واحد، برزت حركة، في فرناندوبو، يدعمها اللوبي الأسباني، تطالب بانفصال المقاطعة، وإبقائها ملحقة مباشرة بإسبانيا. إلا أن هذه الحركة فشلت أمام اتفاق جميع الأحزاب السياسية، الذي تجسد في عقد مؤتمر تحضيري للاستقلال، عام 1967. وقد أُعلن الاستقلال، في أكتوبر 1968، بعد 190 عاماً من الحكم الأسباني. وجرت انتخابات رئاسية، فاز بها ممثل حزب الفكرة الشعبية لغينيا الاستوائية، فرنسيسكو ماسياس نجيمبا. وقد ولد ماسياس عام 1922، في ريو موني، وينتسب إلى عنصر الفانج، ودرس لدى الإرساليات الكاثوليكية، وعمل موظفاً في الإدارة المحلية، عام 1944. واحتفظت إسبانيا، بموجب الاتفاقيات المعقودة مع غينيا الاستوائية المستقل’ بحامية عسكرية، من 250 رجلاً.

وما كادت تمضي شهور ستة، على إعلان الاستقلال، حتى انفجرت أزمة حادة مع مدريد، أعقبها محاولة انقلابية، بضى الرئيس الجديد عليها، بإراقة الدماء. وتفصيل ذلك، أن حكومة غينيا الاستوائية كانت قد طلبت، في فبراير 1969، من السفير الأسباني، الذي كان يتصرف وكأنه سيد البلاد، المغادرة، وجرت مظاهرات ضد الأسبان، الذين سارعوا باحتلال مطاري باتا وسانتا إيزابيل (عاصمة فرناندوبو، سابقاً). وأعلن رئيس الدولة حالة الطوارئ، فاغتنمها أنانازيو ندونج، زعيم الحركة الوطنية لتحرير غينيا الاستوائية، المناوئة للحكم، فرصة سانحة، فاستثار الحرس الوطني في باتا، ضد النظام القائم. إلا أن الحرس بقى، في معظمه، مخلصاً للرئيس ماسياس، الذي أوقف ندونج، وأعدمه، مع عدد كبير من مناصريه. واتهم ماسياس اللوبي الأسباني (كبار مُلاك الغابات)، بمساعدة المتآمرين، وطلب إخراج الحامية العسكرية الإسبانية. وخلال أسابيع، غادر الأسبان، وكان عددهم يربو على ستة آلاف شخص، البلاد، وكلك الحامية العسكرية. ولم يخفف وجود مراقبي الأمم المتحدة من حدة العنف، الذي مارسه النظام ضد أفراد الجالية الأسبانية، والمتعاملين معهم.

ولكن سرعان ما فاجأت العاصمتان، مدريد وباتا، العالم بإجراء مصالحة بينهما، وعُين سفير إسباني جديد، ووقع الطرفان اتفاق تعاون، منحت إسبانيا بموجبه، قرضاً من 450 مليون بزوتا، لمستعمراتها السابقة. إلا أن هذه المصالحة عجزت عن تأمين الهدوء والاستقرار في الداخل، فاستمرت البلاد تعيش في ظل التصفيات الدموية المتتالية.

وعلى صعيد السياسة الخارجية، أخذ النظام يتقارب مع بلدان المعسكر الاشتراكي، فوقع اتفاقات تعاون مع الصين والاتحاد السوفيتي (السابق)، وفي عام 1977، زار ماسياس بكين وهانوي. وقدمت كوبا دعماً عسكرياً، وأرسلت مئات من خبرائها وجنودها إلى غينيا الاستوائية. وعاد فرانكو من جديد، وقدم لها مساعدة اقتصادية، عام 1975، إلا أن مدريد عادت وقطعت علاقاتها معها، عام 1977. أما فرنسا، فاكتفت بإقامة علاقات اقتصادية مع غينيا، وحصلت على عقود لإنشاء مرفأ باتا، وبناء قصر رئاسي فخم. ومن جهتها علقت الولايات المتحدة الأمريكية علاقاتها الدبلوماسية والقنصلية مع غينيا الاستوائية، منذ عام 1976.

أما في إفريقيا، فحصل ماسياس على دعم أحمد سيكتوري، رئيس جمهورية غينيا، كما وقع اتفاق تعاون مع الكاميرون. ونشبت أزمة طائرة، عام 1972، مع الجابون، بسبب نزاع على جزيرتين صغيرتين، تدخلت منظمة الوحدة الإفريقية لحله.

