إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء
Home Page / الأقســام / دول ومدن وأماكن مشهورة / الجولان، سورية






المدن والقرى قبل 1967
المدن الخمس الباقية
الجولان



مدينة أبو ظبي

3. السكان

بلغ عدد سكان الجولان، قبل الاحتلال الإسرائيلي، حسب الإحصاءات الرسمية، 153 ألف نسمة، منهم 15 ألف نسمة لم تُحْتَل أراضيهم في قرية خان أَرْنَبَة وما حولها. ومن مجموع السكان الذين احتلت أراضيهم، وعددهم 138 ألف نسمة، نزح 131 ألفاً (أي 95 %) إلى داخل سورية، وبخاصة إلى دمشق. وبقي حوالي 7 آلاف (أي 5 %) في قراهم في شمالي الجولان، في ست قرى هي: مَجْدَل شَمْس، مَسْعَدَة، بَقْعاتا، عَيْن قِينة، الغَجَر، سَحِيتا. وقد رحّلت قوات الاحتلال سكان قرية سحيتا، إلى قرية مسعدة المجاورة، ودمّرت سحيتا. ويبلغ عدد سكان هذه القرى اليوم حوالي 15 ألف مواطن عربي سوري. وحينما فرضت سلطات الاحتلال القوانين الإسرائيلية على الجولان في 14/12/1981، رفض مواطنو الجولان الهويات الإسرائيلية، وأعلنوا إضراباً وقاموا بمظاهرات احتجاجية.

بلغ مجموع المراكز البشرية في الجولان 312 مركزاً، وقع منها تحت الاحتلال 249 مركزاً (قرية، مزرعة)، أي 80 % من مجموع المراكز البشرية. وقد دمرت قوات الاحتلال 244 قرية ومزرعة، وأزالتها من الوجود. وهجّرت أهلها إلى خارج منطقة الاحتلال.

تنتمي الغالبية العظمى من سكان الجولان إلى القبائل القادمة من شبه الجزيرة العربية. فقبائل غَسَّان، والأُزْد، ولَخَم، جاءت من اليمن، واستقرت في الجولان قبل الإسلام بقرون. أما قبائل طَيّ فقد استوطنت في الجولان بعد الإسلام. وقبيلة الفَضْل، وهي كبرى القبائل العربية، تقيم الآن في القسم الشمالي الغربي من الجولان. وترجع بأصولها إلى الفضل بن عبّاس أحد أبناء عم الرسول محمد e.

وإلى جانب العرب، توضعت واستقرت أقليات عدة. ونشأت بين هذه المجموعات السكانية مصالح مشتركة ومواطنة واحدة. وهكذا استطاع السكان العرب، بمرور الزمن، أن ينشروا اللغة العربية والتقاليد الشعبية بين مختلف عناصر المجتمع الجولاني.

أكبر القبائل العربية التي استوطنت الجولان: الفضل، النُعَيْم، الوَيْسِيّة، الرِفاعِية. وكان التَدْمُرِيون والأنْباط قبلهم قد أقاموا إمارات في سورية في العصرين السلوقي والروماني، وبخاصة أن الأنباط كانوا يسيطرون على الجولان وحوران قبل أن تنتقل البلاد إلى الحكم الروماني. ومهما اختلفت تفصيلات الأحداث، فإن الحقيقة المؤكدة هي أن الجولان كان عربياً قبل الفتح الإسلامي. وحينما جاء المسلمون إلى الجولان، كان هذا من مشمولات إمارة الغساسنة. ولم تمض سوى فترة وجيزة على فتح بلاد الشام، حتى كان الجولان يعيش حالة انسجام في الدين واللغة والحكم العربي الإسلامي.

ومع تتالي العهود الحاكمة منذ الفتح الإسلامي، استقرت في الجولان أقليات، أو نشأت مذاهب، مثل: الشراكسة، والتركمان، والدروز:

أ. الشراكسة

يعتبرون، من حيث الأصل واللغة، من الشعوب الهندوأوروبية. وتبلغ نسبتهم إلى مجموع سكان الجولان 10.57 %. وقد جاؤوا إلى سورية قادمين من القوقاز، في فترات متقطعة، منذ عصر المماليك حتى مطلع القرن العشرين. وهم مسلمون اندمجوا بسهولة وسرعة في المجتمع الجولاني. وكان آخر السلاطين المماليك، قانصوه الغوري، وهو شركسي سقط في معركة مرج دابق (1516م) شمالي حلب أمام الجيش العثماني بقيادة السلطان سليم، يصرح بأن الشراكسـة ينحدرون من نسل الأمير الغساني جَبَلَـة بن الأَيْهَم.

ويُروى، من دون أسانيد تاريخية محققة، أن أصل الشراكسة يعود إلى زعيم قبيلة عربية أسمه "أَكْسَة بن عَكْرَمَة"، من قبيلة بني عامر القرشية. وقد رمى أكسة هذا سهماً في أحد المهرجانات. فخرج السهم عن مساره وأصاب عين عربي من قبيلة أخرى. وعندما شكا المصاب أمره إلى الخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، استدعاه ليحكم في أمره. وخشي أكسة من العقوبة، فهرب مع بعض قومه إلى بلاد الروم. وأصاب اسمه التحريف فأصبح "شركساً".

