إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / الجولان، سورية






المدن والقرى قبل 1967
المدن الخمس الباقية
الجولان



مدينة أبو ظبي

الجَوْلان هضبة من الأراضي العربية السورية. وهو إحدى محافظات الجمهورية. ومركز المحافظة مدينة القُنَيْطِرَة. وقد برز اسم الجَوْلان وتردد كثيراً، لأنه كان أحد الميادين الرئيسية للحروب العربية الإسرائيلية، وأحد أهم موضوعات المساعي الهادفة إلى إقامة سلام عادل في منطقة الشرق الأوسط. (اُنظر خريطة الجولان)

1. لمحة تاريخية

ورد اسم "الجَوْلان" في "لسان العرب" لابن مَنْظور في "مادة جول". واللفظة عربية أصيلة. وهي، كما يذكر ابن منظور من "الأجْوَل" وهو الجبل. و "جَوْلان، والجَوْلان، جبل بالشام".

ورد ذكر الجولان، أيضاً، في أشعار العرب. ونضرب مثلاً على ذلك، قصيدة النابغة الذبياني التي يرثي فيها النُعْمان بن الحارث بن أبي شُمّر الغساني، ومطلعها:

دعاكَ الهَوى واستجْهَلَتْكَ المنازلُ                   وكيف تَصابي المرءِ والشيبُ شاملُ

ثم يقول:

فآبَ مُضِّلُـوه بعـينٍ جليَّة                          وغُودر بالجَوْلان حزمٌ ونائـلُ

بكى حارثُ الجولانِ من فَقْدِ ربِّه                    وحورانُ منه موحشٌ متضائلُ

تردد اسم الجولان في آثار الأدب العربي قبل الإسلام. ولهذه الحقيقة دلالات تاريخية مهمة بالنسبة إلى تاريخ الجولان كله. وقد برز من التاريخ العربي للجولان قبل الإسلام، حكم الأمراء الغَساسِنة للجولان، ومنهم الحارِث الغَسَّاني. وقد ضم حكمهم جنوبي سورية وشرقيّ الأُرْدُن. وهكذا كان الجولان إقليماً عربياً قبل تبلغه الإسلام بعدة قرون.

سكن الإنسان الجولان منذ القديم. ومرّت عليه غزوات أجنبية كثيرة. ولكنه ظل محتفظاً بطابعه العربي في مراحل الحضارات العربية الثلاث التي عاشها الجولان، وهي: المرحلة الكنعانية، والمرحلة الآرامية، ثم الحضارة الإسلامية. وقد سبق الفتح الإسلامي، وجود إمارتين عربيتين هما الأنباط ثم الغساسنة، الذين خلّفوا آثاراً في مواقع كثيرة، مثل: الحِمّة، بَانِياس، خِسْفين، صَرَمان، الرَفيد. وقد وصفت تلك الآثار، خطأً، بأنها رومانية، نظراً إلى شِبْهها للآثار الرومانية.

وتدل أسماء بعض المواقع، التي لا تزال سائدة حتى اليوم، على هذا التسلسل الحضاري العربي. كمثل: "مَجْدَل"، وهي كلمة عربية كنعانية، تعني البرج أو القلعة. وكلمة "الحِمَّة" وتعني النبع الحار. وكلمة "فِيق" وأصلها بالكنعانية "أَفيق" وتعني القوة. وكلمة "حَرَمُون" الآرامية التي تطلق على جبل الشيخ، وتعني المُقَدَّس. وكلمة "بُقْعاتا" الآرامية وتعني البقعة المنبسطة من الأرض.

وتشير أقدم الوثائق التاريخية المكتشفة في تل العَمارِنَة في صعيد مصر، إلى أن المصريين القدماء والحِثِّيين في سورية وقّعا معاهدة للسلام (1272 قبل الميلاد) بين رَعْمَسيس الثاني فرعون مصر وحاتُوشيلي الثالث ملك الحثيين، جعلت سورية الوسطى والجنوبية، ومنها الجولان، من حصة الفرعون المصري. وبعد قرن ونيف من السنين، انهارت الإمبراطورية الحثية، تحت ضربات موجات الشعوب الإيجية التي غزت المنطقة قادمة من البحر المتوسط، وهي الشعوب التي عرفت في الوثائق المصرية باسم "شعوب البحر".