ونشبت أزمة أخرى، مع نيجيريا، عام 1976، بسبب أوضاع العمال النيجيريين، في غينيا الاستوائية، حيث كانوا يشتكون من سوء معاملة المزارعين المالكين، في جزيرة فرناندورو. ووصلت الأزمة إلى حد تكرار الاصطدام مع رجال الشرطة، مما اضطر العمال إلى ترك البلاد والعودة إلى نيجيريا.

كان الرأي العام الدولي، قد بدأ يتحرك، ضد ما يجري داخل غينيا الاستوائية، ابتداءً من عام 1974، وذلك بعد أن وقف على حقيقة الأوضاع الداخلية، من طريق أحزاب المعارضة، العاملة في المنفى. وكان على رأس هذه الأحزاب التحالف الوطني للتحرر الديموقراطي، الذي فتح مكتباً له في سويسرا، برئاسة إييا نشاما، مسؤول العلاقات الخارجية؛ ويضم الحزب عناصر من أحزاب المعارضة الثلاثة، التي حظرها ماسياس، مكتفياً بحزبه الوحيد "حزب العمال الوطني". وكان هؤلاء العاملون في المنفى ينقلون أخبار المجازر، التي طالت عشرات الآلاف من المواطني، التي كانت ميليشيا الرئيس (الشبيبة السائرة مع ماسياس) ترتكبها. وتشكل في مدريد، عام 1976، تنظيم معارض آخر، هو الاتحاد الثوري لغينيا الاستوائية.

وعصفت بالبلاد أزمة اقتصادية خانقة، حتى كادت المواد المعيشية الأساسية تختفي من السوق. ولم يرتدع ماسياس عن نهجه الشاذ، فعمد عام 1978، إلى منع الكاثوليكية، وطرد الكهنة من البلاد، على الرغم من أكثرية السكان من الكاثوليك، حتى إن زوجته غادرت البلاد. أما المعارضة العاملة في الخارج، فلم تنجح في توحيد صفوفها، وحاولت عناصر من التحالف الوطني للتحرر الديموقراطي، المعروفة بميولها اليسارية، أن تشكل، عام 1977، جبهة ضد ماسياس، بالتحالف مع عناصر الاتحاد الثوري لغينيا الاستوائية، المكون أساساً من الشبيبة الطلبة. ولم يُكتب لهذه المحاولة النجاح. وفي يوليه 1979، أَضرب الغينيون الاستوائيون، احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم، وعلى سوء معاملتهم؛ ولكن هذا الإضراب سرعان ما قمعه حرس الرئيس، المكون من الكوبيين.

وفي الخامس من أغسطس 1979، قاد أحد المقربين من الرئيس، العقيد ثيودور أوبيانج نجيما مبازوجو Teodoro OBIANG NGUEMA MBASOGO، رئيس هيئة الأركان، ونائب وزير الدفاع، انقلاباً، أطاح الرئيس، بعد مقاومة استمرت أسبوعاً، سقط فيها المئات من الضحايا، في القسم البري من البلاد. وانتهت بهرب ماسياس إلى قريته، موجومو، حيث أُلقي القبض عليه، ثم أُعدم، بعد شهر من توقيفه، في 29 سبتمبر 1979.

"الزعيم الأوحد لغينيا الاستوائية، الرئيس مدى الحياة، القائد العام للقوات المسلحة، المعلم الأكبر وملهم التربية والعلم والثقافة، رئيس العمال الوطني، الأعجوبة الوحيدة في غينيا الاستوائية"... تلك كانت الألقاب الرسمية، التي خلعها على نفسه الرئيس فرنسيسكو ماسياس نجيما، منذ توليه الرئاسة عام 1968، حين نالت غينيا الاستوائية استقلالها، حتى 5 أغسطس 1979، تاريخ إطاحته. وقد أُعدم في ظل دكتاتورية ماسياس نجيما عشرات الآلاف من المواطنين، وهرب نحو ربع السكان إلى خارج البلاد. وقد قُدر عدد اللاجئين بنحو ستين ألفاً، فروا إلى الجابون؛ وثلاثين ألفاً، إلى الكاميرون؛ وخمسة آلاف إلى نيجيريا؛ وستة آلاف إلى إسبانيا. عاشت غينيا الاستوائية في عهده، في شبه عزلة تامة، فاقتصرت الاتصالات مع أوروبا، على خط طيران منتظم، كانت تؤمه شركة إيبيريا الإسبانية للطيران المدني، بين مدريد وجزيرة فرناندوبو. أما الاقتصاد، الذي كان يرتكز على زراعة الكاكاو، فقد انهار كليهاً. ولم يتبق، عام 1979، في البلاد سوى بضعة أطباء وثلاث صيدليات.