وتزعم رواية أخرى يتناقلها أفراد قبيلة العَنِزَة المشهورة، التي تتردد على مراعي الجولان في مواسم الكلأ، أن العنزة والشراكسة ينحدرون من أخوين هما: عَنْز جدّ العنزة، ومُعِزّ جدّ الشراكسة.

لا يقبل علماء الأجناس والأنساب هذه الروايات. ولكن لها دلالة على وجود صلات اجتماعية وفكرية ونفسية بين سكان الجولان، من عرب وشراكسة.

وتميل نظريات علماء الأجناس إلى اعتبار الشراكسة من الأقوام الهندوأوروبية. وهم معروفون بجمال عرقهم، وطول قامتهم، والجباه البارزة، والأنف المستقيم، واللون الأبيض، والعيون البنية أو الزرقاء. وقد أتوا إلى الجولان، وبعض الأنحاء السورية الأخرى، من روسيا بعد أن طردهم قياصرتها. كما جاؤوا من مناطق أخرى من شرقي ووسط أوروبا. واستقبلهم الباب العالي العثماني، ووزعهم على بعض أنحاء الدولة، وبخاصة على الجولان وشرقي الأردن. وكانت هجراتهم على دفعات بدأت في العام 1878 واستمرت حتى العام 1947.

اندمج الشراكسة بالمجتمع العربي الجولاني، وأتقنوا اللغة العربية، وعلّموا أولادهم في المدارس الرسمية. وللإسلام، وهو دين الشراكسة، الفضل في تحقيق الاندماج، وفي مقاومة الشراكسة سلطات الانتداب الفرنسي في سورية (1920-1946). فقد شجّع المستعمرون الفرنسيون الأقلية الشركسية على الاحتفاظ بلغـتهم وتقاليدهم وتراثهـم الشعبي، تمييزاً لهم عن السكان العرب. فرفض الشراكسة الخطـة الفرنسية، وانضموا إلى الحركة الوطنية السورية المنادية بالاستقلال. وكان الصدام المسلح الذي وقع بين الشراكسة والقوات الفرنسية في مدينة القنيطرة يوم 9/9/1936، نموذجاً من إرادة الشراكسة في الانضمام إلى الحركة الوطنية.

ب. التركمان

ينحدرون من السلاجقة، القبائل التركية. وقد استعربوا واندمجوا في المجتمع الجولاني العربي. وتبلغ نسبتهم إلى مجموع سكان الجولان 4.2%.

ج. الدروز

ينحدرون من قبائل يمنية الأصل. وهم أتباع المذهب الدرزي، الذي ولد في كنف الدولة الفاطمية في مصر. ونشر هذا المذهب في سورية مؤسسه "دَرَزَي"، وهو فارسي، أدخل معتقدات فارسية قديمة على المذهب، مثل التقمص. وهو مذهب مغلق. والدروز محاربون شجعان. وقد التجؤوا إلى المرتفعات في فترات التعصب والنزاع بين الطوائف، بتحريض من أمراء المماليك ثم العثمانيين. ولا تزال قراهم قريبة من جبل الشيخ.

وإلى جانب العرب والشركس والتركمان، تعيش أقليات صغيرة، إثنية أو دينية أو طائفية، ويراوح حجم كل منها ما بين 500 و 1000 نسمة. وهذه الأقليات هي: الأرمن، العلويون، الأكراد، الزنوج.

تنتشر في الجولان طريقة خاصة بالزواج، أصلها شركسي. وهي الزواج بالخطف. والخطف هنا رمزي، الغرض منه التخلص من مهر مبالغ فيه، أو من اعتبارات اجتماعية. وتعيّن الفتاة مكان خطفها وموعده بإرادتها. ومن شروط الخطف أن يتمّ بمعرفة شهود، وأن يعهد بالفتاة إلى وجيه أو صديق للخطيب الخاطف، وأن لا يرى الخطيب فتاته إلا بعد إتمام الزواج حسب الشرع الإسلامي. وقد خفّت نسبة الزواج بالخطف، بعد أن انتشر مفهوم تخفيض المهر وقصره على الحاجات الضرورية للزواج.

وهناك طريقة أخرى للزواج، شائعة في الجولان، هي الزواج بالتبادل. وذلك بأن يتزوج فتى فتاة من أسرة ثانية، على أن يتزوج فتى من الأسرة الثانية فتاة من الأسرة الأولى. بيد أن هذا الإجراء السهل للزواج لا يخلو من نتائج ضارّة، منها أن طلاق الزوج من زوجته يؤدي، بالضرورة، إلى طلاق الزوجة في الأسرة الثانية من زوجها، حتى لو كانت هذه سعيدة في حياتها الزوجية.