أدى اختفاء الإمبراطورية الحثية في القرن الثاني عشر قبل الميلاد إلى ظهور الآشُوريين على مسرح الأحداث في المنطقة، حتى أصبحوا القوة الرئيسية فيها، وبخاصة في القرنين الثامن والسابع قبل الميلاد.

وفي القرن الخامس قبل الميلاد سيطر الملوك الفرس (قَوْرَش، قَمْبيز، دارْيُوس) على سورية، ومنها منطقة باشان، التي كانت تضم الجولان وحوران. وعندما هزم الإسكندر المكدوني (333 ق.م.) الفرس، ترك هؤلاء سورية لليونانيين. وبعد وفاة الإسكندر، وانقسام إمبراطوريته، ورثت الأسرة السُلُوقِيّة معظم إمبراطورية الإسكندر في آسيا. وقد حكم السلوقيون سورية، ومنها الجولان، من العام 213 ق.م. حتى 64 ق.م. وشهدت هذه الفترة قدوم قبائل عربية من الحجاز واليمن إلى سورية.

انتهى الحكم الهِيلِيني السلوقي في العام 64 ق.م. حينما غزا القائد الروماني بُومْبِيُوس سورية، وقسمها إلى أربع وحدات إدارية، كان الجولان إحداها. وفي العام 36 ق.م. ألحقت فلسطين ولبنان والجولان بعرش ملكة مصر كِلْيُوباتْرا، التي لم يطل حكمها سوى بضع سنوات، انتهى بانتصار أُوكْتافْيوس في معركة أَكْتِيوم (31 ق.م.)، ومقتل أَنْطُونيوس وانتحار كِليوباترا.

وفي العام 23 ق.م. انتزع أوكتافيوس (الذي أصبح الامبراطور أوُغُسْطُس) من ملك الأَنْباط عبّادَة الثالث الجولان وحوران وغيرهما من الأقاليم وضمها إلى الحكم الروماني.

انقسمت الإمبراطورية الرومانية على نفسها. وحكمت الإمبراطورية البيزنطية ـ وهي أحد شقّيْ الإمبراطورية الرومانية ـ سورية، ومنها الجولان.

وفي فترة الحكم البيزنطي، واصلت القبائل العربية قدومها إلى سورية من شبه الجزيرة العربية. واستقر بنو جَفْنَة، الغَساسِنَة، في أقاليم الجولان وحوران وشرقي الأردن، وحالفوا البيزنطيين، في حين توجّه التَنُوخِيُّون، المَنَاذِرَة، إلى جنوبي العراق وحوض الفُرات، وحالفوا الفرس. وهكذا كان النزاع ينشب بين الإمارتين العربيتين لمصلحة الدولتين، البيزنطية والفارسية، المتنازعتين على النفوذ في الشرق القديم.

عُرِفَ الجولان في العصر الروماني باسم "Gaulanitide" . وتأرجحت حدوده بين التوسع والانكماش. وكان أكبر اتساع له في القرن الأول الميلادي، أثناء الحكم الروماني، حين اشتمل على منطقتي الحُولَة وبحيرة طَبَرِيّـة، حتى حدود إقليم الجليل. وعلى الرغم من تعاقب إمبراطوريات وممالك على حكم الجولان، لم يغب اسم "الجولان" من جغرافية المنطقة.