تلقى النظام الجديد، ذو الاتجاهات والميول الغربية، مساعدات فورية، من إسبانيا وغيرها من الدول الغربية، كما قدمت كل من فرنسا والمغرب والصين، بعض المساعدات العينية. إلا أن المشكلة الرئيسية، التي واجهت النظام الجديد، كانت انعدام ثقة المنفيين، الذين كانوا يشكلون أكثر من 130 ألف، في مطلع عام 1983، بمستقبل الحريات الديموقراطية في بلادهم، وبضعف المؤسسات الاقتصادية؛ ما دفعهم إلى تفضيل البقاء في المنفى على المخاطرة بالعودة. وفي مارس 1983، شكل بعض هؤلاء المنفيين حكومة منفى، في باريس، بعد أن نفد صبرهم من عودة الديموقراطية إلى بلادهم.

وتجدر الإشارة إلى أن محاولة انقلابية، جرت في أبريل 1981، وأُجهضت، واعتُقل على أثرها أكثر من 150 شخصاً. وفي سبتمبر من العام نفسه، تكتلت أحزاب المعارضة، في المنفى، لمواجهة الحكم العسكري الجديد. ورافق ذلك شبه إفلاس للاقتصاد الوطني؛ ما دفع الرئيس الجديد إلى التوجه إلى إسبانيا طلباً للمساعدة الأمنية والاقتصادية. وفي أغسطس 1982، عيَّن نجيما نفسه رئيساً للجمهورية، لمدة سبع سنوات، وأصدر دستوراً جديداً، وافق عليه 95% من الناخبين، ونص على إعادة الحكم إلى المدنيين، بعد سبع سنوات من الحكم العسكري. وفي مايو 1983، وقعت محاولة انقلابية فاشلة، أخرى، قام بها بعض العسكريين المقربين من الرئيس، لمنعه من الابتعاد عن إسبانيا والتقارب من فرنسا. ولكن ذلك لم يحل دون انضمام غينيا الاستوائية، في ديسمبر 1983، إلى الاتحاد الجمركي والاقتصادي لإفريقيا الوسطى UDEAC، معلنة بذلك، هيمنة النفوذ الفرنسي، على حساب إسبانيا. وفي أغسطس 1984، انضمت إلى بنك دول إفريقيا الوسطى للتنمية BDEAC، وهي خطوة سمحت، في مطلع عام 1985، بتداول الفرنك الإفريقي CFA، في غينيا. وقد أرادت السلطات الغينية الاستوائية من وراء خطوتها هذه، التي تعني الانضمام إلى منطقة الفرنك الفرنسي، إنعاش الاقتصاد المنهار.

ولا يزال تيودور أوبيانج نجويما مباسوجو Teodoro OBIANG Nguema Mbasogo، في سُدة الحكم، منذ أن استولى على السلطة، في انقلاب عسكري، في 3 أغسطس 1979. وعلى الرغم من زعم الحكومة أنها تتبنى نهجاً ديموقراطياً، إلا أنها ديمقراطية دستورية ـ اسمياً فقط ـ منذ عام 1991، فالانتخابات الرئاسية، أعوام: 1996، 2002، 2009، مثلها مثل الانتخابات التشريعية أعوام: 1999، 2004، 2008، قد شهدتا تلاعباً واسع النطاق.

وفرض الرئيس سيطرة كاملة على معظم النظام السياسي، وقمع المعارضة السياسية. وشهدت غينيا الاستوائية نمواً اقتصادياً سريعاً، تبعاً لاكتشاف احتياطيات نفطية في مياهها. وفي العقد الماضي، أصبحت شبه الصحراء الإفريقية ثالث أكبر مصدر للنفط. وعلى الرغم من أن فائض الدولة الاقتصادي من إنتاج النفط أدى إلى زيادة كبيرة في العائدات الحكومية، في السنوات الأخيرة، إلا أن مستويات معيشة السكان لم يصبها تقدم كبير.