ولأن الجولان يقع في منطقة وَسَط في المشرق العربي (الذي سمي في فترة الاستعمار الغربي الشرق الأدنى)، فقد كان ممرّاً للغزوات التي اجتاحت المنطقة في التاريخ القديم. وتوضح حالة القرى والمراكز السكنية في الجولان وجود شبكة واسعة من الطرق البدائية، تنطلق من الجولان إلى مختلف الاتجاهات. وعلى طرق الجولان، مرت جيوش المصريين القدماء وملوك آشُور وبابِل وفارِس واليونان. وعرف الجولان فترة استقرار في عصر الرومان الذين جاؤوا على أنقاض تلك الممالك المنهارة. لكن الهدوء ما لبث أن اهتزّ عندما نشب الصراع بين إمارتي الغَساسِنة في الشام والمناذِرَة اللَخميين في العراق، بتحريض من الروم والفرس الساسانيين.

طبع تاريخ سورية حتى العام 15 هـ (636م)، تاريخ الفتح الإسلامي لسورية، بالنزاع المتواصل بين الإمبراطوريتين البيزنطية والفارسية، وقد دخلت القوات العربية الإسلامية إلى سورية من الجولان. ومنه وصلت إلى دمشق وسائر الأنحاء السورية. واتخذت القيادة العربية الإسلامية الجولان، الغني بالمياه والمراعي، منازل ومعسكرات لقوات الفتح. وغدا الجولان المركز الرئيسي للفاعلية العربية الإسلامية في المنطقة. وغدت قرية الجابِيَة ـ وهي قرية شرقي وادي الرَقَّاد، لم يبق منها أثر اليوم ـ المقرِّ الرئيسي للقيادة. وقد زار الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، الجابية العام 17هـ، حيث التقى قادة الجيش الإسلامي وزعماء القبائل قبل أن يتوجه إلى القُدس. وفي العصر الأموي، انعقد في الجابية المؤتمر الذي بايع مروان بن الحكم بالخلافة.

وفي جنوبي الجولان كانت المعركة الفاصلة عند اليَرْمُوك (رجب 15هـ ـ 20/8/636م) بين العرب المسلمين والروم، والتي انتهت بانتصار العرب. وأدَّت إلى فتح سورية بقيادة أبي عُبَيْدَة عامر بن الجرّاح وخالد بن الوليد.

ومن المواقع التاريخية في الجولان، موقع الياقُوصَة، حيث تقع القرية التي تحمل هذا الاسم جنوبي فِيقَ. وهي قريبة من وادي اليَرْمُوك. وقد اختار القائد خالد بن الوليد موقع الواقوصة ـ الذي حُوِّر إلى الياقوصة ـ ليكون ساحة المعركة ضد الروم. وفي الياقوصة آثار عربية قديمة. وفي جنوبها تقع قرية الدبُّوسِيَّة، وفيها أيضاً آثار عربية قديمة.

كان الجولان جزءاً من ميدان الحرب في التصدي للغزو الصليبي ثم الاجتياح المَغُولي. وقد تركت الحروب الصليبية التي استمرت حوالي قرنين من الزمان (1069 - 1291) مجموعة من الحصون والقلاع، مازالت تحتفظ حتى اليوم ببعض أسسها ومعالمها، كمثل قلعة الحِصن المسيطرة على بحيرة طبرية، وقلعة النَمْرود قرب بلدة بانياس.

بعد أن تلقى الجولان الغزو المغولي الثاني بقيادة تَيْمُورْ لَنْك في مطلع القرن الخامس عشر، بدأ عصر مضطرب تناوب فيه المماليك الحكم على سورية. ثم بدأ حكم العُثمانيين في العام 1516. ودام أربعة قرون حتى نهاية الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918). وشهدت هذه الفترة الطويلة دخول قوات الجيش المصري بقيادة إبراهيم باشا إلى سورية (1839 - 1840). ومن آثار تلك الحملة جسر الرَقّاد وطريق قربـه يدعى الطريق المصري.

وفي فترة الانتداب الفرنسي (1920 - 1946)، ناضل أهالي الجولان، مع سائر الشعب العربي في سورية، ضد الاحتلال، حتى ظفرت سورية باستقلالها في 17/4/1946.